بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
وَ صَلَّی اللَّهُ عَلَی سَيِّدِنَا مُحَمَّدٍ و آلِهِ الطَّيِّبِینَ الطَّاهِرِينَ
«العروةالوثقی فيما تعمّ به البلوى» لمؤلّفه سماحة آيةالله العظمى السيّد محمدكاظم بن عبد العظيم الطّباطبائي الحسني الكسنوي اليزدي النجفي، يُعدّ من أشهر الكتب الفقهيّة الشّيعية و من أكثرها تداولًا و طباعةً منذ زمن تأليفه إلى يومنا هاذا. حيث نال اعتناء المجتهدين في الأوساط الدينية و حاز اكتراث الفقهاء في المراكز المعرفية و بلغ عناية الباحثين و الفضلاء في الحوزات العلمية و الدعاة المجيبين عن الأسئلة الشرعية ممّا جعلهم على كتابة الشروح و التعليقات و الحواشي و الهوامش عليه سواء في مدينة قم الإيرانية أو مدينة النجف العراقية.
يحتوي «العروةالوثقی» على ۳۲۶۰ مسألة فقهية و لكل واحدة منها فروع و شقوق و يضاف إلى ميزة التفريع، خصيصة سلاسة النص و انسيابيّته. كما كتب المحدّث الجليل الشیخ عباس القمي في مقدّمة كتابه المسمّى بـ«الغاية القصوی في ترجمة العروة الوثقی» حول أهمية الكتاب قائلا:
«كان يخطر ببالي منذ فترة بعيدة يجدر و يلزم وجود رسالة جامعة تشمل الفروع الفقهية و مهمّات المسائل العملية ... فلاقيت «العروةالوثقی» ... و وجدت ضالّتي المنشودة و بغيتي المقصودة فيه حيث يكون كتابا سهل التناول و مطلوبا في نهاية جودة التألیف و حسن الأسلوب و جامع جمیع الرسائل و حاوي کافة المسائل و كافل أنواع الفروع الفقهية بل ناسخ الرسائل العملية».
و يقول الفقير الباحث بعد مضيّ سنوات في دراسة الأحكام الفقهية و المسائل الشرعية و جمعها و إجراء بحوث حولها، لايمكني أن أكتم شوقي و أنكر توقي تجاه هاذا الكتاب القيّم، إذ تزيد دراسة الكتاب الإنسان تلهّفًا و ميلًا على الأحكام الفقهية و المسائل الشرعية. فاهتممت إلى «العروة الوثقى، مع هوامش عدة من الفقهاء» بعد تأليف «رسائل المراجع العملية». و مضت سنوات عديدة و بُذلت جهود مضنية بحثا دقيقا عن تعليقات المراجع العظام على هاذا الكتاب. إلى أن كان هاذا المجهود جاهزا ليرى النور بطباعته عام ۱۴۲۷ الموافق لـ ۱۳۸۵ ه.ش. الموافق لـ ۲۰۰۶ م. إلا أن الطباعة تأجلّت لأسباب معيّنة.
من ميزات هاذه الطبعة ما يلي:
۱- ختم التصديق من قبل بعض المراجع العظام والذي زاد الكتاب قيمةً و شرفًا.
۲- تعليقات بعض المراجع العظام على «العروةالوثقی» كما نالت تصديق مكاتب المرجعيات الدينية و وكلائهم.
۳- تبنّي النسخة المصحّحة بعناية فائقة من الخلف الصالح للمرحوم آیةالله العظمی السيد الكُلْبايْكاني، سماحة السيد الحاج جواد الكُلْبايْكاني، حيث أمرني أن أتبنّى النسخة المصححة من «العروةالوثقی» التي كانت لدى والده المعظم فسماحته ناولني إياه و كان الكتاب في متناول أيدي خلال سنوات.
كتب المرحوم آیةالله العظمی السيد الكُلْبايْكاني في تعليقه بباب النكاح، «فصل في المحرّمات بالمصاهرة»، مسألة ۳۹:
"في بعض الكتب الغير المصحّحة كتبت بعد «الرضاعيّتين» كلمة: «أو مختلفتين» لاكن في النسخة الّتي عندي لمتكن تلك الكلمة وهي مصحّحة في عصر المصنّف قدّس سرُّه و بمرآه."
تشير كلمة «و بمرآه» في آخر تعليق سماحته أن المؤلف قد صدّق هاذه النسخة من الكتاب.
كما يُستفاد من تعليق المرحوم آیةالله العظمی السيّد أبيالقاسم الخوئي (قدّس سرّه) على «العروةالوثقی» أن تعليقات سماحته كانت قبل التصحيح ، لأن سماحته أشكل على النص في تعلقاته أحيانا؛ نحو مال قاله في مسألة ۱ في (فصل في القبلة) وفقا للنسخة المتبانّاة المتوفّرة لديه:
«هاذا من سهو القلم، و الصحيح عكسه» بينما قد نُقِّح الكتاب في النسخة المصححة التي تبنّيناها فلذا لم نسجّل تعليق المرحوم آیةالله العظمی السيد أبيالقاسم الخوئي (قدّس سرّه) لما ورد في الكتاب من النصّ المصحّح.
و في نهاية المطاف أرفع أسمى آيات الشكر و التقدير و الامتنان إلى كلّ من ساعدني و ساندني في تأليف الكتاب و و أدعو لمتوفّاهم بالرضوان و الرحمة و لمتبقّاهم بالتوفيق و التسديد و الصحّة و منهم من يلي:
۱- المتعاونون في مكاتب المرجعيّات الدّينية العلياء الذين تحمّلوا المشاقّ و المتاعب في هاذا الأمر.
۲- سماحة حجّة الإسلام والمسلمين المرحوم الحاج الشيخ محمّدرضا فاكر الخراساني طاب ثراه و هو الذي شجّعني و حفّزني و عاونني على التأليف.
۳- سماحة آيةالله الحاج الشيخ علي إسلامي -دامت بركاته ــ والذي قَبِلَ إدارة مؤسسة النشر الإسلامي رغم مختلف أعماله و أشغاله بعد وفاة المرحوم حجةالإسلام و المسلمين فاكر الخراساني «طاب ثراه» و بذل كلّ غال و نفيس في إخراج هاذا العمل و حثّني على إنجازه.
۴- أربعة من أصحاب السماحة و حججالإسلام في مدينة قم حيث أخذوا على عاتقهم عبء القراءة و مراجعة و تصحيح العبارات حينا و إصلاح الأحكام حينا آخر لاسيما سماحة حجةالإسلام و المسلمين الحاج الشيخ إحسان أصولي الكاشاني لما بذل من كرم و دقّة.
أقول إن المجهود الإنساني لا يخلو عن سهو و هفو و لا أبرّئ نفسي، فأتمنّى من أهل العلم و أصحاب الفضل أن يُهدوني ملاحظاتهم و يُتحفوني رؤاهم بعد عفوهم إياي و صفحهم عنّي بغية إعادة النظر و المراجعة في الطبعات القادمة.
و ختاما أتمنّى و أرجو أن ينال هاذا الجهد رضا الله سبحانه و تعالى و يبلغ قبول أولياء الدين لاسيّما سيّدنا بقية الله الأعظم حجة بن الحسن العسكري - روحي و أرواح العالمين لتراب مقدمه الفداء - و أن يجعله الله ذخرا لي و لوالديّ و أساتذتي و مشيايخي في القبر و القيامة.
وَ آخِرُ دَعْوَاهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّـهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ
السيّد محمّد حسن بنيهاشمي الخمیني
جمادى الثاني ۱۴۴۱ بهمن ۱۳۹۸.