و هو تملیک مال لآخر بالضمان؛ بأن یکون علی عهدته أداؤه بنفسه أو بمثله أو قیمته، و یقال للمملّک: المقرض، و للمتملّک: المقترض و المستقرض.
مسألة ۱- یکره الاقتراض مع عدم الحاجة، و تخفّ کراهته مع الحاجة، و کلّما خفّت الحاجة اشتدّت الکراهة و کلّما اشتدّت خفّت إلی أن زالت، بل ربّما وجب إذا توقّف علیه أمر واجب کحفظ نفسه أو عرضه و نحو ذلک، فعن مولانا أمیر المؤمنین علیه السّلام: «إیّاکم و الدین فإنّها مذلّة بالنهار و مهمّة باللیل و قضاء في الدنیا و قضاء في الآخرة»، و عن مولانا الکاظم علیه السّلام: «من طلب هذا الرزق من حلّه لیعود به علی نفسه و عیاله کان المجاهد في سبیل الله، فإن غلب علیه فلیستدن علی الله و علی رسوله ما یقوت به عیاله». و الأحوط لمن لم یکن عنده ما یوفي به دینه و لم یترقّب حصوله عدم الاستدانة إلّا عند الضرورة».
مسألة ۲- إقراض المؤمن من المستحبّات الأکیدة، سیّما لذوي الحاجة؛ لما فیه من قضاء حاجته و کشف کربته، و قد قال النبيّ صلّی الله علیه و آله و سلّم: «من کشف عن مسلم کربة من کرب الدنیا کشف الله عنه کربه یوم القیامة، و الله في عون العبد ما کان العبد في حاجة أخیه»، و عنه صلّی الله علیه و آله و سلّم: «من أقرض مؤمناً ینظر به میسوره کان ماله في زکاة و کان هو في صلاة من الملائکة حتّی یؤدّیه، و من أقرض أخاه المسلم کان له بکلّ درهم أقرضه وزن جبل اُحد من جبال رضوی و طور سیناء حسنات، و إن رفق به في طلبه تعدّی علی الصراط کالبرق الخاطف اللامع بغیر حساب و لا عذاب. و من شکی إلیه أخوه المسلم فلم یقرضه حرّم الله – عزّ و جلّ – علیه الجنّة یوم یجزي المحسنین».
مسألة ۳- حیث إنّ القرض عقد من العقود یحتاج إلی إیجاب کقوله: «أقرضتک» و ما یؤدّي معناه، و قبول دالّ علی الرضا بالإیجاب. و لا یعتبر في عقده العربیّة، بل یقع بکلّ لغة، بل الظاهر جریان المعاطاة فیه، فیتحقّق حقیقته بإقباض العین و قبضها و تسلّمها بهذا العنوان من دون احتیاج إلی الصیغة. و یعتبر في المقرض و المقترض ما یعتبر في المتعاقدین في سائر المعاملات و العقود؛ من البلوغ و العقل و القصد و الاختیار.
مسألة ۴- یعتبر في المال أن یکون عیناً مملوکاً، فلا یصحّ إقراض الدین و لا المنفعة و لا ما لا یصحّ تملّکه کالخمر و الخنزیر، و لا یعتبر کونه عیناً شخصیّاً، فیصحّ إقراض الکلّي؛ بأن یوقع العقد علی الکلّي و إن کان إقباضه لا یکون إلّا بدفع عین شخصي. و یعتبر مع ذلک کونه ممّا یمکن ضبط أوصافه و خصوصیّاته التي تختلف باختلافها القیمة و الرغبات؛ مثلیّاً کان الحبوبات و الأدهان و نحوهما أو قیمیّاً کالأغنام و الجواري و العبید و أمثالها، فلا یجوز إقراض مالا یمکن ضبط أوصافه إلّا بالمشاهدة کاللحم و الجواهر و نحوهما.
مسألة ۵- لابدّ من أن یقع القرض علی معیّن، فلا یصحّ إقراض المبهم کأحد هذین، و أن یکون المال معیّناً قدرة بالکیل أو الوزن فیما یکال أو یوزن، و بالعدّ فیما یقدّر بالعدّ، فلا یصحّ إقراض صبرة من طعام جزافاً. و لو قدّر بکیلة معیّنة و ملأ إناء معیّن غیر الکیل المتعارف، أو وزن بصخرة معیّنة غیر العیار المتعارف عند العامّة لم یبعد الاکتفاء به لکنّ الأحوط خلافه.
مسألة ۶- یشترط في صحّة القرض القبض و الإقباض، فلا یملک المستقرض المال المقترض إلّا بعد القبض و لا یتوقّف علی التصرّف.
مسألة ۷- الأقوی أنّ القرض عقد لازم، فلیس للمقرض فسخه و الرجوع بالعین المقترضة لو کانت موجودة. نعم له عدم الإنظار و مطالبة المقترض بالأداء و القضاء و لو قبل قضاء و طره أو مضيّ زمان یمکن فیه ذلک.
مسألة ۸- لو کان المال المقترض مثلیّاً کالحنطة و الشعیر و الذهب و الفضّة و نحوها ثبت في ذمّة المقترض مثل ما اقترض، و لو کان قیمیّاً کالغنم و نحوها ثبت في ذمّته قیمته. و في اعتبار قیمة وقت الاقتراض أو قیمة حال الأداء و القضاء و جهان، الأحوط التراضي و التصالح في مقدار التفاوت بین القیمتین لو کان.
مسألة ۹- لا یجوز شرط الزیادة؛ بأن یقرض مالاً علی أن یؤدّي المقترض أزید ممّا اقترضه؛ سواء اشترطاه صریحاً أو أضمراه بحیث وقع القرض مبنیّاً علیه، و هذا هو الرباء القرضي المحرّم الذي و عدنا ذکره في کتاب البیع و ذکرنا هناک بعض ما ورد في الکتاب و السنّة من التشدید علیه. و لا فرق في الزیادة بین أن تکون عینیّة کما إذا أقرضه عشرة دراهم علی أن یؤدّي اثني عشر، أو عملاً کخیاطة ثوب له، أو منفعة، أو انتفاعاً کالانتفاع بالعین المرهونة عنده، أو صفة مثل أن یقرضه دراهم مکسورة علی أن یؤدیّها صحیحة. و کذا لا فرق بین أن یکون المال المقترض ربویّاً؛ بأن کان من المکیل و الموزون، و غیره؛ بأن کان معدوداً کالجوز و البیض.
مسألة ۱۰- إذا أقرضه شیئاً و شرط علیه أن یبیع منه شیئاً بأقلّ من قیمته أو یؤاجره بأقلّ من اُجرته کان داخلاً في شرط الزیادة، نعم لو باع المقترض من المقرض مالاً بأقلّ من قیمته و شرط علیه أن یقرضه مبلغاً معیّناً لا بأس به، و إن أفاد فائدة الأوّل، و به یحتال في الفرار عن الربا کسائر الحیل الشرعیّة، و لنعم الفرار من الحرام إلی الحلال.
مسألة ۱۱- إنّما تحرم الزیادة مع الشرط و أمّا بدونه فلا بأس به، بل یستحبّ ذلک للمقترض؛ حیث إنّه من حسن القضاء و خیر الناس أحسنهم قضاء. بل یجوز ذلک إعطاءً و أخذاً لو کان الإقراض لأجل أن ینتفع من المقترض لکونه حسن القضاء و یکافیء من أحسن إلیه بأحسن الجزاء بحیث لو لا ذلک یم یقرضه. نعم یکره أخذه للمقرض خصوصاً إذا کان إقراضه لأجر ذلک، بل یستحبّ أنّه إذا أعطاه المقترض شیئاً بعنوان الهدیّة و نحوها یحسبه عوض طلبه؛ بمعنی أنّه یسقط منه بمقداره.
مسألة ۱۲- إنّما یحرم شرط الزیادة للمقرض علی المقترض، فلا بأس بشرطها للمقترض، کما إذا أقرضه عشرة دراهم علی أن یؤدّي ثمانیة أو أقرضه دراهم صحیحة علی أن یؤدّیها مکسورة. فما تداول بین التجّار من أخذ الزیادة و إعطائها في الحوائل المسمّاة عندهم بصرف البرات و یطلقون علیه بیع الحوالة و شرائها إن کان بإعطاء مقدار من الدراهم و أخذ الحوالة من المدفوع إلیه بالأقلّ منه لا بأس به، کما إذا احتاج أحد إلی إیصال وجه إلی بلد فیجيء عند التاجر و یعطي له مائة درهم علی أن یعطیه الحوالة بتسعین درهماً علی طرفه في ذلک البلد، حیث إنّ في هذا الفرض یون مائة درهم في ذمّة التاجر و هو المقترض و جعل الزیادة له، و إن کان بإعطاء الأقلّ و أخذ الحوالة بالأکثر یکون داخلاً في الربا، کما إذا احتاج أحد إلی مقدار من الدراهم و یکون له المال في بلد آخر فیجيء عند التاجر و یأخذ منه تسعین درهماً علی أن یعطیه الحوالة بمائة درهم علی من کان عنده المال في بلد آخر لیدفع إلی طرف التاجر في ذلک البلد، حیث إنّ التاجر في هذا الفرض قد أقرض تسعین و جعل له زیادة عشرة، فلابدّ لأجل التخلّص من الربا من إعمال بعض الحیل الشرعیّة.
مسألة ۱۳- المال المقترض إن کان مثلیّاً – کالدراهم و الدنانیر و الحنطة و الشعیر – کان و فاؤه و أداؤه بإعطاء ما یماثله في الصفات من جنسه؛ سواء بقي علی سعره الذي کان له وقت الاقتراض أو ترقّی أو تنزّل، و هذا هو الوفاء الذي لا یتوقّف علی التراضي، فللمقرض أن یطالب المقترَض به، و لیس له الامتناع. و لو ترقّی سعره عمّا أخذه بکثیر کما أنّ المقترض لو أعطاه للمقرض لیس له الامتناع و لو تنزّل بکثیر. و یمکن أن یؤدّي بالقیمة أو بغیر جنسه؛ بأن یعطي بدل الدراهم دنانیر – مثلاً – أو بالعکس، لکن هذا النحو من الأداء و الوفاء یتوقّف علی التراضي. فلو أعطی بدل الدراهم دنانیر فللمقرض الامتناع من أخذها و لو تساویا في القیمة، بل و لو کانت الدنانیر أغلی، کما أنّه لو أراده المقرض کان للمقترض الامتناع و إن تساویا في القیمة أو کانت الدنانیر أرخص. و إن کان قیمیّاً فقد مرّ أنّه تشتغل ذمّة المقترض بالقیمة، و إنّما تکون بالنقود الرائجة فأداؤه – الذي لا یتوقّف علی التراضي – بإعطائها. و یمکن أن یؤدّي بجنس آخر من غیر النقود بالقیمة، لکنّه یتوقّف علی التراضي. و لو کانت العین المقترضة موجودة فأراد المقرض أداء الدین بإعطائها أو أراد المقترض ذلک ففي جواز امتناع الآخر تأمّل و إشکال، فلا یترک الاحتیاط.
مسألة ۱۴- یجوز في قرض المثلي أن یشترط المقرض علی المقترض أن یؤدّیه من غیر جنسه؛ بأن یؤدّي عوض الدراهم – مثلاً – دنانیر و بالعکس. و یلزم علیه ذلک بشرط أن یکونا متساویین في القیمة أو کان ما شرط علیه أقلّ قیمة ممّا اقترض.
مسألة ۱۵- الأقوی أنّه لو شرط التأجیل في القرض صحّ و لزم العمل به، و کان کسائر الدیون المؤجّلة لیس للمقرض مطالبته قبل حلول الأجل.
مسألة ۱۶- لو شرط علی المقترض أداء القرض و تسلیمه في بلد معیّن صحّ و لزم و إن کان في حمله إلیه مؤونة، فإن طالبه في غیر ذلک البلد لم تلزم علیه الأداء، کما أنّه لو أدّاه في غیره لم یلزم علی المقرض القبول. و إن أطلق و لم یعیّن بلد التسلیم، فالذي یجب علی المقترض أداؤه فیه – لو طالبه المقرض – و یجب علی المقرض القبول – لو أدّاه المقترض – فیه هو بلد القرض، و أمّا غیره فیحتاج إلی التراضي و إن کان الأحوط للمقترض مع عدم الضرر و عدم الاحتیاج إلی مؤونة الحمل، الأداء لو طالبه الغریم فیه.
مسألة ۱۷- یجوز أن یشترط في القرض إعطاء الرهن أو الضامن أو الکفیل و کلّ شرط سائغ لا یکون فیه النفع للمقرض و لو کان مصلحة له.
مسألة ۱۸- لو اقترض دراهم ثمّ أسقطها السلطان و جاء بدراهم غیرها لم یکن علیه إلّا الدراهم الاُولی. نعم في مثل الصکوک المتعارفة في هذه الأزمنة المسمّاة بالنوط و الإسکناس و غیرهما إذا سقطت عن الاعتبار الظاهر اشتغال الذمّة بالدراهم و الدنانیر التي تتناول هذه الصکوک بدلاً عنها؛ لأنّ الاقتراض في الحقیقة یقع علی الدراهم أو الدنانیر التي هي من النقدین و من الفضّة و الذهب المسکوکین؛ و إن کان في مقام التسلیم و الإیصال یکتفي بتسلیم تلک الصکوک و إیصالها. نعم لو فرض وقوع القرض علی الصکّ الخاصّ بنفسه؛ بأن قال مثلاً: أقرضتک هذا الکاغذ الکذائي المسمّی بالنوط الکذائي، کان حالها حال الدراهم في أنّه إذا سقط اعتبارها لم یکن علی المقترض إلّا أداء الصکّ، و هکذا الحال في المعاملات و المهور الواقعة علی الصکوک.
تاریخ به روزرسانی: سه شنبه, ۱۸ شهریور ۱۴۰۴