انهار
انهار
مطالب خواندنی

ختام: فیه مسائل متفرّقة

بزرگ نمایی کوچک نمایی

الاولى: اذا شکّ في انّ ما بيده ظهر او عصر، فان كان قد صلّى الظهر، بطل مابيده(1) ، وان كان لميصلّها او شکّ في انـّه صلّاها او لا، عدل به  اليها .

1- الفیّاض: بل مطلقا حتی فیما یجد المصلي نفسه في صلاة و هو ینویها عصرا، و کذلک إذا علم أنه نوی و تهیأ لصلاة الظهر الواجبة علیه الآن و بعد أن بدأ و دخل في الصلاة شک و تردد هل هذه الصلاة هي التي تهیأ لها أو أنه قد نواها لصلاة فائتة لم یکن قد قصدها و تهیأ لها؟ و في کلا الموردین بطلت صلاته التي هو فیها، و علیه أن یستأنف صلاة جدیدة بنیة معینة و اسم خاص من ظهر أو عصر.

أما المورد الأول: فقد تقدم في بحث النیة أنها شرط عام لکل عبادة و مقومة لها و هي تتمثل في عناصر ثلاثة: الأول: نیة القربة.

الثاني: نیة الخلوص من الریاء و نحوه.

الثالث: قصد الاسم الخالص للصلاة التي یقوم المصلي بالاتیان بها الممیز لها شرعا کصلاة الظهر و العصر و الصبح و المغرب و العشاء و نحوها. و هذه العناصر الثلاثة لابد أن تکون مقارنة للصلاة بکامل أجزائها من المبدأ إلی المنتهی، و نقصد بالمقارنة أن لا تکون متأخرة عنها.

و من هنا إذا غفل المصلي عن العنصر الأول أو الثاني من النیة أثناء صلاته بطلت. نعم یستثنی من ذلک العنصر الثالث في موردین:

أحدهما: ما إذا نوی المصلي صلاة _ کالصبح مثلا_ و في أثنائها غفل عنها و تخیل أنها نافلة و أکملها قاصدا بها النافلة فإنها تصح صبحا، و کذلک العکس للنص الخاص.

و الآخر: ما إذا نقل نیته من صلاة إلی أخری و ذلک في الموارد التي یسوغ فیها ذلک، کما إذا نوی صلاة العصر و دخل فیها ثم تذکر انه لم یصل الظهر فیعدل إلیها و یتمها ظهرا ثم یأتي بالعصر و هکذا، و أما في غیر هذین الموردین فلابد من أن یستمر مع الصلاة من بدایتها إلی نهایتها.

و علی هذا الأساس فالمصلي إذا کان یعلم بأنه صلی الظهر ثم وجد نفسه في صلاة و هو ینویها عصرا ولکنه یتردد هل کان دخوله في هذه الصلاة بنفس النیة التي یجدها في نفسه الآن، أو کان قد نواها في الابتداء ظهرا؟ ففیه حالتان:

الأولی: ما إذا احتمل أنه نواها في الابتداء ظهرا لیوم سابق یعني الظهر المشروع.

الثانیة: ما إذا احتمل انه نواها في الابتداء ظهرا لهذا الیوم یعنی الظهر غیر المشروع.

أما الحالة الأولی: فهل یمکن الحکم بأنه قد دخل في هذه الصلاة بنفس النیة التي یجدها في نفسه الآن تطبیقا لقاعدة التجاوز بتقریب أنه شاک في الاتیان بالأجزاء السابقة باسم العصر بعد دخوله في الجزء المترتب علیها و هو ینویها عصرا، و هذا عین الشک في الشيء بعد التجاوز عن محله الشرعي و الدخول في غیره.

الظاهر انه لا یمکن، و السبب فیه ما ذکرناه في علم الأصول من أن قاعدة التجاوز کقاعدة الفراغ قاعدة عقلائیة و الروایات التي تنص علیها انما هي في مقام التأکید و التثبیت لما بنی علیه العقلاء لا في مقام التأسیس و الجعل، و بما أن بناء العقلاء علی شيء لا یمکن أن یکون مبنیا علی التعبد و بلانکتة تبرره، فالنکتة التي تبرر بناءهم علیها هي أذکریة المکلف في مقام الامتثال و أداء الوظیفة حال العمل، فإذن اشتراط الاذکریة لیس تعبدیا محضا ثابتا بالنص الخاص، بل هو شرط عقلائي مقوم لعقلائیة القاعدة، فلا یدور اعتباره مدار النص، و في ضوء ذلک یرتبط جریان قاعدة التجاوز في کل مورد بما إذا کان احتمال ترک الجزء أو الشرط المشکوک في محله من قبل المکلف عامدا ملتفتا إلی الحکم الشرعي غیر محتمل لأنه خلف فرض کونه في مقام الامتثال و أداء الوظیفة. و احتمال ترکه خطأ و إن کان محتملا من قبله الا أنه لما کان نادرا فمقتضی الأصل عدمه، و حیث ان هذا الملاک غیر متوفر في المقام فلا یمکن تطبیق القاعدة فیه. أما عدم توفره فلأن المصلي في هذه الحالة إذا کان تارکا الدخول في الصلاة عصرا و کان یدخل فیها في البدء ظهرا عامدا عالما بالحال لا یکون خلاف فرض کونه في مقام الامتثال و أداء الوظیفة، لأن کونه في هذا المقام لا یقتضي دخوله فیها عصرا و ترک دخوله فیها ظهرا بعد فرض أن دخوله فیها بعنوان الظهر الفائت لیس علی خلاف الوظیفة، فمن أجل ذلک لا یتوفر في المقام ما هو ملاک تطبیق القاعدة و جریانها.

و دعوی: ان تطبیق القاعدة في المقام لإحراز أن المصلي قد دخل في هذه الصلاة بنفس النیة التي یجدها في نفسه الآن و إن کان غیر ممکن الا أنه یمکن إحراز ذلک من ناحیة أخری و هي ان المصلي یجعل نفس النیة التي یجدها في نفسه الآن قرینة علی أنه دخل فیها بنفس تلک النیة لا بنیة أخری.

و التخریج الفني لذلک هو أن المصلي إن کان قد نواها في البدء ظهرا لیوم سابق فلابد من افتراض العدول إلی العصر في الأثناء باعتبار أنه یجد في نفسه الآن نیة العصر، و العدول لا یخلو من أن یکون عامدا ملفتا إلی الحکم الشرعي أو خطأ..

و الأول خلف فرض کونه في مقام الامتثال علی أساس أن العدول غیر مشروع.

و الثاني بما أنه خلاف الطبیعة الأولیة فهو نادر، و مقتضی الأصل عدمه.

و في ضوء ذلک تصلح النیة الفعلیة التي توجد في نفسه الآن قرینة علی أنه قد دخل في هذه الصلاة بنفس تلک النیة و أمارة علی ذلک...

مدفوعة: بأن ذلک و إن کان یؤکد جانب احتمال أنه کان قد دخل فیها بنفس النیة المذکورة، الاّ أنه لیس بدرجة یفید القطع أو الاطمئنان بذلک، غایة الأمر یفید الظن به و لا دلیل علی حجیته، فإذن کون هذه الحالة قرینة شرعیة بحاجة إلی دلیل. و أصالة عدم الخطأ لا تثبت أنه دخل فیها بنفس النیة الموجودة في نفسه الآن الا علی القول بالأصل المثبت، هذا مضافا إلی عدم جریان القاعدة هنا من جهة أخری أیضا و سیظهر وجهه في ضمن بیان الحالة الثانیة.

و أما الحالة الثانیة: وهي ما إذا رأی المصلي نفسه في صلاة وهو ینویها عصرا ولکنه شک هل أنه دخل في هذه الصلاة بنفس النیة التي یجدها في نفسه الآن، أو أنه کان قد نواها في البدء ظهرا لهذا الیوم؟

ففي مثلها وإن کان احتمال أنه دخل في هذه الصلاة في البدء ظهرا عامدا ملتفتا إلی الحکم الشرعي غیر محتمل لأنه خلف فرض کونه في مقام الامتثال وأداء الوظیفة، باعتبار انه صلی صلاة الظهر، فدخوله فیها مرة أخری غیر مشروع، ولکن مع هذا لا تجري القاعدة فیها، والسبب فیه أن نیة العنوان الخاص للصلاة التي یرید أن یصلیها الممیز لها شرعا المقوم لها حقیقة عبارة عن قصد الاسم الخاص لکل صلاة کالظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح ونحوها، ولیس لهذا القصد مکان معین شرعا کأجزائها التي جعل الشارع لکل منها مکانا معینا ولابد من الاتیان به في ذلک المکان. ومن هنا یجب استمرار هذا القصد مع الصلاة من البدایة إلی النهایة.

وعلی هذا الأساس فإذا وجد المصلي نفسه في صلاة وهو ینویها عصرا وشک في وجود هذه النیة في نفسه في السابق أي حین الدخول فیها فلا یصدق عنوان التجاوز بملاک أنه لیس لها محل معین حتی یمکن الحکم بوجودها في السابق تطبیقا للقاعدة...

ودعوی: ان القاعدة وإن لم تجر في نفس النیة للاسم الخاص للصلاة الّا أنه لا مانع من جریانها في الأجزاء السابقة المعنونة بهذا الاسم علی أساس أن المصلي في هذه الحالة یشک هل أنه أتی بهذه الأجزاء باسم العصر في محلها أو لا؟ فیکون الشک في الاتیان بها بوصفها العنواني وهو وصف العصر بعد التجاوز عن محلها والدخول في الجزء المترتب علیها وهو مورد للقاعدة. فإذن یحکم باتیانها في محلها بعنوان العصر تطبیقا لها...

مدفوعة: فإنه إن أرید بتطبیق القاعدة إثبات ذوات الأجزاء بمفاد کان التامة. فیرد علیه مضافا إلی أنه لا شک في وجودها کذلک أنه لا یترتب علی إثباتها أثر، فإن الأثر إنما یترتب علی وصفها العنواني.

وان ارید به إثبات وصفها العنوانی کما هو مقصود القائل بجریان قاعدة التجاوز في هذه الصورة فإن تخصیصه جریان القاعدة بها قرینة علی أنه أراد بها إثبات نیة ذلک الوصف بأن یحرز بها أنه کبر وقرأ بنیة العصر...

فیرد علیه ما مر من أنه لیس لنیة هذا العنوان محل معین فإنها شرط مقوم للصلاظ من بدایتها إلی نهایتها.

وإن شئت قلت: إن نیة العنوان الخاص للصلاة واسمها المخصوص لیست کأجزائها فإن المصلي إذا وجد نفسه في الرکوع للصلاة الخاصة وشک في القراءة جرت القاعدة لأن النیة وهي قصد الاسم الخاص لها محرزة، والشک إنما هو في الاتیان بنفس الأجزاء، وبما أنه بعد التجاوز عن محلها فلا مانع من تطبیق القاعدة وإذا وجد نفسه في رکوع صلاة وهو ینویها عصرا ولکنه شک هل أنه دخل فیها بنفس النیة التي یجدها في نفسه الآن فلا یمکن تطبیق القاعدة لأن نیة العنوان الخاص للصلاة شرط لها من التکبیرة إۀی التسلیمة فلا یکون لها محل معین.

ودعوی: ان هذه النیة تنحل بانحلال أجزاء الصلاة فتکون لکل جزء منها نیة ذلک العنوان ضمنا، وبما أن لها محلا معینا وهو محل ذلک الجزء فلا مانع من جریان القاعدة فیها...

مدفوعة: بأن إحراز النیة الضمنیة یتوقف علی إحراز النیة الاستقلالیة، ولا یمکن تطبیق القاعدة علیها بدون تطبیقها علی النیة الاستقلالیة، لأن تطبیقها علیها إنما هو في ضمن تطبیقها علیها لا مستقله، وبما انه لا یمکن تطبیقها علی النیة الاستقلالیة لعدم محل معین لها فلا یمکن تطبیقها علی النیة الضمنیة أیضا علی أساس أن المصلي إذا أحرز دخوله في الصلاة بنیة العصر فقد أحرز الاتیان بأجزائها بهذه النیة ضمنا والّا فلا ضرورة أنه لا یمکن إحراز نیة الضمنیة للأجزاء بالقاعدة بدون إحراز النیة الاستقلالیة وهي نیة الکل مع أنها عینها، لأن معنی ذلک أنه أحرز الاتیان بالتکبیرة والقراءة بنیة العصر من دون إحراز نیة العصر.

فالنتیجة: ان وجدان المصلي نفسه في نیة صلاة خاصة فعلا والشک فیها من الأول لا یکون دلیلا علی أنه أتی بهذه النیة من الأول تطبیقا للقاعدة باعتبار ما عرفت من أنه لیس لها محل معین شرعا ولیس کوجدانه نفسه في جزء من صلاته خاصة وشک في أنه أتی بالأجزاء السابقة لها، فإنه لا مانع من تطبیق القاعدة باعتبار أن لها محلا معینا شرعا.

وأما المورد الثاني: وهو ما إذا قصد المصلي وتهیأ لصلاة خاصة کصلاة الصبح الواجبة علیه الآن وبعد أن شرع فیها شک وتردد في أن هذه الصلاة هل هي التي تهیأ لها؟ أو أنه کان قد نواها لصلاظ فائتة لم یکن قد قصدها وتهیأ لها؟ ففي مثل ذلک لا یمکن البناء علی أنها هي الصلاة التي تهیأ لها وقصدها، إذ مجرد أنه بنی علیها وتهیأ لها قبل الشروع والدخول فیها رغم أنه شاک حین الدخول والشروع لا یجعله الشارع قرینة علی أنه دخل فیها لا في غیرها کقاعدة شرعیة.

فاذن لا مناص من الحکم ببطلان صلاته فلا تقع صلاة الصبح لا أداء ولا قضاء لعدم النیة وهي قصد الاسم الخاص.

فالنتیجة: انه لا فرق في البطلان بین من دخل في صلاة وأتی بشيء منها وقبل أن یتمها شک وتردد في أن دخوله فیها هل کان بنیة الظهر أو بنیة العصر وقد صلی الظهر؟ وبین من قصد وتهیأ لصلاة الظهر الواجبة علیه الآن وبعد أن دخل في الصلاة شک وتردد في أنها هي الصلاة التي تهیأ لها أو أنها غیرها ولم یکن قد قصدها وتهیأ لها، کما أنه لا فرق في البطلان بین من یجد نفسه فعلا في صلاة وهو ینویها عصرا ولکنه یشک ویتردد هل کان دخوله في هذه الصلاة بنفس هذه النیة، أو أنه دخل فیها في البدء بنیة الظهر لیوم سابق أو لهذا الیوم، وبین من لا یجد نفسه فعلا في صلاة کذلک، فإن الحکم هو بطلان صلاته في تمام هذه الحالات والصور، وبذلک یظهر حال المسألة الآتیة.

 

الثانية: اذا شکّ في انّ ما بيده مغرب او عشاء، فمع علمه باتيان المغرب بطل ، ومع علمه بعدم الاتيان بها او الشکّ فيه، عدل بنيّته اليها  ان لميدخل في ركوع الرابعة، والّا بطل ايضا.

الـثـالـثـة: اذا عـلـم بـعـد الصـلاة او فـي اثنـائهـا انّه تـرک سـجدتـين مـن ركعتـين، سـواء كانتـا مـن الاوّلتـين او الاخـيرتـين ، صحّـت وعلـيه قضاؤهما (1)  وسجدتا السهو مرّتين(2)  ، وكذا ان لميدر  انّهما من اىّ الركعات بعد العلم بانّهما من ركعتين.

1- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع، والأظهر هو التفصیل، فإن المصلي إن کان یعلم بأن السجدتین کانتا من الرکعتین الأولیین وجب علیه قضاؤهما بعد الصلاظ إن کان ذلک بعد التسلیم سواء أکان قبل الاتیان بالمنافي أن بعده، وإن کان قبل التسلیم فالأظهر أنه مخیر بین أن یکمل صلاته ویسلم ثم یأتی بهما، أو یأتي بهما ثم یکمل صلاته ویسلم، وقد مر وجه ذلک في المسألة (18) من «فصل: الخلل الواقع في الصلاة» وإن علم بأنهما من الرکعتین الأخیرتین فإن کان بعد التسلیم والاتیان بالمنافي، أو مضی فترة تمحو بها صورة الصلاة وجب علیه قضاؤهما، وإن کان قبل التسلیم أو بعده ولکن قبل الاتیان بالمنافي أو مضي فترة کذلک رجع وأتی بإحداهما في محلها حیث انه یکشف عن ان التشهد والتسلیم قد وقعا في غیر محلهما. وأما بالنسبة إلی الأخری فهو مخیر بین أن یأتي بها بعدها ثم یتشهد ویسلم، أو یتشهد ویسلم ثم یأتي بها.

وإن کان لا یعلم بالحال وشک في أنهما من الرکعتین الأولیین أو الأخیرتین، أو إحداهما من الأولیین والأخری من الأخیرتین فإن کان التذکر بذلک بعد التسلیم والاتیان بالمنافي، أو بعد مرور فترة من الزمن تمحو بها صورة الصلاة وجب علیه قضاؤهما، وإن کان قبل التسلیم أو بعده وقبل المنافي لم یمکن الرجوع إلی قاعدة التجاوز، فإنه لا یمکن تطبیقها علی الجمیع للزوم المخالفة القطعیة العملیة، ولا علی البعض المعین لأنه تعیین بلا معین، فلا محالة تسقط من جهة المعارضة.

وأما الاستصحاب وهو استصحاب عدم الاتیان بهما في الرکعتین الأولیین والأخیرتین معا فهو وإن کان لا مانع منه حیث لا یلزم منه محذور المخالفة القطعیة العملیة، الّا أن المقتضي قاصر في نفسه لعدم ترتب أثر عملي علیه، فإن الأثر إنما یترتب علیه إذا کان قصد البدلیة معتبرا في قضاء السجدتین، فعندئذ إذا جری الاستصحاب وجب الاتیان بأربع سجدات منها بدلا عن السجدتین في الرکعتین الأولیین، وسجدتین بدلا عن السجدتین في الرکعتین الأخیرتین...

ومع قطع النظر عنه یجب علیه الاحتیاط والاتیان بسجدتین بدلا عن الأولیین والإتیان بهما ثانیا بدلا عن الأخیرتین، ولکن من الواضح أن قصد البدلیة في مثل المقام غیر معتبر ولا دلیل علیه، نعم قد استظهرنا اعتباره في مقام التمییز لا مطلقا، وعلی هذا فبما ان المصلي یعلم بوجوب الاتیان بسجدتین علیه دون الأکثر فلا یجري الاستصحاب، أما بالنسبة إلی وجوب الاتیان بهما فلأنه معلوم وجدانا، ومعه لا معنی للتمسک بالاستصحاب لإثباته تعبدا بداهة أن ما هو ثابت بالوجدان لا یعقل ثبوته بالتعبد لأنه من أراد انحاء تحصیل الحاصل. وأما بالنسبة إلی نفي الأکثر فلأنه معلوم للمصلي وجدانا ومعه لا موضوع للاستصحاب.

فالنتیجة: ان نیة البدلیة غیر معتبرة في صحة الاتیان بالسجدة المنسیة أو السجدتین المنسیتین من الرکعتین إذ یکفي الاتیان بهما بنیة القربة علی ما في الذمة من دون إضافة بدلیتهما عن السجدتین المنسیتین من الرکعتین الأولیین أو الأخیرتین فإنها بحاجة إلی دلیل والروایات التي تنص علی وجوب قضاء السجدة النسیة ساکتة عن الدلالة علی اعتبار هذه الخصوصیة وإنما یکون مفادها وجوب الاتیان بها بدلا عما فات من دون اعتبار خصوصیة زائدة ککونها بدلا عن السجدة في الرکعة الأولی أو الثانیة أو الثالثة.

نعم لا مانع في هذه الصورة من استصحاب عدم الاتیان بالسجدة الثانیة من الرکعة الأخیرة فإنه یترتب علیه أن المصلي بعد في الصلاة ولم یخرج منها، فإذن تکون وظیفته هي الرجوع والغاء ما کان قد أتی به من التشهد والتسلیم والاتیان بها في محلها ومواصلة صلاته إلی أن یکملها ثم یأتي یسجدة أخری بقصد ما في الذمة، کما أن له أن یأتي بها قبل الاتیان بالتشهد والتسلیم بناء علی ما مر من أن الأظهر هو تخییر المصلي بین الاتیان بالسجدة المنسیة في أثناء الصلاة أو بعد الفراغ منها إذا تفطن بالحال قبل التسلیم.

ومن هنا یظهر حال ما إذا علم بترک السجدتین في أثناء الصلاة فإن کان ذلک بعد فوت محلهما وعدم إمکان تدارکهما فیه فقد مر أنه مخیر علی الأظهر بین الاتیان بهما قبل التسلیم والاتیان بهما بعده وإن فات محل إحداهما دون الأخری وجب علیه قضاء الأولی قبل التسلیم أو بعده وتدارک الثانیة في محلها، وبذلک یظهر الفرق بین ما إذا تفطن بالحال بعد الفراغ من الصلاة والاتیان بالمنافي وما إذا تفطن قبل الإتیان بالمنافي أو في الأثناء فإنه علی الأول یجب علیه قضاؤهما وإن کانتا من الرکعتین الأخیرتین، وعلی الثاني فإن کانتا من الرکعتین الأولیین وجب علیه قضاؤهما، وإن کانتا من الأخیرتین وجب علیه تدارک إحداهما في محلها وقضاء الأخری.

2- الفیّاض: علی الأحوط، وقد مر ذلک في الأمر الثالث من (فصل: في موجبات سجود السهو).

 

 الرابعة: اذا كان في الركعة الرابعة مثلا وشکّ في انّ شكّه السابق بين الاثنتين والثلاث كان قبل اكمال السجدتين او بعدهما، بنى على الثاني(1)  ، كما انـّه كذلک اذا شکّ بعد الصلاة(2).

1- الفیّاض: في البناء إشکال بل منع، والأظهر بطلان صلاته واستینافها من جدید لأن قاعدة الفراغ لا تجري في السجدتین لعدم ترتب الأثر علی جریانها فیهما، فإنه إنما یترتب علی حدوث الشک في الثالثة بعد إکمال الثانیة، والقاعدة لا تثبت ذلک کما لا یجري استصحاب عدم حدوثه قبل إکمالها لأنه لا یثبت إنه حدث بعد إکمالها لأنه لا یثبت إنه حدث بعد إکمالها الّا علی القول بالأصل المثبت، وقد مر تفصیل ذلک في المسألة (10) من (فصل: في الشک في الرکعات).

2- الفیّاض: الحال فیه ما مر من أن الأظهر بطلان الصلاة ووجوب إعادتها من جدید علی أساس قاعدة الاشتغال ولا یمکن تصحیحهما بما عرفت من دون فرق بین هذه الصورة وهي صورة الشک بعد الصلاة والصورة المتقدمة وهي صورة الشک في أثنائها.

نعم إذا کان ذلک بعد الصلاة وخروج وقتها لم یجب القضاء للشک في وجوبه ومقتضی الأصل عدمه.

 

الخامسة: اذا شکّ في انّ الركعة الّتي بيده اخر الظهر او انـّه اتمّها وهذه اوّل العصر، جعلها اخر الظهر(1)  .

1- الفیّاض: في تخصیص الحکم بجعل هذه الرکعة المشکوکة آخر الظهر بما في المتن إشکال بل منع، حتی في حالة ما إذا وجد المصلي نفسه في رکعة وهو ینویها عصرا ولکنه لا یدري هل کان دخوله في هذه الرکعة بنفس النیة التي یجدها في نفسه الآن، أو کان قد نواها في البدء رکعة أخیرة من الظهر، وذلک لأن الحکم في الحالة الأولی واضح إذ لیس فیها ما یبرر به جعل هذه الرکعة أول العصر، فإذن مقتضی قاعدة الاشتغال وعدم إحراز الفراغ من الظهر هو جعلها آخر الظهر، وإنما الکلام في الحالة الثانیة، فقد یقال بجریان قاعدة التجاوز فیها بدعوی أن المصلي إذا وجد نفسه في صلاة بنیة العصر الآن وشک في وجودها من الأول بنی علیه تطبیقا للقاعدة ولازم ذلک هو الفراغ من صلاة الظهر، وحینئذ یکون الشک في صحتها وتمامیتها بعد الفراغ منها فیحکم بصحتها تطبیقا لقاعدة الفراغ.

و الجواب: انه لا أساس لهذه الدعوی فإن جریان قاعدة التجاوز في کل مورد منوط بتوفر أمرین فیه..

أحدهما: احتمال الأذکریة و الالتفات حین العمل، بمعنی أن المکلف إذا کان في مقام الامتثال و أداء الوظیفة فاحتمال ترک الجزء أو الشرط المشکوک في محله عن عمد و التفات غیر محتمل لأنه خلف فرض کونه في مقام الامتثال، و احتمال ترکه خطأ و إن کان محتملا الا انه لما کان نادرا فمقتضی الأصل عدمه، و هذا الأمر غیر متوفر في هذه الحالة فإن کون المصلي في مقام الامتثال و أداء الوظیفة لا یقتضي أن ما بیده من الرکعة هو أول العصر ضرورة ان احتمال کونه آخر الظهر لیس علی خلاف الوظیفة.

و دعوی: أن نیة العصر بما أنها موجودة في نفس المصلي الآن فهي تصلح أن تکون قرینة علی تحققها من الأول.

مدفوعة: بما تقدم في المسألة الأولی من أن غایة ما یفیده ذلک هو الظن بوجودها من الأول و هو لا یجدي.

و الآخر: ان موضوع القاعدة هو التجاوز عن محل الشيء المشکوک شرعا، و علیه فبطبیعة الحال یختص جریانها بما إذا کان للشيء المشکوک محل معین من قبل الشرع کالتکیبرة و القراءة و الرکوع و نحوها من أجزاء الصلاة، فإذا شک في التکبیرة و هو في القراءة بنی علی الاتیان بها تطبیقا للقاعدة، و إذا شک في القراءة و هو في الرکوع بنی علیها بعین ما تقدم و هکذا، و أما إذا لم یکن للشيء محل معین شرعا فلا موضوع للقاعدة فیه، و قد مر أن نیة الصلاة التي هي عبارة عن قصد الاسم الخاص لها مما لیس لها محل معین شرعا، و علیه فإذا کانت في نفس المصلي نیة صلاة خاصة فعلا و شک في أنها کانت موجودة و متحققة من الأول أو لا؟ لم یمکن الحکم بأنها کانت موجودة من الأول تطبیقا لقاعدة التجاوز، لما مر من أنه لیس لها محل معین حتی یصدق التحاوز عنه، و ما نحن فیه من هذا القبیل، فإن المصلي إذا رأی نفسه في رکوع رکعة و هو ینویه عصرا ولکنه شک و تردد في أن هذه النیة هل کانت موجودة في نفسه من الأول أو لا. بل کان قد نواها في البدء ظهرا، فلیس بإمکانه التمسک بالقاعدة لإثبات أنها کانت موجودة من الأول بنفس ما تقدم من الملاک.

و إن شئت قلت: ان المصلي تارة کان یعلم بأنه دخل في صلاة و هو ینویها عصرا و حینئذ فإذا وجد نفسه في رکوع و شک في التکبیرة أو القراءة بنی علیها تطبیقا للقاعدة کما أنه إذا شک في أنه قرأ عصرا أو لغایة أخری بنی علی أنه قرأ عصرا، لا من جهة تطبیق القاعدة بل من جهة أن دخوله فیها لما کان بنیة العصر فهي تبعث إلی الاتیان بأجزائها و إن کانت ارتکازا ما لم ینو المصلي في الأثناء صلاة أخری و إن کانت من جهة الذهول و النسیان عما دخل فیه.

و أخری کان یشک في أنه هل دخل في هذه الصلاة بنفس النیة التي یجدها في نفسه الآن کما إذا وجد في نفسه نیة صلاة العصر، ففي مثل هذه الحالة لا یمکن له التمسک بالقاعدة لإثبات أنه دخل فیها بنفس النیة الموجودة في نفسه الآن بعین ما مر من عدم الموضوع لها.

فالنتیجة: أنه لا فرق بین أن یجد المصلي نفسه في رکوع و هو ینویه عصرا، و بین أن لا یجد نفسه فیه کذلک، فإن في کلتا الحالتین لا مجال للتمسک بالقاعدة، فإذن مقتضی قاعدة الاشتغال و عدم إحراز الفراغ من الظهر هو جعل ما بیده من الرکعة آخر الظهر بلافرق بین الحالة الأولی و الثانیة، فلا وجه لتخصیص الماتن1 الحکم بالحالة الأولی.

 السادسة: اذا شکّ في العشاء بين الثلاث والاربع وتذكّر انـّه سها عن المغرب، بطلت صلاته  وان كان الاحوط   اتمامها عشاءً (1)والاتيان بالاحتياط ثمّ اعادتها بعد الاتيان بالمغرب.

1- الفیّاض: هذا الاحتیاط و إن کان استحبابیا الاّ أنه مبني علی احتمال سقوط اعتبار الترتیب في مثل المقام بالنسبة إلی ما بقي من صلاة العشاء _ و قد اختاره بعض الأکابر1 _ علی أساس أن حدیث لا تعاد یقتضي سقوطه بالنسبة إلی ما مضی منها، و أما بالنسبة إلی ما بقي فیکون دلیل اعتبار الترتیب قاصرا عن الشمول.

ولکن الصحیح اعتباره بین تمام أجزاء الصلاتین، فإن الروایات التي تنص علی ذلک غیر قاصرة عن شمول المقام.

السابعة: اذا تذكّر في اثناء العصر انـّه ترک من الظهر ركعة، قطعها  واتمّ الظهر ثمّ اعاد الصلاتين (1)ويحتمل  العدول الى الظهر بجعل ما بيده رابعة لا(2) اذا لميدخل في ركوع الثانية، ثمّ اعادة الصلاتين؛ وكذا اذا تذكّر في اثناء العشاء انـّه ترک من المغرب ركعة.

1- الفیّاض: في الجمع بین إتمام الظهر و إعادة الصلاتین إشکال بل منع، و الأظهر أن المصلي إذا تفطن قبل أن یدخل في رکوع الرکعة الأولی من العصر أنه ترک رکعة من الظهر قطعها و أتم الظهر ثم یستأنف العصر من جدید، و حینئذ فلا مقتضي لإعادة الصلاتین، و إن تفطن بعد الدخول في رکوعها بطلت صلاة الظهر من جهة زیادة الرکوع، و عندئذ لا یبعد أن تکون وظیفته العدول من العصر إلی الظهر فیکملها ظهرا ثم یستأنف العصر من جدید علی أساس أن المتفاهم العرفي من الروایات التي تؤکد علی وجوب العدول من العصر إلی الظهر إذا تفطن في أثناء العصر أنه لم یأت بالأول بمناسبة الحکم و الموضوع الارتکازیة هو عدم الفرق بین أن یتذکر في أثناء العصر أنه لم یصل الظهر فیعدل إلیها فیکملها ظهرا بین أن یتذکر في أثناء العصر بطلان الظهر، و الجامع انه إذا تفطن في أثناء العصر ان صلاة الظهر لم تسقط عن ذمته سواء أکان عدم سقوطها بسبب غفلته عنها و اعتقاده بأنه قد أتی بها أم کان بسبب غفلته عن إتمامها و اعتقاده بالاتمام ولکن مع ذلک کان الأجدر و الأولی رعایة الاحتیاط بإعادة الصلاتین في هذه الصورة.

2- الفیّاض: فیه ان الاحتمال ضعیف، و الأظهر عدم جواز العدول إلی الظهر کذلک، لأن الروایات التي تنص علی العدول من العصر إلی الظهر لا تشمل المقام حیث ان موردها نسیان الظهر و الغفلة عنها غایة الأمر نتعدی منه إلی صورة الغفلة عن إتمامها و التذکر في حال لا یمکن تدارکها، و أما إذا تذکر في أثناء العصر انه ترک من الظهر رکعة فحینئذ جعل ما بیده من العصر رابعة لها بحاجة إلی دلیل علی أساس أن العدول یکون علی خلاف القاعدة، و روایات الباب لا تشمل هذا المورد و الدلیل الآخر غیر موجود.

و دعوی انه لا مانع من ذلک لا من جهة زیادة تکبیرة الاحرام، و لا من جهة نیة الخلاف، أما الأولی فلأنه لا دلیل علی أن زیادتها سهوا مبطلة للصلاة و إن کانت مشهورة، و أما الثانیة و هي نیة العصر فأیضا غیر قادحة لما ورد في جملة من الروایات من أن الصلاة علی ما افتتحت به، و هذا یعني ان نیة الخلاف لا تضر. و علی هذا فما أتی به المصلي بنیة العصر یعدّ من الظهر علی أساس تلک الروایات...

مدفوعة: فإنه و إن لم یکن مانع من جهة زیادة التکبیرة إذ لا دلیل علی أن زیادتها سهوا قادحة، و إنما المانع من جهة نیة الخلاف و هي نیة العصر، فإن ما أتی به باسم العصر یجعله ظهرا بحاجة إلی دلیل، و الروایات المذکورة لا تدل علی أن العبرة إنما هي بالافتتاح و الابتداء مطلقا، فإن مورد تلک الروایات هو ما إذا أقام المصلي صلاة الصبح کفریضة واجبة و في أثنائها تخیل أنها نافلة و أتمها ناویا بها النافلة، فإن الصلاة في هذه الحال تصح صبحا کما نواها من الأول، أو إذا أقام نافلة و تخیل في أثنائها أنها فریضة الصبح و أتمها قاصدا بها الفریضة فإن الصلاة في هذه الحال تصح نافلة، فالعبرة إنما هي بما افتتح الصلاة علیه و هو الباعث و المحرک الأول. ولکن من المعلوم ان ما نحن فیه لیس من موارد هذه الروایات علی أساس ان المصلي فیه کان معتقدا بإتمام صلاة الظهر ثم افتتح صلاة العصر ناویا بها من الأول، لا أنه تخیل في أثناء الظهر أنها عصر و أتمها قاصدا بها العصر.

فالنتیجة: ان الأظهر هو ما ذکرناه من أن إتمامها ظهرا إن کان ممکنا فوظیفته ذلک و الاّ فالعدول إلیها و جعل ما بیده من الصلاة ظهرا لا متمما لها، و بذلک یظهر حال ما إذا تذکر في أثناء العشاء انه ترک من المغرب رکعة.

 

الثامنة: اذا صلّى صلاتين ثمّ علم نقصان ركعة او ركعتين من احداهما من غير تعيين، فان كان قبل الاتيان بالمنافي، ضمّ الى الثانية ما يحتمل من النقص ثمّ اعاد الاولى  فقط(1) بعد الاتيان بسجدتي السهو لاجل السلام احتياطا(2)  ؛ وان كان بعد الاتيان بالمنافي، فان اختلفا في العدد اعادهما، والّا اتى بصلاة واحدة بقصد مافي الذمّة(3).

1- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع، و الأظهر هو التفصیل في المسألة، فإن کانت الصلاتان متجانستین و مترتبتین کالظهر و العصر لم یجب علیه ضم ما یحتمل من النقص إلی الثانیة بل وظیفته حینئذ هي الاتیان بصلاة أربع رکعات باسم العصر و ذلک لأن الناقص من الصلاتین إن کان الظهر في الواقع فالعصر حینئذ یحسب ظهرا بناء علی ما هو الصحیح من القول بالانقلاب علی أساس قوله7 : «إنما هي أربع مکان أربع» (الوسائل ج 4 باب: 63 من أبواب المواقیت الحدیث: 1) و إن کان العصر فالضم حینئذ و إن کان مجدیا ولکن المصلي بما أنه لا یعلم بالحال و إن الناقص هل هو الظهر لکي لا یکون الضم مجدیا، أو العصر لکي یکون مجدیا فلا یعلم بسقوط العصر عن ذمته بضم النقص إلیها، فلابد حینئذ من إعادة صلاة باسم العصر تطبیقا لقاعدة الاشتغال غایة الأمر في صورة عدم الضم تجب الاعادة باسم العصر جزما، و في صورة الضم تجب بمقتضی قاعدة الاشتغال.

فالنتیجة: انه لا أثر للضم. و من هنا یظهر أنه لا أثر لاستصحاب عدم الاتیان بما یحتمل نقصه في صلاة العصر، فإنه إن أرید به إثبات وجوب ضم ما یحتمل من النقص إلیها علی أساس ان الالتفات إلیه قبل الاتیان بالمنافي، فیرده أن الضم غیر واجب باعتبار أنه لا أثر له.

و إن أرید به إثبات تمامیة الصلاة الأولی، ففیه مضافا إلی أنه معارض باستصحاب عدم الاتیان به في الأولی أیضا، أنه لا یمکن إثباتها به الا علی القول بالأصل المثبت.

و بذلک یظهر أنه لا فرق في هذه الصورة بین أن یکون الالتفات إلی النقص قبل الاتیان بالمنافي دو بعده، فإنه علی کلا التقدیرین فالصلاة باسم الظهر صحیحة أما ذاتا دو انقلابا، و الصلاة باسم العصر تظل باقیة في الذمة و لا یمکن احراز الفراغ منها بضم النقص إلیها کما عرفت، فإذن لابد من استئنافها من جدید.

و إن کانت الصلاتان غیر متجانستین عددا کالمغرب و العشاء، أو غیر مترتبتین کما إذا کانت الظهر أدائیة و العصر قضائیة، فإن کان التفاته إلی النقص قبل الاتیان بالمنافي وجب علیه في هذه الصورة اما اعادة کلتا الصلاتین معا و لا یضر احتمال انه کان في أثناء الصلاة الثانیة و عدم الخروج عنها لما ذکرناه من أنه لا دلیل علی حرمة قطع الصلاة المتیقنة فضلا عن المحتملة، أو إعادة الصلاة الأولی و ضم ما یحتمل من النقص إلی الثانیة، و هذا الجمع لیس من جهة التعبد باستصحاب عدم الاتیان بما یحتمل نقصه في کلتا الصلاتین، بل هو من جهة العلم الإجمالي ببطلان إحداهما، و هو یقتضي وجوب الموافقة القطعیة العملیة، و هي لا تحصل الا بأحد هذین الطریقین:

هما إعادة کلتا الصلاتین معا، إعادة الصلاة الأولی و ضم ما یحتمل من النقص إلی الثانیة، و لا أثر للاستصحاب بالنسبة إلیه فیکون وجوده کالعدم.

و إن کان التفاته إلی النقص بعد الاتیان بالمنافي وجبت علیه إعادة کلتیهما معا علی أساس العلم الإجمالي ببطلان إحداهما، و لا یمکن الضم في هذه الصورة.

فالنتیجة: إن کفایة الضم مع إعادة الصلاة الاولی إنما هي في صورة واحدة و هي ما إذا کانت الصلاتان غیر متجانستین عددا أو غیر مترتبتین، و إن کانتا متجانستین و کان الالتفات إلی النقص قبل الاتیان بالمنافي دون سائر الصور فإن الضم فیها أما إنه لا یمکن کما إذا کان الالتفات إلیه بعد الاتیان بالمنافي، أو أنه کضم الحجر في جنب الإنسان فلا یجدي.

2- الفیّاض: الاحتیاط ضعیف جدا لعدم العلم بزیادة السلام من أجل احتمال ان الصلاة الناقصة هي الأولی، و استصحاب عدم الاتیان بما یحتمل من النقص في الثانیة لا یثبت زیادة السلام الاّ علی القول بالأصل المثبت.

3- الفیّاض: بل بقصد العصر کما مر.

التاسعة: اذا شکّ بين الاثنتين والثلاث او غيره من الشكوک الصحيحة، ثمّ شکّ في انّالركعة الّتي بيدهاخر صلاته او اولى صلاة الاحتياط، جعلها اخر  صلاته  واتمّ، ثمّ اعاد الصلاة  احتياطا  بعد الاتيان بصلاة الاحتيار(1).

1- الفیّاض: في وجوب الإعادة احتیاطا إشکال بل منع لأنه لا موجب لهذا الاحتیاط الاّ احتمال الفصل بین الصلاة الأصلیة و صلاة الاحتیاط برکعة و هي التي جعلها آخر صلاته بمقتضی قاعدة الاشتغال، و من المعلوم إنه لا قیمة لهذا الاحتمال و مقتضی الأصل عدم اتصاف هذه الرکعة بالفصل بینهما و لا بالزیادة.

 العاشرة: اذا شکّ في انّ الركعة الّتي بيده رابعة المغرب او انـّه سلّم على الثلاث وهذه اولى العشاء، فان كان بعد الركوع بطلت و وجب عليه اعادة المغرب(1)، وان كان قبله يجعلها من المغرب  

ويجلس ويتشهّد ويسلّم ثمّ يسجد  سجدتي السهو لكلّ زيادة ، من قوله: «بحول اللّه» وللقيام وللتسبيحات احتياطا وان كان في وجوبها اشكال(2) ، من حيث عدم علمه بحصول الزيادة في المغرب  

1- الفیّاض: في البطلان إشکال بل منع و الأظهر هو صحة صلاة المغرب و عدم وجوب إعادتها تطبیقا لقاعدة الفراغ علی أساس ان المصلي شاک في صحتها و فسادها من جهة الشک في أنها تامة إذا کان قد سلم علی الثلاث و هذه الرکعة أولی العشاء، أو ناقصة إذا کان لم یسلم علیها و کان قد سها و نوی بها المغرب، و بما انه لا یدري أنها أولی العشاء أو رابعة المغرب فبطبیعة الحال یکون شاکا في صحتها و فسادها مغربا بعد عدم إمکان تدارک ما یحتمل نقصه فیها من التشهد و التسلیم، و حینئذ فیکون مشمولا لما دل من أن: «کلما مضی من صلاتک و طهورک فامض کما هو» (الوسائل ج 1 باب: 42 من أبواب الوضوء الحدیث: 6) فإن المستفاد منه عدم الاعتناء بالشک فیما مضی من الصلاة شریطة أن لا یکون قابلا للتدارک و الاّ لم یمض.

و علی هذا فبما أن ما یحتمل نقصه في صلاة المغرب غیر قابل للتدارک فیکون الشک في صحتها و فسادها مشمولا للنص و مقتضاه عدم الاعتناء بالشک فیها و البناء علی صحتها تطبیقا للقاعدة شریطة احتمال الالتفات و الأذکریة حین العمل.

و دعوی: أن هذا الشک لیس شکا في صحة صلاة المغرب و فسادها بعد الفراغ منها لکي یکون مشمولا لقاعدة الفراغ...

مدفوعة: بأن الشک بعد الفراغ عن الصلاة و تسلیمها لم یرد في لسان شيء من الروایات و إنما الوارد في لسانها عنوان المضي و التجاوز، و حیث إن هذا العنوان یصدق علی صلاة المغرب في المقام بعد عدم إمکان تدارک نقصها إن کان فلا مانع من تطبیق قاعدة الفراغ و الحکم بصحتها و استئناف العشاء من جدید.

و أما احتمال زیادة الرکوع فیها فهو لا یضر لأنه مدفوع بالأصل، و استصحاب بقاء المصلي بعد في المغرب و عدم خروجه عنها لا یثبت أن الرکوع زیادة الا علی القول بالأصل المثبت. و أما استصحاب عدم الاتیان بالتشهد و التسلیم فهو مما لا یترتب علیه أثر الاّ وجوب قضاء التشهد فقط دون بطلان الصلاة، فإنه إنما یترتب علی عدم الاتیان بهما عن عمد و التفات لا مطلقا، و وجوب سجدتي السهو علی الأحوط مرة لترک التشهد و أخری لترک التسلیم.

2- الفیّاض: بل لا إشکال في عدم وجوبها حیث إنه مضافا إلی أن وجوب سجدتي السهو لکل زیادة مبني علی الاحتیاط فلا علم لنا بالزیادة في المقام حتی یحکم بالوجوب و لو احتیاطا.

 

 الحادية عشر: اذا شکّ وهو جالس بعد السجدتين، بين الاثنتين والثلاث، وعلم بعدم اتيان التشهّد في هذه الصلاة، فلا اشكال في انـّه يجب عليه ان يبني على الثلاث، لكن هل عليه ان يتشهّد ام لا؟ وجهان؛ لايبعد عدم الوجوب ، بل وجـوب قضائه بعد الفراغ(1) ، امّا لانّه مقتضى البناء  على الثلاث (2) ، وامّا لانـّه لايعلم  بقاء محلّ التشهّد ، من حيث انّ محلّه الركعة الثانية وكونه فيها مشكوک، بل محكوم بالعدم(3). وامّا لو شکّ وهو قائم، بين الثلاث والاربع، مع علمه بعدم الاتيان بالتشهّد في الثانية، فحكمه المضيّ والقضاء بعد السلام، لانّ الشکّ بعد  تجاوز محلّه(4)  .

1- الفیّاض: علی الأحوط الأولی، و الأظهر عدم وجوبه لأن مقتضی أدلة البناء علی الأکثر هو سقوط وجوبه عن الشاک في عدد الرکعات بین الثنتین و الثلاث، أو بین الثنتین و الأربع أداء و قضاء علی أساس أن مفاد هذه الأدلة حکم واقعي لا ظاهري، و لازم ذلک هو أن المصلي الشاک فیه کذلک لم یکن مأمورا بالتشهد واقعا فإنه وظیفة العالم دون الشاک فیه، فإذن لا مقتضي للإعادة و لا للقضاء و إن ارتفع الشک و علم بعد صلاة الاحتیاط أن صلاته ناقصة فإنه لیس من انکشاف الخلاف بل هو من تبدیل الموضوع بموضوع آخر.

2- الفیّاض: هذا الاحتمال هو المتعین دون الثاني حیث أن مقتضي النصوص التي تؤکد علی البناء علی الأکثر هو أنه یعامل مع الرکعة البنائیة معاملة الرکعة الواقعیة في ترتیب آثارها علیها، و من هنا لم یشر في شيء من روایات البناء علی الثلاث أو الأربع إذا کان الشک بینها و بین الثنتین إلی وجوب الاتیان بالتشهد بعد البناء علی الأکثر، فلو کان الغرض منها البناء علی العدد فقط لا المعاملة مع الرکعة البنائیة معاملة الرکعة الواقعیة لکان ینبغي علی الامام7 أن ینبه المصلي بلزوم الاتیان بالتشهد في موارد الشک بین الثنتین و الثلاث، أو الثنتین و الأربع، مع أن الروایات ساکتة من هذه الجهة نهائیا رغم أن المرتکز في الأذهان هو أن الرکعة البنائیة کالواقعیة، فلو کان الشيء واجبا في مثل هذه الحالة ینبغي التنبیه علیه.

3- الفیّاض: فیه ان هذا الاستصحاب معارض باستصحاب بقاء الرکعة الثانیة و عدم خروج المصلي عنها و انتقاله إلی رکعة ثالثة، فإنه إذا رفع رأسه من السجدة الثانیة وجب علیه التشهد باعتبار أنه المکان المقرر له شرعا، و إذا شک في انتقاله من مکانه إلی جزء آخر فمقتضی الاستصحاب بقاؤه فیه، وعلیه فیصلح أن یعارض استصحاب عدم اتصاف ما بیده من الرکعة بالثانیة علی نحو الاستصحاب في العدم الأزلي، فإن مقتضاه عدم وجوب التشهد.

ودعوی: ان العدم الأزلي للرکعة الثانیة قد انتقض من جهة علم المصلي بوجودها في مورد الاستصحاب الأول.

مدفوعة: بأن العدم الأزلي للرکعة الثانیة الواقعیة بمفاد لیس التامة وإن انتقض بالیقین بوجودها بمفاد کان التامة، الا ان ذلک لیس مورد الکلام، فإن الکلام إنما هو في أن ما بید المصلي من الرکعة هل هو الرکعة الثانیة بمفاد کان الناقصة أو لا بمفاد لیس الناقصه؟ فإن کانت الثانیة وجب التشهد والّا لم یجب، وبما ان انتقاض العدم الأزلي لما في یده من الرکعة بالیقین باتصافها بالثانیة غیر معلوم، فلا مانع من استصحاب عدم اتصافها بها، ویترتب علیه وجوب التشهد.

ومن هنا یظهر أن هذه الدعوی مبنیة علی الخلط بین انتقاض العدم الأزلي لأصل وجود الرکعة الثانیة بمفاد کان التامة، وانتقاض عدم اتصاف ما بید المصلی من الرکعة بالثانیة بمفاد کان الناقصة، فإن ما هو مانع عن جریان استصحاب العدم الأزلي هو الثاني، ولکنه لم ینتقض بالیقین بالخلاف، وما هو منتقض به وهو الأول لم یکن مانعا منه، وبالتالي یکون الاستصحابان متعارضین في المقام فیسقطان من جهة المعارضة.

فالنتیجة ان بقاء مکان التشهد غیر محرز لا وجدانا ولا تعبدا.

إلی هنا قد تبین انه علی الاحتمال الثاني وهو أن یکون مفاد أدلة البناء علی الأکثر هو البناء علی العدد تعبدا من دون النظر إلی ترتیب آثاره واقعا علیه فأیضا لا یجب التشهد علیه أداء لعدم إحراز بقاء مکانه. نعم بناء علی ذلک یعلم المصلي إجمالا أما بوجوب التشهد علیه فعلا أو بوجوب قضائه بعد الصلاة باعتبار أن أدلة البناء علی الأکثر حینئذ لا تدل علی سقوط التشهد عنه واقعا، فعندئذ لابد من الجمع بین الأداء والقضاء احتیاطا.

4- الفیّاض: الظاهر ان الماتن1 أراد من تجاوز محل التشهد لدی الشک بین الثلاث والأربع في حال القیام عدم إمکان تدارکه لا ما هو ظاهر عبارته، فإنه حتی إذا رجع والغی ما أتی به من القیام وجلس فلیس بإمکانه تدارکه، لأن شکه حینئذ یرجع إلی الشک بین الثنتین والثلاث وهو مأمور حینئذ بالبناء علی الأکثر وترک التشهد واقعا لما مر من ان ذلک وظیفة واقعیة للشاک لا ظاهریة، وعلیه فلا یعقل أن یکون مأمورا بالتشهد والا لزم الخلف، وعلی هذا فلا وجه لحمل ما في المتن علی قاعدة التجاوز لکي یقال تارة: بأن موردها الشک في وجود الشيء بعد التجاوز عن محله الشرعي لا العلم بعدم وجوده بعد التجاوز عنه کما في المقام، فإن المصلي یعلم بعدم الاتیان بالتشهد بعد التجاوز عن محله الشرعي، وأخری بأن مراده1 اجراء القاعدة في التشهد بلحاظ الرکعة التي قام عنها، فإنها ان کانت الرکعة الثانیة فقد أخل بالتشهد علی أساس إمکانه تدارکه ما دام لم یدخل في الرکن، وإن کانت الثالثة لم یخل به لانتفاء محل تدارکه، وبما أن المصلي شاک فیه في حال القیام ولا یعلم أنه أخل بوظیفته بترک التشهد أو لم یخل بها فلا یعتني بهذا الشک تطبیقا لقاعدة التجاوز.

ولکن هذا التوجیه مضافا إلی أنه خلاف الظاهر غیر صحیح في نفسه، فإن المصلي في مفروض المسألة یکون علی یقین من ترک التشهد وإنما یشک في إنه قام عن الرکعة الثانیة التي یجب علیه التشهد بعدها، أو قام عن الرکعة الثالثة التي لا یجب علیه التشهد بعدها، وبالتالي یشک في وجوب التشهد بعد هذه الرکعة التي قام عنها ومن المعلوم أن هذا الشک لیس موردا لقاعدة التجاوز فإن موردها ما إذا کان الشک في وجود الجزء أو الشرط بعد التجاوز عن محله الشرعي دون الشک في وجوبه بعد العلم بعدم وجوده في الخارج.

وإن شئت قلت: إن لازم الشک في المسألة هو الشک في وجوب تدارک التشهد وعدم وجوب تدارکه باعتبار أن الرکعة التي قام عنها إن کانت الثانیة وجب التدارک والّا لم یجب، ولکن من الواضح أنه لا یمکن تطبیق قاعدة التجاوز علیه، فالصحیح هو ما ذکرناه من أن مراده1 من تجاوز محله هو عدم إمکان تدارکه لا تطبیق قاعدة التجاوز علیه.

 الثانية عشر: اذا شکّ في انـّه بعد الركوع من الثالثة او قبل الركوع من الرابعة، بنى على الثاني(1)  ، لانـّه شاکّ بين الثلاث والاربع ويجب عليه الركوع، لانـّه شاکّ فيه مع بقاء محلّه، وايضا هو مقتضى البناء على الاربع في هذه الصورة؛ وامّا لو انعكس بان كان شاكّا في انـّه قبل الركوع من الثالثة او بعده من الرابعة، فيحتمل وجوب البناء   على الاربع  بعد الركوع فلايركع، بل يسجد ويتمّ(2) ، وذلک لانّ مقتضى البناء على الاكثر البناء عليه من حيث انّه احد طرفي شكّه، وطرف الشکّ الاربع بعد الركوع ،لكن لايبعد بطلان صلاته(3) ، لانـّه شاکّ في الركوع من هذه  الركعة ومحلّه باقٍ فيجب عليه ان يركع، ومعه يعلم اجمالا انـّه امّا زاد ركوعا او نقص ركعة  ، فلايمكن اتمام الصلاة مع البناء على الاربع والاتيان بالركوع مع هذا العلم الاجماليّ.

1- الفیّاض: في البناء إشکال بل منع، والأظهر هو بطلان الصلاة في المسألة وعدم الاکتفاء بها في مقام الامتثال لأن أدلة البناء علی الأکثر والعلاج بصلاة الاحتیاط لا تشمل هذه الصورة لأن ظاهر هذه الأدلة هو الاتیان بالرکعة المشکوکة مفصولة بنکتة ان الصلاة إن کانت تامة في الواقع فهي نافلة، وإن کانت ناقصة فهي متممة لها، فإذا قام المصلي الشاک بعملیة البناء علی الأکثر والعلاج بصلاة الاحتیاط کان علی یقین حینئذ من صحة صلاته وتمامیتها أما بالذات أو بالعلاج، ولا شيء علیه، وقد صرح بذلک في موثقة عمار: «ألا أعلمک شیئا إذا فعلته ثم ذکرت انک أتممت أو نقصت لم یکن علیک شيء...»(الوسائل ج 8 باب: 8 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحدیث: 3).

وأما إذا کانت الصلاة علی تقدیر نقصانها فاسدة من ناحیة أخری أیضا کزیادة رکوع فیها کما في المقام فلا یکون الشک فیها مشمولا لتلک الأدلة علی أساس أنه لا یجدي فیها علاج الشک بصلاة الاحتیاط لأن صلاة الاحتیاط کما هو ظاهر تلک الأدلة وصریح بعضها إنما هي جابرة لنقصانها إن کان ولا تکون مصححة لها من ناحیة أخری، وبما أن الصلاة في المقام علی تقدیر نقصانها فاسدة من جهة زیادة الرکوع فیها فلا یمکن علاج فسادها من هذه الجهة بصلاة الاحتیاط، فإذن تکون صلاة الاحتیاط في هذا المقام کعدمها، فلا أثر لها فمن أجل ذلک لا یکون الشک بین الثلاث والأربع في المسألة مشمولا لأدلة العلاج، فاذن من إعادة الصلاة فیها.

2- الفیّاض: ظهر مما مر أن المسألة علی هذا الفرض أیضا لا تکون مشمولة لأدلة العلاج بعین ما تقدم من الملاک وهو بطلان الصلاظ علی تقدیر نقصانها أما بزیادة الرکوع إذا رکع أو نقصانه إذا ترک، فلا یمکن تصحیحها وعلاجها من هذه الناحیة بصلاة الاحتیاط، فإذن لابد من استئنافها من جدید.

فالنتیجة: أنه لا فرق بین هذه الصورة والصورة المتقدمة فإن الأدلة العلاجیة لا تشمل کلتا الصورتین بملاک واحد.

3- الفیّاض: بل البطلان هو المتعین لا من جهة ما ذکره الماتن1 من العلم الإجمالی بأنه أما زاد رکوعا أو نقص رکعة، فإنه لا أثر لهذا العلم، لأن الصلاة إن کانت ناقصة في الواقع رکعة فهي متدارکة بصلاة الاحتیاط حقیقة لما مر من أن الاتیان بالرکعة المشکوکة مفصولة وظیفة واقعیة للشاک في عدد الرکعات لا ظاهریة، وعلیه فتصبح الصلاة تامة واقعا بالعلاج علی تقدیر نقصانها، فینتفي العلم الإجمالي حینئذ بانتفاء أحد طرفیه موضوعا، فلا مانع من الرجوع في الطرف الآخر إلی الأصل المؤمن فیه وهو أصالة عدم الزیادة، نظیر ما إذا علم إجمالا بنجاسة أحد الإناءین ثم قام بتطهیر الماء في أحدهما باتصاله بالکر أو الجاري فإن العلم الإجمالي حینئذ ینتفي بانتفاء أحد طرفیه موضوعا فلا مانع من الرجوع عندئذ إلی أصالة الطهارة في الإناء الآخر.

فالنتیجة: إن الشک في المسألة لو کان مشمولا لأدلة العلاج فلا أثر للعلم الإجمالي فیها لأنه لا یمنع من القیام بالعمل بهذه الأدلة، بل القیام بالعمل بها رافع له بارتفاع متعلقة حقیقة فلا علم إجمالي حینئذ حتی یکون فیه مخالفة له، فإذن لا یکون العلم الإجمالي سببا للبطلان، بل سببه ما مر من أن أدلة العلاج کما لا تشمل المسألة فیما إذا شک في أنه بعد الرکوع من الثالثة أو قبل الرکوع من الرابعة، کذلک لا تشمل عکس ذلک و هو ما إذا شک في أنه قبل الرکوع من الثالثة أو بعد الرکوع من الرابعة بعین ما تقدم من الملاک و هو أن أدلة العلاج إنما جعلت لکي یکون الشاک إذا قام بالعمل بها واثقا و متأکدا من تمامیة صلاته و براءة ذمته عنها و لا شيء علیه کما صرح به في بعضها. و أما إذا کانت الصلاة فاسدة علی تقدیر نقصانها أو تمامیتها من ناحیة أخری فلا تکون مشمولة لأدلة العلاج حیث لا تجدي عملیة العلاج حینئذ في تصحیحها، و علی هذا فالصلاة في مفروض المسألة إن کانت ناقصة في الواقع فصلاة الاحتیاط و إن کانت متممة لها الاّ أنها باطلة من جهة نقصان الرکوع فیها ان لم یتدارک في هذه الرکعة و إن تدارک فحینئذ إن کانت الصلاة تامة في الواقع فهي باطلة من جهة زیادة الرکوع فیها، و من المعلوم إن أدلة العلاج لا تشمل مثل هذا الفرض إذ تشریع علاج الشک فیه بصلاة الاحتیاط لغو محض، فلا یترتب علیه أثر، فإنه لابد حینئذ من إعادة الصلاة فیه سواء أقام بعملیة العلاج أم لا.

فالنتیجة: إن أدلة العلاج مختصة بما إذا کانت الصلاة علی تقدیر تمامیتها صحیحة.

الثالثة عشر: اذا كان قائما وهو في الركعة الثانية من الصلاة وعلم انّه اتى في هذه الصلاة بركوعين ولايدري انـّه اتى بكليهما في الركعة الاولى حتّى تكون الصلاة باطلة، او اتى فيها بواحد واتى بالاخر في هذه الركعة، فالظاهر بطلان  الصلاة(1)   ، لانـّه شاکّ في ركوع هذه الركعة ومحلّه باق  فيجب عليه ان يركع (2)  ، مع انـّه اذا ركع يعلم بزيادة ركوع في صلاته ولايجوز له ان لايركع مع بقاء محلّه، فلايمكنه تصحيح الصلاة.

1- الفیّاض: بل الظاهر هو الصحة علی أساس أنه لا مانع من تطبیق قاعدة الفراغ في الرکوع الثاني شریطه احتمال الالتفات و الإذکریة حین العمل و ذلک لأن المصلي کان یعلم بإتیانه ولکنه یشک في صحته و فساده من جهة أنه واجد لما هو المعتبر فیها و شرط لها و هو کونه واقعا بعد القراءة في الرکعة الثانیة، و بالتالي یکون الشک في صحته و فساده من جهة کونه واجدا للشرط أو لا، فلا مانع حینئذ من الحکم بصحته تطبیقا للقاعدة.

و إن شئت قلت: إن المصلي إذا علم باتیان الرکوع و شک بعد ذلک في أنه أتی به في مکانه المقرر له شرعا حتی یکون محکوما بالصحة أو لا، فلا مانع من التمسک بالقاعدة لإثبات أنه أتی به في مکانه المقرر له، و هذا أي إثبات الاتیان به في مکانه المقرر له لیس من اللوازم العقلیة لمدلول القاعدة لکي یقال أنها لا تثبت تلک اللوازم بل هو مدلول مطابقي للقاعدة علی أساس ما ذکرناه من أنها قاعدة عقلائیة تبتني علی الکشف عن الواقع باعتبار أن المکلف إذا کان في مقام الامتثال و أداء الوظیفة فاحتمال إخلاله بالصلاة بترک جزء منها أو شرطها أو إخلاله بالترتیب بین أجزائها عامدا ملتفتا إلی عدم جوازه، غیر محتمل لأنه خلف فرض کونه في مقام الامتثال و أداء الوظیفة، و احتمال إخلاله بها کذلک سهوا وخطأ و إن کان محتملا الاّ أنه لما کان نادرا و خلاف الطبیعة الأولیة فمقتضی الأصل عدمه، فمن أجل ذلک یحکم بصحتها تطبیقا للقاعدة، فلیس الحکم بالصحة حکما تعبدیا محضا بل هو مبني علی ما مر من النکتة. وفي المقام إذا شک المصلي في صحة رکوعه وفساده من جهة الشک في أنه أتی به في مکانه المقرر له شرعا أولا، حکم بصحته تطبیقا للقاعدة بملاک أن کونه في مقام الامتثال یقتضي أنه أتی به في مکانه ولا یخل بشيء مما یعتبر فیه.

فإذن یکون الاتیان به في مکانه مدلوله مطابقي للقاعدة وهو ملاک تطبیقها.

فالنتیجة: ان الحکم بصحة العمل تطبیقا للقاعدة إنما هو علی أساس أن حال المکلف في مقام الامتثال یقتضي أنه أتی به واجدا لتمام الأجزاء والشرائط.

2- الفیّاض: في الوجوب إشکال بل منع، فإن المصلي یعلم بانتفاء محل تدارکه وسقوط الأمر به أما للإتیان به في محله الشرعي، أو لبطلان الصلاة إذا کان آتیا بکلا الرکوعین في الرکعة الأولی، هذا ولکن قد مر أنه لا مانع من القول بصحة الرکوع الثاني تطبیقا لقاعدة الفراغ.

الرابعة عشر: اذا علم بعد الفراغ من الصلاة انـّه ترک سجدتين ولكن لميدر انّهما من ركعة واحدة او من ركعتين، وجب عليه  الاعادة(1) ، ولكنّ الاحوط  قضاء السجدة مرّتين، وكذا سجود السهو مرّتين اوّلا ثمّ الاعادة، وكذا يجب الاعادة   اذا كان ذلک في اثناء الصلاة (2) ، والاحوط  اتمام الصلاة وقضاء كلّ منهما وسجود السهو مرّتين ثمّ الاعادة.

1- الفیّاض: هذا مبني علی أن قاعدة التجاوز في السجدة الأولی من الرکعة التي یکون المصلي علی یقین من ترک سجدتها الثانیة معارضة بقاعدة التجاوز في السجدة الثانیة من الرکعة التي یکون علی یقین من الاتیان بسجدتها الأولی للعلم الإجمالي بأنّه تارک لإجداهما.

بیان ذلک: ان هذه المسألة تتمثل في صور..

الصورة الاولی: أن تکون أطراف العلم الإجمالي بترک السجدتین متمثلة في أکثر من رکعتین سواء أکان الأکثر هو الثلاث أو الأربع.

الصورة الثانیة: أن تکون أطرافه متمثلة في الرکعتین الأخیرتین فقط.

الصورة الثالثة: أن تکون أطرافه متمثلة في رکعتین ما عدا الرکعة الأخیرة.

أمّا الصورة الاولی: فالمصلي کان یعلم بترک السجدة الثانیة في واحدة من هذه الرکعات واقعا ویشک في ترک السجدة الاولی من نفس هذه الرکعة کما انه کان یعلم باتیان السجدة الولی في أکثر من رکعة ویشک في السجدة الثانیة ونتیجة هذا انه کان یعلم إجمالا أما إنه ترک السجدة الأولی من نفس الرکعة التي قد ترک سجدتها الثانیة، وأما ترک السجدة الثانیة من الرکعة التي قد أتی بسجدتها الأولی، ولا یمکن تطبیق قاعدة التجاوز علی کلتیهما معا لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة فتسقطان معا من جهة المعارضة فتصل النوبة حینئذ إلی الاستصحاب وهو استصحاب عدم الاتیان بالسجدة الأولی من الرکعة التي کان المصلي علی یقین من ترک سجدتها الثانیة باعتبار أنه مانع من استصحاب عدم الاتیان بالسجدة الثانیة من الرکعة التي کان علی یقین من الاتیان بسجدتها الأولی علی أساس أنه یترتب علی الاستصحاب الأول بطلان الصلاة بضم الوجدان إلی التعبد بلحاظ انه حینئذ کان تارکا بکلتا السجدتین من رکعة واحدة. ومع بطلان الصلاة لا یترتب أثر علی الاستصحاب الثاني، فإن أثره وجوب قضائها بعد الصلاة، ومن المعلوم أنه من آثار ترکها في صلاة صحیحة، وأما إذا کانت فاسدة فلا موضوع لوجوب قضاء السجدة فیها هذا من ناحیة، ومن ناحیة أخری ان الاستصحاب الثاني لا یصلح أن یعارض الاستصحاب الأول ویمنع منه لأنه لا یثبت الاتیان بالسجدة الأولی من الرکعة المذکورة الّا علی القول بالأصل المثبت حتی یکون مانعا. وعلی هذا فلا مانع من جریان الاستصحاب الأول وبه ینتفي الاستصحاب الثاني بانتفاء ما هو المعتبر في جریانه وهو الأثر علی أساس أن جریان الاستصحاب في کل مورد متقوم بتوفر ثلاثة عناصر فیه، الیقین بالشيء، والشک في بقائه، والأثر الشرعي المترتب علیه وبما أن العنصر الثالث غیر متوفر في المقام فلا یجري.

وقد یناقش في تنجیز العلم الإجمالي في المسألة بتقریب أن تنجیزه علی القول بالاقتضاء کما هو الصحیح یتوقف علی سقوط الأصول المؤمنة في أطرافه بالمعارضة، وأما إذا لم تکن معارضة بینها بدن یجري بعضها في بعض الأطراف دون الآخر فلا یکون منجزا.

وما نحن فیه من هذا القبیل، فإن قاعدة التجاوز في السجدة الثانیة من الرکعة التي کان المصلي علی یقین من الاتیان بسجدتها الأولی لا تجري في نفسها علی اساس أن الأثر المطلوب منها نفي وجوب القضاء عنها، ومن المعلوم أنه متفرع علی إحراز صحة الصلاة من سائر الجهات ولا یترتب وجوب قضائها علی ترک السجدة الثانیظ مطلقا، وإنما یترتب علی ترکها في صلاة صحیحة من تمام الجهات، والفرض أن الصلاة في مفروض المسألة لا تصح الّا بتطبیق قاعدة التجاوز في السجدة الأولی من الرکعة التي کان المصلي علی یقین من ترک سجدتها الثانیة لنفي احتمال البطلان من ناحیة ترکها ومن دون تطبیقها علیها في تلک الرکعة أو لا وإحراز الصحة بذلک لا یمکن تطبیق القاعدة علی السجدة الثانیة من هذه الرکعة.

ونتیجة ذلک أن جریان القاعدة في السجدة الثانیة منها متوقف علی جریانها في السجدة الأولی من تلک الرکعة دون العکس، وعلیه فتجري في الأولی منها ویترتب علیها صحة الصلاة، وبعد جریانها فیها لا تجري في الثانیة للزوم المخالفة القطعیة العملیة، فإذن ینتهي الأمر إلی الاستصحاب في المقام، ومقتضاه عدم الاتیان بالسجدظ الثانیة من هذه الرکعة، ویترتب علیه وجوب قضائها بعد الصلاة.

والجوال: ان جریان القاعدة في السجدة الثانیة من الرکعة المأتي فیها بالسجدة الأولی وإن کان في طول جریانها في السجدة الأولی من الرکعة التي ترکت سجدتها الثانیة ولکن بعد جریانها في الأولی وإحراز صحة الصلاة به تحقق موضوع جریانها في الثانیة ولا مانع منه الا لزوم المخالفة القطعیة العملیة، ومن المعلوم ان لزوم هذا المحذور مستند إلی جریان القاعدة في کلتا السجدتین معا لا إلی جریانها في السجدة الثانیة فقط.

بتقریب: ان إطلاق دلیل القاعدة لو کان شاملا لها في السجدة الأولی من الرکعة لأدی ذلک إلی شموله لها في السجدة الثانیة من الرکعة الأخری أیضا علی أساس أن شمول الاطلاق للقاعدة في الأولی محقق لموضوعها في الثانیة، وبعد تحقق موضوعها فیها کان شموله لها طبیعیا کشمول الحکم لموضوعه بعد وجوده، وإنما المانع عنه لزوم المخالفة القطعیة العملیة وهو مستند إلی شمول الاطلاق للقاعدة في کلتا السجدتین، وبما أن شموله للقاعدة في السجدة الثانیة یتبع شموله لها في السجدة الأولی فبالنتیجة یستند لزوم المحذور إلی شموله لها في الأولی.

وإن شئت قلت: ان معنی توقف جریان القاعدة في السجدة الثانیة من رکعة علی جریانها في الاولی من رکعة أخری انه في کل آن وزمن متوقف علی جریانها في الأولی فیه، فإذن جریانها في کلتا السجدتین في هذا الآن معا لا یمکن

لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة من جهة العلم الإجمالي اما بوجوب إعادة هذه الصلاة، أو وجوب قضاء سجدة منها بعدها، وأما جریانها في الأولی دون الثانیة فهو بلا موجب، فإنها إذا جرت في الأولی تحقق موضوعها في الثانیة، فإذن ما هو المانع عن جریانها فیها، ولا مانع إلا لزوم المخالفة القطعیة العملیة وهو مستند إلی جریانها في کلتیهما معا لا إلی جریانها في الثانیة فقط لأنه جزء من العلة.

فالنتیجة: ان جریان القاعدة في السجدة الأولی بما أنه یستلزم جریانها في السجدة الثانیة فیکون المحذور في الحقیقة مستندا إلیه.

والحاصل: إن القاعدة إذا جرت في السجدة الأولی من الرکعة التي یکون المصلي علی یقین من ترک سجدتها الثانیة ولم تجر في السجدة الثانیة من الرکعة التي یکون علی یقین من الاتیان بسجدتها الأولی لزم تقیید إطلاق دلیل القاعدة بالنسبة إلی السجدة الثانیة بلا دلیل مقید وهو لا یمکن، کما أنها لا تجري في الثانیة بدون جریانها في الأولی باعتبار أن تحقق موضوعها بتوقف علیه، ونتیجة ذلک سقوط قاعدة التجاوز في المسألة فتصل النوبة حینئذ إلی الاستصحاب، وقد مر أن مقتضاه عدم الاتیان بالسجدة الأولی من الرکعة المتروکة سجدتها الثانیة، ویترتب علیه بطلان الصلاة ووجوب إعادتها، وأما استصحاب عدم الإتیان بالسجدة الثانیظ من الرکعة الأخری فهو لا یجري من جهة عدم ترتب أثر علیه کما تقدم.

لحد الآن قد تبین أن المصلي إذا علم بعد الفراغ من الصلاة أنه ترک سجدتین ولکنه لا یدري انهما من رکعة واحدة أو من رکعتین فمقتضی القاعدة بطلان صلاته ووجوب الاعادة، ولکن مع ذلک کان الأجدر والأولی أن یقضي السجدة مرتین أولا ثم الاعادة.

وأما الصورة الثانیة: فإن تفطن المصلي بترک السجدتین بعد الاتیان بالمنافي أو مرور فترة تمحو بها صورة الصلاة وجبت علیه إعادتها من جدید فإنه بالنسبة إلی السجدة الثانیة من الرکعة الأخیرة یعلم بعدم امتثال أمرها، أما لعدم الاتیان بها في الواقع، أو لبطلان الصلاة فیه، وأما بالنسبة إلی سائر السجدات کالسجدة الأولی من الرکعة الأخیرة والسجدة الثانیة والأولی من الرکعة السابقة فیعلم إجمالا بترک واحدة منها، وعلی هذا الأساس فلا یمکن تطبیق القاعدة علی السجدة الثانیة من الرکعة الأخیرة للعلم التفصیلي بدنها لم تقع علی وفق أمرها، وأما تطبیقها علی سائر السجدات من الرکعتین فهو وإن کان ممکنا في نفسه الّا أنها تسقط فیها من جهة المعارضة لأن نتیجة تطبیقها علی الجمیع صحة الصلاة المترتب علیها نفي وجوب قضاء السجدة المتروکة فمن أجل ذلک لا یمکن التطبیق، وحینئذ تصل النوبة إلی الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال.

وإن تفطن قبل الاتیان بالمنافي أو مرور فترة ماحیة لصورة الصلاة عاد إلی مکان السجدتین وألغی ما کان قد أتی به من التشهد والتسلیم باعتبار وقوعهما في غیر محلهما ویأتي بهما ثم یتشهد ویسلم ولا شيء علیه ما عدا سجدة السهو علی الاحوط مرة للتشهد الزائد وأخری للسلام الزائد.

وأما بالنسبة إلی السجدتین من الرکعة الثالثة، فبما أن الشک فیهما بعد التجاوز عن محلها فیرجع إلی قاعدة التجاوز ومقتضاها الاتیان بهما شریطة احتمال الأذکریة والالتفات حین العمل.

وأما الصورة الثالثة: فبما أن أطراف العلم الإجمالي فیها منحصرة في رکعتین ما عدا الرکعة الأخیرة فیکون المصلي حینئذ علی یقین من عدم الاتیان بالسجدة الأخیرة من الرکعة اللاحقة علی طبق أمرها، أما لعدم الاتیان بها رأسا، أو لبطلان الصلاة إذا کانت السجدتان المتروکتان کلتاهما من الرکعة السابقة. وأما سائر سجدات الرکعتین التي من أطراف العلم الإجمالي فلا یمکن الحکم باتیانها جمیعا تطبیقا للقاعدة لاستلزامه ترک قضاء السجدة الأخری المتروکة.

فالنتیجة: ان اطراف العلم الإجمالي بترک السجدتین في المسألة إن کانت متمثلة في رکعتین فقط کان المصلي حینئذ علی یقین بعدم امتثال الأمر بالسجدة الأخیرة من الرکعة اللاحقة التي هي أحد طرفي العلم الإجمالي، أما لعدم الاتیان بها واقعا، أو لبطلان الصلاة. وإن کانت متمثلة في أزید من رکعتین کان حال هذه السجدة من هذه الرکعة حال سائر السجدات فلا یقین بعدم امتثال أمرها إلا إذا کان الشک فیها قبل تجاوز محلها، فعندئذ لابد من الاتیان بها فیه تطبیقا لقاعدة الشک في المحل.

2- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع، فإن المصلي تارة یعلم بأنه ترک سجدتین وهو جالس قبل أن یدخل في التشهد ولکنه لا یعلم هل أنهما معا من هذه الرکعة أو من الرکعة السابقة، أو إحداهما من هذه الرکعة والأخری من السابقة، وأخری یعلم بذلک وهو یتشهد أو قائم، وثالثة یعلم به وهو راکع.

أما في الفرض الأول: فبما أن محل الاتیان بالسجدتین من هذه الرکعة المسمی بالمحل الشکي یکون باقیا فیجب الاتیان بهما علی أساس الاستصحاب أو قاعدة الاشتغال، بل المصلي یکون علی یقین باشتغال ذمته بالسجدة الثانیة، أما لعدم الاتیان بها واقعا، أو لبطلان الصلاة. وأما بالنسبة إلی السجدتین من الرکعة السابقة فتجري فیهما قاعدة التجاوز للشک في الاتیان بهما بعد التجاوز عن مکانهما المقرر لهما شرعا شریطة احتمال الأذکریة والالتفات حین العمل، فینحل العلم الإجمالي بالأصل المثبت والنافي في أطرافه.

وأما في الفرض الثاني: فبما أن المصلي قد تجاوز عن المحل الشکی ودخل في جزء آخر مترتب علی الجزء المشکوک کالتشهد أو القیام المسمّی بالمحل السهوي، فقد یقال: أن قاعدة التجاوز کما تجري في السجدتین من الرکعة الأولی کذلک تجري في السجدتین من الرکعة الثانیة في نفسها علی أساس أن المصلي قد تجاوز عن محلهما ودخل في جزء آخر مترتب علیهما في کلتا الرکعتین، ولکنها تسقط من جهة المعارضة فیحکم بوجوب الإعادة تطبیقا لقاعدة الاشتغال.

والجواب: أنه لا وجه لهذا القول في المسألة فإنه علی یقین من أن السجدة الثانیة من هذه الرکعة لم تقع علی وفق أمرها وتظل ذمته مشغولة بها أما لعدم الاتیان بها في الواقع، أو لبطلان الصلاة، وبالتالي یعلم بعدم الاتیان بها صحیحة فإذن تکون وظیفته أن یرجع ویلغي ما کان قد أتی به من التشهد والقیام ویجلس ویأتي بالسجدتین تطبیقا لقاعدة الشک في المحل. وأما بالنسبة إلی السجدتین من الرکعة الأولی فیحکم بالاتیان بهما تطبیقا لقاعدة التجاوز فینحل العلم الإجمالی حینئذ وهو علمه أما بترک السجدة الأولی من الرکعة السابقة، أو ترک السجدة الأخیرة من الرکعة الثانیة.

نعم، إذا علم المصلي بعد ما دخل في قیام الرکعة الرابعة أنه ترک سجدتین ولکنه لا یعلم أنهما من الرکعة الأولی أو الثانیة أو الثالثة أو بالتفریق، فحینئذ لا یعلم بأن السجدة الأخیرة من الرکعة الثالثة لم تقع علی وفق أمرها بل حالها عندئذ حال السجدة الأخیرة من الرکعة الأولی والثانیة فإذن لا یکون القیام المذکور في غیر محله، فیکون حکم هذا الفرض حینئذ حکم الصورة الأولی من الصور الثلاث المتقدمة، وقد مر أن الأظهر فیها وجوب الإعادة.

ومن هنا یظهر أنه لا فرق فیه بین أن یکون علمه بترک السجدتین بعد دخوله في القیام للرکعة الرابعة أو بعد دخوله في رکوعها.

وأما في الرفرض الثالث: فالمصلي فیه بما أنه یعلم بالحال بعد دخوله في رکوع الرکعة الثالثة فهو یعلم بعدم وقوع السجدة الأخیرة من الرکعة الثانیة علی طبق أمرها بعین ما تقدم من الملاک وهو لا یتمکن من تدارکها بعد دخوله في الرکوع، وأما سائر السجدات التي یعلم بترک واحدة منها جزما فلا یمکن الحکم بإتیانها تطبیقا لقاعدة التجاوز لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة وهي عدم وجوب قضاء السجدة المتروکة، فالنتیجة: أنه لابد من إعادة الصلاة في هذا الفرض بمقتضی قاعدة الاشتغال.

الخامسةعشر: ان علم بعد ما دخل في السجدة الثانية مثلا انّه امّا ترک القرائة او الركوع  او انّهامّاترک سجدة من الركعة السابقة او ركوع هذه الركعة،وجب عليه  الاعادة  (1) ، لكنّ الاحوط  هنا ايضا اتمام الصلاة وسجدتا السهو في الفرض الاوّل وقضاء السجدة  مع سجدتي السهو في الفرض الثاني، ثمّ الاعادة؛ ولو كان ذلک بعد الفراغ من الصلاة، فكذلک.

1- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع، والأظهر وجوب الإعادة في الصورة الثانیة مما ذکره في المتن وهي..

ما إذا علم المصلي أما بترک سجدة من الرکعة السابقة، أو بترک رکوع هذه الرکعة، ووجوب الاحتیاط بالجمع بین إتمام الصلاظ وسجدتي السهو ثم إعادتها من جدید في الصورة الأولی.

أما في الصورة الثانیة: فلأنه لا یمکن الجمع بین تطبیق قاعدة التجاوز علی الرکوع وتطبیقها علی السجدة معا لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة علی أساس أن المصلي یعلم إجمالا أما بوجوب الاعادة، أو قضاء السجدة، وإن کان تطبیقها علی المورد الثاني في طول تطبیقها علی المورد الأول، ولکن قد تقدم في المسألة الرابعة عشرة إن إطلاق دلیل القاعدة لا یمکن أن یشمل القاعدة في کلا الموردین معا، فإن شموله لها في المورد الأول وإن کان لا مانع منه الّا أنه بذلک یتحقق موضوعها في المورد الثاني، ومعه لا مانع من تطبیقه علیها فیه أیضا من هذه الناحیة ولا مقید له خاصة ما عدا لزوم المخالفة القطعیة العملیة وهو مستند إلی تطبیقه علیها في کلا الموردین لا في المورد الثاني فقط، وبالتالي ینتهي لزوم المحذور إلی تطبیقه علیها في المورد الأول باعتبار أنه یتبع تطبیقه علیها في المورد الثاني.

وإن شئت قلت: إن قاعدة التجاوز في السجدة وإن کانت متأخرة عن قاعدة التجاوز في الرکوع رتبة باعتبار أنها في رتبة موضوعها، الّا أنه لا أثر للتقدم الرتبي بعد تعاصرهما زمنا، وعلیه فتقع المعارضة بینهما في زمن واحد فلا یمکن تطبیق إطلاق دلیل القاعدة علیهما معا لاستلزامه المحذور المذکور.

وأما في الصورة الأولی: فإن جریان قاعدة التجاوز في القراءة یتبع جریانها في الرکوع، فإن جرت فیه تحقق موضوعها فیها، وحینئذ فإن قلنا بعدم وجوب سجدتي السهو لکل زیادة ونقیصة لم تجر القاعدة في القراءة لعدم ترتب أثر علیها، فإن صحة الصلاة مترتبة علی جریانها في الرکوع، والمفروض أن جریانها فیه لا یتوقف علی شيء، فمن أجل ذلک یحکم بصحتها تطبیقا للقاعدة، وأما القراءة فبما أنها جزء غیر رکنی فلا یترتب أثر علی ترکها سهوا لکي تجري القاعدة بلحاظ ذلک الأثر وإن قلنا بوجوبهما کذلک احتیاطا کما قویناه فلا مانع من جریانها فیها بلحاظ هذا الأثر، وبما أنه یلزم من جریانها مخالفة قطعیة عملیة فلا تجري علی أساس أن المصلي یعلم أما بوجوب الاعادة، أو بوجوب سجدتي السهو علی الأحوط، ولکن لزوم هذا المحذور بما أنه مستند إلی جریانها في القراءة وفي الرکوع معا لا إلی جریانها في القراءة فقط، فمن أجل ذلک لابد من الاحتیاط في المسألة بالاتمام وسجدتي السهو ثم الاعادة، وبذلک یظهر الحال فیما إذا کان ذلک بعد الفراغ من الصلاة.

وأما إذا علم المصلي بذلک بعد دخوله في السجدة الأولی فإنه حیث قد تجاوز عن محل الرکوع المشکوک فلا مانع من جریان قاعدة التجاوز فیه، الّا أنها معارضة بقاعدة التجاوز في السجدة في الرکعة السابقة إذ لا یمکن شمول إطلاق دلیل القاعدة لکلتیهما معا لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة للعلم الإجمالي أما بوجوب إعادة هذه الصلاة إذا کان تارکا للرکوع في الواقع، أو وجوب قضاء السجدة إذا کان تارکا لها، وبعد سقوط القاعدة في المقام تصل النوبة إلی استصحاب عدم الاتیان بالرکوع في هذه الرکعة والسجدة في الرکعة السابقة فیلغی ما أتی به ویقوم منتصبا ثم یرکع ویسجد سجدتین ویواصل صلاته ولا شيء علیه ما عدا قضاء سجدة واحدة وسجدة السهو علی الأحوط، ولکن مع ذلک کان الأجدر والأخوط إعادة الصلاة أیضا.

ومن هنا یظهر الحال فیما إذا دار الأمر بین ترک الرکوع في هذه الرکعة وترک القراءة في الرکعة السابقة فإن قاعدة التجاوز تسقط من جهة المعارضة ومقتضی الاستصحاب الرجوع والاتیان بالرکوع وإتمام الصلاة خم الاتیان بسجدتي السهو علی الأحوط، هذا بناء علی وجوب سجدتي السهو علی الأحوط لکل زیادة ونقیصة والّا فلا معارضة في البین، إذ حینئذ تجري قاعدة التجاوز في الرکوع بلا معارض.

السادسة عشر: لو علم قبل ان يدخل في الركوع انّه امّا ترک سجدتين من الركعة السابقة او ترک القرائة ، وجب عليه العود  لتداركهما والاتمام ثمّ الاعادة، ويحتمل  الاكتفاء  بالاتيان بالقراءة  والاتمام(1) ، من غير لزوم الاعادة اذا كان  ذلک بعد الاتيان بالقنوت، بدعوى انّ وجوب القرائة عليه معلوم، لانـّه امّا تركها او ترک السجدتين، فعلى التقديرين يجب الاتيان بها ويكون الشکّ بالنسبة الى السجدتين بعد الدخول في الغير الّذي هو القنوت(2)   ؛ وكذا الحال  لو علم   بعد القيام    الى الثالثة انـّه امّا ترک السجدتين او التشهّد او ترک سجدة واحدة او التشهّد (3)   وامّا لو كان قبل القيام   فيتعيّن الاتيان بهما مع  الاحتياط بالاعادة  .

1- الفیّاض: هذا الاحتمال هو المتعین علی أساس أن المصلي یعلم بأن القراءة في المقام لم تقع علی وفق أمرها أما لعدم الإتیان بها في الواقع، أو لوقوعها قبل السجدتین.

ومن هنا یظهر أن القنوت أیضا کذلک لأن القنوت الصلاتي هو المأتي به بعد اتیان القراءة علی وفق أمرها، وعلی هذا فلو قلنا بکفایة الدخول فیه لجریان قاعدة التجاوز کما هو مختار الماتن1 لم یکتف به في المقام، وعلی هذا فیجب علیه الاتیان بالقراءة تطبیقا لقاعدة الشک في المحل أو العلم بعدم وقوعها علی طبق أمرها.

وأما السجدتین فبما أن الشک فیهما بعد الدخول في المقام فیکون من الشک بعد التجاوز عن المحل بمقتضی قوله7 في صحیحة إسماعیل بن جابر: «إن شک في السجود بعد ما قام فلیمض...»(الوسائل ج 6 باب: 13 من أبواب الرّکوع الحدیث: 4) ویحکم حینئذ بالاتیان بهما في محلهما الشرعي تطبیقا لقاعدة التجاوز.

فالنتیجة: ان المصلي إذا علم في أثناء القنوت إنه إما ترک القراءة في هذه الرکعة أو ترک السجدتین في الرکعة السابقة فوظیفته أن یرجع ویأتي بالقراءة تطبیقا لما تقدم ویحکم بالاتیان بالسجدتین تطبیقا للقاعدة ویواصل صلاته ولا شيء علیه.

ومن هنا یظهر حال ما ذکره الماتن من وجوب التدارک والاتمام ثم الاعادة، فإن الجمع بین الأمرین لا یمکن حتی علی مختاره من کفایة الدخول في القنوت لجریان قاعدة التجاوز فإنها تسقط في کل من القراءة والسجدتین من جهة المعارضة ولا یمکن الرجوع إلی اصالة عدم الاتیان بهما جمیعا لعدم ترتب أثر عملي علیها لأن أثرها وجوب تدارکهما وإتمام هذه الصلاة، ومن المعلوم ان ذلک لا یجدي في فراغ الذمة فإن المصلي إذا صنع ذلک علم إجمالا بأنه أما زاد سجدتین في صلاته أو قراءة، فعلی الأول بطلت صلاته، وعلی الثاني وجبت علیه سجدتا السهو علی الأحوط، وهذا العلم الإجمالي وإن لم یکن مؤثرا لأن وجوب الاعادة مورد لقاعدة الاشتغال، ووجوب سجدتي السهو مورد لقاعدة البراءة، الّا أن کون وجوب الاعادة مورد القاعدة الاشتغال في المقام یکفي لکون إتمام ما بیده من الصلاة لغوا محضا، إذا عادتها من جدید تکفي لحصول الیقین بالبراءة، فإذن لا موجب للجمع بین التدارک والاتمام ثم الاعادة أصلا الّا بناء علی القول بحرمة قطع الصلاة حتی في هذه الحالة، وهو کما تری.

2- الفیّاض: لا یکفي الدخول في القنوت في تطبیق قاعدة التجاوز باعتبار أن القنوت لیس من أجزاء الصلاة فالدخول فیه لا یحقق عنوان التجاوز عن الجزء السابق، فإنه إنما یتحقق بالدخول في الجزء المترتب علیه لا بالدخول في کل شيء، فإذن یکون المحقق لعنوان التجاوز عن السجدتین في المقام هو الدخول في القیام لا الدخول في القنوت.

3- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع، والصحیح هو التفصیل، فإن الفرع الثاني کالفرع الأول في أحد شقیه، وهو ما إذا دار الأمر بین ترک السجدتین أو التشهد دون شقه الآخر وهو ما إذا دار الأمر بین ترک سجدة واحدة أو التشهد، لدن مقتضی القاعدة في هذا الفرع هو أن یرجع المصلي ویلغی قیامه باعتبار أنه في غیر محله ویجلس ویرجع شکه حینئذ إلی الشک في المحل، ومقتضی القاعدة فیه وجوب الاتیان بهما معا لا وجوب الاتیان بالتشهد وإجراء قاعدة التجاوز بالنسبة إلی السجدة، وذلک لأنه یعلم بأن التشهد لم یقع علی طبق أمره أما إنه لم یأت به، أو أنه أتی به قبل السجدة، فعلی کلا التقدیرین لم یقع في محله، فعندئذ إذا جلس کان شکه في السجدة في محلها، ولکن ذلک لا یمکن في الشق الأول من هذا الفرع باعتبار استلزامه العلم الإجمالي بأنه أما زاد سجدتین في صلاته أو التشهد، فمن أجل ذلک لابد من إعادة الصلاة من جدید، ولا یلزم هذا المحذور في الشق الثاني منه، إذ لا مانع فیه من الرجوع والغاء قیامه والجلوس، ثم یسجد سجدة واحدة ویتشهد ویواصل صلاته ولا شيء علیه ما عدا سجود السهو علی الأحوط مرتین، مرة للقیام الزائد وأخری للتشهد الزائد، هذا من ناحیة.

ومن ناحیة أخری: ان هذا الفرع یختلف عن الفرع السابق، فإن المصلي إذا علم بترک السجدتین أو التشهد أو بترک سجدة واحدة أو التشهد وهو قائم للرکعة الثالثة فقد کان یعلم بأن القیام في غیر محله ولا یتحقق به التجاوز، وهذا بخلاف ما في الفرع السابق، فإنه إذا علم بترک القراءة أو السجدتین من الرکعة السابقة وهو في القنوت فهو یأتي بالقراءة علی أساس ان الشک فیها في محلها وتجري قاعدة التجاوز في السجدتین علی أساس ان الشک فیهما بعد التجاوز والدخول في.

 

السابعة عشر: اذا علم بعد القيام الى الثالثة انّه ترک التشهّد وشکّ في انّه ترک السجدة ايضا ام لا، يحتمل   ان يقال  : يكفي الاتيان بالتشهّد (1)  ، لانّ الشکّ بالنسبة الى السجدة بعد الدخول في الغير الّذي هو القيام، فلا اعتناء به، والاحوط الاعادة بعد الاتمام  ؛ سواء اتى بهما او بالتشهّد فقط. (2)

1-الفیّاض: في الکفایة إشکال بل منع، والأظهر عدم کفایة الاقتصار علی التشهد فقط بل لابد من الاتیان بالسجدة أیضا، لأن المصلي إذا علم ان قیامه هذا في غیر محله الشرعي باعتبار أنه قبل التشهد کانت وظیفته أن یرجع ویلغی ما کان قد أتی به وهو القیام ویجلس وحینئذ یرجع شکه بالنسبة إلی السجدة إلی الشک في المحل ومقتضی الشک في المحل أن یأتي بها ویتشهد ویواصل صلاته ولا شيء علیه ما عدا سجود السهو علی الأحوط للقیام الزائد.

2- الفیّاض: لا منشأ لهذا الاحتیاط أٌصلا فإنه إن أتی بالسجدة والتشهد معا وواصل صلاته إلی أن سلم صحت فلا مجال حینئذ للاحتیاط بالاعادة، وإن اقتصر علی الاتیان بالتشهد فقط وجبت علیه الاعادة علی أساس قاعدة الشک في المحل بالنسبة إلی السجدة، فإنه علی ضوء هذه القاعدة یکون تارکا للسجدة عامدا ملتفتا إلی عدم جواز ترکها.

 

الثامنة عشر: اذا علم اجمالا انـّه اتى باحد الامرين من السجدة والتشهّد من غير تعيين وشکّ في الاخر، فان كان بعد الدخول في القيام لميعتن بشكّه، وان كان قبله يجب عليه  الاتيان بهما (1)  ، لانـّه شاکّ في كلّ منهما مع بقاء المحلّ، ولايجب الاعادة   بعد الاتمام وان كان احوط  .

 

1- الفیّاض: هذا هو الأظهر علی أساس أن المصلي لم یحرز التجاوز عن المکان المقرر لکل منهما شرعا ومع عدم الاحراز فوظیفته الاتیان بهما بمقتضی الاستصحاب النافي أو قاعدة الاشتغال.

ودعوی: العلم بسقوط الأمر بالسجدة أما للإتیان بها في الواقع، أو للإتیان بالتشهد فیه ومعه یکون الشک فیها بعد التجاوز عن المحل، ومرد ذلک إلی الشک في الاتیان بالسجدة علی تقدیر الاتیان بالتشهد في الواقع، وبما أنه بعد التجاوز عن المحل فیکون المرجع فیه قاعدة التجاوز..

مدفوعة: بأن موضوع القاعدة هو الشک في الشيء بعد التجاوز عن المحل تحقیقا لا تقدیرا کما هو ظاهر روایات القاعدة، وأما في المقام فالمصلي وإن کان شاکا في السجدة فعلا الّا أنه لم یحرز التجاوز عن محلها المقرر لها شرعا الا تقدیرا وهو تقدیر الاتیان بالتشهد لا تحقیقا، لدن الاتیان بالتشهد تحقیقا غیر محرز، فإذن یکون الشک في السجدة بعد التجاوز التقدیري عن محلها الشرعي لا التحقیقي وهو لا یکفي في تطبیق القاعدة فإنه لیس تجاوزا عنها حقیقة، مع أنه لا شبهة في أن موضوع القاعدة هو التجاوز الحقیقي عن محل الشيء المشکوک. وعلی الجملة فبالنظر إلی الواقع لا یخلو من أن المصلي أما أنه قد أتی بالسجدة في الواقع أو لم یأت بها کذلک، فعلی الأول سقط أمرها واقعا، وعلی الثاني ظل باقیا کذلک، بل کان إتیانه التشهد حینئذ في غیر محله. وأما بالنظر إلی مقام الاثبات فالمصلي شاک في السجدة کما أنه شاک في التشهد وهذا لا ینافي العلم بالاتیان بأحدهما ولم یحرز أن شکه فیها بعد الاتیان بالتشهد أو الدخول فیه، ومع هذا لا یمکن تطبیق قاعدة التجاوز.

وإن شئت قلت: ان موضوع القاعدة بما أنه التجاوز عن محل الشيء فهو لا یتحقق الّا بالدخول في غیره المترتب علیه، وحینئذ لابد من إحرازه في تطبیق القاعدة، وعلیه فالمصلي في المقام وإن کان شاکا في الاتیان بالسجدة الا أن تطبیق القاعدة منوط باحرازه التجاوز عن محلها بالدخول في التشهد المترتب علیها، والمفروض أنه لم یحرز الدخول فیه خاصة، وإنما أحرز الدخول في الجامع بینهما وهو عنوان أحدهما وهو لا یحقق عنوان التجاوز عنها.

فمن أجل ذلک لا یمکن الحکم بالاتیان بالسجدة تطبیقا للقاعدة.

فالنتیجة: ان الأمر بالسجدة وإن سقط علی تقدیر الاتیان بها في الواقع الّا أن الکلام في سقوطه ظاهرا تطبیقا لقاعدة التجاوز، ومن المعلوم ان سقوطه کذلک منوط باحراز موضوع القاعدة وهو التجاوز عن محل المشکوک، فإنه وإن کان محرزا علی تقدیر کون السجدة متروکة في الواقع لأن المصلي علی هذا التقدیر قد دخل في التشهد وأتی به الّا أنه لا موضوع للقاعدة علی هذا التقدیر باعتبار أن المصلي علی أساس هذا التقدیر یعلم بعدم الاتیان بها لا أنه شاک فیه ومعه کیف یمکن الحکم بسقوط أمرها ظاهرا، بداهة أنه مع العلم بالواقع ولو تقدیرا فلا یتصور ظاهر علی هذا التقدیر لأنه منوط بالشک والجهل، وأما مع الشک في الاتیان بالسجدة فلا یکون محرزا الدخول في التشهد والاتیان به لکي یتحقق عنوان التجاوز وإنما یکون محرزا الدخول في الجامع الانتزاعي وهو لا یجدي في تحقق هذا العنوان، فإذن کون المأتي به في الواقع لو کان هو التشهد فالشک في السجدة وإن کان شکا بعد التجاوز الّا أنه تقدیري لا تحقیقي، یعني لو کان هو التشهد.

التاسعة عشر: اذا علم انـّه امّا ترک السجدة من الركعة السابقة او التشهّد من هذه الركعة، فان كان جالسا ولميدخل في القيام اتى بالتشهّد واتمّ الصلاة وليس عليه شيء؛ وان كان حال النهوض الى القيام(1)  او بعد الدخول فيه، مضى واتمّ  الصلاة   واتى بقضاء كلّ منهما مع سجدتي السهو(2) ، والاحوط اعادة الصلاة ايضا. ويحتمل  وجوب العود   لتدارک التشهّد والاتمام وقضاء السجدة فقط(3)  مع سجود السهو(4) ، وعليه ايضا الاحوط الاعادة ايضا.

1- الفیّاض: الأقوی الحاقة بالجلوس فیلغی النهوض ویجلس ویحکم بالاتیان بالسجدة تطبیقا لقاعدة التجاوز ویتشهد ویواصل صلاته ولا شيء علیه وذلک لما ذکرناه في محله من أن المعتبر في تطبیق قاعدة التجاوز علی عمل هو التجاوز عن مکانه المقرر له شرعا وهو لا یتحقق الّا بالدخول في عمل آخر مترتب علیه شرعا ولا یکفي الدخول مقدماته والنهوض بما أنه مقدمة للقیام فلا یکون الدخول فیه محققا لعنوان التجاوز.

2- الفیّاض: في المضي إشکال بل منع، والصحیح أنه یلغی القیام ویجلس ویتشهد ویواصل صلاته ویتمها ثم یقضي السجدة، والأحوط أن یسجد سجدتي السهو مرتین مرة لنسیان السجدة وأخری للقیام الزائد، والسبب فیه أنه لیس بإمکان المصلي في هذه الحالة تطبیق قاعدة التجاوز علی کل من السجدة والتشهد للعلم الإجمالي بوجوب قضاء أحدهما وهو مانع عنه باعتبار استلزامه المخالفة القطعیة العملیة، فإذن تسقط القاعدة من جهة المعارضة فتنتهي النوبة إلی استصحاب عدم الاتیان بهما معا ولا مانع منه حیث لا یلزم محذور المخالفة القطعیة العملیة، وأما المخالفة القطعیة الالتزامیة فهي لا تمنع عنه ویترتب علی هذا الاستصحاب ان علی المصلي الغاء القیام باعتبار أنه یحکم الشارع في غیر محله ویجلس ویأتي بالتشهد ویسلم وبعد الفراغ یأتي بسجدة بدلا عما فات ثم یسجد سجدتي السهو علی الأحوط مرتین.

وما ما ذکره الماتن1 من الجمع بین المضي وإتمام الصلاة وقضاء کل من التشهد والسجدة فهو لا یتم، فإنه إن کان مبنیا علی أن العلم الإجمالي بوجوب قضاء أحدهما لا یکون منجزا في أثناء الصلاة باعتبار أن المعلوم بالاجمال لا یکون فعلیا وإنما یصیر فعلیا بعد إتمام الصلاة فلا یکون مانعا حینئذ عن إجراء القاعدة فیهما.

فیرد عیله: إنه یکفي في مانعیة هذا العلم الإجمالي عن تطبیق قاعدة التجاوز علیهما معا أثناء الصلاة کونه مستلزما للمخالفة القطعیة العملیة للتکلیف المنجز بعد الصلاة، والمفروض إنه یستلزم الترخیص في ترک القضاء بعدها، فإذن لا یمکن المضي والاتمام علی أساس القاعدة.

وإن کان مبنیا علی أن ترک سجدة واحدة أو التشهد سهوا لا یضر بالصلاة فمن أجل ذلک لا مانع من المضي وإتمامها من دون التمسک بذیل القاعدة باعتبار أن صحة الصلاة لا تتوقف علیه وإنما الغرض من التمسک بها هو نفي وجوب القضاء لا صحتها.

فیرد علیه: ان ذلک صحیح إذا علم المصلي بترک أحدهما بعد دخوله في رکوع الرکعة اللاحقة، فإنه حینئذ تسقط قاعدة التجاوز فیهما من جهة المعارضة فیلجأ عندئذ إلی أصالة عدم الاتیان بهما، ومقتضی الاصالة وجوب قضائهما. وأما إذا علم بذلک قبل دخوله فیه کما هو المفروض في المسألة فلا یمکن المضي وإتمام الصلاة بدون التمسک بالقاعدة، إذ بقطع النظر عنها فلابد من أن یلجأ إلی أصالة عدم الاتیان بهما، ونتیجتها أن یلغي القیام ویجلس ویتشهد ویتم الصلاة ولا یجوز له أن یواصل صلاته من دون أن یقوم بتدارک التشهد لأنه لو لم یقم به لکان تارکا له عامدا ملتفتا إلی الحکم الشرعي فتبطل صلاته حینئذ.

فالنتیجة: انه لا یمکن إتمام هذه الصلاة بدون تدارک التشهد، ومعه لا یجب الا قضاء السجدة فحسب.

3- الفیّاض: مر أن هذا الاحتمال هو المتعین ولا منشأ حینئذ للاحتیاط بالاعادة.

4- الفیّاض: مرتین علی الأحوط کما عرفت.

العشرون: اذا علم انـّه ترک سجدة  ، امّا من الركعة السابقة او من هذه الركعة، فان كان قبل الدخول في التشهّد او قبل النهوض الى القيام او في اثناء النهوض  قبل الدخول فيه وجب عليه العود اليها لبقاء المحلّ(1)  ، ولا شيء عليه، لانـّه بالنسبة الى الركعة السابقة شکّ بعد تجاوز المحلّ؛ وان كان بعد الدخول في التشهّد او في القيام، مضى واتمّ الصلاة   واتى بقضاء السجدة وسجدتي السهو. ويحتمل   وجوب العود  لتدارک السجدة من هذه الركعة (2) والاتمام وقضاء السجدة مع سجود السهو(3) ، والاحوط   على التقديرين اعادة الصلاة ايضا.

1- الفیّاض: ألحق  في هذه المسألة النهوض بالجلوس وحکم بوجوب العود إلی السجدة والاتیان بها معللا ببقاء المحل، وفي المسألة التاسعة عشرة الحقه بالقیام في عدم وجوب العود إلی التشهد، ولعل نظره1 في هذه المسألة إلی أنها مورد النص وهو صحیحة عبد الرحمن التي یکون موردها الشک في السجود حال النهوض، والامام  أمر بالسجود، ولو لا النص لم یقل به، وبما أن النص بنظره  یکون علی خلاف القاعدة فلابد من الاقتصار علی مورده ولا یمکن التعدي عنه إلی مورد المسألة المتقدمة وهو الشک في التشهد حال النهوض، فإنه لابد فیه من العمل علی طبق مقتضی القاعدة وهو أن التجاوز کما یتحقق بالدخول في القیام کذلک یتحقق بالدخول في النهوض، فإذا دخل المصلي في النهوض وشک في التشهد حکم بالاتیان به تطبیقا لقاعدة التجاوز، ولکن الصحیح ما مر من أن عنوان التجاوز لا یتحقق بالدخول في مقدمات الأجزاء کالنهوض أو الهوي أو نحو ذلک والنص یکون علی طبق القاعدة لا أنه مخالف لها.

2- الفیّاض: هذا الاحتمال هو المتعین بعین ما مر في المسألة المتقدمة، إذ لا فرق بین هذه المسألة والمسألة المتقدمة في الحکم، نعم إن أحد طرفي العلم الإجمالي هناک یکون التشهد وأما هنا فیکون کلا طرفیه السجدة، ولکن لا أثر لهذا الفرق في حکم المسألتین.

3- الفیّاض: مرتین علی الأحوط مرة للنقص وأخری للزیادة.

الحادية والعشرون: اذا علم انـّه امّا ترک جزءً مستحبيّا كالقنوت مثلا او جزءً واجبا  ؛ سواء كان ركنا او غيره من الاجزاء الّتي لها قضاء كالسجدة والتشهّد  ، او من الاجزاء الّتي يجب سجود السهو لاجل نقصها، صحّت صلاته ولا شيء عليه (1)  ؛ وكذا لو علم انـّه امّا ترک الجهر او الاخفات في موضعهما او بعض الافعال الواجبة المذكورة، لعدم الاثر لترک الجهر والاخفات، فيكون الشکّ بالنسبة الى الطرف الاخر بحكم الشکّ البدويّ.

1- الفیّاض: في إطلاق الحکم بالصحة إشکال بل منع، والأظهر هو التفصیل، فإنه تارة تفرض المسألة فیما إذا لم یکن لترک المستحب فیها أثر شرعي کالقضاء أو نحوه، وأخری تفرض فیما إذا کان له أثر شرعي کالقنوت والنافلة المرتبة کصلاة اللیل ونحوها مما له أثر شرعي من الاعادة لدی الاخلال بها أو القضاء. فعلی الأول: لا إشکال في الحکم بالصحة تطبیقا للقاعدة علی الجزء الواجب بلا معارض لأنها لا تجري في الجزء المستحب لعدم الأثر له.

وعلی الثاني: فعلی القول بالعلیة التامة یکون العلم الإجمالي بنفسه مانعا عن جریان الأصول في أطرافه وإن لم یلزم منه محذور المخالفة القطعیة العملیة، وعلیه فلا تجري في الجزء الواجب ولا في الجزء المستحب، فإذن لا یمکن الحکم بالصحة.

وعلی القول بالاقتضاء کما هو الصحیح فبما أنه لا یلزم من تطبیق قاعدة التجاوز علی کل من الواجب والمستحب محذور المخالفة القطعیة العملیة فلا یکون مانع منه من هذه الناحیة. نعم ان هنا مانعا آخر وهو ما ذکرناه من أن قاعدة التجاوز قاعدة عقلائیة فتکون حجیتها لدی العقلاء مبنیة علی نکتة وهي کاشفیتها النوعیة عن الواقع، ومن المعلوم أنه لا بناء منهم علی العمل بها في أطراف العلم الإجمالي وإن لم یلزم منه محذور المخالفة القطعیة العملیة علی أساس عدم توفر النکتة المبررة لبنائهم علیها، مثلا إذا فرغ المصلي من صلاة الصبح ونافلته ثم علم إجمالا بنقصان رکن في إحداهما لم تجر قاعدة الفراغ فیهما معا لا من جهة المعارضة بینهما بل من جهة أن عمدة الدلیل علیها بناء العقلاء، ولا بناء منهم علی العمل بها في موارد العلم الإجمالي بعدم مطابقة إحداهما للواقع، وقد ذکرنا في محله أن روایات القاعدة في مقام التأکید لا التأسیس، بل في بعضها تصریح بما هو الملاک المبرر لبنائهم علی العمل بها وهو الأذکریة حین العمل.

 

الثانية والعشرون: لا اشكال في بطلان الفريضة   اذا علم اجمالا انـّه امّا زاد فيها ركنا او نقص ركنا(1) ؛ وامّا في النافلة فلاتكون باطلة، لانّ زيادة الركن فيها مغتفرة   والنقصان مشكوک؛ نعم، لو علم انـّه امّا نقص فيها ركوعا او سجدتين بطلت . ولو علم اجمالا انـّه امّا نقص فيها ركوعا مثلا او سجدة واحدة او ركوعا او تشهّدا او نحو ذلک ممّا ليس بركن لميحكم باعادتها  ، لانّ نقصان ماعدا  الركن فيها لااثر له من بطلان او قضاء او سجود سهو، فيكون احتمال نقص الركن كالشکّ البدويّ.

1- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع، والأظهر هو التفصیل بین ما إذا علم بزیادة رکوع في رکعة أو نقصانه في أخری أو زیادة سجدتین في رکعة أو نقصانهما في أخری أو مختلفتین وکان ذلک بعد التجاوز عن المحل الشکي، کما إذا دخل في التشهد أو القیام للرکعة الثالثة وعلم بأنه أما ترک سجدتین من هذه الرکعة أو زاد رکوعا في الأولی، أو دخل في السجود وعلم بأنه أما ترک رکوع هذه الرکعة أو زاد سجدتین في السابقة فإن في مثل هذه الحالة لابد من الحکم ببطلان الصلاة علی أساس أن قاعدة التجاوز في طرف النقیصة معارضة بأصالة عدم الزیادة في الطرف الآخر فتسقطان من جهة المعارضة، وحینئذ لابد من الحکم ببطلان الصلاة، وأما إذا کان ذلک قبل تجاوز المحل، کما إذا تفطن بالحال وهو جالس قبل أن یدخل في التشهد بأنه اما ترک سجدتین من هذه الرکعة أو زاد رکوعا في السابقة، أو تفطن حال الهوي قبل أن یدخل في السجود بأنه أما ترک رکوع هذه الرکعة أو زاد سجدتین في السابقة، ففي مثل هذه الحالة تکون وظیفته الاتیان بالسجدتین أو الرکوع علی أساس قاعدة الشک في المحل في هذه الرکعة، وحینئذ فلا مانع من الرجوع إلی أصالة عدم الزیادة في الرکعة السابقة فینحل العلم الإجمالي حینئذ بتطبیق الأصل المثبت والنافي في أطرافه ویحکم بصحة الصلاة وبین ما إذا علم إجمالا أما بزیادة التکبیرة في الصلاة أو نقصان رکوع فیها فالأظهر فیه عدم البطلان وإن کان العلم بذلک بعد التجاوز عن المحل الشکي لما قدمناه من أنه لا دلیل علی أن زیادة التکبیرة في الصلاة مبطلة لهاف فإذن لا مانع من الحکم باتیان الرکوع في محله تطبیقا للقاعدة بلا معارض علی أساس ان اصالة عدم الزیادة لا تجري في التکبیرة في نفسها من جهة عدم ترتب أثر عملي علیها.

فالنتیجة: انه لابد من تقیید الحکم بالبطلان بما إذا کان التذکر بالحال بعد التجاوز عن المحل ولم یکن أحد طرفي العلم الإجمالي زیادة التکبیرة.

الثالثة والعشرون: اذا تذكّر وهو في السجدة او بعدها من الركعة الثانية مثلا انـّه ترک سجدة من الركعة الاولى وترک ايضا ركوع هذه الركعة، جعل السجدة الّتي اتى بها للركعة الاولى، وقام وقرا وقنت واتمّ صلاته؛ وكذا لو علم انـّه ترک سجدتين من الاولى وهو في السجدة الثانية من الثانية، فيجعلهما للاولى ويقوم الى الركعة الثانية. وان تذكّر بين السجدتين، سجد اخرى بقصد الركعة الاولى ويتمّ، وهكذا بالنسبة الى سائر الركعات اذا تذكّر بعد الدخول في السجدة من الركعة التالية انـّه ترک السجدة من السابقة وركوع هذه الركعة، ولكنّ الاحوط  في جميع هذه الصور اعادة الصلاة (1) بعد الاتمام.

1- الفیّاض: هذا الاحتیاط وإن کان استحبابیا الّا إنه ضعیف جدا ولا منشأ له الّا تخیل وقوع هذه السجدة في غیر محلها، وفیه: انه لا أثر لهذا التخیل بعد وقوعها في محلها واقعا ومصداقا لسجدة الرکعة الأولی المأمور بها حقیقة... أو زیادة القیام والقراءة وفیه: ان زیادتهما لما کانت سهویة لم تضر بالصلاة وإنما توجب سجدتي السهو علی الأحوط مرة لزیادة القیام وأخری لزیادة القراءة.

 

الرابعة والعشرون  : اذا صلّى الظهر والعصر  وعلم بعد السلام نقصان  احدى الصلاتين ركعة(1)  ، فان كان بعد الاتيان بالمنافي عمدا وسهوا، اتى بصلوة واحدة بقصد ما في الذمّة؛ وان كان قبل ذلک، قام فاضاف الى الثانية  ركعة ثمّ سجد للسهو عن السلام في غير المحلّ   ثمّ اعاد الاولى، بل الاحوط ان لاينوي الاولى، بل يصلّي اربع ركعات بقصد ما في الذمّة، لاحتمال كون الثانية على فرض كونها تامّة محسوبة ظهرا.

1- الفیّاض: ظهر حکم هذه المسألة وما بعدها مما تقدم في المسألة الثامنة.

 الخامسة والعشرون: اذا صلّى المغرب والعشاء ثمّ علم بعد السلام من العشاء انـّه نقص من احدى الصلاتين ركعة، فان كان بعد الاتيان بالمنافي عمدا وسهوا، وجب عليه اعادتهما؛ وان كان قبل ذلک، قام فاضاف الى العشاء ركعة ثمّ يسجد سجدتي السهو ثمّ يعيد المغرب  .

السادسة والعشرون: اذا صلّى الظهرين وقبل ان يسلّم للعصر علم اجمالا انـّه امّا ترک ركعة من الظهر والّتي بيده رابعة العصر، او انّ ظهره تامّة وهذه الركعة ثالثة العصر، فبالنسبة الى الظهر شکّ بعد الفراغ ومقتضى القاعدة البناء على كونها تامّة، وبالنسبة الى العصر شکّ بين الثلاث والاربع ومقتضى البناء على الاكثر  الحكم بانّ مابيده رابعتها(1)  والاتيان بصلاة الاحتياط بعد اتمامها، الّا انـّه لايمكن  اعمال  القاعدتين  معا ، لانّ الظهر ان كانت تامّة فلايكون ما بيده رابعة، وان كان ما بيده رابعة فلايكون الظهر تامّة، فيجب اعادة الصلاتين(2)   لعدم الترجيح في اعمال احدى القاعدتين(3) ؛ نعم، الاحوط  الاتيان بركعة  اخرى للعصر ثمّ اعادة الصلاتين، لاحتمال كون قاعدة الفراغ من باب الامارات(4) ؛ وكذا الحال في العشائين اذا علم انـّه امّا صلّى المغرب ركعتين وما بيده رابعة العشاء، او صلّاها ثلاث ركعات وما بيده ثالثة العشاء.

1- الفیّاض: في تطبیق قاعدة البناء علی الأکثر علی صلاة العصر إشکال بل منع، والظاهر أنه لا یمکن تطبیق القاعدة علیها لما أشرنا إلیه في ضمن البحوث السالفة من أن المستفاد من روایات القاعدة عامة ومن نص بعضها خاصة أنها إنما شرعت بغایة إن المصلي الشاک في عدد رکعات صلاته إذا لجأ إلیها في مقام العمل کان قد تیقن من إتمام صلاته وفراغ ذمته منها باعتبار أنها إن کانت تامة في الواقع لم تقدح صلاة الاحتیاط لأنها حینئذ تصبح نافلة، وإن کانت ناقصة فهي متممة لها حقیقة، وعلی هذا فلا یمکن علاج الشک بین الثلاث والأربع في صلاة العصر هنا باللجوء إلی العمل بهذه القاعدة وتطبیقها لأنها علی تقدیر تمامیتها في الواقع انقلبت ظهرا علی أساس أنها کانت عندئذ ناقصة وباطلة، وبالتالي یلزم من فرض تمامیتها اشتغال ذمته بها لا الفراغ، ومن المعلوم ان ذلک لیس من موارد هذه القاعدة ومشمولا لقوله7 في موثقة عمار: «وإن کنت أتممت لم یکن علیک شيء»(الوسائل ج 8 باب: 8 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحدیث: 3) لفرض أنه إن أتمها فعلیه شيء وهو اعادتها ثانیا. وإن کانت ناقصة واقعا وکانت الظهر تامة فعندئذ وإن أمکن تتمیمها بصلاة الاحتیاط الّا أن ذلک وحده لا یکفي في تطبیق القاعدة وشمولها للمقام لأن مورد هذه القاعدة هو الشک في عدد رکعات الصلاة التي علی تقدیر تمامیتها في الواقع کانت ذمة المصلي قد فرغت عنها ولا شيء علیه، وعلی تقدیر نقصانها فهي متممة لها، فالنتیجة انه کان یتیقن بالفراغ، وصلاة العصر في المقام لیست کذلک فإن المصلي لو بنی علی الأکثر فیها وأتمها ثم أتی بصلاة الاحتیاط لم یتیقن بفراغ ذمته عنها لأنها إن کانت تامة في الواقع انقلبت ظهرا. نعم إن کانت ناقصة فهي متممة لها، وبما انه لا یعلم أنها تامة أو ناقصة فلا یتیقن بالفراغ، فإذن مقتضی قاعدة الاشتغال انه لابد من إعادتها، فمن أجل ذلک لا یکون الشک فیها مشمولا لقاعدة البناء.

ودعوی: ان صلاة الظهر في المسألة محکومة بالصحة تطبیقا لقاعدة الفراغ، وبعد تطبیق هذه القاعدة علیها لا مانع من تطبیق قاعدة علاج الشک في عدد الرکعات علی صلاة العصر لأن الظهر حینئذ محکومة بالصحة، وأما العصر فبما أن المصلي شاک في عدد رکعاتها وجدانا بین الثلاث والأربع فهي مشمولة لنصوص العلاج علی أساس أنها إن کانت تامة لم تنقلب عندئذ ظهرا باعتبار أن الظهر محکومة بالصحة بحکم الشارع وفراغ ذمة المصلي عنها بقطع النظر عن کون العصر تامة أو لا...

مدفوعة: بأن تطبیق کلتا القاعدتین علی کلتا الصلاتین وإن لم یستلزم المخالفة القطعیة العملیة، ولا تطبیق قاعدة الفراغ علی صلاة الظهر نفي احتمال أن یکون ما بیده رابعة العصر الّا بناء علی أن تکون مثبتاتها حجة.

ولکن هذه الدعوی ممنوعة من جهة أخری وهي أنه لا یمکن تطبیق قاعدة الفراغ علی صلاة الظهر وقاعدة البناء علی الأکثر علی صلاة العصر، أما الأول فلأن المصلي کان یعلم بأنه إذا أتم العصر علی ما بیده من الرکعة فقد حصل له الیقین الجزمي بصحة الظهر واقعا وإن کانت ناقصة في الواقع، فإن العصر حینئذ بما أنها تامة انقلبت ظهرا، ومع الیقین بصحتها واقعا لا مجال لقاعدة الفراغ ولا موضوع لها فیها وجدانا. وأما الثاني فقد ظهر وجهه من ذلک، فإن المصلي لو بنی علی أن ما بیده رکعة رابعة للعصر تطبیقا لقاعدة البناء علی الأکثر وأتم صلاته کان قد علم أن هذا الرکعة لو کانت رابعة للعصر واقعا انقلبت العصر ظهرا وظلت العصر في ذمته فلابد من إعادتها من جدید. ومن هنا قلنا أن روایات قاعدة البناء والعلاج لا تشمل المقام، فما في هذه الدعوی من الجمع بین الحکم بصحة الظهر تطبیقا لقاعدة الفراغ والحکم بصحة العصر تطبیقا لقاعدة البناء علی الأکثر فهو جمع بین المتناقضین لأن المصلي لو بنی علی الأکثر وجعل ما بیده رابعة للعصر وأتم صلاته لزم محذوران..

 أحدهما: ان صلاة العصر ان کانت تامة في الواقع فبما أن الظهر ناقصة وباطلة حینئذ انقلب ظهرا وظلت العصر في ذمته وعلیه إعادتها من جدید وبذلک لا یکون الشک في عدد رکعاتها موضوعا لأدلة البناء لأن موضوعها هو الشک في عدد رکعات الصلاة ان کانت تامة في الواقع، فلا شيء علیه کما مر.

والآخر: ان المصلی لو بنی علی الأکثر في صلاة العصر وتشهد وسلم کان قد علم جزما بصحة صلاة الظهر واقعا أما بنفسها أو بسبب انقلاب العصر إلیها، وبذلک ترتفع قاعدة فیها بارتفاع موضوعها وجدانا وهو الشک في صحتها وفسادها.

والنکتة فیه: ان قاعدة الفراغ قاعدة ظاهریة موضوعها الشک في صحة العمل وفساده بعد الفراغ منه، وقاعدة الانقلاب قاعدة واقعیة، فإذا کانت الظهر ناقصة واقعا والعصر تامة کذلک انقلبت ظهرا، فإذن لا یمکن الجمع بین إجراء قاعدة الفراغ في صلاة الظهر وإجراء قاعدة البناء علی الأکثر في صلاة العصر وتکون قاعدة البناء علی الأکثر واردة علی قاعدة الفراغ، فمن أجل هذه النکتة وهي أن صلاة العصر إن کانت تامة في الواقع انقلبت ظهرا لا یمکن تطبیق قاعدة البناء علی الأکثر علی صلاة العصر أیضا.

فالنتیجة: إن المصلي في هذه المسألة وإن کان شاکا بین الثلاث والأربع في صلاة العصر الّا أنه لما علم إجمالا أن ما بیده من الرکعة إن کان رابعة لها في الواقع کان قد ترک رکعة من الظهر، وإن کان ثالثة فیه کان قد أتی بالظهر تماما لم یکن هذا الشک مشمولا لأدلة البناء علی الأکثر کما عرفت، وحینئذ فیکون المصلي مخیرا بین أن یتم صلاة العصر علی ما بیده من الرکعة رجاء لإدراک الواقع وبعنوان ما في الذمة لا باسم العصر ثم یستأنفها عصرا من جدید وعلی هذا فقد تیقن بصحة الظهر بلا حاجة إلی التمسک بقاعدة الفراغ بل لا موضوع لها عندئذ، وبین الغاء ما کان قد أتی به من صلاة العصر ویستأنفها من جدید باعتبار أنه لا یتمکن من إتمامها عصرا بعد الحکم بصحة صلاة الظهر تطبیقا لقاعدة الفراغ.

2- الفیّاض: ظهر مما تقدم أنه یجب إعادة العصر فقط وأما الظهر فهي محکومة بالصحة إما واقعا أو ظاهرا بمقتضی قاعدة الفراغ فلا موجب لإعادتها.

3- الفیّاض: ظهر مما مر ان کلتا القاعدتین لا تجري إن أتم المصلي صلاة العصر علی ما بیده من الرکعة المشکوکة رجاء، وإن ألغی جرت قاعدة الفراغ في صلاة الظهر فقط.

4- الفیّاض: هذا الاحتمال هو الأظهر إن أراد بالامارة اشتمالها علی نکتة تبرر احتمال أقربیتها إلی الواقع وتضعف احتمال الخلاف. وإن أراد بها ان مثبتاتها حجة.. فلیس کذلک لأن أماریتها إنما هي علی أساس أنها تتضمن النکتة التي تکشف في الغالب عن مطابقة العمل للواقع في ظرف جهل المکلف وشکه وهي أن الترک العمدي رغم أنه في مقام المتثال خلف الفرض، والترک السهوي نادر، وروایات القاعدة تؤکد علی الغاء الشک والبناء علی الاتیان بالمشکوک علی أساس تلک النکتة العقلائیة، ومن المعلوم ان تلک النکتة لا تقتضي أکثر من اثبات مدلولها المطابقي باعتبار أنها نکتة لبیة لیس لها لسان حکائي، ولذا لا بناء للعقلاء علی أکثر من ذلک، وتمام الکلام في الأصول.

 

السابعة والعشرون: لو علم انـّه صلّى الظهرين ثمان ركعات ولكن لميدر انـّه صلّى كلا منهما اربع ركعات او نقص من احداهما ركعة وزاد في الاخرى، بنى على انـّه صلّى كلا منهما اربع ركعات،عملا بقاعدة عدم اعتبار الشکّ بعد السلام؛ وكذا اذا علم انـّه صلّى العشائين سبع ركعات، وشکّ بعد السلام في انـّه صلّى المغرب ثلاثة والعشاء اربعة او نقص من احداهما وزاد في الاخرى فيبني على صحّتهما.

الثامنة والعشرون: اذا علم انـّه صلّى الظهرين ثمان ركعات وقبل السلام من العصر شکّ في انـّه هل صلّى الظهر اربع ركعات فالّتي بيده رابعة العصر، او انـّه نقص من الظهر ركعة فسلّم على الثلاث وهذه الّتي بيده خامسة العصر، فبالنسبة الى الظهر شکّ بعد السلام وبالنسبة الى العصر شکّ بين الاربع والخمس، فيحكم بصحّة الصلاتين، اذ لا مانع من اجراء القاعدتين؛ فبالنسبة الى الظهر يجري قاعدة الفراغ والشکّ بعد السلام، فيبني على انـّه سلّم على اربع، وبالنسبة الى العصر يجري حكم الشکّ بين الاربع والخمس، فيبني على الاربع اذا كان بعد اكمال السجدتين، فيتشهّد ويسلّم ثمّ يسجد سجدتي السهو؛ وكذا الحال في العشائين اذا علم قبل السلام من العشاء انـّه صلّى سبع ركعات وشکّ في انـّه سلّم من المغرب على ثلاث فالّتي بيده رابعة العشاء، او سلّم على الاثنتين فالّتي بيده خامسة العشاء، فانّه يحكم بصحّة الصلاتين واجراء القاعدتين(1).

1- الفیّاض: هذا هو الصحیح للفرق بین هذه المسألة والمسألة المتقدمة حیث یحتمل أن تکون کلتا الصلاتین تامة في هذه المسألة دون تلک، فمن أجل ذلک لا مانع من إجراء قاعدة الفراغ في الظهر وقاعدة الشک بین الأربع والخمس في العصر فیبني علی الأربع ویتمها. هذا إذا کان الشک بعد إکمال السجدتین، وأما إذا کان في حال القیام فبما أن شکه بین الأربع والخمس فوظیفته أن یرجع ویهدم القیام ویجلس وحینئذ یرجع شکه إلی الشک بین الثلاث والأربع فتصبح المسألة عندئذ من أفراد المسألة المتقدمة وحکمها حکم تلک المسألة.

 

التاسعة والعشرون: لو انعكس الفرض السابق، بان شکّ بعد العلم بانـّه صلّى الظهرين ثمان ركعات قبل السلام من العصر في انـّه صلّى الظهر اربع فالّتي بيده رابعة العصر، او صلّاها خمسا فالّتي بيده ثالثة العصر، فبالنسبة الى الظهر شکّ بعد السلام وبالنسبة الى العصر شکّ بين الثلاث والاربع، ولا وجه   لاعمال قاعدة الشکّ  بين الثلاث والاربع في العصر، لانـّه ان صلّى الظهر اربعا  فعصره ايضا اربعة، فلا محلّ لصلاة الاحتياط، وان صلّى الظهر خمسا فلاوجه للبناء على الاربع في العصر وصلاة الاحتياط  ، فمقتضى القاعدة  اعادة الصلاتين (1)  ؛ نعم، لوعدل  بالعصر الى الظهر واتى بركعة اخرى واتمّها، يحصل له العلم بتحقّق ظهر صحيحة مردّدة بين الاولى ان كان في الواقع سلّم فيها على الاربع وبين الثانية المعدول بها اليها ان كان سلّم فيها على الخمس؛ وكذا الحال في العشائين اذا شکّ بعد العلم بانـّه صلّى سبع ركعات قبل السلام من العشاء في انـّه سلّم في المغرب على الثلاث حتّى يكون ما بيده رابعة العشاء، او على الاربع حتّى يكون ما بيده ثالثتها، وهنا ايضا اذا عدل الى المغرب واتمّها يحصل له العلم بتحقّق مغرب صحيحة، امّا الاولى او الثانية المعدول اليها؛ وكونه شاكّا بين الثلاث والاربع، مع انّ الشکّ في المغرب مبطل، لايضرّ بالعدول، لانّ في هذه الصورة يحصل العلم بصحّتها مردّدة بين هذه والاولى  ، فلا يكتفي  بهذه فقط حتّى يقال: ان الشکّ في ركعاتها يضرّ بصحّتها.

1- الفیّاض: بل مقتضی القاعدة إعادة صلاة العصر فحسب دون الظهر إذ لا یمکن إتمام صلاة العصر باسمها بقاعدة العلاج و البناء علی الأکثر لأنها إن کانت تامة في الواقع فلا حاجة إلی العلاج، و إن کانت ناقصة فیه وجوب العدول بها إلی الظهر باعتبار أنها باطلة بزیادة رکعة فیها و الاتیان برکعة موصولة حینئذ لا مفصولة، فإذن لا موضوع للعلاج، و علی هذا فالمصلي في هذه المسألة بما إنه یشک في صحة صلاة الظهر بعد التسلیم فیبني علیها تطبیقا لقاعدة الفراغ و یستأنف صلاة العصر من جدید، فلا مقتضي لإعادة کلتا الصلاتین معا، و إذا أراد حصول الجزم بصحة صلاة الظهر واقعا کان له أن یتم ما بیده من الصلاة باضافة رکعة إلیها متصلة برجاء الظهر فحینئذ یتیقن بالاتیان بصلاة ظهر صحیحة في الواقع أما الأولی أو الثانیة، و بما أن تحصیل الجزم بالصحة غیر لازم فله أن یکتفي بصحتها ظاهرا بمقتضی قاعدة الفراغ، و یستأنف صلاة العصر من جدید تطبیقا لقاعدة الاشتغال بأن ألغی ما کان قد به من صلاة العصر و یعیدها مرة أخری علی نحو الجزم بالأمر بها، و بذلک یظهر حال العشاءین حرفا بحرف.

الثلاثون: اذا علم انّه صلّى الظهرين تسع ركعات ولايدري انّه زاد ركعة في الظهر او في العصر، فان كان بعد السلام من العصر وجب عليه اتيان صلاة اربع ركعات بقصد ما في الذمّة(1) ، وانكان قبلالسلام فبالنسبة الىالظهر يكون منالشکّ بعد السلام، وبالنسبة الى العصر من الشکّ بين الاربع والخمس  ،ولايمكن اعمال الحكمين(2)   ؛ لكن لو كان بعد اكمال   السجدتين، عدل الى الظهر واتمّ الصلاة (3) وسجد للسهو  ، يحصل له اليقين بظهر صحيحة، امّا الاولى او الثانية.

1- الفیّاض: بل بنیة العصر علی اساس أن المصلي یعلم بأن إحدی الصلاتین صحیحة في الواقع اما الظهر أو العصر بعد سقوط قاعدة الفراغ فیهما بالمعارضة، و علیه فإن کانت الصحیحة هي صلاة الظهر فالباقي في ذمته صلاة العصر بنفسها، و إن کانت هي العصر فبما أنها انقلبت ظهرا فالباقي في ذمته هو العصر أیضا لکن بالانقلاب، و علی کلا التقدیرین فیجب علیه أن یأتي بصلاة باسم العصر.

2- الفیّاض: فیه إشکال بل منع، فإنه لا مانع من اعمال قاعدة الفراغ في صلاة الظهر و إنما لا یمکن اعمال قاعدة الشک بین الأربع و الخمس في صلاة العصر بأن یبني علی الأربع و یتم الصلاة و یسجد سجدتي السهو للعلم الإجمالي أما بفسادها لزیادة رکعة فیها إن کانت خمسا في الواقع، و أما لانقلابها ظهرا إن وقعت الظهر خمسا، فلا یمکن إتمامها عصرا، فإذن لا موضوع للقاعدة فیها، هذا إذا کان الشک بعد إکمال السجدتین، و أما إذا کان الشک في حال القیام فوظیفته الغاء القیام و الجلوس و حینئذ یرجع شکه إلی الشک بین الثلاث و الأربع، و قد مر أنه لا یمکن للمصلي أن یبني علی الأربع و یتمها عصرا ثم یأتي بصلاة الاحتیاط للعلم بأن صلاة الاحتیاط لغو لأن العصر لا تخلو من أن تکون تامة في الواقع أو ناقصة، فعلی الأول لا تحتاج إلی صلاة الاحتیاط، و علی الثاني یجب العدول منها إلی الظهر و إتمامها ظهرا، فلا موضوع حینئذ للعلاج بصلاة الاحتیاط.

فالنتیجة: انه علی هذا حکم هذه المسألة حکم المسألة المتقدمة فما ذکرناه هناک یجري فیها بعینه.

3- الفیّاض: في التخصیص إشکال بل منع، فإنه کما یجوز العدول إلی الظهر رجاء بعد إکمال السجدتین و إتمامها ظهرا کذلک ثم الاتیان بصلاة العصر، یجوز العدول إلی الظهر أثناء القیام فیتمها ظهرا رجاء من غیر هدم للقیام، و بذلک یعلم وجدانا بتحقق صلاة الظهر صحیحة واقعا، أما الأولی أو الثانیة.

فالنتیجة: ان المصلي سواء تفطن بالحال بعد إکمال السجدتین أم في أثناء القیام فبما أنه لیس بمقدوره إتمام ما بیده من الصلاة باسم العصر فله أن یرفع الید عنها و یستأنفها باسم العصر من جدید، و له أن یتمها بنیة الظهر رجاء.

 

 الحادية والثلاثون: اذا علم انـّه صلّى  العشائين ثمان ركعات ولايدري انـّه زاد الركعة الزائدة في المغرب او في العشاء، وجب اعادتهما؛ سواء كان الشکّ بعد السلام من العشاء او قبله(1)   1- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع، و الصحیح هو التفصیل بین أن یکون الشک بعد السلام من العشاء و أن یکون قبله، فعلی الأول فالأمر کما في المتن، لأن قاعدة الفراغ فیهما تسقط من جهة المعارضة مع قاعدة الفراغ في المغرب، فلا مناص حینئذ من وجوب إعادتهما معا تطبیقا لقاعدة الاشتغال، و بذلک تمتاز هذه المسألة عن المسألة المتقدمة.

و علی الثاني فتارة یکون الشک بعد اکمال السجدتین، و اخری یکون في أثناء القیام و علی کلا التقدیرین فبما أن الشک في صلاة المغرب بعد الفراغ یحکم بصحتها تطبیقا لقاعدة الفراغ، و أما صلاة العشاء فلا یمکن إتمامها عشاء سواء أکان الشک بین الأربع و الخمس فیها بعد إکمال السجدتین أم کان أثناء القیام.

أما علی الأول: فلأن قاعدة الشک بین الأربع و الخمس لا تنطبق علی المقام للعلم بفساد صلاة العشاء أما لزیادة رکعة فیها أو لفقد الترتیب بین الأجزاء الباقیة منها و هي التشهد و التسلیم و نحوهما، و بین صلاة المغرب علی أساس أن المغرب فاسدة بزیادة رکعة فیها حینئذ، فمن أجل ذلک لیس بإمکان المصلي أن یتمها عشاء تطبیقا لقاعدة الشک.

و أما علی الثاني: فهو یرجع و یجلس و بهذا ینقلب شکه إلی الشک بین الثلاث و الأربع ولکن مع ذلک لا یمکن تطبیق قاعدة البناء و العلاج في المقام للجزم بأن صلاة الاحتیاط غیر جابرة لصلاة العشاء فیها لأن صلاة العشاء إن کانت تامة في الواقع فصلاة الاحتیاط نافلة، و إن کانت ناقصة وجب العدول بها إلی المغرب و إتمامها مغربا فلا موضوع للعلاج بها حینئذ.

فالنتیجة: إن صلاة المغرب محکومة بالصحة تطبیقا لقاعدة الفراغ بلا معارض و أما صلاة العشاء فبما أنه لا یمکن إتمامها عشاء في کلا الفرضین فلابد من إعادتها من جدید، کما أن له العدول إلی الصلاة المغرب رجاء إذا کان الشک في حال القیام فإنه یرجع و یجلس و بهذا یعدم الرکعة التي کان فیها و یرجع شکه حینئذ إلی الشک بین الثلاث و الأربع و له عندئذ العدول إلی المغرب و إتمامها رجاء، و بذلک یعلم وجدانا بأنه أتی بصلاة المغرب صحیحة في الواقع، أما الأولی أو الثانیة، ثم یأتي بالعشاء من جدید. نعم إذا کان الشک بین الأربع و الخمس بعد إکمال السجدتین لا یمکن العدول إلیها لأنها حینئذ مرددة بین الأربع و الخمس فلا تقع مغربا علی کلا التقدیرین و کذلک إذا کان الشک بعد الدخول في الرکوع و به تمتاز هذه المسألة أیضا عن المتقدمة.

 

الثانية والثلاثون: لو اتى بالمغرب ثمّ نسي الاتيان بها، بان اعتقد عدم الاتيان او شکّ فيه، فاتى بها ثانيا وتذكّر قبل السلام انـّه كان اتيا بها، ولكن علم بزيادة ركعة امّا في الاولى او الثانية، له ان يتمّ  الثانية (1)   ويكتفي بها  ، لحصول العلم بالاتيان بها امّا اوّلا او ثانيا، ولايضرّه كونه شاكّا في الثانية بين الثلاث والاربع مع انّ الشکّر ركعات المغرب موجب للبطلان، لما عرفت سابقا من انّ ذلک اذا لميكن هناک طرف اخر يحصل معه اليقين بالاتيان صحيحا(2) ؛ وكذا الحال اذا اتى بالصبح ثمّ نسي واتى بها ثانيا وعلم بالزيادة امّا في الاولى او الثانية.

1- الفیّاض: رجاء باعتبار أن الأولی محکومة بالصحة تطبیقا لقاعدة الفراغ، و حینئذ یجوز له الغاء الثانیة و رفع الید عنها و الاکتفاء بالأولی، کما ان له أن یتم الثانیة رجاء علی أساس احتمال الزیادة في الأولی وجدانا و بطلانها في الواقع، و إذا أتمها علم وجدانا بوقوع صلاة المغرب صحیحة في الواقع مرددة بین الأولی و الثانیة.

2- الفیّاض: فیه ان هذا الشک لیس شکا في صلاة المغرب لکي یقال أنه انما یوجب البطلان إذا لم یکن معه الیقین بالاتیان بها صحیحة لأن صلاة المغرب إحداها إما الاولی أو الثانیة، و هي صحیحة واقعا، فالشک في أنها الأولی أو الثانیة؟ و لیس هذا من الشک في عدد رکعات المغرب، بل ان المصلي لا یدري أن ما هو مصداق لصلاة المغرب المأمور بها واقعا هو الأولی أو الثانیة؟ فإن کان الأولی فالثانیة أربع رکعات فلیست مصداقا لها، و إن کان العکس فبالعکس، و بذلک یظهر الحال في صلاتي الفجرین إذا علم بزیادة رکعة في احداهما، فإن المصلي یعلم بصحة احداهما في الواقع و بطلان الأخری ولکنه لا یمیز الصحیح عن الباطل.

 

الثالثة والثلاثون: اذا شکّ في الركوع وهو قائم، وجب عليه الاتيان به، فلو نسي حتّى دخل في السجود، فهل يجري عليه حكم الشکّ بعد تجاوز المحلّ ام لا؟ الظاهر عدم الجريان، لانّ الشکّ السابق باقٍ (1) وكان قبل تجاوز المحلّ؛ وهكذا لو شکّ في السجود قبل ان يدخل في التشهّد ثمّ دخل فيه نسيانا، وهكذا.

1- الفیّاض: هذا هو المتعین لا لأجل ما ذکره1 من التعلیل فإنه ضعیف جدا، فإن الشک السابق إنما یکون باقیا إذا کان النسیان متعلقا بنفس الشک، کما إذا شک في شيء ثم نسي شکه فیه و بعد ذلک تذکره و عاد کما کان، و أما إذا کان النسیان متعلقا بالمشکوک نفسه و هو الرکوع في المقام، کما إذا شک المصلي فیه و هو قائم فلا یدرِي ان قیامه هذا بعد الرکوع أو قبله ثم غفل عنه و نسیه و ذهبت صورته عن ذهنه نهائیا و بعد ما دخل في السجود تذکر و شک هل أنه أتی بالرکوع أو لا؟ و هذا یعني أنه یشک فعلا و یتردد في أنه حینما کان شاکا فیه و هو قائم هل أتی به ثم دخل في السجود أو لا؟ فلا شبهة في أن هذا شک آخر غیر الشک الأول و یکون بعد التجاوز عن المحل، ولکن مع ذلک لا تجري قاعدة التجاوز باعتبار أن المعتبر فیها احتمال الأذکریة و الالتفات حین العمل و هو مفقود في المقام لأنه کان یعلم بغفلته حین العمل.

نعم إذا تذکر في السجود أنه حینما کان شاکا في الرکوع و هو قائم لم یأت بالرکوع عملا بقاعدة الشک في المحل و سها و غفل عنه و دخل في السجود وجب علیه أن یرجع و یلغي ما کان قد أتی به و یقوم منتصبا ثم یرکع، فإن المصلي في هذا الفرض یعلم بأنه لم یعمل علی طبق شکه السابق غفلة و نسیانا لا أنه یشک في أنه کان قد عمل علی مقتضاة أو لا، و لعل هذا هو مراد الماتن1 لا الفرض الأول، و بذلک یظهر الحال فیما إذا شک في السجود و هو جالس قبل أن یدخل في التشهد ثم دخل فیه نسیانا و غفلة.

 

الرابعة والثلاثون: لو علم نسيان شيء قبل فوات محلّ المنسيّ ووجب عليه التدارک، فنسي حتّى دخل في ركن بعده  ، ثمّ انقلب علمه بالنسيان شكّا(1) ، يمكن  اجراء  قاعدة الشکّ   بعد تجاوز المحلّ والحكم بالصحّة ان كان ذلک الشيء ركنا والحكم بعدم وجوب القضاء وسجدتي السهو فيما يجب فيه ذلک، لكنّ الاحوط مع الاتمام   اعادة الصلاة اذا كان ركنا، والقضاء وسجدتا السهو في مثل السجدة والتشهّد، وسجدتا السهو فيما يجب في تركه السجود.

1- الفیّاض: في اعتبار الدخول في الرکن في جریان قاعدة التجاوز منع، فإن المعتبر فیه هو الدخول في جزء آخر مترتب علی الجزء المشکوک شرعا سواء أکان ذلک الجزء رکنا أم غیره، فإذا دخل في التشهد وشک في السجود بنی علی الاتیان به تطبیقا للقاعدة، وعلی هذا فإذا علم المصلي بعد دخوله في التشهد أنه نسي السجود فوظیفته الغاء ما کان قد أتی به من التشهد والاتیان بالسجود، ولکنه إذا غفل وواصل صلاته ثم تفطن بالحال وانقلب علمه بالنسیان شکا ساریا في أنه هل أتی بالسجود في مکانه المقرر له شرعا أو لا؟ وهل تجري قاعدة التجاوز فیه؟ الظاهر جریانها شریطة احتمال الالتفات والأذکریة حین العمل علی أساس أنه شاک فیه فعلا ویکون شکه حادثا بعد التجاوز عن المحل، فإذن یکون المقتضي للقاعدة تاما، فإذا توفر شروطها جرت. ومن المعلوم انه لا فرق فیه بین أن یکون الانقلاب قبل الدخول في الرکن أو بعده، فإن العبرة إنما هي بکون الانقلاب بعد التجاوز عن المحل وإن لم یدخل في رکن بعده، فما في المتن من التقیید بالدخول في الرکن في غیر موضعه، وبذلک یظهر حال المسألة الآتیة، فإن اعتقاد المصلي بنقصان ما یوجب القضاء أو سجود السهو في صلاته إنما یؤثر ما دام باقیا، وأما إذا زال وانقلب إلی الشک فینتفي أثره بانتفاء موضوعه ووجود موضوع آخر وهو الشک ویترتب علیه أثره.

 

الخامسة والثلاثون: اذا اعتقد نقصان السجدة او التشهّد ممّا يجب قضاؤه ، او ترک ما يوجب سجود السهو في اثناء الصلاة، ثمّ تبدّل اعتقاده بالشکّ في الاثناء او بعد الصلاة   قبل الاتيان به، سقط وجوبه؛ وكذا اذا اعتقد بعد السلام نقصان ركعة او غيرها ثمّ زال اعتقاده.

السادسة والثلاثون: اذا تيقّن بعد السلام قبل اتيان المنافي عمدا او سهوا نقصان الصلاة، وشکّ في انّ الناقص ركعة او ركعتان، فالظاهر   انـّه يجري عليه حكم الشکّ بين الاثنتين والثلاث، فيبني على الاكثر وياتي بالقدر المتيقّن نقصانه وهو ركعة اخرى، وياتي بصلاة احتياطه  ؛ وكذا اذا تيقّن نقصان ركعة وبعد الشروع فيها شکّ في ركعة اخرى. وعلى هذا فاذا كان مثل ذلک في صلاة المغرب والصبح  (1) يحكم ببطلانهما، ويحتمل  جريان حكم الشکّ   بعد السلام بالنسبة الى الركعة المشكوكة (2) فياتي بركعة واحدة من دون الاتيان بصلاة الاحتياط، وعليه فلاتبطل الصبح والمغرب ايضا بمثل ذلک، ويكون كمن علم نقصان ركعة فقط.

1- الفیّاض: لا یمکن تطبیق فرض المسألة علی صلاة الصبح لأنها في نفسها ذات رکعتین فاحتمال ترک الرکعتین مساوق لاحتمال ترک الصلاة رأسا وعدم البداء فیها، ولعل ذکره من سهو القلم.

2- الفیّاض: هذا الاحتمال ضعیف جدا ولا أساس له، فإن السلام في المسألة قد وقع في غیر موضعه ولیس من السلام الصلاتي لأن المصلي بعد في أثناء الصلاة، فإذن لا یمکن أن یجري علی الشک فیها حکم الشک بعد السلام، فالصحیح أن هذا من الشک في عدد الرکعات أثناء الصلاة، وبما أنه بین الاثنین والثلاث فیبني علی الثلاث ویقوم ویأتي برکعة أخری موصولة ثم یتشهد ویسلم ویأتي بعد ذلک بصلاة الاحتیاط تطبیقا لقاعدة العلاج ثم یسجد سجدتي السهو علی الأحوط مرتین مرة للسلام الزائد ومرة للتشهد الزائد.

 

السابعة والثلاثون: لو تيقّن بعد السلام قبل اتيان المنافي نقصان ركعة، ثمّ شکّ في انـّه اتى بها ام لا، ففي وجوب الاتيان بها لاصالة عدمه او جريان حكم الشکّ في الركعات عليه، وجهان، والاوجه الثاني(1)   ؛ وامّا احتمال جريان حكم الشکّ بعد  السلام عليه، فلا وجه له، لانّ الشکّ بعد السلام لايعتنى به اذا تعلّق بما في الصلاة وبما قبل السلام، وهذا متعلّق بما وجب بعد السلام  

1- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع، والأظهر هو التفصیل بین الصور المتصوره في المسألة.

الأولی: ان المصلي کان یعلم بأنه قد أتی بالتشهد والتسلیم مرة ثانیة بعنوان الوظیفة وهو التشهد والتسلیم بعد الرکعة المنسیة، ولکن بعد ذلک شک هل أنه أتی بالرکعة المنسیة ثم بهما، أو لم یأت بها أصلا وإنما أتی بهما فحسب؟

الثانیة: انه کان یعلم بعدم الاتیان بهما جزما علی تقدیر الاتیان بالرکعة المنسیة.

الثالثة: انه کان یعلم بالاتیان بهما علی تقدیر الاتیان بالرکعة المذکورة، بمعنی أنه إن کان قد أتی بها في الواقع فقد تشهد وسلم بعدها، والّا لم یتشهد ولم یسلم.

الرابعة: انه کان یشک في الاتیان بکل منهما جمعا وتفریقا.

أما في الصورة الأولی: فلا شبهة في أن شکه في الاتیان بالرکعة المنسیة من الشک بعد التسلیم والفراغ، فلا یعتني به ویحکم بالصحة والاتیان بها تطبیقا لقاعدة الفراغ، ولکن هذه الصورة خارجة عن مفروض کلام الماتن1 في المسألة.

وأما في الصورة الثانیة: فلا ریب في أن شکه في الاتیان بها من الشک في عدد الرکعات أثناء الصلاة لأن السلام الأول لما وقع في غیر محله فلا یکون من السلام الصلاتي حتی یکون خاتمة للصلاة، وعلی هذا فالمصلي بعد في الصلاة وحیث انه شاک في عدد الرکعات فوظیفته الرجوع إلی قاعدة البناء علی الأکثر وصلاة الاحتیاط.

وأما في الصورة الثالثة: فلا یمکن الرجوع إلی قاعدة الشک في عدد الرکعات لأنه لو بنی علی الأکثر وتشهد وسلم فقد علم وجدانا بأن هذا السلام لم یقع في محله ولم یکن من السلام الصلاتي لأنه علی تقدیر الاتیان بالرکعة المنسیة والتسلیم بعدها في الواقع کان هذا السلام زائدا وخارجا عن الصلاة، وعلی تقدیر عدم الاتیان بها وبالتسلیم فهو تسلیم علی الثلاث وبالتالي لا یحتمل صحة هذا التسلیم وکونه مأمورا به علی کلا التقدیرین فمن أجل ذلک لا یمکن تطبیق قاعدة البناء علی هذه الصورة علی أساس أن الظاهر من روایات القاعدة التي تنص علی البناء والاتیان بالتشهد والتسلیم هو أن یکون المصلي متأکدا من وقوعهما في محلهما علی تقدیر کون البناء مطابقا للواقع، وأما إذا کان علی یقین من عدم وقوعهما في محلهما حتی علی هذا التقدیر کما هو المفروض في هذه الصورة فلا تکون مشمولة لها، فإذن یکون المرجع فیها هو الاستصحاب ومقتضاه وجوب الاتیان بها موصولة بالصلاة لا مفصولة، وبذلک یعلم بفراغ الذمة لأنه إن لم یکن آتیا بها في الواقع فوظیفته ذلک والّا فیکون اتیانه بها لغوا وخارجا عن الصلاة ولا یضر بها.

وأما في الصورة الرابعة: فلا مانع من تطبیق قاعدة البناء فیها باعتبار أن المصلي لا یعلم بخروجه من الصلاة حیث انکشف ان السلام الأول لم یقع في محله، وأما السلام الصلاتي فهو لا یعلم بوقوعه منه، فإذن مقتضی الاستصحاب بقاؤه في الصلاة وعدم خروجه منها، ومعه تکون وظیفته أن یعمل بأحکام الشک في عدد الرکعات بأن یبني علی الأربع ویتشهد ویسلم ثم یأتي بصلاة الاحتیاط علی أساس أن المصلي لا یکون علی یقین من  عدم وقوع التشهد والتسلیم في غیر محلهما لاحتمال أنهما قد وقعا فیه حتی فیما إذا أتی بالرکعة المنسیة في الواقع لاحتمال أنه أتی بها فقط دونهما، فمن أجل ذلک لا مانع من شمول روایات القاعدة لهذه الصورة.

 

الثامنة والثلاثون: اذا علم انّ ما بيده رابعة وياتي به بهذا العنوان، لكن لايدري انـّها رابعة واقعيّة او رابعة بنائيّة وانـّه شکّ سابقا بين الاثنتين والثلاث فبنى على الثلاث فتكون هذه رابعة بعد البناء على الثلاث، فهل يجب عليه صلاة الاحتياط لانـّه وان كان عالما بانّها رابعة في الظاهر، الّا انـّه شاکّ من حيث الواقع فعلا بين الثلاث والاربع، او لايجب، لاصالة عدم شکّ سابق، والمفروض انـّه عالم بانّها رابعته فعلا؟ وجهان، والاوجه الاوّل (1)  .

1- الفیّاض: بل هو المتعین، فإن مرد شکه – في أن ما بیده من الرکعة هل هي رابعة بنائیة أو واقعیة – إلی الشک بین الثلاث والأربع فعلا فیکون مشمولا لنصوص المسألة التي تؤکد علی ان الشاک بینهما یبنی علی الأربع ویتشهد ویسلم ثم یأتي بصلاة الاحتیاط ولا یمکن التمسک بأصالة عدم شک سابق بین الاثنتین والثلاث لأنها لا تثبت ان هذه الرکعة واقعیة لا بنائیة الا علی القول بالأصل المثبت.

 

التاسعة والثلاثون: اذا تيقّن بعد القيام الى الركعة التالية انـّه ترک سجدة او سجدتين او تشهّدا، ثمّ شکّ في انـّه هل رجع وتدارک ثمّ قام، او هذا القيام هو القيام الاوّل؟ فالظاهر وجوب العود  الى التدارک، لاصالة عدم الاتيان بها بعد تحقّق الوجوب؛ واحتمال جريان حكم الشکّ بعد تجاوز المحلّ، لانّ المفروض انـّه فعلا شاکّ وتجاوز عن محلّ الشکّ، لا وجه له، لانّ الشکّ انّما حدث  بعد تعلّق الوجوب  ، مع كونه في المحلّ بالنسبة الى النسيان(1)  ولميتحقّق التجاوز بالنسبة الى هذا الواجب.

1- الفیّاض: هذا لا یمنع عن کونه بعد التجاوز عن المحل الشکی فإن العبرة في جریان قاعدة التجاوز إنما هي التجاوز عن المحل الشکی وإن کان بعد في المحل السهوي ولم یتجاوز عنه لأن التجاوز عنه إنما یتحقق بالدخول في رکن بعده، فلو شک في السجود وهو في التشهد فقد تجاوز عن المحل الشکی وتجري فیه القاعدة وإن لم یتجاوز عن المحل السهوي، فإن التجاوز عنه إنما یتحقق بدخوله في رکوع الرکعة اللاحقة. وأما في المسألة فالشک إنما هو في أصل تحقق التجاوز عن المحل الشکی، فإن القیام الذي هو فیه فعلا مشکوک في أنه هل هو القیام الأول الواقع في غیر محله ویکون لاغیا؟ أو القیام الثاني بعد تدارک المنسيّ؟ فعلی الأول لم یتحقق التجاوز عن المحل الشکي، لأن وجود هذا القیام کالعدم، وعلی الثاني تحقق، وبما أن المصلي لا یدري بالحال فلا یحرز التجاوز عن المحل، وبدون إحرازه لا یمکن تطبیق قاعدة التجاوز.

 

الاربعون: اذا شکّ بين الثلاث والاربع مثلا فبنى على الاربع، ثمّ اتى بركعة اخرى سهوا، فهل تبطل صلاته من جهة زيادة الركعة، ام يجري عليه حكم الشکّ بين الاربع والخمس؟ وجهان، والاوجه الاوّل (1)  .

1- الفیّاض: بل هو المتعین لأمرین..

أحدهما: أن قوله7 في صحیحة عبد الله بن سنان: «إذا کنت لا تدري أربعا صلیت أم خمسا فاسجد سجدتي السهو بعد تسلیمک، ثم سلم بعدهما...»(الوسائل ج 8 باب: 14 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحدیث: 1) لا یعم هذا الشک في المسألة وإن کان بین الأربع والخمس علی أساس أنه ظاهر عرفا في حدوث الشک بینهما بعد إکمال الرکعة المرددة بین الرابعة والخامسة، وأما هذا الشک فبما أنه بقاء واستمرار للشک السابق بین الثلاث والأربع لا أنه حادث بینهما کذلک فلا یکون مشمولا له، ولا أقل من الانصراف.

والآخر: أن المصلي إذا شک بین الثلاث والأربع کان بحکم الشارع مأمورا بأن یبني علی الأربع ویتشهد ویسلم ثم یأتي بصلاة الاحتیاط ولا شيء علیه، وأما إذا غفل وأتی برکعة أخری متصلة وبعد إکمالها تفطن بالحال فهو حینئذ وإن کان شاکا في الواقع بین کونها خامسة أو رابعة الّا أنها بحکم الشارع زائدة علی ما کان مأمورا باختتام الصلاة به حیث أن الشارع أمره بأن یجعل الرکعة المشکوکة رابعة ویختتم صلاته بالتشهد والتسلیم ثم یأتي بصلاة الاحتیاط منفصلة، ومن هنا لا یجوز له أن یأتي بها متصلة عامدا ملتفتا الی الحکم الشرعي وعلیه فلا یمکن له الاکتفاء بهذه الصلاة بل لابد من اعادتها تطبیقا لقاعدة الاشتغال، و من المعلوم أنه لا فرق بین أن تکون زیادة الرکعة عمدیة أو سهویة، فإنها علی کلا التقدیرین مشمولة لقوله7: «من زاد في صلاته رکعة استقبل استقبالا»(الوسائل ج 8 باب: 19 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحدیث: 1) إذ من الواضح أن المراد من صلاته فیه الصلاة التي هي مأمور بالاتیان بها.

 

الحادية والاربعون: اذا شکّ في ركن بعد تجاوز المحلّ ثمّ اتى بها نسيانا، فهل تبطل صلاته من جهة الزيادة الظاهريّة، او لا، من جهة عدم العلم بها بحسب الواقع؟ وجهان ، والاحوط الاتمام   والاعادة(1).

1- الفیّاض: بل الأقوی هو البطلان باعتبار أن المصلي بحکم الشارع قد أتی بالرکن المشکوک تطبیقا لقاعدة التجاوز، ثم إذا غفل وأتی به من جدید فهو زیادة رکن في صلاته المأمور بها وهي مبطلة وإن کانت سهوا، ولا فرق بین هذه المسألة والمسألة المتقدمة من هذه الناحیة، فإن زیادة الرکن في الصلاة المأمور بها ولو ظاهرا مبطلة، نعم تختلف المسألة المتقدمة عن هذه المسألة في أن قاعدة البناء علی الأکثر هناک قاعدة واقعیة لطائفة من المصلین وهي الطائفة الشاکون في عدد رکعات الصلاة، وأما قاعدة التجاوز هنا فهي قاعدة ظاهریة لا واقعیة.

ومن هنا یظهر أنه لا وجه لاحتیاط الماتن1 في هذه المسألة واستظهاره البطلان في المسألة المتقدمة. ثم انه من تخصیص البطلان بما إذا کان الرکن الزائد فیها الرکوع أو السجود دون التکبیرة، لما مر من أنه لا دلیل علی بطلان الصلاة بزیادتها.

 

الثانية والاربعون: اذا كان في التشهّد فذكر انـّه نسي الركوع ومع ذلک شکّ في السجدتين ايضا، ففي بطلان الصلاة من حيث انّه بمقتضى قاعدة التجاوز محكوم بانـّه اتى بالسجدتين فلا محلّل تدارک الركوع، او عدمه، امّا لعدم شمول قاعدة التجاوز في مورد يلزم من اجرائها بطلان الصلاة وامّا لعدم احراز   الدخول في  ركن اخر(1)  ومجرّد الحكم بالمضيّ لايثبت الاتيان  ؟ وجهان، والاوجه الثاني . ويحتمل  الفرق  بين سبق تذكّر النسيان وبين سبق الشکّ في السجدتين(2) ؛ والاحوط العود الى التدارک ثمّ الاتيان بالسجدتين واتمام الصلاة ثمّ الاعادة، بل لايُترک هذا الاحتياط (3).

1- الفیّاض: فیه أن الدخول في رکن آخر غیر معتبر في جریان قاعدة التجاوز حیث ان المعتبر فیه هو الدخول في جزء أخر مترتب علی جزء المشکوک وإن لم یکن رکنا، کما إذا دخل في القراءة وشک في التکبیرة، فإن عنوان التجاوز عن محلها الشرعي یتحقق بذلک وهو یکفي في جریان القاعدة وتطبیقها، فإذن عدم جریان القاعدة لیس من أجل عدم إحراز الدخول في رکن آخر، بل لأجل أن الدخول في الغیر المترتب علی الجزء المشکوک شرعا لم یتحقق، لأن التشهد الداخل فیه بما أنه لم یقع في محله الشرعي فلا یکون من الصلاة علی أساس أن وظیفته إما إلغاء ما کان قد أتی به من التشهد والرجوع إلی الاتیان بالرکوع والسجدتین ثم التشهد، أو استئناف الصلاة من جدید، فلیس بإمکانه الاکتفاء بهذا التشهد، وعلیه فلا یکون الشک في السجدتین من الشک بعد التجاوز عن مکانهما الشرعي. هذا إضافة إلی أن المصلي علی یقین من أنه اما لم یأت بالسجدتین في الواقع أو أنه أتی بهما في غیر محلهما الشرعي وهو قبل الرکوع فلیستا من الصلاة.

وإن شئت قلت: ان المصلي علی علم بعدم سقوط الأمر بالسجدتین أما لعدم الاتیان بهما واقعا، أو لبطلان الصلاة، و معه لا یمکن التعبد بهما تطبیقا لقاعدة التجاوز، و علی هذا فبما أن المحل السهوي بالنسبة إلی الرکوع المنسي یظل باقیا و لم یتجاوز لأن التجاوز عنه إنما یتحقق بالدخول في رکن اخر بعده و الفرض عدم دخوله فیه، فإذن تکون وظیفته في هذه الحالة في الرجوع و الغاء ما کان قد أتی به من التشهد و التمسک بأصالة عدم الاتیان باسجدتین، و حینئذ یجب علیه أن یأتي بالرکوع باعتبار أنه في محله و لم یأت به ثم یسجد سجدتین و یواصل صلاته و لا شيء علیه غیر احتمال زیادة السجدتین في الواقع و لا أثر له.

2- الفیّاض: هذا الاحتمال ضعیف جدا إذا لا فرق في ما ذکرناه بین أن یتذکر المصلي و هو في التشهد نسیان الرکوع أو لا ثم یشک في الاتیان بالسجدتین، و بین أن یشک أو لا في الاتیان بهما ثم یتفطن بنسیان الرکوع ،فإنه علی کلا التقدیرین لا مجال للرجع إلی قاعدة التجاوز، فإن العبرة إنما هي بالعلم بنسیان الرکوع و عدم الاتیان به في محله، و لا خصوصیة لکونه متقدما علی الشک في الاتیان بالسجدتین أو متأخرا عنه علی أساس أن العلم به یکشف عن أن ما أتی به من التشهد فهو في غیر محله، فإذن تکون وظیفته ما مر علی کلا التقدیرین.

3- الفیّاض: لا بأس بترکه و الاکتفاء بما مر من الغاء التشهد و العود إلی الاتیان بالرکوع و مواصلة صلاته إلی أن یتمها و لا شيء علیه و إن کانت رعایة الاحتیاط بالاعادة أولی و أجدر.

 

الثالثة والاربعون: اذا شکّبين الثلاث والاربع مثلا  وعلمانّهعلىفرضالثلاث ترک ركنا   او مايوجبالقضاء او مايوجب سجود السهو، لااشكال  في البناء  على الاربع  (1) وعدم وجوب شيء عليه، وهو واضح  ؛ وكذا اذا علم انـّه على  فرض الاربع ترک ما يوجب القضاء او ما يوجب سجود السهو، لعدم احراز ذلک بمجرّد التعبّد بالبناء على الاربع؛ وامّا اذا علم انـّه على فرض الاربع ترک ركنا او غيره ممّا يوجب بطلان الصلاة، فالاقوى بطلان صلاته، لا لاستلزام البناء على الاربع ذلک، لانـّه لايثبت ذلک، بل للعلم   الاجمالي  بنقصان الركعة او ترک الركن  مثلا، فلايمكن البناء على الاربع حينئذٍ.

1- الفیّاض: بل لا إشکال في عدم جواز البناء علی الأربع فیما إذا علم المصلي بترک رکن علی تقدیر الثلاث و ذلک لأن قاعدة البناء و علاج الشک بصلاة الاحتیاط إنما هي فیما إذا کانت الصلاة علی تقدیر کونها ناقصة فصلاة الاحتیاط عوض عنها، و الاّ فهي نافلة فتشریعها في ظرف تحیر المصلي و احتمال أن صلاته تامة في الواقع أو ناقصة، و أما إذا کان المصلي علی یقین بأن صلاة الاحتیاط لا تجدي في صحة الصلاة علی تقدیر نقصانها فلا تکون مشمولة لأدلة مشروعیتها، و ما نحن فیه من هذا القبیل، فإن المصلي الشاک بین الثلاث و الأربع بما أنه علام بأن صلاته علی تقدیر الثلاث في الواقع باطلة من جهة فقدانها الرکن فلا تجدي صلاة الاحتیاط و لا حاجة إلیها ضرورة أن الحاجة إنما تدعو إلی أعمالها فیما إذا کانت الصلاة صحیحة من سائر الجهات غیر احتمال نقصها و هو یتدارک بها، و أما إذا کانت فاسدة من سائر الجهات بقطع النظر عن هذا الاحتمال فلا أثر لها و یکون وجودها کالعدم فلا تکون مشمولة لروایات العلاج.

و دعوی: ان الشاک في المسألة بین الثلاث و الأربع بما أنه شاک في ترک رکن بعد تجاوز المحل فیطبق قاعدة التجاوز أولا ثم یقوم بعملیة البناء علی الأکثر و علاج الشک بصلاة الاحتیاط و لا مانع منه علی أساس أن هذه العملیة تتوقف علی أمرین:

أحدهما: أن تکون الصلاة صحیحة من غیر ناحیة احتمال نقص رکعة فیها.

و الآخر: أن یعالج النقص بصلاة الاحتیاط. و کلا الأمرین متوفر في المسألة أما الأمر الأول فلأن الصلاة صحیحة في نفسها من غیر الناحیة المذکورة تطبیقا لقاعدة التجاوز.

و أما الأمر الثاني: فلأن النقص المذکور علی تقدیر ثبوته یعالج بصلاة الاحتیاط..

مدفوعة: بأن هذه الدعوی إنما تصح فیما إذا کانت نسبة الشک في ترک الرکن فیها إلی کل من الطرفین علی حد سواء، بمعنی أن المصلي شاک في ترک رکن في صلاته بلافرق بین أنه قد صلی أربع رکعات في الواقع أو ثلاث. و أما إذا لم یکن الأمر کذلک کما في المقام، فإن المصلي کان یعلم بأنه ترک رکنا علی تقدیر الثلاث في الواقع لا علی تقدیر الأربع، و هذا العلم یمنع من علاج الشک بصلاة الاحتیاط فإنها إنما تعالج الشک باعتبار أنها عوض عن النقص علی تقدیر ثبوته في الواقع، و من المعلوم أنها إنما تکون عوضا عنه في الصلاة الصحیحة في نفسها بحیث لا یکون علی المصلي شيء بعد العلاج بمقتضی نص قوله : «ألا أعلمک شیئا إذا فعلته ثم ذکرت إنک أتممت أو نقصت لم یکن علیک شيء» (الوسائل ج 8 باب: 8 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحدیث: 3). و أما إذا کانت الصلاة باطلة في نفسها واقعا علی هذا التقدیر فلا مجال لقاعدة البناء و علاج الشک بصلاة الاحتیاط فإن الصلاة في الواقع إن کانت تامة فلا حاجة إلیها، و إن کانت ناقصة فهي باطلة فلا أثر للعلاج و تدارک النقص، مع أن صریح النص أن أثره تمامیة الصلاة في الواقع علی تقدیر النقص و فراغ الذمة منها واقعا.

فالنتیجة: کما أنه لا یمکن تطبیق قاعدة العلاج في المسألة کذلک لا یمکن تطبیق قاعدة التجاوز فیها بعین ما مر من الملاک و هو أن تطبیقها یتوقف علی صحة الصلاة في نفسها بقطع النظر عما هو مورد القاعدة، و الفرض أنها غیر صحیحة کذلک الاّ بتطبیق قاعدة العلاج، و قد مر أن المسألة لیست من عناصر القاعدة و صغریاتها حتی تنطبق علیها.

و من ذلک یظهر أنه لا یمکن تصحیح الصلاة في المسألة بقاعدة العلاج و لا بقاعدة التجاوز، کما لا یمکن تصحیحها بالاتیان بالرکعة المشکوکة متصلة بمقتضی أصالة عدم الاتیان بها لأنه یؤدي إلی العلم الإجمالی ببطلانها إما من جهة ترک الرکن فیها إذا کانت ثلاث رکعات قبل الاتیان بالرکعة المشکوکة، أو من جهة زیادة رکعة فیها إذا کانت قبل الاتیان بها أربع رکعات، فإذن لابد من إعادة تلک الصلاة من جدید.

نعم إذا علم المصلي بأنه إن صلی ثلاث رکعات في الواقع فقد ترک ما یجب علیه قضاؤه أو سجود السهو من قبله فلا مانع من تطبیق قاعدة البناء علی الأکثر و علاج الشک بصلاة الاحتیاط علی أساس أنه لا یعلم ببطلان صلاته علی تقدیر الثلاث و إنما یعلم بوجوب القضاء أو سجود السهو علی هذا التقدیر، و عندئذ لا مانع من تطبیق قاعدة العلاج و لا یکون لغوا، کما أنه لا مانع من تطبیق قاعدة التجاوز شریطة احتمال الإذکریة و الالتفات حین العمل و الاّ فاصالة البراءة عن وجوب القضاء.

فالنتیجة هي الحکم بتمامیة الصلاة في هذا الفرض تطبیقا لقاعدة العلاج و عدم وجوب شيء علیه تطبیقا لقاعدة التجاوز، فإذن یمتاز هذا الفرض عن الفرض السابق و هو ما إذا علم بترک رکن علی تقدیر الثلاث.

و من هنا یظهر الحال فیما إذا علم بأنه إن صلی أربعا فقد ترک ما یجب علیه قضاؤه أو سجود السهو من قبله.

قد یقال: إن قاعدة البناء علی الأکثر في هذا الفرض معارضة بقاعدة التجاوز باعتبار أن مقتضی الأولی وجوب القضاء أو سجود السهو و مقتضی الثانیة عدم وجوبه، فإذن تقع المعارضة بینهما.

و الجواب: أن المعارضة بینهما مبنیة علی أحد أمرین:

الأول: ان تثبت قاعدة البناء علی الأکثر لوازمها العقلیة أو العادیة.

الثاني: أن یکون العلم الإجمالي علة تامة للتنجز. ولکن کلا الأمرین غیر تام.

أما الأمر الأول: فلأن قاعدة البناء و إن کانت قاعدة واقعیة مجعولة للشاک في عدد رکعات صلاته لا أنها قاعدة ظاهریة، ولکن بما أنها مجعولة للشاک و المتحیر في عدد رکعاتها فلا نظر لها إلی الواقع أصلا، بل الأمر بالعکس تماما فإن موضوع هذه القاعدة هو من استوی شکه و تحیره بالنسبة إلی الواقع من دون أدنی ترجیح لأحد طرفیه علی الطرف الآخر، و علیه فالحکم بالبناء علی الأکثر و هو الأربع في مفروض المسألة و إن کان حکما واقعیا ألا أن موضوعه هو المتحیر و الشاک شریطة اعتدال شکه و استوائه فلا کون مدلولها إثبات الأکثر واقعا لکي تثبت لوازمه أیضا، فإذن ما ثبت بقاعدة التجاوز و هو الاتیان بالجزء أو الشرط المشکوک لا تنفیه قاعدة البناء علی الأکثر لأن ترک الاتیان بذلک الجزء أو الشرط إنما هو من لوازم الاتیان بالأربع واقعا لا بناء و تعبدا، فلا معارضة حینئذ بینهما.

و أما الأمر الثاني: فقد ذکرنا في محله أن القول بالعلیة التامة لا أساس له بداهة أن حال العلم الإجمالي لیس کحال العلم التفصیلي في المسألة، فالصحیح هو القول بالاقتضاء فیکون تنجیزه إنما هو علی أساس تعارض الأصول المؤمنة في أطرافه و تساقطها، و إذا جری في بعض تلک الأطراف دون بعضها الآخر فلا یکون منجزا. و علی هذا فلا تعارض بین القاعدتین في المسألة حیث لا یلزم من تطبیقهما علیها محذور المخالفة القطعیة العملیة، و أما المخالفة القطعیة الالتزامیة فلا أثر لها و لا تمنع.

فالنتیجة: ان مجرد العلم بعدم مطابقة احداهما للواقع لا یمنع عن جریانهما في المقام بعد ما لا یلزم منه محذور.

و من ذلک یظهر أن ما ذکره الماتن1 من الحکم بصحة الصلاة فیما إذا علم المصلي بترک رکن علی تقدیر الثلاث تطبیقا لقاعدة البناء علی الأکثر و ببطلانها فیما إذا علم بترک رکن علی تقدیر الأربع من جهة العلم الإجمالي ببطلان هذه الصلاة أما بترک الرکن فیها، أو بنقصان رکعة منها، فلا یحتمل صحتها، فمن أجل ذلک لا تکون موردا لقاعدة البناء، غیر صحیح، و کان ینبغي له أن یحکم بالبطلان في الفرض الأول أیضا بملاک ما مر.

 

الرابعة والاربعون: اذا تذكّر بعد القيام انـّه ترک سجدة من الركعة الّتي قام عنها، فان اتى بالجلوس بين السجدتين ثمّ نسي السجدة الثانية يجوز له الانحناء الى السجود من غير جلوس ، وان لميجلس اصلا وجب عليه الجلوس ثمّ السجود، وان جلس بقصد الاستراحة والجلوس بعد السجدتين ففي كفايته عن الجلوس بينهما وعدمها وجهان؛ الاوجه الاوّل(1) ، ولايضرّ نيّة الخلاف، لكنّ الاحوط الثاني، فيجلس ثمّ يسجد.

1- الفیّاض: بل هو المتعین لأن الجلوس حقیقة واحدة فإذا أتی به باسم الجلوس الصلاتي ناویا به القربة تحقق، و أما اعتقاد أنه للاستراحة فهو لا یضر باعتبار أن عنوان الاستراحة لیس قیدا للجلوس المأمور به حتی یضر تخلفه عنه، لأن المأمور به هو الجلوس الصلاتي من دون أخذ عنوان زائد علیه، فإذا جلس بنیة أنه منها خالصا للّـه تعالی فقد تحقق المأمور به و لا یضر الاتیان به کذلک بعنوان الاستراحة، فإنه لیس عنوانا للمأمور به و قیدا له بل هو داع و تخلف الداعي لا یضر.

نعم بناء علی القول بأن جلسة الاستراحة مستحبة في الصلاة و لیست من أجزائها فعندئذ إذا أتی بها المصلي بعنوان أنها مستحبة فیها لا بنیة أنها منها لم تقع مصداقا للجلوس المأمور به الذي هو من الصلاة حیث أن المعتبر في صحة کل جزء من أجزاء الصلاة أمران..

أحدهما: أن یأتي به بنیة أنه منها باعتبار أن هذه النیة من الشروط المقومة للجزء.

و الآخر: أن ینوي به القربة، و أما إذا أتی به لا بنیة أنه منها فلا یقع مصداقا لجزء الصلاة، فإذن یکون التخلف في القید المقوم للمأمور به لا في الداعي و الأمر الخارج عنه.

 

الخامسة والاربعون: اذا علم بعد القيام او الدخول في التشهّد نسيان احدى السجدتين وشکّ في الاخرى، فهل يجب عليه اتيانهما لانـّه اذا رجع الى تدارک المعلوم يعود محلّ المشكوک ايضا، او يجري بالنسبة الى المشكوک حكم الشکّ بعد تجاوز المحلّ؟ وجهان، اوجههما الاوّل (1) ، والاحوط اعادة الصلاة ايضا.

1- الفیّاض: بل هو المتعین، لا لأجل ما ذکر في المتن، بل لأن القیام و التشهد منه قد وقعا في غیر محلهما الشرعي حیث أنه بعد السجدة الثانیة، و المفروض أنهما قد وقعا قبلها، فمن أجل ذلک إذا تفطن قبل أن یرکع رجع و ألغی ما کان قد أتی به من قیام و تشهد فعندئذ یکون الشک في الاتیان بالسجدة الأولی في محلها فلابد من تطبیق قاعدة الشک في المحل و مقتضاها أن یأتي بها و بالثانیة المنسیة ثم یأتي بالتشهد و یواصل صلاته و لا شيء علیه، و الأحوط أن یأتي بسجدتي السهو مرتین، مرة للتشهد الزائد و مرة للقیام الزائد.

 

 السادسة والاربعون: اذا شکّ بين الثلاث والاربع مثلا، وبعد السلام قبل الشروع في صلاة الاحتياط علم انـّها كانت اربعا ثمّ عاد شكّه، فهل يجب عليه صلاة الاحتياط لعود الموجب وهو الشکّ، او لا، لسقوط التكليف عنه حين العلم، والشکّ بعده شکّ بعد الفراغ؟ وجهان ، والاحوط  الاوّل(1)   .

1- الفیّاض: في کلا الوجهین إشکال بل منع، و الأظهر هو الاتیان بالرکعة المشکوکة متصلة و ذلک: أما الوجه الأول، فلأن نصوص المسألة قاصرة عن شموله، فإن قوله في صحیحة الحلبي: «إن کنت لا تدري ثلاثا صلیت أم أربعا و لم یذهب وهمک إلی شيء فسلم ثم صل رکعتین و أنت جالس تقرأ فیهما بأم الکتاب...» (الوسائل ج 8 باب: 10 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحدیث: 5) ظاهر في أن العلاج بهذه الطریقة وظیفة الشاک و المتحیر و أنه لا یزول الاّ بذلک. و أما إذا زال هذا الشک بعد التسلیم و قبل العلاج بصلاة الاحتیاط و تبدل بالیقین بالتمام ثم حدث ذلک الشک مرة أخری فلا یکون مشمولا لها، فإن الشک الأول بما أنه قد زال فلا یقتضي العلاج بصلاة الاحتیاط. و أما الشک الحادث فبما أنه بعد الصلاة فلا یکون مشمولا لها لعدم إطلاق لها من هذه الناحیة، فمن أجل ذلک لا یمکن الحکم بوجوب صلاة الاحتیاط تطبیقا لقاعدة العلاج.

و دعوی: ان الشک العائد هو بعینه الشک الزائل فکأنه لم یزل فیکون مشمولا لنصوص القاعدة..

مدفوعة: بأن الشک العائد غیر الشک الزائل حقیقة، فإنه حادث بعد الفراغ من الصلاة و ذاک حادث في أثنائها، ولکن بما أن الشک العائد تعلق بعین ما تعلق به الشک الزائل فیطلق علیه أنه هو مسامحة، و من المعلوم أنه لا عبرة بالاطلاق المسامحي و لا یکون موضوعا للحکم.

و أما الوجه الثاني: فلأن الشک المذکور وإن کان حادثا بعد الفراغ، الّا أن المعتبر في جریان قاعدة الفراغ احتمال الأذکریة والالتفات حین العمل وهو مفقود في المقام لأن المصلي فیه یعلم بأنه کان شاکا ومترددا أثناء الصلاة بین الثلاث والأربع وبنی علی الأربع وأتمها فالشک في صحتها لیس الّا من جهة الشک في أن ذلک البناء مطابق للواقع أو لا؟ ومن المعلوم أن قاعدة الفراغ لا تدل علی أنه مطابق للواقع علی أساس أنها لیست قاعدة تعبدیة محضة، بل هي قاعدة عقلائیة تبتني علی نکتة مبررة لبنائهم علیها وهي احتمال الالتفات حین العمل الذي هو مقتضی طبع الانسان الأولي في مقام العمل، فلا یکون اعتباره بتعبد من الشرع.

ومن هنا لو لم یرد فیه نص لکنا نقول باعتباره أیضا، فإذن لا یکون وروده فیه الا تأکیدا لا تأسیسا.

وفي ضوء ذلک یکون المرجع في المسألة هو أصالة عدم الاتیان بالرکعة الرابعة ومقتضاها الاتیان بها متصلة، فإذا أتی بها فقد أکمل صلاته ولا شيء علیه، واحتمال زیادة الرکعة فیها لا أثر له بعد إن کان مأمورا بالاتیان بها کذلک.

وأما التسلیم الواقع منه فیها بعدالبناء علی الأکثر فلا یکون مخرجا من الصلاة وذلک لأن التسلیم إنما یکون مخرجا منها بحکم الشارع لو کان واقعا في محله تطبیقا لقاعدة البناء علی الأکثر وعلاج الشک بصلاة الاحتیاط، وبما أن القاعدة لا یمکن تطبیقها في المقام فلم یقع التسلیم في محله ولم یکن مخرجا بحکم الشارع، بل مقتضی الأصالة المذکورة انه وقع بعد الرکعة الثالثة وهو غیر محله، فإذن لا یکون التسلیم مانعا عن الاتیان بالرکعة المشکوکة متصلة والتحاقها بها، وبما أنه یری وظیفته الاتیان به فلا یکون زیادة فیها عن عمد وعلم.

فالنتیجة: ان الأظهر في المسألة هو الاتیان بالرکعة المشکوکة متصلة، وإن کان الأحوط والأجدر إعادتها ثانیة ثم یسجد سجدتي السهو علی الأحوط مرة للسلام في غیر محله، وأخری للتشهد الزائد.

 

 السابعة والاربعون: اذا دخل في السجود من الركعة الثانية فشکّ في ركوع هذه الركعة وفي السجدتين من الاولى، ففي البناء على اتيانها من حيث انّه شکّ بعد تجاوز المحلّ، او الحكم بالبطلان، لاوله الى الشکّ بين الواحدة والاثنتين وجهان؛ والاوجه الاوّل(1) وعلى هذا فلو فرض الشکّ بين الاثنتين والثلاث بعد اكمال السجدتين مع الشکّ في ركوع الركعة الّتي بيده وفي السجدتين من السابقة، لايرجع الى الشکّ بين الواحدة والاثنتين حتّى تبطل الصلاة، بل هو من الشکّ بين الاثنتين والثلاث بعد الاكمال؛ نعم لو علم بتركهما  مع الشکّ المذكور، يرجع الى الشکّ بين  الواحدة والاثنتين، لانـّه عالم حينئذٍ باحتساب ركعتيه بركعة.

1- الفیّاض: بل هو المتعین تطبیقا لقاعدة التجاوز في کلا الموردین في المسألة شریطة احتمال الأذکریة والالتفات حین العمل لعموم أدلتها ولا سیما صحیحة زرارة الناصة في تطبیق القاعدة علی الشک في کل جزء بعد الدخول في جزء آخر مترتب علیه، وبضمها إلی الوجدان تحرز الرکعتان فلا یکون الشک المفروض في المسألة من الشک بین الواحدة والاثنتین.

 

الثامنة والاربعون: لايجري حكم كثير الشکّ في صورة العلم الاجمالي؛ فلو علم ترک احد الشيئين اجمالا من غير تعيين، يجب عليه مراعاته. وان كان شاكّا بالنسبة الى كلٍّ منهما، كما لو علم حال القيام انـّه امّا ترک التشهّد او السجدة، او علم اجمالا انـّه امّا ترک الركوع او القرائة (1)  وهكذا، او علم بعد الدخول في الركوع انـّه امّا ترک سجدة واحدة او تشهّدا، فيعمل في كلّ واحد من هذه الفروض حكم العلم الاجمالي المتعلّق به، كما في غير كثير الشکّ  .

1- الفیّاض: هذا علی القول بأن ترک القراءة یوجب سجود السهو ولو احتیاطا، فعندئذ لا یمکن تطبیق قاعدة الغاء حکم کثیر الشک في کلیهما معا لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة علی أساس أن المصلي حینئذ یکون علی یقین أما بوجوب إعادة الصلاة علیه إذا کان تارکا للرکوع في الواقع، وأما بوجوب سجدتي السهو إذا کان تارکا للقراءة کذلک، وأما علی القول بعدم وجوب سجدتي السهو بترک القراءة نسیانا فلا أثر لترکها حینئذ، وعلیه فیکون شکه في الرکوع ملحقا بالشک البدوي فیحکم بعدم الاعتناء به تطبیقا لقاعدة الغاء حکم کثیر الشک، وبما اننا بنینا علی وجوب سجدتي السهو علی الأحوط في کل زیادة ونقیصة فیکون للعلم الإجمالي المذکور في المسألة أثر، فلا یمکن الحکم بعدم الاعتناء بالشک في کل منهما تطبیقا للقاعدة.

و دعوی: ان قاعدة الغاء حکم کثیر الشک لا تجري في القراءة في نفسها لا من جهة المعارضة، بل من جهة أن جریانها فیها یتوقف علی إحراز صحة الصلاة في نفسها ما عدا هذه الجهة باعتبار أن موضوع وجوب سجدتي السهو ترک القراءة أو نحوها سهوا في صلاة صحیحة، والمفروض أن صحتها تتوقف علی جریان القاعدة في الرکوع، وبالتالي یتوقف جریانها في القراءة علی جریانها في الرکوع، فإذا جرت فیه لم تجر فیها للزوم المخالفة القطعیة العملیة، فیکون المرجع فیها حینئذ هو أصالة عدم الاتیان بها، ومقتضاها وجوب سجدتي السهو بعد إتمام الصلاة علی الأحوط.

مدفوعة: بما تقدم في المسألة الرابعة عشرة موسعا وحاصله:

ان جریان هذه القاعدة في المسألة في القراءة وإن کان متوقفا علی جریانها في الرکوع الّا أنها إذا جرت فیه تحقق موضوعها فیها وحینئذ فلا مانع من تطبیق اطلاق دلیل القاعدة علیها في القراءة أیضا، فإذن یلزم المحذور، وبما أن جریانها في المورد الثاني من لوازم جریانها في المورد الأول فیکون المحذور مستندا إلی الجریان في کلا الموردین.

فاذن لابد من الحکم بسقوطه في المورد الأول باعتبار أن سقوطه فیه یستلزم سقوطه في المورد الثاني أیضا، ولا یمکن الحکم بسقوطه في المورد الثاني دون الأول لأنه تقیید لإطلاق دلیل القاعدة بلا مقید.

التاسعة والاربعون: لو اعتقد انـّه قرا السورة مثلا وشکّ في قرائة الحمد فبنى على انـّه قراه لتجاوز محلّه، ثمّ بعد الدخول في القنوت تذكّر انـّه لميقرا السورة، فالظاهر وجوب قرائة الحمد ايضا، لانّ شكّه الفعلي  وان كان بعد تجاوز المحلّ (1)  بالنسبة الى الحمد، الّا انـّه هو الشکّ الاوّل الّذي كان في الواقع قبل تجاوز المحلّ، وحكمه الاعتناء به والعود الى الاتيان بما شکّ فيه.

1- الفیّاض: هذا مبني علی کفایة الدخول في القنوت في تطبیق قاعدة التجاوز، ولکن الظاهر عدم الکفایة، فإن المعتبر فیه هو الدخول في جزء آخر مترتب علیه، والقنوت بما أنه لیس من الصلاة فلا یکون الدخول فیه محققا لعنوان التجاوز، فلو شک المصلي في القراءة وهو في القنوت کان من الشک في المحل فلابد من الاعتناء به، هذا إضافة إلی أن موضوع القاعدة هو التجاوز الواقعي لا الخیالي والاعتقادي الذي لا واقع له وعلی هذا فإذا شک في القراءة معتقدا بأنه قرأ السورة ثم بان انه لم یقرأها لم تجر القاعدة لأنه لم یتجاوز عن المحل الشکي ال خیالا واعتقادا الذي لا واقع موضوعي له حتی یترتب علیه أثر.

 

الخمسون: اذا علم انّه امّا ترک سجدة او زاد ركوعا، فالاحوط  قضاء السجدة وسجدتا السهو ثمّ اعادة الصلاة ، ولكن لايبعد جواز الاكتفاء بالقضاء(1)  وسجدتا السهو، عملا باصالة عدم  الاتيان بالسجدة وعدم زيادة الركوع.

1- الفیّاض: هذا هو الأظهر إذا کان التذکر بعد الفراغ من الصلاة وکذلک إذا کان في أثناء الصلاة شریطة أن یکون قبل الدخول في رکن، وأما إذا کان بعده فالأظهر وجوب إعادة الصلاة من جدید وعدم إمکان إتمام ما بیده  من الصلاة صحیحة.

بیان ذلک: ان المصلي اذا تفطن بالحال في المسألة بعد الفراغ تقع المعارضة بین قاعدة الفراغ في الصلاة من جهة احتمال زیادة الرکوع فیها وقاعدة التجاوز في السجدة وحیث انه لا یمکن تطبیق کلتا القاعدتین معا لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة للتکلیف المعلوم بالاجمال وهو علمه إجمالا أما بوجوب إعادة الصلاة علیه أو قضاء سجدة بعدها فتسقطان معا من جهة المعارضة.

ودعوی: ان قاعدة التجاوز في السجدة لا یمکن أن تعارض قاعدة الفراغ في الصلاة علی أساس أن جریانها فیها إنما هو لنفي وجوب القضاء، وهو یتوقف علی صحة الصلاة في نفسها حیث ان موضوع وجوب القضاء هو ترکها في صلاة محکومة بالصحة والّا فلا موضوع له، وبما ان الصلاة في المسألة لا تکون محکومة بالصحة الّا بأعمال قاعدة الفراغ فیتوقف الحکم بنفي وجوب قضاء السجدة تطبیقا لقاعدة التجاوز علی الحکم بصحة الصلاة تطبیقا لقاعدة الفراغ و به یتحقق موضوع قاعدة التجاوز في السجدة، ولکن لا یمکن تطبیق قاعدة التجاوز فیها لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة...

مدفوعة: بما مر في المسإلة الرابعة عشرة من أن جریان قاعدة التجاوز في السجدة لنفي وجوب قضائها و إن کان یتوقف علی جریان قاعدة الفراغ في الصلاة في المرتبة السابقة بملاک توقف موضوعها علیه، فإذا جرت في الصلاة تحقق موضوعها في السجدة و معه یکون المقتضي لجریانها فیها موجودا ولکن لزوم المخالفة القطعیة العملیة مانع منه، و بما انه مستند إلی جریان کلتا القاعدتین فتسقط قاعدة الفراغ في الصلاة أیضا، و علیه فتصل النوبة إلی أصالة عدم زیادة الرکوع فیها فیحکم بصحة الصلاة تطبیقا لهذه الأصالة، و إلی أصالة عدم الاتیان بالسجدة فیحکم بوجوب قضائها بمقتضی هذه الأصالة و إذا تفطن بالحال في المسألة أثناء الصلاة فإن کان بعد الدخول في الرکن اللاحق فحینئذ إن قلنا بأن قاعدة التجاوز تشمل احتمال الزیادة أیضا، فالحال فیه کما تقدم...

و إن قلنا بأنها لا تشمل ذلک کما هو الصحیح حیث ان الظاهر من الروایات التي تنص علی القاعدة هو ما إذا کان الشک في وجود الشيء بمفاد کان التامة بعد الدخول في غیره المترتب علیه شرعا المحقق للتجاوز عنه، و هذا المعنی بما أنه لا ینطبق علی المقام فیکون المرجع فیه هو اصالة عدم زیادة الرکوع، و یترتب علیها صحة الصلاة و عدم وجوب إعادتها ولکن بما أن هذه الأصالة تثبت موضوع القاعدة في السجدة و بعد ثبوت موضوعها فیها لا مانع من شمول اطلاق دلیلها لها الاّ المعارضة باطلاق دلیل الاصالة، فیسقط من جهة المعارضة کما مر نظیر ذلک في المسائل المتقدمة.

و من هنا یظهر أن أصالة عدم الاتیان بالسجدة لا تجري لإثبات وجوب قضائها لما مر من أن موضوع وجوب قضائها هو عدم الاتیان بها في صلاة محکومة بالصحة و المفروض أنها غیر محکومة بها.

فالنتیجة: انه لا یمکن إتمام هذه الصلاة صحیحة و الاکتفاء بها في مقام الامتثال لأنه مخالف للعلم الإجمالي أما بوجوب إعادتها، أو بوجوب قضاء السجدة، فإذن تکون وظیفته إلغائها واستئنافها من جدید، وبذلک یفترق هذا الفرض عن الفرض الأول وإن کان قبل الدخول في الرکن اللاحق وبعد الدخول في الجزء غیر الرکني، کما إذا دخل في التشهد أو القیام قبل أن یرکع تفطن بالحال وعلم بان التشهد أو القیام أو کلیهما قد وقع في غیر محله الشرعي ولیس من الصلاة، فعندئذ تکون وظیفة الرجوع والغاء ما کان قد أتی به من التشهد أو القیام والاتیان بالسجدة تطبیقا لقاعدة الشک في المحل والحکم بعدم زیادة الرکوع فیها تطبیقا لأصالة عدم الزیادة ومواصلة صلاته وإتمامها وبعد ذلک یأتي بسجدتي السهو علی الأحوط للزیادة ولا شيء علیه.

 

الحادية والخمسون: لو علم انـّه امّا ترک سجدة من الاولى او زاد سجدة في الثانية  ، وجب  عليه  قضاء السجدة (1) والاتيان بسجدتي السهو مرّة واحدة  بقصد ما في الذمّة من كونهما للنقيصة او للزيادة.

1- الفیّاض: في وجوب القضاء اشکال بل منع، والأظهر عدم وجوبه لأن أصالة عدم زیادة السجدة في الرکعة الثانیة وإن کانت معارضة لقاعدة التجاوز فیها في الرکعة الأولی، الّا أن هذا المعارضة إنما هي بالنسبة إلی الأثر المشترک بینهما وهو وجوب سجدتي السهو علی الأحوط للعلم الإجمالي بثبوته أما للزیادة أو للنقیصة، دون الأثر المختص، فإن العلم الإجمالي إنما یوجب التعارض بین الأصول المؤمنة في أطرافه بالنسبة إلی الأثر المشترک بین الجمیع باعتبار أن تنجیزه یتوقف علی سقوط تلک الأصول بالمعارضة، وأما إذا کان لبعض أطرافه زائدا علی الأثر المشترک أثر مختص به فلا یسقط الأصل بالنسبة إلی ذلک الأثر المختص لعدم المعارض له فیه.

وما نحن فیه من هذا القبیل فإن وجوب سجود السهو أثر مشترک بین قاعدة التجاوز وأصالة عدم الزیادة، فلا یمکن جریان کلتیهما لنفي ذلک الأثر لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة، فإذن تسقطان معا بالمعارضة، وأما وجوب قضاء السجدة فبما أنه أثر مختص بمورد قاعدة التجاوز فلا مانع من جریانها لنفي ذلک الأثر لأن إطلاق دلیلها قد سقط بالنسبِ إلی الأثر المشترک بملاک المعارضة ولا موجب لسقوطه بالنسبة إلیه لعدم المعارض له، فإذن لا مانع من تطبیق قاعدة التجاوز في المقام لنفي ذلک الأثر المختص، ونتیجة ذلک هي عدم وجوب قضاء السجدة تطبیقا لقاعدة التجاوز ووجوب سجدتي السهو علی الأحوط إما للزیادة أو للنقیصة.

ومن هنا یظهر أن عدم جریان أصالة عدم الزیادة إنما هو من جهة المعارضة لا في نفسه، إذ لا مانع من جریانها کذلک بلحاظ ما یترتب علی الزیادة السهویة من الأثر وهو وجوب سجدتي السهو علی الأحوط لو لا معارضتها بجریان قاعدة التجاوز.

نعم مع الاغماض عن ذلک وتسلیم ان قاعدة التجاوز قد سقطت في الأولی من جهة المعارضة بأصالة عدم الزیادة في الثانیة مطلقا حتی بالنسبة إلی الأثر المختص یجب قضاء السجدة بمقتضی أصالة عدم الاتیان بها في محلها، ولکن ذلک مجرد افتراض لا واقع موضوعي له. وقد تحصل من ذلک أن الأظهر في المسألة عدم وجوب قضاء السجدة.

 

الثانية والخمسون: لو علم انـّه امّا ترک سجدةً او تشهّدا، وجب  الاتيان  بقضائهما  وسجدتا السهو مرّة  (1).

1- الفیّاض: علی الأحوط.

 

الثالثة والخمسون: اذا شکّ في انـّه صلّى المغرب والعشاء ام لا، قبل ان ينتصف  الليل؛ والمفروض انـّه عالم بانـّه لميصلّ في ذلک اليوم الّا ثلاث صلوات من دون العلم بتعيينها، فيحتمل ان يكون الصلاتان الباقيتان المغرب والعشاء ويحتمل ان يكون اتيا بهما ونسي اثنتين من صلوات النهار، وجب عليه الاتيان بالمغرب والعشاء فقط، لانّ الشکّ بالنسبة الى صلوات النهار بعد الوقت وبالنسبة اليهما في وقتهما. ولو علم انـّه لميصلّ في ذلک اليوم الّا صلاتين، اضاف الى المغرب والعشاء قضاء ثنائيّة ورباعيّة؛ وكذا ان علم   انـّه لميصلّ  الّا صلاة واحدة(1)  .

1- الفیّاض: فیه: انه لا یکفي أن یضیف إلی المغرب والعشاء في هذا الفرض صلاة ثنائیة ورباعیة فحسب لاحتمال فوات الظهر والعصر منه معا وان المأتي به هو صلاة الصبح، فإذن لابد من إضافة ثنائیة ورباعیتین إلیهما للعلم الإجمالي بفوت صلاتین من النهاریة المرددتین بین الظهرین، أو بین احداهما وصلاة الصبح، فعلیه لابد من الاتیان بالجمیع حتی یکون متأکدا ومتیقنا بالفراغ.

 

الرابعة والخمسون: اذا صلّى الظهر والعصر، ثمّعلماجمالا انّه شکّ في احداهما بين الاثنتينوالثلاث وبنى على الثلاث، ولايدري انّ الشکّ المذكور في ايّهما كان، يحتاط  باتيان  صلاة الاحتياط  واعادة صلاة واحدة بقصد ما في الذمّة(1)   .

1- الفیّاض: بل الظاهر کفایة الاتیان بصلاة واحدة بنیة العصر علی أساس أن الصلاتین في الواقع لا تخلوان اما ان تکون کلتاهما تامة، أو الأولی تامة دون الثانیة، أو بالعکس، فعلی الأول لا حاجة إلی صلاة الاحتیاط ولا إلی إعادة صلاة واحدة، وعلی الثاني تکفي صلاة الاحتیاط إن لم یصدر منه ما یبطل الصلاة وإن کان عن سهو وذهول وأما إذا صدر منه ذلک فتجب إعادتها باسم العصر لفرض ان صلاة الظهر تامة، وعلی الثالث فبما ان صلاة العصر تامة وصلاة الظهر ناقصة ولم یتدارک نقصها بصلاة الاحتیاط قبل الاتیان بالعصر حیث لا یمکن التدارک بعد الاتیان بها باعتبار أنه مانع منه فتنقلب ظهرا بمقتضی نص قوله7: «أربع مکان أربع» وعلیه فتبقی ذمته مشغولة بالعصر، فإذن لابد من الاتیان بها باسمها.

 

الخامسة والخمسون: اذا علم اجمالا انـّه امّا زاد قرائة او نقصها، يكفيه  سجدتا السهو  مرّة  (1)  ؛ وكذا اذا علم انـّه امّا زاد التسبيحات الاربع او نقصها  .

1- الفیّاض: علی الأحوط.

 

السادسة والخمسون: اذا شکّ في انـّه هل ترک الجزء الفلاني عمدا ام لا؟ فمع بقاء محلّ الشکّ لا اشكال في وجوب الاتيان به  ؛ وامّا مع تجاوزه، فهل تجري قاعدة الشکّ بعد التجاوز(1)  ام لا، لانصراف اخبارها عن هذه الصورة خصوصا بملاحظة قوله: «كان حين العمل اذكر» ؟ وجهان  ؛ والاحوط  الاتيان   ثمّ الاعادة(2)  .

1- الفیّاض: الظاهر هو الجریان شریطة أن لا یکون احتمال الترک العمدي احتمالا عقلائیا مانعا عن تحقق الشرط الارتکازي وهو أن کل مکلف إذا کان في مقام الامتثال والاطاعة حقیقة فاحتمال انه تارک للجزء الفلاني عمدا خلف فرض کونه في مقام الامتثال واحتمال السهو خلاف الأصل، ولو احتمل الترک العمدي بسبب من الأسباب فإن کان ضعیفا لم یعتد به باعتبار أنه لا یضر بالشرط الارتکازي المذکور، وإن لم یکن ضعیفا وکان عقلائیا لکان مانعا عن جریانها لمنعه عن ذلک الشرط.

وإن شئت قلت: إن هذه القاعدة بما أنها قاعدة عقلائیة ارتکازیة یتبع تطبیقها في کل مورد توفر ملاکها فیه، فإن کان متوفرا فیه جرت القاعدة وإلا فلا، فإذن لا مجال الدعوی الانصراف في المقام باعتبار أن أدلتها بما أنها في مقام التأکید والامضاء لا مقام التأسیس والجعل فتتبع ملاکها سعة وضیقا، فإذن لابد من النظر في المرتبة السابقة إلی أن ملاکها متوفر فیه أولا.

2- الفیّاض: مر أنه لا مانع من جریان قاعدة التجاوز شریطة أن یکون احتمال الترک العمدي ضعیفا علی نحو لا یضر بالشرط الارتکازي، ومع الاغماض عن ذلک وتسلیم أنها لا تجري مع هذا الاحتمال فما ذکره1 من الاحتیاط بالجمع بین الاتیان بالجزء المشکوک أولا ثم اعادة الصلاة، غیر تام فإن الشک فیه ان کان بعد التجاوز عن المحل السهوي والدخول في رکن بعده فلا شبهة في عدم إمکان تدارکه والاتیان به، فإن معنی التدارک هو أن یأتي بما ترکه وما بعده، ولو صنع ذلک في المقام والحالة هذه لأدی به إلی تکرار الاتیان بذلک الرکن مرة ثانیة والزیادة في الرکن مبطلة وحینئذ فتکون وظیفته الغاء ما کان قد أتی به من الصلاة واستئنافها من جدید، هذا إضافة إلی القطع بعدم الأمر بتدارکه والاتیان به أما لامتثال أمره في الواقع أو البطلان الصلاة بترکه العمدي وإن کان قبل الدخول في الرکن اللاحق بأن یکون في المحل السهوي، وإن تجاوز عن المحل الشکي فقد یقال بامکان تدارکه بمقتضی استصحاب عدم الاتیان به، ولکن الأمر لیس کذلک للقطع بسقوط الأمر عنه بأحد السببین المذکورین، فإذن لا مناص من الاعادة مرة ثانیة.

بقي هنا فرع:

وهو ما إذا علم المصلي بترک جزء ولکن یشک في کونه عمدیا أو سهویا فإن کان ذلک بعد الفراغ من الصلاة فالمرجع فیه قاعدة الفراغ والحکم بصحتها تطبیقا للقاعدة ویسجد سجدتي السهو علی الأحوط للنقیصة، وإن کان قبل الفراغ منها فإن کان بعد التجاوز عن المحل السهوي والدخول في الرکن اللاحق فقد یقال کما قیل بوقوع المعارضة بین قاعدة التجاوز في احتمال ترکه العمدي وقاعدة التجاوز في احتمال الترک السهوي باعتبار أن مقتضی الأولی صحة الصلاة ومقتضی الثانیة عدم وجوب القضاء أو سجود السهو، وبما ان المصلي یعلم أما ببطلان هذه الصلاة إذا کان الترک عمدیا، أو بوجوب القضاء أو سجود السهو إذا کان الترک سهویا، فمن أجل ذلک لا یمکن تطبیق کلتا القاعدتین معا.

والجواب: قد ظهر مما تقدم من أن قاعدة التجاوز بما أنها قاعدة عقلائیة فجریانها في کل مورد منوط بتوفر ملاکها فیه وهو احتمال الالتفات والأذکریة حین العمل، ومن المعلوم أن هذا الملاک غیر متوفر في المقام لا في احتمال الترک العمدي ولا في احتمال الترک السهوي علی أساس أن المصلي کان یعلم حاله حین العمل وإنه تارک له ولکن لا یدري أنه عمدي أو سهوي ولا یتوفر الملاک المذکور في شيء من هذین الاحتمالین، وحیث ان قاعدة التجاوز تبتني علی أساس ان المکلف إذا کان في مقام الامتثال وأداء الوظیفة فاحتمال أنه تارک للجزء المشکوک عمدا خلاف الفرض، واحتمال أنه تارک له سهوا خلاف الأصل، فمن أجل ذلک بنی علی الاتیان به فیکون موضوع البناء علیه هو دفع کلا الاحتمالین معا ولا یکون دفع کل من الاحتمالین بحده موضوعا للقاعدة.

و إن شئت قلت: أنّ موضوع القاعدة هو الشک في وجود الشيء بمفاد کان التامة بعد التجاوز عن محله کما هو مورد صحیحة زرارة، و أما في المسألة فبما ان المصلي کان علی یقین من ترک الجزء في محله الشرعي و لا شک له فیه و إنما هو شاک في صفتي العمد و النسیان فلا موضوع للقاعدة لفرض أنه لا محل لهما شرعا، فإن المحل المقرر من قبل الشرع إنما هو للموصوف بهما، و الفرض انه لا شک في وجوده.

و دعوی: ان الشک إنما هو في الوجود الخاص للجزء و هو وجوده عمدا أو سهوا بعد التجاوز عن محله...

مدفوعة: بأن مرد الشک في الوجود الخاص له إلی الشک في وجود الصفة دون الموصوف هذا إضافة إلی ما مر من أن القاعدة إنما تجري في احتمال الترک العمدي إذا کان ضعیفا جدا علی نحو لا یعتني به العقلاء، فحینئذ بما أنه لا یمنع عن الشرط الارتکازي لها فلا مانع من جریانها، و أما احتمال الترک العمدي في المسألة فبما أنه من أحد طرفي العلم الإجمالي فهو احتمال معتد به و معه لا بتوفر ما هو ملاک جریانها.

و إن کان قبل الدخول في الرکن اللاحق، کما إذا دخل في التشهد أو القیام علم بأنه ترک السجدة الثانیة من هذه الرکعة ولکن لا یدري أنه ترکها عمدا أو سهوا رجع و ألغی ما کان قد أتی به من التشهد أو القیام و سجد بنیة الثانیة و واصل صلاته و لا شيء علیه، فإن الترک العمدي إنما یوجب بطلان الصلاة إذا لم یکن تدارکه في محله و إلاّ لم یخل بها، فإن ترک الجزء عامدا ملتفتا إلی الحکم الشرعي مبطل للصلاة علی أساس ان المأمور به هو الصلاة المشتملة علی ذلک الجزء دون الفاقدة له، و أما إذا تفطن قبل الدخول في الرکن اللاحق إلی ترک الجزء فیرجع و یأتي به في محله الشرعي من دون استلزامه الاخلال بها لا زیادة و لا نقیصة و لا ترتیبا، و أما زیادة التشهد أو القیام فبما أنها سهویة فلا تضر بالصلاة ما عدا کونها موجبة لسجدتي السهو علی الأحوط.

و إن شئت قلت: إن الشک في المقام شک في المحل حقیقة لا بعد تجاوزه علی أساس أن ما کان قد أتی به من التشهد أو القیام لیس من الصلاة في شيء حتی یکون الدخول فیه محققا للتجاوز عنه، فإذن یکون المصلي بعد في المحل الشکي، فلا یمکن التمسک بقاعدة التجاوز.

و دعوی: ان ترکه إذا کان عمدیا فهو غیر قابل للتدارک، فإذا لم یکن قابلا له فقد تحقق التجاوز عن المحل، إذ العبرة إنما هي بتحققه سواء أکان بالدخول في الجزء المترتب أم کان بعدم إمکان تدارکه...

مدفوعة: بأن المصلي إذا کان بحکم الشارع بعد في محل الجزء المتروک و لم یتجاوز عنه فلما ذا لا یکون قابلا للتدارک رغم أنه لا یلزم من تدارکه أي محذور من الزیادة أو النقیصة العمدیة أو الاخلال بالترتیب باعتبار أنه تدارک لذلک الجزء المتروک في محله الشرعي.

فالنتیجة: ان الأظهر في هذا الفرض هو الرجوع إلی محل الجزء المتروک و إلغاء ما کان قد أتی به من الجزء علی أساس انه واقع في غیر محله فلا یکون من الصلاة و الاتیان بالجزء المتروک و مواصلة الصلاة إلی أن تتم ثم الاتیان بسجدتي السهو علی الأحوط للزیادة السهویة.

 

السابعة والخمسون: اذا توضّا وصلّى، ثمّ علم انـّه امّا ترک جزءً من وضوئه او ركنا في صلاته، فالاحوط اعادة الوضوء ثمّ الصلاة، ولكن لايبعد جريان قاعدة الشکّ بعد الفراغ في الوضوء(1) ، لانـّها لاتجري في الصلاة حتّى يحصل التعارض، وذلک للعلم ببطلان الصلاة على كلّ حال.

1- الفیّاض: بل هو المتعین شریطة احتمال الالتفات و الأذکریة حین عملیة الوضوء، لأن المصلي حیث کان یعلم تفصیلا ببطلان صلاته و إنما یشک و یتردد في منشأه فلا موضوع للقاعدة فیها، و أما في الوضوء فبما أنه شاک ف يصحته و فساده فیتعین الحکم بصحته تطبیقا للقاعدة.

ثم ان انحلال العلم الإجمالي في المسألة إلی علیم تفصیلي و شک بدوي لا یرتبط بانحلال العلم الإجمالي في مسألة الأقل و الأکثر الارتباطیین لأن هذه المسألة لیست من عناصر تلک المسألة باعتبار أن متعلق الحکم في تلک المسألة عمل واحد مردد بین الاطلاق و التقیید، کالصلاة المرددة بین المقیدة بالسورة مثلا و بین المطلقة بالنسبة إلیها، و علیه فالوجوب المتعلق به مردد بین الإطلاق و التقیید و السعة و الضیق، و من هنا قلنا ان الانحلال الحقیقي للعلم الإجمالي في تلک المسألة غیر معقول، لأن العلم بوجوب الأقل بعینه هو العلم بالجامع بین الاطلاق و التقیید الذي هو عبارة عن العلم الإجمالي باعتبار أنه علم بالجامع و متقوم به في مقابل العلم التفصیلي الذي هو علم بالفرد بحده الفردي فمن أجل ذلک لا یعقل انحلال العلم الإجمالي بین الاقل و الاکثر الی علم تفصیلي بوجوب الاقل و الشک البدوي في وجوب الأکثر حقیقة لأن العلم بوجوب الأقل بعینه هو العلم الإجمالي بالجامع بین الاطلاق و التقیید، نعم ینحل هذا العلم الإجمالي حکما بجریان أصالة البراءة عن التقیید باعتبار أن فیه کلفة زائدة.

و أما متعلق الحکم في هذه المسألة فهو عملان..

أحدهما: الوضوء.

و الآخر: الصلاة.

فالعلم التفصیلي تعلق ببطلان الصلاة بحدها الصلاتي لا بالجامع بین السعة و الضیق، و إنما التردد في منشأ البطلان و سببه، کما أن الشک تعلق بصحة الوضوء و بطلانه بجده الوضوئي فمن أجل ذلک یکون الانحلال في هذه المسألة حقیقیا دون تلک فإن الانحلال فیها حکمي و الحقیقي غیر معقول.

 

الثامنة والخمسون: لو كان مشغولا بالتشهّد او بعد الفراغ منه وشکّ في انـّه صلّى ركعتين وانّ التشهّد في محلّه(1) ، او ثلاث ركعات وانـّه في غير محلّه، يجري حكم الشکّ بين الاثنتين والثلاث، وليس عليه سجدتا السهو لزيادة التشهّد ، لانـّها غير معلومة(2) وان كان الاحوط   الاتيان بهما ايضا بعد صلاة الاحتياط.

1- الفیّاض: هذا غیر بعید بأن یبني في هذه الحالة علی أنه صلی رکعتین و إن هذا هو التشهد المطلوب منه، و یواصل صلاته و لا شيء علیه، و ذلک لأن المصلي إذا وجد نفسه و هو یتشهد أو قد أکمل تشهده و شک في أنه صلی رکعتین و إن تشهده هذا وقع في محله أو أنه صلی ثلاث رکعات و إن تشهده هذا وقع في غیر محله سهوا، فیجعل التشهد نفسه قرینة علی أنه قد صلی رکعتین لا أکثر تطبیقا لقاعدة التجاوز لأنه یشک حینما یتشهد أنه أتی بالرکعة الثانیة قبل تشهده هذا أو أنه أتی بالرکعة الثالثة، مقتضی قاعدة التجاوز أنه أتی بالرکعة الثانیة کما أنه إذا شک و هو یتشهد في أن تشهده هذا هل حدث و وقع بعد الرکعة الأولی سهوا أو بعد الثانیة فیکون دخوله في التشهد قرینة علی أنه قد أکمل رکعتین تطبیقا لقاعدة التجاوز، لأن الشک في صدور الرکعة الثانیة منه بعد دخوله في التشهد و هو عین الشک في الشيء بعد التجاوز عن محله الشرعي، و لا فرق في ذلک بین أن یکون أحد طرفي الشک هو الرکعة الأولی أو الثالثة، فإنه علی کلا التقدیرین یکون شاکا في أنه صدر منه الرکعة الثانیة قبل هذا التشهد و أن هذا هو التشهد المطلوب منه، أو الرکعة الأولی أو الثالثة؟ فلا مانع من التمسک بالقاعدة.

و إن شئت قلت: إن المصلي في هذه المسألة یشک في أنه أتی بالرکعة الثانیة و دخل في التشهد و أن هذا هو التشهد الواجب، أو أتی بالثالثة و دخل فیه سهوا و غفلة، مقتضی قاعدة التجاوز هو الأول کما أنه إذا شک في أنه أتی بالثانیة و دخل في التشهد أو أتی بالأولی و دخل فیه غفلة کان مقتضی القاعدة هو الأول.

فالنتیجة: ان الحکم بأنه صلی رکعتین تطبیقا لقاعدة التجاوز هو الأظهر، حیث أن تمام مؤهلات القاعدة و ملاکاتها المبررة لحجیتها موجودة في المسألة لأنه في مقام الامتثال و الانقیاد و احتمال أنه دخل في التشهد بعد الرکعة الثالثة عامدا عالما خلف فرض کونه في مقام أداء الوظیفة، و أما احتمال السهو و الغفلة فهو نادر و مدفوع بأصالة عدم الغفلة. فمن أجل ذلک لا یعتني به العقلاء نهائیا في تمام أفعالهم و أقوالهم ولکن مع ذلک کان الأحوط و الأجدر أن یعید الصلاة مرة ثانیة، و به یظهر حال ما في المتن.

2- الفیّاض: هذا فیما إذا کان الشک بین الرکعتین و الثلاث بعد الفراغ من التشهد، فإنه حینئذ إذا بنی علی الثلاث لم یعلم بالزیادة، و أما إذا کان الشک في أثنائه و بنی علی الثلاث و قام للرابعة قبل إتمام التشهد فهو یعلم اما بزیادة ما أتی به من التشهد أو بنقصان ما بقي منه، فعندئذ یعلم بسجود السهو علیه اما للزیادة أو للنقیصة علی الأحوط.

 

التاسعة والخمسون: لو شکّ في شيء وقد دخل في غيره الّذي وقع في غير محلّه، كما لو شکّ في السجدة من الركعة الاولى او الثالثة ودخل في التشهّد او شکّ في السجدة من الركعة الثانية وقد قام قبل ان يتشهّد، فالظاهر   البناء   على الاتيان(1)    وانّ الغير اعمّ  من الّذي وقع في محلّه او كان زيادة في غير المحلّ  ، ولكنّ الاحوط مع ذلک اعادة الصلاة ايضا.

1- الفیّاض: بل الظاهر عدم الاتیان و الاعتناء باشک و الرجوع إلی السجدة و الاتیان بها لأن الشک فیها في المحل باعتبار أن المراد من الغیر المعتبر دخوله في جریان قاعدة التجاوز خصوص ما یترتب علی جزء المشکوک شرعا تبعا للترتیب و التنسیق بینهما، کما إذا شک في جزء من أجزاء الصلاة بعد تجاوز مکانه المقرر له شرعا تبعا لما یعتبر بینهما من الترتیب و التنسیق و دخل ف يجزء آخر واجب الذي یلیه بلافصل، فیمضي الشاک و لا یعتني کما إذا دخل في القراءة و شک في التکبیرة فإنه یمضي في قراءته و لا یعتني بالشک، و أما إذا شک في القراءة و هو في القنوت فیعتني بشکه و یرجع إلی القراءة باعتبار أن القنوت لیس جزء من الصلاة و هکذا.

و النکتة فیه، ان الروایات التي تنص علی القاعدة منها: قوله7 في ذیل صحیحة زرارة المفصلة: «یا زرارة إذا خرجت من شيء ثم دخلت في غیره فشکک لیس بشيء...» (الوسائل ج 8 باب: 23 من أبواب الخلل الواقع في الصّلاة الحدیث: 1) لا یستفاد منها أکثر من ذلک، بتقریب ان الشک في هذه القاعدة إنما هو في وجود الشيء و من المعلوم ان التجاوز عنه إنما هو بلحاظ التجاوز عن محله المقرر له شرعا و هو لا یتحقق إلا بالدخول في غیره المترتب علیه، و لا یکفي الدخول في غیر المترتب لأنه لا یحقق عنوان التجاوز عن محله، کما إذا دخل في القنوت و شک في القراءة فإن الدخول فیه لا یحقق عنوان التجاوز عن محل القراءة باعتبار أنه لیس من الصلاة فلا یکون محل القراءة قبل القنوت و إن کان محل القنوت بعد القراءة، فإذن لابد من تطبیق قاعدة الشک في المحل.

نعم إذا دخل في الرکوع و شک في القراءة فقد تحقق به عنوان التجاوز عن محلها تبعا للترتیب و التنسیق المعتبر بین اجزاء الصلاة.

 

الستّون: لو بقي من الوقت   اربع ركعات للعصر وعليه صلاة الاحتياط من جهة الشکّ في الظهر، فلا اشكال في مزاحمتها للعصر  مادام يبقى لها من الوقت ركعة(1) ، بل وكذا لو كان عليه قضاء السجدة  او التشهّد ؛ وامّا لو كان عليه سجدتا السهو، فهل يكون كذلک او لا؟ وجهان ، من انّهما من متعلّقات الظهر، ومن انّ وجوبهما استقلاليّ وليستا جزءً او شرطا لصحّة الظهر ومراعاة الوقت للعصر اهمّ، فتقدّم العصر  ثمّ يؤتى بهما بعدها، ويحتمل  التخيير (2)  .

1- الفیّاض: تقدم في المسألة الرابعة من فصل (أوقات الیومیة و نوافلها) ان في مزاحمة صلاة الظهر لصلاة العصر في وقتها المختص إشکال، بل لا یبعد تقدیم العصر فیه و الاتیان بالظهر بعده قضاء علی أساس ما ذکرناه من المناقشة في التعدي عن مورد حدیث من أدرک و هو صلاة الغداة إلی سائر الصلوات، و في ضوء هذا الأساس ان وظیفته في المسألة هي أن یأتي بالعصر في وقتها المختص ثم یستأنف الظهر بعده من جدید، غایة الأمر في فرض مزاحمة صلاة الاحتیاط للعصر ینوي الظهر احتیاطا لاحتمال ان الظهر السابقة تامة.

2- الفیّاض: هذا الاحتمال ضعیف جدا، بل لابد من تقدیم العصر في وقتها المختص والإتیان بهما بعدها ولو قلنا بعدم التقدیم في موارد مزاحمة صلاة الاحتیاط للعصر أو قضاء السجدة أو التشهد لها علی أساس ان سجود السهو واجب مستقل لا یصلح أن یزاحم العصر في وقتها المختص.

 

الحادية والستّون: لو قرا   في الصلاة شيئا بتخيّل انّه ذكر او دعاء او قران، ثمّ  تبيّـن انّه كلام الادمي، فالاحوط  سجدتا  السهو  ، لكنّ الظاهر عدم  وجوبهما، لانّهما انّما تجبان عند السهو(1)  وليس المذكور من باب السهو، كما انّ الظاهر   عدم وجوبهما في سبق اللسان الى شيء  ؛ وكذا اذا قرا شيئا غلطا من جهة الاعراب او المادّة ومخارج الحروف.

1- الفیّاض: بل الظاهر وجوبهما لما مر في المسألة (1) من فصل (موجبات سجود السهو...) منه أن الموجب له هو التکلم بما لیس بعمدي وإن لم ینطبق علیه أنه سهوي، ومنه یظهر الحال في موارد سبق اللسان وغیره.

فالنتیجة: ان الضابط العام الذلک هو ان کل کلام صادر من المصلي أثناء الصلاة إذا لم یکن عن عمد فهو موجب لسجود السهو فقط دون البطلان سواء أصدق علیه أنه کلام سهوي أم لا.

 

الثانية والستّون: لايجب سجود السهو في ما لو عكس الترتيب الواجب سهوا(1) ، كما اذا قدّم السورة على الحمد وتذكّر في الركوع، فانّه لميزد شيئا ولمينقص  وان كان الاحوط الاتيان معه، لاحتمال كونه من باب نقص السورة، بل مرّة اخرى  لاحتمال كون السورة المتقدّمة على الحمد من الزيادة  .

1- الفیّاض: بل الظاهر وجوبه، غایة الأمر انه في بعض الموارد مبني علی الاحتیاط، لأن الترتیب والتنسیق المعتبر بین الأجزاء انما هو من واجباتها وشروطها المقومة لها علی أساس أن الجزء لیس هو التکبیرة علی نحو الاطلاق، بل هو صحة خاصة منها وهي التکبیرة الملحوقة بالقراءة وهي لیست جزءا من الصلاة علی نحو الاطلاق، بل حصة خاصة منها وهي القراءة المسبوقة بالتکبیرة والملحوقة بالرکوع وهکذا، وعلی هذا لم یأت بما هو جزء الصلاة لأن جزءها هو القراءة بعد التکبیرة لا قبلها، وإذا کبر بعد القراءة لم یأت بما هو جزؤها لأنه التکبیرة قبل القراءة، وعلیه فیکون کل من القراءة والتکبیرة زائدة في الصلاة إذا أتی بها ناویا أنها منها، وحینئذ فإن کانت عمدیة بطلت صلاته وإن کانت سهویة وجب علیه سجود السهو علی الأحوط، وإذا رکع قبل القراءة عمدا بطلت صلاته للزیادة.

وإذا سلم قبل التشهد أو قبل السجدة الثانیة من الرکعة الأخیرة سهوا وجبت سجدتا السهو للسلام الزائد في غیر موضعه.

وإن شئت قلت: أنه یجب علی المصلی أن یؤدي الصلاة المؤلفة من الأجزاء بترتیبها الشرعي لأن لکل جزء من أجزائها موضعه ومکانه الخاص فلا یجوز تقدیم المؤخر وتأخیر المقدم، ومن خالف عامدا ملتفتا إلی عدم جواز ذلک بطلت صلاته کأن یسجد قبل أن یرکع أو تشهد قبل أن یسجد عامدا عالما، وأما إذا کان ذلک نسیانا وغفلة أو لعدم التفاته إلی الحکم الشرعي بعدم جوازه وجهله به، فإن کان بتقدیم رکن مؤخر أو تأخیر رکن مقدم کأن یأتي بسجدتین کاملتین لرکعة قبل أن یرکع رکوعها، أو یأتي برکوع رکعة جدیدة قبل أن یسجد للرکعة السابقة، أو یأتي برکوع الرکعة الأولی قبل تکبیرة الإحرام بطلت صلاته وإن کان في غیر الرکن من الأجزاء لم تبطل ولکن علیه أن یسجد سجدتي السهو علی الأحوط في غیر الموارد الخاصة کما مر.

 

الثالثة والستّون: اذا وجب عليه قضاء السجدة المنسيّة او التشهّد المنسيّ ثمّ ابطل صلاته او انكشف بطلانها، سقط وجوبه، لانـّه انّما يجب في الصلاة الصحيحة؛ وامّا لو اوجد ما يوجب سجود السهو ثمّ ابطل صلاته، فالاحوط اتيانه وان كان الاقوى سقوط وجوبه ايضا؛ وكذا اذا انكشف بطلان صلاته. وعلى هذا فاذا صلّى ثمّ اعادها احتياطا وجوبا او ندبا، وعلم بعد ذلک وجود سبب سجدتي السهو في كلّ منهما، يكفيه اتيانهما مرّة واحدة؛ وكذا اذا كان عليه فائتة مردّدة بين صلاتين او ثلاث مثلا، فاحتاط باتيان صلاتين او ثلاثة صلوات، ثمّ علم تحقّق سبب السجود في كلّ منها، فانّه يكفيه الاتيان به مرّة بقصد الفائتة الواقعيّة وان كان الاحوط التكرار   بعدد الصلوات  .

الرابعة والستّون: اذا شکّ فيانّه هل سجد سجدة واحدة اواثنتين او ثلاث، فان لميتجاوز محلّها بنى على واحدة واتى باخرى، وان تجاوز بنى على الاثنتين ولاشيء عليه، عملا باصالة عدم الزيادة  ؛ وامّا ان علم انـّه امّا سجدة واحدة او ثلاثا، وجب عليه   اخرى  ما لميدخل في الركوع  (1) ، والّا قضاها   بعد الصلاة وسجد للسهو(2).

1- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع، والأقوی هو التفصیل بین ما إذا تفطن المصلي وهو جالس وما إذا تفطن بعد دخوله في التشهد أو القیام قبل أن یرکع، فعلی الأول فبما أنه شاک في الاتیان بالسجدة الثانیة وکان شکه في المحل یجب علیه الاتیان بها تطبیقا لقاعدة الشک في المحل ویواصل صلاته إلی أن یتمها ولا شيء علیه لأن احتمال سجود السهو مدفوع بأصالة عدم الزیادة، وعلی الثاني فحیث ان شکه في الاتیان بها کان بعد التجاوز عن المحل الشکي فیرجع إلی قاعدة التجاوز ویحکم بالاتیان بها تطبیقا للقاعدة ولا تعارض بأصالة عدم الزیادة لأن الأصالة لا تجري في المسألة باعتبار أن الغرض من اجرائها نفي وجوب سجدتي السهو، والمفروض أن وجوبهما معلوم وجدانا أما للزیادة أو النقیصة، فلا یمکن نفیه بها، فاذن لا أثر لها.

2-  الفیّاض: مر أن قاعدة التجاوز تجري في المسألة بلا معارض لها بالنسبة إلی نفي وجوب القضاء ولا فرق في جریانها بین أن یکون قبل الدخول في الرکوع أو بعد الدخول فیه، فإن العبرة إنما هي بتحقق التجاوز عن المحل وهو لا یتوقف علی الدخول في الرکوع، وأما اصالة عدم الزیادة فقد عرفت أنها لا تجري في نفسها لعدم أثر لها بعد العلم بوجوب سجدتي السهو أما للزیادة أو للنقیصة.

 

الخامسة والستّون: اذا ترک جزءً من اجزاء الصلاة من جهة الجهل بوجوبه، اعاد الصلاة   على الاحوط  وان لميكن من الاركان (1)  ؛ نعم، لو كان الترک مالجهل بوجوبه مستندا الى النسيان، بان كان بانيا على الاتيان به باعتقاد استحبابه، فنسي وتركه، فالظاهر عدم البطلان وعدم وجوب الاعادة اذا لميكن من الاركان.

1- الفیّاض: في الاحتیاط اشکال بل منع، والأظهر وجوب الاعادة فیما إذا کان جهله بالوجوب بسیطا وکان عن تقصیر، وأما إذا کان مرکبا فلا تجب الاعادة وإن کان عن تقصیر أو بسیطا ولکن کان عن قصور علی أساس اطلاق حدیث (لا تعاد)، وقد تقدم الکلام حول عموم هذا الحدیث بشکل موسع في باب الطهارة في فصل (إذا صلی في النجس). هذا في غیر الأرکان من الأجزاء، وأما فیها فیکون ترکها موجبا لبطلان مطلقا ولو کان نسیانا أو جهلا وإن کان عن قصور.


  

 
پاسخ به احکام شرعی
 
موتور جستجوی سایت

تابلو اعلانات

 




پیوندها

حدیث روز
بسم الله الرحمن الرحیم
چهار پناهگاه در قرآن
   
أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ عَنِ الصَّادِقِ (علیه السلام) قَالَ:
عَجِبْتُ لِمَنْ فَزِعَ مِنْ أَرْبَعٍ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى أَرْبَعٍ
(۱) عَجِبْتُ لِمَنْ خَافَ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
(۲) وَ عَجِبْتُ لِمَنِ اغْتَمَّ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ
(۳) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ مُكِرَ بِهِ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا
(۴) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً. فَعَسى‏ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ عَسَى مُوجِبَةٌ
    
آقا امام صادق (عليه السّلام) فرمود: در شگفتم از كسى كه از چهار چيز مى‌هراسد چرا بچهار چيز پناهنده نميشود:
(۱) شگفتم از آنكه ميترسد چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل« حَسْبُنَا اَللّٰهُ‌ وَ نِعْمَ‌ اَلْوَكِيلُ‌ » خداوند ما را بس است و چه وكيل خوبى است زيرا شنيدم خداى جل جلاله بدنبال آن ميفرمايد:بواسطۀ نعمت و فضلى كه از طرف خداوند شامل حالشان گرديد باز گشتند و هيچ بدى بآنان نرسيد.
(۲) و شگفتم در كسى كه اندوهناك است چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل:« لاٰ إِلٰهَ‌ إِلاّٰ أَنْتَ‌ سُبْحٰانَكَ‌ إِنِّي كُنْتُ‌ مِنَ‌ اَلظّٰالِمِينَ‌ » زيرا شنيدم خداى عز و جل بدنبال آن ميفرمايد در خواستش را برآورديم و از اندوه نجاتش داديم و مؤمنين را هم چنين ميرهانيم.
(۳) و در شگفتم از كسى كه حيله‌اى در بارۀ او بكار رفته چرا بفرمودۀ خداى تعالى پناه نمى‌برد« وَ أُفَوِّضُ‌ أَمْرِي إِلَى اَللّٰهِ‌ إِنَّ‌ اَللّٰهَ‌ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ »:كار خود را بخدا واگذار ميكنيم كه خداوند بحال بندگان بينا است)زيرا شنيدم خداى بزرگ و پاك بدنبالش مى‌فرمايد خداوند او را از بديهائى كه در بارۀ او بحيله انجام داده بودند نگه داشت.
(۴) و در شگفتم از كسى كه خواستار دنيا و آرايش آن است چرا پناهنده نميشود بفرمايش خداى تبارك و تعالى(« مٰا شٰاءَ اَللّٰهُ‌ لاٰ قُوَّةَ‌ إِلاّٰ بِاللّٰهِ‌ »)(آنچه خدا خواست همان است و نيروئى جز به يارى خداوند نيست)زيرا شنيدم خداى عز اسمه بدنبال آن ميفرمايد اگر چه مرا در مال و فرزند از خودت كمتر مى‌بينى ولى اميد هست كه پروردگار من بهتر از باغ تو مرا نصيب فرمايد (و كلمۀ:عسى در اين آيه بمعناى اميد تنها نيست بلكه بمعناى اثبات و تحقق يافتن است).
من لا يحضره الفقيه، ج‏۴، ص: ۳۹۲؛
الأمالي( للصدوق)، ص: ۶؛
الخصال، ج‏۱، ص: ۲۱۸.


کلیه حقوق مادی و معنوی این پورتال محفوظ و متعلق به حجت الاسلام و المسلمین سید محمدحسن بنی هاشمی خمینی میباشد.

طراحی و پیاده سازی: FARTECH/فرتک - فکور رایانه توسعه کویر -