(مسألة1):يحرم تناول الأعيان النجسة، وكذا المتنجّسة مادامت باقية على النجاسة؛ مائعة كانت أو جامدة.
(مسألة2):يحرم تناول كلّ ما يضرّ بالبدن1؛ سواء كان موجباً للهلاك، كشرب السموم القاتلة وشرب الحامل ما يوجب سقوط الجنين2، أو سبباً لانحراف المزاج، أو لتعطيل بعض الحواسّ الظاهرة أو الباطنة، أو لفقد بعض القوى، كالرجل يشرب ما يقطع به قوّة الباه والتناسل، أو المرأة تشرب ما به تصير عقيماً لا تلد.
1-الصانعی: ضرراً معتدّاً به ممّا لايتحمّله العقلاء، وأمّا غير المعتدّ به ممّا يتحمّله العقلاء لما فيه من الأغراض والدواعي والمنافع فالظاهر عدم الحرمة. ولايخفى عليك ما في مباينة شرب السموم القاتلة مع عنوان المسألة، كما أنّ غيره من الأمثلة تابع لعنوان المسألة، أي الضرر، ولا خصوصية ولا موضوعية لتلك الأمثلة بما هي هي، كما لايخفى
الگرامی: (كما في رواية 1، الباب 42 وسائل الشيعة، ج 25، ص 84 و رواية 1، الباب 1، ج 24، ص 99 و روايات 2 و 13، الباب 58، ص 220 من أبواب الأطعمة المحرّمة، ولكن يحتمل كون المراد من الضعف في الحديث، فتور الشخص عن العمل بالتكاليف الشرعية. وتدلّ أيضاً علي الحكم كريمة: لا تَقْتُلُوا أنْفُسَكُم بناء على تعميم القتل ليشمل الضرر كما قد طبق في الرواية على الإضرار).
2-الگرامی: (كما في رواية 1، الباب 7، أبواب القصاص في النفس وسائل الشيعة، ج 29، ص 25 والباب 8، أبواب موانع الإرث، ج 26، ص 31 ورواية 1، الباب 20، أبواب ديات الأعضاء، ج 29، ص 318. ثمّ إنّه يجوز ذلك قبل ولوج الروح في الحرج ويؤدّى الدية).
(مسألة3):لا فرق في حرمة تناول المضرّ1على الأقوى فيما يوجب التهلكة2، وعلى الأحوط في غيره- بين معلوم الضرر ومظنونه، بل ومحتمله3 أيضاً إذا كان احتماله معتدّاً به عند العقلاء؛ بحيث أوجب الخوف عندهم. وكذا لا فرق بين أن يكون الضرر المترتّب عليه عاجلًا أو بعد مدّة.
1-الصانعی: الحرام
2-العلوی:وغيرها.
3-الگرامی: الملاك في الاعتداد بالاحتمال، كون الضرر معتدّاً به ولو في غير التهلكة، وعند ذلك فالحكم على الأقوى.
(مسألة4):يجوز1 التداوي والمعالجة بما يحتمل فيه الخطر ويؤدّي إليه أحياناً؛ إذا كان النفع المترتّب عليه- حسب ما ساعدت عليه التجربة، وحكم به الحذّاق وأهل الخبرة- غالبيّاً، بل يجوز المعالجة بالمضرّ العاجل الفعلي المقطوع به؛ إذا يدفع به ما هو أعظم ضرراً وأشدّ خطراً. ومن هذا القبيل قطع بعض الأعضاء دفعاً للسراية المؤدّية إلى الهلاك وبطّ الجرح، والكيّ بالنار، وبعض العمليّات المعمولة في هذه الأعصار؛ بشرط أن يكون الإقدام على ذلك جارياً مجرى العقلاء؛ بأن يكون المباشر للعمل حاذقاً محتاطاً مبالياً غير مسامح ولا متهوّر.
1-الگرامی: كما في روايات 3، 7، 8 و 9، الباب 134، أبواب الأطعمة المباحة، وسائل الشيعة، ج 25، ص 222، ويدلّ بعض هذه على الجواز في القطع بالضرر مع احتمال ضرر أهمّ في تركه.
(مسألة5):ما كان يضرّ كثيره1 دون قليله يحرم كثيره المضرّ، دون قليله غير المضرّ، ولو فرض العكس كان بالعكس، وكذا ما يضرّ منفرداً لا منضمّاً مع غيره يحرم منفرداً، وما كان بالعكس كان بالعكس.
1-الصانعی: المذكور في هذه المسألة والتالية لها ليس بياناً فقهيّاً، بل بيان أمرٍ عقلي وهو تبعية الحكم لتحقّق موضوعه، كما لايخفى، كما أنّ الموضوع هو الضرر على ما في المتن، وغير المتحمّل عادة على المختار، كما مرّ
(مسألة6):ما لايضرّ تناوله مرّة أو مرّتين- مثلًا- لكن يضرّ إدمانه وزيادة تكريره والتعوّد به يحرم تكريره المضرّ خاصّة.
(مسألة7):يحرم أكل الطين، وهو التراب المختلط بالماء حال بلّته، وكذا المدر، وهو الطين اليابس، ويلحق بهما التراب على الأحوط1وإن كان عدم الإلحاق لايخلو من قوّة إلّامع إضراره. ولابأس بما يختلط به الحنطة أو الشعير- مثلًا من التراب والمدر وصارا دقيقاً واستهلك فيه، وكذا ما يكون على وجه الفواكه ونحوها من التراب والغبار.
وكذا الطين الممتزج بالماء- المتوحّل- الباقي على إطلاقه. نعم لو أحسّ ذائقته الأجزاء الطينيّة حين الشرب فالأحوط2 الاجتناب إلى أن يصفو؛ وإن كان الأقرب جواز شربه مع الاستهلاك.
1-العلوی:لايترك.
الگرامی: لا يترك فيه وفى المدر إلا مع الإضرار المعتدّ به فيحرم.
2-العلوی:لايترك.
الگرامی: إن كان مستهلكاً جاز وإلا حرم.
(مسألة8):الظاهر أنّه لايلحق بالطين الرمل والأحجار وأنواع المعادن، فهي حلال كلّها مع عدم الضرر.
(مسألة9):يُستثنى من الطين طين قبر سيّدنا أبي عبداللَّه الحسين عليه السلام للاستشفاء، ولايجوز أكله لغيره1 ولا أكل ما زاد عن قدر الحمّصة2 المتوسّطة، ولايلحق به طين غير قبره؛ حتّى قبر النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم والأئمّة عليهم السلام على3 الأقوى4. نعم لابأس بأن يُمزج بماء أو شربة ويستهلك فيه، والتبرّك والاستشفاء بذلك الماء وتلك الشربة.
1-الصانعی: إلَّاتبرّكاً في عصر عاشوراء والعيدين، كما عن الشيخ في «المصباح»، وعن المفيد بالنسبة إلى الفطر. (المصباح المتهجّد: 771؛ مسار الشيعة: 13)
2-الگرامی: (كما ذكر في رواية 1، الباب 72، أبواب المزار وسائل الشيعة، ج 14، ص 529؛ أو قدر «مثل رأس الأنملة» كما في رواية اخرى).
3-العلوی:الأحوط لو لم يكن أقوى.
4-الگرامی: (كما في رواية 2، الباب 72، أبواب المزار وسائل الشيعة، ج 14، ص 529 وفيها ضعف السند ولكن الشهرة جابرة، وإطلاق أدلّة حرمة أكل الطين محكّم. كما أنّ رواية 3، الباب 59، أبواب الأطعمة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 24، ص 227 في حلّية جواز أكل تراب غيره من النّبى وسائر الأئمّة أيضاً ضعيف سنداً، وكذا رواية 14، الباب 70، أبواب المزار وسائل الشيعة، ج 14، ص 526 الدالّة على جواز أكل طين قبور آباء الصادق. فالظاهر أنّ الحكم هو عدم الجواز على الأقوى).
(مسألة10):ذكر لأخذ التربة المقدّسة وتناولها عند الحاجة آداب1 وأدعية، لكن الظاهر أنّها شروط كمال لسرعة الإجابة، لا شرط لجواز تناولها.
1-الگرامی: بعضها دخيل (راجع: وسائل الشيعة، ج 14، ص 530، الباب 73، والظاهر أنّ بعضها دخيل في الشفاء حتماً).
(مسألة11):القدر المتيقّن من محلّ أخذ التربة هو القبر الشريف وما يلحق به عرفاً، والأحوط الاقتصار عليه، وأحوط منه استعمال الترب التي في هذه الأعصار ممزوجاً بالماء أو غيره على نحو الاستهلاك، بل لايترك هذا الاحتياط إذا كان المأخوذ طيناً أو مدراً. نعم بناءً على ما قدّمناه- من عدم حرمة التراب1 مطلقاً- لابأس بأخذه للاستشفاء من الحائر وغيره إلى رأس ميل2، بل أزيد ممّا اشتملت عليه الأخبار بقصد الرجاء، ولايحرم تناوله، لكن3 لاينبغي ترك الاحتياط.
1-الصانعی: بل على حرمته أيضاً، ففي أطعمة «المسالك»: «وقد استثنى الأصحاب من ذلك تربة الحسين عليه السلام، وهي تراب ما جاور قبره الشريف عرفاً، أو ما حوله إلى سبعين ذراعاً، وروي إلى أربعة فراسخ، وطريق الجمع ترتّبها في الفضل، وأفضلها ما اخذ بالدعاء المرسوم، وختمها تحت القبّة المقدّسة بقراءة سورة القدر». (مسالك الأفهام 12: 68) ولقد أجاد فيما أفاد من الجمع في الترتّب في الفضل. وما في كشف اللثام» وغيره من الإيراد على تلك الأخبار بضعف السند. (كشف اللثام 9: 283)
ففيه: مع أنّ ما في «المسالك» من بيان الوجه في الجمع في مقام الاستثناء عن حرمة أكل الطين، من دون إشارة إلى ذلك الضعف، ومع أنّ المعلوم من ديدنه الإيراد والإشكال في الأسناد، ومع ماعليه من اعتبار العدالة وإثباتها بالعدلين والبيّنة في الحجّية مشعر، بل ظاهر في اعتبارها عنده. كما لايخفى أنّ لسان تلك الأخبار لسان الصدور عن أهله، كما يظهر من المعرفة بلسانهم. وبناء العقلاء على حجّية أمثال تلك الأخبار في تلك المسائل الاحترامية غير المضرّة ممّا لا مفسدة ولاتكليف في محتوياتها. ويؤيّد الحلّية ما في «المستند» من أنّه يشكل الاقتصار على المفهوم العرفي من طين القبر، بأنّه يوجب عدم بقاء شيء من تلك البقعة؛ لكثرة مايؤخذ منها في جميع الأزمنة، وسيؤخذ إن شاء اللّه تعالى إلى يوم القيامة. (مستند الشيعة 15: 167)
2-الگرامی: وفى رواية 3، الباب 59، أبواب الأطعمة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 24، ص 227 «إلى رأس أربعة أميال».
3-العلوی:لاوجه للاستدراك، كما لايخفى.
(مسألة12):تناول التربة المقدّسة للاستشفاء: إمّا بازدرادها وابتلاعها، وإمّا بحلّها في الماء وشربه، أو بأن يمزجها بشربة ويشربها بقصد الشفاء.
(مسألة13):لو أخذ التربة بنفسه أو علم من الخارج بأنّ هذا الطين من تلك التربة المقدّسة فلا إشكال، وكذا إذا قامت على ذلك البيّنة، بل الظاهر كفاية قول عدل واحد بل شخص ثقة. وفي كفاية قول ذي اليد إشكال1. والأحوط في غير صورة العلم وقيام البيّنة تناولها بالامتزاج بماء أو شربة بعد استهلاكها.
1-العلوی:لاتبعد كفايته إذا حصل منه الاطمئنان.
(مسألة14):لايبعد جواز تناول طين الأرمني للتداوي، ولكن الأحوط1 عدم تناوله إلّاعند انحصار العلاج، أو ممزوجاً بماء ونحوه بحيث لايصدق معه أكل الطين.
1-الگرامی: لا يترك؛ (لضعف سند المجوّز ولذا أفتى الشاهرودى بالحرمة. وممّا ذكر يظهر النظر في تحسين الشرائع رواية الباب. ويستفاد من رواية 3، الباب 60، أبواب الأطعمة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 24، ص 330 أنّه من طين قبر ذى القرنين).
(مسألة15):يحرم الخمر بالضرورة من الدين؛ بحيث يكون مستحلّها في زمرة الكافرين مع الالتفات1 إلى لازمه؛ أيتكذيب النبيّ صلى الله عليه و آله و سلم- والعياذ باللَّه- وقد ورد في الأخبار التشديد العظيم في تركها، والتوعيد الشديد في ارتكابها: وعن الصادق عليه السلام: «أنّ الخمر أُمّ الخبائث ورأس كلّ شر، يأتي على شاربها ساعة يسلب لبّه فلايعرف ربّه، ولايترك معصية إلّا ركبها، ولايترك حرمة إلّاانتهكها، ولا رحماً ماسّة إلّاقطعها، ولا فاحشة إلّاأتاها»، وقد ورد: «أنّ رسول اللَّه صلى الله عليه و آله و سلم لعن فيها عشرة: غارسها وحارسها وعاصرها وشاربها وساقيها وحاملها والمحمول إليه وبائعها ومشتريها وآكل ثمنها». بل نصّ في بعض الأخبار أنّه أكبر الكبائر، وفي أخبار كثيرة أنّ «مدمن الخمر كعابد وثن»، وقد فسّر المدمن2في بعض الأخبار بأنّه ليس الذي يشربها كلّ يوم، ولكنّه الموطّن نفسه أنّه إذا وجدها شربها. هذا، مع كثرة المضارّ في شربها التي اكتشفها حذّاق الأطبّاء في هذه الأزمنة، وأذعن بها المنصفون من غير ملّتنا.
1-العلوی: بل ولو مع عدم الالتفات.
2-الگرامی: (كما في رواية 1، الباب 16، أبواب الأشربة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 25، ص 334 بسند معتبر).
(مسألة16):يلحق بالخمر- موضوعاً أو حكماً1- كلّ مسكر؛ جامداً كان أو مائعاً، وما أسكر كثيره دون قليله حرم قليله وكثيره، ولو فرض عدم إسكارها في بعض الطباع أو بعض الأصقاع أو مع العادة، لايوجب ذلك عدم حرمتها.
1-الگرامی: موضوعاً (كما في رواية 5، الباب 15، أبواب الأشربة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 25، ص 326 ورواية 1، الباب 19، ص 342، أمّا حكماً ففى كثير من الروايات).
(مسألة17):لو انقلبت الخمر خلًاّ حلّت؛ سواء كان بنفسها أو بعلاج؛ بدون مزج شيء بها أو معه؛ سواء استهلك الخليط فيها قبل أن تنقلب خلًاّ، كما إذا مزجت بقليل من الملح أو الخلّ فاستهلكا فيها ثمّ انقلبت خلًاّ، أو لم يستهلك بل بقي فيها إلى ما بعد الانقلاب، لكن بشرط أن يكون الخلط للعلاج1 وبمقدار متعارف، وأمّا مع الزيادة عنه فمحلّ إشكال، بل مع الغلبة فالأقوى حرمتها ونجاستها. ويطهر الممتزج المتعارف الباقي بالتبعيّة، كما يطهر بها الإناء.
1-الگرامی: أي طبق قانون العلاج- لا دخالة القصد- (فإنّه إذا غلب المعالج به على الخمر لا يعالج الخمر، بل يستهلك فلا يفيد، كما في الحديث، فإنّ الملاك هو الانقلاب لا الاستهلاك. وأمّا صرف زيادة المعالج به على المتعارف فلا إشكال إذا كانت الزيادة قليلة لا تخالف قانون العلاج عند المعالجين).
(مسألة18):ومن المحرّمات المائعة الفقّاع إذا صار فيه نشيش وغليان وإن لم يسكر1، وهو شراب معروف كان في الصدر الأوّل يتّخذ من الشعير في الأغلب، وليس منه ماء الشعير المعمول بين الأطبّاء.
1-الگرامی: (لأخذ الفقاع موضوع الحرمة في الأدلّة. فهو حرام وإن لم يسكر لكن فيه سكر قليل أيضاً).
(مسألة19):يحرم1 عصير العنب إذا نشّ وغلى بنفسه أو غلى بالنار. وأمّا العصير الزبيبي والتمري2 فيحلّان3 إن غليا بالنار، وكذا إن غليا بنفسهما إلّاإذا ثبت إسكارهما، والظاهر أنّ الغليان بالشمس4 كالغليان بالنار، فله حكمه.
1-الگرامی: بل وينجس على الأحوط لا ينبغي تركه؛ (قلنا بالطهارة في رسالة التوضيح والمعلّقات، لظهور روايات الباب بحسب تناسب الحكم والموضوع في أنّ ملاك الحرمة وعلّيتها هو الإسكار فإنّه المفهوم من دخالة إبليس، كما أن تدخل الملعون في الغيبة مثلًا فإنّ العرف يفهم أنّ علّته الفتنة، وحينئذٍ فيشمله أدلّة نجاسة كلّ مسكر إلا أن يقال: ما ثبت من الأدلّة المعتبرة نجاسة الخمر لأكل مسكر بعمومه وعلى فرضه فلعلّ النجاسة مربوطة بالمسكر بالأصالة لا ما اسكر بالغليان ونحوه).
2-الگرامی: المهمّ في المسألة أنّ الموضوع في العنب في المقام هو عصيره، ولا عصير في الزبيب والتمرى بالذات، كما لا حالة سابقة لعصيرهما فلا يفيد الاستصحاب التعليقى في المقام إذ الزبيب لم يعصر عنبه قبلًا. وروايات التثليث أو تسهيم إبليس فيهما لا ظهور لها في حرمة عصيرهما العلاجى أي بإضافة الماء إليها.
3-العلوی:فيحرمان على الأحوط؛ سواء غليا بالنار، أو بنفسهما.
4-العلوی:في كفاية ذهاب الثلثين بغير النار إشكال، فتكون حلّيته بالتخليل.
(مسألة20):الظاهر أنّ الماء1الذي في جوف حبّة العنب بحكم عصيره، فيحرم إذا غلى بنفسه أو بالنار. نعم لايحكم بحرمته ما لم يحرز غليانه، فلو وقعت حبّة من العنب في قدر يغلي، وهي تعلو وتسفل في الماء المغليّ، فلا تحرم ما لم يعلم بغليانه، ومجرّد ما ذكر لايوجب غليان جوفها.
1-الصانعی: بل الظاهر أنّه ليس بحكمه، فإنّ حرمة العصير المغلي بما هي هي تعبّدية محضة، فالتعدّي منه إلى الموجود في جوف العنب ممّا ليس بعصير محتاج إلى الدليل والحجّة، وإلغاء الخصوصية في مثل تلك الامور التعبّدية مشكل، بل ممنوع. هذا، مع أنّ احتمال الخصوصية بالفرق بين الماء المعصور والموجود في جوف العنب محقّق ناشٍ من الفرق بنظر علماء التغذية بين أكل البرتقال والتفّاح وشرب عصيرهما من حيث المنافع والمضارّ
(مسألة21):من المعلوم أنّ الزبيب ليس له عصير في نفسه، فالمراد بعصيره ما اكتسب منه الحلاوة؛ إمّا بأن يدقّ ويخلط بالماء، وإمّا بأن ينقع في الماء ويمكث إلى أن يكتسب حلاوته؛ بحيث صار في الحلاوة بمثابة عصير العنب، وإمّا بأن يمرس ويعصر بعد النقع فيستخرج عصارته. وأمّا إذا كان الزبيب على حاله وحصل في جوفه ماء، فالظاهر أنّ ما فيه ليس من عصيره، فلايحرم بالغليان ولو قلنا بحرمة عصيره المغليّ، فلا إشكال فيما وضع في طبيخ أو كبّة أو محشيّ ونحوها؛ وإن ورد فيه ماء وغلى، فضلًا عمّا إذا شكّ فيه.
(مسألة22):الظاهر أنّ ما غلى بنفسه من أقسام العصير الذي قلنا بحرمته، لا تزول حرمته إلّابالتخليل 1كالخمر؛ حيث إنّها لا تحلّ إلّابانقلابها خلًاّ، ولا أثر فيه لذهاب الثلثين.
وأمّا ما غلى بالنار ونحوها فتزول حرمته بذهاب ثلثيه، والأحوط أن يكون ذلك بالنار2 أو بما يغليه، لابالهواء وطول المكث. نعم لايلزم أن يكون ذهاب الثلثين في حال غليانه، بل يكفي ذلك إذا كان مستنداً إلى النار ولو بضميمة ما ينقص منه بعد غليانه قبل أن يبرد، فلو كان العصير في القدر على النار وقد غلى حتّى ذهب نصفه- ثلاثة أسداسه- ثمّ وُضع القدر على الأرض، فنقص منه قبل أن يبرد- بسبب صعود البخار- سدس آخر، كفى في الحلّيّة.
1-الگرامی: على الأحوط وإن كان يحتمل زوال الحرمة بالتثليث أيضاً؛ لظهور بعض روايات الباب الواردة في الحرمة في تساوى النش والغليان في الحكم وهما يشملان ما بنفسه وبالنار والشمس، وظهور بعض آخر في الحلّية بالتثليث في كلّ أنواع الغليان. مثل بعض ما ورد في نزاع نوح وإبليس. لكن قد يقال- كما عن شيخ الشريعة- بأنّ ما غلى بنفسه لا يمكن جعله دبساً، بل يصير خمراً فيطهر بالتخليل فقط ويحتمل تنزيل بعض ما ورد في نزاع نوح وإبليس على بعض آخر من الروايات الصريحة في الطبخ، فلا أقلّ من الاحتياط اللازم في اختصاص الحلّية بالتثليث بما غلى بالنار أو الشمس، بل في الشمس أيضاً نوع ترديد، لذكر الطبخ في بعض الروايات لكنّ العرف لا يفهم الفرق بين الحرارتين، إن كانت الحرارة مساوية. دون ما كانت حرارة الشمس أقلّ بكثير. وفاقاً للخونسارى والحائرى وغير واحد.
2-العلوی: فقط، دون ما يليها.
(مسألة23):إذا صار العصير المغليّ دبساً قبل أن يذهب ثلثاه، لايكفي في حلّيّته على الأحوط1.
1-العلوی:الأقوى.
الگرامی: بل الأقوى.
(مسألة24):إذا اختلط العصير بالماء ثمّ غلى فذهب ثلثا المجموع، ففي الحلّيّة إشكال1 إلّا إذا علم بذهاب ثلثي العصير.
1-العلوی:لاإشكال فيها.
(مسألة25):لو صبّ على العصير المغلي- قبل أن يذهب ثلثاه- مقدار من العصير غير المغلي، وجب ذهاب ثلثي مجموع ما بقي من الأوّل مع ما صبّ ثانياً، ولايحسب ما ذهب من الأوّل أوّلًا. فإذا كان في القدر تسعة أرطال من العصير، فغلى حتّى ذهب منه ثلاثة وبقي ستّة، ثمّ صُبّ عليه تسعة أرطال اخر فصار خمسة عشر، يجب أن يغلي حتّى يذهب عشرة ويبقى خمسة، ولايكفي ذهاب تسعة وبقاء ستة. لكن أصل هذا العمل خلاف الاحتياط، فالأحوط أن يطبخ كلّ على حدة وإن كان لما ذكرنا وجه.
(مسألة26):لابأس بأن يطرح في العصير قبل ذهاب الثلثين، مثل اليقطين والسفرجل والتفّاح وغيرها1، ويطبخ فيه حتّى يذهب ثلثاه، فإذا حلّ حلّ ما طُبخ فيه، لكن إذا كان المطروح ممّا يجذب العصير إلى جوفه، فلابدّ في حلّيّته من ذهاب ثلثي ما في جوفه2 أيضاً.
1-الگرامی: ممّا يعتاد طرحه.
2-العلوی:بل هو حاصل بنفس التثليث.
(مسألة27):يثبت ذهاب الثلثين من العصير المغلي بالعلم وبالبيّنة1وبإخبار ذي اليد المسلم، بل وبالأخذ منه إذا كان ممّن يعتقد حرمة ما لم يذهب ثلثاه، بل وإذا لم يعلم اعتقاده أيضاً. نعم إذا علم أنّه ممّن يستحلّ العصير المغلي قبل أن يذهب ثلثاه، مثل أن يعتقد أنّه يكفي في حلّيّته صيرورته دبساً، أو اعتقد أنّ ذهاب الثلثين لايلزم أن يكون بالنار، بل يكفي بالهواء وطول المكث أيضاً، ففي جواز الاستئمان بقوله إذا أخبر عن حصول التثليث خلاف وإشكال2. وأولى بالإشكال جواز الأخذ منه- والبناء على أنّه طبخ على الثلث- إذا احتمل ذلك من دون تفحّص عن حاله، فالأحوط3الاجتناب عنه وعدم الاعتماد بقوله، وعدم البناء على تثليث ما اخذ منه، بل لايخلو من قُوّة.
1-الصانعی: الاكتفاء بخبر الثقة في أمثاله من الموضوعات وعدم الاحتياج إلى البيّنة غير خالٍ من الوجه، بل قوّة
2-الگرامی: الملاك هو الوثوق في ذلك والفرع بعده، مستفاداً من روايات الباب 7، أبواب الأشربة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 25، ص 292.
3-العلوی:الأقوى جواز الاعتماد على قوله مع حصول الاطمئنان.
(مسألة28):يحرم تناول مال الغير- وإن كان كافراً1 محترم المال- بدون إذنه ورضاه، ولابدّ من إحراز ذلك بعلم ونحوه، وقد ورد2: «من أكل من طعام لم يدع إليه فكأنّما أكل قطعة من النار».
1-الگرامی: فإنّ المنساق من روايات الجزية والذمّة صون مال الكافر الذمّى، فراجع مثل صحيح 3، الباب 68 جهاد العدوّ.
2-الگرامی: (في روايات 1 و 2، الباب 63، أبواب الأطعمة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 24، ص 234. ونحوه في المستدرك).
(مسألة29):يجوز أن يأكل الإنسان- ولو مع عدم الضرورة- من بيوت الآباء والامّهات والأولاد والإخوان والأخوات والأعمام والعمّات والأخوال والخالات والأصدقاء، وكذا الزوجة من بيت زوجها، وكذا يجوز لمن كان وكيلًا على بيت أحد- مفوّضاً إليه اموره وحفظه بما فيه- أن يأكل من بيت موكّله. وإنّما يجوز الأكل من تلك البيوت إذا لم يعلم كراهة صاحب البيت، فيكون امتيازها عن غيرها بعدم توقّف جواز الأكل منها على إحراز الرضا والإذن من صاحبها، فيجوز مع الشكّ بل مع الظنّ بالعدم1- أيضاً- على الأقوى2، لكن لاينبغي ترك الاحتياط، خصوصاً مع غلبته. والأحوط اختصاص الحكم بما يعتاد أكله من الخبز والتمر والإدام والفواكه ونحوها، دون نفائس الأطعمة التي تدّخر غالباً لمواقع الحاجة وللأضياف ذوي الشرف والعزّة. والظاهر التعدية إلى غير المأكول؛ من المشروبات العاديّة كاللبن المخيض واللبن الحليب وغيرها، ولا يُتعدّى إلى بيوت غيرهم، ولا إلى غير بيوتهم كدكاكينهم3 وبساتينهم، كما أنّه يُقتصر على ما في البيت من المأكول، فلايتعدّى إلى ما يُشترى من الخارج بثمن يؤخذ من البيت.
1-العلوی:الأحوط الاجتناب منه.
2-الصانعی: الأقوائية ممنوعة، بل عدم الجواز مع الظنّ بالعدم خصوصاً مع غلبته لايخلو عن قوّة؛ حيث إنّ الظاهر كون الجواز من تلك البيوت لمكان المحبّة والمودّة، كما يشهد عليه ضمّ الصديق في الآية، فالأكل مع الظنّ بعدم الرضا منافٍ لها، كما لايخفى، فالآية منصرفة عنه، فتدبّر واغتنم
3-الگرامی: الظاهر الجواز في الممّهد للأكل لا لما للبيع؛ لإلغاء الخصوصية عرفاً إذا علم أنّه للأكل.
(مسألة30):تباح جميع المحرّمات المزبورة حال الضرورة؛ إمّا لتوقّف حفظ نفسه وسدّ رَمَقه على تناوله، أو لعروض المرض الشديد الذي لايتحمّل عادة بتركه، أو لأداء تركه إلى لحوق الضعف المفرط المؤدّي إلى المرض الذي لايتحمّل عادة، أو إلى التلف، أو المؤدّي إلى التخلّف عن الرفقة مع ظهور أمارة العطب. ومنها ما إذا أدّى تركه إلى الجوع والعطش اللذين لا يُتحمّلان عادة. ومنها ما إذا خيف بتركه على نفس اخرى محترمة، كالحامل تخاف على جنينها، والمرضعة على طفلها. بل ومنها خوف طول المرض الذي لايتحمّل عادة أو عسر علاجه1 بترك التناول. والمدار في الكلّ هو الخوف الحاصل من العلم أو الظنّ بالترتّب، بل الاحتمال الذي يكون له منشأ عقلائيّ لا مجرّد الوهم والاحتمال.
1-الگرامی: (لكريمة حكم الحرج والعسر والاضطرار، في الأنعام والبقرة والمائدة، وروايات 1، الباب 1 و 56، أبواب الأطعمة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 24، ص 99 و 214 والباب 4 مستدرك الوسائل، ج 16، ص 174. وراجع: جواهر الكلام، ج 36، ص 424).
(مسألة31):ومن الضرورات المبيحة للمحرّمات: الإكراه والتقيّة1 عمّن يخاف منه على نفسه، أو نفس محترمة، أو على عرضه، أو عرض محترم، أو مال محترم منه معتدّ به ممّا يكون تحمّله حرجيّاً، أو من غيره كذلك2
1-الگرامی: (كما في الباب 25، أبواب الأمر والنهي وسائل الشيعة، ج 16، ص 214 والباب 56، أبواب جهاد النفس، ج 15، ص 369، وكريمة: إلا مَن اكره).
2-الصانعی: ومثلهما الخوف على الضرر المالي المعتدّ به، وإن لميصل إلى الحرج؛ قضاءً لقاعدة نفي الضرر
(مسألة32):في كلّ مورد يتوقّف حفظ النفس1 على ارتكاب محرّم يجب2 الارتكاب، فلايجوز التنزّه والحال هذه3 ، ولا فرق بين الخمر والطين وبين سائر المحرّمات، فإذا أصابه عطش4 حتّى خاف على نفسه جاز شرب الخمر5بل وجب. وكذا إذا اضطرّ إلى غيرها من المحرّمات.
1-الصانعی: أو دفع الضرر البدني أو المالي المعتدّ به
2-الگرامی: للمصلحة الملزمة في حفظ النفس من الهلاك. هذا في المأكول والمشرب ولا يجرى في كلّ محرّم فهل يجوز الزنا في الضرورة والحرج؟ وهل يجوّز أيّ فقيه ارتكاب الفحشاء لما اشتاق وعشق الأجنبيّة؟ ومن عجيب الكلام ما يقال من جواز ارتكاب أيّ محرّم ولو شرب الخمر والفحشاء للمأمورين في دوائر الأمن لكشف المعارضين للحكومة! حيث لم نجد ولم اسمع ذلك في أيّام حكومة النبي والولي.
3-الصانعی:لوجوب حفظ النفس ودفع الضرر كذلك
4-الگرامی: (كما في الباب 36، أبواب الأشربة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 25، ص 378).
5-الصانعی: كما في موثّقة عمّار. (وسائل الشيعة 25: 378/ 1)
(مسألة33):لو اضطرّ إلى محرّم فليقتصر على مقدار الضرورة، ولايجوز له الزيادة، فإذا اقتضت الضرورة أن يشرب الخمر أو يأكل الميتة- لدفع الخوف على نفسه- فليقتصر على ذلك، ولايجوز له الزيادة1
1-الصانعی: ولايخفى أنّ الضرورة قد تكون بالشبع واخرى بما دونه وثالثة بالتزوّد أيضاً حسب اختلاف الموارد والضرورات
(مسألة34):يجوز1 التداوي لمعالجة الأمراض بكلّ محرّم إذا انحصر به العلاج؛ ولو بحكم الحذّاق من الأطبّاء الثّقات. والمدار هو انحصاره بحسب تشخيصهم ممّا بين أيدي الناس ممّا يعالج به، لا الواقع الذي لايحيط به إدراك البشر.
1-الگرامی: (لأدلّة نفى الضرر، والاضطرار، ورواية 4، الباب 20، أبواب من يصّح منه الصوم وسائل الشيعة، ج 10، ص 219 و رواية 8، الباب 20، أبواب الأشربة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 25، ص 346).
(مسألة35):المشهور- على ما حكي- عدم جواز التداوي بالخمر- بل بكلّ مُسكر- حتّى مع الانحصار. لكن الجواز لايخلو من قوّة بشرط العلم بكون المرض قابلًا للعلاج، والعلم بأنّ تركه يؤدّي إلى الهلاك أو إلى ما يُدانيه، والعلم بانحصار العلاج به بالمعنى الذي ذكرناه. ولايخفى شدّة أمر الخمر، فلايبادر إلى تناولها والمعالجة بها، إلّاإذا رأى من نفسه الهلاك أو نحوه لو ترك التداوي بها؛ ولو بسبب توافق جماعة من الحُذّاق واولي الديانة1 والدراية من الأطبّاء، وإلّا فليصطبر على المشقّة2، فلعلّ الباري- تعالى شأنه- يعافيه لمّا رأى منه التحفّظ على دينه، أو يعطيه الثواب الجزيل على صبره.
1-الگرامی: الملاك هو الوثوق.
2-الگرامی: (كما في روايات 3 و ...، الباب 20، أبواب الأشربة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 25، ص 344. وتحمل الروايات المعارضه على بعض المحال مثل وجود خصوصية في المخاطب).
(مسألة36):لو اضطُرّ إلى أكل طعام الغير لسدّ رمقه وكان المالك حاضراً، فإن كان هو- أيضاً- مضطرّاً لم يجب عليه بذله، وهل لايجوز له ذلك؟ فيه تأمّل1، ولايجوز للمضطرّ قهره. وإن لم يكن مضطرّاً يجب عليه بذله للمضطرّ، وإن امتنع عن البذل، جاز له قهره بل مقاتلته والأخذ منه قهراً. ولايتعيّن على المالك بذله مجّاناً، فله أن لايبذله إلّابالعوض،
وليس للمضطرّ قهره بدونه. فإن اختار البذل بالعوض، فإن لم يقدّره بمقدار كان له عليه ثمن مثل ما أكله إن كان قيميّاً، أو مثله إن كان مثليّاً، وإن قدّره لم يتعيّن عليه تقديره بثمن المثل أو أقلّ، بل له أن يقدّره بأزيد منه ما لم ينته إلى الحرج، وإلّا فليس له. فبعد التقدير إن كان المضطرّ قادراً على دفعه يجب عليه الدفع إن طالبه به، وإن كان عاجزاً يكون في ذمّته.
هذا إذا كان المالك حاضراً. ولو كان غائباً فله الأكل منه بقدر سدّ رمقه، وتقدير الثمن وجعله في ذمّته، ولايكون أقلّ من ثمن المثل. والأحوط المراجعة إلى الحاكم لو وجد، ومع عدمه فإلى عدول المؤمنين.
1-العلوی:لاتأمّل فيه.
الگرامی: قد يقال هذا إيثار يحسن ولا يبعد ذلك.
(مسألة37):يحرم الأكل على مائدة يشرب عليها شيء من الخمر بل وغيرها1 من المسكرات، وكذا الفقّاع. ثمّ إنّ للأكل والشرب آداباً مندوبة ومكروهة مذكورة في المفصّلات، فليراجع إليها.
1-الگرامی: بل الجلوس في كلّ مجلس يعصى اللّه تعالى سيّما إذا كان تشويقاً (فى الخمر والمسكر راجع: الباب 33، أبواب الأشربة المحرّمة وسائل الشيعة، ج 25، ص 374 والباب 62، أبواب الأطعمة المحرّمة ج 24، ص 232. وفى مطلق المعصية: باب مجالسة أهل المعاصى حديث 1 من كتاب الإيمان والكفر روايات 1 و 9 و 11 ذكرها في روضة المتّقين، ج 9، ص 344) وبالنسبة إلى خصوص مجالسة أهل البدع مثل رواية 1، الباب 27، أبواب أحكام العشرة وسائل الشيعة، ج 12، ص 48.