و هي أيضاً اُمور :
الأوّل: إجادة الكفن، فإنّ الأموات يتباهون يوم القيامة بأكفانهم ويحشرون بها. وقد كُفّن موسى بن جعفر علیهما السّلام بكفنٍ قيمته ألفا دينار1 وكان تمام القرآن مكتوباً عليه.
(1) المكارم: روي في الوسائل: ألفان وخمسمأة دينار؛ راجع الوسائل 2/750، الحديث8، الباب 18 من أبواب التكفين. هذا، ولميثبت صحّة الحديث. ولا يُترک الاحتياط بترک أمثال هذه القيم في الأكفان؛ واستحباب إجادته المستفاد من أخبار كثيرة لايكون دليلا على مثله.
الثاني: أن يكون من القطن.
الثالث: أن يكون أبيض، بل يكره المصبوغ ما عدا الحبرة1، ففي بعض الأخبار أنّ رسول اللّه صلّی الله علیه وآله كفّن في حبرة حمراء.
(1) المكارم: على وزن عنبة، ضرب من برود تصنع باليمن.
الرابع: أن يكون من خالص المال وطهوره، لا من المشتبهات.
الخامس: أن يكون من الثوب الذي أحرم فيه أو صلّى فيه.
السادس: أن يلقى عليه شيء من الكافور والذريرة، وهي على ما قيل: حبّ يشبه حبّ الحنطة له ريح طيّب إذا دُقّ، وتسمّى الآن قمحة ولعلّها كانت تسمّى بالذريرة سابقآ. ولايبعد استحباب التبرّک بتربة قبر الحسين علیه السّلام ومسحه بالضريح المقدّس أو بضرائح سائر الأئمّة: بعد غسله بماء الفرات أو بماء زمزم.
السابع: أن يجعل طرف الأيمن1 من اللفّافة على أيسر الميّت، والأيسر منها على أيمنه.
(1) النوري: بل الاولى عكس ما ذكره قدس سرُّه، كما في الفقيه.
الثامن: أن يخاط الكفن بخيوطه إذا احتاج إلى الخياطة.
التاسع: أن يكون المباشر للتكفين على طهارة من الحدث؛ وإن كان هو الغاسل له، فيستحبّ أن يغسل يديه إلى المرفقين بل المنكبين ثلاث مرّات، ويغسل رجليه إلى الركبتين؛ والأولى أن يغسل كلّ ما تنجّس من بدنه وأن يغتسل غسل المسّ قبل التكفين.
العاشر: أن يكتب على حاشية جميع قطع الكفن من الواجب والمستحبّ حتّى العمامة اسمه واسم أبيه، بأن يكتب: « فلان بن فلان يشهد أن لا إله إلّا اللّه وحده لاشريک له وأنّ محمّدآ 9 رسول اللّه وأنّ عليّاً والحسن والحسين وعليّاً ومحمّداً وجعفراً وموسى وعليّاً ومحمّداً وعليّاً والحسن والحجّة القائم أولياء اللّه وأوصياء رسول اللّه وأئمّتي، وأنّ البعث والثواب والعقاب حقّ».
الحادي عشر: أن يكتب على كفنه1 تمام القرآن ودعاء جوشن الصغير والكبير، ويستحبّ كتابة الأخير في جام بكافور أو مسک ثمّ غسله ورشّه على الكفن؛ فعن أبي عبداللّه الحسين ـ صلوات اللّه عليه ـ : «إنّ أبي أوصاني بحفظ هذا الدعاء وأن أكتبه على كفنه وأن اُعلّمه أهل بيتي». ويستحبّ أيضاً أن يكتب عليه البيتان اللّذان كتبهما أميرالمؤمنين علیه السّلام على كفن سلمان، وهما :
(1) المكارم: على وجه يأمن التلويث.
وفدتُ على الكريم بغير زاد من الحسنات والقلب السليم
و حمل الزاد أقبح كلّ شيء إذا كان الوفود على الكريم
ويناسب أيضاً كتابة السند المعروف المسمّى بسلسلة الذهب وهو: حدّثنا محمّد ابن موسى المتوكّل، قال: حدّثنا عليّ بن إبراهيم عن أبيه يوسف بن عقيل عن إسحاق بن راهويه، قال: لمّا وافى أبوالحسن الرضا علیه السّلام نيشابور وأراد أن يرتحل إلى المأمون، اجتمع عليه أصحاب الحديث فقالوا: يا ابن رسول اللّه صلّی الله علیه وآله تدخل علينا ولاتحدّثنا بحديث فنستفيده منک؟ وقد كان قعد في العمارية، فأطلع رأسه فقال علیه السّلام: «سمعت أبي موسى بن جعفر علیه السّلام يقول: سمعت أبي جعفر بن محمّد علیه السّلام يقول: سمعت أبي محمّدبن عليّ علیه السّلام يقول: سمعت أبي عليّ بن الحسين علیه السّلام يقول: سمعت أبي الحسين بن عليّ علیه السّلام يقول: سمعت أبي أميرالمؤمنين عليّ بن أبي طالب علیه السّلام يقول : سمعت رسول اللّه صلّی الله علیه وآله يقول: سمعت جبرئيل يقول: سمعت اللّه ـ عزّ وجلّ ـ يقول : لاإله إلّا اللّه حصني فمن دخل حصني أمن من عذابي » فلمّا مرّت الراحلة، نادى : «أمّا بشروطها، وأنا من شروطها». وإن كتب السند الآخر أيضاً فأحسن، وهو :
حدّثنا أحمد بن الحسن القطّان، قال: حدّثنا عبد الكريم بن محمّد الحسينيّ، قال : حدّثنا محمّد بن إبراهيم الرازيّ، قال: حدّثنا عبداللّه بن يحيى الأهوازيّ، قال : حدّثني أبوالحسن عليّ بن عمرو، قال: حدّثنا الحسن بن محمّد بن جمهور، قال : حدّثني عليّ بن بلال عن عليّ بن موسى الرضا علیهما السّلام عن موسى بن جعفر علیهما السّلام عن جعفر بن محمّد علیهما السّلام عن محمّد بن عليّ علیهما السّلام عن علىّ بن الحسين علیهما السّلام عن الحسين بن عليّ علیهما السّلام عن عليّ بن أبي طالب علیه السّلام عن رسول اللّه صلّی الله علیه وآله عن جبرئيل عن ميكائيل عن إسرافيل : عن اللوح والقلم قال: «يقول اللّه ـ عزّ وجلّ ـ : ولاية عليّ بن أبي طالب حصني فمن دخل حصني، أمن من ناري».
وإذا كتب على فصّ الخاتم العقيق الشهادتان وأسماء الأئمّة : والإقرار بإمامتهم، كان حسناً، بل يحسن كتابة كلّ ما يرجى منه النفع، من غير أن يقصد الورود. والأولى أن يكتب الأدعية المذكورة بتربة قبر الحسين علیه السّلام أو يجعل في المداد شيء منها، أو بتربة سائرالأئمّة :؛ ويجوز أن يكتب بالطين وبالماء، بل بالإصبع من غير مداد1.
(1) المكارم: كلّذلک ممّا يرجى منها تخفيف العذاب، ولكنّ النجاة في الإيمان والعمل الصالح.
الثاني عشر: أن يهيّأ كفنه قبل موته، وكذا السدر والكافور؛ ففي الحديث :
«من هيّأ كفنه لميكتب من الغافلين وكلّما نظر إليه كتبت له حسنة».
الثالث عشر: أن يجعل الميّت حال التكفين مستقبل القبلة، مثل حال الاحتضار أو بنحو حال الصلاة.
تتمّة: إذا لمتكتب الأدعية المذكورة والقرآن على الكفن، بل على وصلة اُخرى، وجعلت على صدره أو فوق رأسه للأمن من التلويث، كان أحسن.