فأمّا آداب الأکل فهي بین مستحبّ و مکروه.
أمّا المستحبّ فاُمور:
منها: غسل الیدین معاض قبل الطعام و بعده؛ مائعاً کان الطعام أو جامداً. و إذا کانت جماعة علی المائدة یبدأ في الغسل الأوّل بصاحب الطعام ثمّ بمن علی یمینه و یدور إلی أن یتمّ الدور علی من في یسار صاحب الطعام، و في الغسل الثاني یبدأ بمن في یسار صاحب الطعام ثمّ یدور إلی أن یختم بصاحب الطعام.
و منها: المسح بالمندیل بعد الغسل الثاني و ترک المسح به بعد الغسل الأوّل.
و منها: أن یسمّي عند الشروع في الأکل، بل علی کلّ لو ن علی انفراده عند الشروع في الأکل منه.
و منها: أن یحمد الله تعالی بعد الفراغ.
و منها: الأکل بالیمین.
و منها: أن یبدأ صاحب الطعام و أن یکون آخر من یمتنع.
و منها: أن یأکل بثلاث أصابع أو أکثر و لا یأکل بإصبعین، و قد ورد أنّه من فعل الجبّارین.
و منها: أن یأکل ممّا یلیه إذا کان مع جماعة علی مائدة و لا یتناول من قدّام الآخر.
و منها: تصغیر اللقمة.
و منها: تجوید المضغ.
و منها: طول الجلوس علی الموائد و طول الأکل.
و منها: لعق الأصابع و مصّها و کذا لطع القصعة و لحسها بعد الفراغ.
و منها: الخلال بعد الطعام و أن لا یکون بعود الریحان و قضیب الرمّان و الخوص و القصب.
و منها: التقاط ما یسقط من الخوان خارج السفرة و الطبق و أکله، فإنّه شفاء من کلّ داءٍ إذا قصد به الاستشفاء، و إنّه ینفي الفقر و یکثر الولد، و هذا في غیر الصحراء و نحوها، و أمّا فیها فیستحبّ أن یترک للطیر و السبع، بل ورد أنّ ما کان في الصحراء فدعه و لو فخذ شاة.
و منها: الأکل غداء و عشیّاً و عدم الأکل بینهما.
و منها: الافتتاح بالملح و الاختتام به، فقد ورد أنّ فیه المعافاة عن اثنین و سبعین من البلاء، و في خبر آخر: «ابدؤوا بالملح في أوّل طعامکم، فلو یعلم الناس ما في الملح لاختاروه علی التریاق المجرّب».
و منها: غسل الثمار بالماء أکلها، ففي الخبر: «إنّ لکلّ ثمرة سمّاً فإذا أتیتم بها اغمسوها في الماء» یعني اغسلوها.
و أمّا المکروه:
فمنها: الأکل علی الشبع.
و منها: التملّؤ من الطعام، ففي الخبر: «ما من شيء أبغض إلی الله من بطن مملوء»، و في خبر آخر «أقرب ما یکون العبد إلی الله إذا خفّ بطنه، و أبغض ما یکون العبد إلی الله إذا امتلأ بطنه». و في خبر آخر: «لو أنّ الناس قصدوا في المطعم لاستقامت أبدانهم». بل ینبغي الاقتصار علی ما دون الشبع، ففي الخبر: «لو أنّ البطن إذا شبع طغی»، و في خبر آخر عن مولانا الصادق علیه السّلام: «أنّ عیسی بن مریم قام خطیباً فقال: یا بني إسرائیل لا تأکلوا حتّی تجوعوا، و إذا جعتم فکلوا و لا تشبعوا، فإنکم إذا شبعتم غلظت رقابکم و سمنت جنوبکم و نسیتم ربّکم».
و منها: النظر في وجوه الناس عند الأکل علی المائدة.
و منها: أکل الحارّ.
و منها: النفخ علی الطعام و الشراب.
و منها: انتظار غیر الخبز إذا وضع الخبز.
و منها: قطع الخبز بالسکّین.
و منها: أن یوضع الخبز تحت إناء و وضع الإناء علیه.
و منها: المبالغة في أکل اللحم الذي علی العظم.
و منها: تقشیر الثمرة.
و منها: رمي بقیّة الثمرة قبل الاستقصاء في أکلها.
و أمّا آداب الشرب: فهي أیضاً بین مندوب و مکروه.
أمّا المندوب:
فمنها: أن یشرب الماء مصّاً لا عبّاً، فإنّه کما في الخبر یوجد منه الکباد، یعني وجع الکبد.
و منها: أن یشرب قائماً بالنهار فإنّه أقوی و أصحّ للبدن و یمرئ الطعام.
و منها: أن یسمّي عند الشروع و یحمد الله بعد ما فرغ.
و منها: أن یشرب بثلاثة أنفاس.
و منها: التلذّذ بالماء، ففي الخبر: « من تلذّذ بالماء في الدنیا لذّذه الله من أشربة الجنّة».
و منها: أن یذکر الحسین علیه السّلام و أهل بیته و یلعن قاتله بعد شرب الماء، فعن داود الرقّي قال: کنت عند أبي عبد الله علیه السّلام إذا استسقی الماء، فلمّا شربه رأیته قد استعبر و اغرو رقت عیناه بدموعه، ثمّ قال لي: «یا داود لعن الله قاتل الحسین علیه السّلام فما أنغص ذکر الحسین علیه السّلام للعیش، إنّي ما شربت ماءً بارداً إلّا ذکرت الحسین علیه السّلام، و ما من عبد شرب الماء فذکر الحسین علیه السّلام و أهل بیته و لعن قاتله إلّا کتب الله – عزّ و جلّ – له مائة ألف حسنة، و حطّ عنه مائة ألف سیّئة و رفع له مائة ألف درجة، و کأنّما أعتق مائة ألف نسمة و حشرة الله یوم القیامة ثلج الفؤاد».
و أمّا المکروه:
فمنها: الإکثار في شرب الماء فإنّه کما في الخبر مادّة لکلّ داء، و کان مولانا الصادق علیه السّلام یوصي رجلاً فقال له: «أقلّ شرب الماء، فإنّه یمدّ کلّ داء و اجتنب الدواء ما احتمل بدنک الداء»، و عنه علیه السّلام: «لو أنّ الناس أقلّوا من شرب الماء لاستقامت أبدانهم».
و منها: شرب الماء بعد أکل الطعام الدسم، فإنّه کما في الخبر یهیّج الداء، و عن الصادق علیه السّلام قال: «کان رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلّم إذا أکل الدسم أقلّ شرب الماء»، فقیل له: یا رسول الله إنّک لتقلّ شرب الماء. قال: هو أمرأ لطعامي.
و منها: الشرب بالیسار.
و منها: الشرب من قیام في اللیل فإنّه کما في الخبر یورث الماء الأصفر.
و منها: أن یشرب من عند کسر الکوز إن کان فیه کسر، و من عند عروته.
تذییل: ف الکافي بإسناده عن أبي حمزة الثمالي عن أبي جعفر علیه السّلام: «من سقی مؤمناً من ظمأ سقاه الله من الرحیق المختوم»، و عن أبي عبد الله علیه السّلام قال: «قال رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلّم من سقی مؤمناً شربة من ماء من حیث یقدر علی الماء أعطاه بکلّ شربة سبعین ألف حسنة، و إن سقاه من حیث لا یقدر علی الماء فکأنّما أعتق عشر رقاب من ولد إسماعیل»، و في «الأمالي» بإسناده عن الصادق علیه السّلام عن آبائه عن رسول الله صلّی الله علیه و آله و سلّم قال: «من أطعم مؤمناً من جوع أطعمه الله من ثمار الجنّة، و من کساه من عریً کساه الله من استبرق و حریر، و من سقاه شربة من عطش سقاه الله من الرحیق المختوم، و من أعانه أو کشف کربته أظلّه الله في ظلّ عرشه یوم لا ظلّ إلّا ظلّه»، و في «المحاسن» قال: سأل رجل أبا جعفر علیه السّلام عن عمل یعدل عتق رقبة فقال: «لإن أدعو ثلاثة نفر من المسلمین فأطعمهم حتّی یشبعوا و أسقیهم حتّی یرووا، أحبّ إليّ أن أعتق نسمة و نسمة» حتّی عدّ سبعاً أو أکثر.