فصل
{في صورة حجّ التمتّع وشرائطه}
صورة حجّ التمتّع، على الإجمال، أن يحرم في أشهر الحجّ من الميقات بالعمرة المتمتّع بها إلى الحجّ، ثمّ يدخل مكّة فيطوف فيها بالبيت سبعاً، ويصلّي ركعتين في المقام، ثمّ يسعى لها بين الصفا والمروة سبعاً، ثمّ يطوف للنساء احتياطاً ۱ وإن كان الأصحّ عدم وجوبه، ويقصّر۲، ثمّ ينشئ إحراماً للحجّ من مكّة في وقت يعلم أنّه يدرك الوقوف بعرفة، والأفضل إيقاعه يوم التروية ۳، ثمّ يمضي إلى عرفات فيقف بها من الزوال ۴إلى الغروب۵، ثمّ يفيض ويمضي منها إلى المشعر فيبيت فيه ويقف به بعد طلوع الفجر۶ إلى طلوع الشمس۷، ثمّ يمضي إلى منى۸ فيرمي جمرة العقبة، ثمّ ينحر أو يذبح هديه ويأكل منه۹، ثمّ يحلق۱۰ أو يقصّر فيحلّ من كلّ شيء إلّا النساء والطيب، والأحوط اجتناب الصيد أيضاً وإن كان الأقوى عدم حرمته عليه من حيث الإحرام۱۱ ؛ ثمّ هو مخيّر بين أن يأتي إلى مكّة ليومه، فيطوف طوافالحجّ ويصلّي ركعتيه ويسعى سعيه فيحلّ له الطيب، ثمّ يطوف طواف النساء ويصلّي ركعتيه فتحلّ له النساء، ثمّ يعود إلى منى لرمي الجمار فيبيت بها ليالي التشريق وهي الحادي عشر والثاني عشر والثالث عشر۱۲، ويرمي في أيّامها الجمار الثلاث، وأن لا يأتي إلى مكّة ليومه بل يقيم بمنى حتّى يرمي جماره الثلاث يوم الحادي عشر ومثله يوم الثاني عشر، ثمّ ينفر بعد الزوال إذا كان قد اتّقى النساء والصيد، وإن أقام إلى النفر الثاني وهو الثالث عشر ولو قبل الزوال لكن بعد الرمي جاز أيضاً، ثمّ عاد إلى مكّة للطوافين والسعي ولا إثم عليه في شيء من ذلك على الأصحّ، كما أنّ الأصحّ الاجتزاء بالطواف والسعي تمام ذي الحجّة، والأفضل الأحوط هو اختيار الأوّل، بأن يمضي إلى مكّة يوم النحر، بل لا ينبغي التأخير لغده فضلًا عن أيّام التشريق، إلّا لعذر.۱۳
۱- الخوئی: هذا الاحتیاط ضعیف و لا بأس به رجاءُ.
۲- المکارم : ولظاهر أنّ الدلیل علی هذا الاحتیاط هو خیر سلیمان حفص المروزی . ولکن ظاهره کون التقصیر قبل طواف النساء، ولاأقل أنّه القدر المتیقّن منه ، فتأمّل . و ذلک لأنّه قال :« إذا حجّ الرجل فدخل مکّة متمتّعأ فطاف بالبیت و صلّی رکعتین خلف مقام ابراهیم (علیه السّلام ) و سعی بین الصفا و المروة و قصّر، فقد حلّ له کلّ شیء ما خلا النساء . لأنّ علیه لتحلّة النساء طوافاً و صلاةً »
(۸۲/۷ من أبواب الطواف) و لکنّ الماتن ذکر التقصیربعد طواف النساء و إن کان نسخ الحدیث لا یخلو عن تشویش ، کما یظهر من بعض التعلیقات علی الوسائل ، فراجع
۳- الامام الخمینی : بعد صلاة الظهر ، علی تفصیل ذکرنا فی مناسک الحجّ.
۴- الگلپایگانی : من یوم عرفة.
الخوئی : و لا بأس بالتأخیر من الزوال بمقدار ساعة.
۵- الأمام الخمینی : النوری :من یوم عرفة .
المکارم : أی من زوال یوم عرفة إلی غروبه ، و منه یظهر أنّ مراده من الوقوف بمشعر بعد طلوع الفجر یوم العید إلی طلوع الشمس منه .
۶- الگلپایگانی ، النوری : من یوم النحر.
۷- الإمام الخمینی : من یوم النحر، و کذا أعمال منی .
۸-الگلپایگانی : یوم النحر .
۹- الامام الخمینی : علی الأحوط و إن لا یجب علی الأقوی .
النوری : علی الأحوط و إن کان الأقوی عدم الوجوب .
۱۰- الامام الخمینی : الأحوط تعیّن الحلق المصرورة و من عقص رأسه و الملبّد ، و یتعیّن التقصیر علی النساء
۱۱- الگلپایگانی : و إن حرم لحرمة الحرم
المکارم : لکن من الواضح حرمته علیه من حیث الحرم ، و علیه یحمل ما ورد فی روایة معاویة بن عمّار ( ۱۳/۱من أبواب الحلق ) بقرینة ما ورد فی صدرها من أنّه إذا ذبح الرجل و حلق فقد أحلّ من کلّ شی ء أحرم منه إلّا النساء و الطیب فإنّ عدم ذکر الصید هنا دلیل علی أنّ تحریم الصید فی ذیلة من باب الحرم ، و یدلّ علیه أیضاً ما رواه عمربن یزید ( ۱۳/۴ من ابواب الحلق )
۱۲- الإمام الخمینی : فی بعض الصور .
الخوئی : هذا من سهو القلم ، فإنّ حکم من یأتی إلی مکّة لیومه من جهة وجوب البتوتة و الرمی حکم من یقیم بمنی بلا فرق بینهما.
۱۳- المظاهری : هذا خلاصة صورة حجّ التمتّع ، ولنا فی هذه الخلاصة مواقع من النظر لابدً من بیانها کلًّ فی محلّه .
ويشترط في حجّ التمتّع امور:
أحدها: النيّة ۱، بمعنى قصد الإتيان بهذا النوع من الحجّ حين الشروع في إحرام العمرة، فلو لم ينوه أو نوى غيره أو تردّد في نيّته بينه وبين غيره لم يصحّ؛ نعم، في جملة من الأخبار: أنّه لو أتى بعمرة مفردة في أشهر الحجّ جاز أن يتمتّع بها، بل يستحبّ ذلك إذا بقي في مكّة إلى هلال ذي الحجّة، ويتأكّد إذا بقي إلى يوم التروية، بل عن القاضي وجوبه حينئذٍ، ولكنّ الظاهر تحقّق الإجماع على خلافه۲؛ ففي موثّق سماعة عن الصادق عليه السلام: «من حجّ معتمراً في شوّال ومن نيّته أن يعتمر ورجع إلى بلاده فلا بأس بذلك، وإن هو أقام إلى الحجّ فهو متمتّع، لأنّ أشهر الحجّ شوّال وذو القعدة وذو الحجّة، فمن اعتمر فيهنّ فأقام إلى الحجّ فهي متعة، ومن رجع إلى بلاده ولم يقم إلى الحجّ فهي عمرة، وإن اعتمر في شهر رمضان أو قبله فأقام إلى الحجّ فليس بمتمتّع وإنّما هو مجاورٌ أفرد العمرة، فإن هو أحبّ أن يتمتّع في أشهر الحجّ بالعمرة إلى الحجّ فليخرج منها حتّى يجاوز ذات عرق أو يتجاوز عسفان فيدخل متمتّعاً بعمرته إلى الحجّ، فإن هو أحبّ أن يفرد الحجّ فليخرج إلى الجعرانة فيلبّي منها» وفي صحيحة عمر بن يزيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام: «من اعتمر عمرة مفردة فله أن يخرج إلى أهله، إلّا أن يدركه خروج الناس يوم التروية» وفي قويّة عنه عليه السلام: «من دخل مكّة معتمراً مفرداً للحجّ۳ فيقضي عمرته كان له ذلك، وإن أقام إلى أن يدركه الحجّ كانت عمرته متعة، قال عليه السلام: وليس تكون متعة إلّا في أشهر الحجّ» وفي صحيحة عنه عليه السلام: «من دخل مكّة بعمرة فأقام إلى هلال ذي الحجّة فليس له أن يخرج حتّى يحجّ مع الناس» وفي مرسل موسى بن القاسم: «من اعتمر في أشهر الحجّ فليتمتّع» إلى غير ذلك من الأخبار. وقد عمل بها جماعة، بل في الجواهر: لا أجد فيه خلافاً؛ ومقتضاها صحّة التمتّع مع عدم قصده حين إتيان العمرة، بل الظاهر من بعضها أنّه يصير تمتّعاً قهراً ۴من غير حاجة إلى نيّة التمتّع بها بعدها، بل يمكن أن يستفاد منها أنّ التمتّع هو الحجّ عقيب عمرة وقعت في أشهر الحجّ بأىّ نحو أتى بها، ولا بأس بالعمل بها، لكن القدر المتيقّن ۵ منها هو الحجّ الندبيّ، ففيما إذا وجب عليه التمتّع فأتى بعمرة مفردة ثمّ أراد أن يجعلها عمرة التمتّع، يشكل الاجتزاء بذلك عمّا وجب عليه؛ سواء كان حجّة الإسلام أو غيرها ممّا وجب بالنذر أو الاستئجار۶
۱-المظاهری : الظاهر عدم وجوب ذلک ، لأنّ حجّ التمتّع هو الإتیان بالحجّ عقیب العمرة أمّا کون ذلک مع النیّة ، فلا دلیل معتدّاً به له .
۲- الخوئی : علی أنّ صحیحة إبراهیم بن عمر الیمانی صریحة فی الجواز.
۳- الخوئی : هذا من سهو القلم ، و الصحیح : مفرداً للعمرة .
۴- النوری: وهو بعید ، بل ینافیه صحیحة إبراهیم بن عمر الیمانی .
۵- الخوئی : لکنّ الروایات مطلقة تشمل من وجب علیه الحجّ أیضاً .
النوری : والظاهر خلافه ، لإطلاق الروایات .
۶- الخوئی : لا وجه لاحتمال الإجزاء للحجّ الاستنجاری و یحتمل أن یکون ذکره من سهو القلم ؛ و أمّا فی النذر فالحکم تابع لقصد الناذر.
الثاني : أن يكون مجموع عمرته وحجّه في أشهر الحجّ، فلو أتى بعمرته أو بعضها في غيرها لم يجز له أن يتمتّع بها. وأشهر الحجّ: شوّال وذو القعدة وذو الحجّة۱ بتمامه على الأصحّ، لظاهر الآية وجملة من الأخبار كصحيحة معاوية بن عمّار وموثّقة سماعة وخبر زرارة؛ فالقول بأنّها الشهران الأوّلان مع العشر الأوّل من ذي الحجّة كما عن بعض، أو مع ثمانية أيّام كما عن آخر، أو مع تسعة أيّام وليلة يوم النحر إلى طلوع فجره كما عن ثالث، أو إلى طلوع شمسه كما عن رابع، ضعيف، على أنّ الظاهر أنّ النزاع لفظيّ، فإنّه لا إشكال في جواز إتيان بعض الأعمال إلى آخر ذي الحجّة۲، فيمكن أن يكون مرادهم أنّ هذه الأوقات هي آخر الأوقات الّتي يمكن بها إدراك الحجّ.
۱- المکارم : و لیس علی غیر هذا القول ممّا ذکره بعد ذلک دلیل ، إلّا القول بأنّ أشهر الحجّ هی شوّال و ذی القعدة و العشر من ذی الحجة ، فقد ورد به روایة مقطوعة ، کما یظهر من الوسائل الحدیث ۶ من الباب ۱۱ من أبواب أقسام الحجّ فلا وجه للمسیر ألی شی ء منها بعد ظهور کتاب اللّه و الروایات المعتبرة .
۲- الګلپایگانی : کما أنّ وقت عمرة التمتّع موسّع إلی زمان یتمکّن من درک الحجّ فی هذه السنة
مسألة ۱- إذا أتى بالعمرة قبل أشهر الحجّ قاصداً بها التمتّع ۱، فقد عرفت عدم صحّتها تمتّعاً، لكن هل تصحّ مفردةً أو تبطل من الأصل؟۲ قولان: اختار الثاني في المدارك، لأنّ ما نواه لم يقع والمفردة لم ينوها. وبعضٌ اختار الأوّل، لخبر الأحول عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل فرض الحجّ في غير أشهر الحجّ، قال: «يجعلها عمرة» وقد يستشعر ذلك من خبر سعيد الأعرج، قال أبو عبد اللّه عليه السلام: «من تمتّع في أشهر الحجّ ثمّ أقام بمكّة حتّى يحضر الحجّ من قابل فعليه شاة، وإن تمتّع في غير أشهر الحجّ ثمّ جاور حتّى يحضر الحجّ فليس عليه دم، إنّما هي حجّة مفردة، إنّما الأضحى على أهل الأمصار»؛ ومقتضى القاعدة ۳ وإن كان هو ما ذكره صاحب المدارك ۴، لكن لا بأس بما ذكره ذلك البعض، للخبرين۵ .
۱- المظاهری : قد مرّ أنّ القصد غیر دخیل فی وچود العمرة المفردة أو المتمتّع بها .
۲- المکارم : لا یبعد الصحّة بحسب القاعدة ، و لکن لا یُترک الاحتیاط بإتمامها رجاءَ وعدم الاکتفاء به عن العمرة الواجبة . والمسألة مبنیّة علی کشف مقتضی القاعدة فی المقام ، لأنّ الخیرین الّذین ذکرهما الماتن (قدس سرّه )لا دلالة لهما علی المدّعی و هو صحّة العمرة مفردةً . و تحقیق مقتضی القاعدة یتوقّف علی تحقیق کون أقسام الحجّ مختلفة بحسب القصد و النیّة أو بالوجود الخارجی ، فإن کان التفاوت بالنیّة فلا ینبغی الإشکال فی البطلان لأنّ ما قصده لم یقع و ما و قع لم یقصد ؛ وأمّا إن قلنا بعدم الدلیل علی کونها عناوین قصدیّة ( و لو شکّ فمقتضی أصل البراءة هوالعدم ) و إن هو إلّا کتنویع الصلاة إلی القصر والإتمام ، و لذا قلنا فی محلّه لو قصدالقصر فی مقام الإتمام أو بالعکس لم یضرّه ما لم یخالف فی العمل ، و حینئذٍ یصحّ ما نواه عمرة مفردة فی المقام ، والمسألة تحتاج إلی مزید تأمّل و إن کان الأرجح فی النظر عاجلاٌ هو الثانی ، و یؤیّده ما ورد من جواز من أحدهما إلی الآخر فی غیر مورد .
۳ - الامام الخمینی :لا یبعد أن یکون مقتضی القاعدةصحّتها ، و لکنّ الأحوط إتمامها رجاءَ ووعدم الاکتفاء بها عن العمرة الواجبة .
۴- الگلپایگانی : و هو الأقوی ، لعدم وضوح دلالة الخیرین ، لکنّ الأحوط إتمامها رجاءُ .
۵ - الخوئی : الروایتان ضعیفتان ، علی أنّ الثانیة لا دلالة لها علی صحّة العمرة الّتی هی محلّ الکلام .
الثالث: أن يكون الحجّ والعمرة في سنة واحدة ۱، كما هو المشهور المدّعى عليه الإجماع، لأنّه المتبادر من الأخبار المبيّنة لكيفيّة حجّ التمتّع، ولقاعدة توقيفيّة العبادات، وللأخبار الدالّة على دخول العمرة في الحجّ وارتباطها به والدالّة على عدم جواز الخروج من مكّة بعد العمرة قبل الإتيان بالحجّ، بل وما دلّ من الأخبار على ذهاب المتعة بزوال يوم التروية أو يوم عرفة ونحوها، ولا ينافيها خبر سعيد الأعرج المتقدّم، بدعوى أنّ المراد من القابل فيه العام القابل فيدلّ على جواز إيقاع العمرة في سنةٍ والحجّ في اخرى، لمنع ذلك، بل المراد منه الشهر القابل على أنّه لمعارضة الأدلّة السابقة غير قابل۲، وعلى هذا فلو أتى بالعمرة في عام وأخّر الحجّ إلى العام الآخر لم يصحّ تمتّعاً؛ سواء أقام في مكّة إلى العام القابل أو رجع إلى أهله ثمّ عاد إليها، وسواء أحلّ من إحرام عمرته أو بقي عليه إلى السنة الاخرى، ولا وجه لما عن الدروس من احتمال الصحّة في هذه الصورة. ثمّ المراد من كونهما في سنة واحدة أن يكونا معاً في أشهر الحجّ من سنة واحدة، لا أن لا يكون بينهما أزيد من اثني عشر شهراً، وحينئذٍ فلا يصحّ أيضاً لو أتى بعمرة التمتّع في أواخر ذي الحجّة وأتى بالحجّ في ذي الحجّة من العام القابل.
۱- المکارم : والعمدة فیه هی الشهرة المضاهیة للإجماع و انصراف الإطلاقات إلیه ، و إلّا لا یجوز التمسّک بقاعدة توقیفیّة العبادات هنا ، لأنّ الشکّ یعود إلی الشکّ فی الشرطیِة . والمرجع فیها البراءة ، و أمّا روایة الأعرج (۱۰/۱ من أبواب أقسام الحج) ففیه الإشکال من حیث السند و الدلالة ، لأنّ فیها محمّد بن سنان و فی وثاقته کلام فی محلّه و اختلاف بینهم .
۲- الامام الخمینی : بل هو ضعیف السند بمحمّد بن سنان علی الأصح ّ ، و العمدة فی الباب هی الشهرة المؤیّدة بدعوی الإجماع و عدم الدلیل علی الصحّة مع توقیفیّة العبادة ، و إلّا فغیرها مححلّ مناقشة.
الخوئی : بل هو ضعیف سنداً ، فلا یصلح للمعارضة.
الرابع : أن يكون إحرام حجّه من بطن مكّة مع الاختيار، للإجماع والأخبار۱. وما في خبر إسحاق عن أبي الحسن عليه السلام من قوله: «كان أبي مجاوراً هاهنا فخرج يتلقّى بعض هؤلاء، فلمّا رجع فبلغ ذات عرق أحرم من ذات عرق بالحجّ ودخل وهو محرم بالحجّ»، حيث إنّه ربما يستفاد منه جواز الإحرام بالحجّ من غير مكّة، محمول على محامل۲، أحسنها أنّ المراد بالحجّ عمرته ۳، حيث إنّها أوّل أعماله؛ نعم، يكفي أىّ موضع منها كان ولو في سككها، للإجماع وخبر عمرو بن حريث۴عن الصادق عليه السلام من أين اهلّ بالحجّ؟ فقال: «إن شئت من رحلك وإن شئت من المسجد وإن شئت من الطريق، وأفضل مواضعها المسجد، وأفضل مواضعه المقام أو الحجر» وقد يقال: أو تحت الميزاب ۵. ولو تعذّر الإحرام من مكّة، أحرم ممّا يتمكّن، ولو أحرم من غيرها اختياراً متعمّداً بطل إحرامه، ولو لم يتداركه بطل حجّه ولا يكفيه العود إليها بدون التجديد، بل يجب أن يجدّده، لأنّ إحرامه من غيرها كالعدم، ولو أحرم من غيرها جهلًا أو نسياناً وجب العود إليها والتجديد مع الإمكان، ومع عدمه ۶ جدّده في مكانه۷ .
۱- الگلپایگانی: وقاعدة الاحتیاط ، بل واستصحاب عدم انعقاد الإحرام وعدم حرمة المحرّمات بالإحرام من غیره.
۲ - الخوئی : الروایة وإن کانت معتبرة سنداً ، إلّا أنّها لمعارضتها مع ما تقدّم من الأخبار لا یمکن الاعتماد علیها، علی أنّها مشوّشة المتن .
۳- المکارم : هذا الحمل بعید جدّاً فی خبر إسحاق ( و هو الحدیث ۲۲/۸ من أقسام الحج ) لأنّه کالصریح فی أنّ الأحرام کان للحجّ لا للعمرة ، کما یظهربالتأمّل فی سؤال الراوی و جواب الإمام (علیه السّلام ) : نعم ، یمکن حمله علی التقیّة أو غیر ذلک من المحامل .
۴ - الخوئی : الخبر صحیح سنداً .
۵-الإمام الخمینی : أی قد یقال بالتخییر بین المقام و تحت المیزاب ، کما عن جماعة .
النوری : و هو من الحجر ، فلا بدّ أن یکون المراد أفضل أمکنة الحجر.
۶- النوری : جواز الاکتفاء بإحرامه إذا کان حین الإحرام أیضاً غیر متمکّن من الرجوع إلی مکّة ، غیر بعید.
۷- الخوئی: لا یبعد جوازالاکتفاء بإحرامه إذا کان حینه ایضاً غیر متمکّن من الرجوع إلی مکّة.
الخامس : ربما يقال: ۱ إنّه يشترط فيه أن يكون مجموع عمرته وحجّه من واحد وعن واحد ۲؛ فلو استؤجر اثنان لحجّ التمتّع عن ميّت، أحدهما لعمرته والاخرى لحجّه، لم يجز عنه، وكذا لو حجّ شخص وجعل عمرته عن شخص وحجّه عن آخر لم يصحّ؛ ولكنّه محلّ تأمّل ۳، بل ربما يظهر من خبر محمّد بن مسلم۴عن أبي جعفر عليه السلام صحّة الثاني ۵، حيث قال: سألته عن رجل يحجّ عن أبيه أيتمتّع؟ قال: «نعم، المتعة له والحجّ عن أبيه».
۱- الإمام الخمینی : و هوالأقوی ؛ و الظاهرأنّ صحیحة محمّد بن مسلم إنّما هی فی المستحبّ ممّا ورد فیه جواز التشریک بین الاثنین و الجماعة و سوق السؤال یشهد بذلک . فإنّ الظاهرأنّه سئل عمّن أبیه أیحجّ متمتّعاً آو لا ، فأجاب بأفضلیّة التّمتع و إمکان جعل حجه لأبیه و عمرته لنفسه ، و هو المستحبّاب ، و إلّا ففی المفروض لابدّ من الإتیان حسب ما فات منه .
المظاهری : وهذا هو الأقوی ؛و صحیحة محمّد بن مسلم غیر دالّة علی ما أفاده (رحمة الله )
۲- المکارم : وهذا هوی الأقوی ، لظهور روایات التمتّع فی کون العمرة و الحجّ فیه أمراً واحداً . فلا یصحّ جعلها لشخصین ،وعدم ظهور روایات النیابة فی جوازنیابة شخصین عن واحد . أحدهما فی عمرته والآخر فی حجّه و حیث لا إطلاق فیها فلا یجوز ذلک .
۳-الگلپایگانی : لا وجه للتأمّل فیه ، والخیر غیر واضحة الدلالة مع عدم ظهور عامل به .
النوری : لا وجه للتأمّل بعد عدم ظهور الخیر فیما ذکره من المعنی ، و أنّ له معنی آخر کما فی روضة المتقیّن ( ج ۵ ص ۶۵) و غیرها ، و لو سلّم له الظهور فیما ذکره فلا عامل به .
۴- الخوئی : لا یظهر منه ذلک ، والأحوط إن لم یکن أقوی عدم جواز التبعیض ؛ نعم ، لا بأس بالتمتّع عن الاُمّ و الحجّ عن الأب و لا ذبح فیه للنصّ ولا یتعدّی عن مورده .
۵- المکارم : لا دلالة للروایة، لأنّ قوله (علیه السّلام ) : « المتعة والحجّ عن أبیه »لا یدلّ علی ما أراده ، بل الظاهر أنّ المراد منه کون تفاوت ثواب التمتّع و غیره له و ثواب الحجّ لآبیه ، مضافاً إلی عدم ظهور القول به من أحد .
مسألة ۲- المشهور أنّه لا يجوز۱ الخروج من مكّة بعد الإحلال من عمرة التمتّع قبل أن يأتي بالحجّ، وأنّه إذا أراد ذلك، عليه أن يحرم بالحجّ فيخرج محرماً به، وإن خرج محلًاّ ورجع بعد شهر فعليه أن يحرم بالعمرة، وذلك لجملة من الأخبار الناهية للخروج والدالّة على أنّه مرتهن ومحتبس بالحجّ والدالّة على أنّه لو أراد الخروج خرج ملبّياً بالحجّ والدالّة على أنّه لو خرج محلًاّ فإن رجع في شهره دخل محلًاّ وإن رجع في غير شهره دخل محرماً، والأقوى عدم حرمة ۲ الخروج۳ وجوازه محلًاّ، حملًا للأخبار على الكراهة، كما عن ابن إدريس وجماعة اخرى بقرينة التعبير ب «لا أُحبّ» في بعض تلك الأخبار۴؛ وقوله عليه السلام في مرسلة الصدوق: «إذا أراد المتمتّع الخروج من مكّة إلى بعض المواضع فليس له ذلك»، لأنّه مرتبط بالحجّ حتّى يقضيه، إلّا أن يعلم أنّه لا يفوته الحجّ؛ ونحوه الرضويّ، بل وقوله عليه السلام في مرسل أبان: «و لا يتجاوز إلّا على قدر ما لا تفوته عرفة»، إذ هو وإن كان بعد قوله: «فيخرج محرماً»، إلّا أنّه يمكن أن يستفاد منه أنّ المدار فوت الحجّ وعدمه، بل يمكن أن يقال: إنّ المنساق من جميع الأخبار المانعة أنّ ذلك للتحفّظ عن عدم إدراك الحجّ وفوته، لكون الخروج في معرض ذلك، وعلى هذا فيمكن دعوى عدم الكراهة أيضاً مع علمه بعدم فوات الحجّ منه ۵؛ نعم، لا يجوز الخروج لا بنيّة العود أو مع العلم بفوات الحجّ منه إذا خرج.
ثمّ الظاهر أنّ الأمر بالإحرام إذا كان رجوعه بعد شهر إنّما هو من جهة أنّ لكلّ شهر عمرة، لا أن يكون ذلك تعبّداً أو لفساد عمرته السابقة أو لأجل وجوب الإحرام على من دخل مكّة، بل هو صريح ۶خبر إسحاق بن عمّار، قال: سألت أبا الحسن عليه السلام عن المتمتّع يجيء فيقضي متعته ثمّ تبدو له حاجة فيخرج إلى المدينة أو إلى ذات عرق أو إلى بعض المنازل، قال عليه السلام: «يرجع إلى مكّة بعمرة إن كان في غير الشهر الّذي تمتّع فيه، لأنّ لكلّ شهر عمرة، وهو مرتهن بالحجّ... الخ». وحينئذٍ فيكون الحكم بالإحرام إذا رجع بعد شهر على وجه الاستحباب ۷ لا الوجوب، لأنّ العمرة الّتي هي وظيفة كلّ شهر ليست واجبة۸، لكن في جملة من الأخبار كون المدار على الدخول في شهر الخروج أو بعده، كصحيحتي حمّاد وحفص بن البختري ۹ومرسلة الصدوق والرضويّ، وظاهرها الوجوب، إلّا أن تحمل على الغالب، من كون الخروج بعد العمرة بلا فصل، لكنّه بعيد، فلا يُترك الاحتياط ۱۰بالإحرام إذا كان الدخول في غير شهر الخروج۱۱، بل القدر المتيقّن من جواز الدخول محلًاّ صورة كونه قبل مضيّ شهر من حين الإهلال، أي الشروع في إحرام العمرة والإحلال منها ومن حين الخروج، إذ الاحتمالات في الشهر ثلاثة وثلاثين يوماً من حين الإهلال وثلاثين من حين الإحلال بمقتضى خبر إسحاق بن عمّار، وثلاثين من حين الخروج بمقتضى هذه الأخبار، بل من حيث احتمال۱۲كون المراد من الشهر في الأخبار هنا والأخبار الدالّة على أنّ لكلّ شهر عمرة الأشهر الاثنى عشر المعروفة، لا بمعنى ثلاثين يوماً، ولازم ذلك أنّه إذا كانت عمرته في آخر شهر من هذه الشهور فخرج ودخل في شهر آخر أن يكون عليه عمرة، الأولى مراعاة الاحتياط ۱۳من هذه الجهة ۱۴أيضاً. وظهر ممّا ذكرنا أنّ الاحتمالات ستّة؛ كون المدار على الإهلال، أو الإحلال، أو الخروج، وعلى التقادير، الشهر بمعنى ثلاثين يوماً أو أحد الأشهر المعروفة. وعلى أىّ حال إذا ترك الإحرام مع الدخول في شهر آخر ولو قلنا بحرمته، لا يكون موجباً لبطلان عمرته السابقة، فيصحّ حجّه بعدها۱۵ ثمّ إنّ عدم جواز الخروج، على القول به، إنّما هو في غير حال الضرورة، بل مطلق الحاجة، وأمّا مع الضرورة أو الحاجة۱۶مع كون الإحرام بالحجّ غير ممكن أو حرجاً عليه فلا إشكال فيه. وأيضاً الظاهر اختصاص المنع على القول به بالخروج إلى المواضع البعيدة۱۷ ، فلا بأس بالخروج إلى فرسخ أو فرسخين، بل يمكن أن يقال باختصاصه بالخروج ۱۸ إلى خارج الحرم وإن كان الأحوط خلافه۱۹.
ثمّ الظاهر أنّه لا فرق في المسألة بين الحجّ الواجب والمستحبّ، فلو نوى التمتّع مستحبّاً ثمّ أتى بعمرته يكون مرتهناً بالحجّ، ويكون حاله في الخروج محرماً أو محلًاّ والدخول كذلك كالحجّ الواجب. ثمّ إنّ سقوط وجوب الإحرام عمّن خرج محلًاّ ودخل قبل شهر، مختصّ بما إذا أتى بعمرة بقصد التمتّع۲۰، وأمّا من لم يكن سبق منه عمرة فيلحقه حكم من دخل مكّة في حرمة دخوله بغير الإحرام۲۱، إلّا مثل الحطّاب والحشّاش ونحوهما. وأيضاً سقوطه إذا كان بعد العمرة قبل شهر، إنّما هو على وجه الرخصة۲۲ بناءً على ما هو الأقوى ۲۳من عدم اشتراط فصل شهر بين العمرتين، فيجوز الدخول بإحرام قبل الشهر أيضاً؛ ثمّ إذا دخل بإحرام، فهل عمرة التمتّع هي العمرة الاولى أو الأخيرة؟ مقتضى حسنة حمّاد أنّها الأخيرة المتّصلة بالحجّ، وعليه لا يجب فيها طواف النساء، وهل يجب حينئذٍ في الاولى أو لا؟ وجهان؛ أقواهما نعم۲۴، والأحوط الإتيان بطوافٍ مردّدٍ بين كونه للُاولى أو الثانية .ثمّ الظاهر أنّه لا إشكال۲۵ في جواز الخروج في أثناء عمرة التمتّع قبل الإحلال منها.
۱- النوری : الشهرة بذلک غیر ثابتة : ففی المدارک : إنّ المشهور عدم جواز الخروج إذا کان التعابیر و القرائن الموجودة فی الروایات المانعة تشهد علی أنّ المنع عن الخروج إرشاد إلی لورم التحفّظ علی دراک الموقف و دم فوت الحجّ عنه ؛ فلا یبعد المصیر إلی قول الماتن (قدس سرّه)
۲- الإمام الخمینی : الأحوط عدم الخروج بلا حاجة ، و معها یخرج محرماً بالحجّ علی الأحوط و یرجع محرماً لأعمال الحجّ.
۳- الگلپایگانی : هذا مع الحاجة ؛ و آمّا مع عدم الحاجة فالأقوی الحرمة.
الخوئی : بل لا یبعد الحرمة و ما استدلّ به علی الجواز لا یتمّ.
المکارم : بل الآحوط ترک الخروج إلّا مع الضرورة ، فحینئذٍ یخرج محرماً ، و العمدة فی ذلک هی صحیحة الحلبی ( 22/7 من أقسام الحجّ ) و فیها التعبیر ب « ما احبّ أن یخرج منها إلّا محرماً و لا یتجاوز الطائف ، أنّها قریبة من مکّة » فإنّ التعبیر بقوله « لا احبّ» و قوله « أنّها قریبة من مکّة» قرینة علی الکراهة و أنّ الحکم إنّ الحکم إنّما هو للتحفّظ علی الحجّ ، لکن لا یبعد آن یکون منصرفاً إلی الحاجة و لو لم تبلغ حدّ الضرورة ، لأنّ السفر لا سیّما فی تلک الأزمنة کان للحاجة غالباً ، و أمّا غیر هذه الصحیحة فهی مؤیّدات للمقصود ( راجع باب 22 من أبواب أقسام الحجّ) و لکن مع ذلک لا یترک الاحتیاط یترک الخروج، لإطلاق الأخبار الناهیة عن ذلک .
۴- الإمام الخمینی : هی صحیحة الحلبی قال : سألت أبا عبداللّه (علیه السّلام ) عن الرجل یتمتّع بالعمرة إلی الحجّ یرید الخروج إلی الطائف قال : « یهلّ بالحجّ من مکّة ، و ما اُحبّ أن یخرج منا إلّا محرماً ، و لا یتجاوز الطائف ، أنّها قریبة من مکّة » فهذه دلّت علی جواز الخروج مطلقاً و لو لم یعرضه حاجة ، و دعوی : أنّ الخروج فی هذا الموقع لا یکون إلّا لحاجة لا محالة ممنوعة ، و إذا أراد الخروج یکون الإحرام غیر واجب ، لقوله : « ما اُحب » و قوله : « لا یتجاوز الطائف أنّها قریبة» دلیل علی أنّ النهی ارشادی لا مولوی ، فهذه الصحیحة وإن دلّت بوجوه علی خلاف قول المشهور و یمکن استفادة الإرشادیّة من بعض روایت الباب غیرها أیضاً ، و هذا ل یبعد المصیر إلی قول الماتن ، لکن لا یُترک الاحتیاط المتقدّم مع ذلک
۵- المکارم : یایخلو عن إشکال ، لأنّه یمکن أن یکون هذا من قبیل الحکمة لا العلّة ، فلا یدور الحکم مداره .
۶- الإمام الخمینی : لکن فی صحیحة حمّاد بن عیسی عن أبی عبدالله (علیه السّلام ) فال :« إن رجع فی شهره دخل مکّة بغیر إحرام و إن دخل فی غیر الشهر دخل محرماً» قلت : فأیّ الإحرامین والمتعتّین ؛ متعته الاُولی أو الأخیرة؟ قال : « الأخیرة هی عمرته و هی المحتبس بها الّتی وصلت بحجّته » فهذه تدلّ علی آنّ العمرة الاولی خرجت عن قابلّیة لحوقها باالحجّ ، فیکون إنشاء العمرة بعد شهر للحوقها بالحجّ و حصول الارتباط بینهما ، و یحتمل أن تکون العمرة الثانیة موجبة لذلک ، فلو لم یأت بها و لو عصیاناً بقیت الاُولی عمرة له ، و علی أی ّ حال لا یجوز الدخول بعد شهر بغیر إحرام فی غیر موارد الاستثناء ، والأحوط أن یأتی بها بقصد ما فی الذمّة .
۷- الاراکی : الظاهر وجوب الإحرام إذا کان رجوعه فی غیرالشهر الّذی خرج فیه ، محرماً کان أو غیرمحرم عصیاناً .
النوری : استحباب العمرة نفسیّاً من حیث هی لا ینافی عروض الوجوب من جهة وجوب الإحرام لدخول مکّة فی غیر موارد استثناء.
۸- الخوئی : نعم ، و لکنّ الإحرام لدخول مکّة واجب إذا کان بعد شهره ، و قد صرّح فی صحیحة حمّاد بن عیسی بأنّ العمرة لاغیة و لا تکون عمرة التمتّع و إنّما التمتّع باالعمرة الثانیة .
المکارم : قد عرفت فی المسألة الثالثة من أقسام العمرة أنّه لا یجوز دخول مکّة إلّا محرماً و أنّه یستثنی من ذلک من دخل فی الشهر الّذی خرج فیه ، فاستصحاب العمرة فی ذاتها لا ینافی وجوبها من حیث دخول مکّة ؛ و منه یظهر آنّ قوله (علیه السّلام ) فی روایة إسحاق بن عمّار : «إنّ لکلّ شهر عمرة » لا ینافی ما ذکرنا ، بل یؤکّده .
۹- الخوئی : لیس فی صحیحة حفص تعرّض لذلک ؛ و أمّا صحیحة حمّاد فالمذکور فیها الرجوع فی شهره و الرجوع فی غیره، فتحمل بقرینة موثّقة إسحاق علی أنّ المراد بالشهر فیها هو الشهر الّذی اعتمر فیه .
۱۰- المظاهری : بل یجوز ترکه.
۱۱- المکارم : والظاهر أنّ ما ذکره هنا من الحکم بالاحتیاط مخالف لما ذکره فی المسألة الثالثة من أقسام العمرة من الفتوی بوجوب دخول مکّة محرماً ، و قد ذکرهناک أنّ الأقوی عدم اعتبار فصل بین العمرتین ، فراجع . ولیعلم أنّ فی نُسَخ العروة هنا اختلافاً کثیراً . و الصحیح من العبارة کما فی بعض النسخ المعتبرةهو : « کونه قبل مضیّ شهر من حین الإهلال ، أی الشروع فی إحرام العمرة لا الإحلال منها و لا من حین الخروج . اذا لاحتمالات فی الشهر ثلاثة : ثلاثون یوماً من حین الإهلال ، و ثلاثون منحین الإحلال ... و ثلاثون من حین الخروج ».
۱۲- الخوئی : هذا الاحتمال هو الأظهر .
۱۳- الگلپایگانی : لا یترک الاحتیاط من هذه الجهة أیضاً ، لقوّة ذلک الاحتمال .
۱۴- المکارم : لا یُترک الاحتیاط من هذه الجهة ، لإیهام المراد من روایات الباب .
۱۵- الخوئی : تقدمّ أنّ الاولی لا تکفی حینئذٍ للمتمتّع .
۱۶- الخوئی : جواز الخروج مع الحاجة غیر الضروریّة إذا لم یتمکّن من الإحرام أو کان حرجیّاً محلّ إشکال ، بل منع .
۱۷- الإمام الخمینی : الأحوط عدم الخروج مطلقاً .
المکارم : إن کان المراد به مقابل الخروج إلی فرسخ أو فرسخین ، کما صرّح به فی عبارته ، فلا إشکال فیه لاسیّما فی زماننا هذا ، لعم خوف فوت الحجّ المصرّح به فی روایات الباب ، بل قد یکون منازل الحجّاج خارج مکّة فی موسم الحجّ، فالذهاب إلیها و الرجوع لا یضرّ قطعاً ، و کذا أشباهه .
النوری : و هو المناسب یکون المناط خوف فوت الحجّ ، سیّمافی الأزمنة القدیمة ؛ و قد قلنا إنّ المنع إرذشادیّ ، و منه یظهر ما فی التحدید بخارج الحرم
۱۸- الخوئی : بل الظاهر عدم جواز الخروج عن مکّة مطلقاً.
۱۹- الگلپایگانی : لا یُترک فیما یصدق علیه الخروج من مکّة .
۲۰- الخوئی : بل مطلقاً و لو مفردة.
۲۱- المکارم : و کذا من سبق منه عمرة بغیر قصد التمتّع بناءً علی کون عنوان التمتّع من العناوین القصدیّة ؛ و أمّا علی الاحتمال الّذی ذکذناه سابقاً من کونه من الاُمور الخارجیّة غیر القصدیّة . فلا .
۲۲- الإمام الخمینی : مرّ الاحتیاط فیه .
الگلپایگانی : الأقوی أنّ السقوط قبل الشهر فی المتمتّع عزیمة.
المکارم : قد مرّ الإشکال فیه فی المسألة (۳) من فصل أقسام العمرة .
۲۳-الخوئی : فیه إشکال ؛ نعم ، لا بأس به رجاءً.
۲۴- الخوئی : فیه إشکال ، بل منع .
الگلپایگانی : بل الأقوی عدم الوجوب و إن کان الاحتیاط حسناً .
۲۵- الآمام الخمینی : فیه تأمّل .
النوری : الظاهر بالنظر إلی روایات الباب ، سیّما صحیحتی الحلبی و حمّاد أنّ الحکم فی الخروج فی أثناء عمرة التمتّع کالحکم فی الخروج بعد الاحلال منها قبل أن یأتی بالحجّ.
مسألة ۳- لا يجوز لمن وظيفته التمتّع أن يعدل إلى غيره من القسمين الأخيرين اختياراً؛ نعم، إن ضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ، جاز له نقل النيّة إلى الإفراد وأن يأتي بالعمرة بعد الحجّ بلا خلاف ولا إشكال، وإنّما الكلام في حدّ الضيق المسوّغ لذلك؛ واختلفوا فيه على أقوال:
أحدها: خوف فوات الاختياريّ من وقوف عرفة.
الثاني: فوات الركن من الوقوف الاختياريّ وهو المسمّى منه.
الثالث: فوات الاضطراريّ منه.
الرابع: زوال يوم التروية.
الخامس: غروبه. السادس: زوال يوم عرفة.
السابع: التخيير بعد زوال يوم التروية بين العدول والإتمام إذا لم يخف الفوت.
والمنشأ اختلاف الأخبار، فإنّها مختلفة أشدّ الاختلاف؛ والأقوى أحد القولين الأوّلين، لجملة مستفيضة من تلك الأخبار، فإنّها يستفاد منها على اختلاف ألسنتها أنّ المناط في الإتمام عدم خوف فوت الوقوف بعرفة؛ منها قوله عليه السلام في رواية يعقوب بن شعيب۱ الميثمي: «لا بأس للمتمتّع إن لم يحرم من ليلة التروية متى ما تيسّر له، ما لم يخف فوات الموقفين» وفي نسخة: «لا بأس للمتمتّع أن يحرم ليلة عرفة... الخ». وأمّا الأخبار المحدّدة بزوال يوم التروية أو بغروبه أو بليلة عرفة أو سحرها، فمحمولة على صورة عدم إمكان الإدراك إلّا قبل هذه الأوقات، فإنّه مختلف باختلاف الأوقات والأحوال والأشخاص؛ ويمكن حملها على التقيّة إذا لم يخرجوا مع الناس يوم التروية، ويمكن كون الاختلاف لأجل التقيّة، كما في أخبار الأوقات للصلوات؛ وربما تحمل على تفاوت مراتب أفراد المتعة في الفضل بعد التخصيص بالحجّ المندوب، فإنّ أفضل أنواع التمتّع أن تكون عمرته قبل ذي الحجّة، ثمّ ما تكون عمرته قبل يوم التروية، ثمّ ما يكون قبل يوم عرفة، مع أنّا لو أغمضنا عن الأخبار من جهة شدّة اختلافها وتعارضها نقول: مقتضى القاعدة هو ما ذكرنا، لأنّ المفروض أنّ الواجب عليه هو التمتّع، فما دام ممكناً لا يجوز العدول عنه، والقدر المسلّم من جواز العدول صورة عدم إمكان إدراك الحجّ، واللّازم إدراك الاختياريّ من الوقوف، فإنّ كفاية الاضطراريّ منه خلاف الأصل.
يبقى الكلام في ترجيح أحد القولين الأوّلين، ولا يبعد رجحان أوّلهما۲، بناءً على كون الواجب استيعاب تمام ما بين الزوال والغروب بالوقوف وإن كان الركن هو المسمّى، ولكن مع ذلك لا يخلو عن إشكال۳، فإنّ من جملة الأخبار مرفوع سهل ۴عن أبي عبد اللّه عليه السلام في متمتّع دخل يوم عرفة، قال: «متعته تامّة إلى أن يقطع الناس تلبيتهم، حيث إنّ قطع التلبية بزوال يوم عرفة» وصحيحة جميل: «المتمتّع له المتعة إلى زوال الشمس من يوم عرفة، وله الحجّ إلى زوال الشمس من يوم النحر». ومقتضاهما كفاية إدراك مسمّى الوقوف الاختياريّ، فإنّ من البعيد إتمام العمرة قبل الزوال من عرفة وإدراك الناس في أوّل الزوال بعرفات، وأيضاً يصدق إدراك الموقف إذا أدركهم قبل الغروب إلّا أن يمنع الصدق فإنّ المنساق منه إدراك تمام الواجب، ويجاب عن المرفوعة والصحيحة ۵ بالشذوذ۶ كما ادّعي؛ وقد يؤيّد القول الثالث وهو كفاية إدراك الاضطراريّ من عرفة، بالأخبار الدالّة على أنّ من يأتي بعد إفاضة الناس من عرفات وأدركها ليلة النحر تمّ حجّه؛ وفيه: أنّ موردها غير ما نحن فيه وهو عدم الإدراك من حيث هو، وفيما نحن فيه يمكن الإدراك، والمانع كونه في أثناء العمرة فلا يقاس بها؛ نعم، لو أتمّ عمرته في سعة الوقت ثمّ اتّفق أنّه لم يدرك الاختياريّ من الوقوف كفاه الاضطراريّ، ودخل في مورد تلك الأخبار، بل لا يبعد دخول من اعتقد سعة الوقت فأتمّ عمرته ۷ثمّ بان كون الوقت مضيّقاً في تلك الأخبار. ثمّ إنّ الظاهر عموم حكم المقام بالنسبة إلى الحجّ المندوب وشمول الأخبار له، فلو نوى التمتّع ندباً وضاق وقته عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ، جاز له العدول إلى الإفراد، وفي وجوب العمرة بعده إشكال، والأقوى عدم وجوبها۸. ولو علم من وظيفته التمتّع ضيق الوقت عن إتمام العمرة وإدراك الحجّ قبل أن يدخل في العمرة، هل يجوز له العدول من الأوّل إلى الإفراد؟ فيه إشكال وإن كان غير بعيد۹. ولو دخل في العمرة بنيّة التمتّع في سعة الوقت وأخّر الطواف والسعي متعمّداً إلى ضيق الوقت، ففي جواز العدول وكفايته إشكال۱۰، والأحوط العدول۱۱ وعدم الاكتفاء إذا كان الحجّ واجباً عليه.
مسألة ۴- اختلفوا في الحائض والنفساء إذا ضاق وقتهما عن الطهر وإتمام العمرة وإدراك الحجّ، على أقوال:
أحدها: أنّ عليهما العدول إلى الإفراد۱، والإتمام ثمّ الإتيان بعمرة بعد الحجّ، لجملة من الأخبار.
الثاني: ما عن جماعة من أنّ عليهما ترك الطواف والإتيان بالسعي، ثمّ الإحلال وإدراك الحجّ وقضاء طواف العمرة بعده، فيكون عليهما الطواف ثلاث مرّات؛ مرّة لقضاء طواف العمرة ومرّة للحجّ ومرّة للنساء، ويدلّ على ما ذكروه أيضاً جملة من الأخبار.
الثالث: ما عن الإسكافيّ وبعض متأخّري المتأخّرين من التخيير بين الأمرين، للجمع بين الطائفتين بذلكالرابع: التفصيل بين ما إذا كانت حائضاً قبل الإحرام فتعدل، أو كانت طاهراً حال الشروع فيه ثمّ طرأ الحيض في الأثناء فتترك الطواف وتتمّ العمرة وتقضي بعد الحجّ؛ اختاره بعضٌ بدعوى أنّه مقتضى الجمع بين الطائفتين، بشهادة خبر أبي بصير: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول في المرأة المتمتّعة إذا أحرمت وهي طاهر ثمّ حاضت قبل أن تقضي متعتها:
»سعت ولم تطف حتّى تطهر، ثمّ تقضي طوافها وقد قضت عمرتها، وإن أحرمت وهي حائض لم تسع ولم تطف حتّى تطهر» وفي الرضوي عليه السلام: «إذا حاضت المرأة من قبل أن تحرم- إلى قوله عليه السلام:- وإن طهرت بعد الزوال يوم التروية فقد بطلت متعتها، فتجعلها حجّة مفردة، وإن حاضت بعد ما أحرمت سعت بين الصفا والمروة وفرغت من المناسك كلّها إلّا الطواف بالبيت، فإذا طهرت قضت الطواف بالبيت وهي متمتّعة بالعمرة إلى الحجّ، وعليها طواف الحجّ وطواف العمرة وطواف النساء».
وقيل في توجيه الفرق بين الصورتين: أنّ في الصورة الاولى لم تدرك شيئاً من أفعال العمرة طاهراً، فعليها العدول إلى الإفراد، بخلاف الصورة الثانية، فإنّها أدركت بعض أفعالها طاهراً فتبني عليها وتقضي الطواف بعد الحجّ. وعن المجلسي قدس سره في وجه الفرق، ما محصّله:
أنّ في الصورة الاولى لا تقدر على نيّة العمرة، لأنّها تعلم أنّها لا تطهر للطواف وإدراك الحجّ، بخلاف الصورة الثانية، فإنّها حيث كانت طاهرة وقعت منها النيّة والدخول فيها.
الخامس: ما نقل عن بعض، من أنّها تستنيب للطواف ثمّ تتمّ العمرة وتأتي بالحجّ، لكن لم يعرف قائله.
والأقوى من هذه الأقوال هو القول الأوّل۲، للفرقة الاولى من الأخبار الّتي هي أرجح من الفرقة الثانية لشهرة العمل بها دونها؛ وأمّا القول الثالث وهو التخيير، فإن كان المراد منه الواقعيّ بدعوى كونه مقتضى الجمع بين الطائفتين، ففيه أنّهما يعدّان من المتعارضين والعرف لا يفهم التخيير منهما، والجمع الدلاليّ فرع فهم العرف من ملاحظة الخبرين ذلك، وإن كان المراد التخيير الظاهريّ العمليّ، فهو فرع مكافئة الفرقتين، والمفروض أنّ الفرقة الاولى أرجح من حيث شهرة العمل بها، وأمّا التفصيل المذكور فموهون بعدم العمل، مع أنّ بعض أخبار القول الأوّل ظاهر في صورة كون الحيض بعد الدخول في الإحرام؛ نعم، لو فرض كونها حائضاً حال الإحرام وعالمة بأنّها لا تطهر لإدراك الحجّ، يمكن أن يقال: يتعيّن عليها العدول إلى الإفراد من الأوّل، لعدم فائدة في الدخول في العمرة، ثمّ العدول إلى الحجّ؛ وأمّا القول الخامس، فلا وجه له ولا له قائل معلوم.
مسألة ۵- إذا حدث الحيض وهي في أثناء طواف عمرة۱ التمتّع، فإن كان قبل تمام أربعة أشواط، بطل طوافه على الأقوى۲، وحينئذٍ فإن كان الوقت موسّعاً أتمّت عمرتها بعد الطهر، وإلّا فلتعدل ۳ إلى حجّ الإفراد وتأتي بعمرة مفردة بعده، وإن كان بعد تمام أربعة أشواط فتقطع الطواف وبعد الطهر تأتي بالثلاثة الاخرى وتسعى وتقصّر مع سعة الوقت، ومع ضيقه تأتي بالسعي وتقصّر ثمّ تحرم للحجّ وتأتي بأفعاله ثمّ تقضي بقيّة طوافها قبل طواف الحجّ أو بعده۴، ثمّ تأتي ببقيّة أعمال الحجّ، وحجّها صحيح تمتّعاً، وكذا الحال إذا حدث الحيض بعد الطواف وقبل صلاته.