و هي علی ضربین: تملیکیّة کأن یوصي بشيء من ترکته لزید، و عهدیّة، کأن یوصي بما یتعلّق بتجهیزه أو بالستئجار الحجّ أو الصوم أو الصلاة أو الزیارات له.
مسألة ۱- إذا ظهرت للإنسان أمارات الموت یجب علیه أن یوصي بإیصال ما عنده من أموال الناس من الودائع و البضائع و نحوها إلی أربابها و الإشهاد علیها، خصوصاً إذا خفیت علی الورثة، و کذا بأداء ما علیه من الحقوق المالیّة؛ خلقیّاً کان کالدیون و الضمانات و الدیات و اُروش الجنایات، أو خالقیّاً کالخمس و الزکاة و المظالم و الکفّارات، بل یجب علیه أن یوصي بأن یستأجر عنه ما علیه من الواجبات البدنیّة ممّا یصحّ فیها النیابة و الاستئجار کقضاء الصوم و الصلاة إذا لم یکن له وليّ یقضیها عنه، بل و لو کان له وليّ لا یصحّ منه العمل کالصبيّ، أو کان ممّن لا وثوق بإتیانه أو صحّة عمله.
مسألة ۲- إذا کان عنده أموال الناس، أو کان علیه حقوق و واجبات، لکن یعلم أو یطمئنّ بأنّ أخلافه یوصلون الأموال و یؤدّون الحقوق و الواجبات، لم یجب علیه الإیصاء و إن کان أحوط و دولی.
مسألة ۳- یکفي في الوصیّة کلّ ما دلّ علیها من الألفاظ من أيّ لغة کان، و لا یعتبر فیها لفظ خاصّ، و لفظها الصریح في التملیکیة یقول: «أوصیت لفلان بکذا» أو «اعطوا فلاناً» أو «ادفعوا إلیه بعد موتي» أو «لفلان بعد موتي کذا» و هکذا، و في العهدیّة: «افعلوا بعد موتي کذا و کذا» و هکذا. و الظاهر عدم کفایة الإشارة إلّا مع العجز عن النطق، بخلاف الکتابة فإنّ الظاهر الاکتفاء بها مطلقاً، خصوصاً في الوصیّة العهدیّة إذا علم أنّه قد کان في مقام الوصیّة و کانت العبارة ظاهرة الدلالة علی المعنی المقصود، فیکفي وجود مکتوب من الموصي بخطّة و خاتمه إذا علم من قرائن الأحوال کونه بعنوان الوصیّة فیجب تنفیذها.
مسألة ۴- الوصیّة التملیکیّة لها أرکان ثلاثة: الموصي و الموصی به و الموصی له، و أمّا الوصیّة العهدیّة فإنّها یکون قوامها بأمرین: الموصي و الموصی به، نعم إذا عیّن الموصي شخصاً لتنفیذها تقوّم حینئذٍ باُمور ثلاثة: الموصي و الموصی به و الموصی إلیه، و هو الذي یطلق علیه الوصيّ.
مسألة ۵- لا إشکال في أنّ الوصیّة العهدیّة لا یحتاج إلی قبول، نعم لو عیّن وصیّاً لتنفیذها لابدّ من قبوله، لکن في وصایته لا في أصل الوصیّة. و أمّا الوصیّة التملیکیّة فإن کانت تملیکاً للنوع کالوصیّة للفقراء و السادة و الطلبة، فهي کالعهدیّة لا یعتبر فیها القبول، و إن کانت تملیکاً للشخص، فالمشهور علی أنّه یعتبر فیها القبول من الموصی له، و لا یبعد عدم اعتباره و کفایة عدم الردّ، فتبطل الوصیّة بالردّ لا أنّ القبول شرط.
مسألة ۶- یکفي في القبول – بناءً علی اعتباره – کلّ ما دلّ علی الرضا؛ قولاً أو فعلاً کأخذ الموصی به و التصرّف فیه.
مسألة ۷- بناءً علی اعتبار القبول، لا فرق بین وقوعه في حیاة الموصي أو بعد موته، کما أنّه لا فرق في الواقع بعد الموت بین أن یکون متّصلاً به أو متأخّراً عنه مدّة.
مسألة ۸- لو ردّ بعضاً و قبل بعضاً، صحّ فیما قبله، و بطل فیما ردّه علی الأقوی.
مسألة ۹- لو مات الموصی له في حیاة الموصي، أو بعد موته قبل أن یصدر منه ردّ أو قبول، قام ورثته مقامه في الردّ و القبول، فیملکون الموصی به بقبولهم أو عدم ردّهم کمورّثهم لو لم یرجع الموصي عن وصیّته قبل موته.
مسألة ۱۰- الظاهر أنّ الوارث یتلقّی المال الموصی به من الموصي ابتداءً لا أنّه ینتقل إلی الموصی له أوّلاً ثمّ إلی وارثه، و إن کانت القسمة بین الورثة في صورة التعدّد علی حسب قسمة المواریث، فعلی هذا لا یخرج من الموصی به دیون الموصی له و لا تنفذ فیه وصایاه.
مسألة ۱۱- إذا قبل بعض الورثة وردّ بعضهم، صحّت الوصیّة فیمن قبل، و بطلت فیمن ردّ بالنسبة.
مسألة ۱۲- یعتبر في الموصي: البلوغ و العقل و الاختیار و الرشد و الحرّیة، فلا تصحّ وصیّة الصبيّ. نعم الأقوی صحّة وصیّة البالغ عشراً إذا کانت في البرّ و المعروف کبناء المساجد و القناطر و وجوه الخیرات و المبرّات، و کذا لا تصحّ وصیّة المجنون و لو أدواریّاً في دور جنونه و لا السکران و کذا المکره و السفیه و المملوک و إن قلنا بملکه کما هو الأقوی.
مسألة ۱۳- یعتبر في الموصي – مضافاً إلی ما ذکر -: أن لا یکون قاتل نفسه متعمّداً، فمن أوقع علی نفسه جرحاً أو شرب السمّ أو ألقی نفسه من شاهق – مثلاً – ممّا یقطع أو یظنّ کونه مؤدیّاً إلی الهلاک لم تصحّ وصیّته المتعلّقة بأمواله إذا وقع منه ذلک متعمّداً، فإن کان إیقاع ذلک خطأً أو کان مع ظنّ السلامة فاتّفق موته به نفذت وصیّته. و لو أوصی ثمّ أحدث في نفسه ما یؤدّي إلی هلاکه، لم تبطل وصیّته و إن کان حین الوصیّته بانیاً علی أن یحدث ذلک بعدها.
مسألة ۱۴- لا تبطل الوصیّته بعروض الإغماء و الجنون للموصي و إن داما حین الممات.
مسألة ۱۵- یشترط في الموصی له الوجود حین الوصیّة، فلا تصحّ الوصیّة للمعدوم، کما أوصی للمیّت أو لما تحمله المرأة في المستقبل و لمن یوجد من أولاد فلان، و یجوز الوصیّة للحمل بشرط وجوده حین الوصیّة – و إن لم تلجه الروح – و انفصاله حیّاً، فلو انفصل میّتاً بطلت الوصیّة و رجع المال میراثاً لورثة الموصي.
مسألة ۱۶- تصحّ الوصیّة للذمّي، و کذا للمرتدّ الملّي إذا لم یکن المال ممّا لا یملکه الکافر کالمصحف و العبد المسلم، و لا تصحّ للحربي و لا للمرتدّ عن فطرة علی إشکال.
مسألة ۱۷- لا تصحّ الوصیّة لمملوک الغیر و إن أجاز المالک، و تصحّ لمملوک نفسه، و لکن لا یملک الموصی به کالأحرار، بل إن کان بقدر قیمته ینعتق و لا شيء له و إن کان أکثر من قیمته انعتق و کان الفاضل له، و إن کان أقلّ ینعتق منه بمقداره، و سعی للورثة في البقیّة.
مسألة ۱۸-یشترط في الموصی به في الوصیّة التملیکیّة أن یکون مالاً أو حقّاً قابلاً للنقل کحقّي التحجیر و الاختصاص، من غیر فرق في المال بین کونه عیناً أو دیناً في ذمّة الغیر أو منفعة، و في العین بین کونها موجودة فعلاً أو ممّا سیوجد، فتصحّ الوصیّة بما تحمله الدابّة أو تثمر الشجرة في المستقبل.
مسألة ۱۹- لابدّ أن تکون العین الموصی بها ذات منفعة محلّلة مقصودة حتّی تکن مالاً شرعاً، فلا تصحّ الوصیّة بالخمر و الخنزیر و ألات اللهو و القمار و لا بالحشرات و کلب الهراش و نحوها، و أن تکون المنفعة الموصی بها محلّلة مقصودة، فلا تصحّ الوصیّة بمنفعة المغنّیة و آلات اللهو، و کذا منافع القردة و نحوها.
مسألة ۲۰- لا تصحّ الوصیّة بمال الغیر و إن أجاز المالک؛ سواء کان الإیصاء به عن نفسه – بأن جعل مال الغیر لشخص بعد وفاة نفسه – أو عن الغیر بأن جعله لشخص بعد وفاة مالکه.
مسألة ۲۱-یشترط في الوصیّة العهدیّة أن یکون ما أوصی به عملاً سائغاً تعلّق به أغراض العقلاء، فلا تصحّ الوصیّة بصرف ماله في معونة الظّلام و قطّاع الطریق و تعمیر الکنائس و نسخ الضلال و نحوها، و کذا الوصیّة بما یکون صرف المال فیه سفهاً أو عبثاً.
مسألة ۲۲- لو أوصی بما هو سائغ عنده اجتهاداً أو تقلیداً و غیر سائغ عند الوصيّ، کما إذا أوصی بنقل جنازته مع عروض الفساد علیها إلی أحد المشاهد و کان ذلک سائغاً عند الموصي لم یجب، بل لم یجز علیه تنفیذها، و لو انعکس الأمر انعکس الأمر.
مسألة ۲۳- لو أوصی لغیر الوليّ بمباشرة تجهیزه کتغسیله و الصلاة علیه مع وجود الوليّ، ففي نفوذها و تقدیمه علی الوليّ و عدمه و جهان بل قولان، لا یخلو أوّلهما من رجحان، و الأحوط أن یکون ذلک بإذن الوليّ؛ بأن یستأذن الوصيّ من الوليّ و یأذن الوليّ للوصيّ.
مسألة ۲۴- یشترط في نفوذ الوصیّة – في الجملة – أن لا یکون زائداً علی الثلث. و تفصیله: أنّ الوصیّة إن کانت بواجب مالي – کأداء دیونه و أداء ما علیه من الحقوق کالخمس و الزکاة و المظالم و الکفّارات – تخرج من أصل المال ما بلغ، بل لو یوص بها یخرج من الأصل و ان استوعبت الترکة، و یلحق به الواجب المالي المشوب بالبدني کالحجّ و لو کان منذوراً علی الأقوی. و إن کانت تملیکیّة أو عهدیّة تبرّعیة – کما إذا أوصی بإطعام الفقراء أو الزیارات أو إقامة التعزیة و نحو ذلک – نفذت بمقدار الثلث، و في الزائد یتوقّف علی إمضاء الورثة و إجازتهم، فإن أمضوا صحّت، و إلّا بطلت؛ من غیر فرق بین وقوع الوصیّة في حال الصحّة أو في حال المرض. و کذلک إذا کانت بواجب غیر ماليّ علی الأقوی، کما إذا أوصی بالصلاة و الصوم عنه إذا اشتغلت ذمّته بهما.
مسألة ۲۵-لا فرق فیما ذکر بین ما إذا کانت الوصیّة بکسر مشاع أو بمال معیّن أو بمقدار من المال، فکما أنّه لو أوصی بثلث ماله نفذت في تمامه، و لو أوصی بالنصف نفذت بمقدار الثلث و بطلت في الزائد – و هو السدس – بدون إجازة الورثة، کذلک لو أوصی بمال معیّن، فإنّه ینسب إلی مجموع الترکة، فإن کان بمقدار ثلث المجموع أو أقلّ نفذت في تمامه، و إن کان أکثر نفذت فیه بمقدار ما یساوي الثلث، و في الزائد یتوقّف علی إمضاء الورثة. و کذلک الحال لو أوصی بمقدار من المال، کما إذا أوصی بألف دینار – مثلاً – یقوّم مجموع الترکة و ینسب ما أوصی به إلی قیمة المجموع، فتنفذ في تمامه لو کان بمقدار الثلث أو أقلّ، و في المقدار الذي یساوي ثلث الترکة لو کان أزید و لم یجز الورثة.
مسألة ۲۶- لو کانت إجازة الوارث لما زاد علی الثلث بعد موت الموصي نفذت بلا إشکال و إن ردّها قبل الموت، و کذا لو أجازها قبل الموت و بقي علی إجازتها إلی ما بعد الموت. و أمّا لو ردّها بعد الموت فهل تنفذ الإجازة السابقة و لا أثر للردّ بعدها أم لا؟ قولان، أقواهما الأوّل.
مسألة ۲۷- لو أجاز الوارث بعض الزیادة لا تمامها، نفذت بمقدار ما أجاز، فلو أوصی بثلثي ماله و أجاز الوارث النصف نفذت في هذا المقدار، و بطلت في الزائد و هو السدس من ماله.
مسألة ۲۸- لو أجاز بعض الورثة دون بعضهم، نفذت الوصیّة في حقّ المجیز في الزیادة و بطلت في حقّ غیره، فإذا کان للموصي ابن و بنت و أوصی لزید بنصف ماله قسمت الترکة ثمانیة عشر و نفذت في ثلثها – و هو ستّة – و في الزائد – و هو ثلاثة – احتاج إلی إمضاء الابن و البنت، فإن أمضیا معاً نفذت في تمامها، و إن أمضی الابن دون البنت نفذت في الاثنین و بطلت في واحد، فکان للموصی له ثمانیة، و إن کان بالعکس کان بالعکس و کان للموصی له سبعة.
مسألة ۲۹- لو أوصی بعین معیّنة أو مقدار کلّي من المال کمائة دینار، یلاحظ في کونه بمقدار الثلث أو أقلّ أو أزید بالنسبة إلی أموال الموصي حین الوفاة لا بالنسبة إلی أمواله الموجوة حال الوصیّة، فلو أوصی لزید بعین کانت بمقدار نصف أمواله حین الوصیّة، لکن من جهة نقصان قیمتها أو زیادة قیمة غیرها أو تجدّد مال آخر له بعد ذلک صارت قیمتها بمقدار الثلث ممّا ترک، نفذت في جمیعها، و لو فرض أنّها کانت بمقدار الثلث حین الوصیّة، لکن من جهة ارتفاع قیمتها أو نقصان قیمة غیرها أو تلف بعض أمواله صارت بمقدار نصف ما ترکه حین الموت، نفذت فیها بما یساوي الثلث و بطلت في الزائد لو لم تجز الورثة، و هذا ممّا لا إشکال فیه. و إنّما الإشکال فیما إذا أوصی بکسر مشاع کما إذا قال: «ثلث مالي لزید بعد وفاتي» ثمّ تجدّد له بعد الوصیّة بعض الأموال و أنّه هل تشمل الوصیبة الزبادات المتجدّدة بعدها أم لا؟ سیّما إذا تکن متوقّعة الحصول، لکنّ الظاهر – نظراً إلی شاهد الحال – أنّ المراد بالمال: المال الذي لو لم یوص بالثلث کان جمیعه للورثة، و هو ما کان له عند الوفاة، نعم لو کانت قرینة في کلامه تدلّ علی أنّ المراد الأموال الموجودة حال الوصیّة اقتصر علیها کما إذا عدّ أمواله ثمّ قال: «ثلث أموالي لزید بعد وفاتي».
مسألة ۳۰- الإجازة من الوارث إمضاء و تنفیذ، فلا یکفي مجرّد الرضا و طیب النفس من دون قول أو فعل یدلّان علی التنفیذ و الإمضاء.
مسألة ۳۱- لا یعتبر في الإجازة کونها علی الفور.
مسألة ۳۲- یحسب من الترکة ما یملک بالموت کالدیة، بل و کذا ما یملک بعد الموت إذا أوجد المیّت سبیه قبل الموت، مثل ما یقع الشبکة التي نصبها المیّت في زمان حیاته، فیخرج منه الدین و وصایا المیّت إذا أوصی بالثلث.
مسألة ۳۳- للموصي تعیین ثلثه في عین مخصوصة من الترکة و له تفویض التعیین إلی الوصيّ فیتعیّن فیما عیّنه، و مع الإطلاق کما لو قال: «ثلث مالي لفلان» کان شریکاً مع الورثة بالإشاعة، فلابدّ أن یکون الإفراز و التعیین برضا الجمیع کسائر الأموال المشترکة.
مسألة ۳۴- إنّما یحسب الثلث بعد إخراج ما یخرج من الأصل کالدین و الواجبات المالیّة، فإن بقي بعد ذلک شيء یخرج ثلثه.
مسألة ۳۵- لو أوصی بوصایا متعدّدة غیر متضادّه، فإن کانت من نوع واحد، فإن کانت الجمیع واجبة مالیّة أو واجبة بدنیّة کانت الجمیع بمنزلة وصیّة واحدة، فتنفذ الجمیع من الأصل في الواجب المالي و من الثلث في الواجب البدني، فإن و فی الثلث بالجمیع نفذت في الجمیع، و کذا إن زادت علیه و أجاز الورثة. و أمّا لو لم یجیزوا یوزّع النقص علی الجمیع بالنسبة، فلو أوصی بمقدار من الصوم و مقدار من الصلاة و لم یف الثلث بهما و کانت اُجرة الصلاة ضعف اُجرة الصوم ینتقص من وصیّة الصلاة ضعف ما ینتقص من وصیبة الصوم، کما إذا کانت الترکة ثمانیة عشر و أوصی بستّة لاستئجار الصلاة ثمّ أوصی بثلاثة لاستئجار الصوم، فإن أجاز الوارث نفذت الوصیّتان، و إن لم یجز بطلتا بالنسبة إلی ثلاثة و توزّعت علی الوصیّتین بالنسبة، فینقص عن الوصیّة الاُولی اثنان و عن الثانیة واحد، فیصرف في الصلاة أربعة و في الصوم اثنان.
و إن کانت الجمیع تبرّعیّة، فإن لم یکن یبنها ترتیب بل کانت مجتمعة کما إذا قال: «اُعطوا زیداً و عمراً و خالداً کلّاً منهم مائة» کانت بمنزلة وصیّة واحدة، فإن زادت علی الثلث و لم یجز الورثة ورد النقص علی الجمیع بالنسبة، و إن کانت بینها ترتیب و تقدم و تأخیر في الذکر؛ بأن کانت الثانیة بعد تمامیّة الوصیّة الاُولی و الثالثة بعد تمامیة الثانیة و هکذا، کما إذا قال: «اُعطوا زیداً مائة» ثمّ قال: «اُعطوا عمراً مائة» ثمّ قال: «اُعطوا خالداً مائة» و کانت المجموع أزید من الثلث و لم یجز الورثة یبدأ بالأوّل إلی أن یکمل الثلث فإذا کان الثلث مائة نفذت الاُولی و لغت الأخیرتان، و إن کان مائتین نفذت الاُولیان و لغت الأخیرة، و إن کان مائة و خمسین نفذت الاُولی، و الثانیة في نصف الموصی به، و لغت البواقي و هکذا.
مسألة ۳۶- لو أوصی بوصایا مختلفة بالنوع کما إذا أوصی بأن یعطی مقداراً معیّناً خمساً و زکاة، و مقداراً صوماً و صلاة، و مقداراً لإطعام الفقراء، فإن دطلق و لم یذکر المخرج یبدأ بالواجب المالي فیخرج من الأصل، فإذا بقي شيء یعیّن ثلثه و یخرج منه البدني و التبرّعي، فإن وفی بهما أو لم یف بهما و أجاز الوارث نفذت في کلیهما و إن لم یف بهما و لم یجز الوارث في الزیادة یقدّم الواجب البدني و یردّ النقص علی التبرّعي. و إن ذکر المخرج و أوصی بأن تخرج من الثلث، یعیّن الثلث فیخرج منه الواجب المالي، فإن بقي منه شيء یصرف في الواجب البدني، فإن بقي شيء یصرف في التبرّعي، حتّی أنّه لو لم یف الثلث إلّا بالواجبات المالیّة لغت الوصایا الأخیرة بالمرّة، إلّا أن یجیز الورثة.
مسألة ۳۷- لو أوصی بوصایا متعدّدة متصادّه؛ بأن کانت المتأخّرة منافیة للمتقدّمة، کما لو أوصی بعین شخصیّة لواحد ثمّ أوصی بها الآخر، و مثله ما إذا أوصی بثلثه لشخص و قال: «اُعطوا ثلثي لزید بعد موتي» ثمّ قال: «اُعطو ثلثي لعمرو بعد موتي» کانت اللاحقة عدولاً عن السابقة فیعمل باللاحقة. و لو أوصی بعین شخصي لشخص ثمّ أوصی بنصفها – مثلاً – لشخص آخر، فالظاهر کون الثانیة عدولاً بالنسبة إلی نصفها لا تمامها، فیبقی النصف الآخر للأوّل.
مسألة ۳۸- متعلّق الوصیّة إن کان کسراً مشاعاً من الترکة کالثلث أو الربع – مثلاً – ملکه الموصی له بالموت و القبول بناءً علی اعتباره، و کان له من کلّ شيء ثلثه أو ربعه – مثلاً – و شارک الورثة في الترکة من حین ما ملکه. هذا في الوصیّة التملیکیّة، و أمّا في الوصیّة العهدیّة کما إذا أوصی بصرف ثلثه أو ربع ترکته في العبادات و الزیارات، کان الموصی به فیها باقیاً علی حکم مال المیّت، فهو یشارک الورثة حین ما ملکوا بالإرث، فکان للمیّت من کلّ شيء ثلثه أو ربعه – مثلاً – و الباقي للورثة، و هذه الشرکة باقیة ما لم یفرز الموصی به عن مال الورثة و لم تقع القسمة بینهم و بین الموصی له، فلو حصل نماء متّصل أو منفصل قبل القسمة کان بینهما، و لو تلف من الترکة شيء کان منهما.
و إن کان ما أوصی به مالاً معیّناً یساوي الثلث أو دونه، اختصّ به الموصی له و لا اعتراض فیه للورثة و لا حاجة إلی إجازتهم؛ لما عرفت سابقاً أنّ للموصي تعیین ثلثه فیما شاء من ترکته، لکن إنّما یستقرّ ملکیّة الموصی له أو المیّت في تمام الموصی به إذا کان یصل إلی الوارث ضعف ما أوصی به، فإذا کان له مال حاضر عند الورثة بهذا المقدار استقرّت ملکیّة تمام المال المعیّن، فللموصی له أو الوصيّ أن یتصرّف فیه أنحاء التصرّف. و إن کان ما عدا ما عیّن للوصیّة غائباً توقّف التصرّف فیه علی حصول مثلیه بید الورثة، فإن لم یحصل بیدهم شيء منه شارکوا الموصی له في المال المعیّن أثلاثاً: ثلث للموصی له، و ثلثان للورثة.
مسألة ۳۹-یجوز للموصي أن یعیّن شخصاً لتنجیز و صایاه و تنفیذها، فیتعیّن و یقال له الموصی إلیه و الوصيّ. و یشترط فیه اُمور: البلوغ و العقل و الإسلام، فلا تصحّ وصایة الصغیر و لا المجنون و لا الکافر عن المسلم و إن کان ذمیّاً قریباً، و هل یشترط فیه العدالة کما نسب إلی المشهور أم یکفي الوثاقة؟ لا یبعد الثاني و إن کان الأوّل أحوط.
مسألة ۴۰- إنّما لا تصحّ وصایة الصغیر منفرداً، و أمّا منضمّاً إلی الکامل فلا بأس به، فیستقلّ الکامل بالتصرّف إلی زمن بلوغ الصغیر و لا ینتظر بلوغه، فإذا بلغ شارکه من حینه، و لیس له اعتراض فیما أمضاه الکامل سابقاً إلّا ما کان علی خلاف ما أوصی به المیّت فیردّه إلی ما أوصی به. و لو مات الصغیر أو بلغ فاسد العقل کان للکامل الانفراد بالوصایّة.
مسألة ۴۱- لو طرأ الجنون علی الوصيّ بعد موت الموصي بطلت وصایته، و لو أفاق بعد ذلک لم تعد و احتاج إلی نصب جدید من الحاکم.
مسألة ۴۲- لا یجب علی الموصی إلیه قبول الوصایة و له أن یردّها مادام الموصي حیّاً بشرط أن یبلغه الردّ، فلو کان الردّ بعد موت الموصي أو قبله، و لکن لم یبلغه الردّ حتّی مات، لم یکن أثر للردّ و کانت الوصایة لازمة علی الوصّي، بل لو لم یبلغه أنّه قد أوصی إلیه و جعله وصیّاً إلّا بعد موت الموصي لزمته و لیس له ردّها.
مسألة ۴۳- یجوز للموصي أن یجعل الوصایة لاثنین فما فوق، فإن نصّ علی الاستقلال و الانفراد فهو، و إلّا فلیس لکلّ منهما الاستقلال بالتصرّف؛ لا في جمیع ما أوصی به و لا في بعضه، و لیس لهما أن یقسّما الثلث – مثلاً – و ینفرد کلب منهما في نصفه، من غیر فرق في ذلک بین أن یشترط علیهما الاجتماع أو یطلق. و لو تشاحاً و لم یجتمعا أجبرهما الحاکم علی الاجتماع فإن تعذّر استبدل بهما.
مسألة ۴۴- لو مات أحد الوصیّین أو طرأ علیه الجنون أو غیره ممّا یوجب ارتفاع وصایته استقلّ الآخر و لا یحتاج إلی ضمّ شخص آخر قبل الحاکم. نعم لو ماتا معاً احتاج إلی النصب من قبله، فهل اللازم نصب اثنین أو یکفي نصب واحد إذا کان کافیاً؟ و جهان؛ أحوطهما الأوّل و أقواهما الثاني.
مسألة ۴۵- یجوز أن یوصي إلی في شيء بعینه و إلی آخر في غیره، و لا یشارک أحدهما الآخر.
مسألة ۴۶- لو قال: «أوصیت إلی زید فإن مات فإلی عمرو» صحّ و یکونان وصیّین، إلّا أنّ وصایة عمرو موقوفة علی موت زید، و کذا لو قال: «أوصیت إلی زید فإن کبر ابني أو تاب عن فسقه أو اشتغل بالعلم فهو وصیّي».
مسألة ۴۷-إذا ظهرت خیانة الوصيّ فللحاکم عزله و نصب شخص آخر مکانه، أو ضمّ أمین إلیه حسب ما یراه من المصلحة، و أمّا لو ظهر منه العجز ضمّ إلیه من یساعده.
مسألة ۴۸- إذا لم ینجّز الوصيّ ما أوصی إلیه في زمن حیاته، لیس له أن یجعل وصیّاً لتنجیزه و إمضائه بعد موته، إلّا إذا کان مأذوناً من الموصي في الإیصاء.
مسألة ۴۹- الوصيّ أمین، فلا یضمن ما کان في یده إلّا مع التعدّي أو التفریط و لو بمخالفة الوصیّة، فیضمن لو تلف، فضلاً عمّا لو أتلف.
مسألة ۵۰- لو أوصی إلیه بعمل خاصّ أو قدر مخصوص أو کیفیّة خاصّة، اقتصر علیه و لم یتجاوز عنه إلی غیره، و أمّا لو أطلق بأن قال: «أنت وصیّي» من دون ذکر المتعلّق، فالأقرب وقوعه لغواً إلّا إذا کان هناک عرف خاصّ و تعارف یدلّ علی المراد فهو المتّبع، کما في عرف الأعراب و بعض طوائف الأعجام؛ حیث إنّ مرادهم بحسب الظاهر الولایة علی أداء ما علیه من الدیون و استیفاء ما له علی الناس و ردّ الأمانات و البضائع إلی أهلها و أخذها و إخراج ثلثه و صرفه فیما ینفعه، و لو بنظر حاکم الشرع؛ من استئجار العبادات و أداء الحقوق و المظالم و نحوها. نعم في شموله بمجرّده للقیمومة علی الأطفال تأمّل و إشکال، فالأحوط أن یکون تصدّیه لاُمورهم بإذن من الحاکم، و لعلّ المنساق منه في بعض البلاد ما یشملها. و بالجملة: بعد ما کان التعارف هو المدار فیختلف باختلاف الأعصار و الأمصار.
مسألة ۵۱- لیس للوصيّ أن یعزل نفسه بعد موت الموصي، و لا أن یفوّض أمر الوصیّة إلی غیره. نعم له التوکیل في إیقاع بعض الأعمال المتعلّقة بالوصیّة ممّا لم یتعلّق الغرض إلّا بوقوعها من أيّ مباشر کان، خصوصاً إذا کان ممّا تجر العادة علی مباشرة أمثال هذا الوصيّ و لم یشترط علیه المباشرة.
مسألة ۵۲- لو نسي الوصيّ مصرف الوصیّة، صرف الموصی به في وجوه البرّ.
مسألة ۵۳- إذا أوصی المیّت وصیّة عهدیّة و لم یتعیّن وصیّاً، أو بطل وصایة من عیّنه بموت أو جنون أو غیر ذلک، تولّی الحاکم أمرها أو عیّن من یتولّاه، و لم یکن الحاکم و لا منصوبه، تولّاه من المؤمنین من یوثق به.
مسألة ۵۴- یجوز للموصي أن یجعل ناظراً علی الوصيّ، و وظیفته تابعة لجعل الموصي: من جهة الاستنثاق علی وقوع ما أوصی به علی ما أوصی به یجعل الناظر رقیباً علی الوصيّ و أن یکون أعماله باطّلاعه، حتّی أنّه لو رأی منه خلاف ما قرّره الموصي لاعترض علیه. و اُخری: من جهة عدم الاطمئنان بأنظار الوصيّ و الاطمئنان التامّ بأنظار الناظر یجعل الوصيّ أن یکون أعماله علی طبق نظر الناظر و لا یعمل إلّا ما رآه صلاحاً. فالوصيّ و إن کان ولیّاً مستقلاً في التصرّف لکنّه غیر مستقلّ في الرأي و النظر، فلا یمضی من أعماله إلّا ما وافق نظر الناظر، فلو استبدّ الوصيّ بالعمل علی نظره من دون مراجعة الناظر و اطّلاعه و کان عمله علی طبق ما قرّره الموصي فالظاهر صحّة عمله و نفوذه علی الأوّل بخلافه علی الثاني. و لعلّ الغالب المتعارف في جعل الناظر في الوصایا هو النحو الأوّل.
مسألة ۵۵- یجوز للأب مع عدم الجدّ و للجدّ و للجدّ للأب مع فقد الأب، جعل القیّم علی الصغار، و معه لا ولایة للحاکم. و لیس لغیر الأب و الجدّ للأب و الجدّ للأب أن ینصب القیّم علیهم حتّی الاُمّ.
مسألة ۵۶- یشترط في القیّم علی الأطفال ما اشترط في الوصيّ علی المال. و القول باعتبار العدالة هنا لا یخلو من قوّة، و إن کان الاکتفاء بالأمانة و وجود المصلحة لیس ببعید.
مسألة ۵۷- لو عیّن الموصي علی القیّم جهة خاصّة و تصرّفاً مخصوصاً اقتصر علیه، و یکون أمره في غیره إلی الحاکم أو المنصوب من قبله، فلو جعله قیّماً بالنسبة إلی حفظ أمواله و ما یتعلّق بإنفاقه لیس له الولایة علی أمواله بالبیع و الإجارة و المزارعة و غیرها، و علی نفسه بالإجارة و نحوها، و علی دیونه بالوفاء و الاستیفاء. و لو أطلق و قال: «فلان قیّم علی أولادي» - مثلاً – کان ولیّاً علی جمیع ما یتعلّق بهم ممّا کان للموصي الولایة علیه، فله الإنفاق علیهم بالمعروف، و الإنفاق علی من علیهم نفقته کالأبوین الفقیرین، و حفظ أموالهم و استنماؤها و استیفاء دیونهم و إیفاء ما علیهم، کأرش ما أتلفوا من أموال الناس و کفّارة القتل دون الدیة، فإنّها في العمد و الخطأ علی العاقلة، و کذا إخراج الحقوق المتعلّقة بأموالهم کالخمس إذا تعلّق بمالهم و غیر ذلک، نعم في ولایته علی تزویجهم کلام یأتي في محلّه إن شاء الله تعالی.
مسألة ۵۸- یجوز جعل الولایة علی الأطفال لاثنین فما زاد؛ بالاستقلال و الاشتراک، و جعل الناظر علی الوصيّ کالوصیّة بالمال.
مسألة ۵۹- ینفق الوصيّ علی الصبيّ من غیر إسراف و لا تقتیر، فیطعمه و یلبسه عادة أمثاله و نظرائه، فإن أسرف ضمن الزیادة. و لو بلغ فأنکر أصل الإنفاق أو ادّعی علیه الإسراف فالقول قول الوصيّ بیمینه، و کذا لو ادّعی علیه أنّه باع ماله من غیر حاجة و لا غبطة. نعم لو اختلفا في دفع المال إلیه بعد البلوغ فادّعاه الوصيّ و أنکر الصبيّ قدّم قول الصبيّ و البیّنة علی الوصيّ.
مسألة ۶۰- یجوز للقیّم الذي یتولّی اُمور الیتیم أن یأخذ من ماله اُجرة مثل عمله سواء کان غنیّاً أو فقیراً، و إن کان الأحوط الأولی للأوّل التجنّب. و أمّا الوصيّ علی الأموال، فإن عیّن الموصي مقدار المال الموصی به و طبّقه علی مصرفه المعیّن المقدّر بحیث لم یبق شیئاً لاُجرة الوصيّ و استلزم أخذ الاُجرة إمّا الزیادة عن المال الموصی به أو النقصان في مقدار المصرف – کما إذا أوصی بأن یصرف ثلثه أو عیناً معیّناً من ترکته أو مقداراً من المال کألف درهم في استئجار عشرین سنة عبادة کلّ سنة کذا مقداراً و إطعام خمسین فقیراً بخمسین درهماً و قد ساوی المال مع المصرف بحیث لو أراد أن یأخذ شیئاً لنفسه لزم أحد الأمرین المذکورین – لم یجز له أن یأخذ الاُجرة لنفسه؛ حیث إنّ مرجع هذه الوصیّة إلی الإیصاء إلیه بأن یتولّی اُمور الوصیّة تبرّعاً و بلا اُجرة، فهو کما لو نصّ علی ذلک، و الوصيّ قد قبل الوصایة علی هذا النحو فلم یستحقّ شیئاً. و إن عیّن المال و المصرف علی نحو قابل للزیادة و النقصان کان حاله حال متولّي الوقف في أنّه لو لم یعیّن له جعلاً معیّناً جاز له أن یأخذ اُجرة مثل عمله، و ذلک کما إذا أوصی بأن یصرف ثلثه أو مقداراً معیّناً من المال في بناء القناطر و تسویة المعابر و تعمیر المساجد. و کذا لو أوصی بأن یعمّر المسجد الفلاني من ماله أو من ثلثه.
مسألة ۶۱- الوصیّة جائزة من طرف الموصي، فله أن یرجع عن وصیّته – ما دام فیه الروح – و تبدیلها من أصلها أو من بعض جهاتها و کیفیّاتها و متعلّقاتها، فله تبدیل الموصی به کلّاً أو بعضاً، و تغییر الوصيّ و الموصی له و غیر ذلک. و لو رجع عن بعض الجهات یبقی غیرها بحالها، فلو أوصی بصرف ثلثه في مصارف مخصوصة و جعل الوصایة لزید، ثمّ بعد ذلک عدل عن وصایة زید و جعل الوصایة لعمرو تبقی أصل الوصیّة بحالها، و کذلک إذا أوصی بصرف ثلثه في مصارف معیّنة علی ید زید، ثمب بعد ذلک عدل عن تلک المصارف و عیّن مصارف اُخر و هکذا. و کما له الرجوع في الوصیّة المتعلّقة بالمال کذلک له الرجوع في الوصیّة بالولایة علی الأطفال.
مسألة ۶۲- یتحقّق الرجوع عن الوصیّة بالقول، و هو کلب لفظ دالّ علیه بحسب متفاهم العرف بأيّ لغة کان نحو: «رجعت عن وصیّتي» أو «أبطلتها» أو «عدلت عنها» أو «نقضتها» و نحوها، و بالفعل؛ و هو إمّا بإعدام موضوعها کإتلاف الموصی به، و کذا نقله إلی الغیر بعقد لازم کالبیع أو جائز کالهبة مع القبض، و إمّا بما یعدّ عند العرف رجوعاً و إن بقي الموصی به بحاله و في ملکه، کما إذا و کلّ شخصاً علی بیعه أو وهبه و لم یقبضه بعد.
مسألة ۶۳- الوصیّة بعد ما وقعت تبقی علی حالها و یعمل بها ما لم یرجع الموصي و إن طالت المدّة. و لو شکّ في الرجوع – و لو للشکّ في کون لفظ أو فعل رجوعاً – یحکم ببقائها و عدم الرجوع، لکنّه فیما إذا کانت الوصیّة مطلقة؛ بأن کان مقصود الموصي وقوع مضمون الوصیّة و العمل بها بعد موته في أيّ زمان قضی الله علیه، فلو کانت مقیّدة بموته في سفر کذا أو عن مرض کذا، و لم یتّفق موته في ذلک السفر أو عن ذاک المرض، بطلت تلک الوصیّة و احتاج إلی وصیّة جدیدة. و لا ریب أنّ الغالب في الوصایا و لا سیّما ما تقع عند المسافرة إلی البلاد البعیدة بالطرق الغیر المأمونة کسفر الحجّ و نحوه و في حال الأمراض الشدیدة و أمثال ذلک قصر نظر الموصي إلی موته في ذلک السفر و في ذلک المرض، و قد یصرّح بذلک و قد یشهد بذلک ظاهر حاله بحیث لو سئل عنه: «إذا رجعت عن هذا السفر سالماً أو طبت عن هذا المرض – إن شاء الله تعالی – و بقیت مدّة مدیدة هل نعمل بهذه الوصیّة أن لا؟» لقال: «لا، لابدّ لي من نظر جدید و وصیّة اُخری» و حینئذٍ یشکل العمل بالوصایا الصادرة عند الأسفار و في حال الأمراض بمجرّد عدم رجوع الموصي و عدم نسخها بوصیّة اُخری، خصوصاً مع طول المدّة، إلّا إذا علم بالقرائن و ظهر من حاله أنّ عدم الإیصاء الجدید منه إنّما هو لأجل الاعتماد علی الوصیّة السابقه، کما إذا شوهد منه المحافظة علی ورقة الوصیّة و تکرّر منه ذکرها عند الناس و إشهادهم بها.
مسألة ۶۴- لا تثبت الوصیّة بالولایة؛ سواء کانت علی المال أو علی الأطفال، إلّا بشهادة عدلین من الرجال، و لا تقبل فیها شهادة النساء لا منفردات و لا منضمّات بالرجال. و أمّا الوصیّة بالمال فهي کسائر الدعاوي المالیّة تثبت بشهادة رجلین عدلین و شاهد و یمین و شهادة رجل و امرأتین، و تمتاز من بین الدعاوي المالیّة بأمرین: أحدهما: أنها تثبت بشهادة النساء منفردات و إن لم تکمل أربع و لم تنضمّ الیمین، فتثبت ربع الوصیّة بواحدة و نصفها باثنتین و ثلاثة أرباعها بثلاث و تمامها بأربع. ثانیهما: أنّها تثبت بشهادة رجلین ذمّیین عدلین في دینهما عند الضرورة و عدم عدول المسلمین، و لا تقبل شهادة غیر أهل الذمّة من الکفّار.
مسألة ۶۵- إذا کانت الورثة کباراً، و أقرّوا کلّهم بالوصیّة بالثلث و ما دونه لوارث أو أجنبيّ،أو بأن یصرف علی الفقراء – مثلاً – تثبت في تمام الموصی به و یلزمون بالعمل بها أخذاً بإقرارهم، و لا یحتاج إلی بیّنة. و إذا أقرّ بها بعضهم دون بعض فإن کان المقرّ اثنین عادلین ثبتت أیضاً في التمام؛ لکونه إقراراً بالنسبة إلی المقرّ و شهادة بالنسبة إلی غیره، فلا یحتاج إلی بیّنة اُخری، و إلّا ثبتت بالنسبة إلی حصّة المقرّ خاصّة أخذاً بإقراره، و أمّا بالنسبة إلی حصّة الباقین یحتاج إلی البیّنة. نعم لو کان المقرّ عدلاً واحداً و کانت الوصیّة بالمال لشخص أو أشخاص کفی ضمّ یمین المقرّ له مع إقرار المقرّ في ثبوت التمام، بل لو کان المقرّ امرأة ثبتت في ربع حصّة الباقین إن کانت واحدة و في نصفها إن کانت اثنتین و في ثلاثة أرباعها إن کانت ثلاث و في تمامها إن کانت أربع. و بالجملة: بعد ما کان المقرّ من الورثة شاهداً بالنسبة إلی حصّة الباقي، کان کالشاهد الأجنبي فیثبت به ما یثبت به.
مسألة ۶۶- إذا أقرّ الوارث بأصل الوصیّة کان کالأجنبي، فلیس له إنکار وصایة من یدّعي الوصایة و لا یسمع منه هذا الإنکار کغیره. نعم لو کانت الوصیّة متعلّقة بالقصّر أو العناوین العامّة کالفقراء أو وجوه القرب کالمساجد و المشاهد أو المیّت نفسه کاستئجار العبادات و الزیارات له و نحو ذلک، کان لکلّ من یعلم بکذب من یدّعي الوصایة – خصوصاً إذی رأی منه الخیانة – الإنکار علیه و الترافع معه عند الحاکم من باب الحسبة، لکن الوارث و الأجنبي في ذلک سیّان. نعم فیما إذا تعلّقت باُمور المیّت لا یبعد أولویة الوارث من غیره و اختصاص حقّ الدعوی به مقدّماً علی غیره.
مسألة ۶۷- إذا تصرّف الإنسان في مرض موته، فإن کان معلّقاً علی موته کما إذا قال: «اُعطوا فلاناً بعد موتي کذا أو هذا المال المعیّن أو ثلث مالي أو ربعه أو نصفه – مثلاً – لفلان بعد موتي» و نحو ذلک فهو وصیّة، و قد عرفت أنّها نافذة مع اجتماع الشرائط ما لم تزد علی الثلث، و في الزائد موقوف علی إجازة الورثة کالواقعة في مرض آخر غیر مرض الموت أو في حال الصحّة و إن کان منجّزاً؛ بمعنی کونه غیر معلّق علی الموت، و إن کان معلّقاً علی أمر آخر فإن لم یکن مشتملاً علی المجّانیّة و المحاباة کبیع شيء بثمن المثل و إجارة عین باُجرة المثل، فهو نافذ بلا إشکال، و إن کان مشتملاً علی المحاباة، بدن لم یصل ما یساوي ماله إلیه؛ سواء کان مجّاناً محضاً کالوقف و العتق و الإبراء و الهبة الغیر المعوّضة، أم لا کالبیع بأقلّ من ثمن المثل، و الإجارة بأقلّ من اُجرة المثل، و الهبة المعوّضة بما دون القیمة و غیر ذلک، ففي نفوذه مطلقاً أو کونه مثل الوصیّة في توقّف ما زاد علی الثلث علی إمضاء الورثة قولان معروفان، أقواهما الأوّل کما مرّ في کتاب الحجر.
مسألة ۶۸- إذا جم في مرض الموت بین عطیّة منجّزة و معلّقة بالموت، فإن و في الثلث بهما لا إشکال في نفوذهما في تمام ما تعلّقتا به، و إن لم یف بهما فعلی المختار من إخراج المنجّزة من الأصل یبدأ بها، فتخرج من الأصل و تخرج المعلّقة من ثلث ما بقي. و أمّا علی القول الآخر، فإن أمضی الورثة تنفذان معاً، و إن لم یمضوا تخرجان معاً من الثلث، و یبدأ أوّلاً بالمنجّزة، فإن بقي شيء یصرف في المعلّقة.
تاریخ به روزرسانی: سه شنبه, ۱۸ شهریور ۱۴۰۴