انهار
انهار
مطالب خواندنی

فصل فی الوصيّة بالحجّ

بزرگ نمایی کوچک نمایی

مسألة 1: إذا أوصى بالحجّ، فإن علم أنـّه واجب ، اُخرج من أصل التركة وإن كان بعنوان الوصيّة؛ فلا يقال: مقتضى كونه بعنوانها خروجه من الثلث؛ نعم، لوصرّح بإخراجه من الثلث اخرج منه، فإن وفي به، وإلّا يكون الزائد من الأصل؛ ولا فرق في الخروج من الأصل بين حجّة الإسلام والحجّ النذري  والإفساديّ  ، لأنّه بأقسامه واجب مالي (1) وإجماعهم قائم على خروج كلّ واجب ماليّ من الأصل، مع أنّ في بعض الأخبار أنّ الحجّ بمنزلة الدين، ومن المعلوم خروجه من الأصل، بل الأقوى خروج كلّ واجب  من الأصل   وإن كان بدنيّاً ، كما مرّ سابقاً (2)  .

وإن علم أنـّه ندبي فلا إشكال في خروجه من الثلث. وإن لم‌يعلم أحد الأمرين، ففي خروجه من الأصل أو الثلث وجهان؛ يظهر من سيّد الرياض خروجه من الأصل، حيث إنّه وجّه كلام الصدوق  الظاهر في كون جميع الوصايا من الأصل بأنّ مراده ما إذا لم‌يعلم كون الموصى‌به واجباً أو لا، فإنّ مقتضى عمومات وجوب العمل بالوصيّة خروجها من الأصل، خرج عنها صورة العلم بكونها ندبيّاً، وحمل الخبر الدالّ بظاهره على ما عن الصدوق   أيضا على ذلک، لكنّه مشكل(3) ، فإنّ العمومات مخصّصة بما دلّ على أنّ الوصيّة بأزيد من الثلث تردّ إليه، إلّا مع إجازة الورثة، هذا مع أنّ الشبهة مصداقيّة والتمسّک بالعمومات فيها محلّ إشكال(4) ؛ وأمّا الخبر المشار إليه وهو قوله علیه السَّلام: «الرجل أحقّ بماله مادام فيه  الروح، إن أوصى به كلّه فهو جائز»، فهو موهون (5)   بإعراض العلماء    عن العمل بظاهره، ويمكن أن يكون المراد بماله هو الثلث الّذي أمره بيده؛ نعم، يمكن أن يقال   في مثل هذه الأزمنة بالنسبة إلى هذه الأمكنة البعيدة عن مكّة : الظاهرمن قول الموصي: حجّوا عنّي، هو حجّة الإسلام الواجبة، لعدم تعارف الحجّ    المستحبيّ في هذه الأزمنة والأمكنة(6) ، فيحمل على أنـّه واجب من جهة هذا الظهور والانصراف، كما أنّه إذا قال: أدّوا كذا مقدارآ خمساً أو زكاة، ينصرف إلى الواجب عليه. فتحصّل أنّ في صورة الشکّ في كون الموصى‌به واجباً حتّى يخرج من أصل التركة، أو لا حتّى يكون من الثلث، مقتضى الأصل الخروج من الثلث، لأنّ الخروج من الأصل موقوف على كونه واجبآ وهو غير معلوم، بل الأصل عدمه، إلّا إذا كان هناک انصراف كما في مثل الوصيّة بالخمس أو الزكاة أو الحجّ ونحوها؛نعم، لو كانت الحالة السابقة فيه هو الوجوب، كما إذا علم وجوب الحجّ عليه سابقاً ولم‌يعلم أنـّه أتى به أو لا، فالظاهر جريان الاستصحاب والإخراج من الأصل   ؛ ودعوى أنّ ذلک موقوف على ثبوت الوجوب عليه وهو فرع شكّه لاشکّ الوصيّ أو الوارث ولايعلم أنـّه كان شاكّاً حين موته أو عالماً بأحد الأمرين، مدفوعة   بمنع اعتبار شكّه   ، بل يكفي شکّ الوصيّ أو الوارث  أيضا، ولا فرق في ذلک بين ما إذا أوصى أو لم‌يوص، فإنّ مقتضى أصالة بقاء اشتغال ذمّته بذلک الواجب عدم انتقال ما يقابله من التركة إلى الوارث، ولكنّه يشكل على ذلک الأمر في كثير من الموارد، لحصول العلم غالبآ بأنّ الميّت كان مشغول الذمّة بدين أو خمس أو زكاة أو حجّ أو نحو ذلک، إلّا أن يدفع بالحمل على الصحّة  ، فإنّ ظاهر حال المسلم الإتيان بما وجب عليه، لكنّه مشكل في الواجبات الموسّعة، بل في غيرها  أيضا في غير الموقّتة، فالأحوط   في هذه الصورة   الإخراج من الأصل(7).

 

1- الفیاض: فیه انه لا دلیل علی مجرد کون الواجب مالیا کالحج المنذور والافسادي ونحوهما یخرج من أصل الترکة، فان الدلیل یدل علی خروج أمرین من الأصل، أحدهما حجة الإسلام، والآخرین الدین، سواء أکان عرفیا، أو کان شرعیا، ولا دلیل علی أن کل واجب مالي کالحج المنذور أو الکفارات أو نحوها یخرج من الأصل، ودعوی الاجما ع علی ذلک مما لا أساس لها، اذ لا یمکن اثباته في المسألة لا صغری ولا کبری، کما أشرنا الی ذلک في غیر مورد. واطلاق الدین علی کل واجب شرعي کما في بعض الروایات انما هو بلحاظ أنه دین من الله تعالی علی عهدة المکلف، ولا بدّ له من أدائه، لا أنه دین مالي، وقد تقدم تفصیل ذلک في المسألة (8) من فصل: الحج النذري.

2- الفیاض: مر أنه لا دلیل علی أن کل واجب مالي یخرج من الأصل فضلا علی الواجب البدني کالصلاة ونحوها، بل یخرج من الثلث اذا أوصی به، وبذلک یظهر حال ما بعده.

3- الفیاض: بل لا اشکال في عدم صحته، حیث لا شبهة في أن عمومات الوصیة قد خصصت بما دل علی عدم نفوذها الّا في الثلث دون الزائد، وعلیه فاذا شک في أنه واجب حتی یخرج من الأصل بناء علی ما ذکره الماتن1، أو مستحب حتی یخرج من الثلث، فلا یمکن التمسک بالعمومات لإثبات أنه یخرج من الأصل، لأن الشبهة مصداقیة، والعمومات لا تدل علی أنه واجب حتی یخرج من الأصل.

4- الفیاض: بل لا اشکال في عدم الجواز – کما مر -.

5- الفیاض: فیه ان الخبر في نفسه ضعیف فلا یمکن الاعتماد علیه، والّا فقد ذکرنا غیر مرة أنه لا أثر لإعراض الأصحاب عن روایة معتبرة.

6- الفیاض: فیه ان مجرد ذلک لا یکون منشأ للانصراف والظهور العرفي، بل هو بحاجة الی وجود قرائن حالیة أو سیاقیة، کظهور حال الموصي في ذلک، أو سیاق الوصیة فیه.

7- الفیاض: فیه انه لا وجه للاحتیاط في المسألة، فان ظهور حاله إن کان موجبا للوثوق والاطمئنان بالأداء والاتیان بالواجب فلا مجال له وإن لم یکن موجبا لذلک فالمرجع هو استصحاب بقاء اشتغال ذمة المیت بهذه الواجبات کحجة الإسلام والزکاة والخمس، ویترتب علی هذا الاستصحاب خروجها من الأصل، ومن هنا یظهر أنه لا مجال للرجوع الی أصالة الصحة في المقام، فان موردها سواء أکان فعل نفس الإنسان مباشرة أم کان فعل غیره هو ما اذا وقع الفعل في الخارج وشک في صحته وفساده من جهة الشک في بعض واجباته غیر المقومة، واما في المقام فلا موضوع لها لأن الشک في أصل الإتیان بالواجب، وفي مثل ذلک إن کان الوارث واثقا بالاتیان ولو بقرینة ظهور حاله فهو، والّا لزم اخراجه من الأصل، وعلی کلا التقدیرین لا مجال للاحتیاط.

ثم انه لا فرق فیما ذکرناه بین أن تکون ذمته مشغولة بالخمس أو الزکاة أو کونه متعلقا بالعین الخارجیة الباقیة بعد موته وشک في أنه اخرج خمسها أو زکاتها في زمن حیاته أو لا، فان کان الوارث واثقا باخراجه عنها فلا شيء علیه، والّا وجب اخراجه عنها بمقتضی الاستصحاب، نعم اذا کانت العین تالفة في زمن حیاته، وشک في أن تلفها کان بعد اخراج خمسها أو زکاتها، أو کان قبله، ففي مثل ذلک لا یجري استصحاب بقائه، لأنه لا یثبت الضمان الا علی نحو مثبت، هذا کله في فرض عدم الوصیة.

وأما إذا أوصی بذلک، فان کانت الوصیة بها ظاهرة في الوجوب بقرینة حالیة أو سیاقیة لزم العمل بظهورها وإن لم یفد الوثوق والاطمئنان الشخصي، لأن حجیة ظهور اللفظ لا ترتبط بافادة الوثوق والاطمئنان کذلک، وبذلک یختلف فرض الوصیة بتلک الواجبات عن فرض عدم الوصیة بها وإن لم تکن ظاهرة فیه، فالمرجع هو الاستصحاب – کما مر-.

 

مسألة 2: يكفي الميقاتيّة  ؛ سواء كان الحجّ الموصى‌به واجباً(1)  أو مندوباً(2) ، ويخرج الأوّل من الأصل والثاني من الثلث(3) ، إلّا إذا اوصي بالبلديّة  ، وحينئذٍ فالزائد عن اُجرة الميقاتيّة في الأوّل من الثلث، كما أنّ تمام الاُجرة في الثاني منه.

1- الفیاض: فیه ان الحج الواجب إن کان حجة الإسلام فظاهر الوصیة بها الحجة البلدیة، فاذا أوصی بأن یحج عنه من ترکته وجب الانفاق من الترکة علی حجة بلدیة، علی أساس أن الظاهر منها عرفا أنه أوصی بنفس ما علیه من النفقة للحجة وهي الحجة من البلد، الّا اذا کانت هناک قرینة علی أنه أوصی بالحجة من المیقات، فعندئذ أخرج منها نفقات حجة میقاتیة، وهي الحجة التي لا تکلف النائب السفر الّا من المیقات، ومن المعلوم أن نفقاتها أقل من نفقات الحجة البلدیة التي تکلف النائب السفر من البلد الذي کان المنوب عنه یعیش فیه، وأما اذا لم تکن قرینة في البین فظاهر الوصیة بها من المیت هو الحجة من بلدته، نعم اذا خالف الولي أو الوصي الوصیة واستجار حجة میقاتیة علی أساس أنها أقل مؤنة وأرخص أجرة برئت بذلک ذمة المیت، ولا تجب اعادة الحج، وفي هذه الحالة لا ینتقل الزائد الی الورثة بل یبقی في ملک المیت ویصرفه في وجوه البر والاحسان وتدل علی ذلک مجموعة من الروایات نعم في حالة عدم وصیة المیت بحجة الإسلام فلا حق له الّا في نفقات حجة میقاتیة، باعتبار ان الواجب علیه في ذمته هو تلک الحجة، لأن السفر الی المیقات والنفقات التي تصرف فیه من مقدماتها ولیس من واجباتها. وقد تقدم الکلام في ذلک موسعا في المسألة (88) من الفصل الأول فلا حظ.

2- الفیاض: هذا یتبع ظهور الوصیة، فإن کانت ظاهرة من البلد أخرج نفقاته البلدیة من الثلث، وإن کانت هناک قرینة علی أنه من المیقات أخرج نفقاته المیقاتیة منه.

3- الفیاض: بل من الأصل، لما مر من أن الوصیة ظاهرة في أن جمیع نفقات الحجة البلدیة تخرج من الأصل، فاذا عصی الوارث أو الوصي واستجار من المیقات فعلیه أن یصرف الفرق بین الحجة البلدیة والمیقاتیة في وجوه البر والإحسان للمیت.

 

 

مسألة 3: إذا لم‌يعيّن الاُجرة، فاللازم  الاقتصار على اُجرة المثل(1) ، للانصراف(2)  إليها، ولكن إذا كان هناک من يرضى بالأقلّ منها وجب استئجاره (3)  . إذ الانصراف إلى اُجرة المثل إنّما هو نفي الأزيد فقط، وهل يجب الفحص عنه لو احتمل وجوده؟ الأحوط ذلک(4)   توفيراً على الورثة، خصوصآ مع الظنّ بوجوده(5)  وإن كان في وجوبه إشكال  ، خصوصاً مع الظنّ بالعدم. ولو وجد من يريد أن يتبرّع، فالظاهر جواز الاكتفاء به، بمعنى عدم وجوب المباد رة إلى الاستيجار، بل هو المتعيّن  توفيراً على الورثة،(6)  فإن أتى به صحيحاً كفى، وإلّا وجب الاستيجار، ولو لم‌يوجد من يرضى باُجرة المثل، فالظاهر وجوب دفع الأزيد إذا كان الحجّ واجباً، بل وإن كان مندوباً  أيضا مع وفاء الثلث، ولايجب الصبر إلى العام القابل ولو مع العلم بوجود من يرضى باُجرة المثل أو أقلّ، بل لايجوز، لوجوب المبادرة إلى تفريغ ذمّة الميّت في الواجب والعمل بمقتضى الوصيّة  في المندوب. وإن عيّن الموصي مقداراً للاُجرة تعيّن(7)  وخرج من الأصل في الواجب إن لم‌يزد على اُجرة المثل، وإلّا فالزيادة من الثلث(8) ، كما أنّ في المندوب كلّه من الثلث.

1- الفیاض: في اللزوم اشکال بل منع، لأن الأجرة الاعتیادیة علی مراتب تبعا لنوعیة الأجیر، وهي تخرج من ترکة المیت، وتنطبق علی المرتبة الأعلی من تلک المراتب وأدناها علی حد سواء، وعلی هذا، فاذا وجد نوعان من الأجیر أحدهما من لا یقبل الا الفرد الأعلی من الاجرة الاعتیادیة وهي الأجرة التي یتقاضها الأجراء بالقیام بمثل ذلک العمل عادة، والآخر من یقبل الفرد الأدنی منها، فلا یکون الوصي او الوارث ملزما بالاستئجار بالأدنی، فکما یجوز له ذلک یجوز الاستئجار بالأعلی منها، ولیس ذلک اضرارا بحق الورثة وتفویتا له، باعتبار أن ما یظل باقیا في ملک المیت من الترکة وهو الأجرة الاعتیادیة التي هي علی درجات قابل للانطباق علی الفرد الأعلی والفرد الأدنی بنسبة واحدة، وعلیه فلا یکون الوارث أو الوصي ملزما بتطبیقه علی الفرد الأدنی، بل کما یسوغ له ذلک یسوغ له تطبیقه علی الفرد الأعلی رغم امکان تطبیقه علی الأدنی، بل ربما یتعین تطبیقه علی الأعلی اذا لم یکن تطبیقه علی الأدنی مناسبا لمکانة المیت وشئونه. نعم اذا وجد أجیران من نوع واحد، أحدهما لا یقبل الا الفرد الاعلی، والآخر یقبل الفرد الأدنی، فالظاهر تعین تطبیقه علی الثاني، اذ لا مبرر لتطبیقه علی الفرد الأول.

وأما إذا لم یوجد من یقبل بالأجرة الاعتیادیة فیتعین في هذه الحالة دفع أجور اکبر مما هو مقرر عادة للنیابة في الحج، ولا یسوغ التأجیل الی سنة قادمة، هذا اضافة الی أنه لا دلیل علی ولایة الموصي او الوارث علی تحدید نفقات حجة الإسلام الواجبة سعة وضیقا، فان المستثنی بحسب ظهور الوصیة نفقات حجة بلدیة التي تصدق علی الأدنی والأعلی في عرض واحد، ومن هنا اذا لم یوجد من یقبل ما عینه الموصي من الأجور یدفع الزائد من الأصل، واذا وجد من یقبل أقل مما عینه لم یجب دفع ما عینه تماما، واذا دفع یحسب الزائد من الثلث.

2- الفیاض: فیه انه لا وجه للانصراف، فان المتفاهم العرفي من روایات الوصیة أن المستثنی نفقات حجة بلدیة، وهي تختلف باختلاف نوع الأجیر سعة وضیقا، فقد یقبل الأجیر أدنی فرد من الأجور الاعتیادیة، وقد لا یقبل الأجور الاعتیادیة أیضا، ویطالب باکبر منها.

فالنتیجة: إنه لا وجه لدعوی الانصراف الی أجرة محددة ومعینة بعد ما عرفت من اختلافها باختلاف نوعیة الأجراء، باعتبار أن الخارج من أصل الترکة انما هو نفقة الحجة البلدیة عند الوصیة بها، وهي ذات درجات تختلف باختلاف الاوقات والبلدان ونوعیة الأجراء، ولیست محددة بحدود معینة، وبه یظهر حال ما بعده.

3- الفیاض: ظهر مما مر عدم وجوبه مع اختلاف نوع الأجیر

4- الفیاض: بل الأظهر خلافه، لما مر من أن المستثنی من الترکة نفقات حجة بلدیة اذا أوصی بها، وهي تنطبق علی أجور اکبر من الأجور الاعتیادیة، وعلی الفرد الأدنی منها، ولا یجب علی الوارث أو الوصي الفحص عمن یقبل الأقل، باعتبار أن خروجها من صلب الترکة علی نحو الکلي في المعین بدون تحدیدها کما وکیفا، وعلیه فیجوز للوصي او الوارث أن یستجیر شخصا بالفرد الأعلی من الأجور الاعتیادیة رغم وجود من یقبل الفرد الأدنی منها شریطة اختلافهما في نوع الأجیر، علی أساس أن ذلک لیس اضرارا بحق الورثة، فان ما یظل باقیا من الترکة في ملک الورثة لیس محدودا بحد معین کما لکي یکون اخراج الاکثر منه اضرارا بحقهم، واذا طالب الأجیر أجرة اکبر مما هو مقرر عادة للنیابة في الحج، ولم یوجد من یقبل بأقل من ذلک، فان الواجب تلبیة اقتراحه، ولا یسوغ التأجیل الی سنة أخری.

5- الفیاض: لا قیمة للظن ولا أثر له علی کلا القولین في المسألة، أي سواء فیه القول بوجوب الفحص عمن یقبل بالفرد الأدنی من الأجرة الاعتیادیة، أم القول بعدم وجوبه، اذ علی الأول یجب الفحص مع الاحتمال وإن لم یصل الی درجة الظن، وعلی الثاني لا یجب وإن الظن بوجوده، بل وإن علم به شریطة أن یکون الأول أفضل من الثاني، وبه یظهر حال ما بعده.

6- الفیاض: في التوفیر اشکال بل منع، والأظهر عدم وجوبه، لأن الواجب علی الوصي استئجار شخص للحج عن المیت الّا اذا قام متبرع بالحج عنه، فانه اذا قام به برئت ذمته، ولا یبقی موضوع حینئذ للاستئجار، وأما اذا احتمل وجود متبرع عنه وقیامه به أو ظن بذلک، فلا یجب علیه الصبر بأمل أن یقوم المتبرع بالحج عنه توفیرا للإرث، بل یجب علیه الاستئجار ما لم یکن واثقا ومطمئنا بقیام المبترع به، کما أنه لا یجوز له تأخیر العمل بالوصیة اذا علم او اطمأن بوجود المتبرع عنه في السنة القادمة، وذلک لأن العمل بالوصیة واجب علیه فورا، ولا یجوز له تأخیره والتسامح فیه، وأما توفیر الإرث وایجاد الحق للورثة فهو غیر واجب علیه، فان الواجب علیه هو الحفاظ علی حقهم واموالهم وعدم جواز تفویتها، وأما ایجاد الموضوع وهو ایجاد الحق والمال لهم فهو غیر واجب.

7- الفیاض: مر أنها لا تتعین بتعینه، فان وجد من یقبل الحج بأجرة أقل مما عینه الموصي فالزائد للورثة، وإن لم یوجد الّا باکثر منه وجب تلبیته واخراج الکل من الترکة.

8- الفیاض: مر أنها من الأصل اذا لم یقبل ما عیّنه الموصی لا من الثلث

 

مسألة 4: هل اللّازم في تعيين اُجرة المثل الاقتصار على أقلّ الناس اُجرةً   أو يلاحظ اُجرة من يناسب شأن الميّت في شرفه وضَعَته؟ لايبعد الثاني، والأحوط الأظهرالأوّل(1)   ؛ ومثل هذا الكلام يجري  أيضا في الكفن‌ الخارج من ‌الأصل ‌ أيضا.

1- الفیاض: تقدم أن ظاهر الوصیة بالحج هو اخراج نفقات حجة بلدیة من الترکة وقد مر أنها لا تتعین بالأجور الاعتیادیة وقد تزید عنها وقد تنقص حسب نوعیة الأجیر، کما أن ذلک یختلف باختلاف مکانة المیت وشأنه أیضا، فان الإجارة بالأقل قد لا تتناسب مکانته وشئونه، کما قد لا تتناسب اجارة شخص من قلبه مکانته وشأنه لدی المجتمع. والنکتة في ذلک أن المستثنی من ترکة المیت وبقائه في ملکه نفقات حجة الإسلام، وهي الحجة البلدیة في صورة الوصیة بها بدون تحدیدها کما وکیفا، وهي تختلف باختلاف نوعیة الأجراء وشئون المیت ومکانته، وبه یظهر حال الکفن الخارج من الأصل، فانه یختلف باختلاف شأن المیت ومقامه.

 

مسألة 5: لو أوصى بالحجّ وعيّن المرّة أو التكرار بعدد معيّن تعيّن، وإن لم‌يعيّن كفى حجّ واحد، إلّا أن يعلم أنـّه أراد التكرار، وعليه يحمل  ما ورد في الأخبار(1)  من أنـّه يحجّ عنه مادام له مال، كما في خبرين، أو ما بقي من ثلثه شيء كما في ثالث، بعد حمل الأوّلين على الأخير(2)  من إرادة الثلث من لفظ المال؛ فما عن الشيخ وجماعةٍ من وجوب التكرار مادام الثلث باقياً، ضعيف ، مع أنـّه يمكن أن يكون المراد من الأخبار أنّه يجب الحجّ مادام يمكن الإتيان به ببقاء شيء من الثلث بعد العمل بوصايا اُخر، وعلى فرض ظهورها في إرادة التكرار ولو مع عدم العلم بإرادته لابدّ من طرحها لإعراض المشهور  عنها (3) ، فلاينبغي الإشكال في كفاية حجّ واحد مع عدم العلم بإرادة التكرار؛ نعم، لو أوصى بإخراج الثلث ولم‌يذكر إلّا الحجّ، يمكن أن يقال بوجوب صرف تمامه في الحجّ (4)  ، كما لو لم‌يذكر إلّا المظالم أو إلّا الزكاة أو إلّا الخمس؛ ولو أوصى أن يحجّ عنه مكرّراً، كفى مرّتان ، لصدق التكرار معه.

1- الفیاض: هذا الحمل بعید، فان السائل في الروایة سأل عن الموصي الذي أوصی بالحج عنه مبهما، وأجاب الإمام7: «یحج عنه ما دام له مال»(الوسائل باب: 4 من أبواب النیابة في الحج الحدیث: 1) وهذا الجواب لا یدل علی التکرار، بل مفاده أنه یحج عنه اذا کان له مال، فان کان الحج الموصی به حجة الإسلام فهي لا تتکرر، وإن کان الحج المندوب فمعناه یحج عنه ما دام له ثلث، یعني اذا کان له ثلث وعلی کلا التقدیرین فهو لا یدل علی التکرار، أو لا أقل من اجمال الجواب وعدم ظهوره فیه.

2- الفیاض: فیه أنه لا مبرر لهذا الحمل فان قوله في الروایتین الاولیین: «له مال» مجمل مردد بین الثلث وبین الأصل، باعتبار اجمال الحج الموصی به، فلا اطلاق له حتی یحمل علی المقید، والتصریح بالثلث في الروایة الأخیرة لا یرفع الاجمال عنه، ولا یوجب تعیین الحج الموصی به في الأولیین بالحج المندوب لکي یکون قرینة علی أن المراد من المال فیهما الثلث.

3- الفیاض: مرت الإشارة في غیر مورد الی أنه لا أثر لإعراض المشهور، ولا یوجب سقوط الروایة عن الاعتبار وخروجها عن دلیل الحجیة.

4- الفیاض: في اطلاقه اشکال بل منع، والأظهر هو التفصیل في المقام، فان الوصیة إن کانت ظاهرة في صرف تمام الثلث في الحج، بمعنی أنه یحج منه ما دام باقیا ووافیا سنة بعد أخری وجب ذلک وإن کانت ظاهرة في الوصیة بالثلث واخراج الحج منه لم یجز صرف تمامه فیه، بل یجب اخراج حجة واحدة منه، وصرف الباقي في سائر واجبات المیت کالصلاة والصیام ونحوهما، هذا اذا کان الثلث اکثر من نفقة الحج، وأما اذا کان بمقدارها فحسب، فعندئذ هل یجب صرفه فیها فقط، أو لابد من التوزیع؟ ففیه تفصیل، فان کانت هناک قرینة حالیة أو سیاقیة في أن غرض الموصی هو صرف مقدار منه في الحج بالنسبة ومقدار منه في سائر واجباته کالصلاة والصیام مطلقا حتی اذا لم یکن هذا المقدار وافیا بالحج وجب التوزیع، غایة الأمر انه إن اتسع لنصف نفقة الحج أخرج النصف الآخر من باقي الترکة، وإن اتسع لثلث نفقته أخرج الثلثان الآخران من الباقي، هذا نظیر ما اذا صرح المیت في وصیته بأن یحج عنه وأن تؤدی عنه الصلاة والصیام علی أن یسدّد کل ذلک من الثلث، فان اتسع الثلث لذلک کله فهو المطلوب والّا وزع علی الجمیع بالنسبة تطبیقا لما مرّ، وأما اذا لم تکن هناک قرینة حالیة أو سیاقیة تدل علی ذلک یصرف تمام الثلث في الحج، باعتبار أنه لم یعین له مصرفا آخر غیره.

وأما اذا کانت الوصیة مجملة، بأن لا تکون ظاهرة في الفرض الأول ولا في الثاني، فعندئذ یصرف مقدار منه في الحج، وأما الباقي فیدور أمره بین وجوب صرفه فیه أیضا وبین وجوب صرفه في سائر الأمور الخیریة، فیدور أمره بین المحذورین، وقد ذکرنا في علم الأصول أن المرجع فیه أصالة البراءة عن التعیین، حیث یمکن جعله لکل واحد منهما معینا، ولا دافع لهذا الاحتمال الّا أصالة البراءة، وحینئذ فالمکلف مخیر بین صرف تمامه في الحج وبین صرف مقدار منه فیه والباقي في الصلاة والصیام وغیرهما من الأمور الخیریة، وبه یظهر حال ما بعده.

 

مسألة 6: لو أوصى بصرف مقدار معيّن في الحجّ سنين معيّنة وعيّن لكلّ سنة مقداراً معيّناً واتّفق عدم ‌كفاية‌ ذلک المقدار لكلّسنة، صرف‌نصيب سنتين ‌في سنة  أو ثلاث سنين في سنتين مثلاً، وهكذا، لا لقاعدة الميسور ، لعدم جريانها  في غير مجعولات الشارع(1) ، بل لأنّ الظاهر  من حال الموصي إرادة صرف ذلک المقدار في الحجّ وكون تعيين مقدار كلّ سنة بتخيّل كفايته، ويدلّ عليه  أيضا خبر عليّ بن محمّد   الحضيني  وخبر إبراهيم بن مهزيار، ففي الأوّل تجعل حجّتين في  حجّة، وفي الثاني تجعل ثلاث حجج في حجّتين، وكلاهما من باب المثال(2)  كما لايخفى، هذا؛ ولو فضل من السنين فضلة لاتفي بحجّة ، فهل ترجع ميراثاً أو في وجوه  البرّ (3)  أو تزاد على اُجرة بعض السنين؟ وجوه  . ولو كان الموصى‌به الحجّ من البلد ودار الأمر بين جعل اُجرة سنتين مثلاً لسنة وبين الاستيجار بذلک المقدار من الميقات لكلّ سنة، ففي تعيين الأوّل أو الثاني وجهان   ؛ ولايبعد التخيير، بل أولويّة الثاني ، إلّا أنّ مقتضى   إطلاق الخبرين الأوّل(4)   هذا كلّه إذا لم‌يعلم من الموصي إرادة الحجّ بذلک المقدار على وجه التقييد وإلّافتبطل الوصيّة إذا لم‌يرج إمكان ذلک بالتأخير أو كانت الوصيّة مقيّدة بسنين معيّنة

 

1- الفیاض: فیه ان القاعدة في نفسها غیر تامة نظریة ولا تطبیقیة

اما الأولی: فلأن الروایات التي استدل بها علیها بأجمعها روایات ضعاف لا یمکن الاعتماد علی شيء منها.

وأما الثانیة: فلأنها لا تنطبق علی الواجبات المرکبة الارتباطیة، اذ الظاهر من روایاتها علی تقدیر تمامیتها هو الإرشاد الی حکم العقل بعدم سقوط المیسور بالمعسور، وهذا یختص بالواجبات المستقلة غیر المرتبطة، ولا یعم المرکبات الارتباطیة، هذا اضافة الی أن المتبع في باب الوصیة انما هو نظر الوصي، فان کانت الوصیة في أمثال المقام ظاهرة في تعدد المطلوب بقرائن حالیة أو مقامیة کما هو غیر بعید، فلا مناص من الالتزام به لا من باب تطبیق القاعدة، بل من باب تطبیق الوصیة، وإن لم تکن ظاهرة في ذلک بأن تکون مجملة، فان احتمل تعین تعدد المطلوب فلا مانع من الرجوع الی أصالة البراءة عنه، وصرف المال الموصی به في مطلق وجوه البر والاحسان منها الحج.

2- الفیاض: فیه أن ظاهرهما وإن کان کما ذکره1 من تعدد المطلوب، الّا أنهما ضعیفان من ناحیة السند، فلا یمکن الاعتماد علیهما، فاذن المعیار انما هو بظهور الوصیة في مثل المقام، ولا یبعد ظهورها في تعدد المطلوب فیه – کما مر-.

3-الفیاض: هذا هو المتعین، لإن الإرث بعد الوصیة بالثلث، فاذا زاد الثلث عما عینه من المصارف وجب صرفه في سائر وجوه البر والإحسان، ولا یرجع میراثا، باعتبار أن الثلث یبقی في ملک المیت، ولا ینتقل الی الورثة، ولا موجب لزیادة أجرة بعض السنین الّا أن یصدق علیها وجوه البر والإحسان.

4- الفیاض: مر أنه لا یمکن الاعتماد علیهما لضعفهما سندا، فاذن لابد من العمل علی طبق ما یظهر من الوصیة، ولا یبعد ظهورها في الثاني، علی أساس أن ظاهر حال الموصي هو الاتیان بالحج من قبله في کل سنة وإن کان من المیقات اذا لم یمکن من البلد، باعتبار أن حجتین من المیقات افضل واکثر أجرا من حجة واحدة بلدیة.

 

 

مسألة 7: إذا أوصى بالحجّ وعيّن الاُجرة في مقدار، فإن كان الحجّ واجباً ولم‌يزد ذلک المقدار عن اُجرة المثل أو زاد وخرجت الزيادة من الثلث(1) ، تعيّن؛ وإن زاد ولم‌تخرج الزيادة من الثلث بطلت الوصيّة ويرجع إلى اُجرة المثل. و إن كان الحجّ مندوباً، فكذلک تعيّن  أيضا مع وفاء الثلث بذلک المقدار، وإلّا فبقدر وفاء الثلث مع عدم كون التعيين على وجه التقييد(2) ، وإن لم‌يف الثلث بالحجّ  أو كان التعيين على وجه التقييد بطلت الوصيّة وسقط  وجوب الحجّ.

1- الفیاض: بل من الأصل اذا کان الحج الموصی به حجة الإسلام، کما أشرنا الیه في ضمن البحوث السالفة، واذا کان غیرها فقد تقدم أنه اخرج من الثلث وإن کان واجبا کالحج النذري أو نحوه، وعلی هذا الأساس فما عینه الموصی من الأجرة إن کان بمقدار الثلث او أقل منه وجب العمل بالوصیة، وإن کان أزید من الثلث لم تصح الوصیة في الزائد إلّا باجازة الورثة، فإن أجازوا صحت، والّا بطلت فیه، وعندئذ بما أن الثلث لا یفي بالحج الموصی به یصرف الثلث في سائر وجوه البر والإحسان، نعم لو کان التعیین علی وجه التقیید ووحدة المطلوب، بأن یکون المطلوب هو الحج الموصی به المستأجر بهذه الأجرة المحددة کما لا أقل ولا اکثر، وبما أن العمل بهذا القید متعذر فلا یمکن العمل بالوصیة، فمن أجل ذلک تبطل، وعلی هذا فلا ثلث له أیضا، لعدم الوصیة به، ولکن ذلک بعید عن مقتضی ظاهر حال الموصي، وبه یظهر حال ما اذا کان الحج الموصی به مندوبا.

 

2- الفیاض: مر أنه بعید، ومما ذکرناه في هذه المسألة یظهر حال المسألة الآتیة.

 

 مسألة 8: إذا أوصى بالحجّ  وعيّن أجيراً معيّناً، تعيّن استيجاره باُجرة المثل؛ وإن لم‌يقبل إلّا بالأزيد، فإن خرجت الزيادة من الثلث تعيّن  أيضا، وإلّا بطلت الوصيّة واستوجر غيره  باُجرة المثل في الواجب مطلقاً  ، وكذا في المندوب إذا وفى به الثلث ولم‌يكن على وجه التقييد، وكذا إذا لم‌يقبل أصلاً  .

 

 

مسألة 9: إذا عيّن للحجّ اُجرة لايرغب فيها  أحد  وكان الحجّ مستحبّاً، بطلت الوصيّة   إذا لم يرج وجود راغب فيها، وحينئذٍ فهل ترجع ميراثاً أو تصرف في وجوه البرّ أو يفصّل بين ما إذا كان كذلک من الأوّل فترجع ميراثآ أو كان الراغب موجوداً ثمّ طرأ التعذّر؟ وجوه؛ والأقوى هو الصرف في وجوه البرّ، لالقاعدة الميسور ، بدعوى أنّ الفصل إذا تعذّر يبقى الجنس، لأنـّها قاعدة شرعيّة وإنّما تجري في الأحكام الشرعيّة المجعولة للشارع ولا مسرح لها في مجعولات الناس، كما أشرنا إليه سابقاً، مع أنّ الجنس لايعدّ ميسوراً للنوع، فمحلّها المركّبات الخارجيّة إذا تعذّر بعض أجزائها ولو كانت ارتباطيّة، بل لأنّ الظاهر  من حال الموصي في أمثال المقام إرادة عمل ينفعه وإنّما عيّن عملا خاصّآ لكونه أنفع في نظره من غيره، فيكون تعيينه لمثل الحجّ على وجه تعدّد المطلوب وإن لم‌يكن متذكّرآ لذلک حين الوصيّة؛ نعم، لو علم في مقام كونه على وجه التقييد في عالم اللبّ  أيضا، يكون الحكم فيه الرجوع إلى الورثة، ولا فرق في الصورتين بين كون التعذّر طارياً أو من الأوّل.

ويؤيّد ما ذكرنا، ما ورد من الأخبار في نظائر المقام، بل يدلّ عليه خبر عليّ بن سويد(1)  عن الصادق علیه السّلام  قال: قلت: مات رجل فأوصى بتركته أن أحجّ بها عنه، فنظرت في ذلک فلم تكف للحجّ، فسألت من عندنا من الفقهاء، فقالوا: تصدّق بها، فقال علیه السّلام: ما صنعت؟ قلت: تصدّقت بها، فقال علیه السّلام: «ضمنت، إلّا أن لاتكون تبلغ أن يحجّ بها من مكّة، فإن كانت تبلغ أن يحجّ بها من مكّة فأنت ضامن». ويظهر ممّا ذكرنا حال سائر الموارد الّتي تبطل الوصيّة لجهة من الجهات. هذا في غير ما إذا أوصى بالثلث وعيّن له مصارف وتعذّر بعضها؛ وأمّا فيه، فالأمر أوضح، لأنّه بتعيينه الثلث لنفسه أخرجه عن ملک الوارث بذلک، فلا يعود إليه.

1- الفیاض: الخبر عن علي بن مزید کما في الفقیه، وعن علي بن فرقد کما في الکافي والتهذیب، لا عن علي بن سوید، وبما أن کلا من علي بن مزید وعلیي بن فرقد لم یثبت توثیقه فیکون الخبر ضعیفا، وعلی کل حال فما ذکره الماتن1 في المسألة هو الصحیح.

ومخلصه: أن المیت اذا أوصی بالثلث، وعین له مصارف، وتعذر صرفه فیها، لا مقتضی لرجوعه الی الوارث، بل یصرف في غیرها من المصارف الخیریة ووجوه البر. نعم اذا أوصی المیت ابتداء بأشیاء بعناوینها الخاصة لا بعنوان أنها من مصارف الثلث، کما اذا أوصی بأن یحج عنه ویبني مسجدا أو مدرسة أو حسینية أو غیر ذلک، ثم یعذر العمل بها، فمقتضی القاعدة حینئذ وإن کان بطلان الوصیة بها، الّا أنه یمکن تصحیحها بأحد أمرین:

الأول: ان المتفاهم العرفي من الوصیة بها بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة هو أنه أوصی بالثلث، وجعل تلک الأشیاء مصارفه له وکنابة علی ذلک، غایة الأمر أن الوصیة بالثلث قد تکون بالصراحة، وأخری تکون بالکنایة وبالالتزام، ولا فرق بین الأمرین.

الثاني: ظهور هذه الوصیة في أن غرض الموصي من الوصیة بتلک الأشیاء هو جعل ثلثه صدقة جاریة فیها إن امکن، لأنه تمام المطلوب وکماله، وإن لم یمکن ففي غیرها، وهذا معنی دلالة هذه الوصیة علی تعدد المطلوب.

وبکلمة: أن نفس الوصیة تدل علی أن غرض الموصي هو صرف ثلثه في وجوه البر والاحسان، غایة الامر أن تمام غرضه هو أن یصرف في تلک الاشیاء الخاصة، وإن لم یمکن یصرف في غیرها مع مراعاة الأهم فالأهم والأقرب فالأقرب.

 

 

مسألة 10: إذا صالحه داره مثلا وشرط عليه أن يحجّ عنه بعد موته، صحّ ولزم وخرج من أصل التركة(1)  قدس سرُّه وإن كان الحجّ ندبيّاً، ولايلحقه حكم الوصيّة. ويظهر من المحقّق القمّي قدس سرُّه في نظير المقام إجراء حكم الوصيّة عليه(2)  ، بدعوى أنـّه بهذا الشرط ملک عليه الحجّ ، وهو عمل له اُجرة، فيحسب مقدار اُجرة المثل لهذا العمل، فإن كانت زائدة عن الثلث توقّف على إمضاء الورثة؛ وفيه: أنـّه لم‌يملک عليه الحجّ مطلقآ في ذمّته، ثمّ أوصى أن يجعله عنه، بل إنّما ملک بالشرط الحجّ عنه، وهذا ليس مالا(3)  تملكه الورثة ، فليس تمليكآ و وصيّة وإنّما هو تمليک على نحو خاصّ(4)  لاينتقل إلى الورثة. وكذا الحال إذا ملّكه  داره بمأة تومان (5)  مثلا بشرط أن يصرفها  في الحجّ عنه أو عن غيره، أو ملّكه إيّاها بشرط أن يبيعها  ويصرف ثمنها في الحجّ  أو نحوه(6) ، فجميع ذلک صحيح لازم من الأصل وإن كان العمل المشروط عليه ندبيّاً؛ نعم، له الخيار   عند تخلّف الشرط، وهذا ينتقل إلى الوارث، بمعنى أنّ حقّ الشرط  ينتقل إلى الوارث(7) ، فلو لم‌يعمل   المشروط عليه بما شرط عليه يجوز للوارث أن يفسخ المعاملة  .

1- الفیاض: فیه اشکال بل منع

اما اولا: فلأن مفاد الشرط لیس هو إنشاء تملیک الفعل للمشروط له، بل مفاده الزام المشروط علیه بالعمل بالشرط تکلیفا، فاذن لیس هنا مال أو حق حتی یخرج من أصل الترکة.

وثانیا: مع الاغماض عن ذلک وتسلیم أن معنی الشرط هو إنشاء تملیک الفعل المشروط للمشروط له، کما هو غیر بعید، فان المنشأ في شرط الفعل في الحقیقة المعنی الحرفي المدلول علیه بکلمة (اللام) في قولک عند الاشتراط في عقد (أن تخیط لي ثوبي) أو (لک علي خیاطة الثوب)، وبما أن النسبة الخارجیة بین الشرط والمشروط له في الخارج غیر قابلة للإنشاء، فلا محالة یکون المنشأ هو النسبة الاعتباریة بینهما المتمثلة في ملکیة الشرط للمشروط له، وعلی هذا فحیث ان المشروط له یملک الشرط علی المشروط علیه من الآن، غایة الأمر ان ظرف تسلیمه کان بعد موته، فیکون من الترکة، وینتقل الی الورثة، وحینئذ یکون أمره بیدهم، ولهم ابراء ذمته عنه، کما أن لهم أن یطالبه بالاتیان به عن المیت أو المصالحة علیه من جدید أو نحو ذلک.

فالنتیجة: انه علی هذا الأساس لا یخرج من الأصل ولا من الثلث، اما الأول فهو ظاهر، وأما الثاني فلأنه مبني علی أن یکون هذا الشرط داخلا في الوصیة، ولکن لا یعقل ذلک، لأن الوصیة موضوعها الملک والمال، وهذا الشرط بنفسه ملک فلا یمکن أن یکون وصیة، والّا لزم اتحاد الحکم مع الموضوع. نعم اذا کان الحج المصالح به حجة الإسلام یخرج من الأصل، لا بملاک المصالحة، بل من جهة دن ذمته مشغولة بحجة الإسلام وهي تخرج من الأصل، ولو لا ذلک فقد عرفت دن المصالحة بنفسها لا توجب خروج الحج المصالح به من الأصل.

وبکلمة: ان ذمة المیت اذا کانت مشغول بحجة الإسلام، وهي الحجة المصالح بها، وجب علی الورثة أن یطلبوا من المصالح – بالفتح – القیام بالحج من قبل المیت، فان قام به فهو المطلوب، والّا فلهم أن یرجعوا الی الحاکم الشرعي لإجباره علی ذلک، أو یستنیبوا شخصا آخر من قبل المیت لکي یحج عنه، ویطالبوا المصالح بقیمة الحج، فان امتنع راجعوا الحاکم الشرعي لإجباره علیها، وأمّا خیار تخلف الشرط عند امتناع المشروط علیه عن تسلیمه فهو ثابت للورثة، باعتبار أن الشرط ملک لهم، حیث انه من الترکة المنتقلة الیهم من المیت حتی فیما اذا کان الشرط هو حجة الإسلام علی المشروط علیه.

2- الفیاض: فیه منع ظاهر، لأن الوصیة موضوعها الملک في المرتبة السابقة، فاذا أوصی المیت بثلث ماله فلابد من افتراض وجود مال له في المرتبة المتقدمة لکي یوصی بثلثه، وعلی هذا فلا یعقل أن یکون الشرط في المقام وصیة، لأنه ملک للشارط، لا أنه وصیة بالملک، فلذلک لا یمکن اجراء حکم الوصیة علیه.

3- الفیاض: بل هو مال علی القول بأن الشرط معناه تملیک العمل المشروط للمشروط له، کما هو غیر بعید.

4- الفیاض: مر دن ذلک لیس مانعا عن انتقاله الی الورثة، اذ لا فرق في انتقاله الیهم بین أن یکون مالکا للحج في ذمة المشروط علیه مطلقا، أو علی نحو خاص وهو الحج عنه بعد موته، فانه اذا کان مالکا له انتقل الی ورثته بعد موته تطبیقا لأدلة الإرث.

5- الفیاض: فیه ان هذا المثال لیس کالصلح المشروط بالحج عنه بعد موته، لما مر من أنه لا یمکن اجراء حکم الوصیة علی الشرط فیه، وأما هذا المثال فهو داخل في الوصیة ویخرج من الثلث، علی أساس أن مائة تومان بما أنه تصبح ملکا للشارط في مقابل الدار فیکون اشتراطه علی من ملکه الدار أن یصرفها في الحج عنه داخل في الوصیة، فاذن قیاس الماتن1 هذا المثال بالصلح المشروط قیاس مع الفارق.

6- الفیاض: هذا کالصلح المشار الیه آنفا، ولا یمکن اجراء حکم الوصیة علیه لعدم الموضوع لها.

7- الفیاض: فیه ان ذلک لا ینسجم مع ما بنی علیه1 من عدم انتقال الشرط وهو الحج في المثال الی الوارث، فاذا لم ینتقل فلا معنی لانتقال حقه الیه، وهو الخیار عند تخلفه، باعتبار أنه لا ینتفع به حتی یدخل في الترکة، لأن موضوع الإرث ما ترکه المیت من مال أو حق، والشرط في المقام وإن کان مالا الّا أنه اذا لم ینتقل الی الوارث فلا موضوع لانتقال حقه الیه، ضرورة أنه انما یکون لمن یملک الشرط، لا للأجنبي عنه، وحینئذ فان کان للمیت وصي في القیام بما یتعلق به فیطالب المشروط علیه علی الوفاء بالشرط، فان امتنع فله أن یفسخ المصالحة، فاذا فسخها انتقلت الدار الی ملک المیت، وإن لم یکن فللحاکم الشرعي أن یصنع ذلک بمقتضی ولایته علی المیت.

ثم إن الدار في المثال هل تنتقل الی الورثة، أو تبقی في ملک المیت وتصرف في الحج عنه، فإن بقی منها شيء یصرف في وجوه البر والاحسان؟ فیه وجهان: الصحیح هو الوجه الثاني، لأن الأول إمّا مبني علی أن معنی الفسخ انهدام المعاملة من حینها لا من حین الفسخ وهو خلاف التحقیق لوضوح أن معنی الفسخ هو حل المعاملة من حینه وابطال مفعولها من هذا الحین لا من الأول، ولیس معنی الفسخ بطلان المعاملة واشتراط صحتها بعدمه، أو مبني علی وجود دلیل یدل باطلاقه علی أن ما ملکه المیت من المال حتی بعد موته فهو لوارثه. ولکن لا یوجد دلیل علی ذلک، فان أدلة الإرث لا اطلاق لها من هذه الناحیة، لأن مدلولها هو ان ما تخلف عن المیت وترکه فهو لوارثه، ولا یعم ما ملکه بعد موته من المال جدیدا، فانه لا یصدق علیه عنوان التخلف والترکة، فاذن مقتضی القاعدة عدم الانتقال.

وتؤکد ذلک صحیحة الفضل بن یونس الکاتب قال: «سألت أبا الحسن موسی ، فقلت له: ما تری في رجل من أصحابنا – الی أن قال: قلت: فان اتجر علیه بعض اخوانه بکفن آخر وکان علیه دین أیکفن بواحد ویقضی دینه بالآخر؟ قال: لا، لیس هذا میراثا ترکه، انما هذا شيء صار الیه بعد وفاته...»(الوسائل باب: 33 من أبواب التکفین الحدیث: 1) فان هذا التعلیل یدل علی أن ما ملکه المیت بعد موته لا ینتقل الی وارثه، باعتبار أنه لیس مما ترکه. نعم قد قام دلیل خاص علی ذلک في خصوص الدیة.

بل من الثلث اذا کان الواجب الموصی به غیر حجة الإسلام، وإن کان حجة الإسلام اخرج الجمیع من الأصل لا خصوص الأجرة المیقاتیة، کما مر.

 

مسألة :11 لو أوصى بأن يحجّ عنه ماشيآ أو حافياً، صحّ  واعتبر خروجه من الثلث إن كان ندبيّاً وخروج الزائد  عن اُجرة  الميقاتيّة  عنه  إن كان واجباً(1)  . ولو نذر في حال حياته أن يحجّ ماشياً أو حافياً ولم‌يأت به حتّى مات، وأوصى به أو لم‌ يوص، وجب الاستيجار  عنه من أصل التركة(2)   كذلک؛ نعم، لو كان نذره مقيّدآ بالمشي ببدنه، أمكن أن يقال  بعدم وجوب   الاستيجار عنه، لأنّ المنذور هو مشيه ببدنه فيسقط بموته(3) ، لأنّ مشي الأجير ليس ببدنه، ففرق بين كون المباشرة قيداً في المأمور به أو موراً   .

1- الفیاض: بل من الثلث اذا کان الواجب الموصی به غیر حجة الاسلام و ان کان حجة الاسلام اخرج الجمیع من الاصل لا خصوص الاجرة المیقاتیه کما مر.

2- الفیاض: بل من الثلث اذا أوصی بالاستئجار عنه، وأما اذا لم یوص به فلا یجب الاستئجار عنه.

3- الفیاض: بل یکشف عن بطلان النذر اذا کان موته قبل التمکن من الوفاء به، نعم اذا کان بعده فیسقط بموته، ولا یجب الاستئجار عنه وإن قلنا بوجوب قضاء الحج المنذور أیضا، وذلک لأن الواجب بالنذر في مفروض الکلام هو الاتیان بالحج مباشرة، ومن المعلوم أنه غیر قابل للاستنابة.

 

 

مسألة :12 إذا أوصى بحجّتين أو أزيد وقال إنّها واجبة عليه، صدّق وتخرج من أصل التركة (1) ؛ نعم،لو كان إقراره بالوجوب عليه في مرض الموت  وكان متّهماً  في إقراره، فالظاهر أنـّه كالإقرار بالدين فيه في خروجه من الثلث إذا كان متّهماً، على ما هو الأقوى.

1- الفیاض: بل من الثلث اذا لم یکن اي منهما حجة الإسلام، واما اذا کانت احداهما حجة الإسلام فهي تخرج من الأصل، والأخری من الثلث وإن کانت واجبة – کما تقدم-.

 

 

مسألة :13 لو مات الوصيّ بعد ما قبض من التركة اُجرة الاستيجار وشکّ في أنـّه استأجر الحجّ قبل موته أو لا، فإن مضت مدّة يمكن الاستيجار فيها، فالظاهر  حمل أمره على الصحّة(1)  مع كون الوجوب فوريّاً منه، ومع كونه موسّعآ إشكال ؛ وإن لم‌تمض مدّة يمكن الاستيجار فيها، وجب الاستيجار من بقيّة التركة إذا كان الحجّ واجباً(2)  ومن بقيّة الثلث إذا كان مندوباً؛ وفي ضمانه لما قبض وعدمه، لاحتمال تلفه عنده بلا ضمان، وجهان(3)  ؛ نعم، لو كان المال المقبوض موجودآ، اُخذ  حتّى في الصورة الاُولى (4)  وإن احتمل أن يكون استأجر من مال نفسه إذا كان ممّا يحتاج إلى بيعه وصرفه في الاُجرة وتملّک ذلک المال بدلا عمّا جعله اُجرة، لأصالة بقاء ذلک المال على ملک الميّت.

1- الفیاض: فیه اشکال بل منع، لأن أصالة الصحة لم تثبت بدلیل لفظي مطلق حتی یمکن التمسک باطلاقه في امثال المقام، بل انما هي ثابتة بالسیرة العقلانیة شریطة توفر أمور فیها:

الأول: أهلیة الفاعل.

الثاني: أهلیة القابل والمورد.

الثالث: أن یکون الشک متمحضا في الصحة بعد الفراغ عن أصل الوجود.

وهذه الأمور من الأرکان والعناصر المقومة لها، فاذا توفرت جرت الأصالة، والّا فلا موضوع لها، وبما أن الرکن الثالث غیر متوفر في المقام، لأن الشک فیه انما هو في أصل وجود المأمور به في الخارج لا في صحته بعد الفراغ عن أصل وجوده، فلا مجال للتمسک بهاف اذ مع الشک في أصل وجوده لا تکون أرکانها محرزة، ومن الواضح أن هذه الأصالة انما تجري فیما اذا کانت أرکانها محرزة في المرتبة السابقة، وکان الشک في صحته وفساده ناشئا من الشک في توفر شرط من شروطه غیر الرکنیة، فلذلک لا موضوع للتمسک بها في المقام بدون فرق بین أن یکون ما قبضه من الترکة أجرة للاستئجار موجودا عنده أو لا، فان وجوده لا یکون قرینة علی عدم الاستئجار، کما أن عدم وجوده لا یصلح أن یکون قرینة علی الاستئجار. نعم اذا کانت هناک قرینة حالیة، کظهور حال الوصي بملاک أنه رجل أمین وثقة لا یتساهل ولا یتسامح في العمل بما هو وظیفته الشرعیة، أو مقالیة علی أنه استأجر شخصا للحج من قبل المیت کفی ذلک، ولم یجب الاستئجار، لا من جهة أصالة الصحة، بل من جهة وجود القرینة علی الاجارة. وأما اذا لم تکن قرینة کذلک في البین، فبما أن الشک في المقام یکون في أصل وجود الحج من قبل المیت، فلا مجال للتمسک بهاف لأنها تثبت الصحة لا أصل الوجود، ولا فرق في ذلک أیضا بین ان تکون الأجرة موجودة عنده أو لا، فان المعیار انما هو بظهور حاله الموجب للوثوق والاطمئنان بالاستئجار وعدم ظهوره.

ثم إن هذا الظهور الحالي انما هو اذا کان وجوبه فوریا وکان الوصي ثقة وأمینا، وأما اذا کان وجوبه موسعا فلا منشأ لهذا الظهور وإن کان الوصي ثقة وأمینا، وبذلک یظهر حال ما ذکره الماتن1 من الاشکال في جریان أصالة الصحة اذا لم یکن الوجوب فوریا. ووجه الظهور ما مر من أنه لا مجال للتمسک بالأصالة بدون فرق بین أن یکون الوجوب فوریا أو غیر فوري، کما أنه لا مجال للتمسک بالظهور الحالي في هذا الفرض.

2- الفیاض: هذا شریطة أن یکون الواجب حجة الإسلام – کما تقدم – وإلّا یخرج من الأصل وإن کان واجبا.

3- الفیاض: الأظهر عدم الضمان، لأن یده علی الأجرة ید أمین، وهي خارجة عن عموم قاعدة الید، ولا یوجد دلیل آخر علی الضمان، فاذن یکون المرجع فیه أصالة البراءة عند الشک فیه.

4- الفیاض: هذا شریطة أن لا یکون هناک ظهور حالي في الاستئجار من مال نفسه بدلا عنه، والّا لم یجز، لأن هذا الظهور کما یثبت مدلوله المطابقي وهو الاستئجار من قبل المیت، کذلک یثبت مدلوله الالتزامي وهو الاستئجار من ماله بدلا عن مال المیت، علی أساس أن مثبتات الأمارات تکون حجة، هذا من ناحیة.

ومن ناحیة أخری أن هذا التبدیل وإن کان بحاجظ الی ولایة ولکن هذا المقدار من الولایة ثابت للوصي جزما ولا شبهة فیه.

وبکلمة: انه اذا کان هناک ظهور حالي في أن الوصي قام بالاستئجار من قبل المیت فهو حجة في مدلوله المطابقي والالتزامي معا، ونتیجة ذلک أن ما قبضه من الترکة بعنوان الأجرة للحج اذا کان موجودا عنده فهو محکوم بکونه ملکا له، ولا یجوز أخذه منه والتصرف فیه، وأما اذا لم یکن ظهور حالي في المسألة، فقد مر أنه لا مجال للتمسک بأصالة الصحة، لعدم توفر أرکانها وعناصرها المقومة.

ومع الاغماض عن ذلک، وتسلیم أنها تجري في المسألة، ولکن بما أن مثبتاتها لا تکون حجة، فلا تثبت أن الاجرة الموجودة عند الوصي ملک له، لأنها انما تکون حجة في مدلولها المطابقي وهو صحة النیابة ظاهرا، وبراءة ذمة المیت عن الحج کذلک، دون مدلولها الالتزامي وهو أنه استناب من ماله الخاص بدلا عن مال المیت، فاذن لا مانع من استصحاب بقائه في ملکه وعدم خروجه عنه ودخوله في ملک الوصي.

ودعوی: أن ذلک مخالف للعلم الإجمالي بعدم مطابقة أحدهما للواقع، وهو مانع عن جریانهما.

مدفوعة: بأنه لا یمنع عن جریانهما، لأن العلم الإجمالي انما یمنع عن جریان الأصول المرمنة في أطرافه اذا لزمت من جریانها فیها مخالفة قطعیة عملیة، والّا فلا أثر له. وأما في المقام فبما أنه لا یلزم من جریان أصالة الصحة والاستصحاب معا فیه مخالفة قطعیة عملیة، فلا أثر للعلم الإجمالي فیه، ولا یکون مانعا عن جریانهما الا ان تکون حجیتهما من باب الکاشفیة.

نعم یوجد هنا علم اجمالي آخر وهو العلم اما بوجوب الاستئجار به للمیت، أو وجوب رده الی ورثة الوصي، لأنه إن علم بالوصیة في الواقع فهو لوارثه، والّا فهو باق في ملک المیت ویجب الاستئجار به منه، وبما أن الأمر یدور بین المحذورین فلا یکون العلم الإجمالي المتعلق بالجامع بینهما منجزا، وحینئذ فلا مانع من الرجوع الی الاستصحاب المذکور، وهو استصحاب بقاء المال في ملک المیت، ویترتب علیه وجوب الاستئجار به عنه.

 

 

مسألة :14 إذا قبض الوصيّ الاُجرة وتلف في يده بلا تقصير، لم‌يكن ضامناً ووجب الاستيجار من بقيّة التركة(1) أو بقيّة الثلث، وإن اقتسمت على الورثة استرجع منهم؛ وإن شکّ في كون التلف عن تقصير أو لا، فالظاهر عدم الضمان  أيضا(2) ، وكذا الحال  إن استأجر ومات الأجير ولم ‌يكن له تركة أو لم‌يمكن الأخذ من ورثته.

1- الفیاض: هذا شریطة أن یکون الحج الواجب الموصی به حجة الإسلام، والّا فمن الثلث سواء أکان واجبا أم کان ندبا، لما تقدم في ضمن البحوث السالفة من أن نسبة حجة الإسلام الی الترکة نسبة الکلي في المعین، فاذا ورد النقص علی الترکة لم یرد علیها، فلو أخذ الوصي أجرتها من الترکة ثم تلفت عنده وجب أخذها مرة ثانیة من الترکة وإن کان بعد التقسیم. نعم اذا کان الوصي ضامنا له،کما اذا کان التلف بتقصیر منه، فعندئذ وجب علیه أن یستأجر من ماله عوضا عن التالف، وأما اذا لم یکن للوصي مال، أو کان ممتنعا عن الأداء، فیجب علی الورثة اخراج الحجة من الترکة ثانیا، لأن التلف وارد علیهم لا علی المیت، ویکون الوصي ضامنا لهم، باعتبار أن الکلي غیر قابل للتلف، ومن هنا اذا علم الورثة أن الأجیر أکل الأجرة ولم یأت بالحج وجب علیهم الحج من الترکة مرة أخری، وهذا بخلاف الثلث، فان نسبته الی الترکة نسبة الاشاعة لا الکلي في المعین، فاذا ورد النقص علی الترکة عینا أو قیمة ورد علیه أیضا بالنسبة.

2- الفیاض: هذا ینافي ما ذکره1 في المسألة السابقة من التردد فیه، مع أنه لا فرق بین المسألتین من هذا الجهة، هذا والصحیح هو ما ذکره1 في هذه المسألة من عدم الضمان – کما مر-.

 

 

مسألة :15 إذا أوصى بما عنده من المال للحجّ ندبآ ولم‌يعلم أنـّه يخرج من الثلث أو لا (1) ، لم‌يجز  صرف جميعه؛ نعم، لو ادّعى أنّ عند الورثة ضعف هذا أو أنـّه أوصى سابقآ بذلک والورثة أجازوا وصيّته، ففي سماع دعواه وعدمه وجهان (2).

1- الفیاض: هذا اذا أوصی بمال معین عنده، وشک في أنه بمقدار ثلث أمواله أو أزید، فهل یمکن الحکم بصحة هذه الوصیة أو لا؟ فیه وجهان: قد یقال بالأول بمقتضی أصالة الصحة. ولکن قد مر أن جریانها منوط بتوفر أرکانها المقومة لها في المرتبة السابقة، منها: أهلیة الفاعل، وحیث أنها في المقام غیر محرزة للشک في ولایة الموصي علی هذه الوصیة، فانها إن کانت بالثلث فله الولایة علیها، وإن کانت بالأزید فلا ولایة له.

فالنتیجة: أن ولایة الموصي علی هذه الوصیة غیر محرزة، فاذن لا مجال لجریان هذه الأصالة، لما مر من أنها تجري اذا کانت ارکانها محرزة في المرتبة السابقة، والشک انما یکون في وجدان الفعل لسائر واجباته من الأجزاء والشروط غیر المقومة.

2- الفیاض: الأظهر السماع في الأول وعدمه في الثاني، والنکتة في ذلک أن الأول داخل في کبری اخبار ذي الید، وهي حجة بالسیرة العقلائیة بملاک الأخبریة، والثاني غیر داخل في تلک الکبری، لأن اخباره عن اجازة الورثة لیس اخبارا عما في یده لکي یکون داخلا فیها، الا اذا کان هناک ملاک اخر للقبول کالوثاقة.

 

 

مسألة :16 من المعلوم أنّ الطواف مستحبّ مستقلاّ من غير أن يكون في ضمن الحجّ، ويجوز النيابة فيه عن الميّت وكذا عن الحيّ إذا كان غائبآ عن مكّة أو حاضرآ وكان معذوراً   في الطواف بنفسه(1) ، وأمّا مع كون حاضرآ وغير معذو فلاتصحّ النيابة عنه؛ وأمّا سائر أفعال الحجّ، فاستحبابها مستقلاّ غير معلوم، حتّى مثل السعي  بين الصفا والمروة.

1- الفیاض: لا شبهة في استحباب الطواف في نفسه ومستقلا، وتنص علی ذلک مجموعة من الروایات وما فیها من التأکید علی استحباب وما یترتب علیها من الأجر والثواب.

منها: موثقة اسحاق بن عمار عن ابي عبد الله «قال: کان أبي یقول: من طاف بهذا البیت أسبوعا وصلی رکعتین في أي جوانب المسجد شاء، کتب الله له ستة آلاف حسنة، ومحا عنه ستة آلاف سیئة، ودفع له ستة آلاف درجة، وقضی له ستة آلاف حاجة، فما عجل الله منها فبرحمة الله، وما أخر منها فشوقا الی دعائه»(الوسائل باب: 4 من أبواب الطواف الحدیث: 6).

ومنها: صحیحة معاویة بن عمار عن ابي عبد الله : «قال: یستحب أن یطوف ثلاثمائة وستین أسبوعا علی عدد أیام السنة، فان لم یستطع فثلاثمائة وستین شوطا، فان لم یستطع فما قدرت علیه من الطواف»(الوسائل باب: 7 من أبواب الطواف الحدیث: 1)، ومنها غیرهما، هذا من ناحیة.

ومن ناحیة أخری: انه لا اشکال في مشروعیة النیابة فیه عن الأحیاء والأموات والغائب والحاضر في مکة، وتدل علیها صحیحة معاویة بن عمار عن ابي عبد الله  في حدیث قال: «قلت له: فأطوف عن الرجل والمرأة وهما بالکوفة، فقال: نعم، یقول حین یفتتح الطواف: اللهمّ تقبل من فلان للذي یطوف عنه»(الوسائل باب: 18 من أبواب النیابة في الحج الحدیث: 1) بتقریب أن موردها وإن کان الحي والغائب، الّا ان العرف بمناسبات الحکم والموضوع الارتکازیة لا یری خصوصیة لهما ولا موضوعیة، فاذا جازت النیابة عنهما جازت عن المیت والحاضر أیضا.

وأظهر منها صحیحته الأخری عن ابي عبد الله : «قال: اذا أردت أن تطوف بالبیت عن أحد من إخوانک فأت الحجر الأسود وقل: بسم الله، اللهمّ تقبل من فلان»(الوسائل باب: 51 من أبواب الطواف الحدیث: 4) فإنها باطلاقها تعم الأحیاء والأموات من اخوانه المؤمنین والحاضر والغائب منهم. نعم یعتبر في صحة النیابة عن الحاضر في مکة أن لا یکون متمکنا من الطواف مباشرة، والّا فلا تجوز النیابة عنه، وتدل علی ذلک صحیحة اسماعیل ابن عد الخالق قال: «کنت الی جنب ابي عبد الله7 وعنده ابنه عبد الله أو ابنه الذي یلیه، فقال له رجل: اصلحک الله، یطوف الرجل عن الرجل وهو مقیم بمکة لیس به علة، فقال: لا، لو کان ذلک یجوز لأمرت ابني فلانا فطاف عني – الحدیث (الوسائل باب: 51 من أبواب الطواف الحدیث: 1). بتقریب أنها باطلاقها تعم النیابة عن الطواف في ضمن العمرة أو الحج والنیابة عن الطواف مستقلا.

ومن ناحیة ثالثة: إنه لا ریب في جواز النیابة فیه في ضمن العمرة أو الحج، وتنص علیه مجموعة من الروایات الواردة في المریض والمغمی علیه والمبطون والکسیر علی تفصیل یأتي في محله. نعم اذا کان العذر حیضا أو نفاسا فالمعروف والمشهور بین الأصحاب انه اذا کان في عمرة التمتع ولا یسع الوقت للتأخیر الی أن طهرت، عدم جواز الاستنابة فیه، فان وظیفتها اما العدول الی حج الافراد، أو تأخیر الطواف الی ما بعد الانتهاء من أعمال منی، ولکن سیجيء في ضمن البحوث الآتیة أن جواز الاستنابة لها فیه غیر بعید، وإن کان الأحوط والأجدر بها وجوبا أن تجمع بین الاستنابة فیه والاتیان بسائر اعمال العمرة بنفسها ومباشرة وبین قضاء الطواف بعد اعمال منی علی ما یأتي تفصیله فیما بعد. واما اذا کان العذر في طواف الحج فعلیها الاستنابة فیه اذا لم تتمکن من المکث في مکة الی أن طهرت، وأما اذا کان في طواف النساء، فإن انتظرت القافلة الی أن طهرت فعلیها الاتیان به مباشرة بعد طهرها، وإن لم تنتظر جاز لها ترکه، ولا شيء علیها، وتنص علی ذلک صحیحة ابي أیوب الخزاز (الوسائل باب: 59 من أبواب الطوائف الحدیث: 1)، ولکن مع ذلک فالأحوط والأجدر بها الاستنابة للإتیان به من قبلها، وتمام الکلام في کل ذلک في محله.

 

 

مسألة :17 لو كان عند شخص وديعة ومات صاحبها، وكان عليه حجّة الإسلام وعلم أو ظنّ  أنّ الورثة لايؤدّون عنه(1)  إن ردّها إليهم، جاز بل وجب عليه أن يحجّ بها عنه ، وإن زادت عن اُجرة الحجّ ردّ الزيادة إليهم، لصحيحة بريد   عن رجل استودعني مالا فهلک وليس لوارثه شيء ولم‌ يحجّ حجّة الإسلام، قال علیه السّلام: «حجّ عنه، وما فضل فأعطهم» وهي وإن كانت مطلقة، إلّا أنّ الأصحاب  قيّدوها بما إذا علم أو ظنّ بعدم تأديتهم (2)  لو دفعها إليهم ، ومقتضى إطلاقها(3)  عدم الحاجة إلى الاستيذان من الحاكم  الشرعيّ؛ ودعوى أنّ ذلک للإذن من الإمام علیه السّلام كما ترى، لأنّ الظاهر من كلام الإمام علیه السّلام بيان الحكم الشرعيّ(4) ، ففي مورد الصحيحة لا حاجة إلى الإذن  من الحاكم (5) ، والظاهر عدم الاختصاص بما إذا لم‌يكن للورثة شيء(6) ، وكذا عدم الاختصاص بحجّ الودعيّ بنفسه، لانفهام الأعمّ من ذلک منها. وهل يلحق بحجّة الإسلام غيرها (6) من أقسام الحجّ الواجب أو غير الحجّ من سائر ما يجب عليه، مثل الخمس والزكاة والمظالم والكفّارات والدين أو لا؟ وكذا هل يلحق بالوديعة غيرها(7) مثل العارية والعين المستأجرة والمغصوبة والدين في ذمّته أو لا؟ وجهان؛ قد يقال بالثاني، لأنّ الحكم على خلاف القاعدة إذا قلنا: إنّ التركة مع الدين تنتقل إلى الوارث وإن كانوا مكلّفين بأداء الدين ومحجورين عن التصرّف قبله، بل وكذا على القول ببقائها معه على حكم مال الميّت، لأنّ أمر الوفاء إليهم، فلعلّهم أرادوا الوفاء من غير هذا المال أو أرادوا أن يباشروا العمل الّذي على الميّت بأنفسهم، والأقوى  مع العلم بأنّ الورثة  لايؤدّون بل مع الظنّ القويّ  أيضا(8)  جواز الصرف فيما عليه، لا لما ذكره في المستند من أنّ وفاء ما على الميّت من الدين أو نحوه واجب كفائيّ على كلّ من قدر على ذلک. وأولويّة الورثة بالتركة إنّما هي مادامت موجودة، وأمّا إذا بادر أحد إلى صرف المال فيما عليه لايبقى مال حتّى تكون الورثة أولى به، إذ هذه الدعوى فاسدة جدّا، بل لإمكان فهم المثال من الصحيحة أو دعوى تنقيح المناط (9) أو أنّ المال   إذا كان بحكم مال الميّت (10)  فيجب صرفه عليه(11) ولايجوز دفعه إلى من لايصرفه عليه، بل وكذا على القول بالانتقال إلى الورثة، حيث إنّه يجب صرفه في دينه، فمن باب الحسبة (12) يجب على من عنده صرفه عليه، ويضمن لو دفعه إلى الوارث(13) لتفويته على الميّت؛ نعم، يجب الاستيذان من الحاكم، لأنـّه وليّ من لا وليّ له، ويكفي الإذن الإجمالي، فلايحتاج إلى إثبات وجوب ذلک الواجب عليه، كما قد يتخيّل؛ نعم، لو لم‌يعلم ولم‌يظنّ عدم تأدية الوارث(14)،  يجب الدفع إليه  ، بل لو كان الوارث منكراً   أو ممتنعآ وأمكن إثبات ذلک عند الحاكم أو أمكن إجباره عليه، لم‌ يجز لمن عنده أن يصرفه بنفسه(15).

1- الفیاض: فیه تفصیل سوف نشیر الیه عن قریب.

2- الفیاض: لا أثر للظن فان حکم الشک والاحتمال فلا یمکن الاعتماد علیه، هذا.

والصحیح في المقام أن یقال: إنه لا اطلاق للصحیحة (الوسائل باب: 13 من أبواب النیابة في الحج الحدیث: 1) من هذه الناحیة، لأن قوله7: «حج عنه» في مقابل انه لم یعط لوارثه لیأکله، أما انه یعطی لیحج عن المیت فهو غیر ناظر الی هذه الجهة، وحینئذ فمقدار نفقة الحج وإن بقی في ملک المیت ولا ینتقل الی الورثة الّا أنهم أولی بالتصرف فیه من غیرهم، وعلی هذا فمقتضی القاعدة عدم جواز تصرف الودعي في المال الموجود عنده، لأنه أجنبي عنه ولا ولایة له علیه، فاذن وظیفته إما ردّه الیهم أو یکون تصرفه فیه باذنهم، هذا بحسب مقتضی القاعدة.

واما بحسب النص، فبما أنه یکون علی خلاف القاعدة فلابد من الاقتصار علی القدر المتیقن منه بعد ما لم یکن له اطلاق کما مر، والقدر المتیقن منه هو صورة علم الودعي بأنه اذا رد المال الیهم فهم لا یقومون بصرفه في الحج عنه، فاذا علم بذلک لم یجز له الرد الیهم، بل علیه أن یصرفه في نفقة الحج عنه بدون حاجة الی الإذن من الحاکم الشرعي، باعتبار أنه مأذون فیه من قبل الشرع بالنص، بتقریب أن الظاهر منه عرفا أنه في مقام بیان جعل ولایة الحج للودعي دون الورثة، واما اذا احتمل أنه اذا رد المال الیهم فهم یقومون بصرفه في الحج عنه، أو ظن بذلک بدون أن یکون واثقا بالصرف ولا بعدمه، ففي هذه الحالة کان یشک في ولایتهم علیه، کما کان یشک في ولایة الحاکم الشرعي علیه، ونتیجة ذلک أن الودعي بما أنه یعلم اجمالا بأن تصرفه فیه غیر جائز بدون إذن أحدهما في هذه الحالة، فیجب علیه أن یستأذن من کلیهما معا، باعتبار أن الورثة إن کانوا في الواقع غیر ممتعین من القیام بالحج عنه، فالولایة لهم، والّا فللحاکم الشرعي، ومن هنا یظهر أنه لا یجوز له رد المال الیهم في هذه الحالة، لاحتمال أن فیه تفویتا وتضییعا لحق المیت بعد امکان الحفاظ علیه وصرفه في الحج عنه، وأما اذ امتنع الورثة عن الإذن فیسقط اعتباره، هذا کله علی القول بأن مقدار نفقة الحج باق في ملک المیت – کما هو الصحیح – وأما علی القول بأنه ینتقل الی الورثة متعلقا لحق المیت، فهل یجب علی الودعي رد المال الیهم، باعتبار أنه مصداق لرد المال الی مالکه؟ فیه تفصیل، فان کان الودعي واثقا ومتأکدا بأنه اذا ردّ المال الیهم فهم لا یقرمون بصرفه في الحج عنه لم یجز، وعلیه أن یقوم بالحج عنه بدون حاجة الی الاستئذان من الحاکم الشرعي تطبیقا لما مر. وأما اذا کان محتملا أو ظانا بأنه اذا ردّه الیهم فهم یقومون بالحج عنه فیجب علیه الرد، اذ مجرد احتمال أنهم لا یقرمون به لا یصلح أن یکون مانعا عن رد المال الی صاحبه.

3- الفیاض: فیه اشکال بل منع، لأن النص بمدلوله اللفظي العرفي یدل علی أن الشارع جعل ولایة التصرف في المال المودع للودعي في نفقات الحج عن المیت فان قوله7 فیه: «حج عنه وما فضل فاعطهم»(الوسائل باب: 13 من أبواب النیابة في الحج ذیل الحدیث: 1) یدل علی ذلک، اذ لا معنی لأمر الودعي بالحج به وعدم اعطائه للورثة الّا ما فضل، سوی ایکال أمر التصرف فیه في نفقة الحج الیه دون الورثة، ولا یکون في المقام بیان جواز الحج به تکلیفا بدون النظر الی جوازه وضعا، بل نفس الأمر باعطاء الزائد للورثة قرینة علی أن الإمام  جعل ولایة التصرف فیه في الحج عنه للودعي واسقاط ولایة الورثة عنه.

4- الفیاض: لا التکلیفي فقط، بل الوضعي أیضا کما مر.

5- الفیاض: هذا لا من جهة اطلاق الصحیحة کما مر، بل من جهة أنها بنفسها تدل علی ولایة الودعي علی التصرف في الودیعة في نفقات الحج في المرتبة السابقة، ومعها لا موضوع للإذن من الحاکم، فان المتوقف علیه انما هو جواز التصرف بها تکلیفا لا وضعا، والمفروض أن الودعي یتصرف فیها بمقتضی ولایته علیها وضعا.

6- الفیاض: الظاهر ان الأمر کما افاده1، وذلک لأن في مورد النص وإن فرض عدم وجود شيء للورثة غیر المال المودع، الّا أن المتفاهم العرفي منه بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة عدم جواز اعطاء الودعي المال المذکور لهم لیأکلوه ومن الواضح أنه لا فرق في ذلک بین أن یکون للمیت مال آخر غیر هذا أو لا، فان ملاک عدم جواز الاعطاء شيء واحد وهو أنهم اذا أخذوه یأکلوه ولا یصرفونه في الحج عنه، والحکم یدور مدار هذا الملاک وجودا وعدما بدون خصوصیة لمورد دون آخر.

7- الفیاض: تقدم عدم الحاق سائر أقسام الحج من الواجب والمستحب بحجة الإسلام، فان تلک الأقسام جمیعا – کما مر – تخرج من الثلث، وهذا بخلاف حجة الإسلام فانها تخرج من الأصل، وأما الکفارات فهي وإن کانت واجبة مالیة ولکن قد سبق أنه لا دلیل علی أن کل واجب مالي یخرج من الأصل. نعم تلحق الخمس والزکاة والمظالم والدین بحجة الإسلام في نقطة وهي أنها جمیعا تخرج من الأصل، وتفترق عنها في نقطة أخری وهي أن حجة الإسلام مورد للنص دون تلک الواجبات، فاذن یقع الکلام في هذه الواجبات حسب ما تقتضیه القاعدة تارة في الخمس والزکاة والمظالم، وأخری في دین الناس.

اما الکلام في الأول: فاذا کان الشخص مدیونا بالخمس او الزکاة او المظالم ثم مات، وکان له مال مودع عند شخص فیقع في مسألتین:

الأولی: علی القول مقدار الدین یظل باقیا في ملک المیت ولا ینتقل الی الورثة.

الثانیة: علی القول بأن الترکة جمیعا تنتقل الیهم ولکن متعلقة لحق الغیر.

اما في المسألة الأولی: فهل یجب علی ذلک الشخص أن یرد الودیعة الی ورثته؟ الظاهر الوجوب اذا کان الودعي واثقا ومطمئنا بأنهم یقرمون بالوفاء بدینه باعتبار أنهم أولی به وبالقیام بواجباته، ولا یجوز لغیرهم أن یزاحمهم في ذلک ما دام هو یقرمون بها، ولا یجوز له أن یدفعها الی الحاکم الشرعي، أو الی المستحقین من تلک الحقوق باذنه، لأن ولایة الحاکم الشرعي انما یثبت علی الودیعة اذا کان الورثة ممتنعین عن القیام بواجبات المیت والوفاء بدینه، والّا فلا ولایة له. نعم اذا کان الودعي مطمئنا بأنهم لا یقرمون بالوفاء بدینه لم یجز دفعها الیهم، بل علیه أون یدفعها الی الحاکم الشرعي باعتبار ولایته علی الفقراء المستحقین لها، أو یستأذن منه في دفعها الیهم مباشرة، وأما اذا لم یعلم بأنهم یقرمون بالوفاء بدین المیت اذا دفعها الیهم، فهو بطبیعة الحال حینئذ یعلم اجمالا اما بوجوب دفعها الیهم أو الی الحاکم الشرعي، أو یستأذن منهما معا في صرفها في دین المیت، علی أساس أنهم اذا قاموا بالوفاء به فالولایة لهم، والّا فلابد من دفعها الی الحاکم الشرعي الذي هو ولي الفقراء علی الممتنع، هذا بناء علی انحصار الترکة بالودیعة، وأما بناء علی عدم الانحصار فیظهر حکمه من بیان هذا الفرض في البحث الآتی.

وأما في المسألة الثانیة، فالظاهر أنه یجب علی الودعي أن یسلم الودیعة الیهم حتی اذا لم یعلم بامتناعهم عن القیام بالوفاء بدین المیت، اذ مجرد احتمال أنهم لا یقرمون به لا یمنع عن رد الأمانة الی أهلها، نعم اذا امتنعوا بعد الرد عن عملیة الأداء فللحاکم الشرعي اجبارهم علی ذلک، أو أخذها منهم ولایة. وأما اذا علم أو اطمأن بأنه اذا سلم الودیعة الیهم فهم لا یقرمون بالوفاء بدین المیت فلا یجوز التسلیم، لأنه لا ولایة لهم علیها في هذه الصورة، ولا یحق لهم التصرف فیها، وتکون الولایة علیها حینئذ للحاکم الشرعي، وعلی هذا فوظیفة الودعي أن یسلمها الیه مباشرة، أو الی المستحقین لها کذلک بالاستئذان منه، ولا فرق في ذلک بین فرض انحصار الترکة بها وعدم الانحصار، فان الورثة اذا کانوا ممتنعین عن القیام بأداء دین المیت لم یجز تصرفهم في الترکة وإن کانت واسعة، فان تصرفهم فیها انما یجوز شریطة التزامهم بعملیة أداء الدین والّا لم یجز، ونتیجة ذلک أن جواز تصرفهم في کل قسم من أقسام الترکة مشروط بالتزامهم بصرف قسم منها في واجبات المیت، والّا لم یجز في شيء منها، بدون فرق بین القولین في المسألة.

واما الکلام في الثاني: وهو ما اذا کان المیت مدیونا بدین الناس، فعلی الودعي أن یسلم الودیعة الی ورثته حتی اذا لم یعلم أنهم یقرمون بواجبات المیت وأداء دینه، وذلک لأن ردّها الی الحاکم الشرعي غیر جائز، باعتبار أنه لا ولایة له علی الدیان حتی یکون ردّها الیه ردا الی ولیهم، ولا علی المدین حتی في صورة امتناعه عن الوفاء بالدین ما لم ترفع القضیة الی الحاکم الشرعي واثبات امتناعه عن الوفاء به عنده أو علمه به والمطالبة بحقهم عنه، وبذلک یمتاز الدین العرفي عن الدین الشرعي کالخمس والزکاة والمظالم، فان الحاکم الشرعي بما أنه ولي علی الفقراء المستحقین لهذه الحقوق فله أن یأخذ تلک الحقوق من اصحابها مباشرة عند امتناعهم بدون المرافعة، باعتبار أن الحاکم الشرعي بلحاظ ولایته علی هؤلاء هو طرف القضیة، وأما في باب الدین العرفي فیکون طرف القضیة الدیان لا الحاکم الشرعي، لعدم ولایته علیهم، ولا یحق له أن یأخذ حقهم من المدین مباشرة بدون مراجعتهم الیه ومطالبتهم عنه، لأنهم اصحاب الحق دون الحاکم لا أصالة ولا ولایة ولا من ولي المدین وهو الوارث في المقام الّا اذا ثبت عنده امتناعه عن القیام بواجباته، فعندئذ سقطت ولایته، ویصل الدور الیه باعتبار أنه ولي من لا ولي له، واما اذا علم الودعي او اطمأن بأنه اذا سلم الودیعة الیهم فهم لا یقرمون بالوفاء بدین المیت، ففي هذه الحالة تکون وظیفته الرجوع الی الحاکم الشرعي، باعتبار أن ما عنده من الودیعة ملک للمیت، ولا ولایة للورثة علیها بسبب امتناعهم عن صرفها في موردها، فاذن بطبیعة الحال تکون الولایة علیها للحاکم الشرعي، باعتبار أنه وليّ من لا ولي له. هذا علی القول بأن مقدار الدین لا ینتقل الی الورثة ویظل باقیا في ملک المیت.

واما علی القول بانتقال تمام الترکة الی الورثة، فیجب علی الودعي ردّ الودیعة الیهم من باب وجوب ردّ الأمانة الی أهلها وإن لم یعلم بأنهم یقومون بواجبات المیت، وهذا واضح، وانما الکلام فیما اذا علم الودعي بأنهم لا یصرفونها فیها اذا ردها الیهم، فعندئذ هل یجوز الرد الیهم؟ الظاهر عدم الجواز، فان الودیعة وإن کانت ملکا لهم، الّا أنها لها کانت متعلقة لحق المیت فهم محجورون من التصرف فیها في غیر تأدیة حقه الثابت في ذمته هو دین الناس، فاذا لم یقوموا بذلک کانوا ممنوعین من التصرف فیها نهائیا، فاذن لا ولایة لهم علیها، ومجرد الملک لا قیمة له، ولا یجوز للودعي أن یدفعها الی الدیان مباشرة لا وکالة ولا ولایة، کما أنه لا یجوز للدیان أن یأخذونها من الودعي مباشرة، باعتبار أنها لیست ملکا لهم، فان ملکهم انما هو في ذمة المیت، ولا ولایة لهم في تطبیق ملکهم علیها، فاذن بطبیعة الحال یکون أمرها بید الحاکم الشرعي حسبة وولایة بلحاظ انه ولي من لا ولي له، هذا بلافرق بین انحصار الترکة بالودیعة وعدم انحصارها بها تطبیقا لما تقدم.

بقی هنا فرعان: الفرع الأول: قد تسدل ان الترکة اذا لم تکن منحصرة بالودیعة فعلی الودعي ردها الی الورثة مطلقا باعتبار أنها لا تکون ملکا للمیت، فان ملکه انما هو الکلي دون مصادیقه؟

والجواب: إنه لا یجوز له ذلک اذا علم بأنهم لا یقومون بواجبات المیت، فانه حینئذ لا ولایة لهم علیه، فاذا لم تکن لهم ولایة لم یجز رد الودیعة الیهم، لأنه من مصادیق رد الأمانة الی غیر أهلها، وفیه تضییع لحق المیت، وحینئذ فیصل الدور الی الحاکم الشرعي باعتبار أنه ولي من لا ولي له، وعلی الودعي أن یسلمها الیه بدون فرق في ذلک بین القول بان مقدار الدین یظل باقیا في ملک المیت، والقول بانتقاله الی الورثة متعلقا لحقه، ویظهر وجهه ذلک مما مر آنفا.

الفرع الثاني: قد تسأل أن الورثة اذا کانوا منکرین للدین، وکان انکارهم عن عذر، فهل یجب علی الودعي أن یسلم الودیعة الیهم، أو لا؟

الجواب: إنه لا یجب علیه ذلک بل لا یجوز، لأن فیه تضییعا لحق المیت والدیان في الواقع وإن کان الورثة معذورین فیه، الّا أن عذرهم انما هو بالنسبة الی أنفسهم، أما الودعي فهو لا یکون معذورا في تسلیم الودیعة الیهم، لأنه یعلم أن فیه تفویتا لحق المیت في الواقع، ومعه کیف یجوز اقدامه علی ذلک وتسلیم الودیعة الیهم، فمن أجل ذلک تکون وظیفته تسلیمها الی الحاکم الشرعي باعتبار ولایته علی المیت حسبة.

ونذکر فیما یلی عدة نقاط:

الأولی: ان الودعي یقوم بصرف الودیعة في نفقات حجة الإسلام مباشرة او استنابة اذا کانت ذمة المیت مشغولة بها علی أساس النص، وبذلک تمتاز مسألة الحج عن سائر الدیون المالیة التي تخرج من الأصل کالخمس والزکاة والمظالم ودین الناس، فانه لا نص فیها.

الثانیة: إن النص بما أنه لا اطلاق فالقدر المتیقن منه صورة علم الودعي بامتناع الورثة عن القیام بواجبات المیت، فانه في هذه الصورة یتصرف في الودیعة في نفقات الحج بدون الاستئذان من الحاکم الشرعي أو ردها الیه، لظهور النص في أن له ولایة التصرف فیها في مورده وهو الحج، وبه تمتاز هذه المسألة عن تلک المسائل، فان وظیفة الودعي في تلک المسائل أن یرد الودیعة في هذه الصورة الی الحاکم الشرعي، أو یستأذن منه في التصرف فیها في الحج.

الثالثة: أن علی الودعي في صورة عدم العلم بقیام الورثة في مسألة المیت الاحتیاط بالجمع بین الإذن من الحاکم الشرعي والإذن من الورثة في مسألة الحج والخمس والزکاة والمظالم، باعتبار أن الحاکم الشرعي هو طرف القضیة في هذه المسائل، وبذلک تمتاز تلک المسائل عن مسألة دین الناس، فان علی الودعي في تلک المسألة رد الودیعة الی الورثة، باعتبار أن الحاکم الشرعي فیها لیس طرفا في القضیة، فان طرفها هو الدائن، وما لم ترفع الدعوی الیه ولم یثبت عنده امتناع الورثة عن القیام بواجبات المیت لم تثبت ولایته علیها.

الرابعة: أن علی الودعي أن یرد الودیعة الی الورثة في صورة علمه بقیامهم بواجبات المیت، بدون فرق في ذلک بین تلک المسائل جمیعا.

الخامسة: أنه علی القول بأن الترکة جمیعا تنتقل الی الورثة، غایة الأمر متعلقة لحق المیت، فانه حینئذ یجب علی الودعي أن یرد الودیعة الی الورثة حتی في صورة عدم علمه بقیامهم بواجبات المیت، باعتبار أن مجرد احتمال ذلک لا یمنع عن رد الأمانة الی أهلها، وبذلک یمتاز هذا القول عن القول بعدم انتقال مقدار الدین الی الورثة مسائل الحج والخمس والزکاة والمظالم، ولا فرق بین القولین في مسألة دین الناس کما مر.

السادسة: اذا لم تکن الترکة منحصرة بالودیعة فعلی الودعي أن یردها الی الورثة في صورة عدم العلم بقیامهم بواجبات المیت واما في صورة العلم بعدم قیامهم بها فلا یجوز کما مر، بدون فرق في ذلک بین القولین في المسألة، کما تقدم.

7- الفیاض: الظاهر هو الالحاق، فان مورد الصحیحة وإن کان الودیعة، الّا أن العرف لا یفهم من السؤال عنها خصوصیة، بل یفهم من جواب الإمام  أن المعیار انما هو بوجود مال عند شخص للمیت وهو لم یحج حجة الإسلام، فانه مأمور بصرف ذلک المال في نفقات الحج، وعدم اعطائه للوارث علی تفصیل تقدم آنفا. کما أنه لا یفهم العرف خصوصیة لفرض السائل عدم وجود مال عند الوارث، فان العبرة في ذلک انما هي باطمئنان الودعي بعدم قیام الوارث بواجبات المیت، سواء أکان عنده مال آخر من المیت أم لا. نعم هنا فرق بین الفرضین في صورة عدم علم الودعي بقیام الوارث بواجبات المیت.

8- الفیاض: فیه انه لا دلیل علی حجة مطلق الظن وإن کان قویا.

9- الفیاض: فیه أن الدعوی باطلة، ولا طریق لنا الی ملاکات الأحکام الشرعیة، فالمعدة ما مر من أن العرف یفهم من الروایة العموم وعدم خصوصیة لموردها.

10- الفیاض: هذا هو الظاهر شریطة أن تکون الترکة منحصرة في المال المذکور، وأما اذا لم تکن منحصرة فیه بأن یکون له مال آخر عند الورثة یفي بنفقات الحج أو سائر الدیون، فلا یتعین في الصرف، باعتبار أن الباقي في ملک المیت حینئذ هو الکلي في المعین دون الشخص، وعلیه فالواجب هو صرف الجامع بینه وبین مال آخر یعني أحدهما، وقد مر الفرق بین القولین في المسألة آنفا.

11- الفیاض: مر أن علی الودعي الاستذان من الحاکم الشرعي اذا صرفه في الدیون الشرعیة أو العرفیة دون الحج.

12- الفیاض: فیه اشکال بل منع، فان الوارث اذا امتنع عن تأدیة حق المیت ودینه عامدا وملتفتا الی الحکم الشرعي لا یجب علی غیره أن یؤدي دینه من باب الحسبة، بدون فرق فیه بین من بیده المال وغیره، لعدم الدلیل علی ذلک. نعم یجوز للحاکم الشرعي اجباره علی ذلک اذا کان الدین شرعیا کالخمس أو الزکاة او المظالم، باعتبار أنه ولي الفقراء، فله أن یطالب من الوارث حقهم، کما أن له أن یأمر الودعي بصرف الودیعة علی المستحقین لتلک الحقوق ولایة، وأما اذا کان الدین عرفیا، فبما أنه لا ولایة له علی الدیان فلا یحق له اجبار الوارث علی أداء دین المیت من الترکة ولایة. نعم اذا رفعت الدعوی الیه من قبلهم، وثبت عنده امتناع الوارث عن ذلک، فله اجباره علیه، باعتبار أن ولایة الوارث علی المیت قد سقطت بامتناعه عن القیام بواجباته، فحینئذ تکون الولایة علیه للحاکم الشرعي من باب أنه وليّ له، وأما اذا امتنع الوارث عن تأدیة حقه عن عذر، علی أساس اعتقاده بعدم الدین علی المیت، فلیس للحاکم الشرعي اجباره، لعدم ولایة له علیه في هذه الحالة، لأن ولایته انما هي ثابتة علی الممتنع من باب الحسبة، والمفروض أنه لیس بممتنع، هذا واضح، وانما الکلام في أنه هل یسوغ للودعي ردّ الودیعة الی الوارث المعذور في اعتقاده بعدم الدین علی المیت؟ الظاهر عدم جوازه، لأنه یعلم بأن فیه تفویتا لحق المیت، فمن أجل ذلک تکون وظیفته ردها الی الحاکم الشرعي، وحینئذ فان علم الحاکم بأن المیت مدین فله أن یسلمها الی دیّانه ولایة من باب أنه ولي من لا ولي له، وإن لم یعلم فان اثبت الدیان أنه مدیون لهم شرعا فهو، والّا فعلی الحاکم الشرعي أن یردها الی ورثته، بدون فرق في ذلک بین القولین في المسألة، وهما القول ببقاء مقدار الدین في ملک المیت، والقول بانتقال کل الترکة الی الورثة متعلقة لحقه، وهذا بخلاف ما اذا کانت الترکة عند الوارث المعتقد بعدم الدین علی المیت، فانه لیس للحاکم الشرعي اجباره علی تأدیته وإن علم بأن المیت مدیون، لعدم ولایته علیه ما لم یطلب الدیان من الحاکم الشرعي التدخل وأخذ حقهم منه.

13- الفیاض: لا وجه للضمان اذا لم یکن المال مال المیت کما هو المفروض.

14- الفیاض: لا أثر للظن لا بعدم التأدیة ولا بها، ولا وجه لإلحاقه بالعلم او الاطمئنان، لعدم الدلیل علی حجیة مطلق الظن علی الفرض، بل حکمه حکم الشک.

15- الفیاض: في اطلاقه اشکال بل منع، لأن الوارث اذا کان ممتنعا لا عن عذر بل عامدا وعالما بالحکم الشرعي سقطت ولایته، سواء أمکن اثباته عند الحاکم الشرعي او اجباره علیه أم لا، وحینئذ فان کانت ذمة المیت مشغولة بحجة الإسلام وجب علی الودعي صرف الودیعة في نفقاتها، بدون حاجة الی الاستئذان من الحاکم الشرعي، وإن کانت مشغولة بغیرها کالزکاة أو الخمس أو مال الناس فعلیه الاستئذان منه في صرفها في الوفاء بدینه، بدون فرق بین القولین في المسألة کما مر.

وأما اذا کان امتناعه عن عذر، فقد تقدم الکلام فیه آنفا.

ودعوی: أنه علی القول بأن مقدار الدین یظل باقیا في ملک المیت، تکون للحاکم الشرعي ولایة علیه من باب أنه ولي من لا ولي له في صورة امتناع الوارث عن القیام بواجباته وإن کان امتناعه عن عذر، وأما علی القول بأن تمام الترکة ینتقل الیه، غایة الأمر متعلقة لحقه فلا ولایة له باعتبار أن الودیعة حینئذ ملک الوارث دون المیت.

مدفوعة: بما تقدم من أن دین المیت إن کان شرعیا کالخمس او الزکاة فللحاکم الشرعي ولایة علیه، باعتبار أنه ولي الفقراء المستحقین له، ومن هنا یکون طرف القضیة مباشرة، وإن کان دینا عرفیا فلا ولایة له الّا اذا طلب الدیان منه التدخل في القضیة، واثبت له أن المیت مدین لهم، ولا فرق في ذلک بین القولین في المقام کما مر.

 

مسألة :18 يجوز للنائب بعد الفراغ عن الأعمال للمنوب‌عنه أن يطوف عن نفسه  وعن غيره، وكذا يجوز له أن يأتي بالعمرة المفردة عن نفسه وعن غيره.

 

مسألة 19: يجوز لمن أعطاه رجل مالا لاستيجار الحجّ أن يحجّ بنفسه ، ما  لم‌يعلم  أنّه أراد الاستيجار من‌الغير، والأحوط عدم مباشرته(1)إلّا مع العلم بأنّ مرادالمعطي حصول ‌الحجّفي الخارج. وإذا عيّن ‌شخصاً تعيّن، إلّا إذا علم‌عدم ‌أهليّته  وأنّ المعطي مشتبه  في تعيينه(2)، أو أنّ ذكره من باب أحد الأفراد.

1- الفیاض: بل الاقوی ذلک اذا شک في أن المعطي هل أراد استئجار غیره خاصة أو الأعم؟ ومعه لا یعلم بصحة استئجار نفسه عنه، لعدم احراز أنه مأذون فیه، فبالنتیجة أنه لم یحرز جواز التصرف فیما أعطاه في الحج عنه مباشرة، ومن المعلوم أن التصرف في مال الغیر منوط باحراز طیب نفسه ورضاه، الا اذا کانت هناک قرینة علی أن مقصوده فراغ ذمته من الحج بدون خصوصیة لفرد دون آخر.

2- الفیاض: هذا اذا علم بأنه أراد به استئجار من هو أهل لذلک، ولکنه أخطأ في التطبیق وعین من لیس اهلا لذلک، فانه حینئذ لا یجوز لمن اعطاء المال أن یستأجره، بل علیه أن یستأجر من یکون أهلا، الّا اذا کان تعیینه لخصوصیة فیه غافلا عن أنه غیر قادر علی ممارسة اعمال الحج، فعندئذ تبطل وکالته، ولا یحق له أن یستأجر شخصا آخر للحج عنه.


  

 
پاسخ به احکام شرعی
 
موتور جستجوی سایت

تابلو اعلانات

 




پیوندها

حدیث روز
بسم الله الرحمن الرحیم
چهار پناهگاه در قرآن
   
أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ عَنِ الصَّادِقِ (علیه السلام) قَالَ:
عَجِبْتُ لِمَنْ فَزِعَ مِنْ أَرْبَعٍ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى أَرْبَعٍ
(۱) عَجِبْتُ لِمَنْ خَافَ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
(۲) وَ عَجِبْتُ لِمَنِ اغْتَمَّ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ
(۳) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ مُكِرَ بِهِ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا
(۴) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً. فَعَسى‏ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ عَسَى مُوجِبَةٌ
    
آقا امام صادق (عليه السّلام) فرمود: در شگفتم از كسى كه از چهار چيز مى‌هراسد چرا بچهار چيز پناهنده نميشود:
(۱) شگفتم از آنكه ميترسد چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل« حَسْبُنَا اَللّٰهُ‌ وَ نِعْمَ‌ اَلْوَكِيلُ‌ » خداوند ما را بس است و چه وكيل خوبى است زيرا شنيدم خداى جل جلاله بدنبال آن ميفرمايد:بواسطۀ نعمت و فضلى كه از طرف خداوند شامل حالشان گرديد باز گشتند و هيچ بدى بآنان نرسيد.
(۲) و شگفتم در كسى كه اندوهناك است چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل:« لاٰ إِلٰهَ‌ إِلاّٰ أَنْتَ‌ سُبْحٰانَكَ‌ إِنِّي كُنْتُ‌ مِنَ‌ اَلظّٰالِمِينَ‌ » زيرا شنيدم خداى عز و جل بدنبال آن ميفرمايد در خواستش را برآورديم و از اندوه نجاتش داديم و مؤمنين را هم چنين ميرهانيم.
(۳) و در شگفتم از كسى كه حيله‌اى در بارۀ او بكار رفته چرا بفرمودۀ خداى تعالى پناه نمى‌برد« وَ أُفَوِّضُ‌ أَمْرِي إِلَى اَللّٰهِ‌ إِنَّ‌ اَللّٰهَ‌ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ »:كار خود را بخدا واگذار ميكنيم كه خداوند بحال بندگان بينا است)زيرا شنيدم خداى بزرگ و پاك بدنبالش مى‌فرمايد خداوند او را از بديهائى كه در بارۀ او بحيله انجام داده بودند نگه داشت.
(۴) و در شگفتم از كسى كه خواستار دنيا و آرايش آن است چرا پناهنده نميشود بفرمايش خداى تبارك و تعالى(« مٰا شٰاءَ اَللّٰهُ‌ لاٰ قُوَّةَ‌ إِلاّٰ بِاللّٰهِ‌ »)(آنچه خدا خواست همان است و نيروئى جز به يارى خداوند نيست)زيرا شنيدم خداى عز اسمه بدنبال آن ميفرمايد اگر چه مرا در مال و فرزند از خودت كمتر مى‌بينى ولى اميد هست كه پروردگار من بهتر از باغ تو مرا نصيب فرمايد (و كلمۀ:عسى در اين آيه بمعناى اميد تنها نيست بلكه بمعناى اثبات و تحقق يافتن است).
من لا يحضره الفقيه، ج‏۴، ص: ۳۹۲؛
الأمالي( للصدوق)، ص: ۶؛
الخصال، ج‏۱، ص: ۲۱۸.


کلیه حقوق مادی و معنوی این پورتال محفوظ و متعلق به حجت الاسلام و المسلمین سید محمدحسن بنی هاشمی خمینی میباشد.

طراحی و پیاده سازی: FARTECH/فرتک - فکور رایانه توسعه کویر -