انهار
انهار
مطالب خواندنی

فصل فی صلاة المسافر

بزرگ نمایی کوچک نمایی

لا اشكال في وجوب القصر على المسافر مع اجتماع الشرائط الاتية، باسقاط الركعتين الاخيرتين من الرباعيّات؛ وامّا الصبح والمغرب فلا قصر فيهما.

وامّا شروط القصر فامور :

الاوّل: المسافة وهي ثمانية فراسخ امتداديّة ذهابا او إيابا، او ملفّقة من الذهاب والاياب اذا كان الذهاب اربعة او ازيد، بل مطلقا  على الاقوى (1)  وان كان الذهاب فرسخا والاياب سبعة وان كان الاحوط   في صورة كون الذهاب اقلّ من اربعة مع كون المجموع ثمانية، الجمع؛ والاقوى عدم اعتبار كون الذهاب والاياب في يوم واحد او ليلة واحدة او في الملفّق منهما مع اتّصال ايابه بذهابه وعدم قطعه بمبيت ليلة فصاعدا في الاثناء، بل اذا كان من قصده الذهاب والاياب ولو بعد تسعة ايّام يجب عليه القصر، فالثمانية الملفّقة كالممتدّة في ايجاب القصر، الّا اذا كان قاصدا للاقامة عشرة ايّام في المقصد او غيره، او حصل احد القواطع الاخر، فكما انـّه اذا بات في اثناء الممتدّة ليلة او ليالي لايضرّ في سفره، فكذا في الملفّقة فيقصّر ويفطر؛ ولكن مع ذلک، الجمع بين القصر والتمام والصوم وقضائه في صورة عدم الرجوع ليومه او ليلته احوط(2). ولو كان من قصده الذهاب والاياب ولكن كان متردّدا في الاقامة في الاثناء عشرة ايّام وعدمها لميقصّر، كما انّ الامر في الامتداديّة أيضا  كذلک.

1- الفیّاض: هذا هو الأحوط لو لم یکن أظهر، وعلی أساس ذلک إذا کان الذهاب ثلاثة فراسخ أو أقل والایاب خمسة أو أکثر بأن یکون المجموع الملفق منهما ثمانیة فراسخ فالأحوط وجوبا فیه هو الجمع بین القصر والتمام والصیام والقضاء، وهذا هو نتیجة الجمع بین روایات المسألة.

بیان ذلک: انه یمکن تصنیف الروایات في ضوء خصوصیات المسألة إلی ثلاث مجموعات بعد ما کانت متفقة في أن المسافة التي یترتب علیها قصر الصلاة وافطار الصوم في السفر لا تقل عن ثمانیة فراسخ شرعیة، وهي کما یلي:

المجموعة الأولی: الروایات التي تکون ظاهرة لدی العرف العام في أن المسافة التي یترتب علیها قصر الصلاة مسافة امتدادیة تطوي کلها في اتجاه واحد، وتدل علی ذلک بألسنة مختلفة، فتارة بلسان «مسیرة یوم»(الوسائل ج 8 باب: 1 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1) المفسرة بثمانیة فراسخ، وأخری بلسان «بیاض یوم»(الوسائل ج 8 باب: 1 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1)، وثالثة بلسان «بریدین»(الوسائل ج 8 باب: 1 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1)، وبالتالي کل هذه الألسنة ظاهرة في امتداد المسافة في اتجاه واحد.

المجموعة الثانیة: الروایات التي تنص علی کفایة المسافة التلفیقیة في اتجاهین ولو کان بعضها ذهابا وبعضها ایابا، فمن قصد نصف هذه المسافة في سفره من بلده ذهابا وقصد نصفها الآخر في رجوعه إلی بلده ایابا کفی ذلک لأنه قد أکمل المسافة الشرعیة المحددة، وهذه الروایات ظاهرة في کون التلفیق بین الاتجاهین علی نسبة واحدة کما، منها صحیحة معاویة بن وهب: «قال: قلت لأبي عبد الله أدنی ما یقصر فیه المسافر الصلاة، قال: برید ذاهبا وبرید جائیا»(الوسائل ج 8 باب: 2 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 2). ومنها: صحیحة زرارة بن أعین قال: «سألت أبا عبد الله عن التقصیر؟ فقال: برید ذاهب وبرید جائي»(الوسائل ج 8 باب: 2 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 14). المجموعة الثالثة: الروایات التي یستظهر منها ان العبرة إنما هي ببلوغ المسافة ثمانیة فراسخ سواء أکان بالامتداد في خط واحد افقیا، أم کان في خطین واتجاهین ولو کان أحدهما ذهابا من بلده مثلا والآخر ایابا إلیه بلا فرق بین أن یکون الخطان متساویین کما أم مختلفین.

منها: صحیحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر  قال: «سألته عن التقصیر، قال: في برید، قلت: برید؟! قال: ان ذهب بریدا ورجع بریدا فقد شغل یومه» (الوسائل ج 8 باب: 2 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 9). بتقریب أن المتفاهم العرفي منها أن تمام الملاک والعلة لوجوب القصر هو شغل الیوم الذي هو کنایة عن المسافة التي لا تقل عن ثمانیة فراسخ شرعیة، ولا موضوعیة لذهابه بریدا ورجوعه بریدا الا باعتبار ان المجموع یصیر ثمانیة فراسخ، فإذن یکون المستفاد منها عرفا ان العبرة في السفر الشرعي الذي یترتب علیه قصر الصلاة هي أن لا تقل المسافة التي تطوي في السفر عن ثمانیة فراسخ شرعیة سواء أکانت بالامتداد في اتجاه واحد، أم کانت بالتلفیق في اتجاهین متساویین أو مختلفین.

و منها: قوله  في صحیحة زرارة: «و کان رسول9 إذا أتی ذبابا قصّر و ذباب علی برید، و إنما فعل ذلک لأنه إذا رجع کان سفره بریدین، ثمانیة فراسخ» (الوسائل ج 8 باب: 2 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 15).

فإن المستفاد منه عرفا ان العبرة في وجوب القصر إنما هي بالسفر في المسافة التي لا تقل عن ثمانیة فراسخ شرعیة، و لا موضوعیة لکون ذهابه بریدا و ایابه کذلک الا بلحاظ ان المجموع تبلغ ثمانیة فراسخ.

فالنتیجة: ان المجموعة الأولی تدل علی أن موضوع وجوب القصر هو السفر في المسافة الامتدادیة المحددة شرعا بثمانیة فراسخ بلانظر لها إلی السفر في المسافة التلفیقیة لا نفیا و لا إثباتا، و المجموعة الثانیة تدل علی کفایة السفر في المسافة التلفیقیة في وجوب القصر و انه فرد من افراد السفر الشرعي، فإذن تکون المجموعة الثانیة حاکمة علی المجموعة الأولی و توسع دائرة موضوعها و تجعله أعم من السفر في المسافة الامتدادیة و التلفیقیة، فهذه هي نسبة المجموعة الثانیة من الروایات إلی المجموعة الأولی منها، و أما نسبة المجموعة الثالثة إلی المجموعة الثانیة فهي أیضا علی نحو الحکومة لأن المجموعة الثانیة تدل علی أن السفر في المسافة التلفیقیة في اتجاهین متساویین موضوع لوجوب القصر و لا نظر لها إلی أن السفر في المسافة التفیقیة في اتجاهین مختلفین بالزیادة و النقیصة موضوع لوجوب القصر لا نفیا و لا إثباتا، و أما المجموعة الثالثة فهي تدل علی أن السفر في المسافة المذکورة المحددة شرعا بثمانیة فراسخ موضوع لوجوب القصر مطلقا و إن کان في المسافة التفیقیة في اتجاهین مختلفین زیادة و نقیصة فهي توسع دائرة الموضوع فیها.

ثم ان مع الاغماض عن ذلک و تسلیم انه لا حکومة في البین بدعوی أن المجموعة الأولی تدل علی أمرین..

أحدهما: وجوب القصر علی المسافر إذا کان سفره بقدر المسافة الشرعیة و هي ثمانیة فراسخ في اتجاه واحد.

و الآخر: نفي وجوبه عنه إذا کان سفره فیها في اتجاهین متعاکسین، و المجموعة الثانیة تدل علی وجوبه علیه و إن کان سفره فیها اتجاهین متعاکسین ذهابا و ایابا، ولکن مع ذلک لابد من تقدیم الثانیة علی الأولی في ضوء الجمع العرفي الدلالي، و ذلک لأن دلالة الأولی علی نفي الوجوب في الصورة المفروضة انما هي بالاطلاق الناشي من سکوت المولی في مقام البیان، و بما أنه من أضعف مراتب الدلالات العرفیة فلا یصلح أن یعارض دلالة المجموعة الثانیة علی الوجوب علی أساس أنها بیان من قبل المولی، و معه یرتفع هذا الاطلاق بارتفاع منشأه و هو السکوت في مقام البیان، فإذن لابد من الأخذ بالمجموعة الثانیة و رفع الید عن إطلاق المجموعة الأولی.

و بذلک یظهر الحال بین المجموعة الثالثة و الثانیة، فإن دلالة المجموعة الثانیة علی عدم کفایة السفر لوجوب القصر بقدر المسافة المذکورة إذا کان في اتجاهین مختلفین انما هي بالاطلاق الناشي من سکوت المولی في مقام البیان، و لیست بدلالة لفظیة مستندة إلی الوضع، و بما أن دلالة المجموعة الثالثة علی کفایة السفر في المسافة الشرعیة المحددة بثمانیة فراسخ مطلقا و إن کان في اتجاهین مختلفین زیادة و نقیصة دلالة لفظیة مستندة إلی الوضع العرفي، فتتقدم علی دلالة المجموعة الثانیة باعتبار أنها بیان رافع لها برفع منشأها.

فنتیجة: الجمع بین هذه المجموعات الثلاث من الروایات هي: ان الأظهر کفایة السفر في المسافة الشرعیة و هي ثمانیة فراسخ في وجوب القصر مطلقا و إن کان في اتجاهین متعاکسین علی نسبة مختلفة بأن یکون الذهاب خمسة فراسخ و الایاب ثلاثة أو بالعکس، فالعبرة انما هي بکون المجموع ثمانیة فراسخ ،ولکن مع ذلک یجب علیه الاحتیاط بالجمع بین القصر و التمام فیما إذا کان الاتجاهان مختلفین زیادة و نقیصة.

بقي هنا أمور:

الأول: قد یتوهم أن ما ورد في صحیحة زکریا بن آدم من أن التقصیر في مسیر یوم و لیلة، و في صحیحة أبي نصر في ثلاثة برد، ینافي ما ورد في الروایات الکثیرة بألسنة مختلفة، فتارة بلسان أن التقصیر في مسیر یوم، و أخری في بیاض یوم، و ثالثة في بردین و هکذا...

و الجواب: ان الصحیحتین تدلان علی وجوب التقصیر في مسیر یوم و لیلة و ثلاثة برد و لا تدلان علی عدم وجوبه في الأقل من ذلک کمسیر یوم أو بریدین، و لا نظر لهما إلی ذلک في الأقل لا نفیا و لا إثباتا.

و مع الاغماض عن ذلک و تسلیم دلالتها علی نفي وجوب التقصیر في الأقل من مسیر یوم و لیلة أو ثلاثة برد، الاّ أن دلالتهما علی ذلک لما کانت بالاطلاق الناشي من السکوت في مقام البیان فلا تصلح ان تعارض دلالة تلک الروایات علی وجوب التقصیر في أقل من ذلک مدة و مسافة علی أساس أنها بیان فیکون رافعا لدلالتهما برفع منشأها و هو السکوت.

الثاني: قد حددت المسافة الشرعیة ف مجموعة من الروایات ببرید و هو أربع فراسخ، و هذه المجموعة تنافي الروایات التي تحدد المسافة الشرعیة ببریدین تارة، و ببیاض یوم أخری، و بمسیر یوم ثالثة.

و الجواب: ان المجموعة الأولی تنص علی أن المسافة التي تطوی في السفر برید ومقتضی اطلاقها انها برید وإن لم ینضم إلیه برید آخر ولو جائیا، وعلیه فالروایات التي تنص علی ان المسافة المذکورة بریدان تقید اطلاق تلک المجموعة بما إذا کان بریدا ذاهبا وبریدا جائیا علی أساس ان نسبتها إلیها نسبة المقید إلی المطلق.

الثالث: ان المتفاهم العرفي من اناطة وجوب القصر في بعض الروایات بمسیر یوم تارة، وببیاض یوم تارة أخری، وبشغل یوم ثالثة، هو أنها لیست من باب الموضوعیة والسببیة بل هو من باب تقدیر السیر في هذا الزمن المحدد وأنه لا یقل عن ثمانیة فراسخ إذا کان علی النحو المتعارف من الانسان الاعتیادي فاذن العبرة إنما هي بالروایات التي تنص تارة علی ان المسافة التي تطوی في السفر ثمانیة فراسخ وأخری بریدان. وتدل علی ذلک عدة قرائن.

الأولی: ان مسیر یوم قد فسر في بعض الروایات ببریدین، وفي بعضها الآخر بثمانیة فراسخ مباشرة، ومن الواضح ان هذا التفسیر قرینة علی أنه کنایة عن تقدیر السیر به وانه لا یقل عن المسافة المذکورة.

الثانیة: ان عطف بریدین علی بیاض یوم وبالعکس بکلمة (أو) یدل علی أن بیاض الیوم عنوان مشیر إلی مقدار السیر فیه وانه لا یقل عن ثمانیة فراسخ في بیاض یوم عادة إذا کان علی النحو المتعارف بلاخصوصیة له، إذ لا یعقل أن یکون ذلک من عطف الأقل علی الأکثر، بل هو من عطف عنوان علی عنوان آخر یکون کلهما مشیرا إلی معنوان واحد في الخارج وهو قطع المسافر المسافة الشرعیة المحددة بکاملها وهي ثمانیة فراسخ، فیعبر عنه تارة بشغل یوم وأخری ببیاض یوم وثالثة بمسیر یوم ورابعة ببریدین، فکل ذلک عنوان مشیر إلی مقدار السیر فیه الذي هو الموضوع للحکم الشرعي.

الثالثة: ان معتبرة عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد الله  في حدیث قال: «قلت له: کم أدنی ما یقصر فیه الصلاة؟ قال: جرت السنة ببیاض یوم. فقلت له: ان بیاض یوم یختلف، یسیر الرجل خمسة عشر فرسخا في یوم، ویسیر الآخر أربعة فراسخ وخمسة فراسخ في یوم! قال: فقال: انه لیس إلی ذلک ینظر، أما رأیت سیر هذه الأثقال (الأمیال) بین مکة والمدینة ثم أومأ بیده أربعة وعشرین میلا ویکون ثمانیة فراسخ...)(الوسائل ج 8 باب: 1 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 15) تنص علی ان العبرة إنما هي بثمانیة فراسخ ولا موضوعیة لبیاض الیوم الا باعتبار ان السیر فیه علی النحو المتعارف لا یقل عن ثمانیة فراسخ.

فالنتیجة في نهایة المطاف انه لا فرق بین أو تطوی المسافة في یوم أو بضع ساعات أو خلال عدة دقائق تبعا لاختلاف درجة سرعة وسائط النقل.

2- الفیّاض: الاحتیاط ضعیف جدا، فإن الروایات الکثیرة التي تنص وتؤکد علی أن أهل مکة إذا خرجوا حجاجا إلی عرفة قصروا تدل بوضوح علی عدم الفرق بین من نوی الرجوع لیومه ومن نوی الرجوع قبل إکمال العشرة، حیث أن مورد هذه الروایات غیر الناوي للرجوع لیومه، ویدل علی عدم الفرق بینهما أیضا إطلاق قوله  في صحیحة زرارة: «برید ذاهب وبرید جائي»(الوسائل ج 8 باب: 2 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 14)، وقوله7 في ذیلها: «وکان رسول الله6 إذا أتی ذبابا قصّر وذباب علی برید وإنما فعل ذلک لأنه إذا رجع کان سفره بریدین، ثمانیة فراسخ»(الوسائل ج 8 باب: 2 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 15).

ولا دلیل علی التفصیل بین الصورتین في المسألة حیث لم یرد في شيء من الروایات ما یدل علیه الّا في الفقه الرضوي فإنه ینص علی التخییر إذا لم یرد الرجوع من یومه. ولکن بما أنه ضعیف سندا فلا یمکن الاعتماد علیه.

وأما عنوان مسیر الیوم وبیاض النهار وشغل الیوم فقد مر أنه لا موضوعیة لهذه العناوین أصلا، بل هي مأخوذة للإشارة إلی تقدیر السیر المعتبر في وجوب القصر بها.

نعم، لو کان هناک دلیل علی التفصیل لوقع التعارض بینه وبین روایات أهل مکة باعتبار أنها غیر قابلة للتقلید بناوي الرجوع من یومه فلابد حینئذ من الرجوع إلی مرجحات باب المعارضة.

فالنتیجة: انه لا فرق في المسألة بین المسافر الناوي للرجوع من یومه والمسافر الناوي له قبل العشرة، فما نسب إلی المشهور من أن الناوي للرجوع قبل العشرة مخیر بین الاتمام والقصر، لا دلیل علیه، کما أنه لا دلیل علی ما نسبت إلی جماعة من القول بالتمام فیه.

 

مسالة 1: الفرسخ ثلاثة اميال، والميل اربعة الاف ذراع، بذراع اليد الّذي طوله اربعة وعشرون اصبعا(1) ، كلّ اصبع عرض سبع شعيرات، كلّ شعيرة عرض سبع شعرات من اوسط شعر البرذون.

1- الفیّاض: فیه ان المراد من الذارع هو أدنی فرده المتعارف حیث ان افراده في الخارج مختلفة سعة وضیقا لا مطلق المتعارف بمعنی الجامع بین افراده کما هو ظاهر المتن.

والنکتة في ذلک أن الذراع أو القدم أو الشبر أو الاصبع إذا أخذ في موضوع الحکم فتارة: یکون الحکم نسبیا بلحاظ افراد المکلفین بمعنی أن الملحوظ في الموضوع هو شبر کل فرد أو ذراع کل شخص کما في باب الوضوء إذا قیل: امسح من رجلیک مقدار ثلاث أنامل من رءوس الأصابع إلی الکعبین، أو امسح من رأسک مقدار ثلاثة أصابع، فإن المتفاهم منه ان کل فرد مکلف بمسح رجلیه بمقدار ثلاث أنامل من رءوس أصابعه ومسح رأسه بمقدار ثلاثة من أصابعه.

وأخری: لا یکون نسبیا بمعنی أن الحکم لا یکون مشتملا علی نسبة إلی افراد المکلفین کالحکم بالکریة فیما إذا قیل: ان الماء إذا بلغ کذا شبرا کان کرا ولا ینفعل بالملاقاة، والحکم بالقصر فیما لو قیل إذا طوی المسافر کذا ذراعا وجب علیه القصر وهکذا.. فان الکریة متمثلة في مساحة محددة واقعیة لا تختلف باختلاف افراد المکلفین واشبارهم فلا معنی لإضافة الکریة إلی هذا الفرد من المکلف أو ذاک والمسافة التي تطوی في السفر المحددة شرعا بثمانیة فراسخ أو أربعة وعشرین میلا مسافة واقعیة ذات بعد واحد محدد محفوظ في نفسه علی مستوی واحد بالنسبة إلی آحاد المکلفین، ولا تختلف باختلاف قصر الذراع وطوله، وما نحن فیه من هذا القبیل، فإن المسافة التي یکون السیر فیها موضوعا لوجوب القصر والافطار المحددة في الروایات بثمانیة فراسخ تارة، وبأربعة وعشرین میلا تارة أخری مسافة واقعیة محددة کما ولا تختلف باختلاف افراد المکلفین وأذرعهم، وتفسیر هذه المسافة بأربعة آلاف ذراع فلا محالة یراد من الذراع المعنی الواقعي الموضوعي المحفوظ في نفسه الذي لا یختلف باختلاف أذرع المکلفین طولا وقصرا، بداهة انه لا یحتمل أن یکون مقدار السیر الموجب للقصر یختلف باختلاف آحاد المکلفین طولا وقصرا، بدهة انه لا یحتمل أن یکون مقدار السیر الموجب للقصر یختلف باختلاف آحاد المکلفین وأذرعهم طولا وقصرا، وعلی هذا فلا محالة یکون الحکم المجعول علی الذراع أو نحوه في مقام التحدید یستدعي بنفسه افتراض ثبوت مرتبة خاصة منه وثبوت الحکم لها دون الجامع بینها وبین سائر المراتب من المتعارف إذ لا معنی للتحدید بالجامع بین الأقل والأکثر، وتتعین هذه المرتبة الخاصة بمقدمات الحکمة في اقصر الاذرع وادناها ومن المعلوم ان لهذه المرتبة الخاصة المتمثلة في أقصر الأذرع واقعا موضوعیا معینا في مقام التطبیق بالاضافة إلی تمام آحاد المکلفین ولا تختلف زیادة ولا نقیصة بقدر أنملة أو شعیرة، وکذلک الحال في الاصبع.

ودعوی: ان الأحکام الشرعیة لا تبتني علی هذه التدقیقات العقلیة التي لا تندرج تحت ضابط معین، فإن کل ذراع یختلف عن الآخر مع کونهما من المتعارف وهذا الاختلاف الجزئي بینهما یکبر بالنسبة إلی تمام المسافة المحددة فیتحقق فارق کبیر بین التقدیرین، بل الاختلاف الیسیر بین شعیرة وأخری مع فرض کونهما من المتعارف یؤدي إلی حصول الفارق الکبیر بینهما، فمن أجل ذلک لا وجه لهذه التدقیقات ولا یترتب علیها أثر شرعي، فإن العبرة إنما هي بصدق الفرسخ والمیل ومسیر یوم...

مدفوعة: بأن الحکم في الشریعة المقدسة وإن کان مجعولا لعنوان الفرسخ والمیل الّا أنه لا شبهة في أن معنی الفرسخ معنی واقعي موضوعي معین في الواقع ولیس معنی نسبیا یختلف عن فرد بالاضافة إلی فرد آخر، بل هو محفوظ في نفسه بالنسبة إلی تمام آحاد المکلفین، وکذلک الحال في المیل، فإذا کان المیل عبارة عن أربعة ألاف ذراع فبطبیعة الحال یکون المراد من الذراع هو الذراع المتعارف، فإن ارادة غیره بحاجة إلی قرینة کما ان المراد من الذراع المتعارف مرتبة خاصة منه دون الجامع بین افراده وحصصه باعتبار أن الحکم المجعول علی المیل إنما هو مجعول علیه في مقام التحدید ولا معنی للتحدید بالجامع بین الأقل والأکثر، بل هو غیر معقول، وتتعین هذه المرتبة الخاصة في أقصر الأذرع المتعارفة وأدناها بقرینة الحکمة لأن دخل الزیادة في الحد بحاجة إلی قرینة أخری ولا یکفي إطلاق کلمة (لذراع) فاذن لا یلزم المحذور والمذکور من التقدیر بالمتعارف والأخذ به وهو الاختلاف بین التقدیرین.

فالنتیجة: انه لابد من هذه التدقیقات في مقام التطبیق باعتبار أن موضوع الحکم في الواقع شيء محدد ولا یمکن أن یختلف زیادة ونقیصة ولو بقدر أنملة أو شعیرة.

 

 مسالة 2: لو نقصت المسافة عن ثمانية فراسخ، ولو يسيرا، لايجوز القصر، فهي مبنيّة على التحقيق   لا المسامحة العرفيّة؛ نعم، لايضرّ اختلاف الاذرع المتوسّطة في الجملة ، كما هو الحال في جميع التحديدات  الشرعيّة(1)  .

1- الفیّاض: مر أن العبر إنما هي بأقصر الأرع المتوسطة المتعارفة وهو مرتبة خاصة منها لا بالجامع بین الافراد المتوسطة، إذ لا معنی للتحدید بالجامع بین الأقل والأکثر، فما في المتن من أنه لا یضر إختلاف الأذرع المتوسطة في الجملة، ان أراد بذلک تحدید المسافة بالجامع، فیرد علیه أنه لا معنی للتحدید به لأن مرده إلی التحدید بین الأقل والأکثر وهو غیر معقول. وإن أراد به تحدیدها بمرتبة خاصة منها وهي أقصر الأذرع وأدنی مرتبتها، فیرد علیه أنه لا اختلاف فیه.

 

 مسالة 3: لو شکّ في كون مقصده مسافة شرعيّة او لا، بقي على التمام على الاقوى، بل وكذا لو ظنّ كونها مسافة.

مسالة 4: تثبت  المسافة بالعلم الحاصل من الاختبار وبالشياع المفيد للعلم  وبالبيّنة الشرعيّة؛ وفي ثبوتها بالعدل الواحد اشكال(1) ، فلايُترک الاحتياط بالجمع.

 1- الفیّاض: الظاهر أنه لا إشکال  في ثبوتها به بل بخبر ثقة واحدة علی أساس ان عمدة الدلیل علی حجیة إخبار الثقة إنما هي بناء العقلاء علی العمل بها بلافرق بین الشبهات الحکمیة و الموضوعیة، و قد ذکرنا في علم الأصول ان الأدلة اللفظیة من الایات و الروایات إنما هي في مقام التأکید و التقریر لبناء العقلاء، لا في مقام التأسیس و الجعل.

 

 مسالة 5: الاقوى  عند الشکّ وجوب الاختبار  او السؤال(1)، لتحصيل البيّنة او الشياع المفيد للعلم، الّا اذا كان مستلزما للحرج.

1- الفیّاض: بل الأقوی عدم الوجوب الا إذا کانت الشبهة حکمیة، کما إذا شک المسافر في أن المسافة التي یکون قطعها موجبا هل هي ثمانیة فراسخ أو أقل أو أکثر. أو شک هل أنه یعتبر أن یکون قطعها کلا في اتجاه واحد، أو لا یعتبر ذلک، و هکذا، ففي مثل هذه الحالة یجب علیه الفحص و البحث، فإن کان مجتهدا وجب علیه الرجوع إلی أدلة المسألة و إن کان مقلدا وجب علیه الرجوع إلی فتوی المجتهد فیها.

و أما إذا کانت الشبهة موضوعیة فلا یجب علی المسافر فیها الفحص و البحث عن المسافة التي طواها في سفره فعلا، بل متی اتفق له أن تأکد من طيّ المسافة الشرعیة و هي ثمانیة فراسخ باحدی الطرق الشرعیة من العلم الوجداني أو الاطمئنان أو البینة أو خبر الثقة أخذ بذلک و قصر، و الاّ فعلیه التمام.

مسالة 6: اذا تعارض  البيّنتان، فالاقوى سقوطهما   ووجوب التمام وان كان الاحوط الجمع.

مسالة 7: اذا شکّ في مقدار المسافة شرعا، وجب عليه الاحتياط بالجمع  ، الّا اذا كان مجتهدا  وكان ذلک بعد الفحص عن حكمه، فانّ الاصل هو التمام .

مسالة 8: اذا كان شاكّا في المسافة ومع ذلک قصّر، لميجز، بل وجب عليه الاعادة تماما؛ نعم، لو ظهر بعد ذلک كونه مسافة اجزا اذا حصل منه قصد القربة مع الشکّ المفروض، ومع ذلک الاحوط الاعادة أيضا .

مسالة 9: لو اعتقد كونه مسافة فقصّر ثمّ ظهر عدمها، وجبت الاعادة؛ وكذا لو اعتقد عدم كونه مسافة فاتمّ ثمّ ظهر كونه مسافة، فانّه يجب عليه  الاعادة (1) .

1- الفیّاض: هذا إذا انکشف في الوقت و علم أنه کان قد طوی المسافة المحددة شرعا، و دما إذا انکشف ذلک في خارج الوقت فلا تجب الاعادة، و تدل علیه صحیحة العیص بن القاسم. قال: «سألت أبا عبد اللّـه  عن رجل صلی و هو مسافر فأتم الصلاة؟ قال: إن کان في الوقت فلیعد، و أن کان الوقت قد مضی فلا...» (الوسائل ج 8 باب: 17 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1)، فإنها باطلاقها تشمل الجاهل بالموضوع أیضا، و من هذا القبیل ما إذا کان المسافر شاکا في ذلک و غیر متأکد من عدم طيّ المسافة و أتم صلاته ثم بان العکس و علم أنه کان قد طوی المسافة، فإن کان قد طوی المسافة، فإن کان في الوقت وجبت علیه الاعادة و الاّ فلا تطبیقا لإطلاق الصحیحة.

 مسالة 10: لو شکّ في كونه مسافة   او اعتقد العدم ثمّ بان في اثناء السير كونه مسافة، يقصّر وان لميكن الباقي مسافة(1).

1- الفیّاض: الأمر کما أفاده ، فإن مبدأ المسافة إنما یحتسب من حین الابتداء بالسفر لا من حین علمه بالمسافة، فإذا سافر من النجف إلی الحلة مثلا معتقدا عدم المسافة بینهما، أو شاکا فیها، و علم في وسط الطریق أن بینهما مسافة وجب علیه القصر باعتبار انه جادّ في قصده طي المسافة واقعا من ابتداء سفره و هو موضوع وجوب القصر بمقتضی الأدلة و العلم طریق الیه فلا یکون دخیلا فیه.

 

 مسالة 11: اذا قصد الصبيّ مسافة ثمّ بلغ في الاثناء، وجب عليه القصر وان لميكن الباقي مسافة؛ وكذا يقصّر اذا اراد التطوّع بالصلاة مع عدم بلوغه. والمجنون الّذي يحصل منه القصد اذا قصد مسافة ثمّ افاق في الاثناء، يقصّر؛ وامّا اذا كان بحيث لايحصل منه القصد، فالمدار بلوغ المسافة  من حين افاقته.

مسألة 12: لو تردّد في أقلّ من أربعة فراسخ ذاهبآ وجائيآ مرّات حتّى بلغ المجموع ثمانية، لم يقصّر  ؛ ففي التلفيق لابدّ أن يكون المجموع من ذهاب واحد وإياب واحد ثمانية(1).

1- الفیّاض: هذا إذا کان الذهاب و الایاب متساویین بأن یکون کل منهما یمثل نصف المسافة و هو أربعة فراسخ، و أما إذا کان أحدهما یمثل ثلثي المسافة و الآخر ثلثها فالأحوط وجوبا هو الجمع بین القصر و التمام علی ما مر.

 

 مسألة 13: لو كان للبلد طريقان والأبعد منهما مسافة، فإن سلک الأبعد قصّر، وإن سلک الأقرب لميقصّر، إلّا إذا كان أربعة أو أقلّ  وأراد الرجوع  من الأبعد(1).

 1- الفیّاض: فیه ان هذا لیس من جهة ان المجموع الملفق مسافة شرعیة، بل من جهة ان الطریق الأبعد بنفسه مسافة بالکامل _کما هو المفروض في المسألة_ فیکون سلوکه وحده کافیا للقصر، فلا حاجة إلی ضم الأقرب إلیه. و علی هذا فإذا کان بین بلدین طریقان فإن کان أحدهما یساوي المسافة المحددة شرعا و الأخر یساوي ثلثها، فإن قطع الطریق الأبعد ذهابا و الأقرب رجوعا أو بالعکس فلا إشکال في وجوب القصر و إن قطع الأقرب ذهابا و رجوعا فلا قصر. و إن کان کل منهما یساوي نصف المسافة فحینئذ اعتبر مجموع الذهاب و الایاب بینهما سفرا واحدا ما لم یتخلله في الأثناء أحد قواطع السفر کالمرور علی الوطن أو إقامة عشرة أیام في البلد الثاني، و إن کان أحدهما أبعد من الآخر کما إذا کان الأبعد یمثل ثلثي المسافة و الأقرب یمثل ثلثها فحینئذ إن قطع الأبعد ذهابا و ایابا فلا إشکال في وجوب القصر، و إن قطع الأبعد ذهابا و الأقرب ایابا ففي وجوب القصر إشکال، و الأحوط هو الجمع بینه و بین التمام، و أما إذا قطع الأقرب ذهابا و ایابا فلا قصر.

مسألة 14: في المسافة  المستديرة، الذهاب فيها الوصول إلى المقصد  والإياب منه إلى البلد، وعلى المختار يكفي كون المجموع مسافة مطلقا وإن لميكن إلى المقصد أربعة(1)، وعلى القول الآخر   يعتبر أن يكون من مبدأ السير إليه أربعة  مع كون المجموع بقدر المسافة.

1- الفیّاض: تقدم ان الأحوط فیه هو الجمع بین القصر و التمام، و لا فرق في المسألة بین أن تکون المسافة بخط مستقیم و إن کان ذلک الخط في ضمن خطوط منحنیة و منکسرة، کما إذا کان الطریق بین الصخور و الأودیة أو الجبال أو الأنهار فإنه غالبا یکون معوجا و غیر مستقیم، أو تکون بشکل دائري کما إذا کان بلد المسافر واقعا علی محیط دائرة و محیطها عدا ما تشتغله بلدته من المساحة یساوي المسافة المحددة شرعا و هي ثمانیة فراسخ و علی هذا فإذا نوی قطع هذه المسافة ذهابا إلی مقصد في محیطها و ایابا إلی بلدته، فإن کان کل منهما یساوي نصف المسافة فلا إشکال في وجوب القصر فرق بین أن یکون رجوعه إلی بلدته من النصف الآخر لمحیط الدائرة، أو من نفس النصف الذي قطعه ذهابا فعلی کلا التقدیرین یصدق علیه انه ذهب بریدا و رجع بریدا، و إن کان أحد الطریقین یساوي ثلثي المسافة و الآخر یساوي ثلثها فإن سلک الأبعد ذهابا و ایابا فلا إشکال و إن سلک الأبعد ذهابا و الأقرب إیابا ففیه إشکال، و الأحوط هو الجمع.

فالنتیجة: ان مقتضی اطلاق الأدلة عدم الفرق بین أن تکون المسافة علی شکل دائري أو علی خط مستقیم إذا صدق السفر عرفا بحیث یقول الناس لمن سلکها بأنه مسافر، و من المعلوم أنه لا فرق في صدقه عرفا بین الفرضین و إن کانت بلدة المسافر في مرکز الدائرة، و ابتعد عن بلدته إلی أن وصل إلی محیط الدائرة ثم یدور علیه و کان المجموع بقدر المسافة الشرعیة فإن صدق السفر عرفا علی طي هذه المسافة بالکامل وجب علیه القصر و الا فالتمام، و هو یختلف باختلاف ابتعادة عن بلدته إلی المحیط فإن کان کثیرا کفرسخین أو أزید اعتبره العرف مسافرا و إن کان قلیلا کنصف فرسخ أو أقل لم یعتبره مسافرا فلیس لذلک ضابط کلي فالعبرة إنما هي بصدق السفر عرفا و عدم صدقه.

مسألة 15: مبدأ حساب المسافة سور البلد  أو آخر البيوت فيما لا سور فيه فيالبلدان الصغار و المتوسّطات،وآخرالمحلّة  في البلدان الكبار  الخارقة للعادة (1)؛ والأحوط مع عدم بلوغ المسافة من آخر البلد الجمع وإن كانت مسافة إذا لوحظ آخر المحلّة.

 1- الفیّاض: فیه إشکال بل منع، و الأظهر عدم الفرق بین البلدان الکبیرة و الصغیرة، فکما ان بلدة المسافر إذا کانت صغیرة فالعبرة إنما هي بخروجه عنها علی أساس أنه لا یصدق علی تحرکاته في بلدته عنوان السفر عرفا، فکذلک إذا کانت بلدته کبیرة، فإنه ما دام یتحرک في وسط بلدته لا یعتبر ذلک سفرا منه عرفا، لأن السفر یتوقف علی الخروج من البلدة و الابتعاد عنها، و من هنا لا تعتبر تحرکات الساکنین في البلدان الکبیرة من بیوتهم إلی مقرات عملهم، أو منها إلی محلاّت أخری لغایة سفرا منهم عرفا و إن افترض انه بقدر المسافة ذهابا و إیابا و هو ثمانیة فراسخ، و علیه فتقیید الماتن1 مبدأ حساب المسافة ب­آخر المحلة في البلدان الکبیرة لا یساعده الاعتبار العرفي، فإنها و إن کانت من ناحیة سعتها خارقة للعادة فمع ذلک لا یعتبر التحرکات المقصودة في داخلها بمقدار المسافة الشرعیة سفرا عرفا، مع ان العبرة إنما هي بصدق السفر العرفي علیها، علی أساس ان السفر إنما یترتب علیه قصر الصلاة و افطار الصوم شریطة توفر أمور..

الأول: ان لا تقل المسافة التي تطوی في السفر عن ثمانیة فراسخ.

الثاني: أن تکون هذه المسافة مقصودة للمسافر من المبدأ إلی المنتهی.

الثالث: أن یعتبر العرف قطع هذه المسافة سفرا، و من قطعها یعتبره مسافرا، و أما إذا قطعها و مع ذلک لم یعتبره مسافرا فلا تترب علیه الأحکام المذکورة، کمن یبتعد عن بلدته بمقدار قلیل ثم یدور حولها علی نحو تکون مسافة المحیط الذي یقطعه تساوي المسافة المحددة شرعا و هي ثمانیة فراسخ و مع ذلک لا یعتبره العرف مسافرا.

الرابع: أن لا یتخلل أحد قواطع السفر في أثناء سیره بقدر المسافة.

فإذا توفرت فیه هذه الشروط جمیعا ترتبت علیه أحکامه و الاّ فلا، و بما أن السفر العرفي لا یصدق علی تحرک الشخص داخل بلدته مهما کانت کبیرة و کان بقدر المسافة لم یترتب علیه حکمه.

فالنتیجة: انه لا مجال للفرق بین البلدان الصغیرة و الکبیرة و إن کان کبرها بدرجة یکون امتدادها طولا أو عرضا أکثر من المسافة الشرعیة.

هذا إضافة إلی أن قوله7 في صحیحة زرارة: «و قد سافر رسول اللّـه9 إلی ذي خشب و هو مسیرة یوم من المدینة...» (الوسائل ج 8 باب: 1 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 4) یؤکد ما ذکرناه من أن مبدأ المسافة یحسب من آخر البلد، و من المعلوم ان العرف لا یفهم خصوصیة للمدینة بل باعتبار أنها بلدة المسافر، کما أنه لا یفهم خصوصیة لکونها بلدة صغیرة أو کبیرة علی أساس ان احتساب مبدأ المسافة منه یکون علی القاعدة باعتبار ما عرفت من ان تحرکاته داخل البلدة و إن کانت بقدر المسافة لا تعد سفرا عرفا.

و أما ما ورد في لسان مجموعة من الروایات من احتساب مبدأ المسافة من المنزل و الانتهاء إلیه، منها: قوله7 في موثقة عمار: «لا یکون مسافرا حتی یسیر من منزلة أو قریته ثمانیة فراسخ فلیتم الصلاة...» (الوسائل ج 8 باب: 4 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 3) فهو أما إن یراد من المنزل المضاف إلی المسافر المعنی الأوسع منه و هو بلدته التي یسکن فیها، باعتبار أنها مکان سکناه، فإذن معنی خروجه من منزله و هو خروجه من بلدته، أو یراد منه المنزل في مقابل البلدة و القریة کما إذا کان من أهل البوادي. و یؤکد ذلک عطف القریة علی المنزل بکلمة (أو) في الموثقة، إذ لا یمکن حمل هذا العطف علی التخییر بین الأقل و الأکثر بأن یکون المسافر مخیرا بین أن یحسب مبدأ المسافة من منزله أو من قریته و هو کما تری. فإذن لا محالة یکون المراد من هذا العطف هو ان المسافر إذا کان منزله في قریة لها طول و عرض کالبلدة کان یحسب مبدأ المسافة من آخر قریته أو بلدته، و إن لم یکن فیها کان یحسب مبدؤها من منزله.

إلی هنا قد تبین انه لا فرق بین البلاد الکبیرة و الصغیرة، و هذا الفرق لا یحتاج إلی النص بل هو علی القاعدة، فإن منزله إذا لم یکن في بلدة کان خروجه منه یعتبر سفرا منه عرفا دون ما إذا کان في بلدة کان خروجه منه یعتبر سفرا منه عرفا دون ما إذا کان في بلدة أو قریة.

 

 الشرط الثاني: قصد قطع المسافة  من حين الخروج، فلو قصد أقلّ منها وبعد الوصول إلى المقصد قصد مقدارآ آخر يكون مع الأوّل مسافة لميقصّر(1)؛ نعم، لو كان ذلک المقدار مع ضمّ العود  مسافة ، قصّر  من ذلک الوقت  بشرط أن يكون عازمآ على العود؛ وكذا لايقصّر من لايدري أىّ مقدار يقطع، كما لو طلب عبدآ آبقآ أو بعيرآ شاردآ أو قصد الصيد ولميدر أنـّه يقطع مسافة أو لا؛ نعم، يقصّر في العود إذا كان مسافة، بل في الذهاب إذا كان مع العود بقدر المسافة وإن لميكن أربعة (2)، كأن يقصد في الأثناء أن يذهب ثلاثة فراسخ، والمفروض أنّ العود يكون خمسة أو أزيد؛ وكذا لايقصّر لو خرج ينتظر رفقة إن تيسّروا سافر معهم وإلّا فلا، أو علّق سفره على حصول مطلب في الأثناء قبل بلوغ الأربعة، إن حصل يسافر وإلّا فلا؛ نعم، لو اطمأنّ بتيسّر الرفقة أو حصول المطلب بحيث يتحقّق معه العزم على المسافة، قصّر بخروجه عن محلّ الترخّص.

1- الفیّاض: هذا باعتبار ان وجوب القصر منوط بطيّ المسافة بسفرة واحدة، و بما أنه لم یطو المسافة بکاملها کذلک لم یجب علیه القصر و انما طواها بسفرتین، و حیث ان المجموع لا یعد سفرة واحدة فلا أثر له، فإذا قصد المسافر من بلدته ما دون المسافة الشرعیة فإذا وصل إلیه تجدد له رأي بأن یسافر إلی بلد آخر فسافر إلیه ففي مثل ذلک یعتبر مبدأ المسافة من مقصده لا من بلدته فیلغی من الحساب ما قطعه من المسافة قبل تجدد الرأی له بالسفر إلی بلدة أخری.

مثال ذلک: نجفي ینوي السفر إلی الکوفة و إذا وصل إلیها تجدد له رأی بعدم الرجوع إلی النجف و السفر من الکوفة إلی الشامیة مثلا ثم یعود منها إلی النجف مارا بالکوفة و حینئذ تعتبر المسافة من الکوفة إلی الشامیة و منها إلی النجف مارا بالکوفة، فإن کان المجموع بقدر المسافة الشرعیة و هي ثمانیة فراسخ ترتب علیه أحکامه و الاّ فلا، و أما ما قطعه أولا من النجف إلی الکوفة فهو یلغی من الحساب لأنه لم یکن قاصدا بذلک المسافة الشرعیة بالکامل و لا یمکن الحاقة بما یتجدد له رأي في السفر إلی بلدة أخری باعتبار أنه سفرة أخری جدیدة لا ترتبط بالأول و یحسب مبدؤها من الکوفة في المثال علی أساس أن السفر یتعدد بتعدد المقصد و الغایة شریطة أن یتجدّد له رأي في السفر إلی بلدة أخری بتجدد الغایة بعد الوصول إلی المقصد الأول، فإن من سافر من بلدة کالنجف..

فتارة یقصد الکوفة فحسب من أجل غایة، و بعد الوصول إلی الکوفة و حصول الغایة یتجدد له رأي في السفر إلی العباسیة من اجل غایة و اذا وصل إلیها و حصل الغایة المقصودة یتجدد له رأي بالسفر الی الکفل و هکذا، فهنا أسفار متعددة و لا یجب علیه القصر في شيء منها، و المفروض أن المجموع لا یعد سفرة واحدة عرفا.

وأخری یقصد السفر من النجف إلی الحلة بغایات متعددة في الطریق فیسافر إلی الکوفة لغایة وإلی العباسیة لغایة أخری وإلی الکفل لغایة ثالثة وإلی الحلة لغایة رابعة وهکذا... وهذه الغایات وإن کانت کل واحدة منها غایة مستقلة في محدودیتها وهي ما دون المسافة وتدعو بالسفر إلیها کذلک، الّا أن مجموعها غایة واحدة بالنسبة إلی السفر بقدر المسافة الشرعیة وهو السفر من النجف إلی الحلة في المثال، فإن الداعي إلی هذه السفره الواحدة بقدر المسافة هو مجموع تلک الغایات، وبما أن المسافر قد نوی هذه السفرة الواحدة من الأول علی أثر الغایات المذکورة فعلیه أن یقصر في صلاته.

ثم ان المراد من القصد هنا هو علیم المسافر وشعوره بدنه سیقطع المسافة بکاملها سواء أکان هذا العلم قائما علی أساس أنه أراد السفر باختیاره، أو علی أساس أنه مکره من قبل شخص علی ذلک، أو مضطر لاختیار هذا السفر، أو مستسلم للأمر الواقع بلا اختیار له کما إذا کان راکبا في السفینة وافلت زمام أمرها عن ید بحارها وعلم بأنها ستقطع المسافة الشرعیة قبل أن یقدر الملاح علی التحکم علیها، أو أنه ملقی في السفینة بغیر اختیاره وإرادته، فإنه في تمام هذه الصور یجب علیه القصر باعتبار أنه عالم بقطع المسافة الشرعیة بالکامل ونوی طیّها کذلک.

فالنتیجة: ان المسافر إذا قصد ما دون المسافة ولما بلغ مقصده تجدد له رأي في السفر إلی بلدة أخری فسافر إلیها فلا شبهة في أن سفره إلی بلدة أخری سفرة جدیدة عرفا ویعتبر ابتداؤها من المقصد ولا تکون متممة للسفرة الأولی ومواصلة لها، لأنها قد انتهت بالوصول إلی مقصدها، فیکون منشأ التعدد تجدد الداعي والرأي له في السفرة الأخری بغایة ثانیة بعد الانتهاء من السفرة الأولی، إذ لو کان الداعي إلیها موجودا من الأول لکان استمرار ومواصلة لها لا أنها سفرة جدیدة.

ثم ان الطلاقات الروایات التي تنص علی تحدید المسافة الشرعیة بثمانیة فراسخ بمختلف الألسنة کبیاض یوم، أو مسیر یوم، أو بریدین، أو أربعة وعشرین میلا، أو ثمانیة فراسخ هل تشمل هذه الصورة علی أساس أنه قد طوی المسافة المحددة شرعا وان کان بأسفار متعددة أو لا؟ فیه وجهان: الظاهر هو الوجه الثاني، فإنها في مقام بیان تحدید موضوع وجوب القصر باعتبار أن العناوین المأخوذة في تلک الروایات کلها تعبیر عرفي عنه وهو السفر الممتد بقدر ثمانیة فراسخ، وبما ان الاتصال مساوق للوحدة فیکون الموضوع هو السفرة الواحدة وتتحقّق بالشروع فیها شریطة استمرارها إلی ثمانیة فراسخ، وعلی هذا فمقتضی القاعدة وجوب القصر علی المسافر متی ابتدأ بالسفر، ولکن الدلیل الخارجي قد قام علی تقیید وجوبه علیه بالوصول إلی حد الترخص، وعلیه فإذا واصل سفره إلی تمام المسافة بالکامل فهو یکشف عن تحقق الموضوع من الأول بتحقق جزئه، وأما إذا لم یواصل فیکشف عن ان موضوعه لم یتحقق أصلا وما طواه من مسافة لیس جزء الموضوع.

ومن هنا یظهر أن وجوب القصر علی المسافر إذا وصل إلی حد الترخص لیس من الوجوب المشروط بالشرط المتأخر، فإن کونه کذلک مبني علی ان الموضوع لم یتحقق الّا بتحقق السفر بقدر المسافة بکاملها، ولکن المبني غیر صحیح، فإن المرکب من الأجزاء التدریجیة منها الحرکة کالسفر یتحقق بتحقق أول جزئه وینتهي بانتهاء أخر جزئه، فإذا کانت حصة من السفر مأخوذة في موضوع الحکم کوجوب القصر وهي السفر إلی ثمانیة فراسخ فبطبیعة الحال تتحقق هذه الحصة بتحقق أول جزئها، فإذا استمر المسافر في سیره إلی تمام المسافة فهو کاشف عن تحقق الموضوع من الأول بتحقق جزئه لا أن الموضوع تحقق من الآن وأنه کاشف عن تحقق الوجوب من الأول حتی یکون مشروطا بشرط متأخر.

ومع الاغماض عن ذلک وتسلیم ان تلک الروایات مطلقة ولکن لابد من تقیید إطلاقها بقوله7 في موثقة عمار: «لا یکون مسافرا حتی یسیر من منزله أو قریته ثمانیة فراسخ فلیتم الصلاة»(الوسائل ج 8 باب: 4 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 3) فإنه یؤکد علی أن السفر الشرعي هو ما ینوی المسافر من منزله أو قریته ثمانیة فراسخ، ویؤید ذلک مرسلة صفوان، هذا من ناحیة.

ومن ناحیة أخری أنه یکفي قطع المسافة الواقعیة المحددة شرعا قاصدا له في وجوب القصر وإن لم یعلم بها، بل وإن کان یعلم بالخلاف، کما إذا سافر نجفي إلی الشامیة معتقدا بأنه لا مسافة بینهما شرعا، أو شاکا في ذلک، وفي أثناء الطریق علم بالحال فعلیه أن یقصر في صلاته، فلو صلاها تماما ثم تفطن، فإن کان الوقت باقیا وجبت إعادتها قصرا علی أساس أنه قاصد طيّ المسافة بکاملها وهو الموضوع لوجوب القصر سواء أکان المسافر عالما بذلک أم لم یکن، فإن العلم لیس جزء الموضوع ولا دخیلا فیه فإذا کان الطریق بین البلدین بقدر المسافة الشرعیة وقد قصد المسافر طيّ هذا الطریق بالکامل وإن لم یکن عالما به فوظیفته القصر.

فالنتیجة: انه یکفي فیه قصد سفر یحقق المسافة الشرعیة وهي ثمانیة فراسخ وإن لم یعلم المسافر بأن سفره یحقق ذلک، وهذا هو مقتضی اطلاقات الأدلة ولا سیما اطلاق الموثقة المتقدمة.

ومن هنا یظهر ان المعتبر في وجوب القصر أمران: أحدهما طيّ المسافة واقعا، والآخر أن یکون قاصدا وعالما بأنه یطوی هذه المسافة وإن کان جاهلا بأنها. مسافة. وأما إذا کان مترددا في طي المسافة وغیر قاصد له من الأول کطالب الضالة مثلا فیتم صلاته وإن قطع المسافة وهو متردد وبدون نیة، ومن هذا القبیل ما إذا تردد المسافر الناوي للسفر بقدر المسافة من الأول من جهة احتمال طروّ العجز علیه من مواصلة السفر والاستمرار علیه، أو احتمال ما یمنع عن ذلک فإنه یتم صلاته وإن قطع المسافة وهو متردد وبلا قصد.

2- الفیّاض: مر أن الأحوط فیه هو الجمع بین القصر والتمام.

مسألة 16: مع قصد المسافة لا یعتبر اتّصال السیر، فیقصّر و إن کان من قصده أن یقطع الثمانیة في أيّام وإن كان ذلک اختيارا لا لضرورة، من عدوّ أو برد أو انتظار رفيق أو نحو ذلک؛ نعم، لو كان بحيث لايصدق عليه اسم السفر لميقصّر  كما إذا قطع في كلّ يوم شيئا يسيرآ  جدّآ للتنزّه أو نحوه، والأحوط في هذه الصورة أيضا  الجمع. (1)

1- الفیّاض: بل الأقوی هو القصر لمکان صدق المسافر علیه وعدم صدق انه مقیم وإن قطع في کل یوم شیئا یسیرا من المسافة کخمسمائة متر أو أکثر ویواصل قطعها کذلک إلی أن یقطعها بالکامل والتمام.

 

 مسألة 17: لايعتبر في قصد المسافة أن يكون مستقلاّ، بل يكفي ولو كان من جهة التبعيّة للغير لوجوب الطاعة كالزوجة والعبد، أو قهرآ كالأسير والمكره ونحوهما، أو اختيارا كالخادم ونحوه، بشرط العلم بكون قصد المتبوع مسافة، فلو لميعلم بذلک بقي على التمام ويجب الاستخبار  مع الإمكان (1)؛ نعم، في وجوب الإخبار على المتبوع  إشكال وإن كان الظاهر عدم الوجوب.

1- الفیّاض: في الوجوب إشکال بل منع حیث انه لا منشأ لوجوب الاستخبار علی التابع بأن یفحص عن قصد المتبوع والتعرف علیه بالسؤال منه أو من غیره علی أساس ما مرّ من أن وجوب القصر قد أنیط بقصد السفر في المسافة المحددة شرعا بالکامل، وبما أن التابع لا یعلم بالحال فلا یکون قاصدا للسفر بقدر المسافة، وعلیه فوظیفته التمام واقعا وإن قطع المسافة وهو متردد وجاهل بالحال فلا یکون مکلفا بالقصر کذلک حتی علی تقدیر کون المتبوع في الواقع قاصدا للمسافة علی أساس ما مر من أن موضوع وجوب القصر هو قصد طيّ المسافة الشرعیة وبدونه فلا موضوع له حقیقة.

وعلیه فلا مقتضي لوجوب الفحص عن قصد المتبوع والتعرف علیه بالسؤال.

ومن هنا یظهر ان عدم وجوب الفحص هنا لیس مبنیا علی عدم وجوب الفحص في الشبهات الموضوعیة حیث ان وجوب القصر لما کان مترتبا علی قصد قطع المسافة المحددة شرعا فلا یتصور فیه التردد والشک بأن لا یعلم المسافر انه قاصد طيّ المسافة أو غیر قاصد له وعلی هذا فالتابع حیث إنه لا یعلم قصد المتبوع فهو غیر قاصد طيّ المسافة، ومعه تکون وظیفته التمام واقعا لا ظاهرا وإن قطع المسافة وهو في هذه الحال.

فالنتیجة: انه ما دام کونه جاهلا بقصد المتبوع یظل باقیا علی التمام واقعا وإن طال الأمد الّا أن یعلم في الأثناء فحینئذ یعمل علی طبق علمه، فإن کان الباقي مسافة قصر والّا فلا.

مسألة 18: إذا علم التابع بمفارقة المتبوع قبل بلوغ المسافة ولو ملفّقة، بقي على التمام، بل لو ظنّ ذلک فكذلک؛ نعم، لو شکّ  في ذلک، فالظاهر القصر(1) خصوص لو ظنّ العدم، لكنّ الأحوط في صورة الظنّ بالمفارقة والشکّ فيها الجمع.

1- الفیّاض: بل الظاهر هو التمام لأنه مع الشک والتردد فط مفارقة المتبوع لا یمکن أن یکون جادا في قصد السفر بقدر المسافة، فإنه یتنافی مع قصده السفر کذلک.

وعلیه فتکون وظیفته التمام في جمیع صور المسألة، بل الأمر کذلک مع الظن بعدم المفارقة فان احتمالها أیضا یتنافی مع قصد السفر عن جدّ، فما دام لا یکون واثقا ومتأکدا من عدم المفارقة لا یتمکن من القصد والعزم علیه کذلک.

فالنتیجة: ان التابع إذا کان عالما بقصد المتبوع فإن کان عالما بعدم المفارقة عنه، أو علی الأقل کان واثقا ومطمئنا به وجب علی القصر باعتبار أنه قاصد للسفر حینئذ تبعا لقصد متبوعه، والّا فالتمام وإن کان ظانا بالعدم إذ لا أثر له الّا أن یکون حجة.

ودعوی: ان التابع مع الظن بعدم المفارقة، بل مع الشک فیها یتمکن من قصد السفر الشرعي... خاطئة جدا، لأنها مبنیة علی الخلط بین القصد الفعلي والقصد التعلیقي فإنه إنما یتمکن في هذه الحالة من القصد التعلیقي وهو قصد السفر معلقا علی عدم المفارقة دون القصد الفعلي الموجود في النفس حالا، فإنه لا یجتمع مع التردد واحتمال المفارقة وعدم مواصلة السفر إلی ثمانیة فراسخ.

 مسألة 19: إذا كان التابع عازمآ على المفارقة مهما أمكنه أو معلّقآ لها على حصول أمر كالعتق أو الطلاق ونحوهما، فمع العلم بعدم الإمكان وعدم حصول المعلّق عليه يقصّر؛ وأمّا مع ظنّه  فالأحوط الجمع وإن كان الظاهر التمام، بل وكذا مع الاحتمال، إلّا إذا كان بعيدآ غايته  بحيث لاينافي صدق قصد المسافة، ومع ذلک أيضا  لايُترک  الاحتياط (1).

1- الفیّاض: في الاحتیاط إشکال بل منع، فإن التابع إن کان عازما علی مفارقة المتبوع متی أتیحت له الفرصة وکانت اناحتها أمرا محتملا ولیست صعبة المنال والوصول إلیها فهو یتنافی مع قصد السفر بقدر المسافة بالکامل، فاذن تکون وظیفته التمام دون الاحتیاط وإن کان وصوله إلی الفرصة المتاحة التي کانت من أمنیته صعب المنال والوقوع وکان احتماله ضعیفا جدا بدرجة یکون واثقا متأکدا بعدم الوصول إلیها فوظیفته القصر لأن قصد المسافة حینئذ مفروض علیه بحکم الأمر الواقع فلا مجال للاحتیاط.

مسألة 20: إذا اعتقد التابع أنّ متبوعه لميقصد المسافة أو شکّ في ذلک، وفي الأثناء علم أنـّه قاصد لها، فالظاهر  وجوب  القصر  عليه  وإن لميكن الباقي مسافة(1)، لأنـّه إذا قصد ما قصده متبوعه فقد قصد المسافة واقعآ، فهو كما لوقصد بلدآ معيّنا  واعتقد عدم بلوغه مسافة فبان في الأثناء أنـّه مسافة، ومع ذلک فالأحوط الجمع.

1- الفیّاض: بل الظاهر وجوب التمام علیه الّا إذا کان الباقي مسافة ولو بضمیمة الرجوع إلی بلدته، وأما إذا لم یکن الباقي مسافة لا بنفسه ولا بضمیمة الرجوع فتکون وظیفته عندئذ التمام لأن ما طواء أولا من المسافة في زمان تردده وجهله بأن متبوعه قاصد لها أولا ملغی من الحساب باعتبار أنه کان غیر قاصد لطيّ المسافة الشرعیة في هذه الحالة، وأما ما ذکره الماتن1 من ان التابع إذا کان یقصد ما قصد متبوعه فقد قصد المسافة واقعا نظیر ما إذا قصد شخص طي المسافة بین النجف والحلة مثلا ولکن لا یعلم بأنها مسافة شرعیة، وفي الطریق أو في المقصد علم بالمسافة، فلا شبهة في أن وظیفته التمام لأنه قاصد طي المسافة الشرعیة واقعا، وما نحن فیه کذلک، فلا یمکن المساعدة علیه لأن قیاس ما نحن فیه بذلک قیاس مع الفارق، لأن التابع بما انه جاهل بقصد المتبوع ولا یدري انه کان یقصد طي المسافة أو لا فبطبیعة الحال یکون قصده طي المسافة حینئذ معلقا علی تقدیر قصد المتبوع طیّها، فلا یمکن أن یکون منجزا وفعلیا، وهذا بخلاف ما إذا قصد المسافر السفر إلی بلد معین فإنه کان یقصد طي المسافة بینه وبین بلده واقعا وفعلا بدون تعلیق بل لا یعقل التعلیق فیه، فإن المسافة بینهما لما کانت بقدر المسافة الشرعیة في الواقع فهو قاصد لها واقعا وبصورة مباشرة وإن لم یعلم بذلک، ولا یعقل أن یکون قصده طي المسافة بینهما مشروطا بأن تکون مسافة شرعیة ومعلقا علیها فإنه غیر معقول بداهة أن القصد تعلق بهذه المسافة المحدودة في الخارج سواء أکانت مسافة شرعیة أم لم تکن لاستحالة انقلاب الواقع، وعلی کلا التقدیرین فلا تعلیق في الواقع.

وأما في المقام فبما أن التابع یتبع في قصده المتبوع لا الواقع وحیث انه لا یدري انه کان یقصد المسافة الشرعیة أو ما دونها، کما إذا لم یعلم أنه قصد السفر إلی کربلاء مثلا أو إلی ما دون المسافة، فلا یمکن أن یکون قاصدا لطي المسافة جزما وبصورة منجزة، بل لا محالة یکون مترددا فیه بتبع تردده في قصد متبوعه. وعلیه فوظیفته التمام لأن ما قطعه أولا في حال التردد من مسافة فهو یلغی من الحساب، والباقي لیس بمسافة.

 

مسألة 21: لا إشكال في وجوب القصر إذا كان مكرهآ على السفر أو مجبورآ عليه؛ وأمّا إذا ركب على الدابّة أو اُلقي في السفينة من دون اختياره، بأن لميكن له حركة سيريّة، ففي وجوب القصر ولو مع العلم بالايصال إلى المسافة إشكال  وإن كان لايخلو عن قوّة (1).

 1- الفیّاض: هذا هو المتعین حیث أن المراد من قصد السفر هنا لیس بمعنی الاختیار الناشي من الشوق والرغبة بل هو عبارة عن علم المسافر وإدراکه بأنه سیقطع المسافة بکاملها سواء أکان قطعها بإرادته واختیاره وإن کان بالأکراه أو الاضطرار، أم کان بغیر الاختیار والارادة، کما إذا ألقی في سفینة وهو یعلم بأنها ستقطع المسافة المحدّدة بکاملها.

والوجه فیه: أنه لا دلیل علی اعتبار القصد بمعنی زائد علی علم المسافر و إدراکه بالحال علی أساس أن مقتضی الروایات التي تنص علی تحدید المسافة بثمانیة فراسخ بمختلف الألسنة هو أن قطعها موضوع لوجوب القصر، و مقتضی اطلاقها عدم الفرق بین أن یکون قطعها بالاختیار أو بغیره، فإن وجوب القصر علی المسافر منوط بأن یقطع المسافة المحددة شرعا و إن کان بغیر الارادة و الاختیار و أن یکون قطعها مقصودا له بکاملها و إن لم یعلم بأن ما یقطعه مسافة.

مثال ذلک: نجفي سافر من النجف إلی الحلة مثلا قاصدا به طي المسافة بینهما و کانت المسافة بینهما في الواقع مسافة شرعیة، ولکنه لا یعلم بذلک، فإنه یجب علیه حینئذ القصر لأنه قطع المسافة الشرعیة واقعا و هي المسافة بین البلدین و کان قاصدا لقطعها کذلک کاملة.

و إن شئت قلت: إن المسافر إذا علم بأنه یقطع المسافة بین النجف و الحلة، فإذا قطعها وجب علیه القصر لأن ما طواه کان بقدر المسافة واقعا و کان قاصدا له یکاملها و إن لم یعلم به إذا یکفي أن یعلم أنه طوی المسافة بینهما و کانت في الواقع مسافة، فالعبرة في وجوب القصر إنما هي قصد سفر یحقق المسافة الشرعیة و إن لم یکن المسافر عالما بأن سفره یحقق ذلک.

نعم إذا تردد المسافر في أن ما یطویه في سفره هذا یحقق المسافة أو لا؟ فوظیفته التمام، کما إذا خرج من بلده لطلب حاجة ولکن لا یدري أنه وصل إلیها و قضاها قبل أن یقطع المسافة بالکامل أو بعد ذلک فإنه لم یقصد طي المسافة بکاملها، فمن أجل ذلک یصلي تماما و إن قطع المسافة و هو متردد.

فالنتیجة: ان المعتبر في وجوب القصر هو قصد السفر بقدر المسافة المحددة شرعا و هي ثمانیة فراسخ سواء أکان من منزله أم کان في أثناء الطریق، أم بالرجوع، کما إذا خرج من بلده مترددا و بعد أن طوی شیئا قصد السفر و خرج عن التردد في رأیه إلی العزم فحینئذ إن کان الباقي مسافة فعلیه القصر باعتبار أن ما قطعه من المسافة مترددا یلغی من الحساب.

و تنص علی ذلک موثقة عمار عن أبي عبد اللّـه قال: «سألته عن الرجل یخرج في حاجة فیسیر خمسة فراسخ أو ستة فراسخ و یأتي قریة فینزل فیها ثم یخرج منها فیسیر خمسة فراسخ أخری أو ستة فراسخ لا یجوز ذلک، ثم ینزل في ذلک الموضع. قال: لا یکون مسافرا حتی یسیر من منزله أو قریته ثمانیة فراسخ فلیتم الصلاة...» (الوسائل ج 8 باب: 4 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 3) فإنه قوله  «لا یکون مسافرا...» نص في نفي السفر إلاّ إذا کان قاصدا طي المسافة الشرعیة بکاملها و إلاّ فلا یجب علیه القصر و إن قطع أکثر من ثمانیة فراسخ بدون القصد، و علی هذا فإذا سافر إلی بلد بینه و بین بلده أو مقر إقامته المسافة و في أثناء الطریق عدل إلی بلد آخر یماثله في البعد و المسافة إذا کان ذلک فلا یضر، لأن العبرة إنما هي بنوع القصد و هو قصد المسافة المحددة شرعا فإنه شرط لوجوب القصر و لا خصوصیة للشخص، و الفرض أن هذا العدول لا یضر بأصل القصد، و من هذا القبیل ما إذا قصد السفر إلی أحد مکانین لا بعینه و کانا متساویین في المسافة بینهما و بین بلده أو مقر إقامته فإنه ما دام بینه و بینهما مسافة القصر فلا یعتبر التعیین و التمییز لأن المناط إنما هو قصد المسافة النوعي و یتخیر في مقام التطبیق.

 

 الثالث: استمرار قصد المسافة ؛ فلو عدل عنه قبل بلوغ الأربعة أو تردّد أتمّ ، وكذا إذا كان بعد بلوغ الأربعة، لكن كان عازمآ على عدم العود أو كان متردّدا في أصل العود وعدمه  أو كان عازمآ على العود لكن بعد نيّة الإقامة هناک عشرة أيّام؛ وأمّا إذا كان عازمآ على العود من غير نيّة الإقامة عشرة أيّام، فيبقى على القصر وإن لميرجع ليومه، بل وإن بقي متردّدا إلى ثلاثين يوما ؛ نعم، بعد الثلاثين متردّدا يتمّ.

مسألة 22: يكفي في استمرار القصد بقاء قصد النوع وإن عدل عن الشخص، كما لو قصد السفر إلى مكان مخصوص فعدل عنه إلى آخر يبلغ ما مضى وما بقي إليه مسافة، فإنّه يقصّر حينئذٍ على الأصحّ، كما أنـّه يقصّر لو كان من أوّل سفره قاصدا للنوع دون الشخص؛ فلو قصد أحد المكانين المشتركين في بعض الطريق ولميعيّن من الأوّل أحدهما، بل أوكل التعيين إلى ما بعد الوصول إلى آخر الحدّ المشترک، كفى في وجوب القصر.

مسألة 23: لو تردّد في الأثناء ثمّ عاد إلى الجزم، فإمّا أن يكون قبل قطع شيءمن الطريق أو بعده، ففي الصورة الاُولى يبقى على القصر  إذا كان ما بقي مسافة ولو ملفّقة، وكذا إن لميكن مسافة في وجه ، لكنّه مشكل، فلايُترک الاحتياط بالجمع(1)؛ وأمّا في الصورة الثانية فإن كان ما بقي مسافة ولو ملفّقة يقصّر  أيضا ، وإلّا فيبقى علىالتمام ؛ نعم، لوكان ما قطعه حال الجزم أوّلا مع مابقي بعد العود إلىالجزم بعد إسقاط ما تخلّل بينهما ممّا قطعه حالالتردّد مسافة، ففيالعود إلى التقصير وجه ، لكنّه مشكل، فلايُترک الاحتياط بالجمع(2) .

 1- الفیّاض: بل الأظهر فیه هو البقاء علی القصر، فإن المسافر إذا لم یقطع شیئا من الطریق لدی الحیرة و التردد فمعناه أنه قطع المسافة المحددة بکاملها عن قصد و عزم بدون الحیرة و التردد في المضي علی قصده أو العود إلی بلده، فإذا عاد إلی قصده الأول و عزم علی مواصلة سفره فهو استمرار الأول و مواصلة له و لیس سفرا جدیدا علی أساس أن مجموع ما طواه سابقا و ما یطویه لا حقا یکون عن قصد و عزم و لم یطو شیئا من المسافة في حالة الحیرة و التردد.

و إن شئت قلت: ان المعتبر في وجوب القصر هو أن یقصد المسافر قطع المسافة المحددة بکاملها، و علیه فالتحیر و التردد إن کان في أثناء القطع و الحرکة بإن یقطع شیئا من المسافة لدی الحیرة و التردد فهو یتنافي مع قصد المسافة بالکامل، إذ حینئذ لم یطو المسافة تماما عن قصد و عزم، مع أنه شرط لوجوب القصر و إن کان في الآن المتخلل بین أجزاء القطع و الحرکة في طول المسافة المحددة لم یضر، إذ لا یعتبر استمرار القصد في الآن المتخلل بینها، و إنما المعتبر استمراره في نفس تلک الحرکات التدریجیة و الطولیة.

2- الفیّاض: مر أن الأظهر فیه هو التمام، لأن المسافر إذا قطع شیئا من المسافة المحددة عند الحیرة و التردد، أو العزم علی العود ثم عاد إلی قصده الأول فهو مانع عن الاتصال، لأن ما یقطعه من المسافة بعد العود إلی الجزم بمواصلة السفر لا یکون بقاء و استمرارا لما قطعه أولا من مسافة مع العزم، لأن ما قطعه لدی الحیرة و التردد أو العزم علی العود إلی مقره مانع عن الاتصال بینهما، فإذن بطبیعة الحال أن ما یقطعه من مسافة بعد أن عاد إلی الجزم فهو سفر جدید باعتبار تجدد الرأي له فیه فینظر حینئذ إلیه، فإن کان یبلغ مسافة و لو بضم الایاب و الرجوع إلیه قصر، و أما إذا لم یبلغ حتی بضم الایاب فیتم و إن کان الأحوط و الأجدر أن یجمع بین القصر و التمام.

 

 مسألة 24: ما صلّاه قصرا قبل العدول عن قصده، لايجب إعادته  في الوقت ، فضلا عن قضائه خارجه(1).

 1- الفیّاض: في عدم الوجوب إشکال بل منع، و الأظهر وجوب الاعادة في الوقت و القضاء خارج الوقت، و ذلک لأن صحیحة زرارة قال: «سألت أبا عبد اللّـه عن الرجل یخرج مع القوم في السفر یریده فدخل علیه الوقت و قد خرج من القریة علی فرسخین فصلوا و انصرف بعضهم في حاجة فلم یقض له الخروج ما یصنع بالصلاة التي کان صلاها رکعتین؟ قال: تمت صلاته و لا یعید...» (الوسائل ج 8 باب: 23 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1) و إن کانت تدل علی تمامیة صلاته قصرا و عدم وجوب إعادتها علیه بعد عدوله عن مواصلة السفر و العود إلی بلده، و من هنا لو کنا نحن و هذه الصحیحة لقلنا بان موضوع وجوب القصر هو التلبس بالسفر و إن لم یستمر إلی تمام المسافة بالکامل، کما هو الحال في قصد الاقامة، إلاّ أن هذه الصحیحة معارضة بقوله  في صحیحة أبي ولاّد: «و إن کنت لم تسر في یومک الذي خرجت فیه بریدا فإن علیک أن تقضي کل صلاة صلیتها في یومک ذلک بالتقصیر بتمام» (الوسائل ج 8 باب: 5 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1) فإنه ناص في وجوب إعادة ما صلاة قصرا بعد العدول عن مواصلة السفر و العود إلی بلده علی أساس ان الأمر بالاعادة إرشاد إلی بطلانها، فمن أجل ذلک لا یمکن الجمع العرفي الدلالي بینهما بحمل الأمر بالقضاء في صحیحة أبي ولاّد علی الاستحباب علی أساس ان ذلک مبني علی أن الأمر بالقضاء أمر مولوي، و أما إذا کان إرشادیا _کما هو کذلک_ فلا مجال لهذا الحمل.

و دعوی ان المشهور بما أنهم قد عملوا بصحیحة زرارة و اعرضوا عن صحیحة أبي ولاّد فتسقط الصحیحة الثانية عن الحجیة.

مدفوعة بما ذکرناه في علم الأصول من أنه لا یمکن تبریر هذه الدعوی صغری و کبری، فمن أجل ذلک لا أثر لها، فإذن تصلح أن تعارض صحیحة زرارة، و بما أنه لا ترجیح في البین فتسقطان معا فیرجع إلی العام الفوقي و هو الروایات التي تنص علی تحدید موضوع وجوب القصر بثمانیة فراسخ شرعیة، و مقتضی ذلک أن من قطع دون المسافة المحددة فلا موضوع للقصر، فإذا صلی قصرا و الحال هذه بطلت صلاته و وجبت علیه إعادتها تماما في الوقت و خارجه.

فالنتیجة: مقتضی القاعدة أن المسافر إذا صلی قصرا في الطریق ثم عدل و بنی علی العود إلی بلده قبل بلوغه أبعة فراسخ هو بطلان صلاته، و أن وظیفته هي التمام في الواقع دون القصر، لأن موضوع القصر هو قطع المسافة بکاملها، فإذا صنع ذلک وجبت علیه إعادة الصلاة تماما مطلقا حتی فیما إذا علم بالحال في خارج الوقت.

 الرابع: أن لايكون من قصده في أوّل السير أو في أثنائه إقامة عشرة أيّام قبل بلوغ الثمانية، وأن لايكون من قصده المرور على وطنه  كذلک، وإلّا أتمّ، لأنّ الإقامة قاطعة لحكم السفر   والوصول إلى الوطن قاطع لنفسه، فلو كان من قصده ذلک من حين الشروع أو بعده لميكن قاصدا للمسافة، وكذا يتمّ لو كان متردّدا في نيّة الإقامة(1) أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية؛ نعم، لو لميكن ذلک من قصده ولا متردّدا فيه، إلّا أنـّه يحتمل  عروض  مقتضٍ  لذلک في الأثناء، لميناف عزمه على المسافة ، فيقصّر(2) نظير ما إذا كان عازماعلى المسافة إلّا أنـّه لو عرض في الأثناء مانع من لصّ أو عدوّ أو مرض أو نحو ذلک يرجع، ويحتمل عروض ذلک، فإنّه لايضرّ بعزمه وقصده(3)

1- الفیّاض: بل الظاهر أنه یقصر للفرق بین أن یشک المسافر في أنه هل سیمر في أثناء قطع المسافة بوطنه و بین أن یشک في أنه هل سیقیم في بلد علی الطریق قبل بلوغ المسافة علی أساس أن المرور بالوطن أثناء السیر قاطع للسفر، فإذا مر علی وطنه و لو قاصدا اجتیازه منه لمواصلة سفره انتهی بذلک حکم القصر بانتهاء موضوعه و هو السفر و لا یعود حکمه إلاّ بخروجه من وطنه إذا تحقق منه سفر جدید بقدر المسافة، و أما قصد الاقامة في بلد فهو قاطع لحکم القصر دون موضوعه و هو السفر علی أساس أن المقیم في بلد مسافر حقیقة و لا یعد من أهل ذلک البلد، غایة الأمر ان المسافر إذا قصد الاقامة في بلد عشرة أیام کان حکمه حکم أهل ذلک البلد لا أنه صار من أهله و خرج عن کونه مسافرا، و لا دلیل علی أن محل الاقامة کالوطن من تمام الجهات.

و علی ضوء ذلک فإذا قصد المسافر المسافة و سافر و هو یشک في أنه هل سیقیم في بلد علی الطریق عشرة أیام قبل إکمال المسافة، أو هل سیبقی فیه شهرا بدون قصد الاقامة، ثم انصرف عن ذلک في أثناء الطریق و استمر في مواصلة سفره إلی أن أکمل المسافة، فإنه یقصر علی أساس أن شکه و تردده في ذلک لا یتنافي مع کونه قاصدا للسفر بقدر المسافة باعتبار أن قصد الاقامة قاطع لحکم السفر.

مثال ذلک: نجفي یقصد السفر إلی الشامیة فسافر و هو یشک في أنه هل سیقیم في بلد علی الطریق قبل بلوغ المسافة کأبي صخیر _عشرة أیام أو لا؟ فإنه إذا انصرف أثناء السیر و واصل سفره إلی أن أکمل المسافة کان حکمه القصر دون التمام باعتبار أنه قاصد من الأول السفر بقدر المسافة و الشک المذکور لا ینافیه، فإذا انصرف عن الإقامة في الطریق و استمر في سفره إلی أن أکملت المسافة فحکمه القصر، بل من هذا القبیل أیضا إذا کان عازما في ابتداء السفر علی الاقامة في الطریق قبل إکمال المسافة ثم انصرف عن ذلک في الأثناء و أکمل المسافة باعتبار أن العزم علی الاقامة لا ینافي قصده السفر بقدر المسافة من أول الأمر فإنه عازم علی الاتیان بالقاطع لحکم القصر دون موضوعه، فإن تحقق فلا حکم للقصر، و الاّ فهو ثابت بثبوت موضوعه، و کذلک الأمر أیضا إذا وصل المسافر إلی مکان قبل إکمال المسافة و أراد أن یقیم فیه عشرة أیام لحسن منظره و طیب مناخه، و بنی علی الاقامة فیه ثم انصرف و عدل عن عزمه علیها و واصل سفره إلی أن أکمل المسافة، فإن حکمه القصر تطبیقا لما تقدم، و هذا بخلاف ما إذا شک المسافر في أنه هل سیمر بوطنه في أثناء الطریق قبل إکمال المسافة أو لا فإنه یتنافی مع کونه قاصدا للسفر الشرعي علی أساس أن المرور بالوطن قاطع للسفر و مع الشک في المرور به أثناء السیر و احتماله، فلا یمکن أن یکون قاصدا للسفر بقدر المسافة من أول الأمر فمن أجل ذلک یکون حکمه التمام.

2- الفیّاض: في اطلاق ذلک إشکال بل منع لأن المسافر إن احتمل في أثناء الطریق حدوث ما یدعوه علی المرور بوطنه و بلدته قبل إکمال المسافة، فإن کان الاحتمال ضعیفا بدرجة یکون المسافر واثقا و متأکدا بعدم حدوثه في الاثناء فلا أثر له و هو یبقی علی حکم القصر و إن کان الاحتمال بمرتبة لم یکن المسافر معه واثقا و مطمئنا بعدم حدوثه کان مانعا عن قصد السفر بقدر المسافة و معه تکون وظیفته التمام دون القصر، و أما إذا کان یحتمل في أثناء السیر و قبل بلوغ المسافة حدوث ما یدعوه إلی الاقامة في مکان علی الطریق فهو لا یضر لما مرّ من ان احتماله و إن کان عقلائیا الاّ أنه لا یتنافی مع کونه قاصدا للسفر الشرعي، بل قد مر أنه لو کان عازما عند ابتداء السفر علی أن یقیم عشرة أیام في الطریق قبل بلوغ المسافة ثم انصرف عن ذلک و واصل سفره إلی أن أکمل المسافة لم یضر و کان حکمه القصر دون التمام.

3- الفیّاض: هذا إذا کان احتمال المانع عن مواصلة السفر ضعیفا بدرجة یکون المسافر واثقا و متأکدا بعدم وجوده في الطریق، و أما إذا کان احتماله بمرتبة لا یکون معه واثقا و مطمئنا بالعدم فهو یتنافی مع عزمه علی السفر بقدر المسافة فیکون حاله حال المرور بالوطن لا حال قصد الاقامة.

 

 مسألة 25: لو كان حين الشروع في السفر أو في أثنائه قاصدا للإقامة أو المرور على الوطن قبل بلوغ الثمانية، لكن عدل بعد ذلک عن قصده(1) أو كان متردّدا في ذلک وعدل عن ترديده إلى الجزم بعدم الأمرين، فإن كان ما بقي بعد العدول مسافة في نفسه أو مع التلفيق بضمّ الإياب، قصّر وإلّا فلا، فلو كان ما بقي بعد العدول إلى المقصد أربع فراسخ وكان عازمآ على العود ولو لغير يومه قصّر في الذهاب والمقصد والإياب، بل وكذا  لو كان أقلّ من أربعة ، بل ولو كان فرسخآ فكذلک على الأقوى من وجوب القصر في كلّ تلفيق (2)من الذهاب والإياب وعدم اعتبار  كون الذهاب  أربعة أو أزيد، كما مرّ  .

1- الفیّاض: مر أنه لابد من التفصیل بین المرور بالوطن و قصد الاقامة لأن المسافر إذا کان عازما علی المرور بوطنه في أثناء طي المسافة المحددة شرعا فمعناه أنه لم یکن عازما من أول الأمر للسفر بقدر المسافة و إن لم یمر فعلا لمانع منعه عن ذلک و قطع المسافة کلها بدون المرور علیه، و کذلک الحال إذا کان شاکا في المرور علی بلدته و وطنه، فإنه مع هذا الشک لیس بإمکانه أن یکون قاصدا للسفر بقدر المسافة من البدایة و إن لم یمر به في أثناء السیر، و طوی المسافة بکاملها. و هذا بخلاف قصد الاقامة فإنه قاطع لحکم القصر دون موضوعه کما مر.

نعم إذا لم ینصرف عن عزمه علی الاقامة في نصف الطریق و أقام فیه عشرة أیام أصبح سفره إلی محل الاقامة بلا أثر شرعي حیث أنه لا یکون بقدر المسافة، و إذا خرج منه بعد الاقامة کان خروجه سفرا جدیدا لأن السفر إلی محل الاقامة یلغی من الحساب لانتهائه حکما بالاقامة، و علیه فإن کان الباقي بقدر المسافة و لو بضمیمة الایاب و الرجوع إلی وطنه أو مقره کان حکمه القصر، و الاّ فالتمام.

و من هنا کان علی الماتن1 أن یفرق بین المرور بالوطن في أثناء السیر و بین قصد الاقامة في منتصف الطریق.

2- الفیّاض: تقدم ان التلفیق إذا کان من ذهاب المسافر من وطنه أو مقره إلی البلد و رجوعه منه إلیه فإن کان متساویین فلا إشکال في وجوب القصر و إلاّ فالأحوط وجوبا هو الجمع بین القصر و التمام، و أما إذا سافر الانسان إلی بلد یکون دون المسافة ثم بدا له أن یسافر منه إلی بلد آخر و یرجع من ذلک البلد إلی وطنه فإن کانا مجموع الذهاب من البلد الأول إلی الثاني و الایاب منه إلی الوطن مسافة شرعیة وجب القصر و إن لم یکن الذهاب مساویا للإیاب، و الاّ فالتمام.

مثال ذلک: نجفي نوی السفر إلی أبي صخیر _مثلا_ فسافر إلیه ثم بدا له أن یسافر إلی الشامیة فسافر ثم رجع منها إلی النجف، فإن کان مجموع ذهابه من أبي صخیر إلی الشامیة و رجوعه منها إلی النجف بقدر المسافة کفی في وجوب القصر، و لا یکون هذا من موارد اعتبار التساوي بین الذهاب و الایاب لانصراف النصوص عن ذلک.

 

مسألة26:  لو لميكن من نيّته في أوّل السفر الإقامة أو المرور على الوطن وقطع مقدارآ من المسافة، ثمّ بدا له ذلک قبل بلوغ الثمانية، ثمّ عدل عمّا بدا له(1) وعزم على عدم الأمرين، فهل يضمّ ما مضى إلى ما بقي إذا لميكن ما بقي بعد العدول عمّا بدا له مسافة، فيقصّر إذا كان المجموع مسافة ولو بعد إسقاط ما تخلّل بين العزم الأوّل والعزم الثاني إذا كان قطع بين العزمين شيئا؟ إشكال ، خصوصا في صورة التخلّل ، فلايُترک الاحتياط (2) بالجمع نظير ما مرّ في الشرط الثالث .

1- الفیّاض: مر انه لابد من الفرق بین قصد الاقامة في أثناء الطریق قبل إکمال المسافة و بین المرور علی الوطن قبل إکمالها حیث ان العزم علی قصد الاقامة في نصف الطریق سواء أکان في ابتداء السفر أم کان في أثنائه إذا انصرف عنه بعد ذلک و عدل و واصل سفره إلی أن أکمل المسافة فلا یضر.

فمن أجل ذلک لابد من تخصیص المسألة بالمرور علی الوطن.

2- الفیّاض: بل الأقوی هو التمام لما مر من أن ما طواه المسافر من الطریق عند الحیرة و التردد لا یحسب من المسافة المحددة لأنه فاقد لما هو المعتبر في وجوب القصر و هو قصد طي المسافة و قطعها بالکامل، و أما إذا عرض علیه التحیر و التردد بعد أن طوی شیئا من المسافة فهو قاطع للاتصال بین ما طواه من المسافة أولا و ما یطویه منها لا حقا فلا یمکن الاتصال بینهما لا حقیقة فإنه غیر معقول، و لا تنزیلا فإنه بحاجة إلی دلیل و لا دلیل علیه، فإن مقتضی روایات الباب أن موضوع وجوب القصر هو عزم المسافر طي المسافة بکاملها فلا تشمل ما نحن فیه، فمن أجل ذلک تکون وظیفته التمام.

نعم، إذا لم یقطع شیئا من الطریق عند الحیرة و التردد فحکمه القصر کما مر.

 

الـخـامـس: مـن الـشـروط أن لا يـكـون الـسـفـر حـرامـا، وإلّا لميقـصّر؛ سـواء كـان نفـسه حـرامـآ   كـالـفـرار مـن الـزحـف وإبـاق العـبد وسـفر الزوجـة  بـدون إذن الـزوج  فـي غـير الـواجـب (1) وسـفـر الـولد  مـع نهـي الـوالـدين  في غـير الـواجب(2)، وكما إذا كان السفر  مضرّا  لبدنه(3) ، وكما إذا نذر عدم السفر مع رجحان تركه ونحو ذلک، أو كان غايته أمرا محرّما كما إذا سافر لقتل نفس محترمة أو للسرقة أو للزنا أو لإعانة ظالم  أو لأخذ مال الناس ظلماونحو ذلک؛ وأمّا إذا لميكن لأجل المعصية لكن تتّفق في أثنائه مثل الغيبة وشرب الخمر والزنا ونحو ذلک ممّا ليس غاية للسفر، فلايوجب التمام، بل يجب معه القصر والإفطار.

1- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع فإن سفرها إنما یکون محرما إذا کان موجبا لتفویت حق زوجها لا مطلقا، و أما إذا لم یکن موجبا لذلک فلا دلیل علی حرمته.

ثم ان السفر المحرم الموجب للتمام علی أقسام:

الأول: أن یکون السفر بنفسه محرما کالفرار من الزحف، أو من أقسم أن لا یسافر في الیوم الفلاني، أو نهاه عنه من یجب علیه إطاعته کما إذا نهی المولی عبده عن السفر.

الثاني: أن یکون لغایة محرمة بأن یکون الغرض منه القیام بعمل محرم، کمن سافر لقتل نفس محترمة، أو سرقة أو إعانة الظالم علی ظلمه، أو للتجارة بالخمر أو لشربها أو نحو ذلک، و أما إذا کان المستهدف منه و الباعث علیه غایة محللة في نفسها ولکن صادف فعل الحرام أو ترک الواجب في أثناء السفر فلا یکون من السفر المحرم.

الثالث: أن یکون للفرار من أداء الواجب الشرعي علیه، کفرار الدائن عن أداء الدین مع قدرته علی الأداء و سفر الزوجة داخل في هذا القسم إذا کانت الزوجة تستهدف منه تفویت حق زوجها الواجب علیها شرعا.

2- الفیّاض: في حرمته إشکال بل منع إذ لا دلیل علی أن نهي الوالدین بما هو نهي یوجب الحرمة.

نعم یجب علیه أن یعاشرهما معاشرة حسنة معروفة بمقتضی الکتاب و السنة، و لا تجب علیه تلک المعاشرة بالنسبة إلی غیرهما.

3- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع إذ لا دلیل علی حرمة الاضرار بالنفس بتمام مراتبها، فإن المحرم إنما هو حصة خاصة منها و هي إلقاء النفس في التهلکة أو ما یتلو تلوها.

 

 مسألة 27: إذا كان السفر مستلزما لترک واجب، كما إذا كان مديونآ وسافر مع مطالبة الديّان وإمكان الأداء في الحضر دون السفر ونحو ذلک، فهل يوجب التمام أم لا؟ الأقوى التفصيل  بين ما إذا كان لأجل التوصّل إلى ترک الواجب أو لميكن كذلک؛ ففي الأوّل يجب التمام  دون الثاني، لكنّ الأحوط الجمع في الثاني(1).

1- الفیّاض: بل الأقوی هو القصر لأن الهدف من السفر و الباعث علیه لیس هو ترک الواجب کأداء الدین مع القدرة علیه لیکون السفر معصیة، بل کان الهدف منه أمرا محللا و مشروعا کزیارة الحسین  أو زیارة الوالدین، أو عیادة مریض، أو إعانة مؤمن أو نحوها ولکن استلزم ذلک ترک واجب علیه و لا یصدق أن سفره بغایة المعصیة لیکون مشمولا للنص.

 

مسألة 28: إذا كان السفر مباحآ، لكن ركب دابّة غصبيّة أو كان المشي في أرض مغصوبة، فالأقوى فيه القصر(1)  وإن كان الأحوط  الجمع .

 1- الفیّاض: هذا إذا کان السفر من أجل غایة مباحة ولکن رکب سیارة غصبیة، أو مرّ في أرض مغصوبة فإنه و إن کان آثما الاّ أن سفره لیس سفر معصیة فإن سفر المعصیة متمثل في عنوانین..

أحدهما: أن یکون السفر بنفسه حراما و معصیة.

و الآخر: أن تکون الغایة منه فعل الحرام، أو ترک الواجب، و الجامع فعل المعصیة، و حیث أن شیئا من العنوانین لا ینطبق علیه فلا یکون من سفر المعصیة لأن سفره و هو ابتعاده عن بلدته بنفسه لا یکون حراما و لا الغایة منه محرمة و إنما استخدم فیه وسیلة محرمة، أو طریقا محرما، فیکون الحرام هو التصرف في الوسیلة أو الطریق و هو مقارن لسفره خارجا لا أنه عنوان أو غایة له.

نعم إذا سرق الشخص سیارة أو دابة من أحد و رکبها و فرّ بها من ید صاحبها، فالظاهر أن سفره هذا سفر معصیة علی أساس أن الغایة الباعثة علیه إنما هي الاستیلاء علی أموال الآخرین غصبا و عدوانا و تمکین نفسه من التصرف فیها فیدخل حینئذ في السفر لغایة محرمة.

 مسألة 29: التابع للجائر إذا كان مجبورا أو مكرهآ على ذلک أو كان قصده دفع مظلمة أو نحوها من الأغراض الصحيحة المباحة أو الراجحة، قصّر؛ وأمّا إذالميكن كذلک بأن كان مختارا وكانت تبعيّته إعانة للجائر  في جوره، وجب عليه التمام، وإن كان سفر الجائر طاعة فإنّ التابع حينئذٍ يتمّ مع أنّ المتبوع يقصّر.

مسألة 30: التابع للجائر المعدّ نفسه لامتثال أوامره لو أمره بالسفر فسافر امتثالا لأمره، فإن عدّ سفره إعانة للظالم  في ظلمه كان حراما ووجب عليه التمام وإن كان من حيث هو ـ مع قطع النظر عن كونه إعانة ـ مباحا والأحوط الجمع(1) ؛ وأمّا إذا لميعدّ إعانة  على الظلم، فالواجب عليه القصر.

1- الفیّاض: بل الأظهر هو التمام لأن سفره لما کان اعانة للظالم في ظلمه کما هو المفروض في المسألة فهو حرام یوجب التمام، فإذن لم یظهر وجه للاحتیاط في المقام.

 

مسألة 31: إذا سافر للصيد، فإن كان لقوته وقوت عياله قصّر، بل وكذا لو كان للتجارة  وإن كان الأحوط  فيه الجمع ، وإن كان لهوآ ـ كما يستعمله أبناء الدنيا ـ وجب عليه التمام(1)  ؛ ولا فرق بين صيد البرّ والبحر ، كما لا فرق بعد  فرض كونه سفرا بين كونه دائرآ حول البلد وبين التباعد عنه وبين استمراره ثلاثة أيّام وعدمه على الأصحّ.

 1- الفیّاض: لا شبهة في أصل وجوب التمام علیه و إنما الکلام في أن وجوبه هل هو بملاک أن سفره من أجل الصید اللهوي و إن لم یکن محرما، أو من أجل أنه محرم و مبغوض، فعلی الأول لا تکون هذه المسألة من صغریات مسألة سفر المعصیة، و علی الثاني تکون من صغریات تلک المسألة؟ فیه و جهان:

الظاهر هو الثاني و ذلک لا من جهة قوله  في موثقة عبید بن زرارة: «یتم لأنه لیس بمسیر حق...» (الوسائل ج 8 باب: من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 4) فإنه بنفسه لا یدل علی أنه محرم إذ لا دلیل علی أن کل ما لیس بحق فهو حرام بل من جهة أنه تضییع للمال و تفویت لحدق الآخرین.

بیان ذلک: ان السفر من أجل الصید إن کان بغایة الانتفاع به شخصیا أو اجتماعیا فلا شبهة في جوازه، و قد دل علیه الکتاب و السنة، و إن کان بغایة اللهو و الترف کما هو المتعارف بین أبناء الدنیا من الملکوک و الرؤساء و المترفین فهو بما أنه تضییع للمال و تفویت لحق الآخرین فیکون مبغوضا و محرما و مسیر باطل علی أساس أن الصید في البر و البحر حق لکافة آحاد الأمة و لا یحق لأي واحد منهم أن یمنع الآخر من القیام به و بذل الجهد و العمل للاستیلاء علیه باعتبار أن صید الحیوان البحري و البري من إحدی الثروات المنقولة المعترف بها عند الإسلام، و نسبة أفراد الأمة إلیها بکافة أصنافهم نسبة واحدة و لا یسوغ لأي فرد منهم أن یقوم بالاحتکار بها و هو استیلاء الفرد و سیطرته علی مساحات کبیرة من الثروات المذکورة بدون إنفاق عمل و بذل جهد في سبیل السیطرة علیها و منع الآخرین من الانتفاع بها في تلک المساحات و علی هذا الأساس فیحق لکل فرد أن یقوم بصید الحیوان البري أو البحري و بذل الجهد في سبیل السیطرة علیه بغایة الانتفاع به شخصیا أو اجتماعیا و لا یحق أن یقوم به بغایة التلهی و الترف فإنه تضییع للمال و الثروة المشترکة بین افراد الأمة و تفویت لحقهم علی أساس أن الإسلام کما لا یسمح للاحتکار بها کذلک لا یسمح لتضییعها فإنه تضییع لحق الآخرین بها، فمن أجل ذلک تکون هذه الغایة مبغوضة و محرمة فالسفر من أجلها سفر معصیة و هو باطل و لیس بحق.

و من هنا یظهر أن قوله في الموثقة: «لأنه لیس بمسیر حق...» لا یدل علی الحرمة في نفسه إذ لا ملازمة بین إن کل ما لیس بحق فهو محرم فإن کل لهو  باطل و لیس بحق مع أنه لیس بمحرم کذلک. فإذن لا تدل الموثقة علی حرمة السفر للصید اللهوي.

فالنتیجة: ان من سافر للصید من أجل اللهو بقدر المسافة المحددة شرعا فعلیه أن یتم في الذهاب و أما الایاب فإن کان وحده بقدر المسافة فیقصر فیه لأنه لیس من السفر للصید اللهوي. نعم إذا لم یکن بقدر المسافة کما إذا رجع من طریق آخر أقل من المسافة یتم.

 

 مـسـألـة 32: الـراجـع مـن سـفـر المـعـصـية إن كـان بـعـد الـتـوبـة  يقـصّر، وإن كـان مـع عـدم التـوبـة فـلا يبـعد وجـوب التـمام  عليـه(1)  ، لكون العود  جزءً من سفر  المعصية ، لكنّ الأحوط الجمع حينئذٍ.

1- الفیّاض: بل هو یبعد، و الأظهر وجوب القصر إذا کان رجوعه وحده بقدر المسافة المحددة و لم یکن بنفسه محرما و لا من أجل غایة محرمة کما هو المفروض في المسألة، فعندئذ لا مقتضي لوجوب التمام.

و دعوی: ان الرجوع بما أنه جزء من الذهاب و لیس سفرا آخر جدیدا فیکون محکوما بحکمه و هو التمام...

خاطئة: بأن موضوع وجوب التمام هو سفر معصیة سواء أکان بنفسه معصیة أم کان من أجل معصیة، فالحکم یدور مدار هذا العنوان حدوثا و بقاء، و بما أنه یصدق علی الذهاب فیترتب علیه حکمه و هو التمام، و أما العود فإذا لم یکن حراما بنفسه و لا من أجل غایة محرمة لم یصدق علیه عنوان سفر المعصیة، فیرجع فیه حینئذ إلی اطلاقات أدلة وجوب القصر.

فالنتیجة: ان الحکم یدور مدار هذا العنوان وجودا و عدما لا مدار کون الرجوع جزءا من الذهاب أو أنه سفر مستقل، فإنه لا معنی لکون الایاب جزءا من الذهاب الاّ بلحاظ أن المجموع إذا کان بقدر المسافة الشرعیة کان المجموع موضوعا لوجوب القصر و کل منها جزء الموضوع، و أما إذا کان الایاب وحده بقدر المسافة المحددة فهو موضوع مستقل. فإن صدق علیه حینئذ عنوان السفر للصید اللهوي فحکمه التمام و الاّ فالقصر. و من المعلوم عدم الفرق في ذلک بین توبته عن المعصیة أم بقائه مصرا علیها، فإن التوبة إنما تکون رافعة لآثار المعاصي السابقة علی أساس ما ورد من «إن التائب عن ذنبه کمن لا ذنب لا» (الوسائل ج 16 باب: 86 من أبواب جهاد النّفس و ما یناسبه الحدیث: 8) و لا تؤثر في الاعمال الآتیة، و علی هذا فإن کان رجوعه إلی بلده سائغا فحکمه القصر سواء أتاب أم لم یتب، إذ لا یحتمل أن یکون ترک التوبة و الاصرار علی المعصیة یجعل العمل السائغ غیر سائغ و الرجوع معصیة.

فإذن لا یرجع التفصیل بین أن یکون رجوعه قبل التوبة أو بعدها إلی معنی محصل.

 مسألة 33: إباحة السفر ـ كما أنّها شرط في الابتداء ـ شرط في الاستدامة أيضا ؛ فلو كان ابتداء سفره مباحآ فقصد المعصية في الأثناء، انقطع ترخّصه  ووجب عليه الإتمام وإن كان قد قطع مسافات(1) ، ولو لميقطع بقدر المسافة صحّ ماصلّاه قصرا، فهو كما لو عدل عن السفر وقد صلّى قبل عدوله قصرا، حيث ذكرنا سابقا أنـّه لايجب إعادتها(2) ؛ وأمّا لوكان ابتداء سفره معصية فعدل في الأثناء إلى الطاعة فإن كان الباقي مسافة فلا إشكال في القصر(3) وإن كانت ملفّقة من الذهاب والإياب، بل وإن لميكن الذهاب  أربعة على الأقوى(4) ؛ وأمّا إذا لميكن مسافة ولو ملفّقة، فالأحوط  الجمع   بين القصر والتمام وإن كان الأقوى  القصر  بعد كون مجموع ما نواه بقدر المسافة ولو ملفّقة(5)، فإنّ المدار على حال العصيان والطاعة، فمادام عاصيآ يتمّ ومادام مطيعآ يقصّر، من غير نظر إلى كون البقيّة مسافة أو لا.

1- الفیّاض: في الوجوب إشکال و الأحوط و الأجدر لزوما أن یجمع بین القصر و التمام فیصلي کلا من الظهر و العصر و العشاء مرة قصرا و أخری تماما شریطة أن یکون التحول إلی المعصیة بعد قطع المسافة المحددة بکاملها.

مثال ذلک: نجفي سافر إلی بغداد بفرض شراء أشیاء محلّلة و الاتجار بها و بعد طي المسافة بکاملها تبدل رأیه و بنی علی شراء أشیاء محرمة و الاتجار بها فیتحول سفره إلی سفر المعصیة، و حینئذ فإن صلی في الطریق قصرا صح لأن السفر الشرعي قد تحقق منه و لا موجب لإعادته، و ما دام لم یبدأ بسفر المعصیة و لم یتلبس به فعلا یبقی علی القصر، و أما إذا بدأ بسفر المعصیة فعلا فهل یکون مشمولا لإطلاق ما دل علی وجوب الصلاة تماما علی من یکون سفره سفر المعصیة أو لا؟ فیه إشکال، لأن عمدة الدلیل علی المسألة صحیحة عمار بن مروان عن أبي عبد اللّـه  قال: «سمعته یقول من سافر قصر و أفطر إلاّ أن یکون رجلا سفره إلی صید أو في معصیة اللّـه أو رسول لمن یعصی اللّـه، أو في طلب عدو، أو شحناء، أو سعایة، أو ضرر علی قوم من المسلمین» (الوسائل ج 8 باب: 8 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 3) ولکن عمومها للمقام لا یخلو عن تأمل لأن الظاهر من الاستثناء فیها أن من کان سفره في بدایته معصیة و کان بقدر المسافة المحددة هو المستثنی، و الخارج من عموم أدلة وجوب القصر علی المسافر، و أما من کان سفره في بدایته مباحا ثم تحول إلی المعصیة بعد طي المسافة بالکامل فهو غیر مشمول لظاهر الصحیحة، و علیه فلا دلیل علی استثنائه من عموم تلک الأدلة.

و دعوی القطع بعدم الفرق بین أن یکون سفره في بدایته معصیة أو تحول إلی المعصیة بقاء بعد قطع المسافة بالتمام عهدتها علی مدعیها باعتبار أن دعوی القطع بعدم الفرق بین الصورتین مبنیة علی القطع بأن ملاک وجوب التمام موجود في الصورة الثانیة أیضا، و هو لا یمکن بعد قصور الدلیل في مقام الاثبات. فمن أجل ذلک فالأحوط وجوبا أن یجمع بین القصر و التمام إذا بدأ بسفر محرم و تلبس به فعلا بعد أن تحولت نیته من الحلال إلی الحرام. نعم إذا کان التحول إلی المعصیة في أثناء الطریق قبل اکمال المسافة فالظاهر وجوب التمام علیه إذا کان الباقي مسافة.

و النکتة فیه أن هذا التحول بما أنه قبل طي المسافة بالکامل یهدم السفر الشرعي و هو ثمانیة فراسخ و یجعل ما طواه من المسافة کالعدم و لا أثر له فإذن یکون بادئا بسفر المعصیة بقدر المسافة المحددة و لا یکون هذا بقاء للسفر الشرعي، و علیه فلا مانع من شمول الصحیحة له.

2- الفیّاض: مر في المسألة (24) أن الأظهر وجوب إعادة الصلاة تامة في وقتها أن بقي و إن فات أتی بها تامة في خارج الوقت، و کذلک الحال في المقام فإن المسافر إذا کان سفره في بدایته مباحا ثم یتحول إلی سفر المعصیة في أثناء المسافة و قبل إکمالها، فإن هذا التحول بما أنه قبل طي المسافة بکاملها یهدم السفر الشرعي و علیه فإن صلی قهرا قبل ذلک وجبت إعادتها تامة في الوقت، و إن فات وجب قضاؤها کذلک في خارج الوقت.

3- الفیّاض: هذا شریطة أن یبدأ بالسفر المباح فعلا، و أما قبل أن یبدأ به فتکون وظیفته الاتمام، فإذا أراد أن یصلي صلی تماما.

مثال ذلک: من سافر سفر المعصیة إلی بلد کبغداد _مثلا_ و بعد وصوله إلی الحلة تحول قصده من الحرام إلی الحلال، فإنه ما لم یبدأ بالسفر المباح فعلا و أراد أن یصلي الظهر _مثلا_ صلی تماما باعتبار أنه مسافر لحد الآن سفر الحرام و مجرد تبدل نیته من الحرام إلی الحلال لا یوجب زوال هذا العنوان عنه ما لم یتلبس خارجا بالسفر المباح، و إذا بدأ به قصّر و إن کان في داخل البلد و لم یخرج منه، و کذلک الحال إذا وصل إلی مقصده کبغداد ثم أراد أن یرجع إلی وطنه کالنجف مثلا فإنه ما دام لم یتلبس بالسفر المباح و لم یبدأ به فإذا أراد أن یصلی صلی تماما، و أما إذا بدأ بالسفر المباح صلی قصرا و لا یتوقف وجوب القصر علی خروجه من بغداد باعتبار أنه مسافر فیه غایة الأمر أنه غیّر نیته من الحرام إلی الحلال.

4- الفیّاض: هذا هو المتعین و لا حاجة إلی استعمال کلمة (بل) لما مر من أن اعتبار کون الذهاب و الایاب متساویین إنما هو فیما إذا ذهب شخص من وطنه أو مقره ثم رجع إلیه، فإنه في مثل ذلک اعتبر جماعة التساوي بینهما و إلاّ فلا قصر، و أما الماتن1 فقد قوی عدم اعتباره، و قد تقدم منا أن الأحوط وجوبا في فرض عدم التساوي بینهما أن یجمع بین القصر و التمام فیصلي کلا من الظهر و العصر و العشاء مرة قصرا و أخری تماما. و أما إذا ذهب إلی بلد دون المسافة فإذا وصل إلیه بدا له أن یسافر منه إلی بلد آخر و منه یرجع إلی بلده و حینئذ فإن کان الذهاب إلی ذلک البلد و الرجوع إلی بلده بقدر المسافة وجب القصر و إن کان الذهاب إلی البلد المذکور ثلاثة فراسخ أو أقل و الرجوع إلی وطنه أو مقره خمسة فراسخ أو أکثر و لا یعتبر في مثل ذلک التساوي، فإنه علی تقدیر اعتباره إنما یعتبر فیما إذا کان بلد الذهاب و الایاب واحدا، و أما إذا کان بلد الایاب غیر بلد الذهاب فلا دلیل علی اعتباره.

بل الأظهر هو التمام لأن الروایات التي تنص علی وجوب التمام علی المسافر إذا کان سفره سفر المعصیة تنص علی أن المراد من السفر هو السفر الشرعي یعني ثمانیة فراسخ، و الاّ فلا موضوع للبحث عن ان وظیفته التمام أو القصر، و لا حاجة إلی هذه الروایات في وجوب التمام علیه لأن الأدلة الأولیة کافیة لإثبات وجوبه، فإذن لا محالة تکون هذه الروایات مخصصة لإطلاقات روایات القصر، و استثناء سفر المعصیة من السفر المطلق في صحیحة عمار بن مروان ناص في هذا التقیید، و علی هذا فإذا سافر بنیة المعصیة و في أثناء الطریق و بعد قطع المسافة بالکامل عدل عن هذه النیة و نوی العمل المباح انتفی موضوع الدلیل المخصص فإن موضوعه مقید بنیة المعصیة، و حینئذ فإن کان الباقي بقدر المسافة و لو بضمیمة الرجوع إلی بلده کان مشمولا لإطلاقات أدلة وجوب القصر، و إلاّ فالمرجع فیه العام الفوقي و هو إطلاقات أدلة وجوب التمام، فالنتیجة من ضم الروایات التي تنص علی وجوب التمام إذا کان السفر سفر المعصیة إلی اطلاقات أدلة وجوب القصر في السفر هي تقیید موضوعها بحصة من السفر و هي التي لا تکون معصیة اللّـه تعالی شریطة أن تکون تلک الحصة بقدر المسافة الشرعیة و إلاّ فلا مقتضي لوجوب القصر، و علیه فما ذکره الماتن  لا یرجع بالتحلیل إلی معنی صحیح.

5- الفیّاض: بل الأظهر هو التمام لأن الروایات التي تنص علی وجوب التمام علی المسافر إذا کان سفره سفر المعصیة تنص علی أن المراد من السفر هو السفر الشرعي یعني ثمانیة فراسخ، و الاّ فلا موضوع للبحث عن ان وظیفته التمام أو القصر، و لا حاجة إلی هذه الروایات في وجوب التمام علیه لأن الأدلة الأولیة کافیة لإثبات وجوبه، فإذن لا محالة تکون هذه الروایات مخصصة لإطلاقات روایات القصر، و استثناء سفر المعصیة من السفر المطلق في صحیحة عمار بن مروان ناص في هذا التقیید، و علی هذا فإذا سافر بنیة المعصیة و في أثناء الطریق و بعد قطع المسافة بالکامل عدل عن هذه النیة و نوی العمل المباح انتفی موضوع الدلیل المخصص فإن موضوعه مقید بنیة المعصیة، و حینئذ فإن کان الباقي بقدر المسافة و لو بضمیمة الرجوع إلی بلده کان مشمولا لإطلاقات أدلة وجوب القصر، و إلاّ فالمرجع فیه العام الفوقي و هو إطلاقات أدلة وجوب التمام، فالنتیجة من ضم الروایات التي تنص علی وجوب التمام إذا کان السفر سفر المعصیة إلی اطلاقات أدلة وجوب القصر في السفر هي تقیید موضوعها بحصة من السفر و هي التي لا تکون معصیة اللّـه تعالی شریطة أن تکون تلک الحصة بقدر المسافة الشرعیة و إلاّ فلا مقتضي لوجوب القصر، و علیه فما ذکره الماتن1 لا یرجع بالتحلیل إلی معنی صحیح.

 

مسألة 34: لو كانت غاية السفر ملفّقة من الطاعة  والمعصية، فمع استقلال داعي المعصية لا إشكال في وجوب التمام؛ سواء كان داعي الطاعة أيضا  مستقلاّ أو تبعا ؛ وأمّا إذا كان داعي الطاعة مستقلاّ وداعي المعصية تبعا، أو كان بالاشتراک، ففي المسألة وجوه ، والأحوط  الجمع(1) وإن كان لايبعد وجوب التمام، خصوصا في صورة الاشتراک بحيث لولا اجتماعهما لايسافر .

1- الفیّاض: بل الظاهر هو التفصیل بین ما إذا کانت الغایة من السفر مجموع الطاعة و المعصیة و ما إذا کانت الغایة له الطاعة فحسب ولکن المعصیة کانت داعیة في طول السفر لا مقدمة له فعلی الأول یکون حکمه التمام حیث یصدق علیه أن سفره هذا سفر معصیة باعتبار أن ارتکاب المجموع غیر جائز، و علی الثاني یکون حکمه القصر.

مثال ذلک: نجفي سافر إلی بغداد_ مثلا_ من أجل غایة مباحة ولکنه یحدث نفسه بأنه إذا وصل إلیه و حصلت الغایة المنشودة له شرب کأسا من الخمر فیکون ذلک داعیا في طول السفر فلا یمکن أن یکون محرکا له.

 

 مسألة 35: إذا شکّ في كون السفر معصية أو لا، مع كون الشبهة موضوعيّة، فالأصل الإباحة، إلّا إذا كانت الحالة السابقة هي الحرمة أو كان هناک أصل موضوعيّ، كما إذا كانت الحلّيّة مشروطة بأمر وجوديّ كإذن المولى وكان مسبوقآ بالعدم ، أو كان الشکّ في الإباحة والعدم من جهة الشکّ في حرمة الغاية وعدمها وكان الأصل فيها الحرمة.

 

 مسألة 36: هل المدار في الحلّيّة والحرمة على الواقع أو الاعتقاد أو الظاهر من جهة الاُصول ؟ إشكال ؛ فلو اعتقد كون السفر حرامآ بتخيّل أنّ الغاية محرّمة، فبان خلافه، كما إذا سافر لقتل شخص بتخيّل أنـّه محقون الدم فبان كونه مهدور الدم، فهل يجب عليه إعادة ما صلّاه تماما أو لا؟ ولو لميصلّ وصارت قضاء فهل يقضيها قصرا أو تماما؟ وجهان ؛ والأحوط الجمع وإن كان لايبعد  كون المدار على الواقع  إذا لمنقل بحرمة التجرّي، وعلى الاعتقاد إن قلنا بها. وكذا لو كان مقتضى الأصل العمليّ الحرمة وكان الواقع خلافه أو العكس، فهل المناط ما هو في الواقع أو مقتضى الأصل بعد كشف الخلاف؟ وجهان ؛ والأحوط الجمع وإن كان لايبعد كون المناط هو الظاهر (1) الّذي اقتضاه الأصل، إباحةً أوحرمةً.

1- الفیّاض: بل هو بعید فإن الظاهر علی ما یستفاد من نصوص الباب أن العبرة إنما هي بالواقع المنجز فإن قوله في صحیحة عمار: «أو في معصیة اللّـه...» (الوسائل ج 8 باب: 8 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 3) ظاهر في المعصیة الواقعیة المنجزة باعتبار أن الصحیحة تدل علی أن المسافر جعلها غایة لسفره وهدفا له وهذا یدل علی أنه عالم بها وملتفت إلیها ولا یکون معذورا فیها، وعلی هذا فإذا کان جاهلا بالواقع عن عذر لم یصدق علی سفره من أجلها أنه سفر المعصیة حتی یکون مشمولا لنصوص الباب، وأما إذا لم یکن لها واقع الّا في عالم الذهن والخیال فلا یصدق علی سفره أنه سفر المعصیة لفرض أنه لا معصیة في الواقع، والمعصیة الخیالیة لا أثر لها، وأما ان هذا السفر تجرّ علی المولی فهو وإن کان صحیحا إلّا أنه لا یکشف عن مبغوضیة الفعل المتجری به في الخارج حتی یکون محرما.

فالنتیجة: أن العبرة إنما هي بالواقع المنجز لا بالواقع المجرد ولا بالواقع الخیالي ولا بالظاهر من دون مطابقته للواقع، یظهر حال ما ذکره الماتن1 في المسألة.

 

 مسألة 37: إذا كانت الغاية المحرّمة في أثناءالطريق، لكنكانالسفراليه مستلزما لقطع مقدار آخر  من المسافة، فالظاهر أنّ المجموع يعدّ  من سفر المعصية(1) ، بخلاف ما إذا لميستلزم.

 1- الفیّاض: في إطلاق إشکال بل منع، والصحیح هو التفصیل، فإن استلزام سفر المعصیة لقطع مقدار آخر من المسافة إن کان بملاک توقف الوصول إلی الغایة المحرمة علی قطع هذا المقدار من المسافة أیضا فلا إشکال في أنه جزء من سفر المعصیة، وحکمه فیه التمام، وإن کان بملاک أن سفره إلی بلد کالحلة – مثلا – من أجل غایة محرمة یستلزم سفره منه إلی بلد آخر لسبب ما فهو لیس بسفر المعصیة وحکمه فیه القصر إن کان المسافة ولو بضمیمة الایاب.

 مسألة 38: السفر بقصد مجرّد التنزّه ليس بحرام  ولايوجب التمام.

مسألة 39: إذا نذر أن يتمّ  الصلاة في يوم معيّن أو يصوم يوما معيّنا ،  وجب عليه  الإقامة(1) ، ولو سافر وجب عليه القصر، على ما مرّ ، من أنّ السفر المستلزم لترک واجب لايوجب التمام، إلّا إذا كان  بقصد التوصّل   إلى ترک الواجب(2)، والأحوط الجمع.

 1- الفیّاض: هذا إذا کان المنذور هو الصلاة تماما في یوم معین فإنه یجب بحکم العقل الاقامة في مکان للوفاء بالنذر، وأما إذا کان المنذور الصوم في یوم معین فلا تجب الاقامة ویجوز السفر والإفطار في ذلک الیوم ویصوم بدله یوما آخر، ویدل علیه قوله  في صحیحة علي بن مهزیار: «قد وضع الله عنه الصیام في هذه الأیام کلها ویصوم یوما بدل یوم إن شاء الله...»(الوسائل ج 10 باب: 10 من أبواب من یصحّ منه الصّوم الحدیث: 2).

قد یقال کما قیل: إن متعلق النذر إن کان الصلاة تماما بشروطها الشرعیة ومنها ترک السفر کان نذرها منحلا إلی نذر شرطها وهو ترک السفر، فإذن یکون السفر من سفر المعصیة ویترتب علیه وجوب التمام، ولا یلزم المحذور المذکور، وإن کان متعلق النذر مطلق التمام وإن لم یکن واجدا لشروطه الشرعیة کان النذر باطلا لأنه إذا لم یکن واجدا لها فهو غیر مشروع.

والجواب: ان متعلق النذر هو أجزاء الصلاة المقیدة بشروطها فالتقید، بها داخل في متعلقة دونها، وبما أن الوجوب المتعلق بها فعلي فیکون باعثا ومحرکا للمکلف نحو تحصیل شروطها ومنها ترک السفر والاقامة فیه کالوجوب الأصلي المتعلق بها في حال الحضر، فإنه یوجب انبعاث المکلف نحو تحصیل شروطها التي یتوقف الاتیان بالصلاة علیها، فإذن لا معنی للقول بأن نذرها یکون نذرا لترک السفر، أو أنه منحل إلی نذرین أحدهما متعلق بالصلاة تماما والآخر بترک السفر.

2- الفیّاض:  فیه انه لا یمکن أن یکون الحکم فیه التمام حیث یلزم من فرض وجوب التمام عدم وجوبه باعتبار ان الهدف من هذا السفر من هذا السفر بما انه الفرار من الواجب وهو الصلاة المنذورة تماما وترک الاتیان به فهو من سفر المعصیة وحکمه فیه التمام، فإذا کان الحکم فیه التمام فلازمه أن لا یکون الهدف منه الفرار من الواجب، ومعه لا یکون هذا السفر من سفر المعصیة، فإذا لم یکن فحکمه فیه القصر، وهذا معنی أنه یلزم من فرض وجوب التمام علیه عدم وجوبه.

فالنتیجة: ان الهدف من هذا السفر إذا کان الفرار من الواجب فهو وإن کان من سفر المعصیة إلّا أنه لا یمکن أن یکون مشمولا لإطلاق ما دل علی وجوب التمام فیه، حیث یلزم من فرض کونه مشمولا له عدمه.

 

 مسألة 40: إذا كان سفره مباحاً، لكن يقصد الغاية المحرّمة في حواشي الجادّة فيخرج عنها لمحرّم ويرجع إلى الجادّة، فإن كان السفر لهذا الغرض، كان محرّماً  موجباً للتمام؛ وإن لميكن لذلک وإنّما يعرض له قصد ذلک في الأثناء، فمادام خارجا عن الجادّة يتمّ (1)  ومادام عليها  يقصّر(2)  ، كما  أنـّه إذا كان السفر لغاية محرّمة وفي أثنائه يخرج عن الجادّة ويقطع المسافة أو أقلّ   لغرض آخر صحيح، يقصّر مادام خارجا(3)  ، والأحوط  الجمع في الصورتين.

1- الفیّاض: في الاتمام إشکال بل منع إذا کان الخروج عن الجادة أقل من المسافة، فإنه غیر مشمول لإطلاق ما دل علی وجوب التمام في سفر المعصیة، وأما إذا کان بقدر المسافة فالأحوط والأجدر به وجوبا أن یجمع بین القصر والتمام لما مر في التعلیق الأول علی المسألة (33) من المناقشة في شمول دلیل سفر المعصیة لهذه الحالة، وهي ما إذا کان السفر في بدایته مباحا ولکنه یتحول إلی المعصیة في أثناء الطریق بعد إکمال طي المسافة.

2- الفیّاض: هذا إذا کان الباقي بعد الرجوع إلی الجادة بقدر المسافة المحددة، وأما إذا کان الأقل فالأحوط وجوبا هو الجمع بین القصر والتمام علی أساس احتمال أن سفر المعصیة إذا لم یکن بقدر المسافة لم یهدم السفر الشرعي، بل هذا الاحتمال هو المستظهر من الدلیل، ولکن مع ذلک فالأجدر والأحوط وجوبا الجمع بین القصر والتمام.

3- الفیّاض: مر عدم وجوب التقصیر فیما إذا کان السفر المباح أقل من المسافة.

نعم إذا کان السفر الحرام أیضا أقل منها ولکن المجموع کان بقدر المسافة وجب الجمع بین القصر والتمام علی الأحوط علی أساس قصور دلیل کل من السفر الحلال والحرام لمثل المقام، فإذن مقتضی العلم الإجمالي بوجوب أحدهما في هذا الحال هو الجمع بینهما بأن یصلي مرة قصرا وأخری تماما.

 

 مسألة 41: إذا قصد مكاناً لغاية محرّمة، فبعد الوصول إلى المقصد قبل حصول الغرض يتمّ، وأمّا بعده فحاله  حال العود  عن سفر المعصية (1) في أنـّه لو تاب يقصّر، ولو لميتب يمكن القول  بوجوب التمام، لعدّ المجموع سفرا واحدا(2) والأحوط الجمع هنا  وإن قلنا بوجوب القصر في العود، بدعوى  عدم عدّه مسافراً قبل أن يشرع في العود.

 1- الفیّاض: فیه إشکال بل منع لأن بقاءه في المقصد بعد تحقق الهدف وهو الغایة المحرمة لیس من السفر المباح لکي یترتب علیه حکمه وهو وجوب القصر ما لم یبدأ به فعلا علی أساس أن موضوع وجوب القصر هو السفر الذي لا یکون بمعصیة، وعلیه فما دام هو في المقصد ولم یبدأ بالعود والرجوع إلی وطنه فحکمه التمام لأنه من سفر الحرام، وهو لا ینتهي الّا بالبدء بالسفر المباح، فإذا بدأ به یقصر منذ البدایة، ولا یتوقف علی الخروج من البلد، کما لا یتوقف علی أن یتوب ویؤوب إلی الله تعالی، أو یبقی مصرا علی معصیته.

2- الفیّاض: بل لا شبهة فیه لأن البقاء في المقصد بعد تحقق الغایة المحرمة جزء من سفر الحرام ولا ینتهی الّا بالبدء بالسفر المباح.

 مسألة 42: إذاكان السفر لغاية لكن عرض في أثناء الطريق قطع مقدار من المسافة لغرض محرّم منضمّاً   إلى الغرض الأوّل، فالظاهر وجوب التمام  في ذلک المقدار  من المسافة(1) ، لكون الغاية في ذلک المقدار ملفّقة من الطاعة والمعصية، والأحوط  الجمع  خصوصا  إذا لميكن  الباقي مسافة.

 1- الفیّاض: هذا إذا کان بقدر المسافة الشرعیة بشرط أن یکون ما قطعه أولا من الطریق قبل ذلک کان أقل منها، وإن لم یکن الأقل فالأحوط وجوبا أن یجمع في ذلک المقدار بین القصر والتمام، وأما إذا کان المقدار المذکور أقل من المسافة فحینئذ إن کان ما قطعه أولا من الطریق یحقق السفر الشرعي فلا قیمة لهذا المقدار لما مر من أنه لا یهدم السفر الشرعي، ومن هنا لا فرق بین أن یکون الباقي مسافة أو لا، فإن وظیفته القصر علی کلا التقدیرین في هذه الصورة وإن لم یکن ما قطعه أولا بقدر المسافة ولکن مجموع ما طواه من السفر الحلال والحرام بقدرها فعندئذ هل أن وظیفته الاحتیاط بالجمع بین الاتیان بالقصر مرة والتمام مرة أخری، أو الاتیان بالقصر فقط؟

قد یقال بالأول، بدعوی أن کلا من السفرین لما لم یحقق السفر الشرعي لم یکن شيء منهما مشمولا لإطلاق الدلیل، فإذن مقتضی العلم الإجمالي بوجوب الصلاة علیه في هذه الحالة هو الاحتیاط.

ولکن الأظهر هو الثاني، لأن سفر المعصیة مستثنی من السفر الشرعي المحدد بثمانیة فراسخ شریطة أن یکون بقدر المسافة الشرعیة، وأما إذا کان أقل منها فلا دلیل علی استثنائه لقصور دلیله عن شمول ذلک، فإذن یبقی تحت اطلاق الدلیل العام. ولکن مع ذلک کان الاحتیاط فیه هو الأولی والأجدر.

 مسألة 43: إذا كان السفر في الابتداء معصية، فقصد الصوم ثمّ عدل في الأثناء إلى الطاعة، فإن كان العدول قبل الزوال وجب الإفطار(1) ، وإن كان بعده ففي صحّة الصوم ووجوب إتمامه إذا كان في شهر رمضان مثلا وجهان  ، والأحوط الإتمام والقضاء  ؛ ولو انعكس، بأن كان طاعة في الابتداء وعدل إلى المعصية في الأثناء، فإن لميأت بالمفطر وكان قبل الزوال صحّ صومه(2) ، والأحوط قضاؤه  أيضا(3) ، وإن كان بعد الإتيان بالمفطر أو بعد الزوال بطل (4) ، والأحوط إمساک بقيّة النهار تأدّبا إن كان من شهر رمضان.

1- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع، والأظهر هو التفصیل فإنه إن عدل إلی السفر الحلال بعد ان قطع المسافة مکاملها و کان عدوله قبل الزوال فإن کان الباقي حینئذ مسافة شرعیة وجب الافطار شریطة ان یبدة بالسفر المباح فعلا، نعم لا یتوقف الافطار علی الخروج من البلد، و إنما یبدأ حکمه منذ بدایة سفره المباح، و لا یجوز قبل از یبدأ به، و إن لم یکن الباقي مسافة شرعیة وجب البقاء علی الصوم حیث ان المقتضي للإفطار هو السفر المباح بقدر المسافة و المفروض عدمه، و إن کان عدوله إلی السفر المباح بعد الزوال وجب البقاء علی الصوم إن لم یکن الباقي مسافة بعین ما مر، إن کا الباقي مسافة فمقتضی إطلاقات أدلة جواز الافطار في السفر عدم الفرق بین أن یکون السفر قبل الزوال أو بعده، ولکن هذه الاطلاقات قد قیدت بالروایات التي تنص علی التفصیل بین أن یخرج قبل الزوال أو بعده، فعلی الأول یفطر، و علی الثاني یتم. و بما أن مورد هذه الروایات هو أن الصائم إذا بدأ بالسفر قبل الزوال فلینظر، و إذا بدإ به بعد الزوال فلیتم فلا یشمل المقام إذ لا یصدق علیه أنه بدأ بالسفر بعد الزوال لفرض انه کان قد بدأ بالسفر بغایة محرمة ثم عدل بعد الزوال إلی غایة محللة فهو مواصلة لسفره الأول و إبقاء له، و التحول إنما هو في قصد الغایة، فمن أجل ذلک یکون المرجع في المقام هو العام الفوقي، و مقتضاه جواز الافطار مطلقا و لو کان بعد الزوال، ولکن مع ذلک کان الاحتیاط بالبقاء علی الصوم هو الأجدر.

و إن عدل إلی السفر المباح قبل أن یقطع المسافة بالکامل، فإن کان قبل الزوال و کان الباقي مسافة شرعیة وجب الافطار، و الا فلا یبعد وجوبه أیضا لما مر من المناقشة في شمول اطلاق دلیل سفر المعصیة له إذا لم یکن بقدر المسافة، و مع ذلک کان الأجدر و الأحوط هو الجمع بینهما. و إن کان بعد الزوال فالأظهر هو جواز الافطار شریطة أن یکون الباقي مسافة تطبیقا لما تقدم، و الاّ فالأحوط وجوبا هو الجمع بین إتمام الصوم و القضاء بعد ذلک، و بذلک یظهر حال ما ذکره الماتن1 في المسألة.

2- الفیّاض: في الصحة إشکال بل منع، و الأظهر هو التفصیل في المسألة، فإن التحول إلی سفر المعصیة إن کان قبل طي المسافة بالکامل فالأظهر هو صحة صومه باعتبار أن التحول إلی سفر المعصیة إن کان قبل إکمال المسافة فهو یهدم السفر الشرعي و حکمه حینئذ أن یتم صومه بلافرق بین أن یکون التحول قبل الزوال أو بعده و لا قضاء علیه شریطة عدم إتیانه بالمفطر، و إن کان بعد طي المسافة بکاملها لم یصح صومه لما استظهرناه في المسألة (33) من أن مثل هذه الصورة غیر مشمول لإطلاق دلیل سفر المعصیة، فإنه حینئذ لیس مأمورا بالصوم بعد التحول في النیة إذ لا دلیل علی أن التحول فیها بمثابة الوصول إلی الوطن أو المقر، فإذا تحول و کان قبل الزوال و لم یأت بالمفطر وجب أن ینوي الصوم لأن النص مورده المسافر الذي یصل إلی وطنه أو محل إقامته قبل الزوال من دون الاتیان بشيء من المفطرات و حیث أن الحکم یکون علی خلاف القاعدة فالتعدي عن مورده إلی السائر الموارد بحاجة إلی قرینة و لا قرینة لا في نفس النص و لا من الخارج.

فالنتیجة: انه غیر مأمور بالصوم في الصورة المذکورة، بل وظیفته فیها القضاء و إن کان الأجدر و الأولی أن یبقی علی الصوم ثم یقضي.

3- الفیّاض: بل هو الأقوی إذا کان العدول إلی سفر المعصیة بعد طي المسافة بکاملها کما مر.

4- الفیّاض: هذا فیما إذ کان العدول بعد طي المسافة بالکامل، و أما إذا کان قبل طیّها و لم یأت بالمفطر فالظاهر هو صحة صومه علی أساس أن السفر الشرعي الموجب للإفطار لم یتحقق منه إلی حین العدول و العدول یهدم السفر الشرعي کما مر، و حینئذ یکون مأمورا بالصوم من جهة ما مر من أنه لا قصور في إطلاق دلیل سفر المعصیة لشمول مثل المقام، و قد أشرنا الآن أن التحول لیس کالوصول إلی الوطن حتی یختلف حکمه باختلاف کونه قبل الزوال أو بعده.

 

 مسألة 44: يجوز في سفر المعصية  الإتيان بالصوم الندبي ، ولايسقط عنه الجمعة ولا نوافل النهار والوتيرة، فيجري عليه حكم الحاضر.

 السادس: من الشرائط أن لايكون ممّن بيته معه، كأهل البوادي من العرب والعجم الّذين لا مسكن لهم معيّنا ، بل يدورون في البراري وينزلون في محلّ العشب والكلاء ومواضع القطر واجتماع الماء، لعدم صدق المسافر عليهم؛ نعم، لوسافروا لمقصد آخر من حجّ أو زيارة  أو نحوهما  قصّروا ؛ ولو سافرأحدهم لاختيار منزل أو لطلب محلّ القطر أو العشب وكان مسافة، ففي وجوب القـصر أو التمام عليه إشكال ، فلايُترک الاحتياط بالجمع(1).

1- الفیّاض: بل الظاهر وجوب القصر علیه لأنه ما دام في بیته و یدور معه من منزل إلی آخر و من مکان إلی ثان لا یصدق أنه مسافر عرفا لأن بیته بمثابه المقر و الوطن له حیث أن توطنه علی وجه الأرض یکون کذلک، و علیه فإذا خرج من بیته الکذائي و ابتعد عنه إلی ما دون المسافة کان کمن خرج من بلده أو مقره إلیه، فلا یصدق أنه مسافر، و إذا خرج منه إلی المسافة المحددة صدق أنه مسافر.

و إن شئت قلت: ان بیوت هؤلاء بیوت غیر مستقرة فهي کالبیوت المستقرة لأنهم ما داموا فیها فهم في بیوتهم، و إذا خرجوا منها إلی ما دون المسافة فلا قیمة له، و إذا خرجوا بقدر المسافة المحددة شرعا قصروا سواء أکان خروجهم بغایة الزیارة و نحوها أو بغایة أخری کاختیار منزل أو جمع الکلاء و العشب و نحو ذلک، فلا یصدق علی الاعراب الذین یسکنون في البوادي و یدورون فیها من محل إلی آخر طوال السنة، أو في فصل خاص عنوان المسافر، فیکون خروجهم من إطلاقات أدلة وجوب القصر علی المسافر بالتخصص لا بالتخصیص. و علی هذا فوجوب التمام علیهم یکون علی القاعدة فلا یحتاج إلی دلیل، هذا إضافة إلی أن قوله7 في موثقة عمار: «لا، بیوتهم معهم...» (الوسائل ج 8 باب: 11 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 5) یدل علی ذلک.

 السابع: أن لايكون ممّن اتّخذ  السفر عملا وشغلا له ، كالمكاري والجمّال والملّاح  والساعي والراعي ونحوهم ، فإنّ هؤلاء يتمّون الصلاة والصوم في سفرهم الّذي هو عمل لهم (1) وإن استعملوه لأنفسهم، كحمل المكاري متاعه أو أهله من مكان إلى مكان آخر. ولا فرق بين من كان عنده بعض الدوابّ يكريها إلى الأماكن القريبة من بلاده  فكراها إلى غير ذلک من البلدان البعيدة وغيره ، وكذا لا فرق بين من جدّ في سفره  بأن جعل المنزلين منزلا واحدا وبين من لميكن كذلک(2). والمدار على صدق اتّخاذ السفر عملا له عرفا؛ ولو كان في سفرة واحدة  لطولها وتكرّر ذلک منه من مكان غير بلده إلى مكان آخر، فلايعتبر تحقّق الكثرة بتعدّد السفر ثلاث مرّات أو مرّتين، فمع الصدق في أثناء السفر أيضا  يلحق الحكم وهو وجوب الإتمام؛ نعم، إذا لميتحقّق الصدق إلّا بالتعدّد، يعتبر ذلک.

 1- الفیّاض: الظاهر أنه  أراد بذلک الأعم من أن یکون نفس السفر عملا لم مباشرة کالسائق فإن عمله سیاقة السیارة، و الطیار و الملاح و المکاري و الجمال و نحوهم، أو یکون السفر مقدمة لعملهم الذي اتخذوه مهنة لهم و لا یتاح لهم أن یمارسوا ذلک العمل دو المهنة الاّ بالسفر کالجابي و الراعي و الاشتقان و التاجر الذي یدور في تجارته و الأمیر الذي یدور في امارته حیث ان سفر هؤلاء مقدمة لعملهم و مهنتهم.

فالنتیجة: الن المستثنی من إطلاقات وجوب القصر و الافطار علی المسافر بالسفر الشرعي هو من اتخذ السفر عملا و شغلا له بنفسه و مباشرة، أو مقدمة لما هو عمل و شغل له، و أما من لم یکن السفر عملا له بأحد المعنیین فلا تکون وظیفته التمام و الصیام، کمن یقطع المسافة الشرعیة کل یوم بغایة التنزه و قضاء الوقت، أو بغایة الزیارة للمشاهد المشرفة أو الأقرباء باستمرار و لو في طول السنة فإنه لا یعتبر هذا السفر عملا و مهنة له لا بالمباشرة و لا بالواسطة، و لذا لو سئل عما هو عمل هذا الشخص؟ فلا یقال أن عمله التنزه أو زیارة المشاهد المشرفة، و علی هذا من یشغل کسائق أجرة أو لدی شخص و لو مجانا و تبرعا تعتبر السیاقة عملا و مهنة له، فإذن تکون العبرة بما إذا اعتبر السفر لدی العرف العام عملا للشخص بنفسه و مباشرة أو بالواسطة و مقدمة، و لا عبرة بکثرة السفر ما لم یعتبر عملا و حرفة له.

و تطبیق ذلک یتطلب بیان الحالات التالیة:

الأولی: ان من کانت مهنته السفر کالسائق و یشتغل بسیارته بین النجف و بغداد فیکفي في وجوب التمام علیه أن یشتغل بها في کل أسبوع بل أسبوعین مرة واحدة، فإن وظیفته فیه التمام في الطریق و المقصد، لأن المعیار انما هو بصدق هذا العنوان لا بکثرة السفر خارجا.

الثانیة: ان من کانت مهنة شیئا آخر غیر السفر ولکن یسافر من أجل أن یمارس مهنته و عمله في السفر، کما إذا کانت مهنته في بلدة أخری تبعد عن بلدته بقدر المسافة.

مثال ذلک: نجفي یشتغل في الحلة _مثلا_ کطبیب أو مدرس أو طالب جامعي أو عامل أو موظف أو نحو ذلک، فإنه إن کان یسافر إلی هناک في کل یوم و یرجع إلی بلدته بعد انتهاء عمله یتم لا علی أساس أن السفر هو عمله بل علی أساس ان السفر من أجل أن یمارس علمه هناک و یزاول مهنته کالتدریس أو معالجة المرضی أو نحوهما من دون أن یقرر اتخاذ الحلة مقرا و وطنا له، و علی ضوء ذلک فإن لم یتخذ الحلة مقرا و وطنا له فوظیفته التمام فیها و في الطریق ذهابا و ایابا، و إن اتخذها مقرا له کما إذا قرر أن یبقی فیها أربع سنین أو أکثر فحینئذ تعتبر الحلة وطنا اتخاذیا له و یترتب علیها تمام أحکام الوطن و منها وجوب الإتمام.

فاذن یکون وجوب الاتمام علیه في الحلة باعتبار أنه متواجد في وطنه لا باعتبار أن السفر فیها من أجل أن یمارس عمله هناک. وأما في الطریق بین النجف والحلة ذهابا وایابا فوظیفته القصر حتی فیما إذا کان سفره فیه بین یوم وآخر.

والنکتة فیه: ان الوارد في روایات الباب عناوین خاصة کعنوان الجایي والراعي والاشتقان والناجر الذي یدور في تجارته ونحوها، وبما ان السفر في هذه العناوین الخاصة حالة عامة للمسافر فلا یمکن التعدي عنها إلی سائر الموارد إلّا إذا کان السفر في مورد حالة عامة للمسافر فیه، ونقصد بکون السفر حالة عامة له کونه مسافرا في تمام حالاته في الطریق ذهابا وایابا وفي المقصد، واما إذا لم یکن في المقصد مسافرا کما إذا کان مقرا ووطنا له فانه متی وصل الیه انتهی سفره ویکون من المتواجد في وطنه، وانما یکون مسافرا في الطریق ذهابا وایابا فحسب، فاذن لا یکون السفر حالة عامة له لکي یمکن التعدي عن مورد تلک الروایات الیه.

وإن شئت قلت: ان التعدي عن مورد هذه الروایات إلی سائر الموارد بحاجة إلی قرینة وإن کانت القرینة هي الارتکاز العرفي القائم علی عدم الفرق، وعلی ذلک فإذا کانت سائر الموارد مماثلة لمواردها، وهذا یعني ان السفر إذا کان حالة عامة للشخص وإن لم ینطبق علیه شيء من العناوین المنصوصة فلا مانع من التعدي علی أساس ان المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة ضابط عام وهو ان کل من اتخذ السفر مهنة وعملا له اما بنفسه أو بعنوان المقدمة والوسیلة کحالة عامة فوظیفته التمام.

وعلی ضوء ذلک فمن کان ساکنا في بلدة کقم وکانت مهنته وعمله في بلدة أخری کطهران سواء أکان ذلک الشخص طبیبا أم مهندسا أو طالبا جامعیا أو مدرسا أو عاملا أو موظفا أو نحو ذلک فإن اتخذ طهران مقرا ووطنا له، کما إذا بنی علی أنه یبقی فیه أربع سنین أو أکثر فعندئذ إذا سافر إلیه انتهی سفره بدخوله فیه باعتبار أنه دخول في الوطن وهو هادم للسفر وقاطع فیتم فیه بملاک أنه متواجد في وطنه لا بملاک أن السفر مهنته وشغله فلا یکون السفر حینئذ حالة عامة له لکي یکون مشمولا لروایات الاستثناء، فمن أجل ذلک یقصر في الطریق ذهابا وإیابا وإن کان في الاسبوع مرتین أو أکثر لأن ذلک لا یکون من عناصر الضابط العام، ولا یوجد دلیل آخر یدل علی أن کثرة السفر بنفسها موضوع لوجوب التمام.

وإن لم یتخذ طهران مقرا ووطنا له علی أساس أنه یسافر إلیه في کل یوم من أجل أن یمارس مهنته وشغله فیه، وإذا انتهی منها عاد إلی بلدته، أو ان شغله في بلاد متفرقة ویکون في کل بلدة مدة خاصة کسنة أو أقل، فمن أجل ذلک لا تعتبر تلک البلاد جمیعا وطنا اتخاذیا له، فإن کونها کذلک یتوقف علی أن لا یکون مکثه في کل منها أقل من أربع سنین فإذا لم یتخذه وطنا ومقرا له أما من أجل أنه لا ینسجم مع متطلبات شغله ومهنته، أو أنه لا یرید ذلک وجب علیه الاتمام في المقصد وفي الطریق ذهابا وإیابا باعتبار أنه ممن عمله السفر شرعا.

ومن هذا القبیل ما إذا کان الشخص یسافر إلی طهران أو إلی بغداد مثلا ویبقی فیه أسبوعا من أجل عمله ثم یرجع إلی بلدته یوم الجمعة فإن علیه القصر هناک وفي الطریق ذهابا وإیابا، ولا فرق فیه بین الطالب الذي یسافر من أجل دراسة هناک وبین الطبیب والمهندس والموظف والعامل والجندي.

فالنتیجة: ان روایات المسألة تحدد مرکز وجوب التمام في خصوص المسافر الذي یتخذ السفر من أجل أن یمارس عمله ومهنته کحالة عامة للعمل، وأما إذا لم یکن سفره حالة عامة لعمله فلا یکون مشمولا لها، فعندئذ تکون وظیفته القصر بمقتضی اطلاقات أدلته.

الثالثة: إن من کان یسافر إلی بغداد مثلا من أجل مهنته وعمله هناک فله حالتان:

إحداهما: أن یعود إلی وطنه وأهله في مساء کل یوم، أو في کل أسبوع مرة واحدة علی نحو لا یبقی فیه عشرة أیام ویظهر حکم هذه المسألة مما مر.

والأخری: أن یعود إلی وطنه بعد عشرة أیام، أو في کل أسبوعین مرة واحدة، أو في کل شهر أو أکثر، وفي هذه الحالة إذا کانت مدة عمله تنتهی في سنة أو أقل فهل علیه التمام في بغداد وفي الطریق ذهابا وإیابا؟ أو ان علیه التمام في بغداد فحسب دون الطریق فإن وظیفته فیه القصر؟

قد یقال بالثاني، بدعوی أن وجوب التمام علیه في بغداد علی أساس أنه کان یعلم باقامة عشرة أیام فیه لا علی أساس أن عمله السفر، فتکون الاقامة فیه کاتخاذه مقرا ووطنا له فلا یکون مسافرا فیه، وعلیه فالسفر لیس حالة عامة لعمله، ومعه لا یکون من عناصر الضابط العام المتقدم.

والجواب: أن هذه الدعوی مبنیة علی الخلط بین کون البلد وطنا للمسافر، وکونه محل إقامته، فإنه علی الأول إذا وصل إلیه انتهی سفره فیکون من المتواجد في وطنه، وعلی الثاني انتهی حکم السفر فیکون من المسافر المقیم، وعلیه فبما أنه في الفرض الثاني مسافر وکان سفره من أجل ممارسة عمله ومهنته یکون وجوب التمام مستندا إلیه في المرتبة السابقة علی الاقامة دونها.

وعلی الجملة فمقتضی اطلاق الروایات التي تنص علی وجوب التمام علی الراعي والتاجر الذي یدور في تجارته والأمیر الذي یدور في أمارته ونحوهم عدم الفرق بین أنهم قرروا المکث في مکان عشرة أیام أو لا، فإن وجوب التمام مستند إلی سفرهم الذي هو حالة عامة لعملهم سواء کانوا یمکثون في مکان عشرة أیام أو لا، وکذلک الحال في المقام فإن وجوب التمام مستند إلی سفره الذي هو حالة عامة لعمله في المقصد والطریق سواء أکان بانیا علی الاقامة في المقصد عشرة أیام أو لا، وعلیه فإذا ظل باقیا في بغداد مدة لا تقل عن سبعة أشهر أو أقل أو أکثر من أجل ممارسة مهنته إلی أن ینتهی منها فوظیفته التمام سواء أکان یبقی فیه طیلة هذه المدة بشکل مستمر أن منقطع بأن یعود إلی بلده في آخر کل أسبوع مرة مثلا باعتبار أن بقاءه فیه طیلة هذه المدة لا یهدم سفره فیکون وجوب التمام مستندا إلی أن شغله وعمله في السفر، وإذا سافر هذا الرجل من بغداد إلی بلد آخر بقدر المسافة فإن کان مرتبطا بشغله وعمله یتم والّا فیقصر، ومن هذا القبیل الجندي المکلف أو المتطوع فإنه إذا لم یکن له مقر خاص وینتقل دائما من مکان إلی آخر ومن منطقة إلی أخری یتم في تمام هذه المقرات طیلة المدة، وإذا کان له مقر خاص لمزاولة عمله ومهنته فیه وکان یبقی فیه مدة لا تکفي تلک المدة لاعتباره وطنا له عرفا کسنة أو أکثر أو أقل یتم سواء یعود إلی بلده في مساء کل یوم أو في آخر کل أسبوع أو بعد کل شهر أو لا، وإذا سافر من مقر عمله فإن کان مرتبطا بعمله یتم والّا یقصر.

لحد الآن قد تبین أن الضابط العام في المسألة هو أن السفر إذا کان حالة عامة لعمل المسافر ومهنته في الطریق ذهابا وإیابا وفي المقصد وهو مکان العمل والمهنة فعلیه أن یتم في صلاته مطلقا شریطة أن لا یتخذ مکان العمل وطنا له بأن لا یقرر البقاء فیه أربع سنین أو أکثر، والّا وجب القصر في الطریق ذهابا وإیابا وإن کان الذهاب والایاب فیه کثیرا، بل وإن کان في کل یوم بأن یذهب من بلدته صباحا إلی مقر عمله ویقضی عمله فیه ثم یرجع مساء إلی بلدته فإنه یتم في مقر عمله باعتبار أنه وطن آخر له ویقصر في الطریق ذهابا ورجوعا لما مر من أنه غیر داخل في الضابط العام المستفاد من روایات المسألة وهو أن یکون سفره حالة عامة لعمله وإن کانت رعایة الاحتیاط بالجمع بین القصر والتمام في الطریق في صورة کثیرة الذهاب والایاب أولی وأجدر، کما أن السفر إذا کان حالة عامة لعمله لا فرق بین أن یرجع من مکان عمله إلی بلدته في کل أسبوع مرة، أو في کل أسبوعین مرة، أو في کل شهر أو شهرین فإنه ما دام هو مسافر فوظیفته التمام فیه وفي الطریق ذهابا وإیابا، فإذن لا عبرة بکثرة السفر نهائیا.

الرابعة: إذا قرر طالب جامعي مثلا البقاء في بغداد لإکمال دراسته سنتین وهو یبعد عن بلدته بقدر المسافة الشرعیة وشک في کفایة ذلک في کونه مقرا ووطنا له، أو أنه لا یزال مسافرا فیه ولم یصر من أهله، ونتیجة هذا الشک تظهر في الطریق، فإن البقاء فیه في تلک المدة المحدودة إن کفی في جعله مقرا ووطنا له عرفا فعلیه أن یقصر في صلاته في الطریق ذهابا وإیابا، وإن لم یکف یتم في الطریق کذلک، وبما أنه یشک في أنه مسافر فیه أو أنه متواجد في وطنه فیعلم حینئذ إجمالا أما بوجوب القصر علیه في الطریق أو التمام، ومقتضی هذا العلم الإجمالي هو الاحتیاط بالجمع بین القصر والاتمام في الطریق ذهابا وإیابا بأن یصلي فیه مرة قصرا وأخری تماما بلا فرق بین أن یکون الشک من جهة الشبهة المفهومیة أو الموضوعیة، وأما في بغداد فوظیفته فیه التمام علی کلا التقدیرین، غایة الأمر أنه علی التقدیر الأول بملاک أنه متواجد في وطنه، وعلی التقدیر الثاني بملاک أنه مسافر سفره لممارسة شغله وعمله في تلک المدة.

فالنتیجة: ان في موارد الشک في أنه مسافر في هذه البلدة أو متوطن فیها من جهة الشک في أن المکث فیها في مدة محددة کسنتین أو أقل أو أکثر هل یکفي في کونه من أهل تلک البلدة؟ أو لا یکفی وأنه لا یزال بعد مسافرا، فلابد من الاحتیاط في الطریق بالجمع بین القصر والتمام للعلم الإجمالي بوجوب أحدهما.

الخامسة: ان السفر إذا کان مقدمة لعمله فهو إنما یکون موضوعا لوجوب التمام شریطة أن یصدق علیه أنه مهنته وشغله، فإذا لم یصدق علیه ذلک فالسفر من أجل ممارسته لا یکون موضوعا له کالسفر للتنزه أو للزیارة أو نحوهما مما لا یعد عرفا شغلا وعملا فإنه سفر اعتیادي وإن کثر.

السادسة: أنه لا یکفي في وجوب التمام أن یشغل بمهنته في ضمن سفره للزیارة أو للتنزه أو نحو ذلک من دون اتخاذه مقدمة لها، إذ حینئذ لا یصدق أن شغله ومهنته في السفر.

السابعة: أن من یزاول السفر من أجل عمله علی أساس ارتباط ذلک العمل بالسفر، فکما أنه یتم في صلاته في مقر العمل وفي الطریق ذهابا وإیابا فکذلک یتم في صلاته في کل سفر مرتبط بعمله ومهنته، کما إذا انکسرت سیارته في الطریق وتوقف إصلاحها علی ید عامل فني وه في بلد یبعد عن هذا المکان بقدر المسافة فإنه حینئذ بحاجة إلی السفر إلی ذلک البلد، فإذا سافر إلیه فعلیه أن یتم في الذهاب والایاب علی أساس أنه مرتبط بعمله ومهنته، وأما السفر الذي لا یتربط به فهو سفر اعتیادي فعلیه أن یقصر.

الثامنة: لا فرق في وجوب التمام علی من یکون عمله السفر بین أن یکون في طول السنة أو في أحد فصولها لأن المعیار إنما هو یصدق أن السفر هو عمله ومهنته، بل یکفي في ضمن شهرین أو الأقل إذا صدق ان هذا السفر هو عمله ومهنته، ومن هذا القبیل سفر الحملدار فإنه یمارس سفره في ضمن شهر أو أکثر في موسم الحج في طول السنة، وبما أنه بدرجة من الأهمیة یصدق علیه أن هذا هو عمله ومهنته.

فالنتیجة: ان کل من یمارس السفر من أجل عمله ومهنته الاساسیة بدرجة یصدق أن مهنته وشغله في السفر فعلیه أن یتم في صلاته وإن کانت طبیعة مهنته لا تتطلب السفر ولا تبتنی علیه کالوعظ والخطابة والتجارة ونحوها من الاعمال والمهن التي لا تبتني علی السفر، فإنه کما یمکن القیام بها في السفر یمکن القیام بها في الحضر، فإن الخطیب قد یستدعی إلی بلدة أخری تبعد عن بلدته بقدر المسافة فیسافر فیها یوما أو یومین أو أکثر، وهذا یقصر في صلاته وکذلک الحال في سائر أصحاب المهن والحرف، ولکن إذا اتخذ الخطیب أو النجار مهنته في السفر ویزاولها فیه بحیث یصدق ان عمله وشغله في السفر فعلیه أن یتم، ولا فرق في ذلک بین أن یکون في معظم أوقات السنة أو في بعضها کالخطیب والواعظ یمارس الخطابة والوعظ في السفر أساسا في محرم وصفر وهکذا.

قد تلخص أن العبرة في وجوب التمام علی المسافر في تمام حالاته إنما هي بکون السفر حالة عامة لعمله فلا عبرة بکثرة السفر ولا بطول زمان الاشتغال به.

2- الفیّاض: هذا هو المشهور ولکنه لا یخلو عن إشکال بل منع، والأظهر هو الفرق بینهما للروایات المقیدة التي تنص علی ذلک.

ودعوی: ان المشهور قد اعرضوا عنها وهو یوجب سقوطها عن الاعتبار.

مدفوعة بما ذکرناه في علم الاصول من أن الاعراض إنما یوجب السقوط شریطة توفر أمرین...

الأول: أن یکون الاعراض من الفقهاء المتقدمین الذین یکون عصرهم في نهایة المطاف متصلا بعصر أصحاب الائمة: فتلقون الروایات منهم مباشرة.

الثاني: أن لا یکون في المسألة ما یحتمل أن یکون سببا ومنشأ لاعراضهم عنها وعدم عملهم بها، والّا فلا یکون کاشفا عن النقص فیها.

وکلا الأمرین غیر متوفر في المسألة، أما الأول فلأنه لا طریق إلی إحراز أن الفقهاء المتقدمین قد اعرضوا عنها لأن الطریق المباشر مفروض العدم، وأما غیر المباشر فهو یتوقف علی مقدمة خارجیة وهي أن تکون لهم کتب استدلالیة وکان بمقدورنا الوصول إلیها والبحث والفحص عنهما لکي نعرف أنهم قد اعرضوا عنها في المسألة.

ولکن هذه المقدمة غیر متوفرة إما من جهة عدم وجود کتاب استدلالي حول المسألة لکل فرد منهم، أو من جهة عدم وصوله إلینا مع فرض وجوده، فإذن لا یمکن احراز إعراضهم عنها. ومجرد فتواهم في المسألة علی خلاف تلک الروایات لا یدل علی إعراضهم لأنه لازم الأعم لاحتمال أن یکون مستند فتواهم شیئا آخر دون سقوط هذه الروایات عن الحجیة کترجیح الروایات العامة علیها لسبب من الاسباب، أو نحو ذلک.

وأما الثاني فلاحتمال أن یکون منشأ إعراضهم عنها وعدم عملهم بها ترجیح الروایات العامة في المسألة التي تدل علی عدم الفرق بین من جد في سفره ومن لم یجد فیه علی هذه الروایات بسبب الشهرة أو نحو ذلک لا وجود النقص فیها وسقوطها عن الاعتبار في نفسها.

فالنتیجة: ان الأظهر هو الفرق بین الصورتین وإن کانت رعایة الاحتیاط بالجمع بین القصر والتمام فیمن جد في سفره أولی وأجدر.

 مسالة 45: إذا سافر المكاري ونحوه ممّن شغله السفر سفرا ليس من عمله، كماإذا سافر للحجّ أو الزيارة، يقصّر ؛ نعم، لو حجّ أو زار، لكن من حيث إنّه  عمله، كما إذا كرى دابّته للحجّ أو الزيارة وحجّ أو زار بالتبع، أتمّ.

 

 مسألة 46: الظاهر  وجوب القصر على الحملدارية(1)  الّذين يستعملون السفر في خصوص أشهر الحجّ  ، بخلاف من كان متّخذا ذلک عملا له في تمام السنة كالّذين يكرون دوابّهم من الأمكنة البعيدة ذهابا وإيابا على وجه يستغرق ذلک تمام السنة أو معظمها، فإنّه يتمّ حينئذٍ.

1- الفیّاض: في الظهور إشکال بل منع، والأظهر وجوب التمام لما مر أن الحملداریة مهنة الحملدار وشغله وإن کانت السفرة واحدة وفي زمن قصیر طول السنة الّا أنها من جهة أهمیتها یصدق علیها عرفا أنها مهنة له فتکون وظیفته حینئذ التمام في الطریق ذهابا وإیابا وفي المقصد، وبذلک یظهر حال ما ذکره الماتن

 مسألة 47: من كان شغله المكاراة في الصيف دون الشتاء أو بالعكس، الظاهر وجوب التمام عليه ، ولكنّ الأحوط الجمع(1).

1- الفیّاض: هذا الاحتیاط وإن کان استحبابیا الّا أنه لا منشأ له أصلا، إذ لا شبهة في صدق العناوین المأخوذة في روایات الباب علی من یتلبس بمبادئها في بعض فصول السنة لا في تمامها، فمن یکون شغله المکاراة في الصیف فقط فلا شبهة في صدق عنوان المکاري علیه، ومن یکون شغله الرعي فیه فلا ریب في صدق عنوان الراعي، بل المتعارف في المناطق البادرة أن الرعایة فصلیة ولیست في تمام الفصول.

فالنتیجة: ان المعیار کما مر إنما هو بصدق أن السفر حالة عامة لعمله وهو قد یتحقق بسفرة واحدة لا تتجاوز شهرا کالحملداریة لقوافل الحجاج فإنه لا شبهة في صدق أنها عمله ومهنته عرفا، فلو اقتصر انسان علیها لکفی ذلک في صدق أن مهنته منحصرة بها.

مسألة 48: من كـان التـردّد إلـى مـا دون المـسـافـة عـمـلا لـه كالحـطّـاب ونـحـوه، قصّـر إذا سـافـر ولـو للاحتـطاب، إلّا إذا كـان يصـدق علـيـه المسافر  عرفا  وإن لميكن بحدّ المسافة الشرعيّة، فإنّه يمكن أن يقال  بوجوب التمام  عليه إذا سافر بحدّ المسافة(1)، خصوصا فيما هو شغله من الاحتطاب مثلا.

1- الفیّاض: بل هو بعید جدا لوضوح أن روایات الباب بمختلف الالسنة تنص علی أن السفر بقدر المسافة الشرعیة وهي ثمانیة فراسخ بکاملها یوجب القصر دون الأقل من ذلک ولو یسیرا وإن صدق علی من سافر دون ذلک عنوان المسافر عرفا، لأن العبرة إنما هي بقطع هذه المسافة بالکامل دون صدق المسافر العرفي، وقد مر أن وجوب التمام إنما هو علی من یکون السفر شغله ومهنته لا حالة اتفاقیة له، وفي ضوء ذلک إذا کان الشخص یمارس مهنته في داخل البلد وفیما دون المسافة ولکن قد یحدث اتفاقا ما یستدعي سفره إلی بلدة أخری بقدر المسافة الشرعیة لما یرتبط بمهنته وشغله، ففي هذه الحالة تکون وظیفته القصر إذا سافر إلی تلک البلدة علی أساس أن هذه السفرة حالة اتفاقیة ولیس مبنیا علیها، ولا فرق في ذلک بین الحطاب والسائق والنجار وما شاکل ذلک

 مسألة 49: يعتبر  في استمرار  من شغله السفر على التمام أن لايقيم في بلده  أو غيره عشرة أيّام(1) ، وإلّا انقطع حكم عمليّة السفر وعاد إلى القصر في السفرة الاُولى خاصّة، دون الثانية، فضلا عن الثالثة وإن كان الأحوط الجمع فيهما ولافرق في الحكم المزبور بين المكاري والملّاح والساعي(2)  وغيرهم ممّن عمله السفر؛ أمّا إذا أقام أقلّ من عشرة أيّام، بقي على التمام وإن كان الأحوط مع إقامة الخمسة الجمع (3)، ولا فرق في الإقامة في بلده عشرة بين أن تكون منويّة أو لا، بل وكذا في غير بلده  أيضا (4)، فمجرّد البقاء عشرة يوجب العود إلى القصر؛ ولكنّ الأحوط  مع الإقامة في غير بلده بلا نيّة، الجمع في السفر الأوّل بين القصر والتمام.

 1- الفیّاض: في اعتبار ذلک إشکال بل منع، و الأظهر وجوب التمام علیه و إن کان سفره من بلد بعد إقامة عشرة أیام فیه، ولکن مع ذلک کان الأجدر والأحوط هو الجمع فیه بین القصر والتمام، وذلک لأن النصوص التي استدل بها علی هذا الحکم قاصرة أما سندا أو دلالة، فإن عمدتها قوله في روایة عبد الله بن سنان: «فإن کان له مقام في البلد الذي یذهب إلیه عشرة أیام أو أکثر وینصرف إلی منزله ویکون له مقام عشرة أیام أو أکثر قصر وأفطر...» (الوسائل ج 8 باب: 12 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 5) وهو ظاهر في اعتبار أمرین في وجوب التقصیر علیه.

أحدهما: إقامة عشرة أیام في البلد الذي یذهب إلیه.

والآخر: إقامة العشرة في بلده الذي یرجع إلیه. وهذا یعني أن المکاري إذا ذهب إلی بلدة وبقي فیها عشرة أیام ثم رجع إلی بلدة قصر في الطریق وأفطر شریطة أن یبقی في بلدته أیضا عشرة أیام، وهذا غیر ما هو المشهور بین الأصحاب من ان المکاري وما یلحق به إذا أقام في بلد عشرة أیام ثم سافر فعلیه أن یقصر في صلاته ویفطر صومه.

قد یقام بتوجیه هذه الروایة وحملها علی ما هو المشهور بأحد طریقین..

الأول: ان الو او في قوله : «وینصرف» بمعنی أو، کما في قوله : «خمسة وأقل» بقرینة الاجمال علی عدم اعتبار إقامة عشرتین في رفع حکم التمام.

والجواب: ان هذا الحمل وإن کان ممکنا الّا أنه لما کان خلاف الظاهر فهو بحاجة إلی قرینة ولا قرینة في نفس الصحیحة علی هذا الحمل، وأما قوله : «خمسة وأقل» فالقرینة علی ذلک موجودة وهي أنه لا یمکن الجمع بین إقامة خمسة أیام وأقل منها في مکان واحد في وقت فارد.

وأما الاجماع فهو لا یصلح أن یکون قرینة علی ذلک لأنه معلوم المدرک وهو روایات الباب کمرسلة یونس ونحوها، فمن أجل ذلک لا قیمة له. هذا مضافا إلی ما ذکرناه في بحث الفقه بشکل موسع من أنه لا قیمة للإجماعات المدعاة في المسائل الفقهیة صغری وکبری.

الثاني: ان قوله : «فإن کان له مقام... الخ» إنما هو في مقابل قوله  في صدر الروایة: «المکاري إذا لم یستقر في منزله الّا خمسة أیام أو أقل قصر في سفره...» وظاهر المقابلة انه لا اختلاف بینهما الّا من ناحیة مدة الاقامظ خمسة وعشرة، وبما أن المراد من السفر في الصدر هو السفر من البلدة التي أقام فیها خمسة أیام فبطبیعة الحال یکون المراد من السفر في الذیل هو السفر من البلدة التي ذهب إلیها.

والجواب: ان هذا لا یدفع الاشکال عن ظاهر الروایة وهو اعتبار أمرین في وجوب القصر، أحدهما إقامة عشرة أیام في البلد الذي یذهب إلیه، والآخر اقامة العشرة في بلده الذي یرجع إلیه، وإنما یدفع إشکالا آخر وهو أن الروایة تدل علی وجوب القصر في الذهاب إلی البلد الذي أقام فیه عشرة أیام لا في الرجوع منه، هذا إضافة إلی إن الروایة ضعیفة سندا.

فالنتیجة: ان ما هو المشهور من أن المکاري وما یلحق به إذا أقام في بلدة عشرة أیام ثم سافر فعلیه أن یقصر في السفرة الأولی لا دلیل علیه، فالأظهر عدم الفرق بین أن یقیم في بلدة عشرة أیام ثم یسافر أو لا، فإنه علی کلا التقدیرین یتم صلاته وإن کانت رعایة الاحتیاط في الفرض الأول بالجمع بین التمام والقصر في السفرة الأولی أولی وأجدر.

ومع الاغماض عن ذلک وتسلیم ان الروایة تامة سندا ودلالة فمع ذلک لا یمکن التعدي عن موردها إلی سائر الموارد، فإن الحکم لما کان علی خلاف القاعدة فالتعدي بحاجة إلی قرینة ولا قرینة في نفس الروایة، وأما القرینة من الخارج فیمکن تمثیلها في ثلاث دعاوی..

الأولی: الاجماع علی التعدي وعدم الفرق بین المکاري وغیره في هذا الحکم وأنه حکم من کان السفر عمله ومهنته.

والجواب: مضافا إلی أنه لا إجماع في المسألة أنه لا قیمة له کما مرت الاشارة إلیه آنفا ولا سیما في مثل هذه المسألة التي تتوفر فیها الأدلة اللفظیة.

الثانیة: انه لا فرق بین المکاري وغیره في الملاک وإن کل حکم ثبت له نفیا وإثباتا فهو ثابت لغیره أیضا بعین الملاک.

والجواب: أن هذه الدعوی تتوقف علی إحراز ملاک الحکم في غیر المکاري ممن یکون عمله السفر، وبما أنه لا طریق لنا إلی إحرازه من غیر ناحیة ثبوت الحکم فلا مجال لهذه الدعوی.

الثالثة: ان ملاک وجوب القصر علی المکاري إذا سافر من بلدة بعد إقامته فیها عشرة أیام إنما هو علی أساس ان الاقامة تنافي مهنته وهي السفر وهذا الملاک موجود في غیره أیضا.

والجواب: قد تقدم ان المعیار في وجوب التمام علی المسافر إنما هو بصدق العناوین المأخوذة في الروایات کعنوان المکاري والملاح والجمال والراعي والکري والتاجر الذي یدور في تجارته والاشتقان ونحو ذلک، وصدق هذه العناوین لا یتوقف علی کثرة السفر ومواصلته بصورة مستمرة ضرورة أن الملاح یصدق حقیقة علی ربان السفینة وإن توقفت سفینته في الطریق شهرا أو أکثر، وکذلک المکاري والجمال والراعي لأن ملاک الصدق إنما هو اتخاذه السفر مهنة له، ومن المعلوم ان إقامة عشرة أیام في بلدة لا تمنع عن صدق تلک العناوین ولا تؤدي إلی زوالها علی نحو لا یکون المکاري بعد إقامة العشرة في بلدة مکاریا.

ومن هنا قلنا ان المتفاهم العرفي منها بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة هو أن کل من یتخذ السفر مهنة له أو مقدمة لشغله وعمله کحالة عامة فوظیفته التمام وإن لم یصدق علیه شيء من العناوین المنصوصة کطالب مدرسي یدرس في جامعة طهران مثلا وتبعد بلدته عن بلدة دراسته بقدر المسافة الشرعیة فإنه مرة یأتي صباح کل یوم إلی طهران من أجل دراسته ویرجع مساء إلی بلدته ولا یمکث فیه، وأخری یمکث فیه أسبوعا أو أسبوعین أو شهرا أو أکثر ثم یعود إلی بلدته یوما أو یومین أو في أیام العطلة وعلی کلا التقدیرین فحکمه التمام ما لم یقرر البقاء فیه مدة مدیدة کأربع سنین أو أکثر والا فحکمه القصر في الطریق ذهابا وإیابا علی کلا التقدیرین کما تقدم.

2- الفیّاض: مر الاشکال بل المنع في أصل ثبوت الحکم حتی في المکاري فضلا عن غیره.

3- الفیّاض: لا منشأ له الّا صدر روایة عبد الله بن سنان وهو مضافا إلی أنه مجمل فقد مر أنه الروایة غیر ثابتة.

4- الفیّاض: لکن الأظهر اعتبار أن تکون منویة في بلده وفي غیره بناء علی ثبوت هذا الحکم علی أساس ان وظیفة المکاري هي التمام في تمام الحالات، ولکن وجوب القصر علیه في الطریق قد انیط بأن یکون له مقام عشرة أیام في بلده أو بلد آخر کما نصت علی ذلک روایة عبد الله ابن سنان، ومن الواضح أن الظاهر منها هو أنه یعلم بالبقاء فیه عشرة أیام کما هو المراد من النیة هنا. ثم ان المعیار في وجوب التمام لما کان بصدق السفر مهنة المسافر وعمله عرفا لا بکثرته خارجا ولا بطول الزمن یظهر حال مجموعة من المسائل الآتیة.

 مسألة 50: إذا لميكن شغله وعمله السفر، لكن عرض له عارض فسافر أسفارا عديدة ، لايلحقه حكم وجوب التمام؛ سواء كان كلّ سفرة بعد سابقها اتّفاقيّا، أو كان من الأوّل قاصدا لأسفار عديدة، فلو كان له طعام أو شيء آخر في بعض مزارعه أو بعض القرى وأراد أن يجلبه إلى البلد فسافر ثلاث مرّات أو أزيد بدوابّه أو بدوابّ الغير، لايجب عليه التمام؛ وكذا إذا أراد أن ينتقل من مكان إلى مكان، فاحتاج إلى أسفار متعدّدة في حمل أثقاله وأحماله.

 مسألة 51: لايعتبر فيمن شغله السفر اتّحاد كيفيّات وخصوصيّات أسفاره من حيث الطول والقصر  ومن حيث الحمولة ومن حيث نوع الشغل؛ فلو كان يسافر إلى الأمكنة القريبة فسافر إلى البعيدة، أو كانت دوابّه الحمير فبدّل بالبغال أو الجمال أو كان مكاريآ فصار ملّاحا أو بالعكس، يلحقه الحكم وإن أعرض عن أحد النوعين إلى الآخر أو لفّق من النوعين؛ نعم، لو كان شغله المكاراة فاتّفق أنـّه ركب السفينة للزيارة أو بالعكس، قصّر ، لأنـّه سفر في غير عمله، بخلاف ماذكرنا أوّلا، فإنّه مشتغل بعمل السفر؛ غاية الأمر أنـّه تبدّل خصوصيّة الشغل إلى خصوصيّة اُخرى، فالمناط هو الاشتغال بالسفر وإن اختلف نوعه.

 مسألة 52: السائح في الأرض الّذي لميتّخذ وطنا منها يتمّ(1)، والأحوط الجمع.

1- الفیّاض: هذا فیما إذا کانت السیاحة مهنة وشغلا للسائح ولکن علی هذا لا فرق بین أن یتخذ وطنا له علی وجه الأرض أو لا فإن حال حینئذ حال غیره ممن تکون مهنته وعمله في السفر کالراعي ونحوه، وأما إذا لم تکن السیاحة من أجل مهنة وشغل له بأن کانت لمجرد الترفه والتنزه وزیارة البلدان ومتحافها وآثارها القدیمة والمناظر الطبیعیة ومظاهرها فلا توجب التمام بلا فرق بین أن یکون له وطن معین علی وجه الکرة الأرضیة أو لا علی أساس أن المستثنی من إطلاقات أدلة وجوب القصر علی المسافر هو عناوین ثلاثه..

الأول: من یکون بیته معه کأهل البوادي الذین لم یتخذوا موطنا معینا علی وجه الأرض فیدورون في البر من منطقة إلی أخری و من مکان إلی آخر کما مر بل لا یصدق علیهم عنوان المسافر هذا لا من جهة أن السفر في مقابل الحضر و لا حضر لهم علی الفرض و ذلک لأن التقابل بینهما من تقابل التضاد لا العدم و الملکة فإن الحضر لیس أمرا عدمیا و عبارة عن عدم السفر في محل قابل له، بل من جهة أنهم قد اتخذوا مناطق شاسعة و أماکن واسعة أوطانا لهم لکي یعیشوا فیها بتمام متطلبات حیاتهم علی نحو التنقل و التجول فیها علی مستوی واحد حیث ان معنی الوطن عرفا هو ما یتخذه الشخص مکانا علی وجه الکرة الأرضیة من أجل أن یعیش فیه بماله من متطلبات الحیاة غایة الأمر أنه قد یتخذ مکانا معینا في بلدة أو قریة علی وجه الکرة فإنه ما دام کان متواجدا فیها فهو غیر مسافر و إذا خرج منها بقدر المسافة المحددة شرعا فهو مسافر کما هو الغالب بین أصناف البشر و أفراده و قد لا یتخذ مکانا معینا بل یعیش بتمام متطلبات حیاته في أماکن متعددة و متفرقة و یعبر عنه في الروایات بمن یکون بیته معه فإنه ما دام کان متواجدا فیها کذلک فهو غیر مسافر، و إذا خرج منها بقدر المسافة الشرعیة من أجل غایة أخری من حج أو زیارة أو نحو ذلک فهو مسافر باعتبار أنه خارج عن أوطانه و مقراته.

فالنتیجة: أنهم ما داموا یکون بیوتهم معهم بصورة متواصلة فلا یصدق علیهم المسافر.

الثاني: من یکون السفر عمله و مهنته بنفسه و مباشرة کالسائق و نحوه.

الثالث: من یکون السفر عمله و مهنته مقدمة لا مباشرة کالراعي و نحوه.

و الظاهر أنه لا ینطبق علیه شيء من هذه العناوین الثلاثة.

أما الأول: فلأن معنی «أن بیته معه» یعني أن جمیع متطلبات حیاته المعیشیة من الظروف و الفرش و الأطعمة و أدوات الطبخ و الخیمة و وسائل النقل کانت معه و من المعلوم أنه لا یصدق علی السائح.

ودعوی أن هذا العنوان وإن لم یصدق علیه الّا أنه لا حاجة في وجوب القصر إلی صدق هذا العنوان إذ یکفي فیه عدم صدق عنوان المسافر علیه لأن السفر في مقابل الحضر ولا حضر له علی الفرض...

مدفوعة بأن السفر وإن کان في مقابل الحضر الّا أن التقابل بینهما من تقابل التضاد لا العدم والملکة کما مرّ فإذا لم یکن السائح حاضرا فهو مسافر فیجب علیه أن یقصر في صلاته الّا إذا انطبق علیه أحد العناوین المذکورة.

وأما الثاني: فلأن السیاحة بنفسها لیست مهنة وشغلا.

وأما الثالث: فلأنها ان اتخذت من أجل شغل ومهنة فتدخل فیه ولیست عنوانا آخر والّا فلا.

مسألة 53: الراعي الّذي ليس له مكان مخصوص ، يتمّ(1).

1- الفیّاض: في التقیید إشکال بل منع، والظاهر عدم الفرق بین أن یکون له مکان مخصوص أو لا لما مر من أنه إذا اتخذ الرعي مهنة وعملا له في أحد فصول السنة کفی في صدق أنه ممن یکون عمله في السفر، ولا یلزم أن یکون في طول السنة، فإن العبرة في وجوب التمام إنما هي بصدق کون السفر حالة عامظ لعمله لا بطول الزمن ولا بکثرة الاسفار خارجا کما مر.

مسألة 54: التاجر الّذي يدور في تجارته، يتمّ.

مسألة 55: من سافر معرضآ عن وطنه لكنّه لميتّخذ وطنا غيره، يقصّر(1) .

1- الفیّاض: فیه: ان اطلاقه ینافي ما تقدم منه1 في المسألة (52) من وجوب التمام علی السائح فإنه إذا کان بانیا علی عدم اتخاذ وطن آخر له نهائیا فهو سائح، ومقتضی ما ذکره1 في المسألة المذکورة وجوب التمام علیه لا القصر.

 

  مسألة 56: من كان في أرض واسعة قد اتّخذها مقرّا، إلّا أنـّه كلّ سنة مثلا في مكان منها، يقصّر إذا سافر  عن مقرّ سنته.

  مسألة 57: إذا شکّ في أنّه أقام في منزله أو بلد آخر عشرة أيّام أو أقلّ، بقي على التمام(1)

1- الفیّاض: مر أن الأظهر أنه باق علی التمام مطلقا حتی فیما إذا کان واثقا ومتأکدا أنه أقام في منزله أو بلد آخر عشرة أیام.

 الثامن: الوصول إلى حدّ الترخّص  وهو المكان الّذي يتوارى   عنه جدران بيوت البلد(1) ويخفى عنه أذانه . ويكفي تحقّق أحدهما مع عدم العلم بعدم تحقّق الآخر(2)، وأمّا مع العلم بعدم تحقّقه فالأحوط اجتماعهما (3)، بل الأحوط  مراعاة اجتماعهما مطلقا ؛ فلو تحقّق أحدهما دون الآخر، إمّا يجمع بين القصر والتمام وإمّا يؤخّر الصلاة إلى أن يتحقّق الآخر. وفي العود  عن السفر أيضا  ينقطع حكم القصر إذا وصل إلى حدّ الترخّص من وطنه(4) أو محلّ إقامته(5)  وإن كان الأحوط   تأخير الصلاة إلى الدخول في منزله أو الجمع بين القصر والتمام إذا صلّى قبله بعد الوصول إلى الحدّ.

 1- الفیّاض: وفیه: ان المعیار هو أن یتواری شخص المسافر عن عیون أهل البیوت الکائنة في منتهی البلد فإنه الوارد في الروایة دون ما في المتن، وهي صحیحة محمد بن مسلم، قال: «قلت لأبي عبد الله : الرجل یرید (فیخرج) متی یقصر؟ قال: إذا تواری من البیوت...»(الوسائل ج 8 باب: 6 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 1)، حیث ان المتحصل منها إذا وقف شخص في آخر بیوت البلد ومنتهی عماراته وکان یری المسافر یبتعد عنه ثم حجبت عنه رؤیته بحیث لا هو یری المسافر ولا المسافر یراه فیتواری کل منهما عن الآخر فحینئذ یجب علیه القصر سواء غابت عن عین المسافر عمارات البلد وبناءاته أیضا أو لا، وهذا معیار ثابت لا یزید ولا ینقص عادة ولا یختلف باختلاف البلدان وضخامة عماراتها، وهذا بخلاف ما إذا کان وجب القصر مربوطا بخفاء عمارات البلد وجدرانه فإنه یختلف من بلد إلی آخر، فمن أجل ذلک جعلت الصحیحة غیاب المسافر وتواریه عن عیون الساکنین في آخر بیوت البلد وعماراته معیارا لوجوب القصر.

ثم ان عنوان التواري المأخوذ في الصحیحة صرف طریق إلی ما هو موضوع لوجوب القصر وهو المسافة المعینة المحددة ولا یحتمل دخله في الموضوع. ومن هنا لا یکون تواري المسافر عن أنظارهم وبالعکس الّا في حالة انبساط الأرض وعدم وجود حائل بینهما فإذا غاب المسافر عن عین الواقف في آخر البلد لا لبعد مسافة بینهما بل لأجل وجود حائل کالجبل أو نحوه، أو نزل وادیا أو دخل في نفق أو ما شاکل ذلک لم یکف هذا في وجوب القصر فإذن یکون حد الترخص حدا واقعیا وهو عبارة عن ابتعاد المسافر عن آخر بیوت البلد بمسافة حجبته عن عیون أهل تلک البیوت کما أنها حجبتهم عن عیون المسافر، وهذا یعني أنها لا تتیح لکل منهما رؤیة الآخر في حالة افتراض انبساط الأرض.

ولکن في مقابل هذه الصحیحة روایات أخری تدل علی أن المعیار في وجوب القصر علی المسافر هو ابتعاده مسافة لا یسمع أذان البلد، منها صحیحة عبد الله بن سنان عن أبي عبد الله  قال: «سألته عن التقصیر؟ قال: إذا کنت في الموضع الذي تسمع فیه الأذان فأتم، وإذا کنت في الموضع الذي لا تسمع فیه الأذان فقصر، وإذا قدمت من سفرک فمثل ذلک»(الوسائل ج 8 باب: 6 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 3) فإنها تدل علی اناطة وجوب القصر بابتعاد المسافر عن البلد بمسافة لا یسمع فیها الأذان.

ثم ان المتفاهم العرفي من الصحیحة هو تحدید موضوع وجوب القصر بابتعاد المسافر عن آخر بیوت البلد بمسافة لا یتیح له أن یسمع فیها أذان المؤذن العادي الساکن في منتهی بیوت البلد فإنها حد الترخیص للکل إذ لا یحتمل أن یکون المراد من الأذان مطلق أذان البلد وإن کان في وسطه أو في الطرف الآخر منه علی أساس أنها في مقام بیان تحدید ابتعاد المسافر عن البلد بامتداد شعاع الأذان وهذا بطبعه یقتضي أن یکون المراد منه أذان آخر بیوته کما أنه لا یحتمل أن یکون الحکم إضافیا یختلف باختلاف أفراد المسافر بأن یکون وجوب القصر علی کل مسافر منوطا بعدم سماعه الأذان وذلک...

أولا: ان الأذان إنما هو في وقت خاص لا في کل وقت یخرج المسافر عن البلد، هذا إضافة إلی أن المسافر قد یکون أصم لا یسمع.

وثانیا: ان من غیر المحتمل أن یختلف حد الترخیص باختلاف أفراد المسافر علی أساس إختلاف سامعته من حیث القوة والضعف، فإذن لا محالة یکون المراد من حد الترخص هو المعنی الواقعي الموضوعي وتکون نسبته إلی جمیع أفراد المسافر علی حد سواء ولا یختلف باختلاف أفراده، ولا معنی لإناطته في حق کل مسافر بعدم سماعه بنفسه الأذان، وبما أن الصحیحة في مقام التحدید فلا محالة یکون المراد منه عدم سماع المسافر الاعتیادي المتعارف، کما ان المراد من الأذان هو أذان الانسان الاعتیادي فإنه المتبع في تمام التحدیدات الشرعیة لأن إرادة غیره بحاجة إلی قرینة.

ثم ان المراد من المتعارف والعادي لیس هو الجامع بین أفراده بل المراد حصة خاصة منه وهي دقل فرد من أفراده وأدناه علی أساس أنه لا معنی للتحدید بالجامع فإنه من التحدید بین الأقل والأکثر وهو غیر معقول.

وکذلک الحال بالنسبة إلی الصحیحة الأولی فإنها في مقام بیان تحدید معنی واقعي موضوعي وهو مقدار ابتعاد المسافر عن البلد الذي هو موضوع لوجوب القصر وشرطه له، ولا یختلف ذلک المعنی باختلاف أفراد المسافر ولا یمکن أن یراد منها تحدید معنی نسبي لوضوح أن حد الترخص لا یختلف باختلاف أفراد المسافر بأن یکون المعیار في وجوب القصر علی کل مسافر هو ابتعاده عن البلد بمسافة لا تتیح له رؤیة من وقف في آخر البلد.

وإن شئت قلت: ان کلا العنوانین معرف لمعنی واحد وهو المسافة المحددة واقعا بین موقف الانسان المسافر وآخر بیوت البلد بالنسبة إلی جمیع أفراده، فإذا وصل المسافر إلی هذا الحد المعین في الواقع تعین علیه القصر والّا فلا، وعلی هذا فإذا تحقق کلا العنوانین وحصل له الوثوق بالوصول إلیه فلا إشکال، وأما إذا تحقق أحدهما دون الآخر فیشک في وصوله إلی الحد المذکور لاحتمال أن تحقق کان لسبب داخلي أو خارجي لا في نفسه أو عدم تحقق الآخر کان لذلک بعد ما مر من أن المراد من التواري هو التواري عن العین المجردة المتعارفة بأدنی فردها في حالة استواء الأرض وانبساطها وعدم وجود عائق في البین، کما ان المراد من عدم سماع الأذان هو عدم سماعه بالآذان المتعارفة بأدنی فردها بدون سبب أو وسیلة خارجیة.

وفي ضوء ذلک إذا قطع المسافر مسافة ونظر ولم یر من هو واقف في آخر البلد ومع ذلک سمع أذان البلد لم یکن متأکدا وواثقا بالوصول إلی حد الترخص، إذ یحتمل ان عدم رؤیته کان مستندا إلی سبب داخلي أو خارجي، أو ان سماعه الأذان کان کذلک، فمن أجل هذا لا یکون متأکدا بالوصول إلیه، فإذن لا معارضة بین الطائفة الأولی التي تؤکد علی تحدید حد الترخص بما إذا ابتعد المسافر عن البلد بمسافة لا تتیح له رؤیة من هو واقف في آخر بیوت البلد وبالعکس شریطة أن یکون ذلک في ظروف اعتیادیة ککون الأرض منبسطة والجو صافیا والرؤیة متمثلة في أدنی فرد من أفرادها المتعارفه واقله، وبین الطائفة الثانیة التي تؤکد علی تحدیده بما إذا ابتعد عنه بمسافة لا تتیح له أن یسمع أذان آخر بیوت البلد شریطة أن یکون ذلک أیضا في ظروف اعتیادیة، کانبساط الأرض وصفاء الجو وعدم وجود ریح من أحد الطرفین إلی الطرف الآخر وکون أذانه من أدنی فرد من أفراد الآذان المتعارفة وأقله ونحوها.

وفي ضوء ذلک إذا حجب من هو واقف في آخر عمارات البلد عن عین المسافر ولکنه کان یسمع الأذان منه أو بالعکس لم یکن متأکذا  وواثقا بأنه وصل إلی حد الترخص الواقعي حیث یحتمل أن یکون حجبه عن نظره في الفرض الأول لسبب داخلي کضعف نظره أو خارجي، کما یحتمل أن یکون سماعه الأذان لسبب داخلي کضعف نظره أو خارجي کوجود ریح من جانب البلد إلیه، أو صفاء الجو وسکوته، فلا یحتمل التنافي بین العنوانین المعرفین علی أساس ان المعرف لیس کل منهما علی نحو الاطلاق لکي یقع التنافي بینهما بل حصة خاصة من کل منهما، بل قد لا یحصل له تأکد ووثوق بوصوله إلی حد الترخص عند تحقق کلا العنوانین معا، فإذن یکون المقیاس إنما هو بحصول الوثوق له بالوصول إلیه فإن حصل فعلیه القصر والّا فالتمام، وکذلک الحال لو کان العنوانان مأخوذین علی نحو الموضوعیة علی أساس ان الموضوع حینئذ هو حصة خاصة منهما وهذه الحصة وإن لم تکن مجملة مفهوما الّا أنها مجملة تطبیقا، فمن أجل ذلک لا إطلاق لهما حتی تقع المعارضة بین إطلاقیهما.

فالنتیجة: ان التعارض بین الطائفتین من الروایات مبني علی أحد أمرین..

الأول: أن یکون کل من العنوانین معرفا علی نحو الاطلاق.

الثاني: أن یکون کل منهما دخیلا في الحکم کذلک بنحو الموضوعیة.

ولکن کلا الأمرین غیر ثبات، فإذن لا معارضة بینهما، وعلی هذا فإذا شک المسافر في تحقق ما هو المعرف واقعا کان یشک في الوصول إلی حد الترخص ومعه یرجع إلی العام الفوقي وهو اطلاقات أدلة وجوب التمام حیث ان الخارج منها هو المسافر الواصل إلی حد الترخص وعند الشک في الوصول إلیه یرجع إلی تلک الاطلاقات بعد إجمال الدلیل المخصص والمقید.

2- الفیّاض: مر عدم کفایة ذلک الّا اذا حصل الوثوق والاطمئنان منه بالوصول الی حد الترخص.

3- الفیّاض: مر أن الأظهر فیه هو التمام وبذلک یظهر حال ما بعده.

4- الفیّاض: هذا هو المعروف والمشهور بین الأصحاب، ولکنه لا یخلو عن إشکال بل منع، فإن قوله7 في ذیل صحیحة عبد الله بن سنان: «وإذا قدمت من سفرک فمثل ذلک...»(الوسائل ج 8 باب: 6 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 3) وإن کان ینص علی انقطاع حکم القصر إذا رجع من سفره ووصل إلی حد الترخص، الّا أنه معارض بمجموعة من الروایات الناصة علی بقاء حکم القصر وعدم انقطاعه إلی أن دخل في بیته.

منها: قوله  في صحیحة العیص: «لا یزال المسافر مقصرا حتی یدخل بیته...» (الوسائل ج 8 باب: 7 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 4).

ومنها: قوله  في موثقة إسحاق بن عمار: «بل یکون مقصرا حتی یدخل أهله...» (الوسائل ج 8 باب: 7 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 3).

ومنها: قوله في صحیحة الحلبي: «ان أهل مکة إذا خرجوا حجاجا قصروا وإذا زاروا ورجعوا منازلهم أتموا...» (الوسائل ج 8 باب: 3 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 7).

ومنها غیرها، فإن هذه الروایات تنص علی عدم اعتبار حد الترخص في العود من السفر إلی بلده.

وقد نوقش في هذه الروایات تارة: بأنها مقطوعة البطلان في أنفسها وبقطع النظر عن المعارضة بدعوی أن حکم القصر خاص بالمسافر ولا یعم الحاضر، وبما انه لا شبهة في ان السفر ینتهي بوصول المسافر إلی وطنه ودخوله في بلده وإن لم یدخل في بیته فلا یکون مسافرا بعد ذلک. ومن هنا یکون المرور علی الوطن قاطعا للسفر. وعلی هذا فلا یمکن أن یکون الواجب علیه هو القصر فإنه وظیفة المسافر دون غیره مع أن مقتضی تلک الروایات هو أنه واجب علیه عند دخوله في بلده ووصوله إلی وطنه ما دام لم یدخل في بیته رغم أنه لیس بمسافر، فإذن ما تضمنته الروایات من الحکم بما أنه مقطوع البطلان فلابد من طرح هذه الروایات، أو حملها علی التقیة.

وأخری: بأنها معارضة مع صحیحة عبد الله بن سنان، ولابد من ترجیح الصحیحة علیها علی أساس أنها موافقة للسنة القطعیة وهي الروایات الدالة علی وجوب التمام علی کل مکلف الا المسافر، وتلک الروایات مخالفة لها.

والجواب: أما عن المناقشة الأولی: فإنها غریبة جدا ومن أظهر مصادیق الاجتهاد في مقابل النص إذ لا مانع من الالتزام بمضمون هذه الروایات وهو أن المسافر إذا رجع إلی بلده فعلیه أن یقصر ما لم یدخل في بیته بأن تکون مقیدة لإطلاقات أدلة وجوب التمام علی الحاضر في هذا المورد الخاص ولا یکون هذا الحکم مقطوع البطلان إذ لم یقم إجماع قطعي علی خلافه لوجود القائل به من العلماء.

فالنتیجة: أنه لا منشأ لدعوی القطع ببطلان هذا الحکم، فإن منشأها إن کان القطع بأن حکم غیر المسافر هو التمام مطلقا وفي کل الحالات (ففیه) أن عهدته علی مدعیه، وإن کان منشؤها إطلاق دلیل وجوب التمام علی المکلف غیر المسافر، (ففیه) أنه قابل للتقیید بالروایات المتقدمة، حیث أن اطلاقه لیس أقوی من إطلاق الکتاب. وإن کان الاجماع القطعي، (ففیه) انه لا إجماع کذلک في المسألة کما مر، غایة الأمر إن المسألة مشهورة بین الأصحاب، هذا إضافة إلی احتمال أن یکون المراد من البیت أو المنزل بلده أو قریته.

وأما عن المناقشة الثانیة: فلأن صحیحة عبد الله بن سنان مخالفة لإطلاقات أدلة وجوب القصر لأن مقتضاها أن حکم المسافر هو القصر ما دام مسافرا، والمفروض أنه مسافر في حد الترخص ما لم یدخل في بلده.

وأما الروایات المذکورة فهي مخالفة لإطلاقات أدلة وجوب التمام علی کل مکلف، ولا تکون الصحیحة موافقة لإطلاقات أدلة وجوب التمام لفرض أنها قد قیدت بغیر المسافر فلا تشمله فتکون مخالفة لها موضوعا، ومجرد الموافقة في الحکم لا أثر له لأن موافقة اطلاق الکتاب أو السنة التي هي مرجحة في باب المعارضة هي الموافقة له موضوعا وحکما.

إلی هنا قد استطعنا أن نخرج بهذه النتیجة وهي ان الصحیحة معارضة بتلک الروایات ولا ترجیح لها علیها، فإذن تسقطان معا من جهة المعارضة، فالمرجع هو إطلاق دلیل وجوب القصر ما دام هو مسافر، وإذا انتهی سفره بدخوله في بلده فالمرجع هو إطلاق دلیل وجوب التمام، ونتیجة ذلک هي أن الأظهر عدم اعتبار حد الترخص في الایاب عن السف وأن وظیفته هي القصر إلی أن یدخل في بلده، فإذا دخل کان حکمه التمام وإن لم یدخل بیته.

ولعل المراد من البیت المذکور في بعض تلک الروایات بلد المسافر أو قریته.

5- الفیّاض: سیأتي الکلام في اعتبار حد الترخص وعدمه بالنسبة إلی محل الاقامة في المسألة (65) الآتیة.

 مسألة 58: المناط  في خفاء الجدران  خفاء جدران البيوت(1) ، لا خفاء الأعلام والقباب والمنارات، بل ولا خفاء سور البلد  إذا كان له سور، ويكفي خفاء صورها وأشكالها وإن لميخف   أشباحها.

1- الفیّاض: مر أن المناط إنما هو بتواري المسافر عن عیون أهل البیوت الکائنة في منتهی البلد إذا کانوا واقفین وناظرین إلیه ویکشف عن ذلک تواري هؤلاء عن عین المسافر شریطة أن یکون ذلک في حالة انبساط الأرض واستوائها وصفاء الجو ونحو ذلک، وبذلک یظهر حال المسائل الآتیة.

 

 مسألة 59: إذا كان البلد في مكان مرتفع، بحيث يرى من بعيد، يقدّر كونه في الموضع المستوي ، كما أنـّه إذا كان في موضع منخفض يخفى بيسير من السير أوكان هناک حائل يمنع عن رؤيته، كذلک يقدّر في الموضع  المستوي؛ وكذا إذاكانت البيوت على خلاف المعتاد من حيث العلوّ أو الانخفاض، فإنّها تردّ إليه، لكنّ الأحوط خفاؤها مطلقا، وكذا إذا كانت على مكان مرتفع، فإنّ الأحوط خفاؤها مطلقا.

  مسألة 60: إذا لميكن هناک بيوت ولا جدران، يعتبر التقدير ؛ نعم، في بيوت الأعراب ونحوهم ممّن لا جدران لبيوتهم، يكفي  خفاؤها ولايحتاج إلى تقدير الجدران .

  مسألة 61: الظاهر في خفاء الأذان كفاية  عدم تميّز فصوله(1)  وإن كاالأحوط  اعتبار خفاء مطلق الصوت، حتّى المتردّد بين كونه أذانا أو غيره فضلا عن المتميّز كونه أذانا مع عدم تميّز فصوله .

 1- الفیّاض: بل الظاهر عدم الکفایة ما دام یسمع الأذان وإن لم یمیز فصوله حیث أن الوارد في النصوص إنما هو عنوان عدم سماع الأذان، فإذا سمع صوتا وعلم أنه أذان صدق أنه سمع الأذان وإن لم یمیّز فصوله، ولا یصدق أنه لم یسمع الأذان.

 مسألة 62: الظاهر عدم اعتبار  كون الأذان  في آخر البلد في ناحية المسافر في البلاد الصغيرة والمتوسّطة(1)، بل المدار أذانها وإن كان في وسط البلد على مأذنة مرتفعة؛ نعم، في البلاد الكبيرة يعتبر كونه في أواخر البلد من ناحية المسافر.

1- الفیّاض: تقدم ان ذلک هو الظاهر حتی في البلدان الکبیرة علی أساس أن مناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة تقتضي ذلک لأن الروایات التي تؤکد علی هذا إنما هي في مقام بیان مدی ابتعاد المسافر عن البلد، وبما أنه لا یصدق علیه عنوان المسافر الّا من حین خروجه من آخر بیوت البلد، فإذن لا محالة یکون مبدأ بعده من آخر البلد باعتبار أنه مبدأ سفره ولا فرق في ذلک بین البلدان الکبیرة وغیرها. فما عن الماتن1 من الفرق بینهما في غیر محله.

 مسألة 63: يعتبر كون الأذان على مرتفع معتاد في أذان ذلک البلد ولو منارة غير خارجة عن المتعارف في العلوّ.

مسألة 64: المدار في عين الرائي واُذن السامع على المتوسّط في الرؤية والسماع(1) في الهواء الخالي عن الغبار والريح ونحوهما من الموانع عن الرؤية أو السماع؛ فغير المتوسّط يرجع إليه، كما أنّ الصوت الخارق في العلوّ يردّ إلى المعتاد المتوسّط.

1- الفیّاض: تقدم ان المعیار انما هو بأدنی فرد المتوسط والمتعارف دون الجامع بین أفراده لأن التحدید بالجامع لا یمکن باعتبار أنه تحدید بین الأقل والأکثر، وعلی هذا فالروایات التي تؤکد علی ذلک روایات مجملة في مرحلة التطبیق فمن أجل ذلک لا معارضة بینهما لاحتمال تساوي حصة کل من العنوانین مع حصة الآخر في الصدق، ولا فرق فیه بین کون الفرد الأدنی من المتوسط والمتعارف عنوانا مشیرا إلی موضوع الحکم في الواقع أو دخیلا فیه.

مسألة 65: الأقوى عدم اختصاص  اعتبار حدّ الترخّص بالوطن ، فيجري  في محلّ الإقامة   أيضا(1) ، بل وفي المكان الّذي بقي فيه ثلاثين يوما متردّدا. وكما لا فرق في الوطن بين ابتداء السفر والعود عنه في اعتبار حدّ الترخّص(2)، كذلک في محلّ الإقامة(3)؛ فلو وصل في سفره إلى حدّ الترخّص من مكان عزم على الإقامة فيه، ينقطع حكم السفر ويجب عليه أن يتمّ وإن كان الأحوط التأخير إلى الوصول إلى المنزل كما في الوطن؛ نعم، لايعتبر حدّ الترخّص في غير الثلاثة، كما إذا ذهب لطلب الغريم أو الآبق بدون قصد المسافة، ثمّ في الأثناء قصدها، فإنّه يكفي فيه الضرب في الأرض.

1- الفیّاض: في الجریان إشکال بل منع، والأظهر ان حکم القصر یبدأ علی المسافر من حین خروجه عن محل الاقامة أو من البلد الذي بقي فیه ثلاثین یوما مترددا فلا یعتبر فیه ما یعتبر في خروج الانسان من وطنه فإن حکم القصر فیه یتأخر إلی أن یصل المسافر إلی حد الترخص.

والوجه فیه هو أن الروایات التي تنص علی هذا الحکم فلا إطلاق لها لأن عمدتها روایتان:

احداهما: صحیحة محمد بن مسلم المتقدمة فإنه قد یدعی أنها مطلقة علی أساس أنه قد افترض فیها ان الرجل یرید السفر من دون تقیید ذلک بالسفر من وطنه أو محل اقامته أو من البلد الذي مکث فیه مترددا ثلاثین یوما.

و الجواب: انه لا اطلاق لها باعتبار أنها لیست في مقام البیان من هذه الناحیة و إنما هي في مقام بیان ان حکم التقصیر یتأخر قلیلا عن وقت خروج المسافر من البلد، و أما کون البلد أعم من محل الاقامة و المکث فیه مترددا ثلاثین یوما فلا نظر لها فیه فإذن یؤخذ بالقدر المتقین و هو خروجه من الوطن و ارادة الأعم غیر معلومة، هذا اضافة إلی أن السؤال فیها عن الرجل یرید السفر و هو لا ینطبق الاّ علی الرجل المتواجد في وطنه باعتبار أنه ما دام متواجدا فیه لا یکون مسافرا و إنما یصیر مسافرا بخروجه من وطنه، و من المعلوم أن هذا السؤال لا ینطبق علی الشخص المتواجد في مکان إقامته أو في المکان الذي مکث فیه ثلاثین یوما مترددا باعتبار أنه مسافر فیه.

و الأخری: قوله  في صحیحة عبد اللّـه بن سنان: «إذا کنت في الموضع الذي تسمع فیه الأذان فإتم، و إذا کنت في الموضع الذي لا تسمع فیه الأذان فقصر...» (الوسائل ج 8 باب: 6 من أبواب صلاة المسافر الحدیث: 3).

بتقریب ان الموضع مطلق یشمل بلد الاقامة و بلد المکث ثلاثین یوما مترددا و قد تقدم ان قصد الاقامة قاطع لحکم السفر لا لموضوعه، و ما ورد في بعض الروایات من تنزیل المقیم في بلد بمنزلة أهله ناظر إلی التنزیل الحکمي دون الموضوعي.

و الجواب: ان الصحیحة لیست في مقام البیان من هذه الجهة و إنما هي في مقام بیان حکم التقصیر و إنه یتأخر قلیلا إلی موضع لا یسمع المسافر إذان البلد، و لا نظر لها إلی أن ذلک الموضع یعم بلد الاقامة و بلد المکث ثلاثین یوما مترددا. فمن أجل ذلک یؤخذ بالمقدار المتیقن منه و هو الوطن. هذا إضافة إلی أن ذیلها قرینة علی ذلک فإنه ظاهر في القدوم إلی الوطن.

فالنتیجة: ان الأظهر هو اختصاص حد الترخص بالوطن دون بلد الاقامة و بلد المکث ثلاثین یوما مترددا، و علیه فیجب علی المقیم أو المتردد ثلاثین یوما القصر إذا خرج عن بلد الاقامة أو التردد و بدأ بقطع المسافة و لو بخطوة واحدة.

2- الفیّاض: تقدم ان الأظهر عدم اعتبار حد الترخص في العود عن السفر.

3- الفیّاض: بل الأمر لیس کذلک إذ لا دلیل علی اعتبار حد الترخص في الرجوع إلی محل الاقامة، و أما ذیل صحیحة عبد اللّـه بن سنان فهو ظاهر في الرجوع إلی الوطن، هذا مضافا إلی ما مر من ان الأظهر عدم اعتباره مطلقا حتی في الرجوع إلی الوطن.

 

مسألة 66: إذا شکّ في البلوغ إلى حدّ الترخّص، بنى على عدمه ، فيبقى على  التمام في الذهاب وعلى القصر في الإياب(1) .

1- الفیّاض: في إطلاقه إشکال بل منع، و الصحیح هو التفصیل بین ما إذا اتفق ذلک في الوقت أو اتفق في خارجه.

أما في الفرض الأول، فلا یمکن البقاء علی التمام في الذهاب و علی القصر في الایاب للعلم الإجمالي ببطلان إحدی الصلاتین فإن النقطة التي صلی المسافر فیها تماما في الذهاب و قصرا في الایاب بمقتضی استصحاب بقاء التمام في الأول و القصر في الثاني إن کانت حد الترخص في الواقع فصلاته تماما فیها باطلة، و إن کانت دونه فصلاته قصرا باطلة.

مثال ذلک: نجفي سافر إلی بلد و وصل أول الظهر في نقطة شک في أنها حد الترخص أو لا و صلی الظهر فیها تماما بمقتضی الاستصحاب و واصل سفره ثم في الرجوع حینما وصل إلی هذه النقطة صلی العصر فیها قصرا بمقتضی الاستصحاب، ثم تفطن بالحال و علم إجمالا ببطلان إحدی الصلاتین في الواقع علی أساس إن تلک النقطة إن کانت حد الترخص فالظهر باطل، و إن کانت دون فالعصر باطل، و یتولد من هذا العلم الإجمالي العلم التفصیلي ببطلان صلاة العصر أما بنفسها کما إذا کانت تلک النقطة دون حد الترخص، أو من جهة فوت الترتیب المعتبر بینها و بین صلاة الظهر إذا کانت تلک النقطة حد الترخص فإن أعاد في نفس تلک النقطة وجب أن یعید الظهر قصرا ثم العصر مرة قصرا و أخری تماما تطبیقا لقاعدة الاشتغال و إن أعاد فیما دون حد الترخص أو في بلدته وجب أن یعید الظهر تماما ثم العصر کذلک تطبیقا لما تقدم.

و إن کان یتفطن بالحال من الأول و یعلم بأنه یبتلی بنفس هذا الشک بالایاب أیضا لم یجر شيء من الاستصحابین علی أساس استلزام جریانهما مخالفة قطعیة عملیة فیسقطان معا، و قد ذکرنا في علم الأصول أنه لا فرق في تنجیز العلم الإجمالي بین الأمور الدفعیة و التدریجیة، و علیه فلا یجوز له أن یصلي في النقطة المشکوک کونها حد الترخص لا بالذهاب و لا بالایاب الاّ أن یجمع بین القصر و التمام فیها في کل من الذهاب و الایاب فعندئذ یعلم بالفراغ و الاّ فلابد من الاعادة تطبیقا لقاعدة الاشتغال و إن کان حین الذهاب غافلا و صلی في النقطة المشکوکة تماما ثم بالایاب تفطن بالحال و علم إجمالا، و حینئذ فإن أراد أن یصلي في نفس تلک النقطة وجب علیه أن یعید الظهر فیها قصرا ثم یأتي بالعصر مرة قصرا و أخری تماما، و إن أراد أن یصلي دون حد الترخص وجب علیه أن یعید الظهر تماما ثم یأتي بالعصر کذلک.

و أما في الفرض الثاني: و هو ما إذا تفطن بالحال بعد خروج الوقت کما إذا رجع عن السفر في الیوم الثاني و وصل إلی تلک النقطة و صلی فیها قصرا ثم تفطن بالحال و علم إجمالا إما ببطلان صلاته في الأمس أو في هذا الیوم ولکن لا أثر لهذا العلم الإجمالي فإن أحد طرفیه و هو وجوب القضاء مورد لأصالة البراءة، و الطرف الآخر و هو وجوب الاعادة في الوقت مورد لأصالة الاشتغال، و بذلک ینحل العلم الإجمالي، هذا علی المشهور من اعتبار حد الترخص في الرجوع إلی الوطن.

و أما بناء علی ما قویناه من عدم اعتبار حد الترخص في الرجوع إلیه و أن وظیفته القصر ما لم یدخل فیه فلا یلزم محذور العلم الإجمالي إذا صلی قصرا في نفس النقطة التي صلی فیها تماما في الذهاب، و بذلک یظهر الحال في المسائل الآتیة

 مسألة 67: إذا كان في السفينة أو العربة فشرع في الصلاة قبل حدّ الترخّص بنيّة التمام، ثمّ في الأثناء وصل إليه، فإن كان قبل الدخول في قيام الركعة الثالثة أتمّها قصرا  وصحّت، بل وكذا إذا دخل  فيه  قبل  الدخول في الركوع؛ وإن كان بعده فيحتمل وجوب الإتمام، لأنّ الصلاة على ما افتتحت، لكنّه مشكل، فلايُترک الاحتياط بالإعادة(1)   قصرا أيضا . وإذا شرع في الصلاة في حال العود قبل الوصول إلى الحدّ بنيّة القصر ثمّ في الأثناء وصل إليه، أتمّها تماما وصحّت ، والأحوط في وجهٍ إتمامها قصرا ثمّ إعادتها تماما(2) .

1- الفیّاض: بل هي الأقوی، فإن المصلي إذا وصل إلی حد الترخص بعد دخوله في رکوع الثالثة فلیس بإمکانه إتمامها تامة الاّ تشریعا، کما انه لیس بامکانه إتمامها قصرا لزیادة الرکوع، فإذن لابد من الاعادة نعم إذا وصل إلی حد الترخص قبل الدخول فیه أتمها قصرا لأنه مأمور فعلا بالقصر، و لا تضر نیة التمام من الأول باعتبار أن عنواني القصر و التمام لیسا من العناوین المقومة للمأمور به کعنوان الظهر و العصر و المغرب و العشاء و الصبح و ما شاکل ذلک، فإذا نوی التمام من الأول باعتبار أنه قبل حد الترخص و بعد الوصول إلی التشهد أو قبل الدخول في رکوع الرکعة الثالثة بلغ حد الترخص کان مأمورا حینئذ باتمامها قصرا یعني بالتسلیم بعده إذ لا فرق بین القصر و التمام إلاّ في أن التسلیم في الأول بعد الثانیة و في الثاني بعد الرابعة.

و أما إذا کان بعد الدخول في رکوعها فلابد من الاعادة، و لا یکون المقام مشمولا للروایات التي تنص علی أن الصلاة علی ما افتتحت، فإن موردها ما إذا نوی صلاة الصبح _مثلا_ و في الأثناء غفل و نوی نافلة الصبح بقاء و أتمها نافلة فإنها تقع فریضة الصبح علی أساس أن الصلاة علی ما افتتحت.

2- الفیّاض: و فیه: ان مقتضی الاحتیاط اتمامها تامة ثم اعادتها کذلک لا إتمامها قصرا، فإنه لا یمکن الاّ تشریعا لفرض انه وصل إلی حد الترخص، فعلی المشهور یکون مأمورا بالتمام دون القصر، هذا إضافة إلی أن اتمامها تامة بما انه صحیح فلا یجوز قطعة في الاثناء لأنه من قطع الفریضة و هو غیر جائز لدی الماتن

 مسألة 68: إذا اعتقد الوصول إلى الحدّ فصلّى قصرا، ثمّ بان أنـّه لميصل إليه، وجبت الإعادة أو القضاء تماما(1) ؛ وكذا في العود إذا صلّى تماما باعتقاد الوصف بان عدمه، وجبت الإعادة أو القضاء قصرا (2) . وفي عكس الصورتين، بأن اعتقد عدم الوصول فبان الخلاف، ينعكس الحكم، فيجب الإعادة قصرا في الاُولى وتماما في الثانية.

 1- الفیّاض: هذا فیما إذا کان انکشاف الحال في الوقت و قبل الوصول إلی حد الترخص، فإنه إذا أراد إعادتها في هذا المکان لابد من التمام، وإذا کان الانکشاف في ذلک المکان بعد خروج الوقت وجب علیه قضاؤها تماما، وأما إذا النکشف الخلاف بعد الوصول إلی حدّ الترخص أو قبله ولم یعد إلی أن بلغ الحدّ فحینئذ إن کان الوقت باقیا وجبت الاعادة قصرا، وإن خرج الوقت بعد البلوغ وجب القضاء قصرا، ولکن لا یبعد أن یکون مراد الماتن1 من المسألة هو الفرض الأول دون الثاني بقرینة أن وجوب الاعادة أو القضاء في الفرض الثاني قصرا أمر واضح غیر خفي، وبذلک یظهر حال ما بعده من الصورتین.

2- الفیّاض: في وجوب القضاء في هذه الصورة إشکال بل منع لما مر، وسیأتي في ضمن المسائل الآتیة أن من صلی تماما في موضع القصر جاهلا بالموضوع فإن النکشف الحال في الوقت أعاد والّا فلا قضاء بمقتضی اطلاق صحیحة العیص بن القاسم.

 

 مسألة 69: إذا سافر من وطنه وجاز عن حدّ الترخّص، ثمّ في أثناء الطريق وصل إلى ما دونه  إمّا لاعوجاج الطريق  أو لأمر آخر، كما إذا رجع لقضاء حاجة أو نحو ذلک، فمادام هناک يجب عليه التمام ، وإذا جاز عنه بعد ذلک وجب عليه القصر إذا كان الباقي  مسافة(1) ؛ وأمّا إذا سافر من محلّ الإقامة وجاز عن  الحدّ  ثمّ وصل إلى ما دونه أو رجع في الأثناء لقضاء حاجة، بقي على التقصير ؛ وإذا صلّى في الصورة الاُولى بعد الخروج عن حدّ الترخّص قصرا ثمّ وصل إلى ما دونه، فإن كان بعد بلوغ المسافة فلا إشكال في صحّة صلاته، وأمّا إن كان قبل ذلک فالأحوط  وجوب الإعادة(2) وإن كان يحتمل  الإجزاء ، إلحاقا له بما لوصلّى ثمّ بدا له في السفر قبل بلوغ المسافة.

1- الفیّاض: في التقیید إشکال بل منع ولا سیما إذا کان الوصول إلی ما دون حد الترخص من جهة اعو جاج الطریق کما قد یتفق ذلک في الطرق الجبلیة، مثل ما إذا کانت هناک قریة في قمة جبل وقریة أخری في سفحه وکان الطریق من الثانیة إلی الأولی یتطلب الدوران حول الجبل عدة مرات، وحینئذ فإذا سافر شخص من الثانیة إلی الأولی خرج منها وابتعد إلی أن یصل إلی الطرف الأخر من الجبل ثم یرجع إلی الطرف الأول ووصل إلی موضع یکون دون حد الترخص بالنسبة إلی قرینة وهکذا إلی أن یصل إلی قریة أخری في قمة الجبل فإن هذا الطریق إذا کان بقدر المسافة الشرعیة کان قطعه یوجب القصر مع أنه في أثناء الطریق یصل إلی ما دون حد الترخص باعتبار أن الوصول إلی ما دون الحد لیس من أحد قواطع السفر کقصد الاقامة في مکان، فإن المقیم إذا سافر من بلدة إقامته إلی بلدة أخری إذا کان بقدر المسافة المحددة یقصر والّا یبقی علی التمام، وهذا بخلاف ما دون حد الترخص من الطریق فإنه لیس من أحد القواطع ویحسب من المسافة، وقد مر أن المسافة الشرعیة تحسب من آخر بیوت البلد غایة الأمر ان المسافر ما دام لم یصل إلی حد الترخص في الذهاب فوظیفته التمام، بل الأمر کذلک إذا کان الوصول إلی ما دون الحد من أجل غایة أخری، کما إذا کان هناک طریقان إلی المقصد أحدهما یکون بخط مباشر، والآخر بخط معوج.

مثال ذلک: نجفي أراد السفر إلی کربلاء فخرج من طریق الکوفة فإذا وصل إلیها عرضت علیه حاجة فاضطر إلی أن یقطع المسافة إلی کربلاء من طریق ینتهی إلی حدود النجف وهي دون حد الترخص فبدأ في قطعها من هذا الطریق لقضاء حاجة له وواصل قطعها إلی أن یصل إلی کربلاء، فإن المسافة تحسب من مبدأ سفره وهو الخروج من النجف الأشرف والابتعاد عنه باعتبار أن المجموع یعد سفرة واحدة وقد نواها من البدایة إلی النهایة، نعم إذا رجع من الکوفة إلی ما دون حد الترخص للنجف لقضاء حاجة له ثم عاد إلیها وواصل منها سفره إلی کربلاء لا یحسب مقدار الذهاب من الکوفة إلی ما دون الحد والایاب إلیها من المسافة المحددة باعتبار أن طي هذا المقدار من المسافة ذهابا وإیابا لا ینوي منها.

فالنتیجة: ان مقتضی إطلاق الروایات التي تنص علی وجوب القصر علی من طوی المسافة المحددة شرعا وهي ثمانیة فراسخ عدم الفرق بین أن یکون طیها أفقیا کالماشي راجلا أو راکب الدابة أو السیارة أو نحوها، أو عمودیا کراکب الطائرة.

وعلی کلا التقدیرین لا فرق بین أن یکون طي المسافة بخط مستقیم أو بشکل دائري وعلی الأول لا فرق بین أن یکون السیر علی خط مستقیم معتدل أو یکون علی خطوط منکسرة غیر معتدلة سواء أکان علی نحو السیر في أطراف الجبل إلی أن یصل إلی القمة أم کان من أجل الصخور والمیاه الموجبة لاضطرار المسافر إلی السیر في خطوط معوجة ومنکسرة.

2- الفیّاض: لکن الأقوی عدم وجوبها لما مر من أن حد الترخص إنما هو معتبر في الخروج من الوطن لا في الخروج عن محل الاقامة ومحل المکث ثلاثین یوما مترددا، فإذا سافر المقیم عن محل إقامته أو محل مکثه ثلاثین یوما مترددا وبدأ بقطع المسافة ولو بخطوة واحدة فعلیه أن یقصر.

 

  مسألة 70: في المسافة الدوريّة  حول البلد دون حدّ الترخّص في تمام الدور أو بعضه ، ممّا لميكن الباقي قبله أو بعده مسافة، يتمّ الصلاة(1) .

 1- الفیّاض: فیه إشکال بل منع، فإن المسافة الشرعیة تحسب من آخر بیوت البلد لا من حد الترخص، وعلی هذا فإن بلغ مجموع ما کان دون الحد وما بعده بقدر المسافة الشرعیة کفی في وجوب القصر وإن وصل إلی حد الترخص في أثناء المسافة باعتبار أن الوصول إلی حد الترخص لا یکون قاطعا للسفر ولیس المرور علیه کالمرور علی الوطن.

فالنتیجة: ان المسافة الدوریة إذا کان ما دون حد الترخص منها مع ما بعده بقدر المسافة المحددة شرعا کفی ولا یعتبر أن یکون ما بعد الحد وحده بقدر المسافة، ولکن کل ذلک شریطة صدق السفر العرفي.


  

 
پاسخ به احکام شرعی
 
موتور جستجوی سایت

تابلو اعلانات

 




پیوندها

حدیث روز
بسم الله الرحمن الرحیم
چهار پناهگاه در قرآن
   
أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ عَنِ الصَّادِقِ (علیه السلام) قَالَ:
عَجِبْتُ لِمَنْ فَزِعَ مِنْ أَرْبَعٍ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى أَرْبَعٍ
(۱) عَجِبْتُ لِمَنْ خَافَ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
(۲) وَ عَجِبْتُ لِمَنِ اغْتَمَّ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ
(۳) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ مُكِرَ بِهِ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا
(۴) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً. فَعَسى‏ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ عَسَى مُوجِبَةٌ
    
آقا امام صادق (عليه السّلام) فرمود: در شگفتم از كسى كه از چهار چيز مى‌هراسد چرا بچهار چيز پناهنده نميشود:
(۱) شگفتم از آنكه ميترسد چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل« حَسْبُنَا اَللّٰهُ‌ وَ نِعْمَ‌ اَلْوَكِيلُ‌ » خداوند ما را بس است و چه وكيل خوبى است زيرا شنيدم خداى جل جلاله بدنبال آن ميفرمايد:بواسطۀ نعمت و فضلى كه از طرف خداوند شامل حالشان گرديد باز گشتند و هيچ بدى بآنان نرسيد.
(۲) و شگفتم در كسى كه اندوهناك است چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل:« لاٰ إِلٰهَ‌ إِلاّٰ أَنْتَ‌ سُبْحٰانَكَ‌ إِنِّي كُنْتُ‌ مِنَ‌ اَلظّٰالِمِينَ‌ » زيرا شنيدم خداى عز و جل بدنبال آن ميفرمايد در خواستش را برآورديم و از اندوه نجاتش داديم و مؤمنين را هم چنين ميرهانيم.
(۳) و در شگفتم از كسى كه حيله‌اى در بارۀ او بكار رفته چرا بفرمودۀ خداى تعالى پناه نمى‌برد« وَ أُفَوِّضُ‌ أَمْرِي إِلَى اَللّٰهِ‌ إِنَّ‌ اَللّٰهَ‌ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ »:كار خود را بخدا واگذار ميكنيم كه خداوند بحال بندگان بينا است)زيرا شنيدم خداى بزرگ و پاك بدنبالش مى‌فرمايد خداوند او را از بديهائى كه در بارۀ او بحيله انجام داده بودند نگه داشت.
(۴) و در شگفتم از كسى كه خواستار دنيا و آرايش آن است چرا پناهنده نميشود بفرمايش خداى تبارك و تعالى(« مٰا شٰاءَ اَللّٰهُ‌ لاٰ قُوَّةَ‌ إِلاّٰ بِاللّٰهِ‌ »)(آنچه خدا خواست همان است و نيروئى جز به يارى خداوند نيست)زيرا شنيدم خداى عز اسمه بدنبال آن ميفرمايد اگر چه مرا در مال و فرزند از خودت كمتر مى‌بينى ولى اميد هست كه پروردگار من بهتر از باغ تو مرا نصيب فرمايد (و كلمۀ:عسى در اين آيه بمعناى اميد تنها نيست بلكه بمعناى اثبات و تحقق يافتن است).
من لا يحضره الفقيه، ج‏۴، ص: ۳۹۲؛
الأمالي( للصدوق)، ص: ۶؛
الخصال، ج‏۱، ص: ۲۱۸.


کلیه حقوق مادی و معنوی این پورتال محفوظ و متعلق به حجت الاسلام و المسلمین سید محمدحسن بنی هاشمی خمینی میباشد.

طراحی و پیاده سازی: FARTECH/فرتک - فکور رایانه توسعه کویر -