كتاب الصوم

وهو الامساک  عمّا ياتي من المفطرات بقصد القربة؛ وينقسم الى الواجب والمندوب والحرام والمكروه بمعنى قلّة الثواب . والواجب منه ثمانية: صوم شهر رمضان، وصوم القضاء، وصوم الكفّارة على كثرتها، وصوم بدل الهدي في الحجّ، وصوم النذر  والعهد واليمين، وصوم الاجارة ونحوها كالمشروط في ضمن العقد، وصوم الثالث من ايّام الاعتكاف، وصوم الولد الاكبر عن احد ابويه . ووجوبه في شهر رمضان من ضروريّات الدين، ومنكره مرتدّ(1) يجب قتله (2)؛ و من افطر فيه لامستحلّا عالما عامدا، يعزّر بخمسة  وعشرين سوطا(3) ،فان عادعزّر ثانيا، فان عاد قتل على الاقوى(4) وان كان الاحوط قتله في الرابعة ، وانّما يقتل في الثالثة او الرابعة اذا عزّر في كلّ من المرّتين او الثلاث؛ واذا ادّعى شبهة محتملة في حقّه، درء عنه الحدّ.

1- الفیاض: في اطلاقه اشکال بل منع، لأن انکار الضروري تارة یؤدي إلی إنکار الرسالة علی أساس ان المنکر ملتفت إلی الملازمة بینها وبین ما أنکره، واخری لا یؤدي إلی انکارها، باعتبار أنه یری عدم هذه الملازمة، ففي الأول لا شبهة في کفره، ولکن لا من جهة انکاره الضروري بل من جهة انکاره الرسالة، وهذا لا یختص بانکار الضروري، فان کل حکم یعلم أو یظن أو یحتمل باشتمال الرسالة علیه فهو حق إذا کانت الرسالة مشتملة علیه حقاً وواقعاً علی نحو القضیة الشرطیة فانکاره یرجع إلی انکار الرسالة وتکذیبها اما قطعاً، أو ظناً، أو احتمالاً، وهذا یعني انه یحتمل فعلا بطلان الرسالة، ومعنی ذلک انه لیس بمسلم لأن المعتبر في الإسلام هو الایمان والالتزام بالرسالة اجمالا، فکل من آمن بها کذلک فهو مسلم حقیقة، ونقصد بالایمان الإجمالي بها هو الایمان بأن کل ما یحتمل أو یظن أو یقطع باشتمال الرسالة علیه فهو حق إذا کانت الرسالة مشتملة علیه واقعا، فإذا احتمل أن هذا الحکم مما جاء به الرسول6 فانکاره یؤدي إلی عدم الایمان برسالته واحتمال بطلانها.

وأم الثاني: فهل هو موجب للکفر أو لا؟ فیه قولان: ذهب جماعة من الفقهاء إلی الأول، بدعوی أنه یعتبر في الإسلام زائدا علی الایمان برسالة الرسول  أن لا هذا القید في تحقق الإسلام تعبدا، وقد استدل علی ذلک بمجموعة من الروایات:

منها: قوله  في صحیحة عبد الله بن سنان: «من ارتکب کبیرة من الکبائر فزعم أنها حلال أخرجه ذلک من الإسلام وعذب أشد العذاب، وإن کان معترفا أنه ذنب ومات علیها أخرجه من الإیمان ولم یخرجه من الإسلام وکان عذابه أهون من عذاب الأول»(الوسائل: باب 2 من أبواب مقدمة العبادات الحدیث: 11). بدعوی أنه یدل علی ان من ارتکب کبیرة باعتقاد أنها حلال یؤدي إلی کفره وخروجه عن الإسلام ومقتضی اطلاقه عدم الفرق بین أن یکون ملتفتا إلی الملازمة أو لا یکون ملتفتا إلیها لشبهة أو جبت غفلة عنها مع ایمانه الإجمالي بالرسالة.

والجواب: ان الظاهر من الصحیحة هو أن مرتکب الکبیرة ملتفت إلی أنها مما اشتملت علیه رسالة الرسول6، والقرینة علی ذلک هو استحقاقه أشد العذاب والعقوبة علی ارتکابها، فلو کان انکاره لها لشبهة أدت إلی غفلته عن أنها مما اشتملت علیه الرسالة مع ایمانه الإجمالي بها لم یکن ملاک لاستحقاق أصل العقوبة والعذاب فضلا عن أشدها.

فالنتیجة: ان الصحیحة بقرینة العقاب تؤکد علی ان انکار مرتکب الکبیرة انما هو علی أساس التحدي والتمرد وعدم الایمان بالرسالة، وان زعمه بالحلیة انما هو بهذا الملاک لا بملاک الغفلة والاعتقاد بأنها حلال مع الایمان بالرسالة اجمالا. وبذلک یظهر حال سائر الروایات أیضا.

وقد تحصل من ذلک أنه لا دلیل علی اعتبار هذا القید في تحقق الإسلام، هذا من ناحیة، ومن ناحیة اخری ان الایمان بالمعاد من أظهر ما یشتمل علیه الایمان بالرسالة اجمالا، ولیس عنصرا مستقلا معتبرا في تحقق الإسلام، فانکاره بما أنه انکار للرسالة موجب للکفر لا بعنوانه إذ لا دلیل علی أن الایمان به عنصر ثالث معتبر في تحقق الإسلام زائدا علی الایمان بالله وحده وبالرسالة، وقد ذکرنا في بحث الفقه أن الآیات التي تنص علی عطف الایمان بالیوم الآخر علی الایمان بالله لا تدل علی ذلک بوجه، فان هذا العطف انما یعبر عن أن الایمان بالمعاد دخیل في الإسلام، وأما أنه دخیل فیه مستقلا أو باعتبار انه من أوضح وأبده ما اشتملت علیه الرسالة فهو ساکت، بل هو في جملة من الآیات انما هو بغایة التهدید بالنار والتخویف بها في مقام التأکید علی ما اشتملت علیه الآیات من دون الدلالة علی انه قید مستقل في الإسلام کالأیمان بالله.

2-  الفیاض: هذا إذا کان ارتداده فطریا فانه یقتل تاب أم لم یتب، وأما إذا کان ملیا فیستتاب، فان تاب لم یقتل وإلّا قتل.

3- الفیاض: في التحدید بها اشکال بل منع حیث انه لم یرد إلّا في روایة ضعیفة (الوسائل باب: 12 من أبواب ما یمسک عنه الصائم الحدیث: 1) غیر قابلة للاعتماد علیها.

وأما أصل التعزیر فهو ثابت بنص قوله  في صحیحة برید العجلي: «علی الإمام أن ینهکه ضربا»(الوسائل باب: 2 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 1) وأما من حیث القلة والکثرة فهو بید الامام حسب ما یراه من المصلحة.

4- الفیاض: بل هو المتعین شریطة جریان الحد علیه مرتین، وتنص علی ذلک صحیحة یونس(الوسائل باب: 5 من أبواب مقدمات الحدود الحدیث: 1) وموثقة سماعة(الوسائل باب: 2 من أبواب أحکام شهر رمضان الحدیث: 2). ثم ان المراد من الحد الوارد في الصحیحة الأعم من التعزیر بقرینة أن الحد الشرعي المعین انما هو ثابت في موارد خاصة الزنا واللواط وشرب الخمر وما شاکل ذلک، ولم یثبت في مطلق الکبائر وانما الثابت فیه التعزیر وهو حد من قبل الشرع لکن من دون تعیینه کما، ومن هنا یظهر انه لا وجه لما ذکره الماتن  من أن الأحوط قتله في الرابعة لعدم الدلیل علیه، بل هو نوع تعطیل في حدوده الله تعالی، فمن أجل ذلک یکون هذا الاحتیاط علی خلاف الاحتیاط. وتمام الکلام في ذلک في باب الحدود