فصل في الأغسال الفعليّة1
(1) الإمام الخميني: في بعضها تأمّل، والأمر سهل بعد جواز الإتيان رجاءً.
النوري: في ثبوت الاستحباب لبعضها تأمّل؛ نعم، لا إشكال في جواز الإتيان به رجاءً.
وقد مرّ أنّها قسمان1:
(1) المكارم: الكلام في هذه أيضاً كما مرّ في المكانيّة.
السيستاني: الثابت استحبابه من القسمين: الغسل للإحرام والذبح والنحر والحلق وزيارة البيت والاستخارة والمباهلة والاستسقاء ولوداع قبر النبيّ صلّی الله علیه وآله ومسّ الميّت بعد تغسيله؛ فيؤتى غير ما ذكر رجاءً.
القسم الأوّل: ما يكون مستحبّاً لأجل الفعل الذي يريد أن يفعله، وهي أغسال:
أحدها: للإحرام1؛ وعن بعض العلماء وجوبه.
(1) الخوئي: لميثبت استحباب أكثر ما ذكر في هذا الفصل، وإنّما الثابت استحباب الغسل للإحرام والطواف والذبح والنحر والحلق وزيارة الكعبة وزيارة الحسين علیه السّلام ولو من بعيد والاستخارة والاستسقاء والمباهلة والمولود وترک صلاة الكسوف عمدآ مع احتراق قرص الشمس كليّاً ومسّ الميّت بعد تغسيله.
الثاني: للطواف؛ سواء كان طواف الحجّ أو العمرة أو طواف النساء، بل للطواف المندوب أيضاً.
الثالث: للوقوف بعرفات1 .
(1) التبريزي: قد تقدّم استحباب الغسل يوم عرفة. والثابت استحبابها من الأغسال الفعلية هو الغسل للإحرام والطواف والذبح والنحر والحلق وزيارة البيت الحرام وزيارة قبرالحسين علیه السّلام و الاستخارة والاستسقاء والمباهلة والمولود وترك صلاة الكسوفين عمداً مع احتراق قرص الشمس وقرص القمر كليّآ ومسّ الميّت بعد تغسيله و غسل التوبة.
الرابع: للوقوف بالمشعر.
الخامس: للذبح والنحر.
السادس: للحلق؛ وعن بعضهم استحبابه لرمي الجمار أيضاً.
السابع: لزيارة أحد المعصومين : من قريب أو بعيد.
الثامن: لرؤية أحد الأئمّة : في المنام؛ كما نقل عن موسى بن جعفر علیهما السّلام: «أنـّه إذا أراد ذلک يغتسل ثلاث ليال ويناجيهم، فيراهم في المنام».
التاسع: لصلاة الحاجة، بل لطلب الحاجة مطلقاً.
العاشر: لصلاة الاستخارة، بل للاستخارة مطلقاً ولو من غير صلاة.
الحادي عشر: لعمل الاستفتاح المعروف بعمل اُمّ داوود.
الثاني عشر: لأخذ تربة قبر الحسين علیه السّلام.
الثالث عشر: لإرادة السفر، خصوصآ لزيارة الحسين علیه السّلام.
الرابع عشر: لصلاة الاستسقاء، بل له مطلقاً.
الخامس عشر: للتوبة من الكفر الأصليّ أو الارتداديّ، بل من الفسق، بل من الصغيرة أيضاً على وجه.
السادس عشر: للتظلّم والاشتكاء إلى اللّه من ظلم ظالم؛ ففي الحديث عن الصادق علیه السّلام ما مضمونه : إذا ظلمک أحد فلاتدعُ عليه، فإنّ المظلوم قد يصير ظالماً بالدعاء على من ظلمه، لكن اغتسل وصلّ ركعتين تحت السماء، ثمّ قل: اللّهمّ إنّ فلان بن فلان ظلمني وليس لي أحد أصول به عليه غيرک، فاستوف لي ظلامتي الساعة الساعة، بالاسم الذي إذا سألک به المضطرّ أجبته فكشفت ما به من ضرّ ومكّنت له في الأرض وجعلته خليفتک على خلقک، فأسألک أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تستوفي ظلامتي الساعة الساعة؛ فسترى ما تحبّ.
السابع عشر: للأمن من الخوف من ظالم؛ فيغتسل ويصلّي ركعتين ويحسر عن ركبتيه ويجعلهما قريبآ من مصلّاه ويقول مأة مرّة: يا حىّ يا قيّوم يا حىّ لا إله إلّا أنت! برحمتک أستغيث، فصلّ على محمّد وآل محمّد وأغثني الساعة الساعة؛ ثمّ يقول: أسألک أن تصلّي على محمّد وآل محمّد وأن تلطف بي وأن تغلب لي وأن تمكر لي وأن تخدع لي وأن تكفيني مؤونة فلان بن فلان بلا مؤونة؛ وهذا دعاء النبيّ صلّی الله علیه وآله يوم اُحُد.
الثامن عشر: لدفع النازلة؛ يصوم الثالثعشر والرابععشر والخامسعشر، وعند الزوال من الأخير يغتسل.
التاسع عشر: للمباهلة مع من يدّعي باطلا.
العشرون: لتحصيل النشاط للعبادة أو لخصوص صلاة الليل؛ فعن فلاح السائلأنّ أميرالمؤمنين علیه السّلام كان يغتسل في الليالي الباردة لأجل تحصيل النشاط لصلاة الليل1.
(1) المكارم: دلالته على الغسل بمعناه العبادي محلّ تأمّل وإشكال.
الحادي والعشرون: لصلاة الشكر.
الثاني والعشرون: لتغسيل الميّت ولتكفينه.
الثالث والعشرون :للحجامة، على ما قيل؛ ولكن قيل: إنّه لا دليل عليه، ولعلّه مصحّف الجمعة.
الرابع والعشرون: لإرادة العود إلى الجماع، لما نقل عن الرسالة الذهبيّة أنّ الجماع بعد الجماع بدون الفصل بالغسل يوجب جنون الولد؛ لكن يحتمل أن يكون المراد غسل الجنابة، بل هو الظاهر.
الخامس والعشرون: الغسل لكلّ عمل يتقرّب به إلى اللّه، كما حكي عن ابن الجنيد؛ ووجهه غير معلوم وإن كان الإتيان به لا بقصد الورود لا بأس به.
القسم الثاني: ما يكون مستحبّآ لأجل الفعل الذي فعله، وهي أيضآ أغسال :
أحدها: غسل التوبة، على ما ذكره بعضهم من أنـّه من جهة المعاصي التي ارتكبها، أو بناءً على أنـّه بعد الندم الذي هو حقيقة التوبة؛ لكنّ الظاهر أنـّه من القسم الأوّل، كما ذكر هناک، وهذا هو الظاهر من الأخبار ومن كلمات العلماء. ويمكن أن يقال إنّه ذو جهتين؛ فمن حيث إنّه بعد المعاصي وبعد الندم، يكون من القسم الثاني؛ ومن حيث إنّ تمام التوبة بالاستغفار، يكون من القسم الأوّل. وخبر مسعدة بن زياد، في خصوص استماع الغناء في الكنيف؛ وقول الإمام علیه السّلام له في آخر الخبر: قم فاغتسل فصلّ ما بدا لک، يمكن توجيهه بكلّ من الوجهين، والأظهر أنّه لسرعة قبول التوبة أو لكمالها.
الثاني: الغسل لقتل الوزغ؛ ويحتمل أن يكون للشكر على توفيقه لقتله، حيث إنّه حيوان خبيث والأخبار في ذمّه من الطرفين كثيرة؛ ففي النبويّ صلّی الله علیه وآله: «اقتلوا الوزغ ولو في جوف الكعبة» وفي آخر: «من قتله فكأنّما قتل شيطانآ». ويحتمل أن يكون لأجل حدوث قذارة من المباشرة لقتله.
الثالث: غسل المولود؛ وعن الصدوق وابن حمزة وجوبه، لكنّه ضعيف؛ ووقته من حين الولادة حينآ عرفيّاً، فالتأخير إلى يومين أو ثلاثة لايضرّ، وقد يقال: إلى سبعة أيّام، وربّما قيل ببقائه إلى آخر العمر. والأولى على تقدير التأخير عن الحين العرفيّ، الإتيان به برجاء المطلوبيّة.
الرابع: الغسل لرؤية المصلوب؛ و]قد[ ذكروا أنّ استحبابه مشروط بأمرين :
أحدهما: أن يمشي لينظر إليه متعمّدآ؛ فلو اتّفق نظره أو كان مجبورآ لايستحبّ؛
الثاني: أن يكون بعد ثلاثة أيّام إذا كان مصلوبآ بحقّ، لا قبلها؛ بخلاف ما إذا كان مصلوباً بظلم، فإنّه يستحبّ معه مطلقآ ولو كان في اليومين الأوّلين؛ لكنّ الدليل على الشرط الثاني غير معلوم، إلّا دعوى الانصراف وهي محلّ منع؛ نعم، الشرط الأوّل ظاهر الخبر وهو: «من قصد إلى مصلوب فنظر إليه وجب عليه الغسل عقوبةً» وظاهره أنّ من مشى إليه لغرض صحيح كأداء الشهادة أو تحمّلها، لا يثبت في حقّه الغسل.
الخامس: غسل من فرّط في صلاة الكسوفين مع احتراق القرص، أي تركها عمداً، فإنّه يستحبّ أن يغتسل ويقضيها؛ وحكم بعضهم بوجوبه، والأقوى عدم الوجوب1 وإن كان الأحوط عدم تركه2. والظاهر أنـّه مستحبّ نفسيّ بعد التفريط المذكور، ولكن يحتمل3 أن يكون لأجل القضاء4، كما هو مذهب جماعة، فالأولى الإتيان به بقصد القربة، لا بملاحظة غاية أو سبب. وإذا لم يكن الترک عن تفريط أو لميكن القرص محترقاً، لا يكون مستحبّاً وإن قيل باستحبابه مع التعمّد مطلقاً، وقيل باستحبابه مع احتراق القرص مطلقاً.
(1) السيستاني: فيه تأمّل.
(2) المكارم: لايُترک.
النوري: لايُترک الاحتياط، بل لايبعد الوجوب.
(3) السيستاني: ولا يخلو عن وجه.
(4) النوري: لا يُترک الاحتياط بالعمل على طبق هذا الاحتمال.
السادس: غسل المرأة إذا تطيّبت لغير زوجها؛ ففي الخبر: «أيّما امرأة تطيّبت لغير زوجها لم تقبل منها صلاة حتّى تغتسل من طيبها كغسلها من جنابتها». واحتمال كون المراد غَسل الطيب من بدنها ـ كما عن صاحب الحدائق ـ بعيد1 ولاداعي إليه.
(1) المكارم: جدّاً، للتشبيه بغسل جنابة المرأة، ولكن يحتمل أن يكون منقبيل غسل التوبة.
السابع: غسل من شرب مسكراً فنام؛ ففيالحديث عن النبيّ صلّی الله علیه وآله ما مضمونه : مامن أحد نام على سكر إلّا وصار عروساً للشيطان إلى الفجر، فعليه أن يغتسل غسل الجنابة.
الثامن: غسل من مسّ ميّتاً بعد غسله.
مسألة 1: حُكي عن المفيد استحباب الغسل لمن صبّ عليه ماء مظنون النجاسة، ولا وجه له. وربّما يعدّ من الأغسال المسنونة غسل المجنون إذا أفاق، ودليله غير معلوم؛ وربّما يقال إنّه من جهة احتمال جنابته حال جنونه، لكن على هذا يكون من غسل الجنابة الاحتياطيّة، فلا وجه لعدّها منها؛ كما لا وجه لعدّ إعادة الغسل لذوي الأعذار المغتسلين حال العذر غسلا ناقصاً مثل الجبيرة، وكذا عدّ غسل من رأى الجنابة في الثوب المشترک احتياطآ، فإنّ هذه ليست من الأغسال المسنونة.
مسألة 2: وقت الأغسال المكانيّة ـ كما مرّ سابقاً ـ قبل الدخول فيها أو بعده لإرادة البقاء1، على وجه. ويكفي الغسل في أوّل اليوم ليومه وفي أوّل الليل لليلته، بل لا يخلو كفاية غسل الليل للنهار وبالعكس من قوّة2 وإن كان دون الأوّل في الفضل؛ وكذا القسم الأوّل من الأغسال الفعليّة، وقتها قبل الفعل على الوجه المذكور؛ وأمّا القسم الثاني منها فوقتها بعد تحقّق الفعل إلى آخر العمر3 وإن كان الظاهر اعتبار إتيانها فوراً ففوراً.
(1) التبريزي: قد مرّ أنّ هذا في الاغتسال لدخول الحرم؛ وأمّا في غيره فمورد تأمّل.
(2) المكارم: فيه إشكال.
السيستاني: في القوّة إشكال.
(3) المكارم: في إطلاقه تأمّل وإن كان أحوط.
السيستاني: التعميم محلّ تأمّل.
مسألة 3: ينتقض الأغسال الفعليّة من القسم الأوّل والمكانيّة بالحدث الأصغر، من أىّ سبب كان حتّى من النوم على الأقوى1، ويحتمل عدم انتقاضها بها مع استحباب إعادتها، كما عليه بعضهم، لكنّ الظاهر ما ذكرنا.
(1) المكارم: بل الأحوط.
مسألة :4 الأغسال المستحبّة لاتكفي عن الوضوء1، فلو كان محدثاً يجب أن يتوضّأ للصلاة ونحوها، قبلها أو بعدها، والأفضل قبلها، ويجوز إتيانه في أثنائها إذا جيء بها ترتيبيّاً.
(1) الخوئي: الأظهر كفاية كلّ غسل ثبت استحبابه شرعاً عن الوضوء، من دون فرق بين غسل الجمعة وغيره؛ نعم، التيمّم البدل عن الأغسال المستحبّة لا يكفي عن الوضوء على الأظهر.
اللنكراني: الظاهر الكفاية إذا كان استحبابه ثابتاً.
المكارم: قد عرفت في مبحث غسل الجنابة أنّ الأغسال جميعها تكفي عن الوضوء حتّى الأغسال المستحبّة إذا ثبت استحبابها بالدليل المعتبر، لا بمثل التسامح في أدلّة السنن.
السيستاني: الأظهر كفايتها عنه، كما تقدّم.
التبريزي: الأظهر كفايتها في الثابت استحبابه منها؛ وأمّا ما يؤتى به بقصد الورود المطلقأ ورجاءً فلا يجزي عن الوضوء من المحدث بالأصغر.
النوري: على الأحوط، كما تقدّم وإن كان الأظهر الكفاية، لكن فيما ثبت استحبابه شرعاً، لا فيما يؤتى به رجاءً.
المظاهري: بل يكفي.
مسألة 5: إذا كان عليه أغسال متعدّدة، زمانيّة أو مكانيّة أو فعليّة أو مختلفة، يكفي غسل واحد عن الجميع إذا نواها جميعاً، بل لا يبعد1 كون التداخل قهريّاً2؛ لكن يشترط في الكفاية القهريّة أن يكون ما قصده معلوم المطلوبيّة، لا ما كان يؤتى به بعنوان احتمال المطلوبيّة، لعدم معلوميّة كونه غسلا صحيحاً، حتّى يكون مجزيآ عمّا هو معلوم المطلوبيّة.
(1) الإمام الخميني: لا يخلو من شوب إشكال، فالأولى نيّة الجميع، ومع عدمها يأتي لغير المنويّ رجاءً.
الأراكي: بل يبعد.
اللنكراني: محلّ إشكال، كما مرّ.
(2) المكارم: إن كان المراد من التداخل كفاية ما نوى عن الجميع، فهو ثابت، كما مرّ في المسألة (15) من مستحبّات غسل الجنابة.
السيستاني: إطلاق الحكم فيه وفيما قبله محلّ إشكال، كما تقدّم في المسألة الخامسة عشرة من فصل مستحبّات غسل الجنابة.
النوري: بعد كون الأغسال حقايق متعدّدة على ما يقتضيه ظواهر الأدلّة، لا يتحقّق فيها التداخل القهريّ ولا يكون فيها التداخل إلّا مسبّبيّا يتخيّر فيه المكلّف بين أن يأتي بالغسل الواحد مع نيّة ما عليه من المتعدّد، وبين إتيانها متعدّدة على حسب الأغسال التي عليه.
المظاهري: ولكنّ الامتثال لا يحصل إلّا بالنيّة، كما مرّ سابقاً.
مسألة 6: نقل عن جماعة كالمفيد والمحقّق والعلّامة والشهيد والمجلسيّ ـ قدّس سرّهم ـ استحباب الغسل نفسآ ولو لميكن هناک غاية مستحبّة أو مكان أو زمان. ونظرهم في ذلک إلى مثل قوله ]تعالى[: (إنّ اللّه يحبّ التوّابين ويحبّ المتطهّرين) وقوله 7: «إن استطعت أن تكون بالليل والنهار على طهارة فافعل» وقوله 7 : «أىّ وضوء أطهر من الغسل وأىّ وضوء أنقى من الغسل» ومثل ما ورد من استحباب الغسل بماء الفرات من دون ذكر سبب أو غاية، إلى غير ذلک، لكن إثبات المطلب بمثلها مشكل1.
(1) المظاهري: ولكن أصل كلامهم في غاية الجودة.
مسألة 7: يقومالتيمّم1 مقامالغسل2 فيجميع3 ماذكر، عندعدمالتمكّن منه4 .
(1) الإمام الخميني: تقدّم الإشكال فيه، ولا بأس بإتيانه رجاءً.
اللنكراني: تقدّم أنـّه أيضاً محلّ إشكال.
(2) الخوئي: لكنّه لايغني عن الوضوء في غير التيمّم عن غسل الجنابة.
السيستاني: تقدّم منعه.
التبريزي: ففي قيامه مقام المسنونة تأمّل؛ وعلى كلّ فلا يغني عن الوضوء إذا كان محدثاً بالأصغر ومتمكّناً منه، بل إذا كان واجباً وإن يقوم التيمّم مقامه، إلّا أنّه لا يغني عن الوضوء أيضاً إلّا في التيمّم من الجنابة.
(3) الگلپايگاني: ثبوته بنحو الكليّة محلّ تأمّل، لكن لا بأس بإتيانه رجاءً.
(4) المكارم: يأتي حكمه في أبحاث التيمّم إن شاء اللّه تعالى.