انهار
انهار
مطالب خواندنی

شرایط وجوب حجةالإسلام، از مسأله21 تا 40

بزرگ نمایی کوچک نمایی

  مسألة 21: إذا شکّ في مقدار ماله وأنـّه وصل إلى حدّ الاستطاعة أو لا، هل يجب عليه الفحص أم لا؟ وجهان؛ أحوطهما ذلک(1)؛ وكذا إذا علم مقداره وشکّ في مقدار مصرف الحجّ وأنـّه يكفيه أو لا.

1- الفیاض: في الاحتیاط اشکال بل منع، والأظهر عدم وجوب الفحص، لأن الشبهة موضوعیة ولا مانع من الرجوع الی الأصول المؤمنة فیها من العقلیة والشرعیة. أو فقل: ان موضوع أدلة الأصول هو الجاهل، فان کان جاهلا بالحکم وجب الفحص، وحینئذ فان ظل باقیا علی الجهل بعده أیضا یرجع الی مقتضی تلک الأصول، وإن کان جاهلا بالموضوع لم یجب الفحص لعدم الدلیل علیه وإن کان الفحص لا یتوقف علی مؤنة زائدة، هذا ولکن تحقّق ذلک في المقام لا یخلو عن مجرد افتراض، لأن فرضه انه لم یرجع الی دفتر حساباته في تمام اشهر الحج وطول هذه الفترة أمر نادر لا یتفق الّا في حالات نادرة، کما إذا کان في السفر أو کان مریضا أو ما شاکل ذلک، ولکن مع هذا إذا اتفق ذلک لا مانع من الرجوع الی الأصل المؤمن.

  مسألة 22: لو كان بيده مقدار نفقة الذهاب والإياب وكان له مال غائب لو كان باقياً يكفيه في رواج أمره بعد العود، لكن لايعلم بقاؤه أو عدم بقائه، فالظاهر وجوب الحجّ بهذا الّذي بيده، استصحاباً لبقاء الغائب، فهو كما لو شکّ في أنّ أمواله الحاضرة تبقى إلى ما بعد العود أو لا، فلايعدّ من الأصل المثبت(1).

1- الفیاض: فیه: ان هذا الأصل وإن لم یکن مثبتا بالنسبة إلی ثبات بقاء ماله الغائب وترتیب أثره علیه، الّا انه لا یثبت ما هو المطلوب في لامقام الّا علی القول بالأصل المثبت، وهو تمکن المکلف بعد الرجوع من سفر الحج والانفاق علیه من استئناف وضعه المعاشي الطبیعي بدون الوقوع في حرج بسبب الانفاق علیه، ومن المعلوم ان استصحاب بقاء ماله الغائب في ملکه لا یثبت تمکنه من ذلک بعد الانفاق علی الحج الا علی نحو المثبت.

وإن شئت قلت: ان وجوب الحج مرتبط بالاستطاعة التي هي عبارة عن الامکانیة المالیة لنفقات سفر الحج ذهابا وایابا، وتمکنه من استعادة وضعه المعاشي المناسب لمکانته بدون الوقوع في حرج زائدا علی صحة البدن والأمن في الطریق وحین الأعمال، ومن الواضح أن تمکنه من استعادة وضعه المعاشي کذلک لا یترتب علی الاستصحاب المذکور باعتبار أنه لیس بأثر شرعي.

 مسألة 23: إذا حصل عنده مقدار ما يكفيه للحجّ، يجوز له قبل أن يتمكّن من المسير أن يتصرّف فيه بما يخرجه عن الاستطاعة(1)؛ وأمّا بعد التمكّن منه فلايجوز وإن كان قبل خروج الرفقة، ولو تصرّف بما يخرجه عنها بقيت ذمّته مشغولة به، والظاهر صحّة التصرّف مثل الهبة والعتق وإن كان فعل حرامآ، لأنّ النهي متعلّق بأمر خارج؛ نعم، لو كان قصده في ذلک التصرّف الفرار من الحجّ لالغرض شرعيّ، أمكن أن يقال  بعدم الصحّة(2)، والظاهر أنّالمناط في عدم جواز التصرّف المخرج هو التمكّن في تلک السنة، فلو لم‌يتمكّن فيها ولكن يتمكّن في السنة الاُخرى لم‌يمنع عن جواز التصرّف(3)، فلايجب إبقاء المال إلى العام القابل إذا  كان له مانع في هذه السنة، فليس حاله حال من يكون بلده بعيدآ عن مكّة بمسافة سنتين.

1- الفیاض: في إطلاقه اشکال بل منع، والأظهر عدم جواز تفویتها بعد حصولها سواء أکان في أشهر الحج أو قبلها شریطة أنه لا یکون واثقا ومتأکدا بتمکنه من الحج في السنة القادمة، والّا فلا یبعد جوازه، وإن کان الأولی والأجدر به ترکه، وأما وجه عدم جوازه إذا لم یکن واثقا ومطمئنا بالتمکن منه في المستقبل فلأن الظاهر من الآیة الشریفة والروایات المفسرة لها أن وجوب یتحقق بتحقق الاستطاعة في الخارج مشروطا بشرط متأخر زمنا وهو وصول یوم عرفة، فانه وإن کان من شروط الواجب وقیوده الّا أنا ذکرنا في علم الأصول أن قید الواجب إذا کان غیر اختیاري فلابد من أخذه قیدا للوجوب أیضا، اذ لو کان الوجوب مطلقا لزم کونه محرکا للمکلف نحو الاتیان بالواجب المقید بقید غیر اختیاري وهو لا یمکن.

وبکلمة: ان المبرر لأخذ شيء قیدا للوجوب أحد أمرین:

الأول: ان یکون ذلک الشيء دخیلا في الملاک في مرحلة المبادئ ومن شروط اتصاف الفعل به في تلک المرحلة، وحینئذ لابد من أخذه قید للوجوب في مرحلة الجعل والاعتبار.

الثاني: أن یکون قیدا للواجب ومن شروط ترتب الملاک علی وجوده في الخارج، ولکن مع ذلک یکون غیر اختیاري، فانه لابد من أخذه قیدا للوجوب أیضا، والّا لزم التکلیف بغیر المقدور. ونتیجة ذلک ان یوم عرفة لابد أن یکون شرطا لوجوب الحج أیضا بنحو الشرط المتأخر.

2- الفیاض: فیه اشکال بل منع، لما ذکرناه في علم الأصول من أن النهي عن المعاملات لا یستلزم فسادها ولا تنافي بین حرمتها تکلیفا وصحتها وضعا.

3- الفیاض: فیه انه لا وجه لتقیید جواز التصرف بعدم التمکن من الحج في السنة الأولی، بل هو غیر بعید مطلقا وإن کان متمکنا منه في السنة الأولی شریطة أن یکون واثقا ومطمئنا بالتمکن من الاتیان به في السنین القادمة لما مر من أنه لا یوجد دلیل لفظي علی وجوب الحج فورا غیر حکم العقل به وهو لا یکون الّا إذا لم یکن الانسان واثقا ومتأکدا بالتمکن منه في السنة الآتیة، والّا فلا یحکم به وإن کان الأحوط والأجدر به عدم الجواز.

  مسألة 24: إذا كان له مال غائب بقدر الاستطاعة وحده أو منضمّاً إلى ماله الحاضر وتمكّن من التصرّف في ذلک المال الغائب، يكون مستطيعاً ويجب عليه الحجّ، وإن لم‌يكن متمكّنآ من التصرّف فيه ولو بتوكيل من يبيعه هناک، فلايكون مستطيعآ إلّا بعد التمكّن منه أو الوصول في يده؛ وعلى هذا فلو تلف في الصورة الاُولى بقي وجوب الحجّ مستقرّاً عليه(1) إن كان التمكّن في حال تحقّق سائر الشرائط، ولو تلف في الصورة الثانية لم‌يستقرّ؛ وكذا إذا مات مورّثه وهو في بلد آخر وتمكّن من التصرّف في حصّته أو لم‌يتمكّن، فإنّه على الأوّل يكون مستطيعاً بخلافه على الثاني.

1- الفیاض: هذا شریطة أن یکون التلف بتقصیر وتسامح منه، والّا فلا شيء علیه.

 مسألة 25: إذا وصل ماله إلى حدّ الاستطاعة لكنّه كان جاهلا به  أو كان غافلا عن وجوب الحجّ عليه، ثمّ تذكّر بعد أن تلف ذلک المال، فالظاهر استقرار وجوب الحجّ عليه(1) إذا كان واجدآ لسائر الشرائط حين وجوده، والجهل والغفلة لايمنعان عن الاستطاعة(2)، غاية الأمر أنـّه معذور في ترک ما وجب عليه، وحينئذٍ فإذا مات قبل التلف أو بعده وجب الاستيجار عنه إن كانت له تركة بمقداره، وكذا إذا نقل ذلک المال إلى غيره بهبة أو صلح ثمّ علم بعد ذلک أنـّه كان بقدر الاستطاعة؛ فلا وجه لما ذكره المحقّق القمّي في أجوبة مسائله من عدم الوجوب، لأنـّه لجهله لم‌يصر موردآ، وبعد النقل والتذكّر ليس عنده ما يكفيه، فلم يستقرّ عليه، لأنّ عدم التمكّن من جهة الجهل والغفلة لاينافي الوجوب الواقعيّ، والقدرة الّتي هي شرط في التكاليف القدرة من حيث هي، وهي موجودة، والعلم شرط في التنجّز(3) لا في أصل التكليف.

1- الفیاض: هذا شریطة أن تکون غفلته أو جهله بالموضوع مستندة إلی تقصیره والتسامح منه في التعلم، حیث ان ملاک وجوب الحج حینئذ یکون تاما ومنجزا علیه وکان فوته مستندا إلی تقصیره فیه، فلذلک قد استقر ملاک وجوب الحج علیه الذي هو حقیقة الوجوب وروحه، وأما نفس جعل الوجوب واعتباره للغافل أو الجاهل المرکب فلا یعقل لأنه لغو محض، فلا یمکن اعتباره من المولی الحکیم، ولکن بما أن تمام القیمة للملاک فمن أجل ذلک قد استقر الحج علیه ملاکا، وأما إذا لم تکن غفلته أو جهله مستندة الی تقصیره فلا مقتضی لاستقرار الحج علیه ملاکا أیضا، باعتبار أنه لا یکون مکلفا به أصلا.

2- الفیاض: فیه أنهما وإن کانا لا یمنعان عنها بصفة أنها موجودة في الواقع، الّا أنهما یمنعان عنها بصفة أنها موضوعة للوجوب فعلا ومن شروطه علی أساس أن جعل وجوب الحج علی الغافل عن استطاعته أو الجاهل المرکب بها لغو صرف ولا مبرّر له أصلا، ضرورة أن الغرض من جعل التکلیف واعتباره انما هو امکان داعویته للمکلف ومحرکیته له نحو الطاعة والامتثال، ومن المعلوم أن جعل وجوب الحج علی المستطیع الغافل أو من بحکمه عن استطاعته لا یمکن أن یکون داعیا ومحرکا له في مقام التطبیق لاستحالة فعلیته.

3- الفیاض: هذا صحیح ولکن لیس معنی ذلک ان الغافل والجاهل المرکب بالموضوع قابل للتکلیف، بل معناه ان المکلف إذا کان ملتفتا إلی موضوع حکم فانه ما لم یعلم بثبوته له لم یتنجز.

 مسألة 26: إذا اعتقد أنـّه غير مستطيع فحجّ ندبآ، فإن قصد امتثال الأمر المتعلّق به فعلا وتخيّل أنـّه الأمر الندبيّ أجزأ عن حجّة الإسلام(1) ، لأنـّه حينئذٍ من باب الاشتباه في التطبيق، وإن قصد الأمر الندبيّ على وجه التقييد(2) لم‌ يجزی عنها(3) وإن كان حجّه صحيحاً؛ وكذا الحال إذا علم باستطاعته ثمّ غفل عن ذلک، وأمّا لو علم بذلک وتخيّل عدم فوريّتها فقصد الأمر الندبيّ فلايجزي لأنّه يرجع إلى التقييد(4).

1- الفیاض: هذا شریطة ان لا یکون اعتقاده بعدم الاستطاعة اعتقادا جزمیا علی نحو لا یحتمل الخلاف نهائیا، والا لکان جهله بها جهلا مرکبا، وقد مر أن حکمه حکم الغافل، فلا یکون قابلا للتکلیف في الواقع، فاذن لا موضوع للإجزاء.

2- الفیاض: فیه ان التقیید في المقام غیر معقول لأن التقیید انما یتصور في المعنی الکلي فانه إذا قید بقید صار ومقیدا ومضیقا، فلا ینطبق الّا علی ما یکون واچجدا لهذا القید دون الفاقد له، واما الجزئي الحقیقي فانه غیر قابل للتقیید بلافرق بین أن یکون قاصدا له بعنوانه واسمه الممیز له شرعا، أو قاصدا له بعنوان آخر اشتباها وحطأ، وهذا لیس تضییقا وتقییدا له بل هو خطأ ف يالتطبیق، أي تطبیق ذلک العنوان علیه، والمقام من هذا القبیل حیث ان الأمر فیه بما أنه أمر واحد شخصي في الواقع وهو الأمر الوجوبي دون الأعم منه ومن الاستحبابي فهو غیر قابل للتقیید، وحیث ان المکلف جاهل به ومعتقد بأن الأمر المتعلق بالحج ندبي یکون قاصدا لامتثاله بهذا العنوان الذي لا واقع له، فاذن بطبیعة الحال یکون الخطأ والاشتباه في تطبیق ذلک العنوان علی الأمر الموجود في الواقع لا في امتثاله خارجا لفرض انه قد أتی بالحج بداعي أمره الإلهي ومضافا إلیه تعالی، ومجرد تخلیه أنه ندب وکان هو الداعي الی الاتیان به لا یضر، لأن اتیانه کان بنیة أمره الواقعي ومطابقا للواقع، والخطأ انما هو في العنوان الداعي الیه.

وبکلمة: ان صحة العبادة متقومة بعنصرین: أحدهما محبوبیتها في نفسها، والآخر اتیانها مضافة الی المولی سبحانه وتعالی. والفرض أن الحج واجد للعنصر الأول، فاذا أتی المکلف به مضافا إلیه تعالی بأمل أن یقبل الله سبحانه منه کان واجدا لکلا العنصرین، فلذلک یحکم بصحته، سواء أکان الداعي لذلک قصد أمره الوجوبي أو الندبي، فانه خارج عن العبادة وواجباتها، فاذا اعتقد المکلف أن الأمر المتعلق به ندبي وقد دعاه الی الاتیان به مضافا إلیه تعالی فاذا أتی به کذلک صح وإن انکشف بعد ذلک ان الأمر المتعلق به في الواقع وجوبي لا ندبي، فاذن لا شبهة في صحة حجه بعنوان حجة الإسلام لانطباقها علیه علی أساس أنها عبارة عن الحجة الأولی للمستطیع، والفرض انطباق هذا العنوان علی هذه الحجة وإن لم یکن ملتفتا إلیه حیث انه عنوان عام لکل انواع الحج الواجب بالاستطاعة من التمتع والإفراد والقران، ولا یجب علی المتمتع قصد هذا العنوان.

هذا کله شریطة أن یقصد اسمه الخاص وهو حجة الإسلام ولو اجمالا، أي بعنوان انه وظیفته الاسلامیة وإن ظن ان الأمر المتعلق به استحبابي، مع أنه في الواقع وجوبي جهلا منه بالحال. وأما إذا قصد بعنوان أنه مستحب لا بعنوان أنه وظیفته الاسلامیة، فلا یصح لا بعنوان الحج المندوب لانتفاء الموضوع، باعتبار أنه مستطیع في الواقع، ولا یکون الحج المندوب مشروعا في حقه ولا بعنوان حجة الإسلام لانتفاء القصد، ولا یقاس المقام بالصلاة، فان من أتی بصلاتي الظهرین – مثلا – ندبا باعتقاد أنه غیر بالغ، ثم بان أنه کان بالغا حین الاتیان بهما صحّتا فریضة، وذلک لأن الظهر أو العصر أو نحوه اسم للصلاة الواجبة والمستحبة، وهذا بخلاف حجة الإسلام، فانها اسم للحجة الأولی للمستطیع فقط دون الأعم منها ومن الحجة المندوبة، ومن هنا لابد من الاتیان بها باسمها الخاص الممیز لها شرعا، والّا لم تقع حجة الإسلام، وبه یظهر حال ما بعده.

3- الفیاض: ظهر أنه یجزئ وکان من باب الخطأ في التطبیق لا من باب التقیید، هذا شریطة أن لا یکون غافلا عن الاستطاعة أو جاهلا بها حملا مرکبا، فانه حینئذ لا یعقل جعل وجوب حجة الإسلام علیه في الواقع، ولا یکون مأمورا بها نهائیا، فاذن لا موضوع للاجزاء وهو انطباق المأمور به علی الفرد المأتي به، والفرض انه لا یکون مأمورا بحجة الإسلام في الواقع لکي تنطبق علی الفرد المأتي به في الخارج وهو الحج المندوب، وعلی هذا فلابد من تخصیص المسألة بغیر الغافل بالاستطاعة أو الجاهل المرکب بها، وهو الذي یکون مکلفا بحجة الإسلام في الواقع وإن کان واثقا ومتأکدا بالخلاف.

4- الفیاض: مر أنه لا معنی للتقیید بمعنی التضییق في أمثال المقام، بل هو من الخطأ في التطبیق بتخیل ان الأمر المتعلق بالحج في السنة الأولی ندبي باعتقاد عدم وجوبه فورا، مع أنه في الواقع فوري، وعلیه فاذا أتی به المکلف بداعي أمره ندبا ثم بان أنه وجوبي فقد اخطأ في الداعي واشتبه في التطبیق وهذا لا یضر بالاتیان بالمأمور به بکل واجباته منه قصد اسمه الخاص اجمالا.

مسألة 27: هل تكفي في الاستطاعة الملكيّة المتزلزلة للزاد والراحلة وغيرهما، كما إذا صالحه شخص ما يكفيه للحجّ بشرط الخيار له إلى مدّة معيّنة أو باعه محاباةً كذلک؟ وجهان؛ أقواهما العدم(1)، لأنـّها في معرض الزوال، إلّا إذا كان واثقآ بأنـّه لايفسخ؛ وكذا لو وهبه وأقبضه إذا لم‌يكن رحمآ، فإنّه مادامت العين موجودة، له الرجوع؛ ويمكن أن يقال بالوجوب هنا(2)، حيث إنّ له التصرّف في الموهوب فتلزم الهبة.

 1- الفیاض: في القوة اشکال بل منع، والأظهر الکفایة، وذلک لما تقدم من أن المستفاد من الآیة الشریفة بضمیمة الروایات المفسرة لها هو أن الاستطاعة تتکون من الأمور التالیة:

1- الامکانیة المالیة.

2- الأمن والسلامة في الطرق ذهابا وإیابا وحین ممارسة الأعمال.

3- وجود ما به الکفایة.

ووجوب الحج یتوقف علی توفر هذه الأمور الثلاثة حدوثا وبقاء، فلذلک لابد من احراز بقائها الی النتهاء من أعمال الحج وواجباته، ومع عدم الاحراز لم یحرز وجوب الحج، ولا فرق في احراز بقائها بین أن یکون المکلف عالما بذلک أو واثقا ومتأکدا به أو محرزا له بالاستصحاب، کما إذا وصل الیه مال من شخص بعقد المصالحة بمقدار یکفي لعملیة الحج مع جعل المصالح الخیار له في فترة معینة، فانه وإن کان منشأ للشک في بقاء امکانیته المالیة لنفقات سفر الحج باعتبار أنه إذا قام بأعمال الخیار ذهبت استطاعته المالیة، والّا فهي باقیة، وفي مثل ذلک لا مانع من استصحاب بقائها ویترتب علیه وجوب الحج.

2- الفیاض: هذا هو الأظهر باعتبار أنه إذا صار مستطیعا بقبوله الهبة وجب علیه الحفاظ علی استطاعته وامکانیته المالیة بالتصرف في المال المرهوب حتی یؤدي الی ازالة سلطنة الواهب عنه وخروجه عن التزلزل، هذا من ناحیة ومن ناحیة أخری انه لا یمکن القول بوجوب التصرف في المال الموهوب علی ضوء ما ذکره الماتن1 من أن الاستطاعة لا تتحقق بقبول الهبة باعتبار أن ملکیة المال المرهوب متزلزلة بسبب تمکن الواهب من ارجاعه الی ملکه ثانیا، فانه حینئذ لا وجوب للحج لکي تجب مقدمته وهي التصرف في المال المرهوب حفاظا علی استطاعته.

 مسألة 28: يشترط في وجوب الحجّ بعد حصول الزاد والراحلة بقاء المال إلى تمام الأعمال، فلو تلف بعد ذلک ولو في أثناء الطريق كشف عن عدم الاستطاعة، وكذا لو حصل عليه دين قهراً عليه(1) ، كما إذا أتلف مال غيره خطأً؛ وأمّا لو أتلفه عمداً، فالظاهر كونه كإتلاف الزاد والراحلة عمداً(2) في عدم زوال استقرار الحجّ.

 1- الفیاض: مر أن ثبوت الدین لا یکشف عن عدم الاستطاعة، ولا یکون رافعا لها، غایة الأمر تقع المزاحمة بین وجوب الوفاء به وجوب الحج، ولابد من تقدیم الأول علی الثاني لمکان أهمیته، أو لا أقل من احتمالها علی تفصیل تقدم في المسألة (17).

2- الفیاض: في الظهور اشکال بل منع، لما مر من أن الدین سواء أکان بسبب عمدي أو خطئي لا یمنع من الاستطاعة والامکانیة المالیة، وعلیه فلا یکون اتلاف مال الغیر عمدا کإتلاف الزاد والراحلة، فان اتلافه في الفرض الأول یوجب اشتغال ذمة المتلف ببدله من المثل أو القیمة بدون أن یؤدي الی ازالة الاستطاعة موضوعا، غایة الأمر یتقدم وجوب الوفاء بالدین علی وجوب الحج تطبیقا لما تقدم، وهذا بخلاف اتلافه في الفرض الثاني، فانه یوجب إزالة الاستطاعة مباشرة موضوعا، نعم انهما یشترکان في نقطة واحدة وهي استقرار وجوب الحج علیه في کلا الفرضین اما في الفرض الأول، فباعتبار أن تفویته في نهایة المطاف کان مستندا إلی سوء اختیاره، وکذلک الحال في الفرض الثاني، فانه قام باختیاره وعالما بالحکم بتفویت الاستطاعة والامکانیة المالیة الموجودة لدیه، فلذلک استقر وجوب الحج علیه في کلا الفرضین.

 مسألة 29: إذا تلف بعد تمام الأعمال مؤونة عوده إلى وطنه أو تلف ما به الكفاية من ماله في وطنه، بناءً على اعتبار الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة، فهل يكفيه عن حجّة الإسلام أو لا؟ وجهان؛ لايبعد الإجزاء(1)، ويقرّبه ما ورد(2) من أنّ من مات بعد الإحرام ودخول الحرم أجزأه عن حجّة الإسلام، بل يمكن أن يقال بذلک(3) إذا تلف في أثناء الحجّ أيضاً.

 1- الفیاض: بل هو بعید، اما في فرض تلف مؤنة العود فلأنه یکشف عن  عدم الاستطاعة والإمکانیة المالیة لنفقات سفر الحج ذهابا وایابا، مع أنها معتبرة في وجوب الحج، فاذن یکون عدم الاجزاء علی القاعدة، واما في فرض تلف ما به الکفایة فلأنه یکشف عن أنه لا یتمکن من استئناف وضعه المعاشي الطبیعي بدون الوقوع في حرج إذا انفق ما لدیه في نفقات سفر الحج، فاذن یکون وجوب الحج حرجیا علیه في الواقع، وهو مرفوع تطبیقا للقاعدة، وجهل المکلف بالضرر أو الحرج واعتقاده بالعدم لا یغیر الواقع ولا یجعل الأمر الحرجي غیر حرجي، وعلیه فالحج المذکور حرجي، فاذا قام ابالاتیان به وانفق ما لدیه من المال فیه وقع في حرج علی أساس أنه بعد الانفاق لا یتمکن من اعادة وضعه المالي المعاشي بما یناسب مکانته بدون الوقوع فیه، وهو معتبر في الاستطاعة، وعلیه فلا یکون حجه حینئذ مصداقا لحجة الإسلام بلحاظ أنها هي الحجة الأولی للمستطیع.

ودعوی أن قاعدة نفي الحرج لا تجري في المقام لأن جریانها في کل مورد مرتبط بوجود الامتنان فیه، وبما أنه لا امتنان في المقام فلا تجري، بل هو علی خلاف الامتنان حیث ان الحکم بفساد الحج بعد الاتیان به یکون علی خلافه، ومن هنا إذا أتی بالوضوء أو الغسل الحرجي جاهلا بکونه حرجیا ثم علم بالحال حکم بصحته دون فساده، فان الحکم بالفساد یکون علی خلاف الامتنان.

مدفوعة: بأن مفاد القاعدة نفی جعل الحکم الناشي من قبله الحرج، وبما أن وجوب الحج حرجي في المقام فهو منتفي بالقاعدة، واعتقاد المکلف بعدم کونه حرجیا لا یمنع عن شمول القاعدة له، باعتبار أن موضوعها الحرج الواقعي دون العلمي، غایة الأمر ان المکلف لما کان جاهلا بالحال قام بعملیة الحج ویواصل فیها الی أن یکملها ثم بان أن العملیة کانت حرجیة ولا تکون واجبة علیه في الواقع، فلذلک لا تکون مصداقا لحجة الإسلام لانتفاء الاستطاعة.

وإن شئت قلت: ان موضوع القاعدة هو الحرج الواقعي دون العملي، وهي تدور مداره سواء أکان المکلف عالما به أم جاهلا، وبما أن وجوب الحج في مفروض المسألة حرجي في الواقع باعتبار انتفاء ما به الکفایة، فیکون مشمولا للقاعدة، لأن فیه امتنانا للأمة، غایة الأمر یکون المکلف جاهلا به، ومن الواضع أن جهله بالحال لا یکون مانعا عن شمولها ولا یوجب اختصاصها بالعلم بالحرج، وحینئذ فاذا أقدم المکلف علیه وأتی به وقع فاسدا لعدم انطباق الحج الواجب علیه، ولا یکون فساده مستندا إلی القاعدة، لأن مفادها النفي دون الاثبات، بل هو مستند الی عدم استطاعته، کما إذا أصر المکلف وأقدم علیه عامدا عالما بالحال وأتی به، فانه لا شبهة في فساده لعدم الأمر، وکذلک الحال في صورة الجهل، فلا فرق بین الحالتین من هذه الناحیة، ومن هنا یظهر أن قیاس المقام بالوضوء أو الغسل الحرجي في غیر محله، علی أساس أن الحج الاستحبابي لا یکون مصداقا لحجة الإسلام، باعتبار أنها متمثلة في الحجة الأولی للمستطیع، فاذا لم یکن المکلف مستطیعا لم یکن حجه حجة الإسلام، وهذا بخلاف الوضوء أو الغسل الاستحبابي فانه عین الوجوبي باعتبار أن الوجوب الغیري تعلق بنفس الوضوء أو الغسل المستحب الذي هو عبادة.

2- الفیاض: في التقریب اشکال بل منع، لأن قیاس المقام بمورد الروایات قیاس مع الفارق لأن الحکم في موردها یکون علی خلاف القاعدة، حیث أن اجزاء الاحرام مع الدخول في الحرم عن الحج بکامل اجزائه بحاجة الی دلیل، وقد دل الدلیل علیه إذا مات الحاج بعد الإحرام ودخول الحرم، ولا یمکن التعدي منه الی سائر الموارد لأنه بحاجة الی قرینة، ولا قرینة علیه، فاذن لا یمکن أن تکون تلک الروایات مقربة للحکم بالاجزاء والصحة في المقام وهو ما إذا أتی المکلف بکل أعمال الحج ثم انکشف انه لیس عنده ما به الکفایة، أو کان ولکنه تلف قبل الرجوع، فانه لا یتمکن حینئذ من استئناف وضعه المعاشي الطبیعي اللائق بحاله بدون الوقوع في حرج، ونتیجة ذلک أنه لا یکون مستطیعا في الواقع، ومن المعلوم أن حجه حینئذ لا یکون حجة الإسلام باعتبار أنه حج غیر مستطیع.

3- الفیاض: ظهر حال مما مر من أن تلفه لما کان کاشفا عن عدم تحقق الاستطاعة في الواقع فلا یکون حجه مجزیا عن حجة الإسلام ومصداقا لها.

 مسألة 30: الظاهر عدم اعتبار الملكيّة في الزاد والراحلة، فلو حصلا بالإباحة اللازمة (1) كفى في الوجوب، لصدق الاستطاعة، ويؤيّده الأخبار الواردة في البذل، فلو شرط أحدالمتعاملين على‌الآخر في ضمن عقد لازم‌أن‌يكون له التصرّف في ماله بما يعادل مأة ليرة مثلا، وجب عليه الحجّ  ويكون كما لو كان مالكاً له.

1- الفیاض: فیه انه لا وجه للتقیید بها لما تقدم من أن المراد من الاستطاعة حسب المتفاهم العرفي من الآیة الشریفة والروایات المفسرة لها الامکانیة المالیة لنفقات سفر الحج ومتطلباته، ومن المعلوم انه لا فرق بین أن یکون منشؤها الملک أو الاباحة اللازمة أو الجائزة، غایة الأمر إذا کانت الامکانیة المالیة جائزة کان شاکا في بقائها في المستقبل، فلا مانع من استصحاب بقائها فیه.

ودعوی ان ظاهر الروایات المفسرة للاستطاعة بالزاد والراحلة هو الملک، ولازم ذلک عدم تحقق الاستطاعة بالاباحة وإن کانت لازمة فضلا عن الجائزة، مدفوعة بما ذکرناه من أن المتفاهم العرفي من هذه الروایات أنها في مقام بیان ما تتکون به الاستطاعة والامکانیة المالیة، ومن المعلوم أنه لا فرق في ذلک بین أن تکون اضافة الزاد والراحلة الیه اضافة ملک أو اباحة، فانه لا نظر لها من هذه الناحیة، وعلیه فکما یصدق قوله: «له زاد وراحلة»(الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 10) إذا کان علی نحو الملک، فکذلک یصدق إذا کان علی نحو الاباحة، باعتبار أنها لیست في مقام البیان من هذه الجهة لکي یکون ظاهرا في الأول، بل هي مقام بیان ما تتکون به الامکانیة المالیة عنده لنفقات سفر الحج، ومن الواضح أنها کما تتکون بهما إذا کان علی نحو الملک، کذلک إذا کان علی نحو الاباحة.

 مسألة 31: لو أوصى له بما يكفيه للحجّ، فالظاهر وجوب الحجّ عليه بعد موت الموصي، خصوصآ إذا لم‌يعتبر القبول  في ملكيّة الموصى له(1) وقلنا بملكيّته ما لم‌يردّ، فإنّه ليس له الردّ حينئذٍ.

1- الفیاض: هذا إذا کانت الوصیة التملیکیة من الایقاعات، فانه حینئذ تحصل الاستطاعة بمجرد الوصیة، ولیس له الرد حینئذ، لأنه تفویت لها وهو غیر جائز، وأما إذا کانت من العقود فلا یحصل الّا بالقبول، وهو غیر واجب، لأنه تحصیل للاستطاعة.

 مسألة 32: إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يزور الحسين علیه السّلام في كلّ عرفة، ثمّ حصلت، لم‌يجب عليه الحجّ(1) ، بل وكذا لو نذر إن جاء مسافره أن يعطي الفقير كذا مقداراً، فحصل له مايكفيه لأحدهما بعد حصول المعلّق عليه، بل وكذا إذا نذر قبل حصول الاستطاعة أن يصرف مقدار مأة ليرة مثلا في الزيارة أو التعزية أو نحو ذلک، فإنّ هذا كلّه مانع عن تعلّق وجوب الحجّ به، وكذا إذا كان عليه واجب مطلق فوريّ قبل حصول الاستطاعة ولم‌يمكن الجمع بينه وبين الحجّ، ثمّ حصلت الاستطاعة وإن لم‌يكن ذلک الواجب أهمّ من الحجّ، لأنّ العذر الشرعيّ كالعقليّ (2) في المنع من الوجوب. وأمّا لو حصلت الاستطاعة أوّلا ثمّ حصل واجب فوريّ آخر لايمكن الجمع بينه وبين الحجّ، يكون من باب المزاحمة(3)، فيقدّم الأهمّ منهما، فلو كان مثل إنقاذ الغريق قدّم على الحجّ، وحينئذٍ فإن بقيت الاستطاعة إلى العام القابل وجب الحجّ فيه، وإلّا فلا، إلّا أن يكون الحجّ قد استقرّ عليه سابقاً، فإنّه يجب عليه ولو متسكّعاً.

1- الفیاض: فیه ان النذر بکل أقسامه لا یصلح أن یزاحم وجوب الحج، ویمکن تبریر ذلک بأحد الوجهین التالیین:

الأول: ان وجوب الحج أهم من وجوب الوفاء بالنذر وإن قلنا ان وجوب الوفاء به مشروط بالقدرة العقلیة ویظل ملاکه ثابتا حتی في فرض الاشتغال بالحج ووجوب الحج مشروط بالقدرة الشرعیة، فمع ذلک لابد من تقدیم وجوب الحج علی وجوب الوفاء به في مقام المزاحمة، وذلک لأن الاستطاعة المأخوذة في لسان الآیة الشریفة المفسرة في الروایات عبارة عن المعنی المساوق للتمکن التکویني في مقابل العجز التکویني الاضطراري، ولیست عبارة عن المعنی المساوق لعدم الاشتغال بواجب آخر، ولا المعنی المساوق لعدم المانع وإن کان مولویا، وعلی هذا الأساس فما دام المکلف متمکنا من الحج تکوینا یعني مالا وبدنا وطریقا فهو واجب علیه، وملاکه ثابت وإن کان في حال الاشتغال بالوفاء بالنذر أو نحوه، باعتبار أن اطلاق وجوبه وإن قید بعدم الاشتغال بضد واجب لا یقل عنه في الأهمیة بملاک التقیید اللبي العام، الّا أنه لا دلیل علی تقیید اطلاقه بعدم الاشتغال بضد واجب اما أن یکون مساویا له أو أقل منه في الأهمیة، وبما أن ملاک وجوب الوفاء بالنذر أو نحوه اما أن یکون أقل أهمیة من ملاک وجوب الحج، أو مساویا له، وعلی کلا التقدیرین یکون ملاک وجوب الحج مطلقا وثابتا لحال الاشتغال بالوفاء بالنذر أو نحوه، ولا یکون مقیدا بعدم الاشتغال به، فاذن لابد من تقدیمه علیه في حال وقوع التزاحم بینهما.

وإن شئت قلت: انه لا شبهة في أن ملاک وجوب الحج أهم من ملاک وجوب الوفاء بالنذر أو نحوه ویکشف عن ذلک تشدید اهتمام الشارع بالحج في ضمن الخطابات والنصوص التشریعیة بمختلف التعبیرات المؤکدة، فمرة بلسان الحکم بکفر تارکه، وأخری بلسان أنه إما أن یموت یهودیا أو نصرانیا، وثالثة بلسان انه ترک شریعة من شرائع الإسلام وهکذا، فان کل ذلک کاشف عن اهتمام الشارع به لما فیه من المصالح العامة والخاصة، أو لا أقل من احتمال اهمیته واما الکس وهو احتمال أهمیة ملاک وجوب الوفاء بالنذر أو نحوه من ملاک وجوب الحج فهو غیر محتمل، فالنتیجة انه لابد من تقدیم وجوب الحج علی وجوب الوفاء بالنذر وإن کان موضوع وجوب الوفاء بالنذر أسبق من موضوع وجوب الحج، اذ لا قیمة لذلک.

الثاني: ان وجوب الوفاء بالنذر أو نحوه مشروط بالقدرة الشرعیة، بمعنی عدم الأمر بالخلاف علی أساس ان الظاهر من أدلة وجوب الوفاء بالشرط أو نحوه التي جاء بهذا اللسان: «ان شرط الله قبل شرطکم»(الوسائل باب: 38 من أبواب المهور الحدیث: 1) أو قریب منه، وهو أن وجوده مقید بعدم وجود شرط الله وحکمه في المرتبة السابقة، والّا فلا وجود له، ومعنی هذا ان صرف وجود شرطه تعالی قبله رافع له بارتفاع موضوعه ووارد علیه، ونتیجة ذلک أن وجوب الوفاء بالنذر أو العهد أو نحوه انما هو مجعول في مورد لا یکون فیه شرط من شروطه تعالی، والّا فلا یکون مجعولا، وعلی هذا فصرت وجوب الحج رافع لوجوب الوفاء بالنذر أو نحوه وارد علیه، فلا یعقل التزاحم بینهما، أو فقل: ان المتفاهم العرفي من صیغ تلک الأدلة، ان الأمر بالوفاء بالنذر أو الشرط مقید بعدم الأمر الإلهي بالخلاف في نفسه، اي بقطع النظر عنه، وعلی هذا فالأمر بالحج وإن قلنا بأنه مقید بعدم الأمر بالخلاف الّا أنه مقید بعدم الأمر به بالفعل، فمن أجل ذلک یتقدم علیه ویکون رافعا له حتی في هذا الفرض.

وبکلمة انه لا یتصور التزاحم بین وجوب الوفاء بالنذر أو نحوه ووجوب الحج، لأن وجوب الوفاء به یرتفع بارتفاع موضوعه وجدانا بصرف تحقق وجوب الحج في الشرع، فلا یعقل تحقق کلیهما معا حتی تقع المزاحمة بینهما، بل وإن قلنا ان وجوب الحج مشروط بالقدرة الشرعیة بمعنی عدم الأمر بالخلاف، فمع ذلک یتقدم علی وجوب الوفاء بالنذر أو نحوه علی أساس أن المتفاهم العرفي من النص المتقدم ان کل التکالیف والشروط المجعولة من قبل الله تعالی لابد من أن تلحظ قبل شروطکم وفي المرتبة السابقة، فاذا کانت ثابتة في الشریعة المقدسة بنفسها فلا مجال لشروطکم ونتیجة ذلک ان وجوب الوفاء بالنذر أو نحوه مشروط بالقدرة الشرعیة بمعنی عدم الأمر بالخلاف بنفسه وبقطع النظر عنه بمقتضی دلیله دون وجوب الحج، فانه مشروط بعدم الأمر بالخلاف فعلا، فلذلک لا مناص من تقدیمه علیه.

قد یقال – کما قیل – إن تقدیم وجوب الحج علی وجوب الوفاء بالنذر أو نحوه انما هو علی أساس أن وجوب الوفاء بما أنه وجوب ثانوي فلا یمکن امضاؤه شرعا إذا استلزم ترک واجب کالحج أو نحوه، کما إذا نذر زیارة الحسین7 في یوم عرفة، فان الوفاء به بما أنه یستلزم ترک حج واجب علیه فهذا غیر راجح قطعا، فمن أجل ذلک لا یمکن الحکم بصحته.

والجواب: ان المعتبر في صحة النذر کون متعلقه راجحا في نفسه، والفرض أن زیارة الحسین7 راجحة في نفسها، واستلزامها لترک الحج الواجب لا یوجب کونها مرجوحة الّا بالعرض، وأما في نفسها فهي راجحة، فلا مانع من الحکم بصحته، غایة الأمر إذا فرض أن وجوب الحج مشروط بالقدرة الشرعیة بمعنی عدم الأمر بالخلاف کان وجوب الوفاء واردا علیه ورافعا لوجوبه بارتفاع موضوعه.

فالنتیجة: ان الصحیح هو ما ذکرناه في وجه تقدیم وجوب الحج علی وجوب الوفاء بالنذر.

2- الفیاض: هذا بناء علی أن یکون وجوب الحج مشروطا بالقدرة الشرعیة بمعنی عدم المانع الأعم من التکویني والتشریعي، وقد مر أن الأمر لیس کذلک وأنه مشروط بالقدرة التکوینیة في مقابل العجز التکویني الاضطراري، وعلیه فتقع المزاحمة بینهما شریطة أن یکون الواجب الآخر أیضا مشروطا بنفس تلک القدرة اما عقلا أو شرعا، وعندئذ فإن کان أحدهما أهم من الآخر أو محتمل الأهمیة قدم علیه، والّا فالحکم هو التخییر بینهما هذا إذا کان وجوب الحج مستقرا علیه، واما إذا کان في السنة الأولی فان قلنا بوجوب الفوریة فالأمر فیه کذلک، وإن قلنا بعدم وجوبها وأنه مبني علی الاحتیاط إذا کان المکلف واثقا بعدم تفویته إذا أخر فقدم الواجب الآخر علیه.

3- الفیاض: فیه ان وجوب الحج إذا کان مشروطا بعدم الأمر بالخلاف کما بنی علیه1 بدعوی ان الاستطاعة عبارة عن ذلک، فلا یعقل التزاحم بینه وبین وجوب الواجب المشروط بالقدرة العقلیة لفرض ان وجوبه مانع ورافع لوجوبه بارتفاع موضوعه، ولا فرق في ذلک بین أن یکون تحقق وجوب الواجب الآخر قبل حصول الاستطاعة أو بعده، فکما أنه وارد علیه ورافع له إذا کان تحققه قبل حصول الاستطاعة فکذلک إذا کان بعد حصولها فانه یکشف عن عدم تحققها بداهة انه لا یمکن القول بأن حدوث وجوب الحج مشروط بعدم الأمر بالخلاف، وأما بقاؤه فلا فانه لو کان مشروطا به لکان مشروطا حدوثا وبقاء، فما في المتن من الفرق بین الصورتین لا یرجع الی معنی محصل.

 مسألة 33: النذر المعلّق على أمرٍ قسمان؛ تارةً يكون التعليق على وجه الشرطيّة، كما إذا قال: إن جاء مسافري فللّه علىّ أن أزور الحسين علیه السّلام في عرفة، وتارةً يكون على نحو الواجب المعلّق، كأن يقول: للّه علىّ أن أزور الحسين علیه السّلام في عرفة عند مجيء مسافري؛ فعلى الأوّل يجب الحجّ إذا حصلت الاستطاعة قبل مجيء مسافره، وعلى الثاني لايجب(1)، فيكون حكمه حكم النذر المنجّز في أنّه لوحصلت الاستطاعة وكان العمل بالنذر منافياً لها لم‌يجب الحجّ؛ سواء حصل المعلّق عليه قبلها أو بعدها وكذا لو حصلا معآ، لايجب الحجّ، من دون فرق بين الصورتين. والسرّ في ذلک أنّ وجوب الحجّ مشروط، والنذر مطلق(2)، فوجوبه  يمنع من تحقّق الاستطاعة.

 
 1- الفیاض: ظهر حاله مما تقدم من أنه لا اشکال في تقدیم وجوب الحج علی وجوب النذر وإن کان منجزا فضلا عن کونه معلقا.

2- الفیاض: مر أن الأمر بالعکس یعني ان وجوب الحج مطلق ووجوب النذر مشروط بعدم ثبوته بنفسه في الشرع.

 مسألة 34: إذا لم‌يكن له زاد وراحلة ولكن قيل له: حجّ وعلىّ نفقتک ونفقة عيالک، وجب عليه؛ وكذا لو قال: حجّ بهذا المال، وكان كافياً له ذهابآ وإيابآ ولعياله، فتحصل الاستطاعة ببذل النفقة، كما تحصل بملكها؛ من غير فرق بين أن يبيحها له أو يملّكها إيّاه، ولا بين أن يبذل عينها أو ثمنها، ولا بين أن يكون البذل واجبآ عليه بنذر أو يمين أو نحوهما أولا، ولا بين كون الباذل موثوقاً به أو لا  على الأقوى؛ والقول بالاختصاص بصورة التمليک ضعيف، كالقول بالاختصاص بما إذا وجب عليه أو بأحد الأمرين من التمليک أو الوجوب، وكذا القول بالاختصاص بما إذا كان موثوقآ به، كلّ ذلک لصدق الاستطاعة وإطلاق المستفيضة من الأخبار(1) . ولو كان له بعض النفقة فبذل له البقيّة وجب أيضآ، ولو  بذل له نفقة الذهاب فقط ولم‌يكن عنده نفقة العود لم‌يجب(2)، وكذا لو لم‌يبذل نفقة

عياله(3)، إلّا إذا كان عنده ما يكفيهم إلى أن يعود أو كان لايتمكّن من نفقتهم مع ترک الحجّ أيضاً.

1- الفیاض: منها صحیحة العلاء، قال: «سألت أبا عبد الله عن قول الله عز وجل: (وَلِلّهِ عَلَی اَلنّاسِ حِجُّ اَلبَیتِ مَنِ اِستَطاعَ إِلَیهِ سَبِیلاً) قال: یکون له ما یحج به، قلت: فمن عرض علیه فاستحی، قال: هو ممن یستطیع...»(الوسائل باب: 8 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 2) فانها تنص علی انه إذا عرض علیه ما یحج به فهو مستطیع، ومقتضی اطلاقها عدم الفرق بین أن یکون ما عرض بنحو التملیک أو الاباحة، وکون الباذل ثقة أو غیر ثقة، والمال المبذول عینا أو قیمة، وکون البذل واجبا أو غیر واجب، ومثلها غیرها من الروایات الواردة في المسألة.

2- الفیاض: هذا شریطة أن لا یکون عازما علی عدم العود الی بلدته، والّا کفی في استطاعته ووجوب الحج علیه نفقة الذهاب فحسب، ولا فرق من هذه الناحیة بین الاستطاعة البذلیة وغیرها، فان المعیار انما هو بوجود ما یحج به عنده وإن کان بالبذل، کما نصت علیه صحیحة العلاء المتقدمة وغیرها من النصوص، فاعتبار نفقة العود في الاستطاعة انما هو بملاک الحاجة الیها، وأما من کان عازما علی عدم العود والبقاء في مکة فلا یحتاج الیها، ولا تکون معتبرة في استطاعته.

3- الفیاض: في اطلاقه اشکال بل منع، وذکل لما تقدم من أن المتفاهم العرفي من الآیة الشریفة والروایات الواردة في تفسیرها، أن الاستطاعة تتکون من العناصر التالیة: الامکانیة المالیة لسدّ نفقات سفر الحج، والأمن والسلامة في الطریق، وما به الکفایة وهذه الأدلة انما هي في مقام بیان ان وجوب الحج علی کل أحد في الخارج مرتبط بوجود تلک العناصر فیه شریطة أن تتوفر فیه سائر شروطه العامة من العقل والبلوغ والحریة، ولا نظر لها الی اعتبار أمر آخر في وجوبه کعدم وجوب مزاحم أهم له أو نحو ذلک، وعلی هذا الأساس فان کان لاستحبابته بذل الباذل أثر بشأن نفقة عیاله باعتبار أنه یشتغل کعامل مضارب وینفق علی عائلته في کل یوم من اجرة ذلک الیوم، وإذا ذهب الی الحج لم یتمکن من الانفاق علیهم، ففي مثل ذلک لا تجب علیه الاستحبابة، لا لعدم تحقق الاستطاعة بذلا، بل من جهة أن وجوب الحج مزاحم بواجب أهم وهو وجوب الانفاق علی عیاله، وإن لم یکن لها أثر بشأن نفقتهم وجبت، ولا فرق في ذلک بین الاستطاعة البذلیة وغیرها، فانهما بمعنی واحد وهو المتکون من الأمور التالیة: الامکانیة المالیة، والأمن وسلامة البدن، والتمکن من استعادة وضعه المعاشي الطبیعي بدون الوقوع في حرج، فلو عرض علیه ما یحج به، فان قبل وحج به ثم رجع، فان لم یتمکن من استعادة وضعه المعاشي المناسب لمکانته بدون الوقوع في حرج انکشف عن عدم استطاعته به، وأن حجه هذا لیس بحجة الإسلام الواجبة، باعتبار استلزامه وقوعه في حرج، ولا فرق في ذلک بین الاستطاعة البذلیة وغیرها، وأما نفقة العیال فهي لیست جزءا من الاستطاعة لا البذلیة ولا غیرها، غایة الأمر إن کانت نفقة الزوجة فهي دین، وإن کانت نفقة غیرها فهي تکلیف، وعلی کلا التقدیرین فهي لا تمنع عن الاستطاعة، بل حینئذ یقع التزاحم بین وجوب الانفاق وبین وجوب الحج، وبما أن الأول أهم أو محتمل الأهمیة فیقدم علیه.

نعم قد یستدل علی أنها جزء من الاستطاعة غیر البذلیة بروایة ابي الربیع الشامي، قال: «سئل أبو عبد الله عن قول الله عز وجل: (وَلِلّهِ عَلَی اَلنّاسِ حِجُّ اَلبَیتِ مَنِ اِستَطاعَ إِلَیهِ سَبِیلاً) فقال: ما یقول الناس؟ قال: فقلت له: الزاد والراحلة... الی أن قال: فما السبیل؟ قال: فقال: السعة في المال إذا کان یحج ببغض ویبقی بعضا لقوت عیاله – الحدیث»(الوسائل باب: 9 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 1). بتقریب أن هذه الروایة قد فسرت السبیل بالسعة في المال الکافي لنفقة الحج وعیاله معا، فتدل علی أن نفقة العیال جزء من الاستطاعة.

والجواب: إن الروایة وإن کانت ظاهرة في ذلک الّا أنها ضعیفة سندا، فان في سندها خالد بن جریر، وهو لم یثبت توثیقه.

ومع الاغماض عن ذلک، وتسلیم أنها تامة سندا ولکنها تدل علی اعتبارها في مطلق الاستطاعة، بدون فرق بین البذلیة وغیرها، بقرینة أنها وردت في تفسیر السبیل في الآیة الشریفة بالسعة في المال، ومن المعلوم أنها مشترکة بین الاستطاعة البذلیة وغیرها، لوضوح أنه لیس للاستطاعة البذلیة معنی آخر غیر الامکانیة المالیة، مع أن هذه الکلمة قد وردت في روایات البذل أیضا، هذا اضافة الی أن صیغ التعبیر في الروایات الواردة في اعتبار الاستطاعة في وجوب الحج وروایات البذل تدل علی أن الاستطاعة في کلا الموردین بمعنی واحد، ولا یظهر منهما الاختلاف فیها اصلا، نعم قد تختلف في بعض اللوازم.

وبکلمة: ان روایات البذل ناظرة إلی أن من بذل له ما یحج به فقد وجب علیه الحج شریطة أن تتوفر فیه الاستطاعة البدنیة والامنیة علی نفسه أو عرضه أو ماله في الطریق وعند الأعمال.

فالنتیجة: ان روایات البذل تدل علی تحقق الاستطاعة المالیة به بدون فرق بین أن تکون علی نحو الملک أو الاباحة، فان المعیار في وجوب الحج انما هو بوجود ما یحج به وإن کان علی نحو الاباحة، غایة الأمر إن کانت عنده نفقة تکفي لعیاله في فترة سفره الی الحج وجب علیه استحبابة البذل والّا لم تجب. نعم إذا کان وجوده وعدمه علی حد سواء بالنسبة إلی نفقتهم ولا أثر له بشأنها فتجب علیه استحبابته.

لحد الآن قد ظهرت ان الانفاق علی العیال کالوفاء بالدین خارج عن الاستطاعة موضوعا وانما یکون وجوب الانفاق کوجوب الوفاء بالدین مزاحم لوجوب الحج، وبما أن الأول أهم یتقدم علی الثاني، ومن أجل ذلک ان من کان لدیه مالا لا یکفي للإنفاق علی الحج والعیال معا قد یطلق علیه انه غیر مستطیع، ولکن من المعلوم ان اطلاق عدم المستطیع علیه حکمي لا موضوعي باعتبار أن کلا منهما واجب مستقل في الشرع ولموضوع کذلک، وقد یقع التزاحم بینهما إذا لم تتسع قدرة المکلف علی الجمع بینهما في مرحلة الامتثال.

 مسألة 35: لايمنع الدين من الوجوب في الاستطاعة البذليّة(1)؛ نعم، لو كان حالاّ وكان الديّان مطالبآ مع فرض تمكّنه من أدائه لو لم‌يحجّ ولو تدريجاً، ففي كونه مانعاً أو لا، وجهان(2).

1- الفیاض: فیه انه لا وجه لهذا التقیید لما مر من أن وجوب الوفاء بالدین لا یمنع عن الاستطاعة المالیة، غایة الأمر تقع المزاحمة بینهما فیقدم وجوب الوفاء به علی وجوب الحج، واما إذا کانت الاستطاعة بذلیة فلا موضوع لهذه المزاحمة حیث لا یجوز له أن یفی دینه مما بذل له للحج، غایة الأمر إنه إذا کان متمکنا من الأداء ولو تدریجا إذا لم یذهب الی الحج وجب علیه ذلک تطبیقا لما تقدم، وأما إذا لم یکن لاستحبابه البذل أثر بشان الوفاء بالدین فتجب.

2- الفیاض: الأظهر کونه مانعا کما مر.

 مسألة 36: لايشترط الرجوع إلى كفاية في الاستطاعة البذليّة(1).

1- الفیاض: هذا شریطة أن لا یکون سفر الحج مؤثرا في وضعه المعاشي، فانه في مثل هذه الحالة اذا بذل الیه ما یحج به وجب علیه استحبابته باعتبار أنها لا تؤثر في شأن وضعه المعاشي، ولا یجوز له صرفه فیه. واما إذا وصل الیه مال هدیة أو من عملیة کسبه أو مهنته ما یکفي لنفقات سفر الحج فقط لم یجب، لمکان عدم استطاعته، فانه لو صرف المال في نفقات سفر الحج ثم رجع لم یتمکن من اعادة وضعه المعاشی العادي اللائق بمکانته بدون الوقوع في حرج بسبب ما انفقه علی الحج، وهذا التمکن معتبر في الاستطاعة بمقتضی حدیث لا حرج باعتبار أن من عناصر الاستطاعة التمکن من استئناف وضعه المادي المناسب لشأنه بدون الوقوع في حرج بسبب الحج وما أنفقه علیه، فاذا توفر هذا العنصر في فرض توفر سائر عناصرها تمت الاستطاعة والّا فلا، وأما إذا کان سفره الی الحج وانفاق ما لدیه من المال في متطلباته مؤثرا في وضعه المعاشي، فاذا رجع الی بلدته ولم یتمکن من اعادته بدون الوقوع في حرج لم یکن مستطیعا، وعلیه فلا یجب علیه الحج بدون فرق بین أن تکون استطاعته حینئذ مالیة أو بذلیة.

فالنتیجة: ان ما في المتن من عدم اعتبار الرجوع الی ما به الکفایة في الاستطاعة البذلیة لا یتم بالطلاقه.

مسألة 37: إذا وهبه ما يكفيه للحجّ لأن يحجّ، وجب عليه القبول على الأقوى، بل وكذا لو وهبه وخيّره بين أن يحجّ به أو لا(1)، وأمّا لو وهبه ولم‌يذكر الحجّ لا تعييناً ولا تخييرآ فالظاهر عدم وجوب القبول كما عن المشهور.

1- الفیاض: في وجوب القبول اشکال بل منع، لأن الظاهر من روایات البذل وجوب القبول في فرض عرض الحج علیه، أو ما یحج به، مثل أن یقول: خذ هذا المال وحج به، وفي المقام انما عرض علیه الجامع لا خصوص الحج، فلا یکون مشمولا لتلک الروایات.

 مسألة 38: لو وقف شخص لمن يحجّ أو أوصى أو نذر كذلک، فبذل المتولّي أو الوصيّ أو الناذر له، وجب عليه، لصدق الاستطاعة، بل إطلاق الأخبار(1)؛ وكذا لو أوصى له بما يكفيه للحجّ بشرط أن يحجّ، فإنّه يجب عليه بعد موت الوصيّ.

1- الفیاض: هذا لعله لدفع توهم عدم شمول الأخبار للمسألة واختصاصها بما إذا کان الباذل مالکا، ولکن لا وجه لهذا التوهم، لا لإطلاق الأخبار، فانها لیست في مقام البیان من هذه الناحیة، وانما هي ناظرة الی بیان وجوب الحج علی من عرض علیه بلانظر لها الی أن العرض من المالک أو من غیره، بل من جهة أن موضوع الوجوب هو العرض، فاذا تحقق ترتب علیه حکمه، ومن المعلوم انه لا فرق في تحققه بین أن یکون العرض من قبل المالک مباشرة، أو من غیره.

 مسألة 39: لوأعطاه مايكفيه للحجّ خمسآ أوزكاةً وشرط عليه‌أن‌يحج به، فالظاهر الصحّة(1) ووجوب الحجّ عليه إذا كان فقيرآ أو كانت الزكاة من سهم سبيل اللّه(2).

1- الفیاض: في الظهور اشکال بل منع، والأظهر انه لا یجب علیه العمل بهذا الشرط، فانه یرتبط بمدی ولایة المالک علی الخمس والزکاة، وقد تقدم في ضمن بحوثهما انه لا ولایة له الّا علی عزلهما وتعیینها في مال معین واعطاؤه للمستحق دون أکثر من ذلک، فلا یحق للدافع أن یشترط علی المستحق في تصرفه فیها شروطا وقیودا، لأن کل ذلک خارج عن نطاق ولایته، هذا من ناحیة.

ومن ناحیة أخری، انه مع الاغماض عن ذلک وتسلیم أن للمالک ولایة علی هذا فلا شبهة في نفوذ هذا الشرط إذا کانت فیه مصلحة، ومن هنا إذا کان ذلک الشرط من قبل الحاکم الشرعي حسب ما یراه کان نافذا لمکان ولایته، وعلیه فلا وجه للقول بأن هذا الشرط لا یرجع الی معنی محصل، اذ کما لا یمکن أن یکون مرده إلی تعلیق الاعطاء علیه بداهة ان الاعطاء فعل خارجي غیر قابل للتعلیق، کذلک لا یمکن أن یکون مردّه الی تعلیق الالتزام بالاعطاء علیه، فان مرجعه الی ثبوت الخیار لدی التخلف وامکان الاسترداد، والفرض انه لا موضوع له في المقامف فاذن لا محالة یکون مرده الی التزام مقارن للإعطاء، وهو التزام ابتدائي ولیس شرطا، ولا دلیل علی وجوب الوفاء به، وذلک لما عرفت من أن نفوذه علی المستحق ووجوبه علیه انما هو من باب ولایة المالک علیه لا من باب أن شرطه نافذ کشرط أحد المتعاملین علی الآخر، ومن هنا یکون وجوب العمل به تکلیف محض، ولا یترتب علی مخالفته أي أثر وضعي غیر المعصیة واستحقاق الإدانة والعقوبة.

فالنتیجة: ان مرد هذا الشرط الی تعیین المصرف لهما، وحینئذ فان کانت للدافع ولایة علیه وجب علی المستحق العمل به کالحاکم الشرعي، فإن له الولایة علی هذا، فاذا عیّن وجب العمل علی طبقه وإذا خالف فقد عصی واستحق العقوبة والادانة، ولا یترتب علی مخالفته شيء أخر کالخیار وامکان الاسترداد، نعم إذا استطاع المستحق بالقبض منهما بقدر مؤنة سنته حسب مکانته وشئونه بمعنی انه کان کافیا لنفقات سفر الحج له وجب علیه ذلک وإن لم یشترط، شریطة أن لا یقع في حرج بعد لعود.

2- الفیاض: الأمر کما أفاده1 لما تقدم من انه لا یعتبر في صدقه أن تکون فیه مصلحة عامة علی أساس انه یصدق علی کل عمل قربي.

 مسألة 40: الحجّ البذليّ مجزٍ عن حجّة الإسلام، فلايجب عليه إذا استطاع مالا بعد ذلک على الأقوى(1).

1- الفیاض: هذا هو الصحیح وهو المشهور بین الأصحاب، وتدل علی ذلک روایات البذل، بتقریب أنها تنص علی وجوب الحج علی من عرض علیه ما یحج به بملاک أنه أصبح مستطیعا به، ومن المعلوم أن الواجب علی المستطیع بمقتضی الآیة الشریفة والروایات هو حجة الإسلام، وبما أنها واجبة في تمام مدة عمر الإنسان مرة واحدة، فهو علی یقین من عدم وجوبها علیه مرة ثانیة وإن استطاع مالا وعلی هذا فلابد من حمل صحیحة الفضل بن عبد الملک عن أبي عبد الله قال: «سألته عن رجل لم یکن له مال فحج به اناس من أصحابه أقضی حجّة الإسلام؟ قال: نعم، فان أیسر بعد ذلک فعلیه أن یحج، قلت: هل تکون حجته تلک تامة أو ناقصة إذا لم یکن حج من ماله، قال: نعم قضی عنه حجة الإسلام وتکون تامة ولیست بناقصة وإن أیسر فلیحج – الحدیث»(الوسائل باب: 10 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 6) علی الاستحباب، هذا اضافة الی وجود قرینة داخلیة وخارجیة علی ذلک، أما الأولی: فلأن قوله في نفس تلک الصحیحة، «نعم قضی عنه حجة الإسلام وتکون تامة ولیست بناقصة» ناص في أداء حجة الإسلام وأنها تامة، فاذن یصلح أن یکون قرینة علی حمل الأمر بالحج عند الاستطاعة المالیة علی الاستحباب. وأما الثانیة: فهي صحیحة معاویة قال: «قلت لأبي عبد الله: رجل لم یکن له مال فحج به رجل من اخوانه أیجزیه ذلک عنه عن حجة الإسلام أم هي ناقصة؟ قال: بل هي حجة تامة»(الوسائل باب: 10 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 2) فان قوله: «بل هي حجة تامة» ناص في الإجزاء والکفایة، وعلیه فیصلح أن یکون قرینة عرفا علی حمل الأمر بالحج علی الاستحباب.


  

 
پاسخ به احکام شرعی
 
موتور جستجوی سایت

تابلو اعلانات

 




پیوندها

حدیث روز
بسم الله الرحمن الرحیم
چهار پناهگاه در قرآن
   
أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ عَنِ الصَّادِقِ (علیه السلام) قَالَ:
عَجِبْتُ لِمَنْ فَزِعَ مِنْ أَرْبَعٍ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى أَرْبَعٍ
(۱) عَجِبْتُ لِمَنْ خَافَ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
(۲) وَ عَجِبْتُ لِمَنِ اغْتَمَّ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ
(۳) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ مُكِرَ بِهِ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا
(۴) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً. فَعَسى‏ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ عَسَى مُوجِبَةٌ
    
آقا امام صادق (عليه السّلام) فرمود: در شگفتم از كسى كه از چهار چيز مى‌هراسد چرا بچهار چيز پناهنده نميشود:
(۱) شگفتم از آنكه ميترسد چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل« حَسْبُنَا اَللّٰهُ‌ وَ نِعْمَ‌ اَلْوَكِيلُ‌ » خداوند ما را بس است و چه وكيل خوبى است زيرا شنيدم خداى جل جلاله بدنبال آن ميفرمايد:بواسطۀ نعمت و فضلى كه از طرف خداوند شامل حالشان گرديد باز گشتند و هيچ بدى بآنان نرسيد.
(۲) و شگفتم در كسى كه اندوهناك است چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل:« لاٰ إِلٰهَ‌ إِلاّٰ أَنْتَ‌ سُبْحٰانَكَ‌ إِنِّي كُنْتُ‌ مِنَ‌ اَلظّٰالِمِينَ‌ » زيرا شنيدم خداى عز و جل بدنبال آن ميفرمايد در خواستش را برآورديم و از اندوه نجاتش داديم و مؤمنين را هم چنين ميرهانيم.
(۳) و در شگفتم از كسى كه حيله‌اى در بارۀ او بكار رفته چرا بفرمودۀ خداى تعالى پناه نمى‌برد« وَ أُفَوِّضُ‌ أَمْرِي إِلَى اَللّٰهِ‌ إِنَّ‌ اَللّٰهَ‌ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ »:كار خود را بخدا واگذار ميكنيم كه خداوند بحال بندگان بينا است)زيرا شنيدم خداى بزرگ و پاك بدنبالش مى‌فرمايد خداوند او را از بديهائى كه در بارۀ او بحيله انجام داده بودند نگه داشت.
(۴) و در شگفتم از كسى كه خواستار دنيا و آرايش آن است چرا پناهنده نميشود بفرمايش خداى تبارك و تعالى(« مٰا شٰاءَ اَللّٰهُ‌ لاٰ قُوَّةَ‌ إِلاّٰ بِاللّٰهِ‌ »)(آنچه خدا خواست همان است و نيروئى جز به يارى خداوند نيست)زيرا شنيدم خداى عز اسمه بدنبال آن ميفرمايد اگر چه مرا در مال و فرزند از خودت كمتر مى‌بينى ولى اميد هست كه پروردگار من بهتر از باغ تو مرا نصيب فرمايد (و كلمۀ:عسى در اين آيه بمعناى اميد تنها نيست بلكه بمعناى اثبات و تحقق يافتن است).
من لا يحضره الفقيه، ج‏۴، ص: ۳۹۲؛
الأمالي( للصدوق)، ص: ۶؛
الخصال، ج‏۱، ص: ۲۱۸.


کلیه حقوق مادی و معنوی این پورتال محفوظ و متعلق به حجت الاسلام و المسلمین سید محمدحسن بنی هاشمی خمینی میباشد.

طراحی و پیاده سازی: FARTECH/فرتک - فکور رایانه توسعه کویر -