انهار
انهار
مطالب خواندنی

في قواطع السفر موضوعا او حكما

بزرگ نمایی کوچک نمایی

و هي امور :

احدها: الوطن، فانّ المرور عليه قاطع للسفر  وموجب للتمام مادام فيه او في ما دون حدّ الترخّص منه، ويحتاج في العود الى القصر بعده الى قصد مسافة جديدة ولو ملفّقة، مع التجاوز عن حدّ الترخّص. والمراد به المكان الّذي اتّخذه مسكنا  ومقرّا له دائما(1)، بلدا كان او قرية او غيرهما؛ سواء كان مسكنا لابيه وامّه  ومسقط راسه او غيره ممّا استجدّه، ولايعتبر فيه بعد الاتّخاذ المزبور حصول ملک له فيه؛ نعم، يعتبر فيه الاقامة فيه  بمقدار يصدق عليه عرفا انـّه وطنه، والظاهر انّ الصدق المذكور يختلف بحسب الاشخاص والخصوصيّات، فربّما يصدق بالاقامة فيه بعد القصد المزبور شهرا او اقلّ(2)، فلايشترط الاقامة ستّة اشهر وان كان احوط، فقبله يجمع بين القصر والتمام اذا لمينو اقامة عشرة ايّام.

1- الفیّاض: في اعتبار الدوام إشکال بل منع، والظاهر عدم اعتباره لأن المکان الذي هو مأوی الانسان ومنزله علی وجه الکرة الأرضیة علی أنواع.

الأول: المکان الذي هو وطنه ومسقط رأسه وعائلته تاریخیا أي عن أب وجد سواء أکان ذلک المکان في بلدة أم قریة وینسب إلیه عرفا وإن کان ساکنا فعلا في بلدة أو قریة أخری، فإنه ما دام یحتمل العود إلیه في وقت ما ولم یبن علی عدم العود مدی الحیاة یعتبر ذلک المکان وطنا له شرعا وعرفا، وحکمه فیه أن یصلي الظهرین والعشاء تماما، وإذا وصل من السفر إلیه انتهی سفره، وإذا خرح منه فهو سفر جدید فإن کان بقدر المسافة وجب القصر والّا فالتمام، وإذا مر علیه أثناء السفر ینقطع سفره، وحینئذ فإن کان الباقي مسافة قصر والا أتم، فکون المرور علی الوطن من القواطع لا یحتاج إلی دلیل، هذا مضافا إلی الروایات الکثیرة التي تؤکد علی ذلک بمختلف الألسنة.

الثاني: المکان الذي یتخذه وطنا له مدی الحیاة کالمهاجر من بلدة إلی أخری ویتخذ الثانیة منزلا ووطنا له دائما ومدی الحیاة ویبنی علی عدم العود إلی البلدة الأولی وإن کانت وطنه التاریخي ومسقط رأسه، کما إذا کان بغداد وطنه الأصلي ولکن قرر الهجرة إلی النجف الأشرف والبقاء مدی الحیاة فیه مجاورا لمرقد أمیر المؤمنین7 فان النجف یعتبر وطنا له فحکمه فیه التمام، وإذا وصل إلیه من السفر انتهی سفره، وإذا مر علیه أثناء السفر انقطع سفره، وحینئذ فإن کان الباقي مسافة قصّر والّا فأتم.

الثالث: المکان الذي یتخذه مقرا ومنزلا له مدة مؤقته لا دائما علی نحو لا یعتبر تواجده فیه سفرا کالطلاب المهاجرین من البلدان الأخری إلی النجف الأشرف من أجل الدراسة، فإنهم یقررون البقاء فیه مدة طویلة نسبیا کأربع سنوات أو خمس أو أکثر فإن النجف حینئذ یعتبر بمثابة الوطن لهم وحکمهم التمام فیه، وإذا وصلوا إلیه من السفر انتهی سفرهم، وإذا مروا علیه أثناء السفر انقطع سفرهم. هذا إضافة إلی أن روایات الباب تشمل ذلک باطلاقها علی أساس أن الوارد في لسان جملة منها عنوان المنزل الذي یستوطنه أو یسکنه وهذا العنوان ینطبق علیهم، ومن هذا القبیل الطالب الجامعي الذي یتخذ بغداد – مثلا – مقرا له مدة مؤقته طویلة کأربع سنوات أو أکثر من أجل اکمال دراسته، فإن بغداد تعتبر بمثابة الوطن له وحکمه فیه التمام، وإذا مر علیه أثناء السفر انقطع سفره.

الرابع: من کان بیته معه کأهل البادیة فإنه ینتقل من مکان إلی آخر ویسکن فیه بقدر ما تفرض علیه متطلبات حیاته الیومیة واشباعها فیه ثم ینتقل إلی مکان آخر وهکذا فهو ممن لا وطن له بالمعنی المتقدم من المعاني الثلاثة ولکن لیس بمسافر أیضا، بل هو في کل مکان یسکن فیه علی أساس تحکم ظروفه الوقتیة، فهذا المکان بمثابة وطن له، ونظیر ذلک من أعرض عن بلدته الأصلیة ولم یتخذ وطنا جدیدا لسکناه مدی الحیاة أو سنین عدیدة، کما إذا فرضنا أن وظیفته في کل بلدة لا تتطلب أکثر من السکنی فیها سنة أو أقل کالموظف الحکومي الذي إذا افترض أنه قد أعرض عن السکني في وطنه الأصلي مدی الحیاة ولم یتخذ وطنا جدیدا أیضا فیتبع وظیفته فهو بحکم وظیفته ینتقل من بلد إلی آخر ولم یقرر أي بلد وطنا له علی أساس أنه یعلم بأن وظیفته تفرض علیه الانتقال إلی بلد آخر من جهة أنها لا تدوم أکثر من سنة فلا یستطیع أن یتحکم في ظروفه، فمن أجل ذلک یعتبر البلد الذي فیه بیته وسکناه بمثابة وطن له فلا یعتبر فیه مسافرا.

وهذه هي أنواع الوطن وأقسامه وتشترک هذه الانواع في الأحکام التالیة:

أولا: حکم المتواجد فیها التمام والصیام.

ثانیا: انتهاء السفر بالوصول إلیها حقیقة.

ثالثا: انقطاع السفر موضوعا بالمرور علیها.

ولا فرق في ثبوت هذه الأحکام وترتبها علی المتواجد فیها بین أن یکون له ملک فیها من دار أو عقار أو بستان أو لا، لأن الملک غیر دخیل فیما هو ملاک صدق الوطن والمنزل.

فالنتیجة: ان التواجد في الوطن بأحد هذه الأنحاء یوجب الحکم بالتمام، فإذا سافر وخرج منه ووصل إلی حدّ الترخص وجب القصر شریطة أن یکون بقدر المسافة وأن لا یکون معصیة ولا عملا له.

2- الفیّاض: بل الظاهر اناطة بنیة التوطن بأحد الانحاء المتقدمة و الاستقرار فیه و لا یتوقف علی الاقامة فیه مدة، فإذا نوی التوطن و استقر فیه بهذه النیة صدق انه مستوطن و لیس بمسافر حیث ان الموجب لتحققه و صدقه انما هو استقراره فیه بالنیة المذکورة بلادخل للإقامة فیه مدة کشهر أو أقل، بل لا تکفی مدة کثیرة بدون نیة التوطن کسنة أو أزید فإنها لا تجدي في ترتیب أحکام الوطن علیه و انتهاء کونه مسافرا فیه ما لم ینو البقاء فیه مدی الحیاة أو مدة طویلة کأربع سنین أو أکثر.

فاذن لا أثر للإقامة في بلد مدة بدون اتخاذه وطنا له و لو مؤقتا و معه لا حاجة إلیها و مع ذلک کانت رعایة الاحتیاط أولی و أجدر، و بذلک یظهر حال ما ذکره الماتن1.

 

 مسالة 1: اذا اعرض عن وطنه الاصلىّ او المستجدّ (1)وتوطّن في غيره(2)، فان لميكن له فيه ملک اصلا او كان ولميكن قابلا للسكنى، كما اذا كان له فيه نخلة او نحوها، او كان قابلا له ولكن لميسكن فيه ستّة اشهر بقصد التوطّن الابديّ(3)، يزول عنه حكم الوطنيّة، فلايوجب المرور عليه قطع حكم السفر؛ وامّا اذا كان له فيه ملک قد سكن فيه بعد اتّخاذه وطنا له  دائما ستّة اشهر، فالمشهور على انـّه بحكم الوطن العرفيّ وان اعرض عنه  الى غيره، ويسمّونه بالوطن الشرعيّ ويوجبون  عليه التمام اذا مرّعليه مادام بقاء ملكه فيه، لكنّ الاقوى عدم جريان حكم الوطن عليه بعد الاعراض، فالوطن الشرعيّ غير ثابت  وان كان الاحوط الجمع بين اجراء حكم الوطن وغيره عليه، فيجمع فيه بين القصر والتمام اذا مرّ عليه ولمينو اقامة عشرة ايّام، بل الاحوط الجمع اذا كان له نخلة او نحوها ممّا هو غير قابل للسكنى وبقي فيه بقصد التوطّن ستّة اشهر(4)، بل وكذا اذا لميكن سكناه بقصد التوطّن، بل بقصد التجارة مثلا.

1- الفیّاض: تقدم أنواع الوطن من الأصلي و المستجد بتمام أنحائه و لا یتوقف صدق شيء منها علی الملک، کما أن الاعراض عنه نهائیا و عدم العود إلیه مدی الحیاة یؤدي إلی زوال صفة الوطن عنه بلافرق بین الأصلي و المستجد.

2- الفیّاض: لا یتوقف قصد التوطن علی الاعراض عن الوطن الأصلي أو المستجد، و لا مانع من الجمع بین الأمرین کالنجفي إذا اتخذ بغداد وطنا ثانیا له بأن یقرر البقاء فیه مدة لا تقل عن أربع سنوات أو أکثر من أجل مهنة کالدراسة أو نحوها و بعد انتهائها یعود إلی بلده فإنه ذو وطنین أحدهما النجف و الآخر بغداد، أو یتخذ مقرا صیفیا له في بلد یبقی فیه ستة أشهر مثلا ثم یعود إلی بلده الشتوي و یبقی فیه أیضا کذلک ما دام في قید الحیاة، أو مدة طویلة، فإنه یعتبر کلا البلدین وطنا له، أو یکون عنده زوجتان في بلدین کالنجف و کربلاء مثلا و یبقی عند احداهما في أحداهما في أحد البلدین مدة ثم یعود إلی البلد الآخر و یبقی عند الأخری مدة علی التناوب بشکل دائمي أو مؤقت لا یقل عن أربع سنین أو أکثر، و حینئذ فیعتبر کلا البلدین بمثابة الوطن له.

3- الفیّاض: بل و إن سکن فیه ستة أشهر لما مر من أن التوطن إنما یتحقق باتخاذ البلد وطنا له ما دام حیا، أو إلی أمد بعید کأربع سنوات أو أکثر، و لا یکفي في صدق التوطن أن یسکن في بلد ستة أشهر بل و لا سنة أو أکثر.

نعم قد نسب إلی المشهور أن هنا قسما خامسا من الوطن و سموه بالوطن الشرعي حیث یمتاز عن الوطن العرفي فعدة أمور..

الأول: ان الوطن الشرعي یحصل بالسکنی في بلد أو قریة ستة أشهر دون الوطن العرفي کما مر.

الثاني: ان الوطن الشرعي منوط بوجود ملک یسکن فیه متواصلا في المدة المذکورة دون العرفي.

الثالث: ان حکم الوطن لا یزول عن الوطن الشرعي بالاعراض عنه دون العرفي، و من هنا اذا مر علیه المسافر أثناء سفره انقطع سفره و إن أعرض عنه هذا.

 ولکن الکلام إنما هو في إثبات ذلک بالدلیل، و علیه فحرّي بنا ان ننظر إلی الروایات الواردة في أطراف المسألة و هي متمثلة في ثلاث طوائف:

الأولی: تنص علی وجوب التمام علی من نزل أثناء سفره في ملکه من قریة دو أرض منها: قوله7 في صحیحة إسماعیل بن الفضل: «إذا نزلت قراک و أرضک فاتم الصلاة و إذا کنت في غیر أرضک فقصر...» (الوسائل ج 8 باب: 14 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 2).

و منها: موثقة عمار بن موسی عن أبي عبد اللّـه7: «في الرجل یخرج في سفر فیمر بقریة له أو دار فینزل فیها؟ قال: یتم الصلاة و لو لم یکن له الاّ نخلة واحدة، و لیصم إذا حضره الصوم و هو فیها...» (الوسائل ج 8 باب: 14 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 2).

و منها: غیرهما من النصوص.

الثانیة: تنص علی وجوب التمام في ملکه شریطة الاستیطان و الاسکان فیه. منها: قوله7 في صحیحة علی بن یقطین عن أبي الحسن الأول7 انه قال: «کل منزل من منازلک لا تستوطنه فعلیک فیه التقصیر...» (الوسائل ج 8 باب: 14 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1).

و منها: قوله7 في صحیحة الأخری: «کل منزل لا تستوطنه فلیس لک بمنزل و لیس لک أن تتم فیه» (الوسائل ج 8 باب: 14 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 6).

و منها: قوله7 في صحیحة الثالثة «ان کان مما سکنه أتم فیه الصلاة، و ان کان مما لم یسکنه فلیقصر» (الوسائل ج 8 باب: 14 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 9).

و منها: صحیحة حماد بن عثمان عن أبي عبد اللّـه7: «في الرجل یسافر فیمر بالمنزل له في الطریق یتم الصلاة أم یقصر؟ قال: یقصر إنما هو المنزل الذي توطنه...» (الوسائل ج 8 باب: 14 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 8).

و منها: غیرها من الروایات.

الثالثة: تنص علی وجوب التمام في ملکه شریطة الاستیطان فیه ستة أشهر متواصلة و هي متمثلة في صحیحة إسماعیل بن بزیع عن أبي الحسن7 قال: «سألته عن الرجل یقصر في ضیعته؟ قال: لا بأس ما لم ینو مقام عشرة أیام الاّ أن یکون له فیها منزل یستوطنه، فقلت: ما الاستیطان؟ فقال: أن یکون منزل یقیم فیه ستة أشهر، فإذا کان کذلک یتم فیها متی دخلها...» (الوسائل ج 8 باب: 14 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 11).

ثم الن الطائفة الأولی تصنف إلی صنفین یدل أحدهما کصحیحة إسماعیل و موثقة عمار التقدمتین بمناسبة الحکم و الموضوع الارتکازیة أن الحکم بالتمام علیه في القریة و الأرض إنما هو بملاک الاضافة الوطنیة لا الملکیة، و تؤکد ذلک موثقة عمار، فإن جواب الامام7 فیها ناص في أن المراد من القریة التي یمر علیها الرجل في أثناء سفره هو وطنه بقرینة قوله7: «یتم الصلاة و لو لم یکن له الاّ نخلة واحدة...» و أما استثناء نخلة واحدة فلعله من أجل التأکید علی أنه لم یعرض عنها بعد و الاّ لا یوجب المرور علیها التمام.

فالنتیجة: ان هاتین الروایتین لا تدلان علی أن مجرد الملک في قریة أو بلد یوجب التمام و إن لم تکن تلک القریة أو ذلک البلد وطنا له، بل هما تؤکدان علی أن المرور فیها مرور علی أرض الوطن و دخول فیها.

و الآخر کصحیحة عبد الرحمن بن الحجاج و صحیحة عمران بن محمد فإنهما و إن کانتا تدلان علی کفایة ملک الضیعة في وجوب التمام إذا وصل صاحبها إلیها ما دام فیها الاّ أن مناسبة الحکم و الموضوع عرفا تقتضي أنها مقر له علی أساس أنها لیست ضیعة متروکة، بل یظهر منهما أنها مورد لمتطلبات حیاته الیومیة، فمن أجل ذلک کان یمر علیها في طول السنة بشکل مستمر، فإذن وجوب التمام فیها لیس من جهة الملک فقط بل بسبب أنها مقر له فیکون حکمها حینئذ حکم الوطن.

لحد الآن  قد تبین أن هذه الطائفة لا تعارض الطائفة الثانیة لعدم التنافي بینهما.

و مع الاغماض عن ذلک فتکون نسبة هذه الطائفة إلی الثانیة نسبة المطلق إلی المقید علی أساس أن الأولی تدل علی کفایة وجود الملک في قریة أو بلد في وجوب التمام سواء استوطن فیه أم لا، و الثانیة تدل علی ذلک شریطة الاستیطان فیه.

و دعوی: ان الطائفة الأولی بما أنها معارضة للطائفة الثانیة فلابد من طرحها أو حملها علی التقیة، أما الأول فمن أجل أنها مخالفة للسنة القطعیة و هي الروایات الدالة علی وجوب القصر البالغة حد التواتر إجمالا شریطة عدم تخلل سفره في الأثناء بأحد القواطع. و أما الثاني فلأنها موافقة للعامة...

مدفوعة: أما أولا: فلما مر من أنه لا معارضة بینهما، و علی تقدیر المعارضة فهي غیر مستقره لإمکان الجمع الدلالي العرفي بحمل المطلق علی المقید.

و أما ثانیا: فلأن مخالفتها مع الروایات الدالة علی وجوب القصر لیست علی نحو التباین أو العموم من وجه، بل هي علی نحو الاطلاق و التقیید، و من المعلوم ان هذه المخالفة لا توجب سقوط المقید عن الاعتبار حتی فیما إذا کان مخالفا لإطلاق الآیات فضلا عن الروایات. نعم انها توجب الغائها في مقام المعارضة مع ما یکون موافقا لها، و الفرض أن الطائفة المعارضة أیضا تکون مخالفة لها بالاطلاق و التقیید. هذا کله في الشق الأول.

و أما الثاني: فلأنها موافقة لقول بعض العامة و مخالفة لقول الآخر، و حینئذ فلا مبرر للحمل علی التقیة، هذا من ناحیة.

و من ناحیة أخری: ان المتفاهم العرفي من الطائفة الثانیة هو التوطن بأحد المعاني المتقدمة لوضوح أن مفهوم الوطن مفهوم عرفي و هو المتبادر منها دون معنی آخر في مقابلة إذ ارادة معنی أخر من الاستیطان فیها دون المعنی العرفي المتبادر بحاجة إلی قرینة، و لا قرینة لا في نفس تلک الطائفة و لا في الخارج.

و أما الطائفة الثالثة التي هي متمثلة في صحیحة ابن بزیع فاستفادة الوطن الشرعي منها في مقابل الوطن العرفي في غایة الاشکال بل المنع، لأن تحدید الامام7 کلمة الاستیطان بقوله: «ألا أن یکون له فیها منزل یقیم فیه ستة أشهر...» (الوسائل ج 8 باب: 14 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 11) لا یدل علی أنه7 في مقام بیان تحدید معنی آخر لکلمة الاستیطان و هو المعنی الشرعي  في مقابل المعنی العرفي. بل لا یبعد دعوی ظهور ذلک في الاستیطان العرفي بمناسبة أنه طبعا یتردد علی ضیعته في طول السنة و إذا کان له فیها منزل فطبعا یبقی فیه بین وقت و آخر و فصل و آخر لا أن سفره فیها کان اتفاقیا و بما أن له وطنا أصلیا و هو بلدته الساکن فیها فإذا ذهب إلی ضیعته یقصر شریطة أمرین..

أحدهما: أن لا یقصد إقامة عشرة أیام فیها.

و الآخر: أن لا یکون فیها منزل یستوطنه، ثم سأل عن الاستیطان أي ما یتحقق به، و أجاب7: «أن یکون منزل یقیم في منزلة فیها ستة أشهر...» فإن الظاهر منه بمناسبة الحکم و الموضوع الارتکازیة أن یقیم في منزلة فیها ستة أشهر في دورة کل سنة باعتبار أن تردده علی ضیعة لا ینحصر بسنة واحدة لأن نسبة الحاجة التي تدعو إلی تردده علیها و هي متطلبات حیاته إلی الستین المتتالیة علی حد سواء ما دامت ضیعته في قید الحیاة، فإذن حملها علی ستة أشهر مرة واحدة متصلة خلاف هذه المناسبة الارتکازیة، و إذا کان صاحب الضیعة بانیا علی أن یعیش في منزله فیها ستة أشهر طول السنة کان ذا وطنین، و حینئذ متی دخل فیها یتم لأنها وطنه کما نص علیه ذیل الصحیحة.

و من هنا یظهر أن التحدید بستة أشهر مبني علی الغالب و المتیقن إذ قد یحصل بأقل من ذلک باعتبار أن الامام7 لیس في مقام التحدید الواقعي حیث أن المرجع فیه هو العرف العام دون الامام7، بل هو في مقام بیان حکم ذي الوطنین و انه إذا صنع ذلک صار ذا وطنین، و تؤکد ما ذکرناه اناطة وجوب التمام في الصحیحة علی صاحب الضیعة بأمرین..

أحدهما: بالاقامة.

و الآخر: بالاستیطان، و لولا سؤال ابن بزیع مرة ثانیة عن الاستیطان لکان المتفاهم عرفا منه هو الوطن العرفي، و من المعلوم ان سؤاله ثانیا انما هو عما یتحقق به الوطن العرفي حیث ان الوطن الشرعي أمرا معهودا، فإذن لا محالة یکون جواب الامام7 جوابا عن السؤال لا بیانا لأمر آخر.

و من هنا لا یفهم من جوابه7 الاّ بیان ما یتحقق به الوطن العرفي.

فالنتیجة: ان استفادة الوطن الشرعي في مقابل الوطن العرفي من الصحیحة في غایة الاشکال بل المنع لأنها لو لم تکن ظاهرة في بیان الوطن العرفي فلا شبهة في أنها غیر ظاهرة في بیان الوطن الشرعي، بل هي مجملة فلا یمکن الاستدلال بها.

4- الفیّاض: فیه إشکال بل منع فانه علی تقدیر القول بثبوت الوطن الشرعي و دلالة الصحیحة علیه فهي لا تدل علی اعتبار قصد التوطن الأبدي فیه، بل ظاهرها کفایة قصد التوطن ستة أشهر فقط و إن لم یکن قاصدا له مدی الحیاة أو مدة طویلة.

مسالة 2: قد عرفت عدم ثبوت الـوطن الـشرعيّ وانـّه منحصر في الـعرفيّ؛ فنقول: يمكن تعدّد الوطن العرفيّ، بان يكون له منزلان في بلدين او قريتين من قصده السكنى فيهما ابدا (1) في كلّ منهما مقدارا من السنة، بان يكون له زوجتان مثلا كلّ واحدة في بلدة، يكون عند كلّ واحدة ستّة اشهر او بالاختلاف، بل يمكن الثلاثة   أيضا ، بل لايبعد الازيد  أيضا  .

1- الفیّاض: في اعتبار قصد السکنی أبدا إشکال بل منع لما مر من کفایة اتخاذ کل من البلدین وطنا و مقرا له مؤقتا کمدة أربع سنوات أو خمس، مثل ان یتخذ أحدهما مقرا و مسکنا صیفیا له و یسکنه خمسة أو أربعة أشهر في السنة و الآخر مقرا و مسکنا شتویا له یسکن فیه شتاء و إذا وصل إلی أي منهما انتهی سفره و یکون من المتواجد في الوطن، بل لا مانع من اتخاذ شخص أکثر من بلدین وطنا له، کما إذا کان عنده أربع زوجات في أربعة بلاد کالنجف و کربلاء و حلة و بغداد مثلا و یبقی لدی کل واحدة منها مدة علی التناوب مدی الحیاة أو إلی أمد طویل نسبیا.

 مسالة 3: لايبعد ان يكون الولد  تابعا  لابويه  او احدهما في الوطن، ما لميعرض(1) بعد بلوغه(2) عن مقرّهما وان لميلتفت بعد بلوغه الى التوطّن فيه ابدا(3)، فيعدّ وطنهما وطنا له أيضا ، الّا اذا قصد   الاعراض  عنه؛ سواء كان وطنا اصليّا لهما ومحلا لتولّده او وطنا مستجدّا لهما، كما اذا اعرضا عن وطنهما الاصليّ واتّخذا مكانا اخر وطنا لهما وهو معهما قبل بلوغه ثمّ صار بالغا ؛ وامّا اذا اتيا بلدة او قرية وتوطنا فيها وهو معهما مع كونه بالغا ، فلايصدق وطنا له، الّا مع قصده بنفسه.

1- الفیّاض: الظاهر عدم کفایة ذلک علی أساس أنه ما دام یکون تابعا لهما کالأطفال و الصبیان الذین یعیشون في کنف و الدهم فلا قصد و لا قرار لهم حتی تبعا لقصد والدهم و قراره باعتبار أن قرار الوالد هو قرار له بتمام متعلقاته و شئونه، و أما إذا بلغ التابع سن الرشد الذي یؤهله لاتخاذ مثل هذا القرار، و حینئذ فإن اتخذ قرارا مماثلا لقرار المتبوع بحکم تبعیته کالزوجة بالنسبة إلی زوجها فهو وطن و مقر له أیضا، و إن اتخذ قرارا مخالفا لقراره بأن اعرض عنه و اتخذ مکانا آخر وطنا له کالولد بعد سن الرشد اتخذ بلدا آخر وطنا له و اعرض عن بلد والده فعلیه أن یعمل علی طبق قراره، و أما إذا غفل بعد بلوغه سن الرشد عن التوطن في وطن والده فیکون حکمه التمام لعدم صدق المسافر علیه ما دام لم یعرض عنه و إن لم یصدق ان وطن الوالد وطنه علی أساس أنه منوط بالقصد.

2- الفیّاض: لا وجه للتقیید بالبلوغ حیث أنه لا دلیل علی أن التبعیة مستمرة إلی زمان البلوغ في کنف والدهم شرعا، و علیه فبطبیعة الحال تکون مقیدة بما إذا بلغ سن الرشد فإنه حینئذ یکون مؤهلا لاتخاذ القرار المماثل أو المخالف دون من لم یبلغ ذلک السن فإنه لیس مؤهلا لذلک تابعا کالطفل الذي یعیش في کنف والده.

3- الفیّاض: تقدم أن صدق الوطن لا یتوقف علی التوطن دائما و أبدا فإنه کما یتحقق به کذلک یتحقق بقصد التوطن مؤقتا و إلی أمد بعید.

مسالة 4: يزول حكم الوطنيّة بالاعراض والخروج وان لميتّخذ بعد وطنا اخر، فيمكن ان يكون بلا وطن مدّة مديدة.

مسالة 5: لايشترط في الوطن اباحة المكان الّذي فيه؛ فلو غصب دارا في بلدواراد السكنى فيها ابدا  يكون وطنا له، وكذا اذا كان بقاؤه في بلد حراما عليه من جهة  كونه  قاصدا لارتكاب حرام  او كان منهيّا عنه من احد والديه او نحو ذلک.

مسالة 6: اذا تردّد  بعد العزم على التوطّن ابدا، فان كان قبل ان يصدق عليه الوطن عرفا(1)، بان لميبق في ذلک المكان بمقدار الصدق، فلااشكال في زوال الحكم(2)  و ان لميتحقّق الخروج والاعراض، بل وكذا ان كان بعد الصدق في الوطن المستجدّ(3) ؛ وامّا في الوطن الاصليّ اذا تردّد في البقاء فيه وعدمه، ففي زوال حكمه قبل الخروج والاعراض اشكال(4) ، لاحتمال صدق الوطنيّة ما لميعزم على العدم، فالاحوط الجمع بين الحكمين.

1- الفیّاض: مر أن صدق الوطن الاتخاذي في بلد لا یتوقف علی البقاء فیه مدة، بل یکفی العزم علی جعله وطنا و مقرا له، فإن من یهاجر من وطنه الأصلي إلی بلد ناء طلبا للرزق و الکسب، أو من یهاجر من أجل العلم و طلبه کالذي یقصد النجف الأشرف فإن کلا من هذا أو ذاک إذا بنی علی السکنی في مهجره أمدا طویلا کأربع سنوات أو أکثر و هیّأ متطلبات حیاته الاعتیادیة و بدأ فیها و استقر صدق انه وطنه و مستقره شریطة أن یواصل استیطانه، و أما إذا تردد في الاثناء بالاعراض عنه و عدم البقاء فیه، کما إذا تردد بعد أشهر أو سنة فیکشف عن عدم تحقق الوطن و المقر له، و إنما الکلام في أن حکمه التمام أو القصر، الظاهر هو الأول و ذلک للشک في أنه مسافر فیه أو لا، علی أساس أنه إن کان عازما علی عدم البقاء فیه فهو مسافر بعد و إن کان عازما علی البقاء فیه فهو متواجد في وطنه و بما انه متردد في ذلک فبطبیعة الحال یکون صدق المسافر علیه مشکوکا فلا یمکن حینئذ التمسک باطلاق دلیل وجوب القصر علی المسافر لأنه من التمسک بالعام في الشبهة المصداقیة، فعندئذ یکون المرجع العام الفوقي و هو عموم دلیل وجوب التمام علی کل مکلف الا المسافر شریطة أن لا یکون سفره معصیة، و أن لا یکون السفر عمله، و أن لا یقیم في بلد عشرة أیام، فإذن لابد من إحراز عنوان المسافر، و بما أنه غیر محرز فوظیفته التمام و إن کان التردد بعد تحقق الوطن بأحد الانحاء السابقة فلا أثر له و لا یخرج عن کونه وطنا له.

نعم إذا بنی علی عدم البقاء فیه جزما في الاثناء، کما إذا بنی علی الخروج منه بعد أشهر أو سنة فإنه یکشف عن انه مسافر لحد الآن فحکمه القصر، و أما بالنسبة إلی ما صلّاه تمام فإن کان في الوقت فعلیه إعادتها قصرا و إن کان بعد الوقت لم یجب القضاء.

2- الفیّاض: ظهر ان حکمه و هو وجوب التمام لم یزل بالتردد.

3- الفیّاض: مر أن التردد و التفکیر بعد تحقق الوطن بأحد الأوجه المتقدمة لا أثر له، بل لا أثر للعزم علی عدم البقاء حینئذ فضلا عن التردد ما لم یخرج مسافرا إلی بلد آخر، و لا فرق من هذه الناحیة بین الوطن الأصلي و الوطن المستجد الدائمي أو المؤقت.

4- الفیّاض: بل لا إشکال في عدم الزوال حیث لا یخرج عن کونه وطنا بالتردد و التفکیر، بل لا یخرج بالعزم علی عدم البقاء ما دام فیه و لم یتلبس بالخروج فعلا.

مسالة 7: ظاهر كلمات العلماء ـ رضوان اللّه عليهم ـ اعتبار قصد التوطّن ابدا  في صدق الوطن  العرفيّ، فلايكفي العزم على السكنى الى مدّة مديدة كثلاثين سنة او ازيد؛ لكنّه مشكل(1) ، فلايبعد  الصدق العرفيّ بمثل ذلک، والاحوط في مثله  اجراء الحكمين بمراعاة الاحتياط.

1- الفیّاض: تقدم انه لا یعتبر في صدق الوطن العرفي قصد التوطن دائما و أبدا، بل یکفی قصده مؤقتا إلی أمد بعید کأربع سنوات أو أکثر.

 الثاني من قواطع السفر: العزم على اقامة عشرة ايّام متواليات(1) في مكان واحد،من بلد او قرية او مثل بيوت الاعراب او فلاة من الارض، او العلم بذلک وان كان لا عن اختيار، ولايكفي الظنّ بالبقاء فضلا عن الشکّ. والليالي المتوسّطة داخلة بخلاف الليلة الاولى والاخيرة، فيكفي عشرة ايّام وتسع ليال ويكفي تلفيق اليوم المنكسر من يوم اخر على الاصحّ؛ فلو نوى المقام عند الزوال من اليوم الاوّل الى الزوال من اليوم الحادي عشر، كفى ويجب عليه الاتمام وان كان الاحوط الجمع. ويشترط وحدة محلّ الاقامة ، فلو قصد الاقامة في امكنة متعدّدة عشرة ايّام لم ينقطع حكم السفر، كان عزم على الاقامة في النجف والكوفة او في الكاظمين وبغداد، او عزم على الاقامة في رستاق من قرية الى قرية من غير عزم على الاقامة في واحدة منها عشرة ايّام، ولايضرّ بوحدة المحلّ فصل مثل الشطّ بعد كون المجموع بلدا واحدا كجانبي الحلّة وبغداد ونحوهما؛ ولو كان البلد خارجا عن المتعارف في الكبر فاللازم قصد الاقامة في المحلّة منه  اذا كانت المحلّات منفصلة(2)، بخلاف ما اذا كانت متّصلة، الّا اذا كان كبيرا  جدّا(3)  بحيث لايصدق وحدة المحلّ  وكان كنيّة الاقامة في رستاق مشتمل على القرى مثل قسطنطنيّة ونحوها.

 

1- الفیّاض: مر أن قرار الاقامة في بلد أو قریة لا یکون قاطعا للسفر و إنما هو قاطع لحکمه فإن المقیم مسافر عرفا، و بما أن الاقامة تقطع حکمه فعلیه أن یتم و لا یقصر الا إذا بدأ سفرا جدید.

ثم ان الاقامة تنهی حکم السفر شریطة أمور..

الأول: أن یکون عالما و متأکدا من الاقامة عشرة أیام في مکان من بلدة أو قریة أو ضیعة و لا فرق بین أن یکون هذا العلم و الثقة ناشئا من اختیاره و إرادته البقاء فیها، أو من اضطراره، أو ظروفه التي تحکم علیه فإنها لا تسمح بمغادرة المکان کالسجین مثلا.

فالنتیجة: أنه مهما توفر للمسافر الیقین أو الاطمئنان بالبقاء في مکان عشرة أیام سواء أکان بالاختیار أم کان بالاضطرار أم بحکم ظروفه التي لا تسمح له بالمغادرة وجب علیه التمام و مع الشک في البقاء بل مع الظن به کما إذا کان راغبا في البقاء في مکان لجماله و طیب مناخه ولکنه یتوقع بعض الطوارئ في الاثناء یمنع عن مواصلة البقاء فیه فلا یعتبر مقیما إذ لا یقین له بأنه سیبقی، و هذا هو مقتضی إطلاق مجموعة من الروایات التي تنص علی ذلک.

منها: قوله7 في صحیحة زرارة: «إذا دخلت أرضا فأیقنت ان لک بها مقام عشرة أیام فأتم الصلاة، و إن لم تدر ما مقامک بها تقول غدا أخرج أو بعد غد فقصر مابینک و بین أن یمضی شهر، فإذا تم لک شهر فاتم الصلاة...» (الوسائل ج 8 باب: 15 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 9). فإنه یدل بوضوح علی أنه مهما توفر له الیقین بالبقاء عشرة أیام في موضع فحکمه التمام فیه، و مقتضی اطلاقه عدم الفرق بین أن یکون ذلک الیقین بارادته و اختیاره أم لا کالسجین مثلا.

الثاني: ان الوارد في روایات الباب عنوان المقیم عشرة أیام أو ما بمعناه، و المتبادر من عشرة أیام هو عشرة نهارات و تدخل في ضمنها لیالیها، کما ان المتبادر منها في المقام بمناسبة الحکم و الموضوع الارتکازیة أعم من النهارات التامة و الملفقة حیث أنها تقتضی ان المراد من اقامة عشرة أیام اقامة فترة زمنیة تساوي عشرة أیام غایة الأمر أنّ الایام العشرة ان کانت تامة کمن نوی الاقامة في بلد من طلوع الفجر من الیوم الاول من الشهر إلی الغروب من الیوم العاشر دخلت في ضمنها تسع لیال، و إن کانت ملفقة کما إذا نوی الاقامة من منتصف النهار من الیوم الأول من الشهر إلی النهار من الیوم الحادي عشر دخلت في ضمنها عشرة لیال.

و من هنا یظهر انه لا یعتبر العشرة بعنوانها و بالخصوص، بل یکفی قصد البقاء في مکان فترة زمنیة تساوي العشرة و إن لم یعلم بالتساوي، کما إذا قصد البقاء إلی آخر الشهر الشمسي و کان الباقي من الشهر عشرة أیام أو أزید و إن لم یعلم بذلک القاصد فإن المعیار إنما هو بقصد البقاء مدة تساوي العشرة في الواقع سواء علم باتساوي أم لا، و نقصد بتساوي المدة لعشرة أیام تساویها لعشرة نهارات تامة أو ملفقة مع لیالیها، و من هنا لا یکفی أن ینوی الاقامة من بدایة اللیلة الأولی من الشهر إلی نهایة اللیلة العاشرة لأن هذه الفترة التي نوی البقاء فیها لا تشتمل علی عشرة نهارات.

الثالث: ان المراد من مکان الاقامة في بلد أو قریة هو محل مبیته و مأواه و مسکنه و محط رحله، فإن هذا المعنی هو المتفاهم عرفا من روایات الباب، و هذا لا ینافي خروجه من البلد إلی ضواحیه و بساتینه، بل إلی ما دون المسافة شریطة أن لا یبیت فیه، کما إذا نوی الاقامة في النجف الشرف و في الاثناء خرج إلی الکوفة للزیارة أو لغایة أخری ساعة أو ساعتین أو أکثر ثم رجع إلی النجف، فإنه لا یمنع عن صدق محل إقامته هو النجف، بل لا یمنع عن ذلک الخروج إلی ما دون المسافة کما مر.

و من هنا یظهر انه لا مانع من أن ینوي الذهاب إلی الکوفة في کل یوم حین ینوي الاقامة في النجف شریطة أن لا یبیت في الکوفة، إذ ما دام یکون مبیته و مأواه و محط رحله في النجف فلا تضر النیة المذکورة، و لذا لو سأله سائل أین نزلت في سفرک هذا؟ لقال نزلت في بیت فلان أو الفندق الفلاني في النجف الأشرف.

فالنتیجة: ان الخروج عن محل الاقامة بما دون المسافة في مدة محدودة کساعة أو ساعتین أو أکثر ثم الرجوع إلیه لا یضر بعنوان المقیم عشرة أیام في بلدة أو قریة.

الرابع: ان قصد الاقامة لابد أن یکون في بلدة أو قریة واحدة طیلة عشرة أیام کما هو الظاهر من روایات الباب، فلا یکفی أن یقصد الاقامة في بلدین أو قریتین بأن یعزم هنا خمسة أیام و هناک خمسة أخری أو أقل أو أکثر، و لا فرق في ذلک بین البلاد الکبیرة و الصغیرة کما هو مقتضی اطلاق کلمة (بلدة) الواردة في روایات المسألة.

2- الفیّاض: فیه إشکال بل منع لأن المحلات إذا کانت محلات لبلد اعتبرت امتدادا له، و إن کانت منفصلة عنه کالإحیاء السکنیة في ضواحي بغداد مثل الثورة و البیاع و ما شاکلهما فإنهما یعتبران جزء من مدینة بغداد و إن کانت منفصلة عنها حین إنشائهما و اتصلت بها تدریجا، و یترتب علی ذلک أن البغدادي إذا سافر إلی الحلة مثلا و رجع إلی البیاع انقطع سفره بذلک لأنه وصل إلی بلدته و وطنه، و إذا أقام عشرة أیام في البیاع و خرج منه إلی مدینة الثورة أو إلی مناطق أخری لم یکن ذلک خروجا عن بلد الاقامة علی أساس أن الاقامة بعشرة أیام في کل منطقة من مناطق بغداد اقامة فیه، و من هنا لا مانع من الاقامة في بغداد موزعة علی محلاته و مناطقه و أحیائه.

فالنتیجة: أن ما یبنی حوالی بغداد و أطرافه من الأحیاء السکنیة الجدیدة المتصلة به فعلا، أو تتصل به تدریجا تعتبر امتدادا و توسعة له و إن بلغ البلد من التوسعة و الکبر بما هو خارج عن المتعارف، ولکن مع ذلک یعتبر بلدا واحدا بتمام أیائه و مناطقه، کما أنه لا عبرة باتصال البلاد علی أثر توسعة العمران إذا کان لکل واحد منها استقلاله و وضعه الخاص به تاریخیا کالکاظمیة و بغداد، و الکوفة و النجف، و مدینة ري و طهران، فإن عمران هذه البلاد متصلة بعضها ببعضها الآخر فمن ذلک لا یعتبر المجموع بلدا واحدا، و یترتب علیه انه إذا سافر نجفي إلی کربلاء و وصل إلی الکوفة ایابا لم ینقطع بذلک سفره، و إذا أراد أن یصلي في الکوفة صلی قصرا، نعم إذ أدی اتصال البلد الصغیر بالکبیر إلی اندماجه فیه عرفا و انصهاره علی نحو قد زال استقلاله جغرافیا، ففي مثل ذلک یعتبر الکل بلدا واحدا.

3- الفیّاض: مر أنه لا فرق بین البلدان الکبیرة و الصغیرة.

 

مسالة 8: لايعتبر في نيّة الاقامة قصد عدم الخروج عن خطّة سور البلد على الاصحّ، بل لو قصد حال نيّتها الخروج الى بعض بساتينها ومزارعها ونحوهامـن حدودها ممّـا لاينافي صـدق اسم الاقامة في البلد عرفا، جرى عليه حكم المقيم، حتّى اذا كان من نيّته الخروج عن حدّ الترخّص، بل الى ما دون الاربعة اذا كان قاصدا للعود عن قريب، بحيث لا يخرج عن صدق الاقامة في ذلک المكان عرفا، كما اذا كان من نيّته  الخروج  نهارا   والرجوع قبل الليل (1) .

1- الفیّاض: تقدم ان المعیار في صدق المقیم عشرة أیام في بلد هو أن یکون مبیته و مأواه و محط رحله فیه و لا یضر خروجه عنه إلی بلد آخر دون المسافة، کما إذا قصد الاقامة في النجف و خرج إلی الکوفة ساعتین أو أکثر، فإن هذا الخروج لا یضر ما دام یصدق علیه أن مبیته و مسکنه في النجف، بل لا یبعد أن لا یضر ذلک إذا کان تمام النهار في الکوفة و رجع إلی النجف قبل الغروب حیث یصدق أن محل اقامته الذي هو مأواه و محل مبیته في النجف في الفندق الفلاني أو البیت الفلان، و لا فرق فیه بین أن یکون ناویا ذلک من الأول، أو في الاثناء، لأن نیته ذلک إنما تضر إذا کان مردها إلی نیة الاقامة في بلدین أو قریتین، و أما إذا لم یکن مردها إلی ذلک فلا تضر، و من المعلوم انه لا فرق في هذا بین أن تکون نیة الخروج في نفس وقت نیة الاقامة أو بعدها، ولکن مع ذلک لا ینبغي ترک الاحتیاط بالجمع بین القصر و التمام فیما إذا کان خروجه تمام النهار، أو في مقدار معتد به منه.

 

مسالة 9: اذا كان محلّ الاقامة برّيّة قفراء، لايجب التضييق في دائرة المقام، كما لايجوز التوسيع كثيرا بحيث يخرج عن صدق وحدة المحلّ، فالمدار على صدق الوحـدة عرفا ، وبعد ذلک لاينافي الخروج عن ذلک المحلّ الى اطرافه بقصد العود اليه وان كان الى الخارج عـن حدّ الترخّص، بل الى ما دون الاربعة، كما ذكرنا في البلد ؛ فجواز نيّة الخروج  الى ما دون الاربعة لايوجب جواز توسيع محلّ الاقامة كثيرا، فلايجوز جعل محلّها مجموع ما دون الاربعة، بل يؤخذ على المتعارف وان كان يجوز التردّد الى ما دون الاربعة على وجه لايضرّ بصدق الاقامة فيه.

مسالة 10: اذا علّق الاقامة على امر مشكوک الحصول لايكفي، بل وكذا لو كان مظنون الحصول، فانّه ينافي العزم على البقاء المعتبر فيها؛ نعم، لو كان عازما على البقاء لكن احتمل  حدوث المانع، لايضرّ(1)

1- الفیّاض: هذا إذا کان احتماله ضعیفا علی نحو لا یکون مانعا عن الوثوق و الاطمینان بابقاء، و أما إذا کان مانعا عنه فلا یتحقق معه العزم علی الاقامة عشرة أیام، و قد تقدم أن المعتبر في تحقق الاقامة أن یکون المسافر واثقا و متأکدا بالبقاء في بلد عشرة أیام.

و قد دل علی ذلک صریحا قوله في صحیحة زرارة: «إذا دخلت أرضا فأیقنت أن لک بها مقام عشرة أیام فأتم الصلاة» (الوسائل ج 8 باب: 15 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 9) فإذن العبرة في وجوب التمام إنما هي بحصول الیقین بالبقاء في بلد عشرة أیام، و یقوم مقامه الوثوق و الاطمئنان، هذا من ناحیة.

و من ناحیة أخری ان المعتبر في وجوب التمام إنما هو الیقین أو الاطمئنان بالبقاء إلی العشرة، و أما القصد و العزم زائدا علی الیقین فهو غیر معتبر، غایة الأمر إذا کانت الاقامة في بلد باختیار المسافر و ارادته لم ینفک یقینه بالبقاء عن قصده له، و أما إذا کان مجبورا، أو مکرها، أو محبوسا في بلد و یعلم بعدم ارتفاع ذلک قبل العشرة فلا یکون هناک شيء زائد علی العلم أو الاطمئنان.

 

مسالة 11: المجبور على الاقامة عشرا والمكره عليها، يجب عليه التمام وان كان من نيّته الخروج على فرض رفع الجبر والاكراه، لكن بشرط ان يكون عالما  بعدم ارتفاعهما(1) وبقائه عشرة ايّام كذلک.

1- الفیّاض: بل یکفی الوثوق و الاطمئنان به أیضا.

 

 مسالة 12: لاتصحّ نيّة الاقامة في بيوت الاعراب ونحوهم ما لميطمئنّ بعدم الرحيل عشرة ايّام، الّا اذا عزم على المكث بعد رحلتهم الى تمام العشرة.

مسالة 13: الزوجة والعبد اذا قصدا المقام بمقدار ما قصده الزوج والسيّد، والمفروض انّهما قصدا العشرة، لايبعد  كفايته  في تحقّق الاقامة بالنسبة اليهما(1)   وان لم يعلما حين القصد انّ مقصد الزوج والسيّد هو العشرة؛ نعم، قبل العلم بذلک عليهما التقصير، ويجب عليهما التمام بعد الاطّلاع وان لميبق الّا يومين او ثلاثة، فالظاهر وجوب الاعادة او القضاء عليهما بالنسبة الى ما مضى ممّا صلّيا قصرا؛ وكذا الحال اذا قصد المقام بمقدار ما قصده رفقاؤه (2)وكان مقصدهم العشرة، فالقصد الاجمالي  كافٍ  في تحقّق الاقامة، لكنّ الاحوط الجمع في الصورتين، بل لايُترک الاحتياط.

1- الفیّاض: بل الظاهر عدم الکفایة. أما الزوجة فانها إذا لم تعلم ان زوجها قد قصد الاقامة في البلد النازل فیه لم تتمکن من قصدها جزما، باعتبار أنه یتوقف علی الیقین بالبقاء فیه عشرة أیام، و مع جهلها بنیة زوجها فلا یقین لها بذلک، و به یظهر حال العبد بالنسبة إلی سیده، فإنه إذا لم یعلم أن سیده قصد اقامة عشرة أیام في بلد فمعناه أنه لا یعلم بقاءه فیه عشرة أیام، و مع عدم العلم بالبقاء طیلة المدة فکیف یکون حکمه التمام فیه.

2- الفیّاض: ظهر حالة مما سبق.

 

مسالة 14: اذا قصد المقام الى اخر الشهر مثلا وكان عشرة، كفى  وان لميكن عالما  به حين القصد(1) ، بل وان كان عالما بالخلاف، لكنّ الاحوط  في هذه المسالة أيضا  الجمع بين القصر والتمام بعد العلم بالحال، لاحاعتبار العلم حين القصد.

1- الفیّاض: هذا من جهة انه قصد واقع المقام عشرة أیام لکن بعنوان آخر و هو موضوع لوجوب التمام، و لا یضر جهله بعنوان العشرة، لأنه غیر دخیل في الموضوع، کما إذا قصد المسافر الوارد في بلد البقاء فیه إلی آخر الشهر الشمسي من تاریخ وروده فیه و کان الباقي من الشهر من هذا التاریخ عشرة أیام کاملا، فإنه حینئذ کان یقصد البقاء فیه مدة زمنیة محددة تساوي عشرة أیام بالکامل في الواقع و إن کان جاهلا بالتساوي ولکن هذا الجهل لا یضر و لا یغیر الواقع.

نعم إذا کان عدم النقص أمرا اتفاقیا کما إذا نوی الاقامة من الیوم الحادي و العشرین إلی آخر الشهر القمري و احتمل أن یکون الشهر ناقصا، ففي مثل ذلک لا یجب علیه التمام إذا صادف کون الشهر تاما.

و الفرق بین الصورتین هو أنه في الصورة الأولی قصد البقاء فترة زمنیة تساوي عشرة أیام في الواقع و إن لم یعلم بالتساوي، و في الثانیة قصد البقاء فترة زمنیة مرددة بین أن تساوي العشرة في الواقع و أن لا تساویها کذلک، فیکون التساوي أمرا تصادقیا لا دائمیا، فمن أجل ذلک لا یکون قاصدا البقاء فترة زمنیة تساوي العشرة في الواقع، ولکنه لم یعلم بالتساوي.

 مسالة 15: اذا عزم على اقامة العشرة ثمّ عدل عن قصده، فان كان صلّى مع العزم المذكور رباعيّة بتمامٍ، بقي على التمام مادام في ذلک المكان وان لميصلّ اصلا او صلّى مثل الصبح والمغرب او شرع في الرباعيّة، لكن لميتمّها؛ وان دخل  في ركوع الركعة الثالثة، رجع الى القصر(1)، وكذا لو اتى بغير الفريضة الرباعيّة ممّا لايجوز فعله للمسافر، كالنوافل والصوم ونحوهما، فانّه يرجع الى القصر مع العدول؛ نعم، الاولى الاحتياط مع الصوم اذا كان العدول عن قصده بعد الزوال؛ وكذا لو كان العدول في اثناء الرباعيّة بعد الدخول في ركوع الركعة الثالثة، بل بعد القيام اليها وان لميركع بعد.

1- الفیّاض: هذا له ثلاث صور..

الأولی: أن یعدل عن نیة الاقامة و هو لا یزال في الرکعتین الأولیین، فینتقل عند العدول إلی نیة القصر و یتمها قصرا، و لا شيء علیه.

الثانیة: أن یعدل عن نیة الاقامة بعد أن قام إلی الرکعة الثالثة و قبل أن یرکع فحینئذ یلغي القیام و یجلس و یسلم و یختم صلاته قصرا و لا شيء علیه.

الثالثة: أن یعدل عن نیة الاقامة بعد أن دخل في رکوع الرکعة الثالثة و في هذه الحالة تبطل صلاته إذ لا یمکن إتمامها قصرا للرکوع الزائد، و لا تماما للعدول عن نیة الاقامة، فإذن لابد من اعادة الصلاة قصرا.

 

مسالة 16: اذا صلّى رباعيّة بتمام بعد العزم على الاقامة، لكن مع الغفلة عن اقامته، ثمّ عدل، فالظاهر كفايته في البقاء على التمام(1)، وكذا لو صلّاها تماما لشرف البقعة كمواطن التخيير ولو  مع الغفلة  عن الاقامة(2) وان كان الاحوط   الجمع بعد العدول حينئذٍ، وكذا في الصورة الاولى.

1- الفیّاض: بل الأظهر عدم الکفایة إذا لم تستند الصلاة تماما إلی قصد الاقامة، بل وقعت عن ذهول و غفلة، و تدل علی ذلک صحیحة أبي ولاد الحناط قال: «قلت لأبي عبد الله7: إني کنت نویت حین دخلت المدینة أن أقیم بها عشرة أیام وأتم الصلاة، ثم بدا لي أن لا أقیم بها، فما تری لي أتم أم أقصر؟ قال: إن کنت دخلت المدینة وحین صلیت بها صلاة فریضة واحدة بتمام فلیس لک أن تقصر حتی تخرج منها، وإن کنت حین دخلتها علی نیتک التمام فلم تصل فیها صلاة فریضة واحدة بتمام حتی بدا لک أن لا تقیم، فأنت في تلک الحال بالخیار، إن شئت فانو المقام عشرا وأتم، وإن لم تنو المقام عشرا فقصر ما بینک وبین شهر، فإذا مضی لک شهر فأتم الصلاة...»(الوسائل ج 8 باب: 18 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1).

فإن المتفاهم العرفي منها سؤالا وجوابا بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة هو أن الصلاة تماما إذا کانت مستندة إلی نیة الاقامة توجب لغویة العدول وتجعل وجوده کالعدم لا مطلقا وإن لم تکن مستندة إلیها، بل صلی ذاهلا وغافلا عنها نهائیا، وعلیه فلا إطلاق للصحیحة من هذه الناحیة.

فالنتیجة: ان الظاهر منها عرفا ان العدول عن نیة الاقامة بعد الصلاة تماما لا أثر له شریطة أن یکون التمام مستندا إلیها، وأما إذا لم یکن مستندا إلیها، کما إذا صلی تماما ذاهلا عنها، أو صلی تماما بدلا عن صلاة تامة فائتة في وقتها لسبب أو لآخر، أو في أماکن التخییر فلا یمنع عن تأثیر العدول، وإن کانت رعایة الاحتیاط بالجمع بین القصر والتمام بعد العدول ما دام في المدینة أولی وأجدر.

2- الفیّاض: ظهر أنها لا تمنع عن تأثیر العدول إذا کانت مستندة إلی شرف البقعة لا إلی نیة الاقامة سواء أکان غافلا عنها أم لا، وإن کان الأجدر والأولی هو الاحتیاط.

 

 مسالة 17: لايشترط في تحقّق الاقامة كونه مكلّفا بالصلاة، فلو نوى الاقامة وهو غير بالغ ثمّ بلغ في اثناء العشرة وجب عليه التمام في بقيّة الايّام، واذا اراد التطوّع بالصلاة قبل البلوغ يصلّي تماما؛ وكذا اذا نواها وهو مجنون اذا كان ممّن يتحقّق منه القصد، او نواها حال الافاقة ثمّ جنّ ثمّ افاق ؛ وكذا اذا كانت حائضا حال النيّة، فانّها تصلّي ما بقي بعد الطهر من العشرة تماما، بل اذا كانت حائضا تمام العشرة يجب عليها التمام ما لمتنشىء سفرا.

 مسالة 18: اذا فاتته الرباعيّة بعد العزم على الاقامة ثمّعدل عنها بعد الوقت، فان كانت ممّا يجب قضاؤها واتى بالقضاء تماما ثمّ عدل، فالظاهر  كفايته  في البقاء  على التمام(1) ، وامّا ان عدل قبل اتيان قضائها أيضا  فالظاهر العود الى القصر وعدم كفاية استقرار القضاء عليه تماما  وان كان الاحوط الجمع حينئذٍ مادام لم يخرج؛ وان كانت ممّا لايجب قضاؤه كما اذا فاتت لاجل الحيض او النفاس ثمّ عدلت عن النيّة قبل اتيان صلاة تامّة، رجعت الى القصر، فلايكفي مضيّ وقت الصلاة في البقاء على التمام.

1- الفیّاض: مر أن الأظهر عدم الکفایة علی أساس أن الظاهر من الصحیحة عرفا أن یکون اتمام الصلاة مستندا إلی نیة الاقامة لا إلی سبب آخر، وبما أنه مستند إلی سبب آخر وهو الوفاء عما في ذمته من الصلاة التامة الفائتة في وقتها فلا یکون مانعا عن تأثیر العدول، ولکن مع ذلک لا بأس بالاحتیاط.

 مسالة 19: العدول عن الاقامة قبل الصلاة تماما قاطع لها من حينه(1) وليس كاشفا عن عدم تحقّقها من الاوّل ، فلو فاتته حال العزم عليها صلاة او صلوات ايّام ثمّ عدل قبل ان يصلّي صلاة واحدة بتمام، يجب عليه قضاؤها تماما؛ وكذا اذا صام يوما او ايّاما حال العزم عليها ثمّ عدل قبل ان يصلّي صلاةواحدة بتمام، فصيامه صحيح ؛ نعم، لايجوز له الصوم بعد العدول، لانّ المفروض انقطاع  الاقامة بعده.

1- الفیّاض: هذا هو الصحیح ولکن لا من جهة ان ذلک هو مقتضی اطلاقات أدلة الاقامة في بلد أو قریة عشرة أیام، فإن قضیة تلک الاطلاقات أن نیة الاقامة انما هي موضوع لوجوب التمام شریطة استمرارها إلی تمام العشرة ولا نظر لها إلی أن موضوع وجوب التمام هو حدوث تلک النیة مطلقا وإن لم تستمر إلی تمام العشرة، بل من جهة صحیحة أبي ولاّد المتقدمة، فإنها تنص علی أن المسافر المقیم في بلد إذا صلی تماما صحت صلاته واقعا وإن عدل بعد ذلک عن نیة الاقامة وعدم البقاء فیه عشرة أیام، فإن هذا یکشف عن أن نیة الاقامة بحدوثها تمام الموضوع لوجوب التمام من دون أن تکون مشروطة بالاستمرار والبقاء إلی تمام العشرة.

وإن شئت قلت: ان الصحیحةة تدل علی أمرین:

أحدهما: ان المسافر إذا قرر الاقامة في بلد فحکمه التمام، وإذا صلی فیه صلاة تامة صحت وإن عدل عن نیة الاقامة فیه بعد ذلک وخرج منه قبل اتمام العشرة، وهذا کاشف عن أن وجوب التمام یحدث بحدوث نیة الاقامة فیه بدون کونه مشروطا ببقاء النیة إلی تمام العشرة بنحو الشرط المتأخر.

والآخر: انه إذا عدل عن نیة الاقامة وأراد مواصلة سفره فمقتضی القاعدة وجوب القصر علیه وإن لم یخرج بعد عن بلد الاقامظ لعدم صدق عنوان المقیم علیه فیه عشرة أیام، ولکن الصحیحة تدل علی أن حکمه هو التمام ما دام لم یخرج من البلد شریطة أن یصلی تماما.

فالنتیجة: ان المستفاد منها عرفا أن العدول عن نیة الاقامة قاطع لها من حینه لا کاشف عن عدم تحققها من الأول، فإن موضوع وجوب التمام في الواقع لا یخلو من أن یکون نیة الاقامة مطلقا من دون اشتراطها بالبقاء والدوام إلی العشرة، أو یکون حصة خاصة منها وهي الحصة المستمرة إلی تمام العشرة، فعلی الأول یکون العدول قاطعا لها من حینه، وعلی الثاني یکون کاشفا عن عدم تحققها من الأول، فلو کان الموضوع لوجوب التمام نیة الاقامة علی النحو الثاني لم یمکن الحکم بصحة الصلاة تماما إذا عدل عنها بعدها، فإن عدوله کاشف عن عدم تحقق الموضوع من الأول، ومع عدم الموضوع فلا یمکن الحکم بصحتها، وبما أن الصحیحة تنص علی ان الموضوع لوجوب التمام هو نیة الاقامة علی النحو الأول فلا یبقی مجال للشک والتردد فیه.

وعلی هذا فإذا فاتت منه صلاة الظهر والعصر أو العشاء بعد نیة الاقامة وقبل العدول ثم عدل بعد أن صلی تماما وجب قضاؤها تامة علی أساس أن الصلاة المقضي بها لابد أن تکون مماثلة للصلاة الفائته بمقتضی قوله : «اقض ما فات کما فات...»(الوسائل ج 8 باب: 6 من أبواب قضاء الصّلوات الحدیث: 1).

 

 مسالة 20: لا فرق فيالعدول عن قصد الاقامة بين ان يعزم علىعدمها، او يتردّد فيها  في انّه لو كان بعد الصلاة تماما بقي على التمام، ولو كان قبله رجع الى القصر.

 مسالة 21: اذا عزم على الاقامة فنوى الصوم، ثمّ عدل بعد الزوال قبل الصلاة تماما، رجع الى القصر في صلاته، لكن صوم ذلک اليوم صحيح(1) ، لما عرفت من انّ العدول قاطع من حينه لاكاشف، فهو كمن صام ثمّ سافر بعد الزوال.

1- الفیّاض: في الصحة إشکال بل منع، لأن التعدي عن مورد الروایات الدالة علی أن وظیفة المسافر في شهر رمضان إذا کان سفره بعد الزوال هو صیام ذلک الیوم وعدم جواز الافطار إلی المقام بحاجة إلی قرینة ولا قرینة في نفس تلک الروایات من تعلیل أو نحوه، ولا من الخارج، والقطع بعدم الفرق بین المقام ومورد تلک الروایات مبني علی احراز اشتراکهما في الملاک والفرض انه لا طریق لنا إلی ذلک.

ودعوی: ان الروایات المذکورة تدل علی حکم المقام بالأولویة القطعیة علی أساس أنها تدل علی أن السفر إذا کان بعد الزوال لا یوجب الافطار، فما ظنک بنیته المجردة من دون التلبس به فعلا کما في المقام، حیث انه قد عدل عن نیة الاقامة بعد الزوال ونوی السفر، فإذا لم یکن السفر بعد الزوال المشتمل علیها موجبا للإفطار، فالنیة المجردة بالأولویة القطعیة...

مدفوعة: بأن مورد الروایات هو المسافر عن بلدته أو محل إقامته بعد الاتیان بالصلاة تماما فیه، فإن سفره حینئذ إن کان قبل الزوال وجب علیه الافطار، وإن کان بعده وجب علیه اتمام الصیام وهو غیر المقام، فإن المفروض فیه ان المسافر قد عدل عن نیة الاقامة قبل الاتیان بالصلاة تامة وهو یهدم الاقامة، فإذن الحکم بصحة صومه رغم کونه مسافرا وغیر مقیم فعلا بحاجة إلی دلیل، هذا من ناحیة.

ومن ناحیة أخری ان الحکم في مورد الروایات بما أنه یکون علی خلاف القاعدة فالتعدي عنه إلی المقام بحاجة إلی قرینة، وحیث لا قرینة فلا یمکن التعدي، ولا مجال حینئذ لدعوی الأولویة القطعیة، فإنه إن أرید بها الأولویة العقلیة، فیرد علیها أنها تبتني علی احراز الملاک فیه جزما وهو لا یمکن لعدم الطریق إلیه.

وإن ارید بها الأولویة العرفیة، فیرد علیها أنها تبتني علی أن یکون الحکم الثابت في مورد الروایات موافقا للقاعدة والارتکاز العرفي حتی لا یری العرف فرقا بین مورد الروایات وبین المقام.

 

مسالة 22: اذا تمّت العشرة لايحتاج في البقاء على التمام الى اقامة جديدة، بل اذا تحقّقت  باتيان رباعيّة تامّة كذلک، فمادام لمينشىء سفرا جديدا يبقى على التمام.

 مسالة 23: كما انّ الاقامة موجبة للصلاة تماما ولوجوب او جواز الصوم، كذلک موجبة لاستحباب النوافل الساقطة حال السفر ولوجوب الجمعة(1)  ونحو ذلک من احكام الحاضر(2).

1- الفیّاض: في الوجوب إشکال بل منع، والأظهر عدم وجوبها علی المسافر المقیم أیضا بناء علی ما هو الصحیح من أن قصد الاقامة لا یکون قاطعا للسفر وإنما یقطع حکمه، وعلی هذا فمقتضي الروایات التي تنص علی استثناء المسافر عمن تجب علیه الجمعة عدم الفرق بین غیر المقیم من المسافر والمقیم منه.

2- الفیّاض: بل المقیم أیضا، فإن مقتضی مجموعة من الروایات التي تنص علی أن الصلاة في السفر رکعتان ولیس قبلهما ولا بعدهما شيء سقوط نوافل الظهرین والعشاء عن المسافر في السفر بسقوط رکعتین من هذه الصلوات فیه، ولا تدل علی سقوطها عنه مطلقا حتی فیما إذا أقام في بلد عشرة أیام، علی أساس أنها تنفي مشروعیة النوافل عن المسافر الذي تکون وظیفته الاتیان بتلک الصلوات قصرا، ولا نظر لها إلی المسافر المقیم الذي تکون وظیفته الاتیان بها تماما لا نفیا ولا إثباتا، فمن أجل ذلک یرجع فیه إلی اطلاقات أدلة مشروعیة النوافل.

 

مسالة 24: اذا تحقّقت الاقامة  وتمّت العشرة  اوّلا  وبدا للمقيم الخروج الى ما دون المسافة   ولو ملفّقة ، فللمسالة صور :

الاولى: ان يكون عازما على العود الى محلّ الاقامة واستيناف اقامة عشرة اخرى(1)؛ وحكمه وجوب التمام في الذهاب والمقصد والاياب ومحلّ الاقامة الاولى؛ وكذا اذا كان عازما على الاقامة في غير محلّ الاقامة الاولى(2) مع عدم كون مابينهما مسافة.

1- الفیّاض: وفیه: ان وجوب التمام لا یتوقف في کل حالات هذه الصورة من الذهاب والایاب والمقصد ومحل الاقامة علی نیة اقامة عشرة أیام جدیدة فیه، بل یکفي في بقاء وجوب التمام ان لا یکون خروجه عن محل الاقامة بنیة السفر الشرعي وهو ثمانیة فراسخ، لما مر من أن الخروج عن محل الاقامة إلی ما دون المسافة لا یضر إذا کان ساعة أو ساعتین، أو أکثر ما دام یکون مبیته ومأواه ومحط رحله هناک، وعلی هذا فإذا خرج عن محل إقامته إلی ما دون المسافة عازما علی العود إلیه والبقاء فیه یوما أو یومین أو أکثر، ثم یخرج منه عازما السفر الشرعي فحکمه التمام في الذهاب والمقصد والعود ومحل الاقامة علی أساس انه غیر قاصد السفر بقدر المسافة.

ودعوی: ان الاقامة لما لم تکن قاطعة للسفر کالدخول في الوطن، وانما هي قاطعة لحکمه وهو وجوب القصر، فالخروج عن مکانها لیس سفرا جدیدا، وإنما هو استمرار للسفر الأول، والمفروض انه بقدر المسافة..

مدفوعة: بان الاقامة وإن کانت تنهي حکم السفر دون نفسه، الّا أن هذا السفر بما انه منته حکما فلا أثر له، فإذن وجوب القصر علیه مرة أخری یتوقف علی سفر جدید منه بقدر المسافة، ولا فرق من هذه الناحیة بین الخروج عن محل الاقامة والخروج عن الوطن، هذا إذا لم یبت في المقصد لیلة أو لیلتین أو أکثر، وإما إذا بات فیه کذلک فحینئذ إن کان خروجه عن محل الاقامة بعد تمامیة عشرة أیام لم یقدح المبیت فیه، فإنه سواء أبات أم لم یبت فحکمه التمام ما لم یقصد اسفر بقدر المسافة، وإن کان خروجه منه في أثناء العشرة فحکمه القصر لما مر من ان الاقامة لابد أن تکون في مکان واحد طیلة عشرة أیام، فإذا بات في المقصد لیلة أو لیلتین أو أکثر فمعناه انه لم یقم في مکان واحد تمام العشرة، فإذن هو مسافر غیر مقیم في الواقع فحکمه القصر، وعندئذ فإن کان جاهلا بالمسألة وصلی تماما صحت صلاته ولا شيء علیه، علی أساس الروایات التي تنص علی صحة التمام موضع القصر للجاهل بالحکم، وإن لم یکن جاهلا بها بل صلی تماما ذاهلا وغفلة فحینئذ إن انکشف الحال في الوقت وجبت اعادتها، والا لم یجب القضاء.

نعم في هذا الفرض إذا قصد الاقامة في المحل الأول بعد عوده الیه فحکمه التمام فیه ولکن هذا الفرض خارج عن فرض المسألة.

2- الفیّاض: فیه ان وجوب التمام في غیر محل الاقامة الاولی لا یتوقف علی نیة الاقامة فیه في مفروض المسألة وهو خروج المقیم عن محل اقامته الاولی بعد تمامیة عشرة أیام وعدم نیة سفر جدید بقدر المسافة، وذلک لما مر من أنه إذا خرج منه بعد تمامیة العشرة ولم یکن ناویا للسفر الشرعي وهو ثمانیة فراسخ، وإنما نوی الخروج إلی بلد کان دون المسافة فعلیه أن یتم سواء أبات فیه لیلة أو لیلتین أو أکثر أم لا، بل وإن کان یبقی فیه عشرة أیام، لأن وجوب التمام فیه مستند إلی بقائه في محل الاقامة الاولی طیلة عشرة أیام، وعدم إنشاء سفر جدید بقدر المسافة لا إلی قصده الاقامة في ذلک البلد الذي هو دون المسافة، فإنه سواء أکان قاصدا الاقامة فیه أم لا فحکمه التمام ما دام لم ینشئ سفرا شرعیا جدیدا آخر من محل اقامته الأول.

نعم إذا أنشأ ذلک وبدأ بقطع المسافة ولکن وصل في أثناء الطریق إلی مکان بنی علی أن یبقی فیه عشرة أیام وهو کان دون المسافة، فعندئذ یکون وجوب التمام مستندا إلی قصده الاقامة فیه دون الأول، ولکن ذلک خارج عن محل الفرض في المسألة وهو الخروج إلی ما دون المسافة.

وأما إذا خرج عن محل الاقامة الاولی في أثناء العشرة وقبل تمامیتها، کما إذا بقي فیه خمسة أیام ثم خرج منه إلی بلد آخر کان دون المسافة وقصد فیه الاقامة عشرة أیام ففي مثل هذه الحالة لم تتحقّق الاقامة في المحل الأول، وتکون وظیفته القصر فیه وفي الذهاب إلی ذلک البلد الذي قصد اقامة العشرة فیه، غایة الأمر إن کان جاهلا بالمسألة صح ما صلاة فیه وفي الذهاب تماما، وإن لم یکن جاهلا بها ولکنه أتی بالصلاة تماما ذاهلا وغافلا وجبت الاعادة في الوقت دون خارج الوقت علی ما مر. ولکن هذا الفرض خارج عن محل الماتن1 في المسألة

الثانية  : ان يكون عازما على عدم العود الى محلّ الاقامة؛ وحكمه وجوب القصر  اذا كان ما بقي من محلّ اقامته الى مقصده مسافة(1)، او كان مجموع ما بقي مع العود الى بلده او بلد اخر مسافة ولو كان ما بقي اقلّ من اربعة على الاقوى ، من كفاية التلفيق(2)  ولو كان الذهاب اقلّ من اربعة .

1- الفیّاض: هذه الصورة خارجة عن صور مسألة الخروج إلی ما دون المسافة، لأنه کان فیها ناویا الخروج إلی مقدار المسافة و عازم علیه، و حکمه لا محالة القصر.

2- الفیّاض: في کفایته إذا عاد إلی بلده إشکال إذا لم یکن کل من الذهاب من البلد و العود إلیه مساویا کما تقدم. و الأحوط و الأجدر وجوبا حینئذ أن یجمع بین القصر و التمام في کل من الظهر و العصر و العشاء، فیصلي مرة قصرا و أخری تماما.

و أما إذا عاد إلی بلد آخر و کان مجموع ما بقي و العود إلیه بقدر المسافة فهو لیس من التلفیق، بل هو من السفر امتدادا في مقابل العود إلی الوطن.

 

 الثالثة  : ان يكون عازما على العود الى محلّ الاقامة من دون قصد اقامة مستانفة، لكن من حيث انّه منزل من منازله في سفره الجديد؛ وحكمه وجوب القصر   أيضا   في الذهاب  والمقصد  ومحلّ الاقامة(1).

1- الفیّاض: هذا شریطة أحد أمرین..

الأول: کفایة التلفیق مطلقا و إن کان الذهاب أقل من أربعة فراسخ.

الثاني: أن یکون الرجوع من المقصد مارا علی محل الاقامة إلی بلده بقدر المسافة المحددة شرعا، فإنه حینئذ یجب القصر في الذهاب عن محل الاقامة، و في المقصد و الرجوع إلی بلده لا علی أساس کفایة التلفیق، بل علی أساس ان الرجوع وحده کان بقدر المسافة المحددة.

و أما إذا لم یکن الرجوع وحده بقدر المسافة، بل مع ضم الذهاب من محل الاقامة إلیه، فعندئذ یکون الحکم مبنیا علی الاحتیاط بالجمع بین القصر و التمام في الذهاب و المقصد و الإیاب.

الرابعة: ان يكون عازما على العود اليه من حيث انّه محلّ اقامته، بان لايكون حين الخروج معرضا عنه، بل اراد قضاء حاجة في خارجه والعود اليه ثمّ انشاء السفر منه ولو بعد يومين او يوم، بل او اقلّ؛ والاقوى في هذه الصورة البقاء على التمام  في الذهاب والمقصد والاياب ومحلّ الاقامة ما لمينشىء سفرا(1) وان كان الاحوط الجمع في الجميع، خصوصا في الاياب ومحلّ الاقامة(2).

1- الفیّاض: هذا إذا کان خروجه عن محل الاقامة إلی بلد کان دون المسافة، و کان بعد انتهاء عشرة أیام، فإن حکمه التمام في کل الحالات المذکورة، سواء أکان یمکث في ذلک البلد مدة أم لا.

نعم إذا کان خروجه عن محل الاقامة، إلی ما دون المسافة قبل انتهاء عشرة أیام، فإن کان بمقدار ساعة أو ساعتین أو أکثر ثم رجع إلی محل إقامته فحکمه التمام و إن کان خروجه بیوم أو یومین أو أکثر فهو یهدم اقامته علی أساس ما عرفت من أن الاقامة لابد أن تکون في مکان واحد طیلة عشرة أیام، و الفرض أنه لم یبق فیه طیلة العشرة، فإذن هو غیر مقیم و حکمه القصر، غایة الأمر ان ما صلاة تماما إن کان عن جهل بالمسألة صح، و إن کان عن غفلة و اعتقاد، فإن کان في الوقت وجبت الاعادة و الاّ فلا.

و دعوی: ان الاقامة قد استقرت بالاتیان بصلاة أربع رکعات، و حینئذ فما دام هو في محل الاقامة کان حکمه التمام و إن عدل عن نیة الاقامة بعد ذلک، و علی هذا فبما أن خروجه عن محل الاقامة إلی ما دون المسافة بعد استقرارها بالاتیان بالصلاة تماما فلا محالة تکون وظیفته التمام ما لم ینشئ سفرا جدیدا...

مدفوعة: بأن تلک المسألة لا ترتبط بمسألتنا هذه في محل الکلام، لأن الکلام في تلک المسألة إنما هو أن من نوی الاقامة في بلد ثم عدل عن نیة الاقامة فیه فإن کان العدول بعد الاتیان بالصلاظ تماما فلا أثر له ما دام لم یخرج منه قاصدا السفر الشرعي، و إن کان قبل الاتیان بها ظل علی القصر.

و أما المسألة في محل الکلام فهي ان الاقامة في بلد لا تتحقق الا بالبقاء فیه طیلة عشرة أیام، فلو نوی الاقامة في بلد و في الاثناء و قبل تمامیة العشرة ذهب إلی بلد کان دون المسافة و بقي فیه یومین أو أکثر لم تتحقق الاقامة سواء أعلم بذلک من الأول أم لا.

فالنتیجة: انه لا ارتباط بین المسألتین أصلا.

2- الفیّاض: ظهر مما سبق أنه لا خصوصیة فیهما، فإنه ما دام لم ینو السفر الشرعي و کان خروجه عن محل الاقامة بعد تمامیة العشرة إلی ما دون المسافة فحکمه التمام في جمیع الحالات علی حد سواء کما إنه إذا نوی السفر الشرعي أو کان خروجه عن محل اقامته قبل تمامیة العشرة، و بقی فیما دون المسافة یوما أو یومین، ثم رجع فإن حکمه القصر من حین خروجه و بدئه بقطع المسافة و لو بخطوة واحدة إلی انتهاء سفره.

 

 الخامسة: ان يكون عازما على العود الى محلّ الاقامة، لكن مع التردّد في الاقامة بعد العود وعدمها؛ وحكمه أيضا  وجوب التمام(1)، والاحوط الجمع، كالصورة الرابعة.

1- الفیّاض: یظهر حکمه مما مر في الصورة الرابعة، حیث انه لم ینو السفر الشرعي في کلتا الصورتین، و کان خروجه عن محل اقامته فیهما معا إلی ما دون المسافة و بعد تمامیة العشرة، غایة الأمر انه في الصورة الرابعة عازم علی أن لا ینوي الاقامة بعد العود، و في هذه الصورة متردد فیها، ولکن لا أثر لذلک و لا قیمة له بعد أن کان التردد مانعا عن العزم علی السفر الشرعي.

و بما ذکرنا یظهر حال الصورة السادسة أیضا، فانها تشترک معهما في عدم إنشاء سفر جدید، غایة الأمر انه مستند إلی الذهول و الغفلة.

 

السادسة: ان يكون عازما على العود مع الذهول عن الاقامة وعدمها ؛ وحكمه أيضا  وجوب التمام ، والاحوط الجمع، كالسابقة.

 الـسـابـعـة : ان يـكـون متردّدا فـي الـعـود وعـدمـه  او ذاهـلا عنه ؛ ولايُترک الاحتياط  بالجمع فيه(1)  في الذهاب والمقصد والاياب ومحلّ الاقامة اذا عاد اليه الى ان يعزم على الاقامة او ينشىء السفر.   ولا فرق في الصور الّتي قلنا فيها بوجوب التمام، بين ان يرجع الى محلّ الاقامة في يومه اوليلته او بعدايّام؛ هذا كلّه اذا بدا له الخروج الى مادون المسافة  بعد العشرة، او في اثنائها بعدتحقّق الاقامة؛ وامّا اذا كان منعزمهالخروج في حال نيّة الاقامة (2)، فقد مرّ  انـّه ان كان من قصده الخروج والعود عمّا قريب وفي ذلک اليوم، من غير ان يبيت خارجا عن محلّ الاقامة، فلايضرّ  بقصد اقامته ويتحقّق معه، فيكون حاله بعد ذلک حال من بدا له؛ وامّا ان كان من قصده الخروج الى مادون المسافة في ابتداء نيّته مع البيتوتة هناک ليلة او ازيد، فيشكل   معه   تحقّق   الاقامة(3)  ، والاحوط الجمع من الاوّل الى الاخر، الّا اذا نوى الاقامة بدون القصد المذكور جديدا او يخرج مسافرا.

 

1- الفیّاض: لکن الأقوی هو التمام في جمیع الحالات، لأن القصر إنما یجب علیه شریطة أن یکون عازما علی السفر الشرعي، و المفروض انه متردد فیه، أو غافل عنه و غیر عازم علیه، و معه یکون حکمه التمام.

2- الفیّاض: تقدم انه لا فرق بین أن تکون نیة الخروج إلی بلد آخر کان دون المسافة في وقت نیة الاقامة، أو تکون في أثناء العشرة، فإن کان الخروج إلیه في زمن قلیل کساعة أو ساعتین أو أکثر لم یضر بصدق الاقامة هناک، و أما إذا کان کثیرا کما إذا بات فیه لیلة أو لیلتین فهو یهدم الاقامة حیث یعتبر فیها أن تکون طیلة عشرة أیام في بلد واحد، و المفروض انه في هذه الحالة لم یبق فیه طیلة العشرة، و لا فرق فیه بین أن ینوي ذلک من الأول أو في الاثناء. کما إذا نوی الاقامة ثمانیة أیام في النجف الاشرف و یومین في الکوفة مثلا أو نوی الاقامة عشرة ایام في النجف ولکن في الاثناء تغیر رأیه و بنی علی الاقامة یومین من العشرة في الکوفة، فإنّه علی کلا التقدیرین لم تتحقق الاقامة المحددة شرعا في النجف.

نعم إذا نوی الاقامة في مکان واحد و صلی فیه تماما یبقی علی التمام و إن عدل بعد ذلک عن نیة الاقامة ما دام لم یخرج عنه ناویا السفر الشرعي، و ذلک للنص الخاص و هو صحیحة أبي ولاد المتقدمة فإنه یکشف عن أن موضوع وجوب التمام نیة اقامة عشرة أیام في بلد بحدوثها، فإذا نوی الاقامة فیه کان حکمه التمام، و إذا صلی فیه صلاة واحدة تماما ظل وجوب التمام باقیا و إن عدل عنها و تغیر رأیه و قرر عدم البقاء فیه طیلة العشرة ما لم یخرج، فإذا خرج و بدأ بقطع المسافة و لو بخطوة واحدة وجب القصر.

فالنتیجة: ان وجوب التمام حدوثا و بقاء لا یدور مدار تحقق الاقامة المحددة من قبل الشرع و هي البقاء فیه طیلة العشرة، و لیس معنی النص ان الاقامة تحققت واقعا بذلک، بل معناه أن علی المسافر الذي نوی الاقامة في مکان و صلی فیه تماما مرة واحدة أن یواصل في التمام و إن عدل بعد ذلک ما لم یخرج ناویا للسفر الشرعي، فإذن لابد من الاقتصار علی مورده، و لا یمکن التعدي عنه إلی ما نحن فیه و هو ما إذا قرر إقامة عشرة أیام في بلد کالنجف مثلا و في الاثناء و قبل تمامیة العشرة تغیر رأیه و بنی علی أن یبقی یومین أو أکثر من العشرة في الکوفة، فإذا صنع ذلک فمعناه أن الاقامة لم تتحقق لا واقعیا و لا تفصیلا و کان حکمه القصر، و حینئذ ما صلاة تماما فإن کان جاهلا بالحکم صح و لا شيء علیه، و إن کان عن ذهول و غفلة، فإن کان في الوقت أعاد قصرا، و الاّ فلا شيء علیه.

و قد تحصل من ذلک أن عدم تحقق الاقامة مرة یکون علی أساس ان المسافر الذي نوی الاقامة في بلد و صلی فیه تماما ثم عدل و بنی علی الخروج منه ناویا السفر الشرعي، و أخری یکون علی أساس ان المسافر الذي نوی الاقامة في بلد ثم تغیر رأیه و بنی علی أن یبقی یومین أو أکثر من الأیام العشرة في بلد آخر یبعد عن البلد الأول أقّل من المسافة کالمثال المذکور. فمورد النص هو الأول دون الثاني، فإذن لابد من العمل في الثاني علی طبق ما هو مقتضی القاعدة کما عرفت، کما أنه لولا النص لکان مقتضی القاعدة في الأول أیضا وجوب القصر في الواقع.

3- الفیّاض: مر ان الاقوی عدم تحقق الاقامة مطلقا حتی فیما إذا لم یکن ناویا الخروج إلی ما دون المسافة من الأول، و إنما نوی ذلک في الاثناء.

 مسالة 25: اذا بدا للمقيم السفر، ثمّ بدا له العود الى محلّ الاقامة والبقاء عشرة ايّام، فان كان ذلک بعد بلوغ اربعة فراسخ، قصّر في الذهاب والمقصد والعود، وان كان قبله فيقصّر حال الخروج بعد التجاوز عن حدّ الترخّص(1)  الى حال العزم على العود، ويتمّ عند العزم عليه ولايجب عليه قضاء ما صلّى  قصرا(2) ؛ وامّا اذا بدا له العود بدون اقامة جديدة، بقي على القصر  حتّى في محلّ الاقامة (3) ، لانّ المفروض الاعراض عنه(4) ، وكذا لو ردّته الريح   او رجع لقضاء حاجة، كما مرّ سابقا.

 1- الفیّاض: تقدم في المسألة (65) من فصل (صلاة المسافر) ان حد الترخص غیر معتبر في السفر عن محل الاقامة، و لا من البلد الذي مکث فیه ثلاثین یوما مترددا.

2- الفیّاض: بل الظاهر وجوب اتیانه تماما في الوقت و خارجه، و قد مر وجه ذلک في المسألة (24) من فصل (صلاة المسافر) موسعا.

3- الفیّاض: هذا فیما إذا رجع مارا بمحل الاقامة، لأن معنی ذلک انه نوی السفر من حین خروجه عنه إلی المقصد، ثم العود إلی بلده مارا به، فحینئذ إن کان عوده من المقصد إلی بلده وحده مسافة وجب علیه القصر من حین خروجه عن محل إقامته، و إن کان بضم الذهاب إلیه مسافة فالأجدر و الأحوط وجوبا هو الجمع بین القصر و اتمام في الذهاب و العود و محل الاقامة، و إن رجع ناویا أن یبقی فیه یوما أو یومین أو أکثر من دون أن یقرر إقامة جدیدة، ثم بدأ بالسفر کان حکمه التمام في الکل، أي في الذهاب و المقصد و الایاب إلی أن ینشئ سفرا جدیدا شریطة أن یکون خروجه عن محل إقامته إلی ما دون المسافة بعد تمامیة العشرة، أو کان قبلها لکن مشروطا بأن لا یبیت في المقصد و یرجع في نفس الیوم، و الاّ فحکمه القصر في الکل.

4- الفیّاض: في التعلیل إشکال بل منع، فان الاعراض عن محل الاقامة لا قیمة له، و لا یوجب سقوط حکمه إذا صلی فیه تماما ما لم یخرج عنه ناویا السفر الشرعي، فإذا خرج عنه کذلک سقط حکمه، و الاّ فلا لأن الغایة في صحیحة أبي ولاد لوجوب التمام هي الخروج السفري، و مقتضی اطلاقها انه ما لم یخرج منه ناویا السفر الشرعي کان حکمه التمام أعرض عنه أم لم یعرض.

 

 مسالة 26: لو دخل في الصلاة بنيّة القصر، ثمّ بدا له الاقامة في اثنائها، اتمّها واجزات. ولو نوى الاقامة ودخل في الصلاة بنيّة التمام فبدا له السفر، فان كان قبل الدخول في الركعة الثالثة اتمّها قصرا واجتزا بها، وان كان بعده بطلت  ورجع الى القصر (1) مادام لميخرج(2)  وان كان الاحوط  اتمامها تماما واعادتها قصرا والجمع بين القصر والاتمام ما لميسافر، كما مرّ.

1- الفیّاض: فیه ان العبرة انما هي بالدخول في رکوع الرکعة الثالثة لا في نفس الرکعة، و علیه فإن کان العدول قبل الدخول في رکوعها و إن کان بعد القیام فیها و إکمال التسبیحات الغی القیام و ما بعده و أتمها قصرا، و إن کان بعد الدخول فیه بطلت.

2- الفیّاض: الظاهر أن وقوع هذه الجملة في هذا المورد من سهو القلم و من باب الاشتباه في التطبیق.

 

مسالة 27: لا فرق في ايجاب الاقامة لقطع حكم السفر واتمام الصلاة بين ان يكون محلّلة او محرّمة، كما اذا قصد الاقامة لغاية محرّمة  من قتل مؤمن او سرقة ماله او نحو ذلک، كما اذا نهاه عنها والده او سيّده ام لميرض بها زوجها.

مسالة 28: اذا كان عليه صوم واجب معيّن غير رمضان، كالنذر  او الاستئجار او نحوهما، وجب   عليه الاقامة(1)  مع الامكان.

1- الفیّاض: في اطلاقه اشکال بل منع، و الأظهر هو التفصیل بین الصوم النذري المعین و ما یلحق به و بین الصوم الاستئجاري المعین، أما الصوم النذري فمرة ننظر إلیه في ضوء مقتضی القاعدة، و أخری ننظر إلیه في ضوء الروایات.

أما الأول: فلأن مقتضی القاعدة وجوب قصد الاقامة مقدمة للوفاء بالنذر علی أساس ان وجوب الصوم بعنوان الوفاء بالنذر فعلي و مطلق و لیس مشروطا بشيء کالحضور، فإذا کان مطلقا کان یحرک المکلف نحو إیجاد تمام مقدماته الوجودیة منها قصد الاقامة إذا کان مسافرا، و ترک السفر إذا کان حاضرا باعتبار ان الحضور شرط للواجب، و قد ذکرنا في علم الأصول ان ما کان من شروط الترتب في مرحلة الامتثال فیأخذه قیدا للواجب، و هو علی نحوین..

أحدهما: أن یکون الشرط اختیارا.

و الآخر: أن یکون غیر اختیاري.

و علی الثاني فلابد من أخذه قیدا للوجوب أیضا، إذ لا یمکن الاقتصار علی کونه قیدا للواجب مع کون الوجوب فعلیا قبله لاستلزام ذلک التکلیف بغیر المقدور. و من هنا یظهر أن الضابط في جعل شيء قیدا للوجوب أحد أمرین..

الأول: أن یکون من شروط الاتصاف في مرحلة المبادئ.

الثاني: أن یکون من شروط الترتب مع عدم کونه مقدورا کالوقت، فمن أجل ذلک لا یکون محرکا قبل وجوده باعتبار أنه لا وجوب و لا ملاک له قبله، و لا مسئولیة للمکلف تجاه شروط الاتصاف المسماة بالمقدمات الوجوبیة، و هذا بخلاف شروط الترتب، فإن الوجوب فعلي قبل وجودها فلذلک یکون محرکا نحوها و مسئولا أمامها.

فالنتیجة: ان وجوب الوفاء بالصوم النذري فعلي و غیر مشروط بالحضور في بلده أو بلد اقامته فمن أجل ذلک یکون المکلف مسئولا امام مقدماته الوجودیة منها قصد الاقامة.

و أما الثاني: فلأن هناک روایات تنص علی عدم وجوب قصد الاقامة مقدمة للوفاء بالصوم النذري و جواز السفر و الاتیان به في یوم آخر بدلا عنه.

منها، صحیحة زرارة قال: «ان أمي کانت جعلت علیها نذرا نذرت للّـه في بعض ولدها في شيء کانت تخافه علیه أن تصوم ذلک الیوم الذي یقدم فیه علیها، فخرجت معنا إلی مکة، فاشکل علینا صیامها في السفر، فلم تدر تصوم أو تفطر، فسألت أبا جعفر7 عن ذلک، فقال: لا تصوم في السفر، إن اللّـه قد وضع عنها حقه في السفر و تصوم هي ما جعلت علی نفسها». فانها تنص علی عدم وجوب الاقامة علیه إذا کان مسافرا مقدمة للوفاء بالنذر، فإذن لا مناص من الأخذ بها، و العمل علی طبقها و رفع الید عما هو مقتضی القاعدة ،ثم ان مورد الصحیحة و إن کان نذر الصوم الا أن الجواب فیها مطلق و هو یعم باطلاقه العهد و الیمین أیضا، علی أساس أن وجوب الوفاء بالنذر، کما انه حق للّـه تعالی و قد وضعه اللّـه تعالی عنه في السفر، کذلک وجوب الوفاء بالعهد و الیمین.

و أما الثاني: و هو الصوم الاستئجاري في یوم معین، فالظاهر وجوب قصد الاقامة مقدمة للوفاء به و ذلک لأنه یختلف عن الصوم النذري و أخویه علی أساس أنه حق المستأجر علی الأجیر دونه فانه حق الله علی الناذر، و من الواضح انه لا یجوز له تفویت حقه، فمن أجل ذلک لا یعمه النص حیث انه یدل علی أن الله تعالی قد وضع عنه حقه في السفر، و المفروض ان الصوم الاستئجاري لیس حقا له، بل هو حق المستأجر علی الأجیر، و علی هذا الأساس فتجب علیه الاقامة للوفاء به إذا کان مسافرا و إذا کان حاضرا لم یجز له السفر و الاّ فقد فوت حقه.

 

 

مسالة 29: اذا بقي من الوقت اربع ركعات  وعليه الظهران، ففي جواز الاقامة اذا كان مسافرا وعدمه، من حيث استلزامه تفويت الظهر وصيرورتها قضاءً اشكال ؛ فالاحوط  عدم نيّة الاقامة مع عدم الضرورة(1) ؛ نعم، لو كان حاضرا وكانالحال كذلک، لايجب عليه  السفر  لادراک الصلاتين فيالوقت .

1- الفیّاض: بل هو الاقوی حیث ان التکلیف فعلي في حقه بتمام مراحله لتمکنه من امتثاله في الوقت، فلا یجوز له تفویته باختیاره، فلو نوی الاقامة في هذه الحالة لأدت إلی تفویته اختیارا و هو غیر جائز، و هذا بخلاف العکس و هو ما إذا کان حاضرا و لم یبق من الوقت الاّ مقدار أربع رکعات، فإنه لا یجب علیه السفر حینئذ لإدراک کلتا الصلاتین معا في الوقت باعتبار أنه لا وجوب للظهر قبل السفر.

 

مسالة 30: اذا نوى الاقامة ثمّ عدل عنها وشکّ في انّ عدوله كان بعد الصلاة تماما حتّى يبقى على التمام ام لا، بنى على عدمها فيرجع الى القصر .

 مسالة 31: اذا علم بعد نيّة الاقامة بصلاة اربع ركعات والعدول عن الاقامة ولكن شکّ في المتقدّم منهما مع الجهل بتاريخهما، رجع الى القصر (1) مع البناء على صحّة الصلاة ، لانّ الشرط في البقاء على التمام وقوع الصلاة تماما حال العزم على الاقامة وهو مشكوک.

1- الفیّاض: بل الأحوط وجوبا هو الجمع بین القصر والتمام في الظهر والعصر والعشاء، فیصلی مرة قصرا وأخری تماما ما لم یخرج عن محل الاقامة ناویا السفر الشرعي، وذلک لأنه کان یعلم بعد الاقامة بتحقق حادثین..

أحدهما: الصلاة تماما.

والآخر: العدول عن نیة الاقامة، ولکن لا یعلم المتقدم منهما عن المتأخر، وحینئذ فیکون الزمان الواقعي لکل منهما مرددا بین زمانین، فإذا افترضنا ان المسافر ورد في بلد أول الزوال وقرر علی الاقامة فیه، ثم علم في الساعتین بعد الزوال بتحققهما معا وشک في المتقدم منهما، ولا یعلم انه صلی تماما في الساعة الأولی وعدل في الساعة الثانیة، أو بالعکس، ومعنی ذلک أنه یعلم وجدانا بعدم الاتیان بالصلاة في احداهما وعدم العدول في الأخری.

وعلی هذا الأساس فلا یجري استصحاب عدم الاتیان بالصلاة تماما إلی واقع زمان العدول وبالعکس لأن استصحاب عدم الصلاة تماما إلی زمان وجود العدول ان لو حظ زمان وجود العدول بنحو الموضوعیة الذي یکون مرجعه إلی اثبات التقیید بین الجزءین فهو ممتنع، لأن عدم الصلاة المقید بزمان العدول لیس له بما هو مقید حالة سابقة لکي تستصحب، وأما بذاته فهو وإن کانت له حالة سابقة، الا ان استصحابه لا یثبت التقید الا علی القول بالأصل المثبت.

وإن لو حظ زمان وجود العدول بنحو المعرفیة الصرفیة إلی واقع زمانه بحیث یکون الثابت بالاستصحاب التعبد ببقاء عدم الصلاة في واقع زمان لا طریق لنا إلی الاشارة إلیه الّا بعنوان أنه زمان وجود العدول من دون أن یکون هذا العنوان مأخوذا في مورد ومصب التعبد الاستصحابي، فهو أیضا ممتنع لأن واقع ذلک الزمان مردد بین زمان یعلم بعدم الصلاظ فیه، وزمان یعلم باتیانها فیه، وهذا من الاستصحاب في الفرد المردد، وهو لا یجري لعدم کون الشک فیه متمحضا في البقاء الذي هو من أرکان الاستصحاب، وکذلک لا یجري استصحاب عدم العدول إلی واقع زمان وجود الصلاة.

فالنتیجة: ان الاستصحاب في المسألة لا یجري في نفسه، وعلی هذا فلا مانع من الرجوع إلی قاعدة الفراغ بالنسبة إلی الصلاة شریطة احتمال الالتفات والأذکریة حال العمل، ولکن بما أن مثبتاتها لا تکون حجة، فلا تثبت ان العدول بعدها.

وأما بالنسبة إلی الصلوات الرباعیة الآنیة فبما أنه یعلم إجمالا أما بوجوب القصر في هذه الحالة أو التمام فیجب علیه الجمع بینهما ما دام في هذا البلد ولم یخرج منه ناویا السفر الشرعي.

ومع الاغماض عن ذلک وجریان کل من الاستصحابين في نفسه، فالصحیح انه یبقی علی التمام، ولا یرجع إلی القصر لأن وجوب التمام مرکب من العزم علی الاقامة في مکان والصلاة تماما فیه بدون أخذ شيء زائد علی وجودیهما بمفاد

کان التامة، فإذا کان الموضوع محرزا بکلا جزأیه وجدانا أو تعبدا، أو أحدهما وجدانا والآخر تعبدا ترتب علیه أثره، وفي المقام بما ان الصلاة تماما محرزة بالوجدان والعزم علی الاقامة وعدم العدول محرز بالاستصحاب فبضمه إلی الوجدان یتحقق الموضوع ویترتب علیه أثره وهو البقاء علی التمام، ولا یعارض هذا الاستصحاب باستصحاب عدم الصلاة إلی زمان العدول.

ویمکن تقریب عدم المعارضة بوجهین..

أحدهما: انه إن أرید باستصحاب عدم الصلاة استصحاب عدم ذات الصلاة ووجودها بمفاد کان التامة.

ففیه: انه غیر مشکوک للقطع بوجودها.

وإن أرید به استصحاب عدم وجودها المقید بأن یکون في زمان العدول، فهذا لیس موضوعا للحکم الشرعي لأن موضوع الحکم الشرعي قد أخذ بنحو الترکیب لا التقیید، وفي ضوء ذلک یجري استصحاب بقاء العزم وعدم العدول إلی زمان وجود الصلاة بلا معارض.

ولکن هذا الوجه غیر صحیح، فان المستصحب لیس عدم وجود الصلاة في نفسها لکي یقال ان وجودها کذلک معلوم وجدانا فلا موضوع لاستصحاب عدمه ولا وجودها المقید بزمان العدول حتی یقال ان وجودها المقید بما هو مقید لیس موضوعا للحکم لینفي بنفیه، بل المستصحب حصة خاصة من وجود الصلاة وهي الحصة في زمان وجود العدول، وبما أنها مشکوکة فیستصحب عدمها إلی واقع زمان وجود العدول، فینتفي الحکم حینئذ بانتفاء موضوعه، إذ کما ان استصحاب بقاء العزم علی الاقامة وعدم العدول إلی واقع زمان وجود الصلاة یثبت جزء الموضوع من دون أن یثبت الوجود المقید بزمان وجودها بما هو مقید، کذلک استصحاب عدم الصلاة إلی واقع زمان وجود العدول ینفی جزء الموضوع دون أن ینفی المقید بما هو مقید لیقال انه لا حالة سابقة له.

والآخر: ان موضوع وجوب البقاء علی التمام هو عدم العدول عن نیة الاقامة والاتیان بالصلاة تماما، وهذا الموضوع متی تحقق وفي أي زمان ترتب علیه أثره الشرعي واستصحاب عدم الاتیان بالصلاة إلی واقع زمان العدول إنما ینفی حصة من هذا الموضوع وهي الحصة الواقعة في زمان العدول، ولا یترتب علی نفیها نفي الموضوع الّا علی القول بالأصل المثبت.

وإن شئت قلت: ان موضوع وجوب البقاء علی التمام هو جامع الصلاة تماما مع عدم العدول علی نحو صرف الوجود ونفي هذا الحکم یتوقف علی أن لا یوجد هذا الموضوع المرکب في أي زمان من الأزمنة التي مرت علی المسافر، وعلی هذا فإذا شک المسافر الذي نوی الاقامة في بلد، ثم عدل عنها في أصل الاتیان بالصلاة تماما، فلا مانع من استصحاب عدم الاتیان بها إلی الوقت الحاضر، ومعنی هذا نفي صرف وجود الموضوع المرکب رأسا، لا فرد منه، وهذا بخلاف ما إذا علم الاتیان بالصلاة تماما ولکن شک في أنه أتی بها قبل العدول عن نیة الاقامة أو بعده، فإن المنفي حینئذ باستصحاب عدم الصلاة تماما حصة من الموضوع وفرد منه، وهي الحصة الواقعة في هذه القطعة من الزمن، ومن المعلوم ان الحکم الشرعي إذا کان مترتبا علی صرف وجود الموضوع القابل للانطباق علی قطعات طویلة من الزمان لم یکف لنفي الحکم نفي حصة من وجود الموضوع، وهي وجوده في واحدة من تلک القطعات الّا علی القول بالأصل المثبت.

ودعوی: ان حصة من هذا الموضوع وهو الصلاة تماما مع عدم العدول منفیة بالاستصحاب في إحدی القطعتین من الزمان، والحصة الأخری منه منفیة بالوجدان في القطعة الأخری منه علی أساس ان العدول قد تحقق في احداهما جزما، وبضم الوجدان إلی الاستصحاب ننفی الحکم.

مدفوعة: بأنها انما تتم لو کان الحکم انحلالیا بحیث یکون الصلاة تماما مع عدم العدول في الزمن الأول حکم، وفي الزمن الثاني حکم آخر وهکذا لکي یقال ان حکم الحصة الأولی منفي بالأصل، وحکم الحصة الثانیة منفي بالوجدان، بل هناک حکم واحد وهو وجوب البقاء علی التمام مجعول للجامع علی نحو صرف الوجود، فإذن یتوقف نفي الحکم علی نفي صرف الوجود، ولا یمکن نفیه بضم انتفاء احدی حصتیه بالوجدان إلی انتفاء الحصة الاخری بالتعبد الّا بالالتزام بالأصل المثبت، ضرورة ان ترتب انتفاء صرف وجود الجامع علی نفي الفرد والحصة عقلی، فیکون المقام نظیر القسم الثاني من أقسام استصحاب الکلي، فإن الأثر الشرعي مترتب علی الجامع بین الفرد الطویل والقصیر، ولا یمکن نفي صرف وجود الجامع بینهما بضم انتفاء الفرد القصیر وجدانا إلی نفي الفرد الطویل بالاستصحاب الّا علی القول بالأصل المثبت، ومن المعلوم انه لا فرق في ذلک بین الافراد الطولیة والافراد العرضیة کما انه لا فرق من هذه الناحیة بین أن یکون الشک في الوقت أو في خارجه.

فالنتیجة لحد الآن أنه علی القول بجریان الاستصحاب في کل من الحادثین في نفسه یجري استصحاب عدم العدول عن نیة الاقامة إلی واقع زمان الحادث الآخر، و هو الاتیان بالصلاة تماما دون العکس، و یترتب علیه سحتها و البقاء علی التمام بالنسبة إلی الصلوات الآتیة ما دام فیه و لم یخرج.

 

 

 مسالة 32: اذا صلّى تماما ثمّ عدل ولكن تبيّن بطلان صلاته، رجع الى القصر وكان كمن لميصلّ؛ نعم، اذا صلّى بنيّة التمام وبعد السلام شکّ في انـّه سلّم على الاربع او على الاثنتين او الثلاث، بنى على انـّه سلّم على الاربع ويكفيه   في البقاء على حكم التمام اذا عدل عن الاقامة بعدها.

 مسالة 33: اذا نوى الاقامة ثمّ عدل عنها بعد خروج وقت الصلاة وشکّ في انـّه هل صلّى في الوقت حال العزم على الاقامة ام لا؟ بنى على انـّه صلّى، لكن في كفايته في البقاء على حكم التمام اشكال  وان كان لايخلو من قوّة  ، خصوصا اذا بنينا   على انّ قاعدة   الشکّ بعد الفراغ او بعد الوقت انّما هي من باب الامارات لا الاصول العمليّة(1).

1- الفیّاض: لا وجه لهذه الخصوصیة في المقام، فإن قاعدة الحیلولة روحا و حقیقة هي قاعدة التجاوز، غایة الأمر ان الشک في وجود المأمور به بعد التجاوز عن محله مرة یکون في الوقت و أخری في خارج الوقت، و قد ذکرنا في علم الأصول ان قاعدة التجاوز بما أنها قاعدة عقلائیة مبنیة علی نکتة تبرر بناء العقلاء علیها، و هي الأماریة و الکاشفیة علی أساس ما یکتنف بها من الخصوصیات، و هي ان المکلف بما أنه في مقام الامتثال و الاطاعة فاحتمال الترک العمدي خلاف الفرض و السهوي نادر مدفوع بالأصل العقلائي، فمن أجل هذه الخصوصیات تکون امارة روحا، و من أجل أن مثبتاتها لا تکون حجة تکون أصلا عملیا، و علی هذا فلا فرق بین أن تسمی قاعدة الحیلولة أصلا عملیا أو امارة، فانها علی کلا التقدیرین تثبت مدلولها المطابقي و هو الاتیان بالمأمور به في الوقت دون لوازمه.

نعم ان أرید بالأصل العملي أن مفادها نفي القضاء فقط من دون دلالتها علی الاتیان بالمأمور به في وقته و محله.

فیرد علیه أولا: ان الأمر لیس کذلک.

و ثانیا: ان لازم هذا عدم کفایته في البقاء علی التمام.

 

مسالة 34: اذا عدل عن الاقامة بعد الاتيان بالسلام الواجب وقبل الاتيان بالسلام الاخير الّذي هو مستحبّ  ، فالظاهر كفايته في البقاء  على حكم التمام و في تحقّق الاقامة؛ وكذا لو كان  عدوله قبل الاتيان بسجدتي السهو اذا كانتا عليه، بل وكذا لو كان قبل الاتيان بقضاء الاجزاء المنسيّة كالسجدة والتشهّد المنسيّين(1)، بل وكذا لو كان قبل  الاتيان بصلاة الاحتياط  او في اثنائها(2) اذا شک، في الركعات وان كان الاحوط  فيه الجمع  ، بل وفي الاجزاء المنسيّة  .

1- الفیّاض: في الکفایة اشکال بل منع علی أساس ما مر في المسألة (1) من فصل (قضاء الاجزاء المنسیة) من أنهما من أجزاء الصلاة لا أنهما واجبتان مستقلتان، و من هنا لو ترکهما بعد الصلاة و لم یأت بهما عامدا ملتفتا إلی الحکم الشرعي بطلت صلاته. و علی هذا فاذا عدل عن نیة الاقامة قبل الاتیان بهما کان عدوله في أثناء الصلاة، و معه یکون مؤثرا و موجبا لانقلاب حکمه من التمام إلی القصر، فإنه إنما لا یکون مؤثرا إذا کان بعد صلاة أربع رکعات بتمام کما هو مقتضی نص صحیحة أبي ولاد.

2- الفیّاض: و الأظهر فیه القصر دون التمام لما مر من أن صلاة الاحتیاط جزء من الصلاة الأصلیة حقیقة علی تقدیر نقصانها، و علی هذا فالمصلي قبل الاتیان بها شاک في تمامیة صلاته و معه لا یمکن له الحکم بعدم تأثیر عدوله، بل مقتضی صحیحة أبي ولاد أنه مؤثر في وجوب القصر باعتبار أن الصحیحة قد انیطت عدم التأثیر و البقاء علی التمام بالاتیان بفریضة واحدة بتمام، و بما أنه لم یحرز تمامیة فریضته فلا یمکن له التمسک بالصحیحة لأنه من التمسک بالعام في الشبهة المصداقیة.

 

مسالة 35: اذا اعتقد انّ رفقائه قصدوا الاقامة فقصدها، ثمّ تبيّن انّهم لميقصدوا، فهل يبقى على التمام او لا؟ فيه صورتان   :

 احداهما  : ان يكون قصده مقيّدا بقصدهم(1).

1- الفیّاض: فیه انه لا یتصور التقیید بمعنی التضییق هنا علی أساس أن قصد کل شخص جزئي حقیقي قائم بنفس هذا الشخص، فإنه اما موجود فیها أو غیر موجود، و لا یتصور أن یوجد فیها تارة مطلقا و أخری مقیدا، فإذن لا یکون علمه بقصدهم الاقامة في بلد الاّ داعیا له، فإذا تبین أنهم غیر قاصدین لها کان من التخلف في الداعي، فلا فرق بین الصورتین و یکون حکمه في کلتیهما هو البقاء علی التمام.

و إن شئت قلت: ان القصد بمعنی زائد علی العلم و الشعور المؤکد بأنه سیبقی في هذا المکان عشرة أیام غیر معتبر في تحقق الاقامة، فإن المعتبر في تحققها هو العلم و الثقة بالبقاء فیه عشرة أیام، غایة الأمر أن منشأ هذا العلم و الثقة قد یکون اختیار المسافر و ارادته للبقاء هذه المدة فیه، و قد یکون شعوره بالاضطرار إلی البقاء أو الاکراه به، أو ظروفه التي لا تسمح له بالمغادرة، کما إذا فرضت علیه الاقامة الجبریة کالسجین _مثلا_ و علی هذا الاساس فإذا کان واثقا و متأکدا بأن رفقائه قاصدون للإقامة فیه عشرة أیام، فمعناه أنه واثق و متأکد بأنه سیبقی فیه عشرة أیام، و هو یکفی في تحقق الاقامة و وجوب التمام علیه، و لا یعتبر فیه شيء زائد، و إذا تخلف کان من التخلف في الداعي، فلا یضر باقامته.

 

 الثانية: ان يكون اعتقاده داعيا له الى القصد، من غير ان يكون مقيّدا بقصدهم؛ ففي الاولى يرجع الى التقصير   وفي الثانية يبقى على التمام، والاحوط الجمع في الصورتين.

الثالث من القواطع: التردّد  في البقاء وعدمه ثلاثين يوما (1) ، اذا كان بعد بلوغ المسافة، وامّا اذا كان قبل بلوغها فحكمه التمام حين التردّد، لرجوعه الى التردّد في المسافرة   وعدمها؛ ففي الصورة الاولى اذا بقي في مكان متردّدا في البقاء والذهاباو في البقاء والعود الى محلّه، يقصّر الى ثلاثين يوم ، ثمّ بعده يتمّ مادام في ذلک المكان ويكون بمنزلة من نوى الاقامة عشرة ايّام؛ سواء اقام فيه قليلا او كثيرا، حتّى اذا كان بمقدار صلاة واحدة.

1- الفیّاض: نقصد بقاطعیته للسفر حکما لا موضوعا، فإن حاله من هذه الناحیة حال قصد الاقامة، إذ لا شبهة في أن المسافر المتردد ثلاثین یوما في مکان مسافر، و لا یقدح بقاؤه هذه المدة في صدق عنوان المسافر علیه، غایة الأمر أنه یقطع حکم السفر و یجعله بلاأثر فوجوب القصر علیه مرة أخری یتوقف علی سفر جدید بقدر المسافة.

 

مسالة 36: يلحق بالتردّد ما اذا عزم على الخروج غدا او بعد غد، ثمّ لميخرج؛ وهكذا الى ان مضى ثلاثون يوما، حتّى اذا عزم على الاقامة تسعة ايّام مثلا ثمّ بعدها عزم على اقامة تسعة اخرى وهكذا؛ فيقصّر الى ثلاثين يوما ثمّ يتمّ ولو لميبق الّا مقدار صلاة واحدة.

مسالة 37: في الحاق الشهر الهلاليّ اذا كان ناقصا بثلاثين يوما اذا كان تردّده في اوّل الشهر، وجه لايخلو عن قوّة (1)  وان كان الاحوط  عدم الاكتفاء به.

1- الفیّاض: في القوة اشکال بل منع، فإن الوارد في جملة من الروایات عنوان الشهر، و هو في نفسه و إن کان ظاهرا في الشهر الهلالي، الاّ ان المراد منه في المسألة ثلاثون یوما، و ذلک للقرینة الداخلیة و الخارجیة.

أما الأولی: فلأن الشهر الهلالي عبارة عن فترة زمنیة محددة بین هلالین، فیبدأ الشهر القمري الشرعي بخروج القمر من المحاق و تولد الهلال الذي هو عبارة عن مواجهة جزء من نصفه المضيء للأرض، و أن یکون هذا الجزء مما یمکن رؤیته بالعین المجردة الاعتیادیة، و ینتهی بخروج القمر من المحاق و تولد الهلال القادم کذلک.

و علی هذا فلو أرید من الشهر فیها الهلالي، فلابد من افتراض انطباق أول زمان التردد و التحیر في الاقامة علی أول آن تحرک القمر و خروجه عن المحاق و ظهور جزء من نصفه المضيء المواجه للأرض بنحو یمکن رؤیته بالعین الاعتبادیة، و استمرار هذا التردد إلی اکمال الدورة الطبیعیة للشهر القمري و انتهائها و ابتداء الشهر القادم. و من المعلوم أن هذا مجرد فرض لا واقع له في الخارج، و لو کان فهو نادر جدا، و لا یمکن حمل روایات الباب علی ذلک، فاذن لابد من حمل الشهر فیها علی ثلاثین یوما.

و أما الثانیة: فلأن قوله  في صحیحة أبي أیوب: «فان لم یدر ما یقیم یوما أو أکثر فلیعد ثلاثین یوما ثم لیتم...» (الوسائل ج 8 باب: 15 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 12) فإنه ناص في أن المعیار انما هو بالتردد و التحیر الی ثلاثین یوما، ثم الاتمام، و علی هذا فلو کان الشهر في سائر الروایات ظاهرا في الشهر القمري لابد من رفع الید عن ظهورها فیه بقرینة نص الصحیحة في اعتبار ثلاثین یوما، و مع امکان الجمع الدلالي العرفي بینهما لا تصل النوبة إلی الحمل علی التخییر بین الشهر بمعنی ثلاثین یوما وبین الشهر القمري، فإنه إنما هو فیما إذا کان کل من الدلیلین ظاهرا في جهة ونصا في جهة أخری لکي یکون نص کل منهما قرینة علی التصرف في ظاهر الآخر، فتکون النتیجة هي التخییر، والفرض ان النسبة بین الصحیحة وسائر الروایات لیست کذلک، بل نسبة الصحیحة إلیها نسبة النص إلی الظاهر، ومع الاغماض عن ذلک وتسلیم أن بینهما معارضة فحینئذ تسقطان معا من جهة المعارضة ویرجع إلی الأصل العملي في المسألة وهو استصحاب بقاء وجوب القصر علیه إلی ثلاثین یوما فیما إذا کان الشهر القمري تسعة وعشرین یوما..

 

 

مسالة 38: يكفي في الثلاثين التلفيق اذا كان تردّده في اثناء اليوم، كما مرّ في اقامة العشرة وان كان الاحوط   عدم الاكتفاء ومراعاة الاحتياط.

 مسالة 39: لا فرق في مكان التردّد بين ان يكون بلدا او قرية او مفازة.

مسالة 40: يشترط اتّحاد مكان التردّد؛ فلو كان بعض الثلاثين في مكان وبعضه في مكان اخر، لميقطع حكم السفر، وكذا لو كان مشتغلا بالسير وهو متردّد، فانّه يبقى على القصر اذا قطع المسافة. ولايضرّ بوحدة المكان  اذا خرج عن محلّ تردّده الى مكان اخر ولو ما دون المسافة بقصد العود اليه عمّا قريب اذا كان بحيث يصدق عرفا انـّه كان متردّدا في ذلک المكان ثلاثين يوما، كما اذا كان متردّدا في النجف وخرج منه الى الكوفة لزيارة مسلم او لصلاة ركعتين في مسجد الكوفة والعود اليه في ذلک اليوم او في ليلته ، بل او بعد ذلک اليوم(1)  .

1- الفیّاض: فیه انه إذا لم یرجع في ذلک الیوم ویبیت فیه ویرجع بعد ذلک الیوم لم یبق فیه إلّا تسعة وعشرین یوما مترددا، لا ثلاثین یوما مترددا.

 

مسالة 41: حكم المتردّد  بعد الثلاثين كحكم المقيم  في مسالة الخروج الى ما دون المسافة مع قصد العود اليه، في انـّه يتمّ ذهابا   وفي المقصد والاياب ومحلّ التردّد اذا كان قاصدا للعود اليه من حيث انّه محلّ تردّده، وفي القصر بالخروج اذا اعرض عنه وكان العود اليه من حيث كونه منزلا له في سفره الجديد، وغير ذلک من الصور الّتي ذكرناها(1).

1-  الفیّاض: تقدم الکلام في تمام هذه الصور بشکل موسع في مسألة المقیم عشرة أیام.

 

 مسالة 42: اذا تردّد في مكان تسعة وعشرين يوما  او اقلّ ثمّ سار الى مكان اخر وتردّد فيه كذلک وهكذا، بقي على القصر مادام كذلک، الّا اذا نوى الاقامة في مكان او بقي  متردّدا ثلاثين يوما في مكان واحد.

مسالة 43: المتردّد ثلاثين اذا انشا سفرا بقدر المسافة لايقصّر، الّا بعد الخروج عن حدّ الترخّص  كالمقيم(1)، كما عرفت  سابقا.

1- الفیّاض: مر ان اعتبار حد الترخص لم یثبت للمقیم عشرة أیام في بلد لعدم الدلیل علیه، وکذلک لا دلیل علی اعتباره في المتردد ثلاثین یوما، وعلیه فحکمه القصر بمجرد الخروج عن محل التردد ثلاثین یوما والبدء بقطع المسافة ولو بخطوة واحدة، ولا یتوقف علی الوصول إلی حد الترخص.


  

 
پاسخ به احکام شرعی
 
موتور جستجوی سایت

تابلو اعلانات

 




پیوندها

حدیث روز
بسم الله الرحمن الرحیم
چهار پناهگاه در قرآن
   
أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ عَنِ الصَّادِقِ (علیه السلام) قَالَ:
عَجِبْتُ لِمَنْ فَزِعَ مِنْ أَرْبَعٍ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى أَرْبَعٍ
(۱) عَجِبْتُ لِمَنْ خَافَ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
(۲) وَ عَجِبْتُ لِمَنِ اغْتَمَّ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ
(۳) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ مُكِرَ بِهِ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا
(۴) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً. فَعَسى‏ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ عَسَى مُوجِبَةٌ
    
آقا امام صادق (عليه السّلام) فرمود: در شگفتم از كسى كه از چهار چيز مى‌هراسد چرا بچهار چيز پناهنده نميشود:
(۱) شگفتم از آنكه ميترسد چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل« حَسْبُنَا اَللّٰهُ‌ وَ نِعْمَ‌ اَلْوَكِيلُ‌ » خداوند ما را بس است و چه وكيل خوبى است زيرا شنيدم خداى جل جلاله بدنبال آن ميفرمايد:بواسطۀ نعمت و فضلى كه از طرف خداوند شامل حالشان گرديد باز گشتند و هيچ بدى بآنان نرسيد.
(۲) و شگفتم در كسى كه اندوهناك است چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل:« لاٰ إِلٰهَ‌ إِلاّٰ أَنْتَ‌ سُبْحٰانَكَ‌ إِنِّي كُنْتُ‌ مِنَ‌ اَلظّٰالِمِينَ‌ » زيرا شنيدم خداى عز و جل بدنبال آن ميفرمايد در خواستش را برآورديم و از اندوه نجاتش داديم و مؤمنين را هم چنين ميرهانيم.
(۳) و در شگفتم از كسى كه حيله‌اى در بارۀ او بكار رفته چرا بفرمودۀ خداى تعالى پناه نمى‌برد« وَ أُفَوِّضُ‌ أَمْرِي إِلَى اَللّٰهِ‌ إِنَّ‌ اَللّٰهَ‌ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ »:كار خود را بخدا واگذار ميكنيم كه خداوند بحال بندگان بينا است)زيرا شنيدم خداى بزرگ و پاك بدنبالش مى‌فرمايد خداوند او را از بديهائى كه در بارۀ او بحيله انجام داده بودند نگه داشت.
(۴) و در شگفتم از كسى كه خواستار دنيا و آرايش آن است چرا پناهنده نميشود بفرمايش خداى تبارك و تعالى(« مٰا شٰاءَ اَللّٰهُ‌ لاٰ قُوَّةَ‌ إِلاّٰ بِاللّٰهِ‌ »)(آنچه خدا خواست همان است و نيروئى جز به يارى خداوند نيست)زيرا شنيدم خداى عز اسمه بدنبال آن ميفرمايد اگر چه مرا در مال و فرزند از خودت كمتر مى‌بينى ولى اميد هست كه پروردگار من بهتر از باغ تو مرا نصيب فرمايد (و كلمۀ:عسى در اين آيه بمعناى اميد تنها نيست بلكه بمعناى اثبات و تحقق يافتن است).
من لا يحضره الفقيه، ج‏۴، ص: ۳۹۲؛
الأمالي( للصدوق)، ص: ۶؛
الخصال، ج‏۱، ص: ۲۱۸.


کلیه حقوق مادی و معنوی این پورتال محفوظ و متعلق به حجت الاسلام و المسلمین سید محمدحسن بنی هاشمی خمینی میباشد.

طراحی و پیاده سازی: FARTECH/فرتک - فکور رایانه توسعه کویر -