إعلم أنّ أهمّ الاُمور وأوجب الواجبات1 التوبة من المعاصي، وحقيقتها الندم وهو من الاُمور القلبيّة2، ولايكفي مجرّد قوله: «أستغفراللّه» بل لاحاجة إليه مع الندم القلبيّ وإن كان أحوط، ويعتبر فيها العزم3 على ترک العود إليها4، والمرتبة الكاملة منها ما ذكره أميرالمؤمنين علیه السّلام5.
(1) السيستاني: عقلا، تحصيلا للأمن من الضرر الاُخروي.
التبريزي: الأظهر أنّ الأمر بالتوبة عن المعصية في الخطابات الشرعيّة إرشاد إلى لزومها عقلا بعد أن جعلها الشارع مكفّرة للذنب، لا أنّ وجوبها شرعيّ. وذلک مع الغمض عن أنّ فتح باب التوبة إلى عباده من مقتضى رحمته عليهم، فيناسب عدم جعل الوجوب المولويّ لها، لما ورد في الروايات المعتبرة في الإمهال للعاصي بعدم كتابة ذنبه إلّا بعد إهماله التوبة، وأنّ بعد الإهمال يكتب سيّئة أي سيّئة واحدة، ولو كان وجوبها مولويّاً لكانت عليه سيّئتان.
(2) المكارم: وداخلة تحت الاختيار من طريق مقدّماتها كالتدبّر في عواقب المعصية ومضارّها وآثارها في الدنيا والآخرة.
(3) السيستاني: وكذا لايبعد اعتبار إصلاح ما أفسده مع الإمكان في ترتّب الأثر عليها، كما هو الحال في العزم المذكور.
(4) المكارم: العزم على الترک من لوازم الندم بمعناه المستقرّ في النفس، لا ما يكون كالعارض الزائل فوراً، وذكرها في شرائط التوبة إشارة إلى لزوم تحقّق هذه المرتبة من الندم.
(5) المكارم: فيما حكاه الرضي قدس سرُّه في أواخر نهج البلاغة، وحاصله الندم والعزم وأداء حقوق اللّه وحقوق الناس الذي ضيّعها بالمعصية وذوب اللحم الذي نبت في المعصية وتبديله بمانبت في الطاعة وإذاقة النفس ألم الطاعة بمقدار ما ذاقت حلاوة المعصية.
مسألة 1: يجب1 عند ظهور2 أمارات الموت3 أداء حقوق الناس الواجبة4 وردّ الودائع5 والأمانات التي عنده مع الإمكان6 والوصيّة بها مع عدمه7 مع الاستحكام على وجه لايعتريها الخلل بعد موته.
(1) الگلپايگاني: مع عدم العلم برضاية صاحب الدين والحقّ بالتأخير.
(2) الخوئي: بل عند عدم الاطمينان بالبقاء أيضاً.
(3) النوري: وأمّا أداء حقوق الناس الواجبة فيذمّته وردّ الودائع والأمانات التي عنده بنفسه أو بوكيله فيما إذا كان وجوب الردّ فوريّاً وكان متمكّناً منه أيضاً، أو طالَبَه المالک فيما إذا كانت الأمانة مالكيّة ومطلقاً إذا كانت شرعيّة، فلا إشكال فيوجوبه من دون اختصاصله بظهور أمارات الموت، كما لا إشكال في عدم الوجوب فيما إذا لم يكن فوريّاً أو لم يكن متمكّناً منه أو كان له المالک المعيّن ولم يطالب عند عدم ظهور أمارات الموت؛ وأمّا إذاظهرت أمارات الموت، فالظاهر أنـّه يجب عليه تخييراً بالنسبة إلى جميع الحقوق والودائع الردّ أو الإيصاء به مع الاستحكام بحيث يحصل له العلم أو الاطمينان بالإنجاز، إلّا إذا حصل له العلم برضى المالک بالتأخير والرجوع إلى الوارث ولو كان مستلزماً لتفويت حقّه فيما كان له ذلک.
(4) السيستاني: التي يتضيّق وقت أداؤها بذلک؛ وأمّا غيرها، فالديون الحالّة المطالب بها وما يشبهها يجب أداؤها فورآ غير مقيّد بظهور أمارات الموت، والديون المؤجّلة التي تحلّ بالموت وما يماثلها لايتعيّن أداؤها فعلا، بل يتخيّر بينه وبين الاستيثاق من أدائها بعدوفاته.
(5) السيستاني: تقدّم الردّ على الوصيّة مبنيّ على الاحتياط؛ وفي حكم الردّ إعلام المالک أووليّه والإيداع عند غيره إذا كان مأذوناً في ذلک.
(6) الإمام الخميني: بل يتخيّر بينه وبين الإيصاء مع العلم أو الاطمينان بإنجازها.
المكارم: إنّما يجب أداء الحقوق وردّ الأمانات وغيرها إذا لم يعلم من صاحبها الرضا بإيداعها غيره، أو كان فوريّاً أو إذا لم يطمئنّ بالوصيّة والإشهاد، وإلّا يكون مخيّراً بين الأداء أو الوصيّة أو الإشهاد.
(7) اللنكراني: والظاهر جواز الوصيّة مع الإمكان أيضاً.
السيستاني: العبرة بالاستيثاق من وصولها إلى أصحابها بعد وفاته؛ سواء حصل ذلک بالوصيّة أم بغيرها.
مـسـألـة 2: إذا كـان1 علـيه الـواجبـات التـي لا تـقـبـل الـنيـابـة حـال الحـياة كـالصـلاة والصـوم والحـجّ2 ونحـوها، وجـب الوصيّـة بهـا3 إذا كان له مال4، بل مطلقاً5 إذا احتمل وجود متبرّع. وفيما على الوليّ6 كالصلاة والصوم التي7 فاتته لعذر 8، يجب إعلامه أو الوصيّة باستيجارها أيضاً.
(1) المكارم: حكم هذه المسألة يأتي في محالّها إن شاء اللّه.
(2) الخوئي: هذا إذا كان قبل أشهر الحجّ؛ وأمّا إذا كان فيها فيجب عليه الاستنابة إذا كان عالماً باستمرار عذره إلى الموت.
السيستاني: في عدّ الحجّ منها مسامحة، فلو كان متمكّناً من استنابة غيره لأدائه عنه قبل وفاته لزمه ذلک.
(3) التبريزي: وجوب الوصيّة بالصلاة والصوم وغيرهما ممّا كان يعتبر في حال الحياة المباشرة في الإتيان به بعد قيام الدليل على جواز النيابة فيها عن الميّت من اللزوم العقليّ، لامن الوجوب الشرعي، لأنّ الوجوب الشرعيّ يحتاج إلى خطاب آخر غير الخطابالوارد فيه الأمر على المكلّف أن يقضي ما فات عنه.
(4) السيستاني: العبرة هنا أيضاً مع الإمكان بالاستيثاق من أدائها عنه بعد موته؛ ومنه يظهر الحال في إعلام الوليّ.
(5) الإمام الخميني: على الأحوط.
(6) السيستاني: في وجوب قضاء فوائت الميّت على وليّه كلام سيأتي في محلّه.
(7) الأراكي: بل مطلقاً، كما يأتي في محلّه.
(8) الإمام الخميني: سيأتي إن شاء اللّه عدم الاختصاص بما فاتته لعذر.
اللنكراني: بل مطلقاً، كما يأتي.
مسألة 3: يجوز له تمليک ماله1 بتمامه لغير الوارث، لكن لايجوز له تفويت شيء منه على الوارث بالإقرار كذبآ، لأنّ المال بعد موته يكون للوارث، فإذا أقرّ به لغيره كذبآ فوّت عليه ماله2؛ نعم، إذا كان له مال مدفون في مكان لايعلمه الوارث، يحتمل عدم وجوب إعلامه، لكنّه أيضاً مشكل3، وكذا إذا كان له دين على شخص، والأحوط الإعلام، وإذا عدّ4 عدم الإعلام تفويتاً5 فواجب يقيناً.
(1) السيستاني: ولكن إذا كان ذلک في مرض الموت ـ كما هو مفروض المقام ـ لا ينفذ بالنسبة إلى ما زاد على الثلث إلّا بإجازة الورثة، على تفصيل مذكور في محلّه.
(2) الخوئي: إذا قصد بإقراره الوصيّة ولم يكن المقرّ به أكثر من الثلث، لم يكن به بأس.
السيستاني: إذا كان إقراره في مرض الموت وكان متّهماً فيه، فحيث إنـّه لا يخرج حينئذٍ من الأصل بل من الثلث، فلو كان متصرّفاً فيه بالوصيّة بإخراجه لم يكن مفوّتاً على الوارث ماله.
التبريزي: نعم، إذا كان المراد بالإقرار تمليک المقرّ به للمقرّ له بعد موته في دخل ذلک في الوصيّة، وإن عبّر عنها بالإقرار بالدين لرعاية التقيّة أو غيرها.
(3) النوري: بل هو بعيد.
(4) المظاهري: الظاهر أنّ كلّ ما ذكره يعدّ عدم الإعلام له تفويتاً.
(5) التبريزي: كما إذا كان وليّاً لوارثه لصغره، بحيث يجب عليه حفظ نفسه وماله عن التلفعليه، فإنّ الإعلام في الفرض لازم، بل الأحوط الإعلام إذا كان الدفن بفعله ولو كان الوارث كبيراً أو لميكن الميّت وليّه.
مسألة :4 لايجب عليه نصب قيّم على أطفاله، إلّا إذا عدّ عدمه تضييعاً لهم أو لمالهم، وعلى تقدير النصب يجب أن يكون أميناً؛ وكذا إذا عيّن على أداء حقوقه الواجبة شخصاً، يجب أن يكون أميناً؛ نعم، لو أوصى بثلثه في وجوه الخيرات الغير الواجبة، لا يبعد1 عدم وجوب2 كون الوصيّ عليها أميناً3، لكنّه أيضاً لا يخلو عن إشكال، خصوصاً4 إذا كانت راجعة إلى الفقراء5.
(1) الإمام الخميني: إذا كانت الوصيّة عهديّة؛ وأمّا التمليكيّة فيجب.
المظاهري: بل بعيد، فيجب فيه أيضاً .
(2) النوري: اعتبار الأمانة فيه أيضاً لايخلو عن قوّة.
(3) المكارم: إذا لم يكن إعطاؤه بيده صرفه فيغير وجهه المشروع، وإلّا فلا يجوز، ولو كان هو نفسه من مصاديق الخيرات أو مثلها جاز.
(4) اللنكراني: لا خصوصيّة للفقراء.
(5) المكارم: لا خصوصيّة لها، بل إذا أوصى لأىّ شخص كان المال ماله. وإعطاؤه بيد الخائن مشكل، فقيراً كان الموصى له أو غنيّاً.
التبريزي: الظاهر عدم الفرق بين رجوع الوصيّة إلى الفقراء أو إلى غيرهم، سواء قيل بأنّ الوصيّة الراجعة إليهم توجب تعلّق حقّهم بالمال أو يقال بعدم تعلّقه، كما هو الأظهر.