و هي کون شيء واحد لاثنین، أو أزید. و هي إمّا في عین، أو دین، أو منفعة، أو حقّ. و سببها قد یکون إرثاً و قد یکون عقداً ناقلاً، کما إذا اشتری اثنان معاً مالاً أو استأجرا عیناً، أو صولحا عن حقّ تحجیر مثلاً. و لها سببان آخران یختصّان بالشرکة في الأعیان: أحدهما: الحیازة، کما إذا اقتلع اثنان معاً شجرة مباحة، أو اغترفا ماء مباحاً بآنیة واحدة دفعة. و ثانیهما: الامتزاج، کما إذا امتزج ماء أو خلّ من شخص بماء أو خلّ شخص آخر؛ سواء وقع قهراً أو عمداً و اختیاراً.
مسألة ۱- الامتزاج قد یوجب الشرکة الواقعیّة الحقیقیّة، و هو فیما إذا حصل خلط و امتزاج تامّ بین مائعین متجانسین کالماء بالماء و الدهن بالدهن، بل و غیر متجانسین کدهن اللوز بدهن الجوز مثلاً، و مثله علی الظاهر خلط الجامدات الناعمة بعضها ببعض کالأدقّة، بل لا یبعد أن یلحق بها ذوات الحبات الصغیرة کالخشخاش و الدخن و السمسم و أشباهها. و قد یوجب الشرکة الظاهریّة الحکمیّة، و هي في مثل خلط الحنطة بالحنطة و الشعیر بالشعیر، بل و الجوز بالجوز و اللوز باللوز، و کذا الدراهم أو الدنانیر المتماثلة إذا اختلط بعضها ببعض علی نحو یرفع الامتیاز، فإنّ الظاهر في أمثال ذلک بقاء أجزاء کلّ من المالین علی ملک مالکه، لکن عند الخلط الرافع للامتیاز یعامل مع المجموع معاملة المال المشترک، و یکون بحکم الشرکة الواقعیّة؛ من صحّة التقسیم و الإفراز و سائر أحکام المال المشترک. نعم الظاهر أنّه لا تتحقّق الشرکة – لا واقعاً و ال ظاهراً – بخلط القیمیّات بعضها ببعض و إن لم یتمیّز، کما إذا اختلط بعض الثیاب ببعضها مع تقارب الصفات، و العبید في العبید، و الإماء في الإماء ، و الأغنام في الأغنام و نحو ذلک، بل ذلک من اشتباه مال أحد المالکین بمال الآخر فیکون العلاج بالمصالحة أو القرعة.
مسألة ۲- لا یجوز لبعض الشرکاء التصرّف في المال المشترک إلّا برضا الباقین، بل لو أذن أحد الشریکین شریکه في التصرّف جاز للمأذون و لم یجز للآذن إلّا أن یأذن له المأذون أیضاً. و یجب أن یقتصر المأذون بالمقدار المأذون فیه کمّاً و کیفاً. نعم الإذن في الشيء إذن لوازمه عند الإطلاق، فإذا أذن له في سکنی الدار یلزمه إسکان أهله و عیاله و أطفاله و تردّد أصدقائه و نزول ضیوفه بالمقدار المعتاد، فیجوز ذلک إلّا أن یمنع عنه کلّاً أو بعضاً فیتّبع.
مسألة ۳- کما تطلق الشرکة علی المعنی المتقدّم – و هو کون شيء و احد لاثنین أو أزید – تطلق أیضاً علی معنی آخر؛ و هو العقد الواقع بین اثنین، أو أزید علی المعاملة بمال مشترک بینهم، و تسمّی الشرکة العقدیّة و الاکتسابیّة. و ثمرته جواز تصرّف الشریکین فیما اشترکا فیه بالتکسّب به و کون الربح و الخسران بینهما علی نسبة مالهما و حیث إنّها عقد من العقود تحتاج إلی إیجاب و قبول، و یکفي قولهما: اشترکنا، أو قول أحدهما ذلک مع قبول الآخر. و لا یبعد جریان المعاطاة فیها بأن خلطا المالین بقصد اشتراکهما في الاکتساب و المعاملة به.
مسألة ۴- یعتبر في الشرکة العقدیّة کلّ ما اعتبر في العقود المالیّة؛ من البلوغ و العقل و القصد و الاختیار و عدم الحجر لفلس أو سفه.
مسألة ۵- لا تصحّ الشرکة العقدیّة إلّا في الأموال؛ نقوداً کانت أو عروضاً و تسمّی تلک: شرکة العنان، و لا تصحّ في الأعمال و هي المسمّاة بشرکة الأبدان؛ بأن یوقع العقد اثنان علی أن یکون اُجرة عمل کلّ منهما مشترکاً بینهما؛ سواء اتّفقا في العمل کالخیّاطبن أو اختلفا کالخیّاط مع النسّاج. و من ذلک معاقدة شخصین علی أنّ کلّ ما یحصل کلّ منهما بالحیازة من الحطب أو الحشیش – مثلاً – یکون مشترکاً بینهما، فلا تتحقّق الشرکة بذلک، بل یختصّ کلّ منهما باُجرته و بما حازه. نعم لو صالح أحدهما الآخر بنصف منفعته إلی مذّة کذا – کسنة أو سنتین – بنصف منفعة الآخر إلی تلک المدّة و قبل الآخر صحّ، و اشترک کلّ منهما فیما یحصّله الآخر في تلک المدّة بالاُجرة أو الحیازة. و کذا لو صالح أحدهما الآخر عن نصف منفعته إلی مدّة بعوض معیّن – کدینار مثلاً – و صالحه الآخر أیضاً نصف منفعته في تلک المدّة بذلک العوض. و لا تصحّ أیضاً شرکة الوجوه؛ و هي أن یوقع العقد اثنان وجیهان عند الناس لا مال لهما علی أن یبتاع کلب منهما في ذمّته إلی أجل و یکون ما یبتاعه کلّ منهما بینهما فیبیعانه و یؤدّیان الثمن، و یکون ما حصل من الربح بینهما، و لو أرادا حصول هذه النتیجة بوجه مشروع و کلّ کلّ منهما الآخر في أن یشارکه فیما اشتراه بأن یشتري لهما و في ذمّتهما، فإذا اشتری شیئاً کذلک یکون لهما فیکون الربح و الخسران بینهما. و لا تصحّ أیضاً شرکة المفاوضة؛ و هي أن یعقد اثنان علی أن یکون کلّ ما یحصل لکلّ منهما من ربح تجارة أو فائدة زراعة أو اکتساب أو إرث أو وصیّة أو غیر ذلک شارکه فیه الآخر، و کذا کلّ غرامة و خسارة ترد علی أحدهما تکون علیهما، فانحصرت الشرکة العقدیّة الصحیحة بالشرکة في الأموال المسمّاة بشرکة العنان.
مسألة ۶- لو آجر اثنان نفسهما بعقد واحد لعمل واحدباُجرة معیّنة، کانت الاُجرة مشترکة بینهما، و کذا لو حاز اثنان معاً مباحاً، کما لو اقتلعا معاً شجرة أو اغترفا ماء دفعة بآنیة واحدة، کان ما حازاه مشترکاً بینهما و لیس ذلک من شرکة الأبدان حتّی تکون باطلة و یقسّم الاُجرة و ما حازاه بنسبة عملهما، و لو لم تعلم النسبة فالأحوط التصالح.
مسألة ۷- حیث إنّ الشرکة العنانیّة هي العقد علی المعاملة و التکسّب بالمال المشترک، فلابدّ من أن یکون رأس المال مشترکاً بأحد أسباب الشرکة، فإن کان مشترکاً قبل إیقاع عقدها – کالمال الموروث قبل القسمة – فهو، و إلّا بأن کان المالان ممتازین، فإن کانا ممّا تحصل الشرکة بمزجهما – کالمائعات و الأدقّة بل و الحبوبات و الدراهم و الدنانیر علی ما مرّ – مزجاهما قبل العقد أو بعده لیتحقّق الاشتراک في رأس المال، و إن کانا من غیره؛ بأن کان عند أحدهما جنس و عند الآخر جنس آخر فلابدّ من إیجاد أحد أسباب الشرکة غیر المزج لیصیر رأس المال مشترکاً، کأن یبیع أو یصالح کلّ منهما نصف ماله بنصف مال الآخر. و ما اشتهر من أنّ في الشرکة العقدیّة لابدّ من خلط المالین قبل العقد أو بعده مبنيّ علی ما هو الغالب من کون رأس المال من الدراهم أو الدنانیر و کان لکلّ منهما مقدار ممتاز عمّا للآخر، و حیث إنّ الخلط و المزج فیها أسهل أسباب الشرکة ذکروا أنّه لابدّ من امتزاج الدراهم بالدراهم و الدنانیر بالدنانیر حتّی یحصل الاشتراک في رأس المال، لا أنّه یعتبر ذلک، حتّی أنّه لو فرض کون الدراهم أو الدنانیر مشترکة بین اثنین بسبب آخر غیر المزج کالإرث، أو کان المالان ممّا لا یوجب خلطهما الاشتراک، لم تقع الشرکة العقدیّة.
مسألة ۸-إطلاق عقد الشرکة یقتضي جواز تصرّف کلّ منهما بالتکسّب برأس المال، و إذا اشترطا کون العمل من أحدهما أو من کلیهما مع انضمامهما فهو المتّبع. هذا من حیث العامل، و أمّا من حیث العمل و التکسّب فمع الإطلاق یجوز مطلقه ممّا یریان فیه المصلحة کالعامل في المضاربة، و لو عیّنا جهة خاصّة کبیع و شراء الأغنام أو الطعام أو البزازة أو غیر ذلک اقتصر علی ذلک و لا یتعدّی إلی غیره.
مسألة ۹- حیث إنّ کلّ واحد من الشریکین کالوکیل و العامل عن الآخر، فإذا عقدا علی الشرکة في مطلق التکسّب أو تکسّب خاصّ یقتصر علیالمتعارف، فلا یجوز البیع بالنسیئة و لا السفر بالمال إلّا مع الإذن الخاصّ؛ و إن جاز له کلّ ما تعارف من حیث الجنس المشتري و البائع و المشتري و أمثال ذلک. نعم لو عیّنا شیئاً من ذلک لم یجز لهما المخالفة عنه إلّا بإذن من الشریک، و إن تعدّی أحدهما عمّا عیّنا أو عن المتعارف ضمن الخسارة و التلف.
مسألة ۱۰- إطلاق الشرکة یقتضي بسط الربح و الخسران علی الشریکین علی نسبة مالهما، فإذا تساوی مالهما تساویا في الربح و الخسران و مع التفاوت یتفاضلان فیهما علی حسب تفاوت مالیهما، من غیر فرق بین ما کان العمل من أحدهما أو منهما مع التساوي فیه أو الاختلاف. و لو شرطا التفاوت في الربح مع التساوي في المال، أو تساویهما فیه مع التفاوت فیه، فإن جعلت الزیادة للعامل منهما أو لمن کان عمله أزید صحّ بلا إشکال، و إن جعلت لغیر العامل أو لمن لم یکن عمله أزید ففي صحّة العقد و الشرط معاً، أو بطلانهما، أو صحّة العقد دون الشرط، أقوال؛ أقواها أوّلها.
مسألة ۱۱- العامل من الشریکین أمین، فلا یضمن التلف إذا لم یکن تعدَّ منه و لا تفریط. و إذا ادّعی التلف قبل قوله مع الیمین، و کذا إذا ادّعی الشریک علیه التعدّي أو التفریط و قد أنکر.
مسألة ۱۲- عقد الشرکة جائز من الطرفین، فیجوز لکلّ منهما فسخه، فینفسخ لکن لا یبطل بذلک أصل الشرکة، و کذا ینفسخ بعروض الموت و الجنون و الإغماء و الحجر بالفلس أو السفه، و تبقی أیضاً أصل الشرکة.
مسألة ۱۳- لو جعلا للشرکة أجلاً لم یلزم، فیجوز لکلّ منهما الرجوع قبل انقضائه، إلّا إذا اشترطاه في ضمن عقد لازم فیلزم.
مسألة ۱۴- إذا تبیّن بطلان عقد الشرکة کانت المعاملات الواقعة قبله محکومة بالصحّة، و لهما الربح و علیهما الخسران علی نسبة المالین، و لکلّ منهما اُجرة مثل عمله بالنسبة إلی حصّة الآخر.
تاریخ به روزرسانی: سه شنبه, ۱۸ شهریور ۱۴۰۴