من اركان الدين، الحجّ وهو واجب على كلّ من استجمع الشرائط الاتية من الرجال والنساء والخناثي، بالكتاب والسنّة والاجماع من جميع المسلمين، بل بالضرورة، ومنكره1 في سلک الكافرين2 ، وتاركه عمدا مستخفّا به بمنزلتهم، وتركه من غير استخفاف من الكبائر. ولايجب في اصل الشرع الّا مرّة واحدة في تمام العمر، وهو المسمّى بحجّة الاسلام، اي الحجّ الّذي بني عليه الاسلام، مثل الصلاة والصوم والخمس والزكاة؛ وما نقل عن الصدوق في العلل من وجوبه على اهل الجدة كلّ عام ـ على فرض ثبوته ـ شاذّ مخالف للاجماع والاخبار، ولابدّ من حمله على بعض المحامل كالاخبار الواردة بهذا المضمون من ارادة الاستحباب المؤكّد او الوجوب على البدل، بمعنى انـّه يجب عليه في عامه واذا تركه ففي العام الثاني وهكذا، ويمكن حملها على الوجوب الكفائيّ، فانّه لايبعد وجوب الحجّ3 كفايةً على كلّ احد في كلّ عام اذا كان متمكّنا بحيث لاتبقى مكّة خالية عن الحجّاج، لجملة من الاخبار الدالّة على انـّه لايجوز تعطيل الكعبة عن الحجّ والاخبار الدالّة على انّ على الامام ـ كما في بعضها ـ وعلى الوالي ـ كما في اخر ـ ان يجبر الناس على الحجّ والمقام في مكّة وزيارة الرسول صلّی الله علیهِ واله والمقام عنده، وانـّه ان لميكن لهم مال انفق عليهم من بيت المال.
(1) المظاهري: اذا رجع انكاره الى انكار الرسالة.
(2) الامام الخميني: مرّ الكلام في ميزان الكفر في كتاب الطهارة.
المكارم: اذا رجع انكاره الى انكار النبي صلّی الله علیهِ واله وذلک لايكون الّابعد العلم بكونه ثانيا قطعا من شرع الاسلام؛ وكذا ما ذكره في حكم التارک له مستخفّا به.
النوري: وهو وان كان كفرا ببعض مراتبه، ولكنّ الكفر الّذي له احكام خاصّة واثار مخصوصة فقد مرّ ما يوجبه في كتاب الطهارة.
(3) الگلپايگاني: على الاحوط
مسالة 1: لاخلاف في انّ وجوب الحجّ بعد تحقّق الشرائط فوريّ1، بمعنى انـّه يجب المبادرة اليه في العام الاوّل من الاستطاعة، فلايجوز تاخيره عنه، وان تركه فيه ففي العام الثاني وهكذا، ويدلّ عليه جملة من الاخبار؛ فلو خالف واخّر مع وجود الشرائط بلا عذر، يكون عاصيا، بل لايبعد2 كونه كبيرة، كما صرّح به جماعة، ويمكن استفادته من جملة من الاخبار.
(1) المكارم: والاصل فيه قوله تعالى: (للّه على الناس حجّ البيت من استطاع اليه سبيلا) لانـّه في حكم الامر والامر دالّ على الوجوب فورا على المختار، بل دلالته اكد من الامر،لانـّه يدلّ على انّ الحجّ دين الهي، والدين واجب الاداء فورا، الّاما دلّ دليل على جواز تاخيره، مضافا الى الاخبار الخاصّة الدالّة على فوريّة الحجّ.
(2) الامام الخميني: محلّ تامّل لو لمنقل محلّ منع؛ نعم، لايبعد مع كون التاخير استخفافا.
مسالة 2: لو توقّف ادراک الحجّ بعد حصول الاستطاعة على مقدّمات من السفر وتهيئة اسبابه، وجب المبادرة الى اتيانها على وجه يدرک الحجّ في تلک السنة1 . ولو تعدّدت الرفقة وتمكّن من المسير مع كلّ منهم، اختار2 اوثقهم سلامةً3 وادراكا4؛ ولو وجدت واحدة5 ولميعلم حصول اخرى او لميعلم التمكّن من المسير والادراک للحجّ بالتاخير فهل يجب الخروج مع الاولى او يجوز التاخير الى الاخرى بمجرّد احتمال الادراک، او لايجوز الّا مع الوثوق؟ اقوال؛ اقواها الاخير. وعلى اىّ تقدير اذا لميخرج مع الاولى واتّفق عدم التمكّن من المسير او عدم ادراک الحجّ بسبب التاخير، استقرّ عليه الحج6 وان لميكن اثما بالتاخير7 ، لانّه كان متمكّنا من الخروج مع الاولى، الّا اذا تبيّن عدم ادراكه8 لوسار معهم ايضا.
(1) المكارم: بل ولو ادركه في السنين الاتية، كما في زماننا هذا بالنسبة الى كثير من الناس.
(2) الامام الخميني: على الاولى.
الخوئي: لايجب ذلک.
(3) النوري: لادليل على اختيار الاوثق؛ نعم، هو ارجح ان لميكن لغيره مرجّح اخر.
(4) المكارم: بل الاقوى كفاية الوثوق؛ وامّا وجوب اختيار الاوثق فلا دليل عليه وان كان احوط واولى، والوجه فيه ظاهر.
(5) الامام الخميني: مع عدم المحذور في الخروج معها.
(6) الخوئي: لا موجب للاستقرار مع جواز التاخير.
(7) المكارم: عدم الاثم انّما هو في فرض الوثوق بوجدان الرفقة والتمكّن من المسير، والّا فلايبعد الاثم.
(8) الگلپايگاني: بل لايحكم بالاستقرار الّا اذا تبيّن ادراكه لو سار معهم.