انهار
انهار
مطالب خواندنی

أحكام صلاة المسافر

بزرگ نمایی کوچک نمایی

مضافا الى ما مرّ في طيّ المسائل السابقة قد عرفت انـّه يسقط بعد تحقّق الشرائط المذكورة من الرباعيّات ركعتان، كما انـّه تسقط النوافل النهاريّة اي نافلة الظهرين بل ونافلة العشاء وهي الوتيرة  أيضا  على الاقوى .وكذا يسقط الصوم الواجب عزيمةً، بل المستحبّ  أيضا ، الّا في بعض المواضع المستثناة. فيجب عليه القصر في الرباعيّات فيما عدا الاماكن الاربعة، ولايجوز له الاتيان بالنوافل النهاريّة، بل ولاالوتيرة، الّا بعنوان الرجاء واحتمال المطلوبيّة، لمكان الخلاف في سقوطها وعدمه؛ ولاتسقط نافلة الصبح والمغرب ولا صلاة الليل، كما لا اشكال في انـّه يجوز الاتيان بغير الرواتب من الصلوات المستحبّة.

 مسالة 1: اذا دخل عليه الوقت وهو حاضر، ثمّ سافر قبل الاتيان بالظهرين، يجوز  له   الاتيان   بنافلتهما   سفرا  وان كان يصلّيهما قصرا(1)، وان تركها في الوقت يجوز له قضاؤها.

1- الفیّاض: هذا هو الأظهر.

بیان ذلک: ان صحیحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله قال: «الصلاة في السفر رکعتان لیس قبلهما ولا بعدهما شيء»(الوسائل ج 8 باب: 16 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 2) وإن کانت تنص علی ثبوت الملازمة بین قصر الصلاة في السفر وسقوط نافلتها، ومثلها صحیحة حذیفة بن منصور. ولکن في مقابلهما موثقة عمار بن موسی عن أبي عبد الله  قال: «سئل عن الرجل إذا زالت الشمس وهو في منزله، ثم یخرج في السفر، فقال: یبدأ بالزوال فیصلیها ثم یصلی الأولی بتقصیر رکعتین، لأنه خرج من منزله قبل أن تحضره الأولی. وسأل: فإن خرج بعد ما حضرت الأولی. قال: یصلی الأولی أربع رکعات ثم یصلی بعد النوافل ثمان رکعات، لأنه خرج من منزله بعد ما حضرت الأولی، فإذا حضرت العصر صلی العصر بتقصیر وهي رکعتان لأنه خرج في السفر قبل أن تحضر العصر»(الوسائل ج 4 باب: 23 من أبواب أعداد الفرائض ونوافلها وما یناسبها الحدیث: 1). وهي تنص علی أمرین:

أحدهما: ان من خرج من منزله بعد زوال الشمس فله أن یأتي بالنوافل أولا ثم یأتی بالظهر رکعتین معللا بأنه خرج من منزله قبل أن یدخل وقتها.

والآخر: ان من خرج من منزله بعد دخول الوقت فعلیه أن یصلي تماما، وهذا یعني أن المعیار في وجوب القصر إنما هو بالخروج من البلد قاصدا السفر الشرعي قبل دخول الوقت، وأما إذا کان بعده فالحکم هو التمام، وینبغي لنا أن ننظر في هذین الأمرین.

أما الأمر الأول: فانه وان کان مخالفا للروایات الناطقة بدخول وقت الظهرین بمجرد زوال الشمس، وهذه الروایات تبلغ من الکثرة حد التواتر إجمالا، وعلی هذا فالموثقة من هذه الناحیة وإن کانت مخالفة للسنة الّا أن مخالفتها لها لیست علی نحو التعارض والتنافي المستقر لکي لا تکون حجة في نفسها، بل مخالفتها لها من مخالفة الظاهر للنص باعتبار أن الموثقة ظاهرة في أن وقت الظهرین یدخل بعد الاتیان بالنوافل لا من الزوال، ولا تکون ناصة فیه، وتلک الروایات ناصة في دخول وقتهما بمجرد الزوال فاذن لابد من رفع الید عن ظهور الموثقة وحملها علی وقت الفضیلة بقرینة نص تلک الروایات علی تفصیل تقدم في باب الأوقات. وحیث ان نسبة الموثقة الی الصحیحتین المتقدمتین نسبة الخاص إلی العام والمقید إلی المطلق باعتبار ان الموثقة تدل علی أن من خرج من منزله ناویا السفر قبل وقت الفضیلة للظهرین یجوز له الاتیان بنافلتهما سفرا ثم الاتیان بهما قصرا.

وأما الصحیحتان فهما تدلان علی عدم جواز الاتیان بنافلتهما مطلقا سواء خرج من منزله قبل وقت الفضیلة أو بعده بفترة أو فترات، فإذن لا مانع من تقیید اطلاقهما بها.

فالنتیجة: ان من خرج من بلده مسافرا، فإن کان في أول الزوال وقبل دخول وقت الفضلیة للظهرین جاز له الاتیان بنافلتهما، ثم الاتیان بهما قصرا، وإن کان بعد دخول وقت الفضیلة لم یجز له الاتیان بها، ولکن مع ذلک کان الأجدر والأولی الاتیان بنافلتهما فیه احتیاطا وبرجاء لمطلوبیة.

وأما الأمر الثاني: فلأن الموثقة کغیرها من الروایات معارضة للروایات التي تنص علی ان العبرة بالقصر والتمام إنما هي بحال الأداء والامتثال لا بحال تعلق التکلیف وفعلیته، منها: صحیحة محمد بن مسلم في حدیث قال: «قلت لأبي عبد الله : الرجل یرید السفر فیخرج حین تزول الشمس؟ فقال: إذا خرجت فصل رکعتین...»(الوسائل ج 8 باب: 21 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1).

ومنها: صحیحة اسماعیل بن جابر قال: «قلت لأبي عبد الله : یدخل عليّ وقت الصلاة وأنا في السفر فلا أصلي حتی أدخل أهلي، فقال: صل وأتم الصلاة، قلت: فدخل عليّ وقت الصلاة وأنا في أهلي أرید السفر فلا أصلي حتی أخرج، فقال: فصلّ وقصر فإن لم تفعل فقد خالفت والله رسول الله»(الوسائل ج 8 باب: 21 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 2). ومنها: غیرهما.

فاذن تقع المعارضة بینهما، فلابد من الرجوع إلی مرجحات بابها، وبما أنه لا ترجیح لإحداهما علی الأخری فتسقطان معا، ویرجع حینئذ إلی العام الفوقي وهو اطلاق أدلة وجوب القصر بالنسبة إلی المسافر، وأدلة وجوب التمام بالنسبة إلی حاضر، فإن مقتضی اطلاق الأولی ان وظیفة المسافر هي الاتیان بالصلاة قصرا و إن کان حین تعلق الوجوب به حاضرا، ومقتضی اطلاق الثانیة ان وظیفة الحاضر هي الاتیان بها تماما وإن کان حین تعلق الوجوب بها مسافرا.

ودعوی: ان الطائفة الثانیة روایات مشهورة بین الأصحاب وقد عملوا بها دون الطائفة الأولی، وعلیه فلابد من ترجیح الطائفة الثانیة علی الأولی..

مدفوعة: بأن عمل الأصحاب بروایة لا یکون من مرجحات باب المعارضة، ولا أثر لکونها مشهورة عملا.

نعم لو کانت روایة مشهورة بدرجة یکون الانسان واثقا ومطمئنا بصدورها عن المعصوم لم تکن الروایة المعارضة لها حجة لأنها مخالفة للسنة.

مسالة 2: لايبعد   جواز  الاتيان  بنافلة الظهر في حال السفر   اذا دخل عليه الوقت (1) وهو مسافر وترک الاتيان بالظهر حتّى يدخل المنزل من الوطن او محلّ الاقامة؛ وكذا اذا صلّى الظهر في السفر ركعتين وترک العصر الى ان يدخل المنزل، لايبعد جواز الاتيان بنافلتها في حال السفر؛ وكذا لايبعد جواز الاتيان بالوتيرة في حال السفر (2)اذا صلّى العشاء اربعا في الحضر ثمّ سافر، فانّه اذا تمّت الفريضة صلحت نافلتها  .

1- الفیّاض: في الجواز اشکال بل منع، والأظهر عدم الجواز لإطلاق الصحیحتین المتقدمتین، ولا مقید لإطلاقهما في المسألة.

وقد یقال کما قیل: ان روایة أبي یحیی الحناط قال: «سألت أبا عبد الله  عن صلاة النافلة بالنهار في السفر، فقال: یا بنيّ لو صلحت النافلة في السفر تمت الفریضة»(الوسائل ج 8 باب: 21 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 4) تدل علی ذلک بدعوی أنها تنص علی ثبوت الملازمة بین صلاحیة النافلة في السفر وتمامیة الفریضة، وبما أن فریضته تامة فتصلح النافلة له، وحینئذ تکون مقیدة لإطلاقهما.

والجواب: ان الروایة ساقطة سندا ودلالة. أما سندا فلأن فیه أبي یحیی الحناط ولم یثبت توثیقه، وأما دلالة فلأن مفادها ثبوت الملازمة بین صلاحیة النافلة في السفر وتمامیة الفریضة فیه لإتمامیتها مطلقا ولو في الحضر کما هو المفروض في المسألة، فالروایة علی تقدیر تمامیتها سندا لا تدل علی حکم المسألة، وبذلک یظهر حال ما بعده.

2- الفیّاض:  تقدم في أول کتاب الصلاة في (فصل اعداد الفرائض ونوافلها) سقوطها في السفر ولا دلیل في المسألة علی عدم السقوط وجواز الاتیان بها ما عدا روایة أبي یحیی الحناط ومر أنها ساقطة سندا ودلالة.

مسالة 3: لو صلّى المسافر  بعد تحقّق شرائط القصر تماما، فامّا ان يكون  عالما بالحكم والموضوع او جاهلا بهما او باحدهما او ناسيا؛ فان كان عالما بالحكم والموضوع عامدا في غير الاماكن الاربعة، بطلت صلاته ووجب عليه الاعادة في الوقت والقضاء في خارجه(1) ، وان كان جاهلا باصل الحكم وانّ حكم المسافر التقصير، لميجب عليه الاعادة فضلا عن القضاء(2)؛ وامّا ان كان عالما باصل الحكم وجاهلا ببعض الخصوصيات، مثل انّ السفر الى اربعة فراسخ مع قصد الرجوع  يوجب القصر او انّ المسافة ثمانية او انّ كثير السفر اذا اقام في بلده او غيره عشرة ايّام يقصّر في السفر الاوّل  او انّ العاصي بسفره اذا رجع الى الطاعة يقصّر ونحو ذلک، واتمّ، وجب عليه الاعادة في الوقت  والقضاء في خارجه  ؛ وكذا   اذا كان عالما بالحكم جاهلا بالموضوع ، كما اذا تخيّل عدم كون مقصده مسافة مع كونه مسافة، فانّه لو اتمّ وجب عليه الاعادة او القضاء . وامّا اذا كان ناسيا لسفره او انّ حكم السفر  القصر فاتمّ، فان تذكّر في الوقت وجب عليه الاعادة، وان لميعد وجب عليه القضاء في خارج الوقت، وان تذكّر بعد خروج الوقت لايجب عليه القضاء  ؛ وامّا اذا لميكن ناسيا للسفر ولا لحكمه، ومع ذلک اتمّ صلاته ناسيا(3)  ، وجب عليه الاعادة والقضاء.

1- الفیّاض: فیه أن الأظهر عدم وجوب القضاء إذا انکشف الحال في خارج الوقت، بیان ذلک:

ان المکلف مرة یکون جاهلا بجعل وجوب القصر في الشریعة المقدسة علی المسافر لدی توفر شروطه العامه فیه فصلی صلاة تامة.

وأخری: یکون عالما بجعل وجوبه في الشریعة علی المسافر، ولکنه جاهل یبعض شروطه وخصوصیاته، کما إذا تخیل ان الشریعة ارادت بالسفر معنی لا یشمل طي المسافة تلفیقا، أو رجوع العاصي الی الطاعة إذا کان الباقي بقدر المسافة، أو نحو ذلک فصلی في هذه الحالات صلاة تامة.

وثالثة: یکون جاهلا بالموضوع وعالما بالحکم، کما إذا قصد السفر إلی بلد معین وتخیل ان المسافة إلیه قریبة وتقل عن المسافة المحددة شرعا، فیتم صلاته ثم یعلم بأنها بقدر المسافة الشرعیة.

ورابعة: یکون غافلا عن سفره وتخیل انه في بلده فصلی صلاته تامة ثم تذکر أنه مسافر.

وخامسة: یکون عالما بسفره ولکنه غفل عن حکمه وهو وجوب القصر، فصلی صلاة تامة ثم تفطن بالحال، وهذه هي صور المسألة.

أما الصورة الأولی: فلا شبهة في صحة الصلاة تماما موضع القصر، ولا تجب علیه الاعادة في الوقت فضلا عن خارج الوقت، وینص علیه ذیل صحیحة زرارة ومحمد بن مسلم، قالا: قلنا لأبي جعفر : «رجل صلی في السفر أربعا أیعید أم لا؟ قال: إن کان قرئت علیه آیة التقصیر وفسرت له فصلی أربعا أعاد، وإن لم یکن قرئت علیه ولم یعلمها فلا إعادة علیه»(الوسائل ج 8 باب: 17 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 4).

وأما الصورة الثانیة: فمقتضی اطلاق صحیحة زرارة ومحمد بن مسلم وجوب الاعادة مطلقا حتی في خارج الوقت علی أساس أنه عالم بأصل الحکم في الشریعة المقدسة فیکون مشمولا لقوله7 في الصحیحة: «إن کانت قرئت علیه آیة التقصیر وفسرت له...»، هذا، ولکن صحیحة العیص قال: «سألت أبا عبد الله  عن رجل صلی وهو مسافر فأتم الصلاة؟ قال: إن کان في وقت فلیعد، وإن کان الوقت قد مضی فلا»(الوسائل ج 8 باب: 17 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1). تنص علی عدم وجوب القضاء خارج الوقت، وعلی هذا فلابد من تقیید اطلاق صحیحة زرارة ومحمد بن مسلم بها.

فالنتیجة: ان العالم بأصل الحکم والجاهل بخصوصیاته وشروطه إذا أتم صلاته، فإن علم بالحال في الوقت وجبت اعادتها قصرا، وإن لم یعلم بالحال الّا بعد خروج الوقت لم یجب القضاء وبذلک یظهر حکم الصورة الثالثة أیضا.

وأما الصورة الرابعة: فحکمها هو حکم الصورة الثانیة حیث ان مقتضی اطلاق صحیحة زرارة ومحمد بن مسلم وجوب الاعادة مطلقا ولو في خارج الوقت، ولکن صحیحة أبي بصیر عن أبي عبد الله قال: «سألته عن رجل ینسی فیصلي في السفر أربع رکعات؟ قال: ان ذکر في ذلک الیوم فلیعد، وإن لم یذکر حتی یمضی ذلک الیوم فلا اعادة علیه»(الوسائل ج 8 باب: 17 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 2) تنص علی التفصیل بین الوقت وخارجه، فإن کان التذکر في الوقت وجبت الاعادة قصرا، وإن کان في خارجه لم یجب القضاء. وبها یقید اطلاق صحیحة زرارة ومحمد بن مسلم. ومنه یظهر حکم الصورة الخامسة أیضا، باعتبار ان صحیحة أبي بصیر مطلقة من هذه الناحیة وتعم باطلاقها نسیان الحکم والموضوع معا، فلا تختص بالثاني، بل تعمها صحیحة العیص أیضا باطلاقها.

2- الفیّاض: ظهر مما مر عدم وجوبه.

3- الفیّاض: المراد بالنسیان هنا الغفلة والخطأ في التطبیق، فإنه علی الرغم من التفاته إلی انه مسافر وأنّ حکمه القصر، قد یغفل عن عدد رکعات صلاته ویخطئ فیزید علیها رکعتین خطأ وسهوا، وبما أن الوارد في الصحیحة هو النسیان ولا نسیان في المقام لا حکما ولا موضوعا فلا تعم المقام، فإذن الحکم کما في المتن، وهو وجوب الاعادة إن تنبه في الوقت، والّا فالقضاء.

 

 مسالة 4: حكم الصوم فيما ذكر  ، حكم الصلاة ؛ فيبطل مع العلم والعمد، ويصحّ مع الجهل باصل الحكم، دون الجهل بالخصوصيّات   ودون الجهل  بالموضوع (1).

1- الفیّاض: هذا هو الأظهر، وذلک لأن الوارد في المسألة مجموعتان من الروایات.

احداهما: تؤکد وتنص علی أن من صام في السفر، فإن کان ممن بلغه أن رسول الله  نهی عن الصوم فیه لم یجز عنه، وإن کان ممن لم یبلغه ذلک دجزأه.

منها: صحیحة الحلبي، قال:

«قلت لأبي عبد الله : رجل صام في السفر، فقال: إن کان بلغه أن رسول الله6 نهی عن ذلک فعلیه القضاء، وإن لم یکن بلغه فلا شيء علیه»(الوسائل ج 10 باب: 2 من أبواب من یصحّ منه الصّوم الحدیث: 3). ومنها: صحیحة عبد الرحمن بن أبي عبد الله  عن أبي عبد الله قال: «سألته عن رجل صام شهر رمضان في السفر، فقال: إن کان یبلغه ان رسول الله نهی عن ذلک فلیس علیه القضاء، وقد أجزأ عنه الصوم»(الوسائل ج 10 باب: 2 من أبواب من یصحّ منه الصّوم الحدیث: 2) حیث ان المتفاهم العرفي من هذه المجموعة هو أن المشار إلیه بکلمة ذلک فیها هو طبیعي الصوم في السفر دون الفرد، إذ لا یحتمل أن یکون النهي الصادر من النبي الاکرم عن الصوم في السفر خصوص الصوم المفروض في السؤال، بداهة ان الاشارة الیه باعتبار أنه مصداق للطبیعي لا بلحاظ حده الفردي، إذ لا خصوصیة له، وعلی هذا فالجاهل ببعض الخصوصیات، أو الموضوع إذا کان عالما بأصل النهي کما إذا کان معتقدا بأن طيّ المسافة تلفیقا لم یضر بالصوم، حیث یصدق علیه أنه ممن بلغه أن النبي الاکرم نهی عن ذلک، فیکون مشمولا لها، فان المراد من البلوغ هو بلوغ النهي في الشریعة المقدسة.

والأخری: تؤکد وتنص علی ان من صام في السفر بجهالة صح صومه.

منها: صحیحة عیص بن القاسم عن أبي عبد الله7 قال: «من صام في السفر بجهالة لم یقضه»(الوسائل ج 10 باب: 2 من أبواب من یصحّ منه الصّوم الحدیث: 5).

ومنها: صحیحة لیث المرادي عن أبي عبد الله  قال: «إذا سافر الرجل في شهر رمضان أفطر، وإن صامه بجهالة لم یقضه»(الوسائل ج 10 باب: 2 من أبواب من یصحّ منه الصّوم الحدیث: 6). فإن المتفاهم العرفي من الجهالة فیها أعم من الجهل بأصل الحکم، أو ببعض الخصوصیات وشروطه، أو الموضوع، لأن من کان معتقدا بأن طيّ المسافة تلفیقا، أو رجوع العاصي إلی الطاعة إذا کان الباقي مسافة لا یضر بالصوم، فسافر کذلک وصام صدق أنه صام في السفر بجهالة، أو کان معتقدا بأن ما بین بلده والبلد الآخر یقل عن المسافة المحددة فسافر إلیه صائما صدق أنه صام بجهالة.

وعلی هذا فالمجموعة الأولی بما أنها تدل علی حکمین متباینین..

أحدهما: بطلان الصوم في السفر لمن بلغه نهي النبي عن ذلک.

والآخر: صحته لمن لم یبلغه ذلک، فتکون معارضة للمجموعة الثانیة من ناحیة دلالتها علی الحکم الأول وهو بطلان الصوم علی نحو العموم من وجه، علی أساس أنها تدل علیه وإن کان المسافر جاهلا ببعض الخصوصیات أو الموضوع وعالما ببلوغ النهي، والمجموعة الثانیة تدل علی صحته إذا کان جاهلا بذلک وإن کان عالما بأصل النهي في الشریعة المقدسة، فیکون مورد الالتقاء بینهما هو صوم المسافر الجاهل ببعض الخصوصیات والشروط أو الموضوع والعالم بأصل النهي، فإن مقتضی اطلاق الأول بطلان صومه، وقتضی اطلاق الثانیة صحته، وحیث انه لا ترجیح في البین فیسقط کلا الاطلاقین معا ویرجع إلی العمومات الأولیة، ومقتضاها البطلان، فإن إجزاء غیر المأمور به عن المأمور به بحاجة إلی دلیل، ومقتضی القاعدة عدم الاجزاء.

وإن شئت قلت: ان مقتضی العمومات الأولیة عدم مشروعیة الصوم في السفر، بلافرق بین العالم والجاهل، وقد استثنی منها الجاهل بالحکم، وأما الجاهل بالموضوع أو بعض الخصوصیات فقد مر أن دلیله قد سقط من جهة المعارضة، فإذن ینحصر المستثنی في الجاهل بالحکم فقط، وبذلک یظهر الفرق بین الصوم والصلاة، فإن المسافر الجاهل بالحکم بالموضوع أو بعض الخصوصیات دون الحکم في باب الصلاة إذا صلی صحت صلاته شریطة انکشاف الحال بعد الوقت.

فالنتیجة: ان من صام في السفر عالما بالحکم وجاهلا بالموضوع أو ببعض الخصوصیات بطل صومه ووجب علیه قضاؤه دون صلاته، الّا إذا انکشف الحال في الوقت، هذا کله في الجاهل.

وأما الناسي للسفر أو حکمه فإذا صام بطل صومه بلا فرق بین نسیان الموضوع أو الحکم لعدم الدلیل علی الصحة، وبذلک یمتاز الصوم عن الصلاة، فإن الناسي للسفر أو حکمه إذا صلی فإن تذکر في الوقت أعادها، والّا صحت صلاته ولا قضاء علیه.

 مسالة 5: اذا قصّر من وظيفته التمام، بطلت صلاته في جميع الموارد، الّا في المقيم  المقصّر  ، للجهل  بانّ حكمه التمام .

 مسالة 6: اذا كان جاهلا باصل الحكم ولكن لميصلّ في الوقت، وجب عليه القصر في القضاء بعد العلم به(1)  وان كان لو اتمّ في الوقت كان صحيحا؛ فصحّة  التمام منه ليس لاجل انـّه تكليفه، بل من باب الاغتفار (2) ، فلاينافي ما ذكرنا قوله: «اقض ما فات كما فات»، ففي الحقيقة الفائت منه هو القصر لا التمام؛ وكذا الكلام في الناسي للسفر او لحكمه، فانّه لو لميصلّ اصلا عصيانا او لعذر، وجب عليه القضاء قصرا.

1- الفیّاض: فیه إشکال، ولا یبعد التخییر في القضاء أیضا، کما هو الحال في الأداء لما ذکرناه في علم الأصول من ان الواجب في المسألة هو الجامع بین القصر والتمام في حالة جهل المسافر بوجوب القصر، وعلیه فإذا لم یأت بالتمام أیضا فقد فات منه الجامع، ومقتضی القاعدة فیه التخییر في قضائه کالأداء بمقتضی قوله : «اقض ما فات کما فات»(الوسائل ج 8 باب: 6 من أبواب قضاء الصّلوات الحدیث: 1) وإن کان الأحوط والأجدر هو قضاؤه قصرا.

2- الفیّاض: بل من باب انه أحد فردي الواجب التخییري کما مر، ولا یقاس ذلک بالناسي للسفر أو حکمه، فإن الواجب في حقه لیس هو الجامع بین القصر والتمام، ومن هنا وجبت الاعادة إذا تذکر في الوقت، حیث ان الواجب فیه هو القصر، وإذا أتی بالصلاة تماما في الوقت ناسیا وتذکر في خارج الوقت کفی عن القضاء قصرا، وأما إذا لم یأت بها تماما في الوقت عامدا أو ناسیا فیجب القضاء في خارج الوقت قصرا باعتبار ان الفائت منه هو القصر دون الجامع.

مسالة 7: اذا تذكّر الناسي للسفر او لحكمه في اثناء الصلاة، فان كان قبل الدخول في ركوع الركعة الثالثة اتمّ الصلاة قصرا واجتزا بها، ولايضرّ كونه ناويا من الاوّل للتمام، لانـّه من باب الداعي والاشتباه في المصداق  لاالتقييد  ، فيكفي قصد الصلاة والقربة بها، وان تذكّر بعد ذلک بطلت  ووجبت عليه الاعادة مع سعة الوقت   ولو بادراک ركعة من الوقت(1)، بل وكذا لو تذكّر بعد الصلاة تماما وقد بقي من الوقت مقدار ركعة، فانّه يجب عليه اعادتها قصرا؛ وكذا الحال في الجاهل بانّ مقصده مسافة اذا شرع في الصلاة بنيّة التمام ثمّ علم بذلک، او الجاهل بخصوصيات الحكم اذا نوى التمام ثمّ علم في الاثناء انّ حكمه القصر، بل الظاهر انّ حكم من كان وظيفته التمام اذا شرع في الصلاة بنيّة القصر جهلا ثمّ تذكّر في الاثناء العدول الى التمام، ولايضرّه انـّه نوى من الاوّل ركعتين مع انّ الواجب عليه اربع ركعات، لما ذكر من كفاية قصد الصلاة متقرّبا وان تخيّل انّ الواجب هو القصر، لانـّه من باب الاشتباه في التطبيق والمصداق لا التقييد؛ فالمقيم الجاهل بانّ وظيفته التمام اذا قصد القصر ثمّ علم في الاثناء، يعدل الى التمام ويجتزىء به، لكنّ الاحوط  الاتمام والاعادة، بل الاحوط في الفرض الاوّل أيضا  الاعادة قصرا بعد الاتمام قصرا.

1- الفیّاض: علی الأحوط في غیر صلاة الغداة، لما تقدم من ان التعدي عن مورد حدیث (من أدرک...) إلی سائر الصلوات لا یخلو عن إشکال، وعلی هذا فالناسي إذا أتی بالصلاة تماما ثم تفطن بالحال، فإن کان في الوقت أعادها قصرا، وإن کان في خارج الوقت لم یقض وحیث انه في المسألة لا یتمکن من ادراک الصلاة قصرا بتمامها في الوقت وإنما یتمکن من ادراک رکعة منها فیه وکفایته عن ادرک تمام الرکعات في غیر صلاة الغداة مورد للإشکال، فمن أجل ذلک یکون الاتیان بها قصرا بادراک رکعة منها في الوقت مبنیا علی الاحتیاط لاحتمال کفایة ما أتی به الناسي من الصلاة تماما عن القصر بعد عدم التمکن من اعادتها بکاملها في الوقت، هذا من ناحیة.

ومن ناحیة أخری: ان هذه المسألة مبنیة علی أن عنواني التمام والقصر لیسا من العناوین المقومة للصلاة کعنوان الظهر والعصر والمغرب والعشاء والصبح، فمن أجل ذلک إذا بدأ بالصلاة بعنوان القصر خطأ صح اتمامها تماما، وکذلک العکس شریطة أن یکون قبل دخوله في رکوع الرکعة الثالثة وقد تقدم أن هذا هو الصحیح.

 مسالة 8: لو قصّر المسافر اتّفاقا، لا عن قصد  ، فالظاهر صحّة صلاته وان كان الاحوط الاعادة، بل وكذا لو كان جاهلا بانّ وظيفته القصر فنوى التمام لكنّه قصّر سهوا، والاحتياط بالاعادة في هذه الصورة   اكد واشدّ(1).

1- الفیّاض: فیه أنه لا منشأ لذلک، بل لا منشأ لأصل الاحتیاط لا هنا ولا فیما قبله، لأن ما یحتمل أن یکون منشأ له أحد أمور:

الأول: احتمال أن یکون عنوان القصر أو التمام من العناوین القصدیة المقومة، ولکن قد مر أن هذا الاحتمال غیر محتمل فقهیا، فلا یصلح أن یکون منشأ للاحتیاط.

الثاني: احتمال أن تکون نیة الخلاف مضرة حیث أن الواجب علیه في الواقع هو القصر وهو ینوي التمام، ولکن اتفاقا وغفلة، فمن أجل هذا الاحتمال لا بأس بالاحتیاط.

ولکن لا أساس له أیضا، فإنه إذا أتی بالصلاة ذات رکعتین بنیة القربة صحت باعتبار أن نیة القصر غیر معتبرة.

الثالث: احتمال أن جهل المسافر بوجوب القصر والاعتقاد بوجوب التمام یوجب انقلاب الواقع وتحول الواجب من القصر إلی التمام، فتکون وظیفته الصلاة تماما واقعا، وعلی هذا فیحتمل أن یکون الاتیان بالقصر باطلا، فمن أجل ذلک لا بأس بالاحتیاط.

ولکن هذا الاحتمال أیضا غیر محتمل، فإن الجهل في المسألة إما أن لا یوجب الانقلاب أصلا وأن الوظیفة الواقعیة هي القصر، فالتمام إنما هو من باب الاغتفار، أي اغتفار زیادة الرکعتین، واما أن یوجب انقلاب التکلیف من القصر تعیینا إلی الجامع تخییرا، وهذا هو الظاهر کما حققناه في الأصول، وأما احتمال أنه یوجب انقلاب التکلیف من القصر تعیینا إلی التمام کذلک فهو غیر محتمل.

فالنتیجة: انه لا منشأ للاحتیاط لا في الجاهل ولا في الناسي فضلا عن کونه في الجاهل آکد وأشد.

 

 مسالة 9: اذا دخل عليه الوقت وهو حاضر متمكّن من الصلاة ولميصلّ ثمّ سافر، وجب عليه القصر  . ولو دخل عليه الوقت وهو مسافر فلم يصلّ حتّى دخل المنزل من الوطن او محلّ الاقامة او حدّ الترخّص منهما اتمّ(1)؛ فالمدار على حال الاداء، لا حال الوجوب والتعلّق، لكنّ الاحوط في المقامين الجمع (2) .

1- الفیّاض: مر أن اعتبار حد الترخص انما هو في الخروج عن الوطن دون محل الاقامة، فانّه یجب علیه القصر إذا خرج منه وبدأ بقطع المسافة ولو بخطوة واحدة.

2- الفیّاض: فیه ان الاحتیاط وإن کان استحبابیا، الّا أن منشأه ضعیف جدا، وقد تقدم تفصیل ذلک في المسألة (1) من هذا الفصل.

 مسالة 10: اذا فاتت منه الصلاة وكان في اوّل الوقت حاضرا وفي اخره مسافرا او بالعكس، فالاقوى  انـّه مخيّر  بين القضاء قصرا او تماما، لانـّه فاتت منه الصلاة في مجموع الوقت، والمفروض انـّه كان مكلّفا في بعضه بالقصر وفي بعضه بالتمام، ولكنّ الاحوط  مراعاة حال الفوت(1)  وهو اخر الوقت، واحوط منه  الجمع بين القصر والتمام.

1- الفیّاض: بل هو الأقوی علی أساس اناطة اشتغالة ذمة المکلف بالصلاة حین فوتها، فان کان في هذا الحین مسافرا اشتغلت ذمته بها قصرا باعتبار أن الفائت منه في ذلک الحین هو القصر، وإن کان حاضرا اشتغلت ذمته بها تماما تطبیقا لما تقدم.

وإن شئت قلت: ان المعیار إنما هو بحال الفوت، فإن کان مسافرا في هذه الحال کان مأمورا بالصلاة قصرا دون الجامع بینها وبین الصلاظ تماما، وإن کان حاضرا فیها کان مأمورا بالصلاة تماما دون الأعم، فإذا فاتت منه في هذه الحال بسبب من الأسباب فإن کان مسافرا فقد فاتت منه الصلاة قصرا دون الجامع، وإن کان حاضرا فقد فاتت منه الصلاة تماما دون الأعم، فإذن یجب علیه قضاء ما فات عنه بمقتضی قوله  «اقض ما فات کما فات...»، فالنتیجة ان مقتضی القاعدة هو مراعاة حال الفوت.

ولکن في مقابل ذلک روایة تنص علی أن المعیار في وجوب القضاء بحال التعلق لا بحال الفوت، وهي روایة زرارة عن أبي جعفر: «إنه سئل عن رجل دخل وقت الصلاة وهو في السفر، فأخر الصلاة حتی قدم، وهو یرید یصلیها إذا قدم إلی أهله فنسي حین قدم إلی أهله أن یصلیها حتی ذهب وقتها؟ قال: یصلیها رکعتین صلاة المسافر، لأن الوقت دخل وهو مسافر، کان ینبغی له أن یصلي عند ذلک»(الوسائل 8 باب: 6 من أبواب قضاء الصّلوات الحدیث: 3).

والجواب: أولا: ان الروایة ضعیفة سندا، فإن في سندها موسی بن بکر وهو لم یثبت توثیقه، وأما قول صفوان بأن کتاب موسی بن بکر مما لا یختلف فیه أصحابنا فلا یکون هذا شهادة منه علی وثاقة الرجل، وإنما هو شهادة علی ان کتابه مما لا یختلف فیه الاصحاب، ولا ملازمة بین الأمرین، لاحتمال أن یکون منشأ عدم اختلاف الاصحاب في کتابه شیئا آخر لا وثاقة الرجل.

فالنتیجة: أن هذه الجملة لا تکون ظاهرة في الشهادة علی الوثاقة، وأما وقوعه في اسناد تفسیر علي بن ابراهیم، فقد ذکرنا في غیر مورد من بحوثنا الفقهیة أن مجرد وقوعه فیه لا یکفی للتوثیق.

وثانیا: مع الاغماض عن سندها، ان المتفاهم العرفي من التعلیل فیها کون العبرة في الاتیان بالصلاة کما وکیفا، انما هي بحال تعلق الوجوب بها بلا فرق بین حال الأداء والقضاء، علی أساس أن القضاء بدل عما فات من المکلف، فإذا کان المعیار في القضاء بحال التعلق کشف عن انه المعیار في الأداء أیضا، باعتبار ان القضاء هو الاتیان بالفائت کما وکیفا، فإذن لابد من افتراض ان الفائت عن المکلف في الوقت هو الصلاة حال التعلق لا حال الأداء، والّا فلا یمکن أن یکون قضاؤهما بلحاظ هذا الحال دون الأداء، فانه حینئذ لیس قضاء لما فات باعتبار ان القضاء لابد أن یکون مماثلا للفائت کما وکیفا.

فالنتیجة: ان مورد التعلیل وإن کان هو القضاء، الّا أنه یدل علی أن العبرة في الأداء والقضاء انما هي بحال تعلق الوجوب باعتبار أن القضاء هو الاتیان بما یماثل الفائت، فلابد حینئذ من افتراض ان الفائت منه بلحاظ حال تعلقه، وعلیه فتکون هذه الروایة من الروایات المعارضة، وقد مر الکلام في هذه المعارضة في المسألة (1) من هذا الفصل.

 

 مسالة 11: الاقوى كون المسافر مخيّرا بين القصر والتمام في الاماكن الاربعة، وهي المسجد الحرام ومسجد النبيّ  صلَّی اللهُ عَلیهِ والهِ   ومسجد الكوفة والحائر الحسينيّ  علیهِ السَّلام ، بل التمام هو الافضل وان كان الاحوط   هو القصر. وماذكرنا هو القدر المتيقّن، والّا فلايبعد  كون المدار على البلدان الاربعة(1) وهي مكّة والمدينة والكوفة وكربلاء، لكن لاينبغي ترک الاحتياط   خصوصا في الاخيرتين  ؛ ولايلحق بها سائر المشاهد. والاحوط في المساجد الثلاثة،الاقتصار على الاصليّ منها دون الزيادات الحادثة في بعضها  ؛ نعم، لافرق فيها بين السطوح والصحن والمواضع المنخفضة منها، كما انّ الاحوط  في الحائر   الاقتصار   على ما حول الضريح المبارک(2)   

1- الفیّاض: بل الثلاثة وهي مکة والمدینة والکوفة دون کربلاء، حیث لم یرد فیه الأمر بالإتمام بعنوان کربلاء، وإنما ورد بعنوان حرم الحسین  والقدر المتیقن منه نفس الحرم دون تمام البلد. ثم ینبغی أن نتکلم في هذه المسألة في ثلاث نقاط..

الأولی: حول الروایات وامکان الاستفادة التخییر منها في هذه الأماکن.

الثانیة: في حدود هذه الاماکن سعة وضیقا.

الثالثة: ان مرد التخییر بین القصر والتمام فیها إلی ایجاب الجامع، أو إلی وجوبین مشروطین.

أما الکلام في النقطة الأولی: فان الروایات الواردة في هذه المسألة تصنف إلی أربع طوائف..

الأولی: الروایات التي تنص علی التمام مرة بلسان الأمر به، وأخری بلسان أنه من مخزون علم الله.

الثانیة: الروایات التي تنص علی التخییر بین القصر والاتمام.

الثالثة: الروایات التي تنص علی الأمر بالقصر ما لم ینو مقام عشرة أیام.

الرابعة: الروایات التي تنص علی أن الاتمام فیها محبوب.

وننظر الآن إلی امکان الجمع العرفي بین هذه الطوائف واستفادة التخییر بین القصر والتمام في الأماکن المکذکورة، فنقول: انه لا تنافي بین الطائفة الأولی والطائفة الثانیة علی أساس أن الطائفة الثانیة بما أنها ناصة في التخییر تصلح أن تکون قرینة علی رفع الید عن ظهور الأمر بالتمام في الطائفة الأولی في الوجوب التعییني، فالنتیجة: ان الأمر بالتمام فیها باعتبار أنه أحد فردي الواجب التخییري.

ولکن قد یقال کما قیل: ان الطائفة الثانیة معارضة بالطائفة الثالثة التي تنص علی وجوب القصر فیها تعیینا، کصحیحة ابن بزیغ ونحوها.

 والجواب أولا: انه لا معارضة بینها وبین نصوص التخییر، علی اساس أنها ظاهرة في وجوب القصر تعیینا بملاک ظهور الأمر فیه، وقد مر أن روایات التخییر ناصة فیه، فمن أجل ذلک تصلح أن تکون قرینة علی رفع الید عن ظهور الأمر في الطائفة الثالثة في وجوب القصر تعیینا وحمله علی التخییر، ومع إمکان الجمع العرفي الدلالي بینهما لا تصل النوبة إلی المعارضة.

وثانیا: ان الطائفة الرابعة کصحیحة علي بن مهزیار عن أبي جعفر الثاني  حاکمة في المسألة، وتبین المراد من الروایات الآمرة بالتمام والروایات الآمرة بالقصر بقوله (ع): «...قد علمت یرحمک الله فضل الصلاة في الحرمین علی غیرهما، فأنا أحب لک ذذا دخلتهما أن لا تقصر وتکثر فیهما من الصلاة...»(الوسائل ج 8 باب: 25 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 4) فانه صریح في عدم وجوب القصر فیهما تعیینا، بل التمام فیها أحب من القصر، وعلی هذا فلا موضوع للمعارضة.

ومع الاغماض عن ذلک و تسلیم أن بینهما معارضة، فقد یقال: انه لابد من حمل روایات القصر علی التقیة باعتبار أنها موافقة للعامة عملا من جهة أنهم لا یفرقون بین الحرمین و غیرهما و إن کانوا مختلفین في الرأي.

و فیه: ان المرجح انما هو مخالفة إحدی الروایتین المتعارضتین لمذهب العامة، و موافقة الأخری له، و لا أثر للالتزام العملي ما لم یکن موافقا للمذهب، فإذن تسقطان معا، و یرجع إلی العام الفوقي، و هو اطلاقات أدلة وجوب القصر علی المسافر.

و أما صحیحة معاویة بن وهب قال: «سألت أبا عبد اللّـه  عن التقصیر في الحرمین و التمام، فقال: لا تتم حتی تجمع علی مقام عشرة أیام، فقلت: ان أصحابنا رووا عنک انک أمرتهم بالتمام، فقال: ان أصحابک کانوا یدخلون المسجد فیصلون و یأخذون نعالهم و یخرجون و الناس یستقبلونهم یدخلون المسجد للصلاة فأمرتهم بالتمام» (الوسائل ج 8 باب: 25 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 34) فلا تدل علی أن النهي عن التمام للتقیة، إذ یحتمل أن یکون النهي عنه لرفع توهم الوجوب، هذا إضافة إلی أن الأمر بالتمام في ذیل الصحیحة قرینة علی ذلک باعتبار ان التمام إنما یجب علی المسافر تعیینا إذا نوی مقام عشرة أیام لا في المسألة.

و أما الکلام في النقطة الثانیة: فقد فسر الحرمین في صحیحة علی بن مهزیار المتقدمة بمکة و المدینة، و في ضوء هذا التفسیر یکون التخییر ثابتا في تمام البلدین و لا یختص بالمسجدین، و أما حرم أمیر المؤمنین  فقد فسر في تمام صحیحة حسان بن مهران بالکوفة، قال: «سمعت أبا عبد اللّـه  یقول: «قال أمیر المؤمنین7: مکة حرم اللّـه، و المدینة حرم رسول اللّـه، و الکوفة حرمي» (الوسائل ج 14 باب: 16 من أبواب المزار و ما یناسبه الحدیث: 1) و مقتضی هذا التفسیر أن التخییر ثابت في تمام بلد الکوفة، و لا یختص بالمسجد، و إن کان الأجدر الاقتصار بالمسجد.

و أما حرم الحسین ، فقد ورد في صحیحة حماد بن عیسی عن أبي عبد اللّـه  أنه قال: «من مخزون علم اللّـه الاتمام في أربعة مواطن: حرم اللّـه و حرم رسوله9 و  حرم أمیر المؤمنین  و حرم الحسین  بن علي  » (الوسائل ج 8 باب: 25 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1)، و أما بعنوان آخر کالحائر، أو عند قبر الحسین ، أو کربلاء، فلم یرد في شيء من الروایات المعتبرة، فإذن یدور التخییر مدار صدق الحرم سعة و ضیقا.

و أما الکلام في النقطة الثالثة: فقد حققنا في الأصول أن مرجع التخییر الشرعي إلی إیجاب الجامع، و علی هذا فالواجب هو الجامع بین القصر و التمام، و خصوصیة کل منهما خارجة عن الواجب، فإنها من خصوصیة الفرد بحده الفردي، و یترتب علی ذلک انه إذا نوی القصر جاز العدول منه إلی التمام و بالعکس إذا لم یتجاوز محل العدول باعتبار أنه عدول من فرد إلی فرد آخر، لا من واجب إلی واجب آخر، و من هنا یجوز الاتیان بالجامع بنیة القربة بدون قصد شيء منهما، بأن ینوي الصلاة و یکبر و یقرأ و یرکع و یواصل صلاته من دون أن ینوي القصر أو التمام، و إذا وصل إلی التشهد فله أن یسلم و ینتهی من الصلاة، و له أن یضیف رکعتین أخریین، ثم یسلم، بل لو نوی القصر فأتم غفلة، أو بالعکس صح و أتی بالواجب، بل قد تقدم انه لا یجب علی المسافر نیة القصر، و لا علی الحاضر نیة التمام لأنهما لیستا من العناوین القصدیة فضلا عن اعتبارها في المقام، و بذلک یظهر حال المسائل الآتیة.

2- الفیّاض: مر أن التخییر ثابت بعنوان الحرم، فیدور الحکم مداره سعة و ضیقا، و لا موجب للاقتصار علی ما حول الضریح المطهر.

إلی هنا قد تم تعلیقنا علی مسائل الصّلاة بعونه تعالی و توفیقه.

«و الحمد للّه رب العالمین»

 مسالة 12: اذا كان بعض بدن المصلّي داخلا في اماكن التخيير وبعضه خارجا، لايجوز له التمام؛ نعم، لا باس بالوقوف منتهى احدها اذا كان يتاخّر حال الركوع والسجود  ، بحيث يكون تمام بدنه داخلا حالهما.

 مسالة 13: لايلحق الصوم بالصلاة في التخيير المزبور، فلايصحّ له الصوم فيها، الّا اذا نوى الاقامة او بقي متردّدا ثلاثين يوما  .

 مسالة 14: التخيير في هذه الاماكن استمراريّ، فيجوز له التمام مع شروعه في الصلاة بقصد القصر وبالعكس ما لميتجاوز محلّ العدول، بل لا باس بان ينوي الصلاة من غير تعيين احد الامرين من الاوّل، بل لو نوى القصر فاتمّ غفلة او بالعكس فالظاهر الصحّة  .

 مسالة 15: يستحبّ ان يقول  عقيب كلّ صلاة مقصورة ثلاثين مرّة : «سبحان اللّه والحمد للّه ولا اله الّا اللّه واللّه اكبر» وهذا وان كان يستحبّ من حيث التعقيب عقيب كلّ فريضة حتّى غير المقصورة، الّا انـّه يتاكّد عقيب المقصورات، بل الاولى تكرارها مرّتين؛ مرّة من باب التعقيب ومرّة من حيث بدليّتها عن الركعتين الساقطتين.


  

 
پاسخ به احکام شرعی
 
موتور جستجوی سایت

تابلو اعلانات

 




پیوندها

حدیث روز
بسم الله الرحمن الرحیم
چهار پناهگاه در قرآن
   
أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ عَنِ الصَّادِقِ (علیه السلام) قَالَ:
عَجِبْتُ لِمَنْ فَزِعَ مِنْ أَرْبَعٍ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى أَرْبَعٍ
(۱) عَجِبْتُ لِمَنْ خَافَ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
(۲) وَ عَجِبْتُ لِمَنِ اغْتَمَّ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ
(۳) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ مُكِرَ بِهِ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا
(۴) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً. فَعَسى‏ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ عَسَى مُوجِبَةٌ
    
آقا امام صادق (عليه السّلام) فرمود: در شگفتم از كسى كه از چهار چيز مى‌هراسد چرا بچهار چيز پناهنده نميشود:
(۱) شگفتم از آنكه ميترسد چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل« حَسْبُنَا اَللّٰهُ‌ وَ نِعْمَ‌ اَلْوَكِيلُ‌ » خداوند ما را بس است و چه وكيل خوبى است زيرا شنيدم خداى جل جلاله بدنبال آن ميفرمايد:بواسطۀ نعمت و فضلى كه از طرف خداوند شامل حالشان گرديد باز گشتند و هيچ بدى بآنان نرسيد.
(۲) و شگفتم در كسى كه اندوهناك است چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل:« لاٰ إِلٰهَ‌ إِلاّٰ أَنْتَ‌ سُبْحٰانَكَ‌ إِنِّي كُنْتُ‌ مِنَ‌ اَلظّٰالِمِينَ‌ » زيرا شنيدم خداى عز و جل بدنبال آن ميفرمايد در خواستش را برآورديم و از اندوه نجاتش داديم و مؤمنين را هم چنين ميرهانيم.
(۳) و در شگفتم از كسى كه حيله‌اى در بارۀ او بكار رفته چرا بفرمودۀ خداى تعالى پناه نمى‌برد« وَ أُفَوِّضُ‌ أَمْرِي إِلَى اَللّٰهِ‌ إِنَّ‌ اَللّٰهَ‌ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ »:كار خود را بخدا واگذار ميكنيم كه خداوند بحال بندگان بينا است)زيرا شنيدم خداى بزرگ و پاك بدنبالش مى‌فرمايد خداوند او را از بديهائى كه در بارۀ او بحيله انجام داده بودند نگه داشت.
(۴) و در شگفتم از كسى كه خواستار دنيا و آرايش آن است چرا پناهنده نميشود بفرمايش خداى تبارك و تعالى(« مٰا شٰاءَ اَللّٰهُ‌ لاٰ قُوَّةَ‌ إِلاّٰ بِاللّٰهِ‌ »)(آنچه خدا خواست همان است و نيروئى جز به يارى خداوند نيست)زيرا شنيدم خداى عز اسمه بدنبال آن ميفرمايد اگر چه مرا در مال و فرزند از خودت كمتر مى‌بينى ولى اميد هست كه پروردگار من بهتر از باغ تو مرا نصيب فرمايد (و كلمۀ:عسى در اين آيه بمعناى اميد تنها نيست بلكه بمعناى اثبات و تحقق يافتن است).
من لا يحضره الفقيه، ج‏۴، ص: ۳۹۲؛
الأمالي( للصدوق)، ص: ۶؛
الخصال، ج‏۱، ص: ۲۱۸.


کلیه حقوق مادی و معنوی این پورتال محفوظ و متعلق به حجت الاسلام و المسلمین سید محمدحسن بنی هاشمی خمینی میباشد.

طراحی و پیاده سازی: FARTECH/فرتک - فکور رایانه توسعه کویر -