انهار
انهار
مطالب خواندنی

شرایط وجوب حجةالإسلام از ابتدا تا مسأله 20

بزرگ نمایی کوچک نمایی

و هي اُمور :

أحدها: الكمال بالبلوغ والعقل؛ فلايجب على الصبيّ وإن كان مراهقاً(1)، ولا على المجنون(2) وإن كان أدواريّاً إذا لم‌يف دور إفاقته بإتيان تمام الأعمال. ولو حجّ الصبيّ لم‌يجز عن حجّة الإسلام (3) وإن قلنا بصحّة عباداته وشرعيّتها كما هو الأقوى، وكان واجداً لجميع الشرائط سوى البلوغ؛ ففي خبر مسمع عن الصادق علیهِ السَّلام: «لو أنّ غلامآ حجّ عشر حجج ثمّ احتلم كان عليه فريضة الإسلام» وفي خبر إسحاق بن عمّار عن أبي الحسن علیهِ السَّلام عن ابن عشر سنين يحجّ؟ قال  علیهِ السَّلام: «عليه حجّة الإسلام إذا احتلم، وكذا الجارية عليها الحجّ إذا طمثت».

1- الفیاض: لإطلاق حدیث عدم جري القلم علیه، وللروایات الخاصة في المقام.

2- الفیاض: هذا لا بملاک حدیث رفع القلم عنه، فانه ضعیف سندا، ولا بملاک الاجماع علی اعتبار العقل فانه علی تقدیر تسلیم احرازه بین الفقهاء المتقدمین الا أنه لیس باجماع تعبدي، فان معظمهم لو لا کلهم قد اعتمدوا علی اعتبار العقل بحدیث رفع القلم، بل بملاک أن المجنون في نفسه غیر قابل لتوجیه الخطاب التکلیفي الیه کالخطاب بالصلاة والصیام والحج بمالها من الشروط لأنه لغو صرف، فلا یمکن صدوره من المولی الحکیم.

ودعوی: ان الجنون انما هو مانع عن جعل الحکم في عام الاعتبار علی أساس أنه لغو محض وجزاف ولا یمنع عن ثبوت ملاکه في مرحلة المبادي، ونتیجة ذلک وجوب القضاء علیه بعد الافاقة.

مدفوعة: أولا: انه لا طریق لنا الی احراز الملاک وثبوته في مرحلة المبادئ، وعدم الفرق فیه بین المجنون وغیره لأن الکاشف عنه بالالتزام انما هو ثبوت التکلیف، ومع عدم امکان ثبوته فلا کاشف له.

وثانیا: ان هذا لم تم فانما یتم في مثل الصلاة والصیام دون الحج، فان المجنون إذا کان مستطیعا فملاک وجوبه في حقه تام، ولکن جنونه مانع عن جعل وجوبه، وبما أن فوت الملاک لا یکون مستندا إلی تقصیره وإهماله لفرض أنه معذور فیه بملاک جنونه فلا یستقر علیه الحج، وحینئذ فإذا أفاق فان کان مستطیعا وجب علیه الحج من حین الافاقة سواء أکان ملاکه تاما في حقه في زمن جنونه أم لا، وإن لم یکن مستطیعا فلا موضوع لوجوبه، فان لا أثر لافتراض ثبوت الملاک له في مرحلة المبادئ في حال جنونه.

3- الفیاض: هذا من جهة أن حجة الإسلام اسم للحج الاول الواجب في الشریعة المقدسة للمستطیع وعنوان مقوم له فلا تنطبق علی الحج المستحب.

 مسألة 1: يستحبّ للصبيّ المميّز أن يحجّ وإن لم‌يكن مجزياً عن حجّة الإسلام، ولكن هل يتوقّف ذلک على إذن الوليّ أو لا؟ المشهور، بل قيل: لاخلاف فيه أنـّه مشروط بإذنه، لاستتباعه المال في بعض الأحوال للهدي وللكفّارة، ولأنـّه عبادة متلقّاة من الشرع مخالف للأصل، فيجب الاقتصار فيه على المتيقّن. وفيه: إنّه ليس تصرّفاً ماليّاً وإن كان ربّما يستتبع المال(1)، وأنّ العمومات كافية في صحّته وشرعيّته مطلقاً، فالأقوى عدم  الاشتراط في صحّته وإن وجب الاستيذان في بعض الصور. وأمّا البالغ، فلايعتبر في حجّه المندوب إذن الأبوين إن لم‌يكن مستلزمآ للسفر المشتمل على الخطر الموجب لأذيّتهما، وأمّا في حجّه الواجب فلاإشكال.

1- الفیاض: فیه ان صحة حجه لا تتوقف علی قدرته علی المال کالهدي فضلا عن الکفارات، وحینئذ فإن بذلک ولیه الهدي من قبله فهو، والّا فالصبي بما انه عاجز عنه فوظیفته الصیام، فان تمکن منه صام، والّا فلا شيء علیه، وکذلک الحال في الکفارات، بل بمقتضی حدیث رفع القلم عن الصبي عدم وجوبها علیه، فالنتیجة ان صحة حجه لا تتوقف علی اذن الولي اصلا، ولا علی الهدي إذا کان عاجزا عنه.

 

مسألة 2: يستحبّ للوليّ أن يحرم بالصبيّ الغير المميّز بلاخلاف، لجملة من الأخبار، بل وكذا الصبيّة وإن استشكل فيها صاحب المستند(1)، وكذا المجنون وإن كان لايخلو عن إشكال(2) ، لعدم نصّ فيه بالخصوص، فيستحقّ الثواب عليه؛ والمراد بالإحرام به جعله محرماً، لا أن يحرم عنه، فيلبسه ثوبي الإحرام ويقول: «اللّهمّ إنّي أحرمت هذا الصبيّ(3)...الخ» ويأمره بالتلبية، بمعنى أن يلقّنه إيّاها، وإن لم‌يكن قابلا يلبّي عنه، ويجنّبه عن كلّ ما يجب على المحرم الاجتناب عنه، ويأمره بكلّ من أفعال الحجّ يتمكّن منه، وينوب عنه في كلّ ما لايتمكّن، ويطوف به ويسعى به بين الصفا والمروة ويقف به في عرفات و منى(4) ويأمره بالرمي، وإن لم‌يقدر يرمي عنه، وهكذا يأمره بصلاة الطواف، وإن لم‌يقدر يصلّي عنه، ولابدّ من أن يكون طاهرآ ومتوضّئاً ولو بصورة الوضوء(5)، وإن لم‌يمكن فيتوضّأ هو عنه(6)، ويحلّق رأسه، وهكذا جميع الأعمال.

1- الفیاض: الظاهر ان الاشکال في غیر محله، فان مورد الروایات وإن کان الصبي، الّا أن العرف لا یفهم منها خصوصیة له ولا سیما انه ورد في أکثر هذه الروایات في السؤال. فالنتیجة ان المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة ان استحباب احرام الصبي علی المولی لیس بما هو صبي في مقابل الصبیة بل بما هو صغیر، علی أساس أن فیه نوعا من التعظیم لشعائر الله وحرمه سبحانه. ومع الاغماض عن ذلک فالاستدلال علی عموم الحکم بمعتبرة یونس ابن یعقوب عن أبیه قال: «قلت لأبي عبد الله7: ان معی صبیة صغارا وأنا أخاف علیهم البرد، فمن أین یحرمون؟ قال: ایت بهم العرج فلیخرجوا منها... الخ»(الوسائل باب: 18 من أبواب أقسام الحج الحدیث: 7).

بدعوی أن الصبیة وإن کانت جمعا للصبي فإن جمع الصبیة صبایا، الّا أن المتفاهم من هذه الروایات الاولاد الصغار الأعم من الأبناء والبنات، في غیر محله فان الروایات المذکورة إن کانت ظاهرة عرفا في اختصاص الحکم بالصبي فلا فرق بین مفرد هذه الکلمة (الصبي) وجمعها، وإن کانت ظاهرة في عدم الاختصاص وعموم الحکم للصبیة فالأمر أیضا کذلک، فاذن لا وجه للتفصیل والصحیح هو ما ذکرناه.

2- الفیاض: بل منع التعدي عن مورد النصوص الی المجنون بحاجة إلی قرینة ولا قرینة علیه لا في نفس تلک النصوص ولا من الخارج، ومجرد مناسبة الحکم لا یکفي للتعدي مع الفرق بینه وبین الصبي، نعم لا بأس به رجاء.

3- الفیاض: فیه أنه لا دلیل علی استحباب هذا القول، ونصوص الباب خالیة عنه، وما دل علی استحباب التلفظ بالنیة لا یشمل ذلک لاختصاصه باعمال الحاج نفسه، نعم لا بأس به بقصد الدعاء والتضرع الی الله تعالی لا بقصد التلفظ بالنیة، أو فقل ان المستفاد من نصوص الباب هو أن الولي یأمر الصبي بالاحرام والتلبیة ونحوهما من اعمال الحج إذا کان قابلا لأن یباشر تلک الأعمال بنفسه، والا فعلی الولي أن یقوم باحرامه بدن یغسله ویلبّی عنه ویطرف به ویصلي عنه وهکذا، ولم یرد فیها أنه حین قیامه بذلک یقول: اللهم اني احرمت هذا الصبي...

4- الفیاض: الظاهر أنه من سهو القلم، والصحیح المشعر بدل منی باعتبار أنه لا وقوف في منی.

5- الفیاض: فیه: أنه لا دلیل علی قیامه الوضوء، لأن أدلة الوضوء منصرفة عنها، ولا یوجد دلیل آخر علی اعتبارها في المقام وکفایتها عن الوضوء الحقیقي.

6- الفیاض: فیه اشکال بل منع، لأن روایات الباب لا تدل علی أنه ینوب عنه في الوضوء، حیث ان مورد هذه الروایات أفعال الحج کالتلبیة والطواف والصلاة والسعي والرمي والذبح والوقوف ونحوها، ولا نظر لها إلی ما هو معتبر في تلک الافعال من الشروط والقیود منها اعتبار الطهارة في الطواف، فانها تدل علی أن الصبي إذا لم یتمکن من الاتیان بتلک الافعال مباشرة قام ولیه مقامه فیها، فیلبی عنه ویطوف به ویصلي عنه وهکذا، ولا تدل علی أن الصبي إذا لم یقدر علی الوضوء مباشرة قام ولیه مقامه فیتوضأ عنه. نعم کل عمل قام ولیه بالاتیان به من قبله إذا کان مشروطا بالطهارة فلابد له من تحصیلها ولکن لا بعنوان النیابة عنه.

 

مسألة 3: لايلزم كون الوليّ محرماً في الإحرام بالصبيّ(1) ، بل يجوز له ذلک وإن كان محلاّ.

1- الفیاض: الأمر کما افاده  وذلک لسببین:

أحدهما: ان قیام کل شخص بالاتیان باعمال الحج نیابة عن آخر لا یتوقف علی کونه محرما.

والآخر: اطلاق الروایات الآمرة بذلک.

 

 مسألة 4: المشهور على أنّ المراد بالوليّ في الإحرام بالصبيّ  الغير المميّز، الوليّ الشرعيّ من الأب والجدّ والوصيّ لأحدهما والحاكم وأمينه أو وكيل أحد المذكورين، لا مثل العمّ والخال ونحوهما والأجنبيّ؛ نعم، ألحقوا بالمذكورين الاُمّ وإن لم‌تكن وليّاً شرعيّاً، للنصّ الخاصّ فيها، قالوا: لأنّ الحكم على خلاف القاعدة فاللازم الاقتصار على المذكورين، فلايترتّب أحكام الإحرام إذا كان المتصدّي غيرهم، ولكن لايبعد كون المراد الأعمّ منهم وممّن يتولّى أمر الصبيّ (1) ويتكفّله وإن لم‌يكن وليّاً شرعيّاً ، لقوله  علیهِ السَّلام: «قدّموا من كان معكم من الصبيان إلى الجحفة أو إلى بطن مرّ... الخ» فإنّه يشمل غير الوليّ الشرعيّ أيضاً؛ وأمّا في المميّز، فاللازم إذن الوليّ الشرعيّ إن اعتبرنا في صحّة إحرامه الإذن(2)

1- الفیاض: بل هو بعید، علی أساس أن احجاج الصبي یستلزم التصرف فیه، بأن یجرده من ثیابه ویلبسه ثوبي الاحرام ویطوف به ویقف ویسعی وهکذا. ومن المعلوم أن کل ذلک تصرف فیه وهو غیر جائز من غیر ولیه الشرعي، ولا فرق فیه بین التصرف في ماله والتصرف في بدنه، فکما ان الأول غیر جائز فکذلک الثاني، فان جوازه بحاجة إلی دلیل لا حرمته، فانها علی القاعدة کحرمة التصرف في ماله.

وقد یستدل عی الأعم بصحیحة معاویة بن عمار عن أبي عبد الله  قال: «انظروا من کان معکم من الصبیان فقدموه الی الجحفة أو إلی بطن مرو یصنع بهم ما یصنع بالمحرم  الحدیث»(الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج الحدیث: 3) بدعوی ان اطلاقها یعم ما إذا کان الصبیان مع أولیائهم أو لا.

والجواب: أولا: انه لا اطلاق لها من هذه الناحیة، فانها ناظرة الی بیان انه لا مانع من احجاج الصبي بما هو صبي، ولا نظر لها الی عدم المانع من جهة أخری کأن یکون المتصدي لا حجاجه ولیه أو مأذونا من قبله.

أو فقل: إنها ناظرة إلی نفي مانعیة الصبي عن احجاجه، ولا نظر لها إلی أنه غیر مشروط بشروط أخری ککون المتصدي له ولیا أو مأذونا منه.

وثانیا: ان قوله  في الصحیحة: «من کان معکم من الصبیان» ظاهر في نفسه بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة في کونهم مع أولیائهم أو المأذونین من قبلهم، اذ من المستبعد جدا أن یکونوا مع غیر أولیائهم ولا المأذونین من قبلهم مع کونهم من الاطفال غیر الممیزین.

وأما الأم فقد نسب الی المشهور أنها مأذونة من قبل الشارع في التصدي لا حجاج طفلها فیکون حالها من هذه الناحیة حال الولي الشرعي، وتدل علی ذلک صحیحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله  قال: «سمعته یقول: مرّ رسول الله6 برؤیثة وهو حاج فقامت الیه أمرأة ومعها صبي لها، فقالت: یا رسول الله6 أیحج عن مثل هذا؟ قال: نعم ولک أجره»(الوسائل باب: 20 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 1) بتقریب أن مقتضی اطلاقها أنها تقوم باحجاجه وان لم تکن مأذونة من قبل الولي.

والجواب: انه لا اطلاق لها من هذه الناحیة، فان رسول الله6 انما هو في مقام بیان انه لا قصور من ناحیة الصبي في احجاجه، وأما أن شرطا آخر أیضا غیر معتبر فیه فهو ساکت عنه.

فالنتیجة: ان الأظهر اعتبار کون المتصدي لا حجاج الصبي غیر الممیز ولیا شرعیا له، أو مأذونا من قبله حتل إذا کان المتصدي أمه.

2- الفیاض: الظاهر بل لا شبهة في عدم اعتبار اذنه في صحة احرامه کعدم اعتباره في صحة صلاته وصیامه بناء علی ما هو الصحیح من شرعیة عباداته.

 

 مسألة 5: النفقة الزائدة على نفقة الحضر، على الوليّ، لا من مال الصبيّ(1)، إلّا إذا كان حفظه موقوفاً على السفر  به  أو يكون السفر مصلحة له.

1- الفیاض: الأمر کما الفاده  حتی بالنسبة إلی ولیه الشرعي کالأب والجد من قبل الأب، فان ولایته علیه وإن کانت لا یختص بما فیه مصلحة له بل هي ثابتة حتی فیما لا مصلحة فیه شرایطة أن لا تکون فیه مفسدة وبذلک تفترق عن ولایة الحاکم الشرعي أو الوصي علیه فانها ترتبط في کل مورد بوجود مصلحة فیه، ولکن مع ذلک لا یسوغ له أن یأخذ النفقة الزائدة من أمواله في حال عدم کون السفر له ضروریا أو ذات مصلحة باعتبار أن فیه مفسدة ومعها لا ولایة له.

 

 مسألة 6: الهدي على الوليّ(1)  ، وكذا كفّارة الصيد إذا صاد الصبيّ(2)؛ وأمّا الكفّارات الاُخر المختصّة بالعمد فهل هي أيضاً على الوليّ أو في مال الصبيّ أو لايجب الكفّارة في غير الصيد، لأنّ عمد الصبيّ خطأ والمفروض أنّ تلک الكفّارات لاتثبت في صورة الخطأ؟ وجوه لايبعد قوّة الأخير، إمّا لذلک وإمّا لانصراف أدلّتها عن الصبيّ، لكنّ الأحوط تكفّل الوليّ، بل لايُترک هذا الاحتياط ، بل هو  الأقوى(3) ، لأنّ قوله علیه السَّلام: «عمد الصبيّ خطأ» مختصّ بالديات، والانصراف ممنوع، وإلّا فيلزم الالتزام به في الصيد أيضاً(4).

1- الفیاض: في اطلاقه اشکال بل منع فانه انما یکون علی الولي إذا کان من مال الصبي مفسدة علیه، وأما إذا رأی الولي ان في الحجاجه مصلحة لسبب أو آخر، ففي مثل ذلک لا مانع من أن یأخذ ثمن الهدي من ماله.

واما روایات الباب، فقد یستدل بجملة منها علی أن الهدي علی الولي دون الصبي.

منها: صحیحة زرارة عن أحدهما: «قال: إذا حج الرجل بابنه وهو صغیر فانه یأمره أن یلبّی ویفرض الحج، فان لم یحسن ان یلبی لبوا عنه ویطاف به ویصلی عنه، قلت: لیس لهم ما یذبحون، قال: یذبح عن الصغار ویصوم الکبار... الخ»(الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج الحدیث: 5)، بدعوی أنها تدل علی أن الهدي علی الولي، فاذا لم یکن عنده ما یذبح عن نفسه وعن الصبي معا یذبح عن الصبي ویصوم عن نفسه، ومقتضی اطلاقها ان وظیفته ذلک وإن کان عند الصبي ما یذبح عنه.

ولکن ذلک قابل للمناقشة، فان الصحیحة لیست في مقام البیان من هذه الناحیة، بل هي في مقام بیان أن الصبي إذا کان غیر متمکن من مباشرة اعمال الحج بنفسه قام ولیه مقامه. وأما قول السائل «قلت: لیس لهم ما یذبحون» فلا ظهور له في انه لیس عندهم من مال أنفسهم، بل لا یبعد أن یکون المراد منه أعم من مال الصبي باعتبار أن ماله بید ولیه وعنده. وبکلمة ان ذبح الولي عن الصبي بما أنه من باب الولایة فلا یلزم بأن یکون من مال نفسه، بل له أن یذبح عنه من مال إذا لم تکن فیه مفسدة علیه.

ومنها: موثقة اسحاق بن عمار، قال: «سألت أبا عبد الله عن غلمان لنا دخلوا معنا مکة بعمرة، وخرجوا معنا الی عرفات بغیر احرام، قال: قل لهم یغتسلون ثم یحرمون، واذبحوا عنهم کما تذبحون عن أنفسکم»(الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج الحدیث: 2) بتقریب أنها ظاهرة في أن الکبار هم مأمورون بالذبح عن الصغار والهدي منهم.

والجواب: إنها وإن کانت ظاهرة في ان الکبار مأمورون بالذبح عنهم کما أنهم مأمورون بالوقوف بهم والصلاة عنهم والطواف بهم وهکذا من باب الولایة، الّا أنها لا تدل علی أن ثمن الذبیحة لابد أن یکون من مالهم دون مال الصغار إذا کان عندهم مال.

وإن شئت قلت: ان روایات الباب تنص علی ان الولي إذا حج بالصبي یتکفل اعماله شریطة عدم تمکنه من القیام بها مباشرة، بأن یلبّي عنه إذا لم یحسن، ویطوف به ویصلي عنه ویقف به ویرمي عنه ویذبح عنه وهکذا علی أساس ولایته علیه، ولا یدل شيء منها علی أن هذه الاعمال إذا توقفت علی بذل مال کالذبح وجب علیه أن یبذل من مال نفسه دون مال الصبي، وعلی هذا فمقتضی القاعدة بما أن مال الصبي بیده فله أن یتصرف فیه في شراء الهدي أو نحوه حسب ولایته شریطة أن لا تکون فیه مفسدة.

فالنتیجة: ان الروایات لیست في مقام البیان من هذه الجهة، وانما هي في مقام بیان الولي متکفل لأعمال حجه إذا لم یحسن تلک الأعمال، وتؤکد ذلک صحیحة معاویة بن عمار عن أبي عبد الله: «قال: انظروا من کان معکم من الصبیان فقدموه الی الجحفة أو الی بطن مرو یصنع بهم ما یصنع بالمحرم، ویطاف بهم ویرمی عنهم ومن لا یجد الهدي منهم فلیصم عنه ولیه»(الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج الحدیث: 3) بتقریب أنها تدل علی أن الانتقال الی الصوم مترتب علی عدم وجدان الصبي الهدي، ومقتضی اطلاقه عدم الفرق بین أن یکون من مال نفسه أو مال ولیه.

2- الفیاض: الأمر کما أفاده1 لنص قوله في صحیحة زرارة: «وإن قتل صیدا فعلی أبیه»(الوسائل باب: 17 من أبواب أقسام الحج الحدیث: 5).

3- الفیاض: في القوة اشکال بل منع، لأنه بحاجة الی دلیل ولا دلیل علیه في المسألة والتزامه باحجاجه لا یستلزم تحمله کل کفاراته، اذ مضافا إلی أن ترک ارتکاب ما یوجب الکفارة لیس من أجزاء الحج وواجباته ان کون کفارته علیه فهو بلامبرّر، وما دل علی أن کفارة صیده علی أبیه لا یدل علی العموم، فلابد من الاقتصار علی مورده، کما أنها لیست علی الصبي لا من جهة ما دل من أن عمده خطأ یحمل علی العاقلة لأنه مختص بباب الدیات بقرینة أن في ذلک الباب قد ثبت حکم للعمد وحکم للخطأ، فاذا قتل الصبي مؤمنا عامدا وملتفتا الی الحکم الشرعي ترتب علیه حکم القتل الخطئي فتکون دیته علی العاقلة ولا یعم الکفارات في المقام فانها مترتبة علی ارتکاب موجباتها المنهي عنه متعمدا ولا حکم لارتکابها في حال الخطأ. ولا من جهة الانصراف إذ لا موجب له بعد اطلاق الخطاب، بل من جهة حدیث عدم جري القلم علی الصبي، ومقتضی اطلاقه عدم جعل وجوب الکفارات علیه في الشرع.

4- الفیاض: فیه ان الالتزام بأن کفارة الصید علی الولي لیس من جهة اطلاق أدلتها وعدم انصرافه بل من جهة النص الخاص کما مر، وعلیه فلا فرق بین القول بالانصراف وعدمه.

مسألة 7: قد عرفت أنـّه لو حجّ الصبيّ عشر مرّات لم‌يجزه عن حجّة الإسلام، بل يجب عليه بعد البلوغ والاستطاعة، لكن استثنى المشهور من ذلک ما لو بلغ وأدرک المشعر، فإنّه حينئذٍ يجزي عن حجّة الإسلام، بل ادّعى بعضهم الإجماع عليه، وكذا إذا حجّ المجنون ندباً ثمّ كمل قبل المشعر ، واستدّلوا على ذلک بوجوه :

  أحدها: النصوص الواردة في العبد على ما سيأتي، بدعوى عدم خصوصيّة للعبد في ذلک، بل المناط الشروع حال عدم الوجوب لعدم الكمال ثمّ حصوله قبل المشعر؛ وفيه: أنـّه قياس(1)، مع أنّ لازمه الالتزام به فيمن حجّ متسكّعاً ثمّ حصل له الاستطاعة قبل المشعر، ولايقولون به.

1- الفیاض: الأمر کما أفاده لأن مورد الروایات العبد، وهي التي تنص علی أنه إذا اعتق قبل الوقوف بالمشعر أجزأ عنه حجة الإسلام منها صحیحة شهاب عن أبي عبد الله: «في رجل اعتق عشیة عرفة عبدا له قال:

یجزي عن العبد حجة الإسلام ویکتب للسید أجران ثواب العتق وثواب الحج»(الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 1). ومنها صحیحة معاویة بن عمار قال: «قلت لأبي عبد الله: مملوک اعتق یوم عرفة، قال: إذا أدرک أحد الموقفین فقد أدرک الحج»(الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 2) ومنها غیرهما، ومحل الکلام في المسألة الصبي الذي بلغ قبل الوقوف بالمشعر، وعلیه فالتعدي عن مورد هذه الروایات الی محل الکلام بحاجة الی قرینة تدل علیه، وبما أنه لا قرینة في البین لا في نفس تلک الروایات اذ لا اشعار فیها بعدم الخصوصیة فضلا عن الظهور ولا من الخارج فلا یمکن التعدي، ویحتمل ان یکون المراد منها معنی آخر غیر المعنی الذي أراده الماتن1 وهو أن العبد إذا لم یکن حاجا واعتق قبل الوقوف بالمشعر فاحرم بعد أن اعتق وأدرک الوقوف به اجزاء عن حجة الإسلام وهذا الاحتمال غیر بعید لأن الروایات قابلة للحمل علیه، وکیف کان فلا یمکن التعدي عن موردها الی سائر الموارد.

ودعوی: الاجماع علی أن الصبي إذا حج وأدرک أحد الموقفین بالغ اجزأ عن حجة الإسلام.

مدفوعة أولا: انه لا اجماع في المسألة حتی بین المتأخرین حیث نسب التردد فیها الی جماعة.

وثانیا: علی تقدیر ثبوت الاجماع الّا أنه لا قیمة له ما لم یکن کاشفا عن ثبوته بین المتقدمین.

وثالثا: مع الاغماض عن ذلک وتسلیم انه ثابت بین المتقدمین الّا أنه من المحتمل قویا ان یکون الاجماع مدرکیا ومستندا إلی أحد وجوه المسألة.

 الثاني: ما ورد من الأخبار من أنّ من لم‌يحرم من مكّة أحرم من حيث أمكنه، فإنّه يستفاد منها أنّ الوقت صالح لإنشاء الإحرام، فيلزم أن يكون صالحاً للانقلاب أو القلب بالأولى؛ وفيه ما لايخفى(1) .

1- الفیاض: بل هو غریب لأن محل الکلام في الصبي الذي أحرم للحج ثم بلغ قبل الوقوف بالمشعر. ومورد النص وهو صحیحة علي بن جعفر عن أخیه موسی بن جعفر قال: «سألته عن رجل نسي الإحرام بالحج فذکر وهو بعرفات ما حاله؟ قال: یقول: اللهم علی کتابک وسنة نبیک فقد تم احرامه – الحدیث -»(الوسائل باب: 15 من أبواب المواقیت الحدیث: 8) هو البالغ المأمور بالحج، ولکن نسي الاحرام من مکة، فذکر وهو بعرفات، فالنص یدل علی أنه یحرم من مکانه، فاذن کیف یمکن قیاس المقام به.

 الثالث: الأخبار الدالّة على أنّ من أدرک المشعر فقد أدرک الحجّ؛ وفيه: أنّ موردها من لم‌يحرم(1) فلايشمل من أحرم سابقاً لغير حجّة الإسلام، فالقول بالإجزاء مشكل، والأحوط الإعادة بعد ذلک إن كان مستطيعاً، بل لايخلو عن قوّة. وعلى القول بالإجزاء يجري فيه الفروع الآتية في مسألة العبد، من أنـّه هل يجب تجديد النيّة لحجّة الإسلام أو لا؟ وأنـّه هل يشترط في الإجزاء استطاعته بعد البلوغ من البلد أو من الميقات أو لا؟ وأنـّه هل يجري في حجّ التمتّع مع كون العمرة بتمامها قبل البلوغ أو لا؟ إلى غير ذلک.

 

الفیاض: الظاهر أن موردها أعم من ذلک علی أساس ان الروایات غیر ناظرة الی هذه الناحیة وانما هي ناظرة إلی أن من أدرک المشعر الحرام فقد أدرک الحج سواء أکان محرما بنیة الحج ولکنه لم یدرک الّا الوقوف بالمشعر فحسب أم لا.

وإن شئت قلت: أن هذه الروایات انما هي في مقام بیان أن من لم یدرک من مناسک الحج الّا الوقوف بالمشعر صح حجه سواء أکان ذلک من جهة تأخر القافلة وعدم وصولها في الیوم التاسع في عرفات لإدراک الوقوف فیها أم کان من جهة المرض أو حبس ظالم أو نحو ذلک، ولا نظر لها أصلا إلی أنه أحرم للحج أولا، بل بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة تقتضی أنه أحرم للحج، فانه إن کان حج افراد أو قران فالأمر ظاهر باعتبار أن میقاته أحد المواقیت المعهودة، وإن کان حج الإسلام فبما أنه کان في مکة فلا محالة احرم منها للحج ولکن لم یدرک عرفات لمانع من مرض أو نحوه، فاذن بطبیعة الحال یکون موردها المحرم، وعلی کلا النقدیرین فلا یمکن التعدي عن موردها الی المقام لا من جهة ما قیل من أن الحج في المقام صحیح وتام والکلام انما هو في أجزائه عن حجة الإسلام، وهذا خارج عن مورد تلک الروایات وغیر مشمول لها فانها تنص علی تنزیل الحج الناقص منزلة الحج التام، والحکم بصحته في حال الاضطرار وعدم التمکن من ادراک التام، بل من جهة أخری، فلنا دعویان:

الأولی: ان عدم التعدي لیس من الجهة الأولی.

الثانیة: انه من الجهة الثانیة.

اما الدعوی الأولی: فلأن الروایات التي تنص علی صحة حج الصبي ومشروعیته وعمدتها موثقة اسحاق بن عمار لا تشمل المقام لاختصاصها بما إذا حج الصبي في حال صغره ثم بلغ، وأما في المقام فالمفروض أنه قد بلغ قبل الوقوف بالمشعر الحرام، فیکون حجه مرکبا من العمل الصادر منه حال صغره والعمل الصادر منه بعد بلوغه. وهذا لا یکون مشمولا لها علی أساس أن وقوفه بالمشعر الحرام خارج عنها موضوعا حیث انه وقف فیه وهو بالغ، واما وقوفه بعرفات فهو وإن کان في حال صغره الّا أنه وحده لا یکون مشمولا لها باعتبار أن اجزاء الحج وواجباته واجبات ارتباطیة فشمولها لجزء منها مرتبط بشمولها لجزء آخر منه، فعدم شمولها لجزء منها لمانع أو لعدم المقتضی قرینة علی عدم شمولها لکل واجباته.

فالنتیجة: ان تلک الروایات لا تدل علی صحة حج الصبي ومشروعیته في مفروض المقام، وهو ما إذا بلغ قبل الوقوف بالمشعر لکي ننظر ان الاخبار الدالة علی أن من أدرک المشعر الحرام فقد أدرک الحج هل تشمل حج الصبي في المقام وتدل علی أجزائه عن حجة الإسلام أو لا؟ فان السالبة بانتفاء الموضوع.

واما الدعوی الثانیة: فهل یمکن التعدي عن مورد هذه الروایات الی المقام، باعتبار أنه ادرک المشعر الحرام وهو بالغ، وما أتی به قبل ذلک من النسک والاعمال فهو في حکم العدم أو لا؟ الظاهر عدم امکانه، والوجه في ذلک: أن مورد تلک الروایات هو البالغ المکلف بالحج ولکنه لا یتمکن من ادراکه لسبب من الأسباب الّا الوقوف بالمشعر، وبما أن الحکم فیه یکون علی خلاف القاعدة فلا یمکن التعدي منه الی المقام وهو ما إذا بلغ قبل المشعر الّا بقرینة تدل علیه ولا قرینة لا في نفس هذه الروایات ولا من الخارج، ولکن مع ذلک إذا بلغ الصبي قبل المشعر فالأحوط والأجدر به أن یجدد الاحرام ویقف به ویواصل في اعماله الی أن یتم رجاء ثم یعید في العام القادم إذا کان مستطیعا، وبذلک یظهر حال ما ذکره الماتن1 في المسألة. 

ثم ان الروایات التي تنص علی أن حج الصبي لا یجزی عن حجة الإسلام تکشف عن أن حج الصبي مستحب استحبابا عاما لا بهذا الاسم الخاص، فإذا حج تمتعا أو افرادا أو قرانا بنیة القربة کفی، ولکن لا تنطبق حجة الإسلام علیه فانها عبارة عن الحجة الأولی للمستطیع البالغ وعنوان خاص واسم مخصوص لها ولا تنطبق الّا علیها.

وإن شئت قلت: ان کل عبادة لها اسم خاص الممیز لها شرعا کحج التمتع وحج الافراد أو القران وعمرة التمتع والعمرة المفردة ومثل ذلک الفرائض الیومیة ونوافلها وصلاة اللیل وصلاة الآیات وصلاة الجمعة وهکذا، وعلی هذا فمن أراد أن یصلی احدی الفرائض أو احدی الصلوات التي لها اسم خاص الممیز لها شرعا، فعلیه أن ینوي ذلک الاسم الخاص، ولا فرق في ذلک بین أن تکون تلک الصلاة فریدة ولم تکن لها شریکة في العدد کصلاة المغرب أو تکون هناک صلاة أخری مماثلة لها في کصلاة الظهر التي تماثلها تماما صلاة العصر والعشاء وصلاة الصبح التي تماثلها نافلة الصبح، فان هذا القصد واجب بنفسه علی أساس ان الاسم المقصود عنوان مقوم لها سواء حصل الاشتباه بدون هذا القصد أو لا، وکذلک الحال من أراد أن یحج بأحد الحجج الذي له اسم خاص الممیز له شرعا، فعلیه أن یقصد اسمه الخاص وإن کان فریدا في نفسه ولم یکن له شریک في الکم أو الکیف کحج التمتع فانه فرید في نوعه ویمتاز عن حج الافراد والقران في الکم والکیف، والافراد یمتاز عن القران في الکیف، فان هذا القصد واجب بنفسه وإن لم یحصل الاشتباه کما مر، وأما حجة الإسلام فهي مباینة لحج الصبي من جهة أن قصد حجة الإسلام معتبر في صحتها اجمالا وانها عبارة عن الحجة الأولی للمستطیع البالغ الحر العاقل ومن هنا یظهر الفرق بین حج الصبي وصلاته فان حجه مستحب عام ولا ینطبق علی حجة الإسلام، وأما صلاته فهي مستحبة بأسمائها الخاصة کصلاة الصبح والظهر والعصر والمغرب والعشاء حیث ان ذلک هو الظاهر من قوله: «مرر صبیانکم بالصلاة والصیام...» فلو صلی الصبي رکعتین بنیة القربة بدون أن یقصد الاسم الخاص لها کصلاة الصبح أو نافلته لم تقع لشيء منهما، ویترتب علی هذا انه لو صلی صلاة الظهر في أول الوقت وبعد ذلک بلغ والوقت باق لم تجب الاعادة لأن الصلاة الواجبة تنطبق علی الصلاة المأتي بها من باب انطباق الطبیعي علی فرده، ولا اختلاف بینهما الّا في الوجوب والاستحباب والمفروض أن قصده غیر معتبر.

 مسألة 8: إذا مشى الصبيّ إلى الحجّ، فبلغ قبل أن يحرم من الميقات وكان مستطيعاً، لا إشكال في أنّ حجّه حجّة الإسلام(1) .

1- الفیاض: هذا ظاهر، وانما الکلام فیما إذا بلغ بعد أن یحرم من المیقات وحینئذ، فهل علیه أن یتم ندبا أو ینقلب الی حجة الإسلام، أو یکشف عن بطلان احرامه ویحرم ثانیا من المیقات بقصد حجة الإسلام وجوه لا مبرر للوجه الأول، لأن الروایات التي تنص علی استحباب حج الصبي لا تشمل هذه الصورة باعتبار أنه صار بالغا بعد الحرام وخرج بذلک عن موضوع هذه الروایات واما الانقلاب فهو بحاجة الی دلیل ولا دلیل علیه، فاذن یتعین الوجه الثالث، وعلیه فان أمکن الرجوع الی المیقات والاحرام منه وجب والّا احرم من مکانه، وکذلک الحال إذا بلغ بعد الوصول إلی مکة أو بعد اتمام العمرة شریطة أن یتمکن من تجدید الإحرام ولو من أدنی الحل واعادة العمرة، واما إذا بلغ بعد الانتهاء من العمرة ولم یسع الوقت لإعادتها مرة ثانیة فعندئذ بما أن هذه الصورة غیر مشمولة للروایات المذکورة التي تدل علی استحباب حج الصبي فلا محالة تبطل عمرته لا أنها تنقلب مفردة لأن المقام لیس من موارد الانقلا. نعم یجوز له أن یأتي بحج الافراد ولکنه لا یکفی عن حج التمتع لأنه لیس من المعذور الذي ینقلب حجه من التمتع الی الإفراد وعلیه فوظیفته الاتیان بحج التمتع في العام القادم إذا توفرت شروطه.

 مسألة 9: إذا حجّ باعتقاد أنـّه غير بالغ ندباً، فبان بعد الحجّ أنـّه كان بالغاً ، فهل يجزي عن حجّة الإسلام أو لا؟ وجهان؛ أوجههما الأوّل (1)؛ وكذا إذا حجّ الرجل باعتقاد عدم الاستطاعة بنيّة الندب ثمّ ظهر كونه مستطيعاً حين الحجّ.

1- الفیاض: بل الثاني، فانه لما کان معتقدا بعدم بلوغه، فاذا أراد أن یحج فبطبیعة الحال یحج بقصد انه مستحب له استحبابا عاما لا بقصد حجة الإسلام، وعندئذ فلا یقع شيء منهما، أما الأول فلانتفاء قصد الاسم الخاص المقوم والممیز له شرعا وهو حجة الإسلام، وأما الثاني فلانتفاء الموضوع باعتبار انه مستحب علی الصبي دون البالغ، وأما الثاني فلانتفاء الموضوع باعتبار انه مستحب علی الصبي دون البالغ، والمفروض انه بالغ ومستطیع في الواقع ووظیفة حجة الإسلام، وبما انه جاهل بالحال فلا دلیل علی استحباب الحج علیه في هذه الحالة. نعم إذا قصد حجة الإسلام لا تشریعا بل جهلا بالحال ولو باعتقاد أن حج الصبي هو حجة الإسلام، فالظاهر الصحة لأنه بالغ في الواقع ومستطیع ووظیفته حجة الإسلام وقد أتی بها کذلک، وحینئذ فینطبق علیها أول حجة للمستطیع التي مارسها باسم حجة الإسلام، ومجرد اعتقاده الخاطئ بأنه صبي وغیر بالغ لا یضر ولا یغیر الواقع.

وبعبارة أخری: ان من اعتقد بعدم بلوغه إذا حج بنیة استحبابه استحبابه عاما لم یصح، لا بعنوان الحج المستحب ولا بعنوان حجة الإسلام.

أما الأول: فلا موضوع له باعتبار أنه مستحب علی الصبي دون البالغ، والفرض أنه بالغ، فاذن ما قصده لا واقع له.

واما الثاني: فلأنه لم ینو الحج بعنوان أنه وظیفته الاسلامیة حتی تنطبق علیه حجة الإسلام.

وبکلمة: ان حجة الإسلام متمثلة في ثلاثة أنواع باسمائها الخاصة الممیزة.

1- حجة التمتع. 2- حجة الافراد. 3- حجة القران. وهذه الانواع الثلاثة مختلفة ذاتا وعنوانا، وعلی هذا فاذا حج بدون أن ینوي التمتع أو الإفراد أو القران لم یقع شيء منها، لأن کل عبادة إذا کان لها اسم خاص ممیز لها شرعا فعلی المکلف حین الاتیان بها أن یقصد ذلک الاسم، سواء أکان فریدا ولم یکن له شریک في العدد والکم، أم لا، وفي المقام بما أن لحجة الإسلام التي هي عبارة عن الحجة الأولی للمستطیع اسما خاصا، فعلی الحاج أن یأتي بها باسمها الخاص الممیز لها شرعا، فاذا أتی بحجة التمتع الواجبة علیه بالاستطاعة، فعلیه الاتیان بها باسم حجة الإسلام متعة، وإذا أتی بحجة الافراد کذلک فعلیه الاتیان بها باسم حجة الإسلام افرادا أو قرانا، ولابد ان تکون هذه النیة القربة مقارنة لکل اجزاء الحج من الإحرام إلی آخر الأجزاء، ولا نقصد بالمقارنة أن لا تتقدم النیة علی الحج، بل أن لا تتأخر عن أول جزء من أجزائه، کما أن المراد من المقارنة لکل الاجزاء لا یعني أن الحاج یجب أن یکون متنبها الی نیته انتباها کاملا کما کان في اللحظة الأولی، فلو نوی وأحرم لعمرة التمتع من حجة الإسلام، ثم ذهل عن نیته، وواصل اعمال حجّه، ومارسها علی هذه الحال من الذهول، صح حجه ما دامت النیة کامنة في اعماق نفسه علی نحو یتنبه الیها بأدنی منبه، واما إذا حج بنیة حجة الإسلام لا تشریعا بل جهلا بالحال، وباعتقاد أن حج الصبي هو حجة الإسلام، کما ان صلاته هي الصلاة الفریضة حقیقة واسما، فالظاهر الصحة، لأنه بالغ في الواقع ومستطیع، ووظیفته حجة الإسلام في الواقع،والفرض أنه أتی بها باسمها الخاص الممیز لها شرعا، ومعه تنطبق علیها حجة الإسلام التي هي الحجة الألی للمستطیع.

وبذلک یظهر حال ما إذا حج الرجل باعتقاد عدم الاستطاعة، فانه إذا نوی أنه مستحب علیه استحبابا عاما لم یصح، لا بعنوان المستحب لعدم الموضوع له، لأن الحجة الأولی للمستطیع واجبة علیه، لا أنها مستحبة، ولا بعنوان حجة الإسلام لانتفاء القصد. وأما إذا نوی أنه وظیفته في الإسلام ولکن ظن أنه مستحب باعتبار أنه غیر مستطیع، فلا یبعد الإجزاء، لأنه نوی حجة الإسلام في الواقع، غایة الأمر من جهة جهله بالحال ظن أنها مستحبة علیه، ومن المعلوم أن هذا الظن الخاطئ لا قیمة له، ولا یغیر الواقع، فإذا أتی المستطیع واقعا بالحجة بعنوان أنها وظیفته الاسلامیة کفی، وتنطبق علیها حجة الإسلام وإن خطأ في التطبیق.

   

الثاني: من الشروط، الحرّيّة ؛ فلايجب على المملوک وإن أذن له مولاه وكان مستطيعاً من حيث المال، بناءً على ما هو الأقوى من القول بملكه أو بذل له مولاه الزاد والراحلة؛ نعم، لو حجّ بإذن مولاه صحّ بلا إشكال، ولكن لايجزيه عن حجّة الإسلام(1)، فلو اُعتق بعد ذلک أعاد، للنصوص؛ منها خبر مسمع: «لو أنّ عبداً حجّ عشر حجج، كانت عليه حجّة الإسلام إذا استطاع إلى ذلک سبيلاً» ومنها : «المملوک إذا حجّ وهو مملوک أجزأه إذا مات قبل أن يعتق، فإن اُعتق أعاد الحجّ». وما في خبر حكم بن حكيم: «أيّما عبد حجّ به مواليه فقد أدرک حجّة الإسلام» محمول على إدراک ثواب الحجّ أو على أنـّه يجزيه عنها مادام مملوكاً، لخبر أبان : «العبد إذا حجّ فقد قضى حجّة الإسلام حتّى يعتق»، فلا إشكال في المسألة؛ نعم، لوحجّ بإذن مولاه ثمّ انعتق قبل إدراک المشعر، أجزأه عن حجّة الإسلام بالإجماع والنصوص.

1- الفیاض: الأمر کما افاده وذلک للنصوص الکثیرة التي تتمثل في مجموعتین:

الأولي: تنص علی أنه لا حج ولا عمرة حتی یعتق.

منها: صحیحة الفضل بن یونس عن أبي الحسن موسی: «قال: لیس علی المملوک حج ولا عمرة حتی یعتق»(الوسائل باب: 15 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 1) ومثلها صحیحة یونس بن یعقوب الثانیة تنص علی أن حجه لا یجزي عن حجة الإسلام.

ومنها: صحیحة علي بن جعفر عن أخیه موسی بن جعفر: «قال: المملوک إذا حج ثم اعتق فان علیه أعادة الحج»(الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 3).

ومنها: صحیحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله: «قال: المملوک إذا حج وهو مملوک ثم مات قبل ان یعتق اجزاه ذلک الحج فان اعتق أعاد الحج»(الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 4).

ومنها: موثقة اسحاق بن عمار، قال: «سألت أبا ابراهیم عن أم الولد تکون للرجل ویکون قد أحجها أیجزئ ذلک عنها من جحة الإسلام؟ قال: لا، قلت: لها أجر في حجها؟ قال: نعم»(الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 6).

وفي مقابلهما صحیحة حکم بن حکیم الصیرفي قال: «سمعت أبا عبد الله یقول: أیّما عبد حج به موالیه فقد قضی حجة الإسلام»(الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 7) فانها تدل علی أن حج العبد هو حجة الإسلام، فاذن تکون هذه الصحیحة معارضة للمجموعتین الأولیین.

وقد یقال کما قیل: بلزوم طرحها بملاک أنها روایة شاذة ومخالفة للروایات المشهورة الکثیرة. ولکن لا أصل لذلک، فان الروایات المشهورة انما تصلح أن تکون مرجحة إذا ادت شهرتها الی الاطمئنان والوثوق بصدورها، فان الروایة الشاذة حینئذ لا تکون حجة في مقابلها لأنها داخلة في الروایات المخالفة للسنة، وما نحن فیه لیس من هذا القبیل، فان الشهرة الموجبة لسقوط الروایة الشاذة عن الاعتبار انما هي الشهرة الروایتیة لا العملیة، اذ لا قیمة لها، وأما الشهرة في المقام فبما أنها عملیة فلا أثر لها، وعلی هذا فالصحیح في المسألة أن یقال: انه لا معارضة بین صحیحة الصیرفي وبین المجموعتین الأولیین لا مکان الجمع الدلالي العرفي بینهما، بیان ذلک:

اما المجموعة الأولی فلأنها وإن کانت ظاهرة في نفي مشروعیة الحج والعمرة للمملوک، الّا أنه لابد من رفع الید عن ظهورها في ذلک وحملها علی نفي الوجوب بقرینة نص المجموعة الثانیة والصحیحة في المشروعیة. واما المجموعة الثانیة فان بعض روایاتها وإن کان ظاهرا في وجوب الاعادة وعدم الاجزاء عن حجة الإسلام الّا أن بعضها الآخر ناص في عدم الاجزاء بمقتضی اطلاقها، وهذا الاطلاق قابل للحمل علی حجة الإسلام للعبد فقط، فإن ما أتی به من الحج هو حجة اسلامه ما دام عبدا، ولیس مما بنی، وعلیه فالموثقة تصلح أن تکون قرینة علی رفع الید عن ظهور الصحیحة وحملها علی ذلک. وتؤکد هذا الحمل صحیحة أبان بن الحکم قال: «سمعت أبا عبد الله یقول: الصبي إذا حج به فقد قضی حجّة الإسلام حتی یکبر، والعبد إذا حج به فقد قضی حجة الإسلام حتی یعتق»(الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 2) فانها ناصة في أن حجّه حجة الإسلام ما دام مملوکا لا مطلقا، ویؤید ذلک ما ورد في جملة من الروایات من ان المملوک إذا حج ثم مات اجزأه، فانه یشعر بانه حجة اسلامه في حال کونه عبدا.

  ويبقى الكلام في اُمور :

أحدها: هل يشترط في الإجزاء تجديد النيّة للإحرام بحجّة الإسلام بعد الانعتاق فهو من باب القلب، أو لا، بل هو انقلاب شرعيّ؟ قولان؛ مقتضى إطلاق النصوص، الثاني وهو الأقوى(1)، فلو فرض أنـّه لم‌يعلم بانعتاقه حتّى فرغ أو علم ولم‌يعلم الإجزاء حتّى يجدّد النيّة كفاه وأجزأه.

1- الفیاض: الأمر کذلک بمقتضی اطلاق صحیحة شهاب عن أبي عبد الله: «في رجل اعتق عشیة عرفة عبدا له، قال: یجزي عن العبد حجة الإسلام»(الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 1) فان مقتضی اطلاقها عدم وجوب تجدید النیة للإحرام بحجة الإسلام بعد العتق وانقلاب حجه الیها قهرا وبحکم الشرع. نعم هنا مسألة أخری وهي ما إذا فرض ان المولی أخذ عبده معه في عرفات بدون احرامه للحج ثم اعتقه قبل الوقوف بالمشعر، فانه إذا احرم من مکانه ووقف بالمشعر الحرام مع الناس ویواصل في اعماله الی أن اکمل حجه، فهل یجزئ ذلک أو لا؟ مقتضی القاعدة عدم الاجزاء، لأن قیام الناقص مقام الکامل بحاجة الی دلیل، أما روایات «من أدرک المشعر فقد أدرک الحج»(راج الوسائل باب: 23 من ابواب الوقوف بالمشعر) فهي لا تشمل ذلک لأن موردها من لم یدرک الّا الوقوف بالمشعر لمانع من الموانع کمرض أو حبس أو نحو ذلک، والتعدي منه الی المقام بحاجة الی قرینة ولا قرینة علیه، هذا ولکن صحیحة معاویة بن عمار قال: «قلت لأبي عبد الله: مملوک اعتق یوم عرفة، قال: إذا أدرک أحد الموقفین فقد أدرک الحج»(الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 2) لا یبعد دلالتها علی ذلک، بتقریب أنها تشمل باطلاقها ما إذا استصحب المولی مملوکه معه بدون احرامه للحج ثم اعتق في یوم عرفة أو في عشیة ذلک الیوم بحیث لا یدرک الّا الوقوف بالمشعر فقط، فانه إذا احرم من مکانه ووقف فیه ویواصل اعمال الحج الی أن اکمل فالحکم بصحة حجه غیر بعید بمقتضی اطلاقها وهو قوله: «إذا أدرک أحد الموقفین فقد أدرک الحج».

 الثاني: هل يشترط في الإجزاء كونه مستطيعاً حين الدخول في الإحرام أو يكفي استطاعته من حين الانعتاق، أو لايشترط ذلک أصلا؟ أقوال؛ أقواها الأخير(1)، لإطلاق النصوص وانصراف ما دلّ على اعتبار الاستطاعة عن المقام.

1- الفیاض: بل الأواسط هو الأقوی، لأن روایات الباب لا نظر لها الی بقیة الشروط العامة للحج، کالاستطاعة والبلوغ والعقل لا نفیا ولا اثباتا، وانما هي ناظرة الی أنه إذا صار حرا قبل المشعر وأدرک الوقوف فیه صح حجه، ولا مانع من صحته من هذه الناحیة، وأما بالنسبة إلی سائر الشروط، فالمرجع فیها اطلاقات أدلتها.

وإن شئت قلت: ان الغاء شرطیة الاستطاعة في المقام بحاجة الی دلیل، والفرض أن هذه الروایات لا تدل علی الغائها في المسألة لأنها غیر ناظرة الیها ولیست في مقام البیان من هذه الناحیة، فاذن یکون المرجع في اعتبارها في المقام انما هو إطلاق أدلتها، فلا نحتاج إلی دلیل آخر.

فالنتیجة: ان تلک الروایات انما هي في مقام بیان أن العبد إذا اعتق وأدرک الوقوف بالمشعر الحرام حرا کفی ولا یلزم أن یکون حرا في کل اعمال الحج من البدایة الی النهایة.

 الثالث: هل الشرط في الإجزاء إدراک خصوص المشعر؛ سواء أدرک الوقوف بعرفات أيضاً أو لا؟ أو يكفي إدراک أحد الموقفين، فلو لم‌يدرک المشعر ، لكن أدرک الوقوف بعرفات معتقاً كفى؟ قولان؛ الأحوط الأوّل(1) ، كما أنّ الأحوط اعتبار إدراک الاختياريّ من المشعر(2) ، فلايكفي إدراک الاضطراريّ منه، بل الأحوط اعتبار إدراک كلا الموقفين وإن كان يكفي الانعتاق قبل المشعر ، لكن إذا كان مسبوقآ بإدراک عرفات أيضاً ولو مملوكاً(3).

1- الفیاض: ولکن الأظهر هو الثاني في المقام وذلک لنص قوله في صحیحة معاویة بن عمار: «إذا أدرک الموقفین فقد أدرک الحج»(الوسائل باب: 17 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 2) ولا دلیل علی تقیید ادراک أحد الموقفین بادراک خصوص المشعر، وبکلمة ان ادراک أحد الموقفین في العبد المعتق یکفي لصحة حجه بمقتضی نص هذه الصحیحة، وأما من لم یدرک الا الوقوف بعرفة فقط دون الوقوف بالمشعر بسبب مرض أو حبس أو نحو ذلک فهل یکفي في صحة حجه أو لا؟ فیه بحث یأتي في محله بعونه تعالی.

فالنتیجة: انه لا ملازمة بین کفایة ادراک الوقوف بعرفة فقط من العبد المعتق وکفایة ذلک من غیره.

2- الفیاض: بل هو الأظهر في المقام لأن مورد روایات المسألة هو عتق العبد عشریة عرفة أو یومها وعلی کلا التقدیرین فهو ادرک بعد العتق اختیاري أحدهما ولابد من الاقتصار علی ذلک ولا یمکن التعدي الی کفایة ادراک الاضطراري من المشعر أو عرفة، لأن الحکم بما أنه یکون علی خلاف القاعدة، فالتعدي بحاجة الی دلیل، ومن هنا یظهر الفرق بین هذه المسألة والمسألة الآتیة وهي ان من لم یدرک الموقفین معا لضیق الوقت بسبب مانع من الموانع فانه وإن قلنا هناک بعدم کفایة اراکه الوقوف بعرفة فحسب حتی الاختیاري منه وکفایة ادراکه الوقوف بالمشعر فقط حتی الاضطراري فلا نقول بذلک في هذه المسألة علی أساس أن مقتضی دلیل هذه المسألة هو کفایة ادراک أحد الموقفین الاختیاري فقط دون الأعم منه ومن الاضطراري فاذن یکون منشأ الاختلاف بین المسألتین هو اختلاف النص فیهما.

3- الفیاض: مرّ آنفا في الأمر الأول ان عدم اعتبار هذا الشرط في صحة حجة وکفایة ادراک المشعر فقط بعد العتق غیر بعید بمقتضی اطلاق صحیحة معاویة بن عمار المتقدمة.

 الرابع: هل الحكم مختصّ بحجّ الإفراد والقران، أو يجري في حجّ التمتّع أيضاً وإن كانت عمرته بتمامها حال المملوكيّة؟ الظاهر الثاني، لإطلاق النصوص، خلافآ لبعضهم فقال بالأوّل، لأنّ إدراک المشعر معتقاً إنّما ينفع للحجّ لا للعمرة الواقعة حال المملوكيّة؛ وفيه ما مرّ من الإطلاق، ولايقدح ما ذكره ذلک البعض لأنّهما عمل واحد؛ هذا إذا لم‌ينعتق إلّا في الحجّ، وأمّا إذا انعتق في عمرة التمتّع وأدرک بعضها معتقآ، فلايرد الإشكال (1).

1- الفیاض: الظاهر انه لا دلیل علی صحة العمرة من العبد المعتق في أثنائها، فاذا أحرم العبد للعمرة ثم اعتق فلا دلیل علی صحة احرامه وانقلابه احراما لعمرة التمتع، وحینئذ فان کان مستطیعا وجب علیه أن یرجع إلی المیقات ویحرم منها، والّا یحرم من مکانه ویواصل في عمرته، وإذا اعتق بعد طواف العمرة فالظاهر بطلانه وبطلان احرامه، اذ لا دلیل علی اجزائهما عنه بعد العتق والروایات المذکورة لا تشمل هذه الصورة، وعندئذ فإن کان متمکنا من اعادة العمرة أعادها ثم یحرم للحج، والّا فعلیه الاتیان به في العام القادم شریطة توفر شروطه فیه، واما الانقلاب وظیفته من التمتع الی الافراد، فلا دلیل علیه في المقام، لأنه لیس من المعذور الذي تنص الروایات علی ذلک، لأن مورده من کانت وظیفته في البدایة الاتیان بحج التمتع، وبما أنه لا یتمکن من الاتیان بعمرته لسبب أو آخر تنقلب الی الافراد، واما العبد في المقام فانه قبل ان یعتق لم یکن مکلفا بحج التمتع، وبعد العتق لا یقدر علیه، فمن أجل ذلک حیث انه لا یکون المقتضی لوجوبه علیه موجودا فیه فلا یکون مشمولا لتلک الروایات، وأما إذا اعتق بعد العمرة وقبل احرام الحج فهل یمکن الحکم بصحة حجه واجزائه عن حجة الإسلام أو لا؟ فیه وجهان: الأظهر هو الثاني، لأن الروایات التي تدل علی الاجزاء لا تشمل هذه الصورة لاختصاصها بما إذا اعتق بعد احرام الحج في یوم عرفة أو عشیة ذلک الیوم، ودعوی أنها إذا دلت علی الاجزاء وصحة حجه في هذه الصورة ففي تلک بالاولویة القطعیة، مدفوعة بأنه لا یمکن القطع بالأولویة لأنه منوط بالعلم بوجود ملاک الحکم فیها وعدم الفرق بین الصورتین، ومن المعلوم انه لا طریق لنا الی احرازه الجزمي، واما الظني فلا قیمة له، وحینئذ فان أمکن اعادة العمرة فعلیه اعادتها ثم احرم للحج، والا فوظیفته الاتیان بالحج في العام القادم إن توفرت شروطه منها الاستطاعة، واما الانقلاب الی الافراد فلا دلیل علیه لأنه لیس من المعذور الذي تنقلب وظیفته من التمتع الی الافراد باعتبار انه لیس مکلفا بحج التمتع لا قبل العتق ولا بعده فلا مقتضی لوجوبه في حقه فلذلک لا یکون مشمولا للروایات التي تدل علی الانقلاب، وسوف یأتي الکلام في تحدید مدلول تلک الروایات سعة وضیقا في ضمن المسائل القادمة، ولکن مع ذلک فالأحوط والأجدر به أن یحرم لحج الافراد رجاء ویتم ثم یأتي بعمرة مفردة إن أمکن ویعید الحج في السنة القادمة إذا استطاع.

 مسألة 1: إذا أذن المولى لمملوكه في الإحرام فتلبّس به، ليس له أن يرجع في إذنه(1)، لوجوب الإتمام على المملوک، ولاطاعة لمخلوق في معصية الخالق؛ نعم، لو أذن له ثمّ رجع قبل تلبّسه به، لم‌يجز له أن يحرم إذا علم برجوعه؛ وإذا لم‌يعلم برجوعه فتلبّس به هل يصحّ إحرامه ويجب إتمامه، أو يصحّ ويكون للمولى حلّه، أو يبطل؟ وجوه؛ أوجهها الأخير ، لأنّ الصحّة مشروطة بالإذن المفروض سقوطه بالرجوع. ودعوى أنـّه دخل دخولا مشروعاً فوجب إتمامه فيكون رجوع المولى كرجوع الموكّل قبل التصرّف ولم‌يعلم الوكيل، مدفوعة، بأنـّه لاتكفي المشروعيّة الظاهريّة وقد ثبت الحكم في الوكيل بالدليل، ولايجوز القياس عليه.

1- الفیاض: الظاهر جواز رجوعه عن اذنه علی أساس انه یوجب تبدل الموضوع وانقلابه باعتبار أن حج العبد مشروط باذن مولاه واجازته حدوثا وبقاء کسائر شروطه من الاستطاعة والعقل والبلوغ والحریة، فاذا احرم باذنه وجب علیه اتمامه شریطة بقاء اذنه کما هو الحال بالنسبة إلی بقیة الشروط، فاذا رجع عن اذنه بقاء انتفی وجوب الإتمام بانتفاء شرطه وموضوعه، کما انه إذا انتفت الاستطاعة عنه في أثناء العمل انتفی وجوب الإتمام بانتفاء شرطه، ومن هنا یظهر انه لا وجه للاستدلال علی عدم جواز الرجوع عن إذنه بما ورد من انه: «لا طاعة لمخلوق في معصیة الخالق»(الوسائل باب: 59 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 7) فانه مبني علی ان یکون اذن المولی شرطا في الشروع في الحج فقط لا فیه وفي الابقاء علیه واتمامه، فاذا شرع فیه باذنه وجب علیه اتمامه بقاء وإن رجع المولی عن اذنه اذ «لا طاعة لمخلوق في معصیة الخالق».

وإن شئت قلت: ان عناصر هذه الکبری هي ما إذا نهی المولی عبده أو الأب ابنه عن اتیان واجب الهي کصلاة أو نحوها، أو أمره بممارسة حرام فانه لا یجوز اطاعته لأن فیها معصیة للخالق، واما إذا کانت مشروعیة شيء للعبد مشروطة باذن المولی حدوثا وبقاء کالحج للعبد فلا یکون من عناصر هذه الکبری علی أساس انه انما یکون مشروعا وجائزا إذا اذن به المولی، وکذلک اتمامه ومواصلته فیه، وعلیه فاذا شرع فیه باذنه ثم رجع عنه في اتمامه لم یکن الإتمام مشروعا، فلو أصر علیه في هذه الحالة کان معصیة للخالق أیضا. ومن هنا یظهر انه لو لم یعلم بالرجوع وأحرم کان احرامه باطلا کما في المتن، لأنه فاقد للشرط في الواقع وهو الاذن من المولی.

 مسألة 2: يجوز للمولى أن يبيع مملوكه المحرم بإذنه، وليس للمشتري حلّ إحرامه(1)؛ نعم، مع جهله بأنـّه محرم يجوز له الفسخ مع طول الزمان الموجب لفوات بعض منافعه.

1- الفیاض: بل له ذلک بمعنی عدم اذنه في اتمامه، لما مر من أن اذنه معتبر في صحة حجه حدوثا وبقاء، فاذا لم یأذن فیه، أو أذن المولی الأول وبعد انتقاله الی الثاني فالثاني لم یأذن فلیس له الإتمام.

 مسألة 3: إذا انعتق العبد قبل المشعر فهديه عليه، وإن لم‌يتمكّن فعليه أن يصوم؛ وإن لم‌ينعتق، كان مولاه بالخيار بين أن يذبح عنه أو يأمره بالصوم، للنصوص والإجماعات(1).

1- الفیاض: لا قیمة لها في المسألة، فانها علی تقدیر ثبوتها یکون مدرکها النصوص الواردة فیها، وحینئذ فلابد من الرجوع الیها والنظر في مدالیلها سعة وضیقا، وإلیکن نص بعضها کقوله في صحیحة جمیل: «فمره فلیصم، وإن شئت فاذبح عنه»(الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح الحدیث: 1) وقوله في صحیحة سعد بن أبي خلف: «إن شئت فاذبح عنه، وإن شئت فمره فلیصم»(الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح الحدیث: 2) واما قوله في صحیحة محمد بن مسلم:

«علیه مثل ما علی الحرّ إما أضحیة واما صوم»(الوسائل باب: 2 من أبواب الذبح الحدیث: 5) فهو لا ینافي التخییر لأن الظاهر من التشبیه انه في مقام بیان أن العبد کالحر مکلف إما بالتضحیة أو الصوم، واما أن ثمن الأضحیة من ماله أو مال مولاه فهو لیس في مقام البیان من هذه الناحیة، کما انه لیس في مقام بیان ان الصوم في طول الهدي أو في عرضه.

ومع الاغماض عن ذلک وتسلیم ظهوره في انه في مال العبد کالحر فلابد من رفع الید عنه وحمله علی ما ذکرناه بقرینة نص الصحیحتین الأولیین في التخییر. نعم لو قلنا بالمعارضة بینها وبین الصحیحتین لکان المرجع بعد سقوطهما بالمعارضة العام الفوقي، ومقتضاه ان الهدي علی الحج نفسه.

 

مسألة 4: إذا أتى المملوک المأذون في إحرامه بما يوجب الكفّارة، فهل هي على مولاه أو عليه ويتبع بها بعد العتق، أو تنتقل إلى الصوم فيما فيه الصوم مع العجز، أو في الصيد عليه وفي غيره على مولاه؟ وجوه؛ أظهرها كونها على مولاه(1) ، لصحيحة حريز، خصوصاً إذا كان الإتيان بالموجب بأمره أو بإذنه؛ نعم، لو لم‌يكن مأذوناً في الإحرام بالخصوص، بل كان مأذوناً مطلقاً إحراماً كان أو غيره، لم‌يبعدكونها عليه، حملا لخبر عبدالرحمن بن أبي نجران النافي لكون الكفّارة في الصيد على مولاه على هذه الصورة. (2)

1- الفیاض: بل الأظهر هو التفصیل فیها بین کفارة الصید فانها علی العبد وکفارة غیره فانها علی المولی، وذلک لأنه مقتضی الجمع بین مجموع اصناف الروایات في المسألة، حیث أن مقتضی اطلاقات أدلة کفارات الاحرام أنها علی المباشر سواء أکان حرا أم مملوکا، ومقتضی صحیحة حریز: «کلما أصاب العبد وهو محرم في احرامه فهو علی السیّد إذا أذن له في الاحرام» (الوسائل باب: 56 من أبواب کفارات الصید الحدیث: 1) أنها علی المولی، ومقتضی صحیحة عبد الرحمن بن أبي نجران قال: «سألت أبا الحسن  عن عبد أصاب صیدا وهو محرم هل علی مولاه شيء من الفداء؟ فقال: لا شيء علی مولاه»(الوسائل باب: 56 من أبواب کفارات الصید الحدیث: 3) ان کفارة صیده لیست علی مولاه، وبما أن الصحیحة الثانیة أخص من الصحیحة الأولی موردا فتوجب تقیید اطلاقها بغیر موردها.

فالنتیجة ان العبد المحرم إذا ارتکب محرما فان کان غیر الصید فکفارته علی المولی، وإن کان الصید فکفارته علی نفسه بمقتضی العمومات دون مولاه، وبذلک یظهر حال سائر الأقوال في المسألة.

2- الفیاض: لا وجه لهذا الحمل، فانه مبني علی الجمع بین الروایتین بحمل صحیحة حریز علی الاذن الخاص وهو الإذن في الإحرام للحج خاصة، وحمل صحیحة عبد الرحمن علی الإذن العام وهو الإذن في الأعم من الإحرام وغیره، فعلی الأول تکون الکفارة علی العبد بلافرق بین کفارة الصید وغیره، وعلی الثاني علی المولی کذلک، ولکن من المعلوم انه لا قیمة لهذا الجمع فانه جمع تبرعي ولا شاهد علیه من العرف، فاذن لا فرق بین أن یکون العبد مأذونا في الحج باذن خاص أو عام ضرورة انه علی کلا التقدیرین مأذون فیه، ولیس للإذن الخاص أثر زائد، وقوله في صحیحة حریز: «إذا أذن له في الإحرام»(الوسائل باب: 56 من أبواب کفارات الصید الحدیث: 1) اشارة الی أن صحة احرامه للحج مشروطة بالإذن، ولا یصح بدونه وان ما علی العبد من الکفارة انما هي علی سیده شریطة أن یکون احرامه صحیحا، والّا فلا موضوع له، ولیس ناظرا الی أن اذنه الخاص دخیل في ذلک.

 مسألة 5: إذا أفسد المملوک المأذون حجَّه بالجماع قبل المشعر، فكالحرّ في وجوب الإتمام والقضاء؛ وأمّا البدنة ففي كونها عليه أو على مولاه، فالظاهر أنّ حالها حال سائر الكفّارات على ما مرّ، وقد مرّ أنّ الأقوى  كونها على المولى الآذن له في الإحرام(1) . وهل يجب على المولى تمكينه من القضاء، لأنّ الإذن في الشيء إذن في لوازمه(2)، أو لا، لأنـّه من سوء اختياره؟ قولان؛ أقواهما الأوّل(3) ؛ سواء قلنا:إنّ القضاء هو حجّه، أو أنـّه عقوبة وأنّ حجّه هو الأوّل، هذا إذا أفسد حجّه ولم‌ ينعتق؛ وأمّا إن أفسده بما ذكر ثمّ انعتق، فإن انعتق قبل المشعر كان حاله حال الحرّ في وجوب الإتمام والقضاء والبدنة(4) وكونه مجزياً عن حجّة الإسلام إذا أتى بالقضاء على القولين من كون الإتمام عقوبة وأنّ حجّه هو القضاء أو كون القضاء عقوبة، بل على هذا إن لم‌يأت بالقضاء أيضاً أتى بحجّة الإسلام وإن كان عاصياً في ترک القضاء وإن انعتق بعد المشعر فكما ذكر، إلّا أنـّه لايجزيه عن حجّة الإسلام، فيجب عليه بعد ذلک إن استطاع، وإن كان مستطيعاً فعلا ففي وجوب تقديم حجّة الإسلام أو القضاء وجهان مبنيّان على أنّ القضاء فوريّ أو لا؛ فعلى الأوّل يقدّم لسبق سببه(5) ، وعلى الثاني تقدّم حجّة الإسلام لفوريّتها دون القضاء.

1- الفیاض: تقدم ان کفارة العبد في غیر الصید علی المولی سواء أکان مأذونا في الإحرام خاصة أم في الأعم منه ومن غیره، لعدم الفرق بین الأمرین في النتیجة، وهي الحکم بصحة الاحرام التي هي الموضوع للکفارات بممارسة موجباتها.

2- الفیاض: هذا التعلیل غریب جدا، لأن وجوب الاتیان بالحج في العام القادم انما هو من لوازم الجماع قبل المشعر، والمفروض ان المولی لم یأذن فیه، وانما أذن في الحج وهو لیس من لوازمه.

3- الفیاض: هذا هو الصحیح، اما علی القول بأن الحجة الثانیة عقوبة لما فعله في الحجة الأولی مع کونها محکومة بالصحة فالأمر واضح، وذلک لأنها حینئذ بمثابة الکفارات لما أحدث في الأولی، فحالها حال سائر الکفارات من هذه الناحیة، وعلیه فکما أنه إذا صاد وهو محرم فعلیه الکفارة ولابد له من الخروج عن عهدتها ولا یحق لمولاه أن یمنعه عن أدائها ولو نهی عنه لم تجب علیه طاعته علی أساس أنه لا طاعة لمخلوق في معصیته الخالق، فکذلک إذا جامع أهله قبل المشعر الحرام، فان علیه الاتیان بالحجة في السنة القادمة عقوبة، وحینئذ لابد له من الخروج عن عهدتها وإن نهی مولاه عنه، إذ لا قیمة له علی أثر انه لا طاعة لمخلوق في معصیة الخالق فیکون المقام من عناصر هذه الکبری.

وان شئت قلت: کما أن ثبوت سائر الکفارات في النصوص معلق علی ممارسته محرمات الاحرام فاذا مارسها وجبت الکفارات علیه سواء أکان حرا أم کان عبدا غایة الأمر إن کان الممارس عبدا وکان ذلک الشيء غیر الصید فکفارته علی المولی، وإن کان صیدا فعلی العبد، ومن المعلوم أن خروجه عن عهدة هذه الکفارة لا یتوقف علی إذن المولی، ولا فرق بین أن تکون تلک الکفارة بدنه أو بقرة أو شاة أو طعاما أو صیام أیام، کذلک ثبوت هذه العقوبة وهي الحج في العام القادم معلق في النصوص علی ممارسة الجماع قبل الوقوف بالمشعر الحرام، فاذا مارسه فیه وجب علیه الحج في العام القادم عقوبة، سواء أکان الممارس حرا أم کان عبدا، ومن المعلوم انه یکفي في ثبوته علی العبد أن یکون مأذونا في الحج الذي جامع أهله فیه قبل الوقوف بالمشعر.

ثم ان القول بأن الحجة الأولی صحیحة والثانیة عقوبة هو الأظهر، وتدل علیه صحیحة زرارة قال: «سألته عن محرم غشی امرأته وهي محرمة، قال: جاهلین أو عاملین، قلت: اجنبي عن الوجهین جمیعا، قال: إن کانا جاهلین استغفرا ربهما ومضیا علی حجهما ولیس علیهما شيء، وان کان عالمین فرق بینهما من المکان الذي أحدثا فیه، وعلیهما بدنة، وعلیهما الحج من قابل، فاذا بلغا المکان الذي أحدثا فیه فرق بینهما حتی یقضیا نکسهما ویرجعا الی المکان الذي أصابا فیه ما أصابا. قلت: فأيّ الحجتین لهما؟ قال: الأولی التي أحدثا فیها ما أحدثا، والاخری علیهما عقوبة»(الوسائل باب: 3 من أبواب کفارات الاستمتاع الحدیث: 9) فانها واضحة الدلالة علی أن حجته الأولی صحیحة والثانیة عقوبة.

وأما علی القول بأن الحجة الثانیة قضاء للأولی علی أساس أنها فسدت بما أحدث فیها فظاهر النصوص أنها واجبة علیه وإن کان عبدا. ودعوی أن الحجة الأولی إذا لم تکن واجبة علی العبد فکیف یکون قضاؤها واجبا علیه مع أنه بدلها، مدفوعة بأن القضاء لیس تابعا للأداء، بل هو تابع لدلیلة، وبما أن دلیله في المقام وهو النصوص الآمرة بالحج في العام القادم ظاهر في الوجوب، فلا مناص من الأخذ به.

فالنتیجة ان النصوص باطلاقها تشمل الحر والعبد، وتدل علی وجوب الحج في العام القادم علیهما، وحینئذ فلا یحق للمولی أن یمنع العبد عن الاتیان بالحج في العام الآتي علی کلا القولین في المسألة باعتبار انه واجب علیه شرعا کسائر الواجبات الإلهیة، فلا تجوز مخالفته تطبیقا للکبری المتقدمة وهي أنه لا طاعة لمخلوق في معصیة الخالق.

4- الفیاض: الظاهر أنها علی المولی دون العبد المنعتق، لأن المستفاد من الروایات التي تنص علی ان کفارة العبد في غیر الصید علی مولاه أن المعیار انما هو بارتکاب موجبها في حال انه عبد وإن انعتق بعد ذلک لإطلاق قوله في صحیحة حریز: «کلما أصاب العبد وهو محرم في احرامه فهو علی السیّد»(الوسائل باب: 56 من أبواب کفارات الصید الحدیث: 1) فانه یشمل ما إذا انعتق بعد ذلک.

5- الفیاض: فیه ان سبق السبب بعنوانه لیس من أحد مرجحات باب التزاحم، کما ذکرناه في علم الأصول، وحینئذ فان کان هناک مرجح لأحدهما کالأهمیة أو نحوها قدم علی الآخر، والّا فیسقط اطلاق کلیهما معا، فالنتیجة هي التخییر، وبما أنها لا شبهة في أن وجوب حجة الإسلام أهم من وجوب القضاء في المقام، فلابد من تقدیمه علیه، وتکشف عن أهمیته السنة بمختلف الألسنة، فبعضها بلسان أنها من احد أرکان الإسلام، وبعضها الآخر بلسان التأکید والاهتمام بها بدرجة یحکم بأن تارکها إذا مات مات یهودیا أو نصرانیا، والثالث بلسان أن تارکها تارک لشریعة من شرائع الإسلام ویحشر یوم القیامة أعمی ونحوها، فان کل ذلک یکشف عن أهمیة حجة الإسلام ملاکا وحکما.

 

 

مسألة 6: لا فرق فيما ذكر من عدم وجوب الحجّ على المملوک وعدم صحّته إلّا بإذن مولاه وعدم إجزائه عن حجّة الإسلام إلّا إذا انعتق قبل المشعر، بين القنّ والمدبّر والمكاتب واُمّ الولد والمبعّض، إلّا إذا هاياه مولاه وكانت نوبته كافية، مع عدم كون السفر خطريّاً، فإنّه يصحّ منه بلا إذن، لكن لايجب، ولايجزيه حينئذٍ عن حجّة الإسلام وإن كان مستطيعاً، لأنـّه لم‌يخرج عن كونه مملوكاً وإن كان يمكن دعوى الانصراف عن هذه الصورة(1)؛ فمن الغريب ما في الجواهر من قوله :  «و من الغريب ما ظنّه بعض الناس من وجوب حجّة الإسلام عليه في هذا الحال، ضرورة منافاته للإجماع المحكيّ عن المسلمين الّذي يشهد له التتبّع على اشتراط الحرّيّة المعلوم عدمها في المبعّض» انتهى؛ إذ لاغرابة فيه بعد إمكان دعوى الانصراف مع أنّ في أوقات نوبته يجري عليه جميع آثار الحرّيّة(2) .

1- الفیاض: هذه الدعوی هي الصحیحة، والوجه في ذلک، أن هنا طائفتین من الأدلة:

الأولی: الأدلة العامة من الآیة الشریفة والروایات التي تدل علی وجوب الحج علی المستطیع ومقتضی عمومها واطلاقها عدم الفرق بین کون المستطیع حرا أو مملوکا.

الثانیة: الروایات الخاصة التي تدل علی عدم وجوبه علی المملوک، وهذه الروایات تقید اطلاق الطائفة الأولی بالمستطیع الذي لا یکون مملوکا، وبما أن عنوان المملوک لا یصدق علی المبعّض فهو یضل باقیا تحت اطلاق الطائفة الأولی، ومقتضاه وجوب الحج علیه.

ودعوی: أن عدم وجوب الحج علی المملوک بما أنه قد قید بعدم العتق فیدور عدم وجوبه مدار أن لا یصدق علیه عنوان العبد المعتق، وحیث انه لا یصدق علی المبعض فلا یجب علیه الحج..

مدفوعة: بان موضوع دلیل الخاص وهو الروایات مقید بهذا القید لا موضوع دلیل العام فان موضوعه الانسان المستطیع المقید بقید آخر وهو عدم کونه مملوکا، وبما انه لا یصدق علی المبعض عنوان المملوک فهو من افراد موضوع العام لا الخاص، فمن أجل ذلک یجب علیه الحج، هذا اضافة الی أن عدم العتق لا یمکن أن یکون قیدا للموضوع ویوج تحصصه بحصة خاصة، فان الموضوع وهو المملوک لما کان في مقابل المعتق بتقابل التضاد فلا یعقل أن یتحصص به بل هو باعتبار أن العتق رافع له نائیا ویوجب تبدیله بضده، ومن هنا لا یحتمل أن یکون العتق ملحوظا علی نحو الموضوعیة بأن یکون موضوع وجوب الحج هو الانسان المعتق، بل هو ملحوظ علی نحو الطریقیة الصرفة والاشارة به الی ما هو موضوع لوجوب الحج وهو الانسان المستطیع الذي لا یکون مملوکا، وبکلمة أن قوله في الروایات: «إن اعتق فعلیه الحج»(الوسائل باب: 16 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 1) اشارة الی أن موضوع وجوب الحج وهو المستطیع المذکور یتحقق بالعتق لا أن العتق موضوع له فیکون جهة تعلیلیة له.

2- الفیاض: فیه أن عنوان الحر لا یصدق علی المبعض لکط تترب علیه آثاره.

  مسألة 7: إذا أمر المولى مملوكه بالحجّ، وجب عليه طاعته وإن لم‌يكن مجزياً عن حجّة الإسلام، كما إذا آجره للنيابة عن غيره، فإنّه لا فرق بين إجارته للخياطة أو الكتابة وبين إجارته للحجّ أو الصلوة أو الصوم.

الثالث: الاستطاعة من حيث المال وصحّة البدن وقوّته وتخلية السرب وسلامته وسعة الوقت وكفايته، بالإجماع والكتاب والسنّة(1).

1- الفیاض: فیه انه لا وجه للاستدلال بالإجماع في المسألة في مقابل الکتاب والسنة، إذ مع وجودهما لا یمکن الوثوق والاطمئنان بأن الاجماع المدعی فیها اجماعا تعبدیا کاشفا عن ثبوت حکم المسألة في زمن المعصومین: ووصوله إلینا یدا بید وطبقة بعد طبقة، بل لا محالة یکون مدرک المجمعین فیها الکتاب والسنة، ومعه لا قیمة له.

 

مسألة 1: لاخلاف ولا إشكال في عدم كفاية القدرة العقليّة في وجوب الحجّ، بل يشترط فيه الاستطاعة الشرعيّة(1) ، وهي كما في جملة من الأخبار الزاد والراحلة، فمع عدمهما لايجب وإن كان قادراً عليه عقلا بالاكتساب ونحوه. وهل يكون اشتراط وجود الراحلة مختصّاً بصورة الحاجة إليها، لعدم قدرته على المشي أو كونه مشقّة عليه أو منافياً لشرفه، أو يشترط مطلقاً ولو مع عدم الحاجة إليه؟ مقتضى إطلاق الأخبار والإجماعات المنقولة الثاني، وذهب جماعة من المتأخّرين إلى الأوّل، لجملة من الأخبار المصرّحة بالوجوب إن أطاق المشي بعضاً أو كلاّ، بدعوى أنّ مقتضى الجمع بينها وبين الأخبار الأوّلة حملها على صورة الحاجة، مع أنـّها منزّلة على الغالب، بل انصرافها إليها؛ والأقوى هو القول الثاني(2)، لإعراض المشهور(3) عن هذه الأخبار مع كونها بمرأى منهم و مسمع، فاللازم طرحها أو حملها على بعض المحامل، كالحمل على الحجّ المندوب  وإن كان بعيداً عن سياقها، مع أنّها مفسّرة للاستطاعة في الآية الشريفة. وحمل الآية على القدر المشترک بين الوجوب والندب بعيد، أو حملها على من استقرّ عليه حجّة الإسلام سابقاً وهو أيضاً بعيد، أو نحو ذلک؛ وكيف كان، فالأقوى ما ذكرنا وإن كان لاينبغي ترک الاحتياط بالعمل بالأخبار المزبورة، خصوصاً بالنسبة إلى من لا فرق عنده بين المشي والركوب أو يكون المشي أسهل، لانصراف الأخبار الأوّلة عن هذه الصورة، بل لولا الإجماعات المنقولة والشهرة(4) لكان هذا القول في غاية القوّة.

 

 1- الفیاض: فیه أن هذا التفسیر لا ینسجم مع ما یظهر منه1 في ضمن المسائل القادمه من أن المراد منها عدم المانع الأعم من التکویني والتشریعي علی أساس ان المانع الشرعي کالمانع العقلي رافع لوجوب الحج بارتفاع موضوعه ووارد علیه، ونتیجة تفسرها في المقام هي أنها عبارة عن القدرة التکوینیة في مقابل العجز التکویني الاضطراري، وعلی هذا فلا یکون وجوب شيء آخر مضاد للحج مانعا عن وجوبه، وإن کان قبل حصول الاستطاعة.

بیان ذلک: ان الاستطاعة المأخوذة في لسان الآیة الشریفة ظاهرة في نفسها بقطع النظر عن تفسیرها في الروایات في الاستطاعة التکوینیة في مقابل العجز التکویني الاضطراري، وأما حملها علی الاستطاعة التکوینیة في مقابل العجز التکویني الأعم من الاضطراري والاختیاري فهو بحاجة إلی قرینة، والا فالمتبادر منها هو المعنی الأول، وکذلک حملها علی الاستطاعة المساوقة لعدم المانع الأعم من التکویني والتشریعي.

وأما بلحاظ الروایات، فلأنها قد فسرت فیها مرة بالزاد والراحلة وصحة البدن وتخلیة السرب، وأخری بما یحج به، وثالثة بالسعة في المال، بمعنی یحج ببعض ویبقی بعضا لقوت عیاله، ورابعة بالقوة في المال والیسار، ولا تنافي بین هذه التفسیرات، غایة الأمر أن بعض تلک التفسیرات مشتمل علی خصوصیة زائدة وبعضها الآخر ساکت عنها، فالنتیجة ان المستفاد من مجموع الروایات بضم بعضها الی الآخر أن الاستطاعة عبارة عن تمکن المکلف وقدرته مالا وبدنا وسرابا علی الحج، واما وجود الراحلة فالظاهر أنه لا خصوصیة له، بل هو یدور مدار الحاجة الیه کالرکوب علیها، أو حمل الزاد والنفقة، واما إذا کان الشخص متمکنا من المشي راجلا بدون عسر وحرج فهو مستطیع وإن لم تکن عنده راحلة، اذ المعیار انما هو بتمکنه من السفر الی الحج بدون وقوعه في عسر وحرج سواء أکان راکبا أم ماشیا. وتؤکد ذلک صحیحة معاویة بن عمار قال: «سألت أبا عبد الله عن رجل علیه دین، أعلیه أن یحج؟ قال: نعم، ان حجة الإسلام واجبة علی من أطاق المشي من المسلمین ولقد کان أکثر من حج مع النبي6 مشاة – الحدیث -»(الوسائل باب: 11 من أبواب وجوب الحج وشرائطه الحدیث: 1) فانها واضحة الدلالة علی أن حجة الإسلام واجبة علی من أطاق المشي والمراد من الاطاقة الاطاقة العرفیة یعني انه متمکن من المشي الی الحج بدون أن یقع في حرج.

وبکلمة أخری ان هذا التفسیر لا ینافي معنی الاستطاعة لغة وعرفا علی أساس انه لیس تفسیرا لها مباشرة، بل هو بیان لعناصرها الثلاثة:

الأول: الامکانیة المالیة لنفقات سفر الحج ذهابا وایابا، أو ذهابا فقط لمن لا یرید الرجوع الی بلدته.

الثاني: الأمن والسلامة علی نفسه وعرضه وماله في الطریق ولدی ممارسة مناسک الحج.

الثالث: التمکن بعد الاتفاق علی سفر الحج والعود الی بلده من استیناف وضعه المعاشی الطبیعي وبدون الوقوع في حرج بسبب نفقات الحج.

والاستطاعة تتکون من هذه العناصر الثلاثة، فاذا توفرت تلک العناصر في شخص وجب علیه الحج، سواء أکان هناک واجب آخر مضاد له أم لا، فان وجوب واجب آخر لا یمنع عن وجوب الحج لفرض ان وجوبه غیر مرتبط بعدم وجوب واجب آخر، بل هو مرتبط بتوفر تلک العناصر، والمفروض أنها متوفرة عنده، وهذا هو معنی ما ذکرناه من أن المتفاهم العرفي من الاستطاعة القدرة التکوینیة في مقابل العجز التکویني الاضطراري لا الأعم منه ومن الاختیاري، لأن العجز الاختیاري عین التمکن والقدرة، فلا ینافیها فإنّه معلول للقدرة والتمکن، هذا کله شریطه أن لا یقع في العسر والحرج بسبب الحج، والّا فلا وجوب.

إلی هنا قد تبین ان الاستطاعة بمعناها اللغوي والعرفي وهي القدرة التکوینیة معتبرة شرعا في وجوب الحج، فإن أخذها في لسان الآیة الشریفة والروایات من قبل المولی یدل علی أنها دخیلة في الحکم والملاک معا، وهذا یعني أنها کما تکون من شروط الوجوب في مرحلة الاعتباری تکون من شروط الاتصاف في مرحلة المبادئ، والنکتة في ذلک أن تصدي المولی لأخذها في لسان الدلیل رغم ان العقل مستقل باشتراط التکلیف بالقدرة بملاک قبح تکلیف العاجز یدل علی انه لا یمکن ان یکون تأکیدا لحکم العقل فقط وابراز لما هو مبرز في نفسه والّا لکان لغوا وجزافا، حیث لا حاجة الی هذا التأکید، فاذن لا محالة یکون تصدیه قرینة علی أنه بصدد افادة معنی زائد علی ما هو ثابت بحکم العقل، وهو لیس الا دخلها في الملاک وأنه بدونها فلا ملاک للحکم، وبذلک تمتاز القدرة الشرعیة عن القدرة العقلیة، فان الأولی دخیلة في الحکم والملاک معا، والثانیة دخیلة في الحکم فقط باعتبار أن الحاکم باشتراطها انما هو العق علی أساس قبح تکلیف العاجز والفرض انه لا طریق له الی ملاکات الأحکام في مرحلة المبادي.

2- الفیاض: بل الأول، لما مر من ان المتفاهم العرفي من الروایات المشتملة علی الراحلة عدم الموضوعیة لها وأخذها في الروایات في مقابل الزاد انما هو للحاجة الیها اما لحمل ما یحتاج الیه في السفر أو للرکوب علیها والّا فلا موضوعیة لها ولا تکون دخیلة في مفهوم الاستطاعة.

3- الفیاض: فیه انه لا أثر لاعراضهم ولا قیمة له الا لدی توفر أمرین فیه:

أحدهما: أن یکون الاعراض من قدماء الاصحاب الذین یکون عصرهم متصلا بعصر أصحاب الأئمة:.

الثاني: أن لا یکون في المسألة ما یصلح أن یکون مستندا له في مقابل هذه الأخبار.

وکلا الأمرین غیر متوفر في المقام.

أما الأمر الأول: فلأنه لا طریق لنا الی احراز أنهم قد اعرضوا عنها لأن الطریق الی ذلک متمثل في أحد سبیلین:

الأول: أن یکون لکل واحد منهم کتاب استدلالي مشتمل علی المسألة وکان بأیدینا.

الثاني: أن یکون اعراضهم واصلا إلینا یدا بید.

ولکن کلا السبیلین لا وجود له:

اما الأول: فلأنه لم یصل کتاب استدلالي إلینا من کل منهم في المسألة لنعرف مدی اعراضهم عنها.

واما الثاني: فلأن غایة ما یکون هو نقل اعراضهم إلینا اجمالا ومرسلا، ولا قیمة لهذا النقل ما دام لم یصل کلا یدا بید وطبقة بعد طبقة مباشرة وبدون الاستناد الی شيء في المسألة.

واما الأمر الثاني: فلأن من المحتمل ان یکون اعراضهم عنها من جهة تقدیم الروایات التي تفسّر الاستطاعة بالزاد والراحلة علیها.

4- الفیاض: تقدم انه لا أثر للإجماعات المنقولة المدعاة في المسألة، ولا للشهرة الفتوائیة، فالعبرة انما هي بالروایات والنصوص فیها، وقد مر مدی سعة دلالة تلک الروایات والمستفاد منها.

 مسألة 2: لا فرق في اشتراط وجود الراحلة(1) بين القريب والبعيد حتّى بالنسبة إلى أهل مكّة ، لإطلاق الأدلّة؛ فما عن جماعة من عدم اشتراطه بالنسبة إليهم، لا وجه له .

1- الفیاض: مرّ أنه لا موضوعیة لوجودها لا في البعید ولا في القریب الّا لدی الحاجة والضرورة، اما من جهة انه لا یتمکن من المشي راجلا، أو من جهة حمل الزاد ونحوه مما یتطلبه سفر الحج کما هو الغالب.

مسألة 3: لايشترط وجودهما عيناً عنده، بل يكفي وجود ما يمكن صرفه في تحصيلهما من المال؛ من غير فرق بين النقود والأملاک من البساتين والدكّاكين والخانات ونحوها. ولايشترط إمكان حمل الزاد معه، بل يكفي إمكان تحصيله في المنازل بقدر الحاجة، ومع عدمه فيها يجب حمله مع الإمكان؛ من غير فرق بين علف الدابّة وغيره، ومع عدمه يسقط الوجوب.

 مسألة 4: المراد بالزاد هنا، المأكول والمشروب وسائر ما يحتاج إليه المسافر من الأوعية الّتي يتوقّف عليها حمل المحتاج إليه وجميع ضروريّات ذلک السفر بحسب حاله قوّةً وضعفاً، وزمانه حرّاً وبرداً، وشأنه شرفاً وضعةً؛ والمراد بالراحلة مطلق ما يركب ولو مثل السفينة في طريق البحر. واللّازم وجود ما يناسب حاله بحسب القوّة والضعف، بل الظاهر اعتباره من حيث الضعة والشرف كمّاً وكيفاً ، فإذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة بحيث يعدّ ما دونهما نقصاً عليه، يشترط في الوجوب القدرة عليه، ولايكفي ما دونه وإن كانت الآية  والأخبار مطلقة، وذلک لحكومة قاعدة نفي العسر والحرج على الإطلاقات؛ نعم، إذا لم‌يكن بحدّ الحرج، وجب معه الحجّ وعليه يحمل ما في بعض الأخبار من وجوبه ولو على حمار أجدع مقطوع الذنب.

 

 

مسألة 5: إذا لم‌يكن عنده الزاد ولكن كان كسوباً يمكنه تحصيله بالكسب في الطريق لأكله وشربه وغيرهما من بعض حوائجه، هل يجب عليه أو لا؟ الأقوى عدمه  وإن كان أحوط .

 مسألة 6: إنّما يعتبر الاستطاعة من مكانه، لا من بلده؛ فالعراقيّ إذا استطاع  وهو في الشام وجب عليه وإن لم‌يكن عنده بقدر الاستطاعة من العراق، بل لو مشى إلى ما قبل الميقات متسكّعاً أو لحاجة اُخرى من تجارة أو غيرها وكان له هناک مايمكن أن يحجّ به وجب عليه، بل لو أحرم متسكّعاً فاستطاع وكان أمامه ميقات آخر، أمكن أن يقال بالوجوب عليه وإن كان لايخلو عن إشكال(1).

 1- الفیاض: الظاهر انه لا اشکال في الوجوب، أما إذا کان أمامه میقات آخر فالأمر واضح علی أساس انه إذا استطاع في المیقات الأمامي کشف عن وجوب حجة الإسلام علیه لفرض تمکنه منها مالا وبدنا وسربا بکل واجباتها، ومعه لا تکون لها حالة منتظرة، واما إذا لم یکن أمامه میقات اخر فایضا الأمر کذلک، لأنه إذا استطاع بعد التجاوز عن المیقات، فان تمکن من الرجوع الیه والاحرام منه وجب لأنه مستطیع فتکون وظیفته حجة الإسلام علی أساس أن استطاعته تلک تکشف عن بطلان احرامه، وان الحج الندبي لم یکن مشروعا في حقه وإن لم بتمکن من الرجوع الیه، اما لضیق الوقت، أو لسبب آخر فالأمر أیضا کذلک، لأنه متمکن مال وبدنا من الاتیان بکل واجبات حجة الإسلام من البدایة الی النهایة، غایة الأمر انه یکون معذورا من أن یحرم من المیقات فوظیفته أن یحرم من مکانه، نظیر من کان غافلا عن استطاعته في الواقع وبعد تجاوزه عن المیقات والإحرام منه للحج الندبي تبین انه کان مستطیعا فانه یکشف عن بطلان احرامه للحج الندبي باعتبار أن وظیفته حجة الإسلام وهو متمکن من الاتیان بها، وعلیه فعندئذ أن یحرم من مکانه إذا لم یتمکن من الرجوع الی المیقات والإحرام منه، واما إذا استطاع بعد الاتیان بالعمرة فان کان متمکنا من الرجوع الی أحد المواقیت والاحرام منه لعمرة التمتع لحجة الإسلام وجب علیه ذلک باعتبار انه استطاع في وقت یتمکن فیه من الاتیان بکل واجبات حجة التمتع، ومن المعلوم أن وظیفته في هذه الحالة هي حجة الإسلام، وکذلک الحال إذا لم یتمکن من الرجوع الّا الی أدنی الحل کالجعرانة ونحوها، فانه یرجع الیه ویحرم منه ویواصل في أعمال العمرة الی أن فرغ منها، ثم یحرم للحج علی أساس کفایة الاحرام منه إذا لم یمکن من أحد المواقیت، واما العمرة التي أتی بها ندبا فهي تصبح لاغیة، واما انقلابها الی العمرة المفردة فهو بحاجة الی دلیل وإن کان الأولی والأجدر به أن یأتی بطواف النساء بعدها، وأما إذا لم یتمکن من اعادة العمرة لضیق الوقت أو لسبب آخر فوظیفته اتمام ما نواه من الأول وهو الحج الندبي. نعم من کان مستطیعا بکل عناصر الاستطاعة ولکنه کان جاهلا بها وأحرم لعمرة التمتع ندبا وأتی بها کذلک، وبعد الانتهاء منها علم بالحال، فالظاهر اجزائها عن العمرة الواجبة وهي عمرة التمتع شریطة أن ینوي بها عمرة التمتع من حجة الإسلام، غایة الأمر ظنا منه عدم وجوبها، فانه حینئذ قد أتی بها في الواقع، ومجرد اعتقاده بعدم وجوبها لا یغیر الواقع ولا یجعل الواجب مستحبا، ولا یعتبر في صحتها قصد الوجوب، ولا یضرها قصد الاستحباب، وحینئذ فلا تجب علیه اعادتها وإن کان متمکنا منها لسعة الوقت، بل وظیفته أن یحرم للحج ویتم، ویکون حجه حجة الإسلام، ومصداقا للحجة الأولی للمستطیع.

نعم إذا نوی عمرة التمتع من الحج الندبي بطلت، ولم تقع لا عمرة من الحج الندبي، ولا من حجة الإسلام، اما الأول فلعدم الموضوع لها باعتبار أن العمرة من الحج الندبي لا تکون مشروعة للمستطیع، وأما الثاني فلانتفاء القصد، أي قصد السمها الخاص.

فالنتیجة: انه إن أتی بالحج الواجب علیه في الواقع بکل واجباته من الأجزاء والشروط منها قصد القربة نوی استحبابه جهلا بالحال، وکان في الواقع واجبا، فهذا لا یضر، وإن أخل بقصد اسمه الخاص الممیز له شرعا، فقد أخل بالواجب ولم یکن مصداقا لحجة الإسلام ولا للمستحب وهذا بخلاف ما إذا استطاع مالا أو بدنا أو سربا بعد الانتهاء من العمرة وکان متمکنا من اعادتها مرة أخری لسعة الوقت، فانه یکشف عن بطلان العمرة الأولی مطلقا وعدم کونها مأمورا بها لا بالأمر الاستحبابي لفرض انه في هذه السنة مأمور بالحج في الواقع، ولا بالأمر الوجوبي لعدم کونه مستطیعا في حال الاتیان بها.

الی هنا قد تبین أن المستفاد من الآیة الشریفة بضمیمة الروایات ان المکلف إذا استطاع في وقت یتمکن فیه من الاتیان بکل اعمال حج التمتع وجب سواء أکان ذلک في بلده أو بلد آخر وسواء أکان من المیقات أم کان بعده أو بعد العمرة شریطة أن یتمکن من الاتیان بکل واجباته في وقته.

 مسألة 7: إذا كان من شأنه ركوب المحمل أو الكنيسة ولم‌يوجد، سقط الوجوب؛ ولو وجد ولم‌يوجد شريک للشقّ الآخر، فإن لم‌يتمكّن من اُجرة الشقّين سقط أيضاً، وإن تمكّن فالظاهر الوجوب(1)  لصدق الاستطاعة؛ فلا وجه لما عن العلّامة من التوقّف فيه، لأنّ بذل المال له خسران، لا مقابل له؛ نعم، لو كان بذله مجحفاً ومضرّآ بحاله لم‌يجب، كما هو الحال في شراء ماء الوضوء.

1- الفیاض: هذا هو الصحیح، والسبب فیه أن عملیة الحج الواجبة علی المستطیع بطبعها تتطلب بذل المال وانفاقه في سبیلها، فمن هذه الجهة یکون وجوب الحج وجوبا بطبعه یتطلب الضرر المالي فلا یکون مشمولا لحدیث لا ضرر باعتبار أنه ناظر الی الأحکام الأولیة المجعولة في الشریعة المقدسة التي لا تکون بطبعها ضرریة، فان من تلک الأحکام إذا اتفق في مورد أنه ضرري فهو مرفوع تطبیقا للحدیث.

ودعوی: أن نفقات سفر الحج ومتطلباته محدودة بحدود لا تتجاوز عن الحد المتعارف في کل عصر، فاذا زادت عن ذلک الحد بسبب أو آخر اتفاقا فلا مانع من تطبیق الحدیث علیه، مدفوعة: بأنها انما تتم لو کانت نفقات سفر الحج محدودة من قبل الشرع کما وکیفا. ولکن الأمر لیس کذلک علی أساس ان وجوب الحج في الآیة الشریفة والروایات مرتبط بالاستطاعة، وقد ذکرنا آنفا ان المراد من الاستطاعة علی ما یظهر من الآیة الکریمة والروایات الواردة في تفسیرها هو تمکن المکلف وقدرته مالا وبدنا وسربا، ومن هنا قلنا أنها تتکون من العناصر الثلاثة منها الامکانیة المالیة، ومن الطبیعي أنها تختلف باختلاف الاشخاص والأوقات ووقوع الاتفاقات التي قد تتطلب بذل مال أکثر کغلاء الاسعار والأجور ونحوهما، ولا یمکن التمسک بحدیث لا ضرر بالنسبة إلی الزائد علی أساس أن وجوب الحج علیه مرتبط بالاستطاعة والامکانیة المالیة لدیه، والفرض انه متمکن منه مالا، وقد عرفت ان الاستطاعة لم تحدد بحد خاص. نعم إذا تطلّب الحج اتفاقا بذل مال کثیر یکون حرجیا علیه لم یجب تطبیقا لقاعدة لا حرج، واما إذا لم یصل الی حد الحرج فلا یکون وجوبه مرفوعا بقاعدة لا ضرر.

فالنتیجة: ان قاعدة لا ضرر لا تشمل مسألة الحج التي تبتنی علی الضرر المالي بدون التحدید بحد خاص غیر عنوان الاستطاعة والامکانیة المالیة، ومعنی ذلک ان المکلف ما دام متمکنا مالا من الحج وجب علیه الّا إذا کان حرجیا، ومن هنا لا یحتمل عدم وجوب الحج علی أکل أهل البلد کالعراق – مثلا – عند غلاء الاسعار والأجور في موسم الحج اتفاقا علی أساس أنه ضرري.

 مسألة 8: غلاء أسعار ما يحتاج إليه أو اُجرة المركوب في تلک السنة لايوجب السقوط ولايجوز التأخير عن تلک السنة مع تمكّنه من القيمة، بل وكذا لو توقّف على الشراء بأزيد من ثمن المثل والقيمة المتعارفة، بل وكذا لو توقّف على بيع أملاكه بأقلّ من ثمن المثل، لعدم وجود راغب في القيمة المتعارفة(1)؛ فما عن الشيخ من سقوط الوجوب، ضعيف؛ نعم، لو كان الضرر مجحفاً بماله مضرّاً بحاله، لم‌يجب، وإلّا فمطلق الضرر لايرفع الوجوب بعد صدق الاستطاعة وشمول الأدلّة، فالمناط هو الإجحاف والوصول إلى حدّ الحرج الرافع للتكليف.

1- الفیاض: ظهر حکمه وحکم ما بعده مما مر في المسألة السابقة.

 مسألة 9: لايكفي في وجوب الحجّ وجود نفقة الذهاب فقط، بل يشترط وجود نفقة العود إلى‌وطنه إن أراده وإن لم‌يكن له فيه أهل ولامسكن مملوک ولو بالإجارة، للحرج في التكليف بالإقامة في غير وطنه المألوف له؛ نعم، إذا لم‌يرد العود أو كان وحيداً لاتعلّق له بوطن، لم‌يعتبر وجود نفقة العود، لإطلاق الآية والأخبار في كفاية وجود نفقة الذهاب. وإذا أراد السكنى في بلد آخر غير وطنه، لابدّ من وجود النفقة إليه إذا لم‌يكن أبعد من وطنه(1) ، وإلّا فالظاهر كفاية مقدار العود إلى وطنه.

1- الفیاض: بل وان کان أبعد شریطة أن لا یتمکن من الرجوع الی وطنه، فان وجود نفقة العود الی ذلک البلد حینئذ معتبر في وجوب الحج، واما إذا کان رجوعه الی بلد آخر حسب ارادته ورغبته، فعندئذ یعتبر في وجوب الحج مقدار نفقة العود الی وطنه سواء أکان البلد الآخر قریبا أم کان بعیدا فان المعیار في الاستطاعة حینئذ انما هو بوجود نفقة الذهاب والایاب الی بلده وإن کان لم تکف للرجوع الی بلد آخر. نعم إذا کانت نفقة الرجوع الی بلد آخر أقل من نفقة الرجوع الی بلده وهو عازم للرجوع الی ذلک البلد بعد الانتهاء من اعمال الحج لا الی بلده، ففي مثل هذه الحالة إذا کان عنده بمقدار یکفی لنفقة الذهاب والایاب الیه کفی في وجوب الحج وإن لم یکف لنفقة الرجوع الی بلده.

 مسألة 10: قد عرفت أنـّه لايشترط وجود أعيان ما يحتاج إليه في نفقة الحجّ من الزاد والراحلة، ولا وجود أثمانها من النقود، بل يجب عليه بيع ما عنده من الأموال لشرائها، لكن يستثنى من ذلک ما يحتاج إليه في ضروريّات معاشه، فلاتُباع دار سكناه اللائقة بحاله ولا خادمه المحتاج إليه ولا ثياب تجمّله اللائقة بحاله، فضلا عن ثياب مهنته، ولا أثاث بيته من الفراش والأواني وغيرهما ممّا هو محلّ حاجته، بل ولا حليّ المرأة مع حاجتها بالمقدار اللائق بها بحسب حالها في زمانها ومكانها، ولا كتب العلم لأهله الّتي لابدّ له منها فيما يجب تحصيله، لأنّ الضرورة الدينيّة أعظم من الدنيويّة، ولا آلات الصنائع المحتاج إليها في معاشه، ولا فرس ركوبه مع الحاجة إليه، ولا سلاحه ولا سائر ما يحتاج إليه، لاستلزام التكليف بصرفها في الحجّ العُسرَ والحرجَ. ولايعتبر فيها الحاجة الفعليّة؛ فلاوجه لما عن كشف اللثام من أنّ فرسه إن كان صالحاً لركوبه في طريق الحجّ فهو من الراحلة، وإلّا فهو في مسيره إلى الحجّ لايفتقر إليه بل يفتقر إلى غيره، ولا دليل على عدم وجوب بيعه حينئذٍ؛ كما لا وجه لما عن الدروس من التوقّف في استثناء مايضطرّ إليه من أمتعة المنزل والسلاح وآلات الصنائع؛ فالأقوى استثناء جميع مايحتاج إليه في معاشه ممّا يكون إيجاب بيعه مستلزمآ للعسر والحرج(1)؛ نعم، لوزادت أعيان المذكورات عن مقدار الحاجة وجب بيع الزائد في نفقة الحجّ، وكذا لو استغنى عنها بعد الحاجة، كما في حليّ المرأة إذا كبرت عنه ونحوه.

 1- الفیاض: هذا هو الضابط العام للاستثناء، وعلی هذا فکل من کانت لدیه الامکانیة المالیة لنفقات سفر الحج ذهابا وایابا لمن یرید الرجوع الی بلدته، ذهابا لمن لا یرید الرجوع وجب علیه الحج شریطة أن لا یوجب صرفها في نفقاته وقوعه في عسر وحرج، کما إذا کانت عنده سیارة شخصیة مثلا فاذا باعها کفی ثمنها في نفقات الحج، وحینئذ فإن ادی بیعها وصرف ثمنها فیها الی وقوعه في عسر وحرج باعتبار أن رکوبه دائما ومتواصلا في سیارة الأجرة مهانة له ویکون تحملها علیه حرجیا لم یکن مستطیعا والّا فهو مستطیع وجب علیه بیعها وإن کانت مکانته تتطلب ان تکون عنده سیارة شخصیة الا أن عدمها لیس مهانة له ونقصا. ومن هذا القبیل ما إذا کانت عنده دار یسکن فیها فعلا وحینئذ فان کان بیعها وصرف ثمنها في مصارف الحج ونفقاته مهانة له لم یجب لعدم استطاعته تطبیقا للقاعدة والّا وجب، کما إذا کانت عنده دار وقفیة مثلا ولا یکون سکناه فیها حرجیا ومهانة له.

فالنتیجة: انه لا دلیل علی استثناء المؤونة بعرضها العریض عن نفقات سفر الحج.

 

 

مسألة 11: لو كان بيده دار موقوفة تكفيه لسكناه وكان عنده دار مملوكة، فالظاهر وجوب بيع المملوكة إذا كانت وافية لمصارف الحجّ أو متمّمة لها، وكذا في الكتب المحتاج إليها إذا كان عنده من الموقوفة مقدار كفايته، فيجب بيع المملوكة منها، وكذا الحال في سائر المستثنيات إذا ارتفعت حاجته فيها بغير المملوكة، لصدق الاستطاعة حينئذٍ إذا لم‌يكن ذلک منافيآ لشأنه ولم‌يكن عليه حرج في ذلک؛ نعم، لو لم‌تكن موجودة وأمكنه تحصيلها، لم‌يجب عليه ذلک(1)، فلايجب بيع ما عنده وفي ملكه؛ والفرق عدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة بخلاف الصورة الاُولى، إلّا إذا حصلت بلا سعي منه أو حصلها مع عدم وجوبه، فإنّه بعد التحصيل يكون كالحاصل أوّلا.

1- الفیاض: بل الظاهر الوجوب، فان من کانت عنده الدار للسکنی فاذا باعها کفی ثمنها لنفقات سفر الحج فانه في هذه الحالة یجب علیه بیعها وصرف ثمنها فیها إذا لم یقع في مهانة وحرج من جهة المسکن، بدون فرق بین أن یکون عنده مسکن فعلا وقفا أو اجارة أو لا، ولکنه متمکن من تحصیله بدون الوقوع في حرج أو مهانة، ولیس هذا من تحصیل الاستطاعة لکي لا یکون واجبا، بل هو مستطیع باعتبار أن مالدیه من الامکانیة المالیة لنفقات سفر الحج المتمثلة في داره کافیة لها بدون الوقوع في عسر وحرج، فما في المتن من عدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة لا وجه له أصلا.

  مسألة 12: لو لم‌تكن المستثنيات زائدة عن اللائق بحاله بحسب عينها، لكن كانت زائدة بحسب القيمة وأمكن تبديلها بما يكون أقلّ قيمة مع كونه لائقاً بحاله أيضاً، فهل يجب التبديل للصرف في نفقة الحجّ أو لتتميمها؟ قولان، من صدق الاستطاعة، ومن عدم زيادة العين عن مقدار الحاجة، والأصل عدم وجوب التبديل؛ والأقوى الأوّل إذا لم‌يكن فيه حرج أو نقص عليه(1) وكانت الزيادة معتدّآ بها، كما إذا كانت له دار تسوّي مأة وأمكن تبديلها بما يسوّي خمسين مع كونه لائقآ بحاله من غير عُسر، فإنّه يصدق الاستطاعة؛ نعم، لو كانت الزيادة قليلة جدّآ بحيث لايعتنى بها، أمكن دعوى عدم الوجوب وإن كان الأحوط التبديل أيضاً(2).

1- الفیاض: شریطة أن یکون ذلک حرجیا علیه والّا فلا دلیل علی استثنائه، ومعه فلا وجه لجعله في مقابل الحرج.

2- الفیاض: بل هو الأظهر شریطة توفر أمرین فیه:

أحدهما: أن لا یکون في التبدیل مشقة وحرج.

والآخر: أن تکون الزیادة القلیلة کافیة بنفسها لنفقات سفر الحج، کما إذا باع داره بخمسة وعشرین ألف دینار – مثلا – واشتری دارا أخری بأربعة وعشرین الف دینار، فالزیادة وهي الألف بالنسبة إلی قیمة الدار وإن کانت قلیلة الّا أنها تکفي لنفقات سفر الحج، وفي هذه الحالة یکون مستطیعا ویجب علهی التبدیل، ومن هذا القبیل ما إذا کان عنده مال لا یکفي لکل نفقاته ولکن إذا باع داره واشتری دارا أخری بقی من ثمنها بمقدار إذا ضمه الی المال الموجود لدیه کفی.

 مسألة 13: إذا لم‌يكن عنده من أعيان المستثنيات، لكن كان عنده ما يمكن شراؤها به من النقود أو نحوها، ففي جواز شرائها وترک الحجّ إشكال، بل الأقوى عدم جوازه، إلّا أن يكون عدمها موجبآ للحرج عليه، فالمدار في ذلک هو الحرج وعدمه، وحينئذٍ فإن كانت موجودة عنده لايجب بيعها إلّا مع  عدم الحاجة(1) ، وإن لم‌يكن موجودة لايجوز شراؤها إلّا مع لزوم الحرج في تركه، ولوكانت موجودة وباعها بقصد التبديل بآخر لم‌يجب صرف ثمنها في الحجّ، فحكم ثمنها حكمها، ولو باعها لا بقصد التبديل وجب بعد البيع صرف ثمنها في الحجّ(2) إلّا مع الضرورة إليها على حدّ الحرج في عدمها.

1- الفیاض: بل مع الحاجة أیضا شریطة أن لا یکون في ترکها حرج، کما إذا کانت عنده دار لا تزید عن مقدار حاجته، ولکن إذا باعها وسکن في دار وقفیة أو اجارة مناسبة لحاله لم یقع في عسر وحرج وفي مثل هذه الحالة فهو مستطیع یجب علیه الحج بلافرق بین أن یکون المال الموجود عنده من الأعیان کالدار أو نحوها أو من النقود لأن المعیار في کلا الفرضین واحد وهو الامکانیة المالیة لدیه لنفقات سفر الحج بدون أن یلزم من صرفها فیها حرج، فاذن لا فرق بین الفرضین، فما هو ظاهر المتن من الفرق بینهما لا أساس له.

2- الفیاض: فیه اشکال بل منع، والأظهر انه لا اثر لقصد التبدیل أو عدمه، فان المعیار انما هو بلزوم الحرج من ترک التبدیل واقعا وعدمه، فعلی الأول لا یجب الحج تطبیقا لقاعدة نفي الحرج سواء أکان قاصدا التبدیل أم لا، وعلی الثاني یجب وإن کان قاصدا التبدیل من جهة تمکنه مالا من الانفاق علی الحج وعدم الوقوع في حرج بسبب ذلک، بل لا یبعد وجوب بیعها في هذه الحالة وصرف ثمنها في الحج.

مثال ذلک: إذا باع زید داره لا بقصد شراء دار أخری، وفي هذه الحالة مرة لا یکون في ترک شراء دار أخری حرج علیه، وأخری یکون حرج فعلی الأول یجب الحج بل یجب بیع الدار وصرف ثمنها فیه باعتبار أن من لدیه الامکانیة المالیة لنفقات سفر الحج من دون أن یستلزم صرفها فیه عسرا وحرجا وجب، وعلی الثاني لا یجب علیه الحج وإن کان قاصدا ادخار ثمنها وعدم صرفه في شراء دار أو أي شيء آخر من حاجاته، فان ذلک لا یمنع عن جواز شرائها به في کل آن، ومن المعلوم ان ذلک لا یجتمع مع وجوب الحج علیه وصرفه في نفقاته ولا أثر لقصده ادخار الثمن وابقائه عنده، فانه لا یغیر الحکم في الواقع ولا یرفع جواز الشراء.

ودعوی انه أقدم علی الحرج باختیاره ومعه لا مجال لتطبیق قاعدة نفي الحرج، مدفوعة بأن القاعدة تنفي الوجوب الناشئ من قبله الحرج، وبما أن الزام المکلف بصرف المال في المقام في نفقات الحج یستلزم وقوعه في الحرج فهو مرفوع بالقاعدة، وحینئذ فالمکلف بالخیار بین ابقاء المال وهو ثمن الدار عنده أو صرفه في شراء شيء من حاجاته منها الدار وبین صرفه في نفقات سفر الحج ولکنه لا یجزی عن حجة الإسلام لفرض عدم وجوبه علیه تطبیقا للقاعدة.

فالنتیجة: ان اقدام المکلف علی الحرج باختیاره انما هو معلول لجریان القاعدة في المقام والّا فهو مضطر في الوقوع فیه شرعا، أو فقل إن عزمه علی عدم الشراء والتبدیل لا یرفع جوازه شرعا، ومن المعلوم ان هذا الجواز معلول لجریان القاعدة والّا لم یجز، ومن هنا یظهر أن ما ذکره1 من الاستثناء بقوله: «الّا مع الضرورة الیها علی حد الحرج... الخ» هو الصحیح، واما قصد التبدیل أو عدمه فلا قیمة له کما مر.

 

 

مسألة 14: إذا كان عنده مقدار ما يكفيه للحجّ ونازعته نفسه إلى النكاح، صرّح جماعة بوجوب الحجّ وتقديمه على التزويج، بل قال بعضهم: وإن شقّ عليه ترک التزويج؛ والأقوى وفاقاً لجماعة اُخرى، عدم وجوبه مع كون ترک التزويج حرجاً عليه أو موجباً لحدوث مرض(1) أو للوقوع في الزنا ونحوه(2)؛ نعم، لوكانت عنده زوجة واجبة النفقة ولم‌يكن له حاجة فيها، لايجب أن يطلّقها وصرف مقدار نفقتها في تتميم مصرف الحجّ، لعدم صدق الاستطاعة عرفاً.

1- الفیاض: هذا شریطة أن یکون تحمله حرجیا والّا فلا دلیل علی استثنائه، ولا وجه حینئذ لجعله في مقابل الحرج.

2- الفیاض: فیه ان العلم بالوقوع في الزنا اختیارا لا یکون مبررا لترک المال في نفقات سفر الحج، ولا دلیل علی أن وجوب الحج مشروط بعدم العلم بذلک.

 مسألة 15: إذا لم‌يكن عنده ما يحجّ به، ولكن كان له دين على شخص بمقدار مؤونته أو بما تتمّ به مؤونته، فاللازم اقتضاؤه وصرفه في الحجّ إذا كان الدين حالاّوكان المديون باذلا، لصدق الاستطاعة حينئذٍ، وكذا إذا كان مماطلا وأمكن إجباره بإعانة متسلّط، أو كان منكرآ وأمكن إثباته عند الحاكم الشرعيّ وأخذه بلا كلفة وحرج، بل وكذا إذا توقّف استيفاؤه على الرجوع إلى حاكم الجور بناءً على ما هو الأقوى من جواز الرجوع إليه مع توقّف استيفاء الحقّ عليه، لأنـّه حينئذٍ يكون واجبآ بعد صدق الاستطاعة(1) ، لكونه مقدّمة للواجب المطلق، وكذا لو كان الدين مؤجّلا وكان المديون باذلا قبل الأجل لو طالبه؛ ومنع صاحب الجواهر الوجوب حينئذٍ بدعوى عدم صدق الاستطاعة، محلّ منع. وأمّا لو كان المديون معسرآ أو مماطلا لايمكن إجباره أو منكرآ للدين ولم‌يمكن إثباته أو كان الترافع مستلزمآ للحرج أو كان الدين مؤجّلا مع عدم كون المديون باذلا، فلايجب(2)، بل الظاهر  عدم الوجوب(3) لو لم‌يكن واثقآ ببذله مع المطالبة.

1- الفیاض: هذا هو الظاهر، لأن معنی کون المکلف مستطیعا أن لدیه الامکانیة المالیة لنفقات سفر الحج بکل متطلباته اللائقة بحاله، غایة الأمر أن تلک الامکانیة متمثلة مرة في النقود المتوفرة عنده، وأخری في الأعیان الخارجیة کالأرض أو البستان أو الدار أو الفرس أو الکتب أو نحوها، وثالثة في الأعیان الثابتة في الذمة کالدیون، فان نقدها وإن کان یتوقف علی مؤنة ومقدمة خارجیة کالرجوع الی الحاکم الشرعي أو غیره ممن یقدر علی أخذها من المدین أو إلی حاکم الجور إذا توقف انقاذ الحق بالرجوع الیه، وبما أن الدائن متمکن من نقد الدین وأخذه من المدین ولو بالواسطة فهو مستطیع باعتبار أن لدیه الامکانیة المالیة ولا یکون تحصیل الدین بالواسطة من تحصیل الاستطاعة، بل هو من تحصیل مقدمة الواجب المطلق بعد الاستطاعة کتهیئة الزاد والراحلة وجواز السفر وتأشیرة الدخول ونحو ذلک، أو فقل انه کبیع الاعیان الخارجیة لدیه لتهیئة المقدمات التي یتوقف سفر الحج علیها فعلا، أو إذا کان له مال في بلد آخر عند شخص یکفي للحج فانه یجب علیه جلب ذلک المال من تلک البلدة مباشرة أو بالواسطة للإنفاق علی الحج، ولا یکون ذلک تحصیلا للاستطاعة.

فالنتیجة: ان الاستطاعة عبارة عن الامکانیة المالیة فعلا المتمثلة في وجود مال لدی المستطیع قد یتوقف انفاقه في سبیل نفقات الحج علی بیعه وتبدیله أو جلبه من بلد آخر أو أخذه من مدین أو غیر ذلک في مقابل الامکانیة المالیة تقدیرا، کما إذا کان الشخص متمکنا من تحصیل الاستطاعة بالکسب، فان لدیه امکانیة مالیة تقدیرا لا فعلا، ولذا لا یجب علیه اخراجها من التقدیر الی التحقیق ببذل الجهد وانفاق العمل.

2- الفیاض: هذا شریطة ان لا یتمکن من بیع الدین في هذه الحالة بما یفي لنفقات الحج ولو بتتمیم ما عنده من المال، واما إذا تمکن منه وکان الثمن وافیا بها مستقلا أو تتمیما فیجب علیه ذلک حیث انه عندئذ مستطیع ولدیه الامکانیة المالیة.

3- الفیاض: الأمر کما افاده1 فانه مع الشک في بذل المدیون مع المطالبة یشک في يالاستطاعة وهذا مساوق للشک في الوجوب، ومقتضی الأصل البراءة، ولا فرق في ذلک بین أن یکون الشک في القدرة الشرعیة أو العقلیة، ونقصد بالأولی القدرة التي هي شرط للحکم والملاک معا، وهي القدرة المأخوذة في لسان الدلیل في مرحلة الجعل، فانها کما تکون من شروط الحکم في تلک المرحلة کذلک تکون من شروط الاتصاف في مرحلة المبادئ، وعلیه فالشک فیها یکون مساوقا للشک في الحکم والملاک معا، فمن أجل ذلک یکون موردا لأصالة البراءة، ونقصد بالثانیة القدرة التي یکون الحاکم باعتبارها في التکلیف هو العقل علی أساس استحالة تکلیف العاجز، ولا یحکم باعتبارها في الملاک علی أساس انه لا طریق له الیه، فیمکن أن یکون الملاک في هذه الصورة مطلقا وثابتا حتی في حال العجز وعدم ثبوت التکلیف، وعلی هذا الأساس فاذا شک في القدرة الشرعیة کان الشک مساوقا للشک في الحکم والملاک علی حد سواء، وإذا شک في القدرة العقلیة کان الشک مساوقا للشک في التکلیف فقط، ولکن بما أنه لا طریق الی ملاکات الأحکام في مرحلة المبادی فبطبیعة الحال یشک في ثبوت الملاک في هذه الحالة لاحتمال أنه ثابت في حال قدرة المکلف فقط لا مطلقا، فاذن لا علم به حتی في حال العجز، ومعه لا فرق في جریان أصالة البراءة بین أن یکون الشک في القدرة الشرعیة أو العقلیة، وما قیل بالفرق بینهما وأن المرجع في الثاني أصالة الاشتغال دون البراءة بدعوی أن المالک فیه مطلق وثابت حتی في حال العجز فلا یجوز تفویته فهو مبني علی احراز أن المالک مطلق وثابت حتی في حال عجز المکلف، ولکن قد ذکرنا في علم الأصول أنه لا طریق الی احرازه کذلک لا من جهة اطلاق المادة ولا من جهة الدلالة الالتزامیة، وتفصیل الکلام فیه هناک، فاذن لا فرق بینهما في جریان أصالة البراءة عند الشک فیها.

 مسألة 16: لايجب الاقتراض للحجّ إذا لم‌يكن له مال وإن كان قادراً على وفائه بعد ذلک بسهولة، لأنـّه تحصيل للاستطاعة وهو غير واجب؛ نعم، لو كان له مال  غائب لايمكن صرفه في الحجّ فعلا أو مال حاضر لاراغب في شرائه أو دين مؤجّل لايكون المديون باذلا له قبل الأجل، وأمكنه الاستقراض والصرف في الحجّ ثمّ وفاؤه بعد ذلک، فالظاهر وجوبه، لصدق الاستطاعة حينئذٍ عرفاً(1)، إلّا إذا لم ‌يكن واثقاً بوصول الغائب أو حصول الدين بعد ذلک، فحينئذٍ لايجب الاستقراض، لعدم صدق الاستطاعة في هذه الصورة.

1- الفیاض: في اطلاقه اشکال بل منع، لما مر من أن الاستطاعة عرفا عبارة عن الامکانیة المالیة فعلا، وعلیه فان أمکن بین ماله الغائب أو الدین المؤجل أو ماله الحاضر بما یفي لنفقات حجه فهو مستطیع باعتبار أن ما لدیه من الامکانیة المالیة فعلا یکفي للحج، وإن لم یمکن بیع ذلک أو تبدیله بمال آخر لم یجب علیه الاستقراض علی أساس انه تحصیل للاستطاعة والامکانیة المالیة الجدیدة بعد ما کان فاقدا لها.

 مسألة 17: إذا كان عنده ما يكفيه للحجّ وكان عليه دين، ففي كونه مانعاً عن وجوب الحجّ مطلقاً، سواء كان حالاّ مطالباً به أو لا أو كونه مؤجّلا، أو عدم كونه مانعاً إلّا مع الحلول والمطالبة أو كونه مانعآ إلّا مع التأجيل أو الحلول مع عدم المطالبة أو كونه مانعآ إلّا مع التأجيل وسعة الأجل للحجّ والعود، أقوال؛ والأقوى كونه مانعآ إلّا مع التأجيل والوثوق بالتمكّن من أداء الدين إذا صرف ما عنده في الحجّ، وذلک لعدم صدق الاستطاعة في غير هذه الصورة(1) ، وهي المناط في  الوجوب لا مجرّد كونه مالكآ للمال وجواز التصرّف فيه بأىّ وجه أراد؛ وعدم المطالبة في صورة الحلول أو الرضا بالتأخير لاينفع في صدق الاستطاعة؛ نعم، لايبعد الصدق إذا كان واثقآ بالتمكّن من الأداء مع فعليّة الرضا بالتأخير من الدائن، والأخبار الدالّة على جواز الحجّ لمن عليه دين لاتنفع في الوجوب وفي كونه حجّة الإسلام؛ وأمّا صحيح معاوية بن عمّار عن الصادق علیه السّلام عن رجل عليه دين أ عليه أن يحجّ؟ قال: «نعم، إنّ حجّة الإسلام واجبة على من أطاق المشي من المسلمين» وخبر عبدالرحمن عنه علیه السّلام أنـّه قال: «الحجّ واجب على الرجل وإن كان عليه دين»، فمحمولان على الصورة الّتي ذكرنا(2)، أو على من استقرّ عليه الحجّ سابقآ وإن كان لايخلو عن إشكال كما سيظهر، فالأولى الحمل الأوّل.

وأمّا ما يظهر من صاحب المستند من أنّ كلاّ من أداء الدين والحجّ واجب، فاللازم بعد عدم الترجيح التخيير بينهما(3) في صورة الحلول مع المطالبة أو التأجيل مع عدم سعة الأجل للذهاب والعود، وتقديم الحجّ في صورة الحلول مع الرضا بالتأخير أو التأجيل مع سعة الأجل للحجّ والعود ولو مع عدم الوثوق بالتمكّن من أداء الدين بعد ذلک، حيث لايجب المبادرة إلى الأداء فيهما فيبقى وجوب الحجّ بلا مزاحم(4)، ففيه: أنـّه لا وجه للتخيير في الصورتين الاُوليين، ولالتعيين تقديم الحجّ في الأخيرتين بعد كون الوجوب تخييرآ أو تعيينآ مشروطآ بالاستطاعة الغير الصادقة في المقام، خصوصاً مع المطالبة وعدم الرضا بالتأخير(5)، مع أنّ التخيير فرع كون الواجبين مطلقين وفي عرض واحد والمفروض أنّ وجوب أداء الدين مطلق، بخلاف وجوب الحجّ فإنّه مشروط بالاستطاعة الشرعيّة(6)؛ نعم، لو استقرّ عليه وجوب الحجّ سابقآ، فالظاهر التخيير، لأنّهما حينئذٍ في عرض واحد وإن كان يحتمل تقدیم الدين(7) إذا كان حالاّ مع المطالبة، أو مع عدم الرضا بالتأخير لأهميّة حقّ الناس من حقّ اللّه(8)، لكنّه ممنوع، ولذا لو فرض كونهما عليه بعد الموت يوزّع المال عليهما(9) ولايقدّم دين الناس، ويحتمل تقديم الأسبق منهما في الوجوب، لكنّه أيضاً لا وجه له، كما لايخفى.

1- الفیاض: الظاهر صدق الاستطاعة في کل تلک الصور حتی في صورة ما إذا کان الدین حالا ومطالبا به فعلا، وذلک لأن وجوب أداء الدین بصرف تحققه وتنجزه لا یکون رافعا لموضوع وجوب الحج وواردا علیه، ضرورة أن وجوبه لا یکون مشروطا بعدم المانع المولوي علی خلافه الأعم من التکویني والتشریعي، بل هو مشروط بالاستطاعة، وقد تقدم أن الاستطاعة المأخوذة في لسان الآیة الشریفة في الروایات تتکون من العناصر التالیة: -

1- الامکانیة المالیة لکل نفقات سفر الحج.

2- الأمن والسلامة في الطریق وعند ممارسة اعمال الحج.

3- التمکن بعد الانفاق علی الحج من استعادة وضعه المعاشي بدون الوقوع في حرج.

فاذا توفرت هذه العناصر في أي فرد وجب علیه الحج، سواء أکان هناک وجوب آخر علی خلافه أم لا، غایة الأمر إذا کان هناک وجوب آخر علی خلافه تقع المزاحمة بینهما، وعندئذ یرجع الی قواعد الباب، فاذا کانت لدی فرد امکانیة مالیة لنفقات الحج وکان مدیونا بدین حال ومطالب به فعلا وقع التزاحم بین وجوب الحج ووجوب أداء الدین باعتبار أنه إن انفق ما لدیه من الامکانیة المالیة في نفقات سفر الحج عجز عن وفاء الدین، وإن عکس فبالعکس، وحیث أن وجوب الوفاء بالدین أهم من وجوب الحج أو محتمل الأهمیة فلابد من تقدیمه علیه، ونتیجة ذلک أن وجوب الحج مشروط بعدم الاشتغال بوفاء الدین علی أساس التقیید اللبي العام وهو تقیید موضوع کل خطاب بعدم الاشتغال بضد واجب لا یقل عنه في الأهمیة.

وإن شئت قلت: ان المستفاد من الآیة الشریفة والروایات المفسرة لها أن وجوب الحج مشروط بالقدرة التکوینیة في مقابل العجز التکویني الاضطراري، ولا یکون مشروطا بعدم المانع الأعم من التکویني والتشریعي ولا بعدم الاشتغال بضد واجب یکون أقل منه في الأهمیة، وعلی هذا فوجوب الحج یصلح أن یزاحم أي وجوب آخر یکون علی خلافه وإن کان مشروطا بالقدرة العقلیة کوجوب الوفاء بالدین مثلا وعلی ذلک فاذا وقع التزاحم بین وجوب الحج ووجوب وفاء الدین فهاهنا حالات:

الأولی: أن یکون الدین حالا ومطالبا به فعلا، وفي هذه الحالة تقع المزاحمة بین وجوب الحج ووجوب الوفاء بالدین وحیث أن وجوب الوفاء بالدین أهم منه أو لا أقل من احتمال أنه أهم فیقدم علیه ویکون وجوب الحج مشروطا بعدم الوفاء بالدین لبا، ومعه ینتفي وجوبه بانتفاء موضوعه. نعم لو عصی وحج وانفق المال فیه ولم یف به الدین صح علی القول بالترتب.

الثانیة: ان یکون الدین حالا، ولکن غیر مطالب به فعلا، بمعنی ان الدائن راض ببقائه في ذمة المدین الی ما بعد موسم الحج، وفي هذه الحالة إذا کان المدین واثقا ومتأکدا بتمکنه من أداء الدین بعد الموسم وجب علیه الحج اذ لا مزاحمة حینئذ بینه وبین وجوب الأداء، وأما إذا لم یکن واثقا ومتأکدا بذلک، أو کان واثقا ومطمئنا بالعدم فتقع المزاحمة بینهما، وحینئذ لابد من تقدیم أداء الدین علی الحج تطبیقا لما مر.

ودعوی: أن الحج بما أنه أسبق زمانا من الوفاء بالدین فیقدم علیه تطبیقا لتقدیم الأسبق زمانا وترجیحه علی المتأخر کذلک.

مدفوعة: أولا: ان الوجوب الأهم أو محتمل الأهمیة یتقدم علی الواجب الآخر الذي لا یحتمل أهمیته في مقام المزاحمة وإن کان متأخرا عنه زمانا، وما نحن فیه من هذا القبیل، ولا مجال لتطبیق الترجیح بالأسبقیة هنا، لأن مورده ما إذا کان الواجبان المتزاحمان متساویین.

وثانیا: قد حققنا في علم الأصول أن الاسبقیة الزمانیة لا تکون مرجحة اطلاقا سواء أکانت بین واجبین مشروطین بالقدرة العقلیة أم الشرعیة أو بالاختلاف، وتفصیل ذلک هناک.

الثالثة: أن یکون الدین مؤجلا ولا ینتهي أجله الّا بعد انتهاء الموسم والرجوع من الحج، وفي هذه الحالة إذا کان المدین واثقا ومطمئنا بتمکنه من الوفاء بالدین بعد انتهاء موعده وجب علیه الحج لعدم المزاحمة بینهما حینئذ وإن لم یکن واثقا ومطمئنا بذلک، أو کان واثقا بالعدم وجب الحفاظ علی المال للوفاء بالدین تطبیقا لنفس ما مر في الحالة الثانیة.

الرابعة: هذه الصورة ولکن الأجل ینتهي بوصول موعد الحج ولا یسع للذهاب والعود معا، وفي هذه الحالة یجب تقدیم الوفاء بالدین علی الحج وإن کان واثقا بالتمکن من الأداء بعد الرجوع منه، ثم انه لا فرق في حکم هذه الحالات بین أن یکون التزاحم بینهما في السنة الأولی من الاستطاعة أو بعد استقرار الحج.

ومن هنا یظهر أن موضوع وجوب الحج وهو الاستطاعة ثابت في کل هذه الحالات، غایة الأمر تقع المزاحمة بین وجوبه ووجوب الوفاء بالدین، فلا یکون وجوب وفاء الدین رافعا لموضوعه، فما عن الماتن1 من عدم صدق الاستطاعة الّا في صورة واحدة، وهي ما إذا کان الدین مؤجلا، أو کان الدائن راضیا بالتأخیر الی أن یرجع المدین من الحج شریطة أن یکون واثقا ومطمئنا بالأداء، لا یرجع الی معنی صحیح، ولا ینسجم مع تفسیر الاستطاعة في الروایات، ولا مع ظهورها بنفسها في الآیة الشریفة وغیرها.

2- الفیاض: بل هو بعید، فان الظاهر أنها في مقام بیان ان الدین بنفسه لا یکون مانعا عن وجوب الحج ولا ینافي تحقق الاستطاعة، غایة الأمر قد یقع التزاحم بین وجوبه ووجوب وفاء الدین کما مر، وبه یظهر حال ما بعده.

3- الفیاض: مر أن الأقوی تقدیم الدین علی الحج ولا وجه للتخیر.

4- الفیاض: مر أن المدین إذا لم یثق بالتمکن من الوفاء بالدین إذا حج لم یجز له انفاق ما لدیه من المال في الحج علی أساس ان ملاک وجوب الوفاء بالدین في ظرفه تام ومنجز، فلا یجوز تفویته، وإذا انفق ماله لسفر الحج احتمل تفویته، ومعه احتمال العقاب علیه، فیستقل العقل بعدم جواز الانفاق علی الحج.

5- الفیاض: تقدم صدق الاستطاعة في تمام صور المسألة، ولا تنتفي الّا بصرف المال في وفاء الدین خارجا، فما یظهر منه1 أن مجرد وجوب الوفاء بالدین رافع للاستطاعة غریب جدا.

6- الفیاض: الظاهر انه1 أراد بها المعنی المسائق لعدم المانع الأعم من التکویني والتشریعي، وعلیه فثبوت کل حکم شرعي وتنجزه یکون رافعا لموضوع وجوب الحج ووارد علیه علی أساس انه مانع شرعي، ولکن مع المعلوم أنه لا شاهد علی ارادة هذا المعنی من الاستطاعة في الآیة الشریفة ولا في غیرها، بل الشاهد متوفر علی الخلاف، وهو أن الظاهر منها عرفا بلحاظ نفسها في الآیة القدرة التکوینیة، وبلحاظ تفسیرها في الروایات عبارة عن العناصر المتقدمة آنفا، فما أفاده1 من التفسیر للاستطاعة غریب جدا، ولا یتطلب هذا التفسیر کونها شرعیة، فان المقصود من ذلک أنها بمعناها العرفي مأخوذة في لسان الدلیل من قبل الشرع کسائر القیود الشرعیة.

7- الفیاض: هذا هو الأظهر کما مر.

8- الفیاض: في اطلاقه اشکال بل منع، إذ لیس لذلک ضابط عام، بل هو یختلف باختلاف الموارد، فقد یکون حق الناس أهم حق الله، وقد یکون العکس، وقد یکونا متساویین، ولیس لذلک ضبط عام في الشرع، وفي المقام حیث أن التزاحم بین وجوب وفاء الدین ووجوب الحج فلابد من تقدیم الأول علی الثاني لأهمیته، أو لا أقل من احتمالها، وتکشف عن ذلک الروایات التي تنص علی أن مال المسلم کدمه وعرضه، بتقریب أن جعل ماله في عرض دمه وعرضه کاشف عن اهتمام الشارع به.

9- الفیاض: فیه ان التوزیع انما هو في فرض کفایة المال لهما معا، والّا فمقتضی القاعدة تقدیم الدین علی الحج کما مر، ولکن قد ورد نص خاص في المقام بتقدیم الحج علی الدین وهو صحیحة برید العجلي قال: «سألت أبا جعفر عن رجل خرج حاجا ومعه جمل ونفقة وزاد، فمات في الطریق، قال: إن کان صرورة ثم مات في الحرم فقد أجزأ عنه حجة الإسلام، وإن کان مات وهو صرورة قبل أن یحرم جعل جمله وزاده ونفقته وما معه في حجة الإسلام فان فضل من ذلک شيء فهو للورثة إن لم یکن علیه دین – الحدیث»(الوسائل باب: 26 من أبواب الحج وشرائطه الحدیث: 2) فانها ناصة علی تقدیم الحج علی الدین، واما صحیحة معاویة بن عمار فبما أن موردها تقدیم الحج علی الزکاة فالتعدي منه الی غیره وهو تقدیمه علی الدین لا یخلو عن اشکال.

 مسألة 18: لا فرق في كون الدين مانعاً من وجوب الحجّ(1) بين أن يكون سابقاً على حصول المال بقدر الاستطاعة أو لا، كما إذا استطاع للحجّ ثمّ عرض عليه دين بأن أتلف مال الغير مثلا على وجه الضمان من دون تعمّد(2) قبل خروج الرفقة أو بعده قبل أن يخرج هو أو بعد خروجه قبل الشروع في الأعمال، فحاله حال تلف المال من دون دين(3)، فإنّه يكشف عن عدم كونه مستطيعاً.

1- الفیاض: مر أن وجوب الوفاء بالدین لا یکون رافعا لوجوب الحج وواردا علیه، بل هو مزاحم له، ولکن بما أنه أهم منه، أو محتمل الأهمیة فیقدم علیه بدون فرق بین أن یکون سابقا أو مقارنا أو لا حقا، فان وجوب الحج في الحقیقة مشروط بعدم الوفاء به علی أساس الاشتراط اللبي العام، ومن هنا إذا عصی المکلف وترک الوفاء بالدین وحج صح علی القول بالترتب کما هو الحق.

2- الفیاض: فیه أن لا وجه لهذا التیید، إذ لا فرق في سببیة الاتلاف للضمان بین أن یکون عمدیا أو خطئیا، ولعل نظره في هذا التقیید إلی أن وجوب الحج قد استقر إذا کان الاتلاف عمدیا، ولم یستقر إذا کان خطئیا، ولکن لا ثمرة لهذا الفرق في المسألة أیضا، فان وجوب الوفاء بالدین یتقدم علی وجوب الحج في مقام المزاحمة، سواء أکان وجوبه مستقرا أم لا، ولا وجه لما ذکره1 من الفرق بینهما والحکم بعدم تقدمه علیه إذا کان مستقرا.

3- الفیاض: فیه ان قیاس مع الفارق، فانه إذا أتلف مال غیره فقد اشتغلت ذمته ببدله مثلا أو قیمة وأنه مدیون له، وقد مر أن وجوب الوفاء بالدین لا یمنع عن الاستطاعة التي هي عبارة عن الامکانیة المالیة عنده ولا یکون رافعا لها، فان الرافع لها انما هو عملیة الوفاء به خارجا لا صرف وجوبه، غایة الأمر یقع التزاحم بینه وبین وجوب الحج، وبما أن الأول أهم منه أو محتمل الأهمیة یقدم علی الثاني کما مر، واما إذا تلف ماله عنده فقد ارتفع وجوب الحج بارتفاع موضوعها وهو الاستطاعة، غایة الأمر إن کان تلفه غیر مرتبط بتقصیره وتفریطه یکشف عن عدم استقرار وجوب الحج علیه، وإن کان مرتبطا بتقصیره فه کان کاشفا عن استقراره علیه بدون فرق في ذلک بین السنة الأولی والثانیة، فالمعیار انما هو بالتقصیر وعدمه، فان قصر في احداهما استقر والّا فلا شيء علیه.

 مسألة 19: إذا كان عليه خمس أو زكاة وكان عنده مقدار ما يكفيه للحجّ لولاهما، فحالهما حال الدين مع المطالبة، لأنّ المستحقّين لهما مطالبون فيجب صرفه فيهما ولايكون مستطيعاً(1)؛ وإن كان الحجّ مستقرّآ عليه سابقآ، يجيء الوجوه المذكورة، من التخيير أو تقديم حقّ الناس أو تقديم الأسبق(2)، هذا إذا كان الخمس أو الزكاة في ذمّته؛ وأمّا إذا كانا في عين ماله فلا إشكال في تقديمهما على الحجّ؛ سواء كان مستقرّاً عليه أو لا، كما أنّهما يقدّمان على ديون الناس أيضاً. ولوحصلت الاستطاعة والدين والخمس والزكاة معاً(3) فكما لو سبق الدين.

1- الفیاض: بل هو مستطیع، فان وجوب الوفاء بالدین لا یمنع عن الاستطاعة – کما مر – وانما هو مانع عن وجوب الحج لأهمیته أو احتمالها.

2- الفیاض: تقدم أنه لا یتم شيء من هذه الوجوه،

أما الوجه الأول: وهو التخییر، فلما عرفت من أن وجوب الدین یتقدم علی وجوب الحج في مورد المزاحمة وإن کان مستقرا.

واما الوجه الثاني: فقد مر أنه لا دلیل علی تقدیم حق الناس علی حق الله تعالی بشکل عام، بل هو یختلف باختلاف الموارد.

واما الوجه الثالث: فقد سبق الإشارة إلی عدم مرجحیة الأسبق زمانا، هذا کله فیما إذا کان الخمس والزکاة في الذمة، واما إذا کانا في العین فلابد من اخراجهما منها أولا وحینئذ فان اتسع الباقي للحج فهو مستطیع ویجب انفاقه علیه والّا سقط وجوب الحج بسقوط موضوعه وهو الاستطاعة المالیة کما هو المفروض في المسألة.

3- الفیاض: لا یخفی ان التعبیر بحصولهما مع الخمس والزکاة المتعلقین بالعین معا وفي آن واحد مبني علی التسامح اذ لا یمکن تصویر حصولهما معهما کذلک في زمن واحد، فان تعلقهما بالعین کان رافعا لموضوع الاستطاعة، نعم لا مانع من تحقق الاستطاعة مع الدین، ویقع التزاحم بینهما.

  مسألة 20: إذا كان عليه دين مؤجّل بأجل طويل جدّاً كما بعد خمسين سنة، فالظاهر عدم منعه عن الاستطاعة(1)، وكذا إذا كان الديّان مسامحآ في أصله، كما في مهور نساء أهل الهند، فإنّهم يجعلون المهر ما لايقدر الزوج على أدائه كمأة ألف روپية أو خمسين ألف، لإظهار الجلالة، وليسوا مقيّدين بالإعطاء والأخذ، فمثل ذلک لايمنع من الاستطاعة ووجوب الحجّ، وكالدين ممّن بناؤه على الإبراء إذا لم‌يتمكّن المديون من الأداء أو واعده بالإبراء بعد ذلک.

1- الفیاض: مر أن وجوب الوفاء بالدین لا یمنع عن صدق الاستطاعة ولا یکون رافعا لها وإن کان حالا ومطالبا به فعلا فضلا عن کونه مؤجلا بأمد بعید، نعم انه یمنع عن وجوب الحج تطبیقا للترجیح بالأهمیة ولو احتمال، وعلی هذا فاذا کان الدین مؤجلا بأجل قریب أو بعید، فان کان المدین واثقا بالتمکن من أدائه ي وقته ولدی حلول الأجل إذا انفق ما لدیه من المال في سفر الحج وجب، والا وجب الحفاظ علیه للدین، سواء أکان واثقا بالعدم أم لا، ولا فرق في ذلک بین أن یکون أمد الدین قریبا أو بعیدا، فان المعیار انما هو بذلک لا بکون أمده قریبا أو بعیدا کالأمثلة التي ذکرها الماتن1، وإن کان احتمال عدم التمکن من الأداء غالبا في طول هذه المدة ضعیفا جدا علی نحو لا یعتنی به، ولکن لو فرضنا في مورد أنه اطمأن بعدم التمکن منه لو حج تقع المزاحمة بینهما فیقدم الدین علی الحج بنفس ما مر من الملاک، وقد تقدم عدم ثبوت الترجیح بالأسبق زمانا.

فالنتیجة: ان المعیار انما هو باطمئنان المدین بالتمکن من الأداء في المستقبل عند حلول الأجل إذا حج وعدم اطمئنانه بذلک لا بکون الأجل قریبا أو بعیدا، أو الزوجة تطالب بمهرها أو لا، فان ذلک إن أدی الی الاطمئنان والوثوق بعدم المطالبة أو الابراء نهائیا أو بالتمکن من الأداء في المستقبل فهو والّا فلا قیمة لمجرد الاحتمال.


  

 
پاسخ به احکام شرعی
 
موتور جستجوی سایت

تابلو اعلانات

 




پیوندها

حدیث روز
بسم الله الرحمن الرحیم
چهار پناهگاه در قرآن
   
أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ عَنِ الصَّادِقِ (علیه السلام) قَالَ:
عَجِبْتُ لِمَنْ فَزِعَ مِنْ أَرْبَعٍ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى أَرْبَعٍ
(۱) عَجِبْتُ لِمَنْ خَافَ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
(۲) وَ عَجِبْتُ لِمَنِ اغْتَمَّ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ
(۳) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ مُكِرَ بِهِ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا
(۴) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً. فَعَسى‏ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ عَسَى مُوجِبَةٌ
    
آقا امام صادق (عليه السّلام) فرمود: در شگفتم از كسى كه از چهار چيز مى‌هراسد چرا بچهار چيز پناهنده نميشود:
(۱) شگفتم از آنكه ميترسد چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل« حَسْبُنَا اَللّٰهُ‌ وَ نِعْمَ‌ اَلْوَكِيلُ‌ » خداوند ما را بس است و چه وكيل خوبى است زيرا شنيدم خداى جل جلاله بدنبال آن ميفرمايد:بواسطۀ نعمت و فضلى كه از طرف خداوند شامل حالشان گرديد باز گشتند و هيچ بدى بآنان نرسيد.
(۲) و شگفتم در كسى كه اندوهناك است چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل:« لاٰ إِلٰهَ‌ إِلاّٰ أَنْتَ‌ سُبْحٰانَكَ‌ إِنِّي كُنْتُ‌ مِنَ‌ اَلظّٰالِمِينَ‌ » زيرا شنيدم خداى عز و جل بدنبال آن ميفرمايد در خواستش را برآورديم و از اندوه نجاتش داديم و مؤمنين را هم چنين ميرهانيم.
(۳) و در شگفتم از كسى كه حيله‌اى در بارۀ او بكار رفته چرا بفرمودۀ خداى تعالى پناه نمى‌برد« وَ أُفَوِّضُ‌ أَمْرِي إِلَى اَللّٰهِ‌ إِنَّ‌ اَللّٰهَ‌ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ »:كار خود را بخدا واگذار ميكنيم كه خداوند بحال بندگان بينا است)زيرا شنيدم خداى بزرگ و پاك بدنبالش مى‌فرمايد خداوند او را از بديهائى كه در بارۀ او بحيله انجام داده بودند نگه داشت.
(۴) و در شگفتم از كسى كه خواستار دنيا و آرايش آن است چرا پناهنده نميشود بفرمايش خداى تبارك و تعالى(« مٰا شٰاءَ اَللّٰهُ‌ لاٰ قُوَّةَ‌ إِلاّٰ بِاللّٰهِ‌ »)(آنچه خدا خواست همان است و نيروئى جز به يارى خداوند نيست)زيرا شنيدم خداى عز اسمه بدنبال آن ميفرمايد اگر چه مرا در مال و فرزند از خودت كمتر مى‌بينى ولى اميد هست كه پروردگار من بهتر از باغ تو مرا نصيب فرمايد (و كلمۀ:عسى در اين آيه بمعناى اميد تنها نيست بلكه بمعناى اثبات و تحقق يافتن است).
من لا يحضره الفقيه، ج‏۴، ص: ۳۹۲؛
الأمالي( للصدوق)، ص: ۶؛
الخصال، ج‏۱، ص: ۲۱۸.


کلیه حقوق مادی و معنوی این پورتال محفوظ و متعلق به حجت الاسلام و المسلمین سید محمدحسن بنی هاشمی خمینی میباشد.

طراحی و پیاده سازی: FARTECH/فرتک - فکور رایانه توسعه کویر -