المريض إن لم يتّصل مرضه بموته فهو كالصحيح؛ يتصرّف في ماله بما شاء وكيف شاء، وينفذ جميع تصرّفاته في جميع ما يملكه، إلّاإذا أوصى بشيء من ماله بعد موته، فإنّه لاينفذ فيما زاد على ثلث تركته، كما أنّ الصحيح أيضاً كذلك، ويأتي تفصيله في محلّه إن شاء اللَّه تعالى. وأمّا إذا اتّصل مرضه بموته فلا إشكال في عدم نفوذ وصيّته بما زاد على الثلث كغيره، كما أنّه لا إشكال في نفوذ عقوده المعاوضيّة المتعلّقة بماله، كالبيع بثمن المثل والإجارة باجرة المثل ونحو ذلك، وكذا لا إشكال في جواز انتفاعه بماله، كالأكل والشرب والإنفاق على نفسه ومن يعوله والصرف على أضيافه، وفي مورد يحفظ شأنه واعتباره وغير ذلك. وبالجملة: كلّ صرف فيه غرض عقلائيّ ممّا لايعدّ سرفاً ولا تبذيراً أيّ مقدار كان. وإنّما الإشكال والخلاف في مثل الهبة والوقف والصدقة والإبراء والصلح بغير عوض؛ ونحو ذلك من التصرّفات التبرّعيّة في ماله ممّا لايقابل بالعوض، ويكون فيه إضرار بالورثة، وهي المعبّر عنها بالمنجّزات؛ وأنّها هل هي نافذة من الأصل؛ بمعنى نفوذها وصحّتها مطلقاً وإن زادت على ثلث ماله، بل وإن تعلّقت بجميعه بحيث لم يبق شيء للورثة، أو هي نافذة بمقدار الثلث، فإن زادت تتوقّف صحّتها ونفوذها في الزائد على إمضاء الورثة؟ والأقوى هو الأوّل1
1- الصانعی: بل الأقوى هو الثاني؛ ووجه الأقوائية عمومية ما يستفاد من أخبار الوصيّة من المنع من الوصيّة عمّا زاد عن الثلث؛ من كونه حيفاً وإضراراً بالورثه، فإنّ الظاهر منها عدم الفرق بين الوصيّة بالزائد وبين التصرّفات المنجّزة للمريض المتّصلة بموته ممّا يكون تبرعياً وموجباً للإضرار بالورثة، فإنّ من المعلوم عدم الفرق في منع الحيف والإضرار بالورثة بين الوصيّة وغيرها. وبالجملة، مقتضى تنقيح المناط وإلغاء الخصوصية أقوائية الثاني، هذا مع ما استدلّ به لذلك من أدلّة اخرى
(مسألة1): لا إشكال ولا خلاف في أنّ الواجبات الماليّة، التي يؤدّيها المريض في مرض موته- كالخمس والزكاة والكفّارات- تخرج من الأصل.
(مسألة2): لو أقرّ بدين أو عين من ماله في مرض موته لوارث أو أجنبيّ، فإن كان مأموناً غير متّهم نفذ إقراره في جميع ما أقرّ به؛ وإن كان زائداً على ثلث ماله، بل وإن استوعبه، وإلّا فلاينفذ فيما زاد على ثلثه1. والمراد بكونه متّهماً وجود أمارات يظنّ معها بكذبه، كأن يكون بينه وبين الورثة معاداة يظنّ معها بأنّه يريد بذلك إضرارهم، أو كان له حبّ شديد بالنسبة إلى المقرّ له يظنّ معه بأنّه يريد بذلك نفعه.
1-العلوی:بل نفوذه في الثلث في المتّهم المذكور، لايخلو من تأمّل إن حصل لهم الاطمئنان بذلكمن الأمارات.
(مسألة3): لو لم يعلم حال المقرّ؛ وأنّه كان متّهماً أو مأموناً، فالأقوى1 عدم نفوذ2 إقراره في الزائد على الثلث؛ وإن كان الأحوط التصالح بين الورثة والمقرّ له.
1-العلوی:الأقرب نفوذه حملًا على الصحّة.
2-الگرامی: لا يبعد النفوذ لكن الفرض ظاهراً غير متصوّر، إذ لو قامت الأمارات على الكذب فهو متّهم. وإلا فهو مأمون.
(مسألة4): إنّما يحسب الثلث- في الإقرار ونحوه- بالنسبة إلى مجموع ما يتركه في زمان موته من الأموال؛ عيناً أو ديناً أو منفعة أو حقّاً ماليّاً يبذل بإزائه المال كحقّ التحجير، وهل تحسب الدية من التركة وتضمّ إليها، ويحسب الثلث بالنسبة إلى المجموع، أم لا؟ وجهان بل قولان لايخلو أوّلهما من رجحان1
1- الصانعی: بل من قوّة
(مسألة5): ما ذكر من عدم النفوذ فيما زاد على الثلث في الوصيّة ونحوها، إنّما هو مع عدم إجازة الورثة، وإلّا نفذت بلا إشكال، ولو أجاز بعضهم نفذت بمقدار حصّته، ولو أجازوا بعضاً من الزائد على الثلث نفذت بمقداره.
(مسألة6): لا إشكال في صحّة إجازة الوارث بعد موت المورّث. وهل تصحّ منه في حال حياته؛ بحيث تلزم عليه ولايجوز له الردّ بعد ذلك، أم لا؟ قولان، أقواهما الأوّل، خصوصاً في الوصيّة. ولو ردّ في حال الحياة يمكن أن تلحقها الإجازة بعد ذلك على الأقوى.