فصل في التشييع1
(1) النوري: لمّا لميثبت استحباب بعض ما ذكر في هذا الفصل من المستحبّات والمكروهات إلّا بناءً على قاعدة التسامح، فاللازم الإتيان بها رجاءً.
يستحبّ لأولياء الميّت1 إعلام المؤمنين بموت المؤمن ليحضروا جنازته والصلاة عليه والاستغفار له، ويستحبّ للمؤمنين المبادرة إلى ذلک. وفي الخبر : «أنـّه لو دعي إلى وليمة وإلى حضور جنازة قدّم حضورها» لأنـّه مذكِّر للاخرة، كما أنّ الوليمة مذكّرة للدنيا. وليس للتشييع حدّ معيّن، والأولى أن يكون إلى الدفن، ودونه إلى الصلاة عليه. والأخبار في فضله كثيرة، ففي بعضها: «أوّل تحفة للمؤمن في قبره غفرانه وغفران من شيّعه»و في بعضها: «من شيّع مؤمناً، لكلّ قدّم يكتب له مائة ألف حسنة ويمحى عنه مائة ألف سيّئة ويرفع له مائة ألف درجة. وإن صلّى عليه، يشيّعه حين موته مائة ألف ملک يستغفرون له إلى أن يبعث» وفي آخر : «من مشى مع جنازة حتّى صلّى عليها، له قيراط من الأجر. وإن صبر إلى دفنه، له قيراطان؛ والقيراط مقدار جبل اُحد». وفي بعض الأخبار: «يؤجر بمقدار ما مشى معها».
(1) المكارم: هذهالمستحبّات والمكروهات أيضآ يؤتىبها رجاءً، كما مرّ في المسألة السابقة.
وأمّا آدابه فهي اُمور :
أحدها: أن يقول إذا نظر إلى الجنازة: «إنّا للّه وإنّا إليه راجعون، اللّه أكبر، هذا ما وعدنا اللّه ورسوله وصدق اللّه ورسوله. اللّهمّ زدنا إيماناً وتسليماً، الحمدللّه الذي تعزّز بالقدرة وقهر العباد بالموت »و هذا لايختصّ بالمشيّع، بل يستحبّ لكلّ من نظر إلى الجنازة، كما أنـّه يستحبّ له مطلقاً أن يقول: «الحمدللّه الذي لميجعلني من السواد المخترم».
الثاني: أن يقول حين حمل الجنازة: «بسم اللّه وباللّه وصلّى اللّه على محمّد وآل محمّد، اللّهمّ اغفر للمؤمنين والمؤمنات».
الثالث: أن يمشي، بل يكره الركوب إلّا لعذر؛ نعم، لايكره في الرجوع.
الرابع: أن يحملوها على أكتافهم، لا على الحيوان، إلّا لعذر كبُعد المسافة.
الخامس: أن يكون المشيّع خاشعاً متفكّراً، متصوّراً أنـّه هو المحمول ويسأل الرجوع إلى الدنيا فاُجيب.
السادس: أن يمشي خلف الجنازة أو طرفيها ولايمشي قدّامها، والأوّل أفضل من الثاني والظاهر كراهة الثالث خصوصآ في جنازة غير المؤمن.
السابع: أن يلقي عليها ثوب غير مزيّن.
الثامن: أن يكون حاملوها أربعة.
التاسع: تربيع الشخص الواحد، بمعنى حمله جوانبها الأربعة؛ والأولى الابتداء بيمين الميّت يضعه على عاتقه الأيمن، ثمّ مؤخّرها الأيمن على عاتقه الأيمن، ثمّ مؤخّرها الأيسر على عاتقه الأيسر، ثمّ ينتقل إلى المقدّم الأيسر واضعآ له على العاتق الأيسر، يدور عليها.
العاشر: أن يكون صاحب المصيبة حافياً، واضعآ ردائه أو يغيّر زيّه على وجه آخر، بحيث يعلم أنـّه صاحب المصيبة.
ويكره اُمور :
أحدها: الضحک واللعب واللهو.
الثاني: وضع الرداء من غير صاحب المصيبة.
الثالث: الكلام بغير الذكر والدعاء والاستغفار، حتّى ورد المنع عن السلام على المشيّع.
الرابع: تشييع النساء الجنازةَ وإن كانت للنساء.
الخامس: الإسراع في المشي على وجه ينافي الرفق بالميّت، سيّما إذا كان بالعَدْو، بل ينبغي الوسط في المشي.
السادس: ضرب اليد على الفخذ أو على الاُخرى.
السابع: أن يقول المصاب أو غيره: ارفقوا به، أو: استغفروا له، أو: ترحّموا عليه، وكذا قول: قِفوا به.
الثامن: إتباعها بالنار ولو مجمرة، إلّا في الليل، فلايكره المصباح.
التاسع: القيام عند مرورها إن كان جالساً، إلّا إذا كان الميّت كافراً، لئلّا يعلو على المسلم.
العاشر: قيل: ينبغي أن يمنع الكافر والمنافق والفاسق من التشييع1.
(1) النوري: لم يعرف القائل به؛ ولو منع الفاسق، فلايبقى للتشييع إلّا قليل بل أقلّ، مع أنـّه لاوجه لمنعه عمّا ثبت رجحانه على الجميع.