انهار
انهار
مطالب خواندنی

فی الحیض

بزرگ نمایی کوچک نمایی

وهو دم خلقه‌الله تعالى في الرحم لمصالح، وفي الغالب أسود  أو أحمر، غليظ، طريّ، حارّ، يخرج‌بقوّة وحرقة، كما أنّ دم‌الاستحاضة بعكس‌ذلک. ويشترط أن يكون بعد البلوغ وقبل اليأس، فما كان قبل البلوغ أو بعد اليأس ليس بحيض وإن كان بصفاته. والبلوغ يحصل بإكمال تسع سنين، واليأس ببلوغ ستّين سنة(1) في القرشيّة وخمسين في غيرها ؛ والقرشيّة من انتسب إلى نَضر بن كِنانة. ومن شکّ في كونها قرشيّة يلحقها  حكم غيرها . والمشكوک البلوغ محكوم بعدمه ، والمشكوک يأسها كذلک.

1- الفیاض: لکن الأظهر أن الیأس ببلوغ ستّین سنة حتی في غیر القرشیة، فإن روایة القول بالتفصیل ضعیفة من جهة الارسال، وبما أن روایات تحدید الیأس مختلفة حیث أن یعضها قد حدّده ببلوغ ستّین سنة وبعضها الآخر ببلوغ خمسین، فتقع المعارضة بینهما فیما بین الحدّین فتسقطان، فالمرجع حینئذ إطلاقات ألّة الحیض الدالّة علی أن ما تراه المرأة من الدم إذا کان واجدا للصفات أو کان في أیام عادتها وإن لم یکن واجدا لها فهو حیض بین الخمسین والستین.

 

 مسألة 1: إذا خرج ممّن شکّ في بلوغها دم وكان بصفات الحيض، يحكم بكونه  حيضاً (1) ويجعل علامة على البلوغ، بخلاف ما إذا كان بصفات الحيض وخرج ممّن علم عدم بلوغها، فإنّه لايحكم بحيضيّته ، وهذا هو المراد من شرطيّة  البلوغ.

1- الفیاض: الحکم بکونه حیضا مع الشکّ في البلوغ مشکل لما دلّ من أن البنت ما لم تبلغ تسع سنین لم تر الحیض، وعلی هذا فالشک في بلوغها مساوق للشکّ في أن الدم الخارج منها حیض وإن کان واجدا للصفات، فمن أجل ذلک الأظهر العدم.

 

 مسألة 2: لافرق في كون اليأس بالستّين أو الخمسين بين الحرّة والأمة، وحارّ المزاج وبارده، وأهل مكان ومكان.

مسألة 3: لا إشكال في أنّ الحيض يجتمع مع الإرضاع، وفي اجتماعه مع الحمل قولان؛ الأقوى أنـّه يجتمع معه، سواء كان قبل الاستبانة أو بعدها، وسواء كان في العادة أو قبلها أو بعدها ؛ نعم، في ما كان بعد العادة  بعشرين يوماً  الأحوط  الجمع  بين تروک الحائض وأعمال المستحاضة(1).

 1- الفیاض: الأقوی أنها تعمل أعمال المستحاضة فیما إذا مضی عشرون یوما من الوقت کما هو مقتضی صحیحة الصحّاف.

 

 مسألة 4: إذا انصبّ الدم من الرحم إلى فضاء الفرج وخرج منه شيء في الخارج ولو بمقدار رأس إبرة، لا إشكال في جريان أحكام الحيض؛ وأمّا إذا انصبّ ولم‌يخرج بعد وإن كان يمكن إخراجه بإدخال قطنة أو إصبع، ففي جريان أحكام الحيض إشكال (1)، فلا  يُترک الاحتياط  بالجمع  بين أحكام الطاهر والحائض، ولا فرق بين أن يخرج من المخرج الأصليّ أو العارضيّ .

 1- الفیاض: الظاهر أنه لا یجري علیه حکم من أحکام الحیض وإن طال به أمد المکث، وإذا خرج الدم في البدایة کفی ذلک في تحقّق حکم الحیض وإن ظلّ بعد ذلک في فضاء الفرج. نعم تختلف بدایة الحیض عن نهایته حیث لا یعتبر في نهایته أن یظلّ الدم في الخارج بل یکفي وجوده في فضاء الفرج، والفارق هو النصّ، فإن روایات الاستبراء تدلّ علی بقاء حکم الحیض ما دام الدم في فضاء الفرج وإن لم ینصبّ الی الخارج، وروایات الحیض تدلّ علی أن المرأة تحیض إذا رأت الدم ولا یکفي في حیضها مجرّد انصباب الدم من الرحم الی فضاء الفرج ما لم یخرج.

 

 مسألة 5: إذا شكّت في أنّ الخارج دم أو غير دم، أو رأت دماً في ثوبها وشكّت في أنّه من الرحم أو من غيره، لاتجري أحكام الحيض. وإن علمت بكونه دماً  واشتبه عليها، فإمّا أن يشتبه بدم الاستحاضة أو بدم البكارة أو بدم القرحة، فإن اشتبه بدم الاستحاضة يرجع إلى الصفات(1) ، فإن كان بصفة الحيض يحكم بأنـّه حيض، وإلّا فإن كان في أيّام العادة فكذلک، وإلّا فيحكم  بأنـّه استحاضة ؛ وإن اشتبه بدم البكارة يختبر بإدخال قطنة  في الفرج والصبر قليلا  ثمّ إخراجها، فإن كانت مطوّقة بالدم فهو بكارة، وإن كانت منغمسة به فهو حيض، والاختبار المذكور واجب (2)، فلو صلّت بدونه بطلت وإن تبيّن بعد ذلک عدم كونه حيضاً، إلّا إذا حصل منها قصد القربة بأن كانت جاهلة أو عالمة أيضاً إذا فرض حصول قصد القربة مع العلم أيضاً؛ وإذا تعذّر الاختبار ترجع إلى الحالة السابقة من طهر أو حيض، وإلّا فتبني على الطهارة(3)، لكن مراعاة الاحتياط أولى . ولايلحق بالبكارة في الحكم المذكور غيرها  كالقرحة   المحيطة   بأطراف الفرج  ؛ وإن اشتبه بدم القرحة  ، فالمشهور    أنّ   الدم إن كان يخرج من الطرف الأيسر فحيض، وإلّا فمن القرحة إلّا أن يعلم أنّ القرحة في الطرف الأيسر، لكنّ الحكم المذكور مشكل  ، فلايُترک الاحتياط   بالجمع بين أعمال الطاهرة والحائض(4)  ؛ ولو اشتبه بدم آخر، حكم عليه   بعدم الحيضيّة  ، إلّا أن يكون الحالة السابقة هي الحيضيّة.

1- الفیاض: وهنا طریق آخر في هذا الحالة یمکن للمرأة استعماله وهو الاحتیاط بالجمع بین الأشیاء التي تکون الحائض ملزمة بترکها والأعمال التي تکون المستحاضة ملزمة بالاتیان بها، کما أن لها في تلک الحالة استعمال الصفات أو العادة في مقام التمییز علی تفصیل یأتي في ضمن المسائل الآتیة.

2- الفیاض: وهذا الوجوب لیس وجوبا نفسیّا ولا شرطیّا بأن یکون شرطا في صحّة الصلاة واقعا بل هو وجوب طریقي یدلّ علی أن احتمال کون الدم المذکور حیضا منجز ما لم یزل، وزواله إنما هو بعملیّة الاختبار بالطریقة المذکورة في الروایات، فإنها معیّنة لکونه دم حیض أو بکارة، کما أن مقتضی وجوبه سقوط استصحاب عدم کونه حیضا وإلّا لم یبق مورد للروایة. نعم إذا کانت حالتها السابقة في مورد حیضا حدوثا وفي البقاء یشکّ في أن هذا الدم دم حیض أو بکارة فلا مانع من استصحاب بقاء الحیض لخروج هذا الفرض عن مورد الروایة.

3- الفیاض: بل علیها الاحتیاط بالجمع بأن تفعل ما تفعله الطاهرة وتترک ما تترکه الحائض، فتصلّي وتصوم ولا تمکث في المساجد ولا تجتاز في المسجدین الحرمین ولا تمسّ کتابة المصحف وهکذا باعتبار أن وجوب الاختیار وجوب طریقي یدلّ علی أن احتمال کون الدم حیضا منجز، فإذا تعذّر فلابد من الاحتیاط ولا یمکن الرجوع الی الأصل المؤمن کأصالة عدم کونه حیضا بالأصل في العدم الأزلي أو نحوها، فحال المقام من هذه الجهة حال الشبهة الحکمیّة قبل الفحص فإنه إذا تعذّر الفحص فیها ولم یتمکّن فلابد من الاحتیاط، ومن هنا یظهر أن حالتها السابقة إذا کانت الطهارة لم یجر الاستصحاب فإن حاله حال الاستصحاب المؤمن في الشبهات الحکمیة قبل الفحص، فکما أنه لا یجري فیها فکذلک لا یجري في المقام، وأما إذا کانت حالتها السابقة الحیض فلا مانع من جریان بقائه وترتیب آثاره علیه.

4- الفیاض: بل الظاهر تعیّن أعمال الطاهرة من وجوب الصلاة والصیام وجواز المکث في المساجد ومسّ کتابة المصحف ونحوها لاستصحاب عدم کون الدم المذکور دم حیض، هذا إذا لم تکن الحالة السابقة الطهارة أو الحیض، وإلّا فیتعیّن العمل بها.

 مسألة 6: أقلّ الحيض ثلاثة أيّام وأكثره عشرة، فإذا رأت يوماً أو يومين أو ثلاثة إلّا ساعة مثلا، لا يكون حيضاً؛ كما أنّ أقلّ الطهر عشرة أيّام (1)وليس لأكثره حدّ، ويكفي الثلاثة الملفّقة(2)، فإذا رأت في وسط اليوم الأوّل واستمرّ إلى وسط اليوم الرابع، يكفي في الحكم بكونه حيضاً. والمشهور  اعتبروا  التوالي  في الأيّام الثلاثة(3)؛ نعم، بعد توالي الثلاثة في الأوّل لايلزم التوالي في البقيّة، فلو رأت ثلاثة متفرّقة في ضمن العشرة لايكفي وهو محلّ إشكال ، فلا يُترک الاحتياط بالجمع بين أعمال المستحاضة وتروک الحائض فيها؛ وكذا اعتبروا  استمرار الدم  في الثلاثة ولو في فضاء الفرج(4)، والأقوى كفاية الاستمرار  العرفيّ  وعدم مضرّية الفترات  اليسيرة   في البين، بشرط أن لاينقص من ثلاثة، بأن كان بين أوّل الدم وآخره ثلاثة أيّام ولو ملفّقة، فلو لم ‌تر في الأوّل مقدار نصف ساعة من أوّل النهار ومقدار نصف ساعة في آخر اليوم الثالث لايحكم بحيضيّته، لأنـّه يصير ثلاثة إلّا ساعة مثلا والليالي المتوسّطة داخلة، فيعتبر الاستمرار العرفيّ فيها أيضاً، بخلاف ليلة اليوم الأوّل وليلة اليوم الرابع، فلو رأت من أوّل نهار اليوم الأوّل إلى آخر نهار اليوم الثالث كفى.

1- الفیاض: في اعتبار أن فترة الطهر لا تکون أقلّ من عشرة أیام إشکال، ولا یترک الاحتیاط فیما إذا کانت فترة الطهر والسلامة من دم الحیض التي مرّت بالمرأة أقلّ من عشرة أیام.

مثال ذلک:إذا رأت ذات العادة دما في أیام عادتها ونقت بعد انقضائها سنة أیام، ثم رأت دما آخر أربعة أیام بصفة الحیض، وفي مثل ذلک یجب علیها أن تحتاط في الدم الثاني بالجمع بین تروک الحائض وأعمال المستحاضة، والسبب فیه أن صحیحة محمد بن مسلم تنصّ علی أن فترة الطهر التي هي شرط لحیضیّة الدم الثاني لا تقلّ عن عشرة أیام، فإذا کانت أقلّ لم تکن شرطا لها، وفي مقابلها موثقة یونس بن یعقوب فإنها تنصّ علی کفایة الأقلّ فیها وحینئذ تقع المعارضة بینهما في فترة طهر تقلّ عن عشرة أیام، فإنها مورد الالتقاء بینهما وبما أنه لا ترجیح في البین من موافقة الکتاب ومخالفة العامّة فتسقطان معا من جهة المعارضة فیرجع الی العامّ الفوقي وهو إطلاق أدلّة الصفات، فإن مقتضاه أن ما رأته المرأة من الدم إذا کان مع صفة الحیض فهو حیض وإن لم تمرّ بها فترة طهر لا تقلّ عن عشرة أیام.

محاولتان:

الأولی: حمل المرأة في الموثقة علی المضطربة التي اختلطت علیها أیامها، وحمل الأمر بالصلاة في فترة النقاء والنهي عنها في فترة الدم علی الاحتیاط، وعلیه فلا تصلح أن تعارض الصحیحة.

والجواب: أوّلا: إن ذلک التصرّف في الموثقة وحملها علی ذلک بحاجة الی قرینة تدلّ علیه ولا قرینة علی ذلک لا في نفس الموثقة ولا في الصحیحة إذ لیس فیها ما یصلح أن یکون قرینة علی هذا التصرّف والحمل.

و ثانیا: إنه لا یمکن حمل النهي عن الصلاة في الموثقة في جمیع فترات الدم علی الاحتیاط کیف وأنه خلاف الاحتیاط، فإن الاحتیاط فیها یتطلّب الجمع بین تروک الحائض وأعمال المستحاضة لا ترک الصلاة، لاستلزامه المخالفة القطعیة العملیة حیث أن المرأة تعلم أن الدم في تمام تلک الفترات لیس بحیض ولا یجوز لها ترک الصلاة في تمامها. فالنتیجة إن مقتضی القاعدة في المسألة بقطع النظر عن الموثقة هو الاحتیاط في فترات الدماء بالجمع بین الوظیفتین باعتبار أن المرأة تعلم إجمالا بأن أحد هذه الدماء حیض.

الثانیة: حمل النهي عن الصلاة في أیام الدماء علی النهي الظاهري الی تمام الشهر وبعد ذلک تعمل عمل المستحاضة.

والجواب: أوّلا: إن هذا الحمل بحاجة الی قرینة، والصحیحة لا تصلح لها علی أساس أن ملاک القرینیّة العرفیّة غیر متوفّر فیها کالنصّ أو الأظهریّة أو الأخصیّة، ولا قرینة علی ذلک في نفس الموثقة أیضا کأخذ الشکّ في موضوع النهي فیها أو غیره. وثانیا: إن هذا الحمل لا یمکن في نفسه لأنه یستلزم الترخیص في ترک الصلاة في فترات تعلّم المرأة بوجوبها علیها فیها وهي التي لا یکون الدم فیها دم حیض حیث أنها تعلم إجمالا أن أحد هذه الدماء حیض والباقي استحاضة ولا یمکن الترخیص في ترکها الصلاة في جمیع أزمنة الدماء.

فالنتیجة: إن هذه المحاولة أیضا ساقطة.

فمن أجل ذلک کان الأجدر والأحوط وجوبا الجمع بین المتناع عمّا کانت الحائض ملزمة بالامتناع عنه والاتیان بما کانت المستحاضة ملزمة بالاتیان به في کل مورد مرّت بالمرأة فترة طهر وسلامة من دم الحیض لا تقلّ عن ثلاثة أیام شریطة أن یکون الدم الثاني واجدا للصفة.

2- الفیاض: في الکفایة إشکال، ولا یترک الاحتیاط بالجمع بین الوظیفتین، والسبب فیه: أن حمل الروایات التي تؤکّد وتنص علی أن أقلّ الحیض ثلاثة أیام وأقصاه عشرة لا یمکن علی الطیقیّة الصرفة وهي المقدار الممتد من الزمن الذي یمکن تحدیده بالساعات من دون خصوصیّة للأیام أصلا فإنه بحاجة الی قرینة ولا قرینة علی ذلک لا في نفس الروایات ولا من الخارج.

وأما حملها علی الأعمّ من الأیام التامّة والملفقة فهو وإن کان ممکنا ولیس کالأول إلّا أن إرادته من الروایات بحاجة الی قرینة ولو کانت القرینة مناسبة الحکم والموضوع الارتکازیّة باعتبار أن الأیام في نفسها ظاهرة في التامّة، وإرادة الأعمّ منها ومن الملفقة في مورد تتوقّف علی توفّر قرینة فیه.

ودعوی: أن القرینة علی إرادة الأعمّ موجودة في المسألة وهي غلبة رؤیة المرأة دم الحیض في ساعات النهار، إذ قلّما تتّفق أن تکون من مبدأ النهار...

مدفوعة: بأن الروایات إذا کانت ظاهرة في ثلاثة أیام تامّة فالغلبة المذکورة لا تمنع عن هذا الظهور العرفي بأن تکون بمثابة القرینة المتّصلة ولا أقلّ من الشکّ، إذ یمکن أن تکون تلک الساعات من النهار خارجة عن حساب الأیام، وأنها تبدأ من بدایة الیوم الآتی...

فالنتیجة: إن الانسان لا یکون واثقا بکفایة الملفقة ولو علی أساس تلک الغلبة فمن أجل ذلک لا یترک الاحتیاط فیها، کما إذا رأت المرأة دما بصفة الحیض ثلاثة أیام ملفقة لا تامّة ونقت بعد ذلک.

3- الفیاض: هذا وإن کان غیر بعید، ولکن مع ذلک لا یترک الاحتیاط في المتفرّقات بالجمع بین أعمال المستحاضة وتروک الحائض، باعتبار أن کلمة (ثلاثة أیام) لا تکون في نفسها ظاهرة في الأیام المتوالیة إلّا إذا کانت هناک قرینة علی ذلک، ولا یبعد أن یکون إسناد الحیض الی الثلاثة في الروایات بقوله7: (أدناه ثلاثة أیام...) قرینة علی ظهورها في متوالي بملاک أن الدم إذا خرج من الرحم وسال فهو بطبعه یدوم ما دامت له مادة، فمن أجل ذلک اعتباره غیر بعید، وبه یظهر حال ما بعده.

4- الفیاض: تقدّم أن المعتبر في تحقّق الحیض خروج الدم في البدایة، وأما في البقاء فلا یعتبر ذلک، بل یکفي في ترتیب أحکام الحیض علیه استمراره في فضاء الفرج وإن لم ینصّب الی الخارج.

 

 مسألة 7: قد عرفت أنّ أقلّ الطهر عشرة، فلو رأت الدم يوم التاسع أو العاشر بعد الحيض السابق لايحكم عليها بالحيضيّة(1)، وأمّا إذا رأت يوم الحادي عشر بعد الحيض السابق فيحكم بحيضيّته إذا لم‌يكن مانع آخر ؛ والمشهور  على اعتبار هذا الشرط، أي مضيّ عشرة  من الحيض السابق في حيضيّة الدم اللاحق مطلقاً، ولذا قالوا: لو رأت ثلاثة مثلا ثمّ انقطع يومآ أو أزيد ثمّ رأت وانقطع على العشرة، إنّ الطهر المتوسّط أيضآ حيض ، وإلّا لزم كون الطهر أقلّ من عشرة؛ وما  ذكروه محلّ إشكال ، بل المسلّم  أنـّه لايكون بين الحيضين أقلّ من عشرة، وأمّا بين أيّام الحيض الواحد فلا، فالأحوط  مراعاة الاحتياط بالجمع في الطهر بين أيّام الحيض الواحد(2)، كما في الفرض المذكور.

 1- الفیاض: في إطلاقه إشکال بل منع، فإن ذلک إنما یتمّ إذا کان الدم الأول في أیام العادة، إذ حینئذ لا یمکن الحکم بأن الدم الثاني حیض علی المشهور بین الأصحاب ما لم تمرّ بالمرأة فترة طهر وسلامة من دم الحیض لا تکون أقلّ من عشرة أیام، وإذا کان الدم الثاني في أیام العادة کان کاشفا عن أن الدم الأول لیس بحیض ما لم تمرّ بالمرأة فترة طهر بین الدمین.

وأما إذا لم یکن شيء من الدمین في أیام العادة، فإن کان أحدهما بصفة الحیض دون الآخر کان ما بالصفة حیضا والآخر استحاضة، وإذا کان کلاهما بصفة الحیض فعلی المشهور من أنه لابد أن تمرّ بالمرأة فترة طهر لا تکون أقلّ من عشرة أیام، وبما أنها لم تمرّ بها بین هذین الدمین فلا یمکن أن یکون کلاهما حیضا، فإذن یکون الحکم بأن الدم الأول حیض دون الثاني بحاجة الی وجود مرجّح ککون الدم الأول في أیام العادة والفرض عدم وجوده، ومجرّد السبق الزمني لا یصلح أن یکون مرجّحا، فمقتضی القاعدة حینئذ أن تحتاط المرأة في کلا الدمین بالجمع بین تروک الحائظ وأعمال المستحاضة من جهة العلم الإجمالي بأن أحدهما حیض.

وأما بناء علی ما ذکرناه من الاشکال في هذا الشرط العام للحیض لدی المشهور فالحتمال أن یکون کلا الدمین حیضا متوفّر. وعلی کلا التقدیرین فإذا رأت المرأة الدم الثاني بصفة الحیض علمت بأن أحدهما حیض جزما، أما الدم الأول أو الثانی، وحینئذ یجب علیها الاحتیاط فیهما بالجمع بین أن تقضي ما ترکته من الصلاة والصیام في أیام الدم الأول وأن تأتي بهما في أیام الدم الثاني والامتناع عمّا کانت الحائض ممتنعة عنه.

فالنتیجة: إنه لا مناص للمرأة من الاحتیاط في کلا الدمین ولا یحقّ لها أن تعتبر الدم الأول حیضا دون الثانی.

قد یستشکل علی الماتن1 بالتهافت بین کلامیه في المسألة حیث أن بناءه علی عدم حیضیّة هذا الدم في المسألة ینافي بناءه علی الاحتیاط في فترة النقاء بین دمین من حیضة واحدة، باعتبار أن لازم الاحتیاط في تلک الفترة هو الاحتیاط في ذلک الدم أیضا لأن فترة النقاء إن کانت طهرا کان لازم ذلک أن یکون الدم الثاني مع الدم الأول جمیعا حیضا علی أساس أن المجموع لا یتجاوز عشرة أیام، وإن کانت حیضا کان اللازم أن لا یکون الدم الثاني حیضا لا من الحیض الأول بملاک أنه تجاوز العشرة، ولا من الحیض الجدید بملاک عدم مرور أقلّ فترة طهر بالمرأة من تاریخ انقطاع الدم الأول الی الدم الثانی. وإذا لم یعلم حکم فترة النقاء انّها طهر او حیض فمعناه انه لا یعلم حکم الدم الثاني أیضا، وبما أن الماتن قد بنی علی الاحتیاط في فترة النقاء فکان ینبغي له أن یبني علیه في الدم الثاني أیضا.

والجواب: أوّلا: إنه لیس من الماتن في المسألة إلّا عدم الحکم بحیضیّة الدم الثاني لا الحکم بالعدم، وهو ینسجم مع تردّده في الحکم بها، فإذن لا تهافت.

و ثانیا: إن ذلک مبنیّ علی أن کل ما تراه المرأة من الدم إذا کان بعد مرور عشرة أیام من مبدأ تاریخ حیضها فلیس بحیض شریطة أن لا تمرّ بالمرأة فترة طهر لا تقلّ عن عشرة أیام علی أساس أن المعتبر في حیضیّة الدم أحد أمرین: الأول: أن یکون في ضمن العشرة من ابتداء رؤیة الدم.

الثاني: أن لا تکون فترة الطهر التي تمرّ بها أقلّ من عشرة أیام، فعلی الأول یکون من الحیضة الأولی، وعلی الثاني من الحیضة الجدیدة، هذا من ناحیة..

ومن ناحیة أخری: أن الروایات التي تنصّ وتؤکّد علی أن أقصی الحیض وأکثره عشرة أیام هل هي ظاهرة في العشرة المتوالیة أو لا فیه وجهان، لا یبعد الوجه الأول علی أساس أن في تلک الروایات قد جعل العشرة صفة لأقصی الحیض الذي هو عبارة عن الدم، کما أنه جعل الثلاثة صفة لأقلّ الحیض وأدناه وهي تصلح أن تکون قرینة علی توالي الأیام العشرة تبعا لتوالي الحیض واستمراره، ویترتّب علی ذلک أن المرأة إذا رأت دما في الیوم الثامن أو التاسع بعد النقاء من الحیض لم تکن مشمولة لتلک الروایات لأنها في مقام تحدید أقصی ما یمکن أن یستمر دم الحیض فیه ویدوم وهو عشرة أیام ولا نظر لها الی ما إذا رأت المرأة دما ثلاثة أیام بصفة الحیض ونقت بعد ذلک ثم رأت مرة أخری دما في الیوم الثامن أو التاسع من ابتداء رؤیة الدم، ولا تدلّ علی أنه حیض أو لیس بحیض باعتبار أنها لیست في مقام البیان من هذه الناحیة.

ومن هنا یظهر أنه لا فرق في ذلک بین أن تکون فترة النقاء بین الدمین حیضا أو طهرا، فإنها علی کلا القولین في المسألة لا تشمل الدم الثاني لفرض انفصاله عن الدم الأول بفترة النقاء بینهما وإن قلنا بأنها حیض علی أساس أن تلک الروایات ناظرة الی أن ما رأته المرأة من دم الحیض لا یمکن أن یدوم ویستمر أکثر من عشرة أیام، وأما إذا انقطع ذلک الدم في فترة ثم رأت دما جدیدا فذلک خارج عن موردها ولا نظر لها الی أنه حیض أو لیس بحیض، ولا فرق فیه بین القولین في مسألة فترة النقاء، کما أنه لا فرق بین أن یکون مجموع الدمین متجاوزا عن عشرة أیام أو لا.

نعم یدلّ علی حکم هذا الدم صریحا قوله  في صحیحة محمد بن مسلم: (إذا رأت المرأة الدم فإن کان قبل العشرة فهو من الحیضة الأولی...)(الوسائل ج 2 أبواب الحیض باب 10 ح 11) فإنه یعطي ظابطا کلیّا علی أن المرأة إذا رأت دما في ضمن عشرة أیام من تاریخ حیضها فهو من الحیض الأول، وإن کان بعد انقطاع الدم الأول فترة من الزمن شریطة أن یکون بصفة الحیض إذا لم یکن في أیام العادة.

2- الفیاض: بل لا یبعد أن تکون فترة النقاء بینهما طهرا وإن کانت رعایة الاحتیاط بالجمع بین تروک الحائض وأعمال الطاهر أولی وأجدر، وذلک لأن کون فترة النقاء بین دمین من حیضة واحدة حیضا وأن کان مشهورا بین الأصحاب إلّا أن ذلک بحاجة الی دلیل.

وقد یستدلّ علیه بوجهین: أحدهما: قوله7 في صحیحة محمد بن مسلم: (إذا رأت المرأة الدم فإن کان قبل العشرة فهو من الحیضة الأولی، وإن کان بعد العشرة فهو من الحیضة المستقبلة) (الوسائل ج 2 أبواب الحیض باب 10 ح 11) بتقریب أن قوله7 في الصحیحة: (فهو من الحیضیة الأولی) ظاهر عرفا في بقاء الحیض الأول واتّصاله بالدم الثانی، والاتّصال مساوق للوحدة، ومن المعلوم أن هذا مبنیّ علی أن فترة النقاء حیض حتی یکون متّصلا بالأول فلو کانت طهرا لکان الدم الثاني منفصلا عن الدم الأول بها والانفصال مساوق للتعدّد.

والجواب: أن المتفاهم العرفي من قوله7 في الشرطیّة الأولی هو إنه في مقام بیان ضابط کلّي وهو أن المرأة إذا رأت الدم وکان في ضمن العشرة من بدایة حیضها فهو منه وإن کان بعد فترة الانقطاع شریطة أن لا یقلّ الدم الأول عن ثلاثة أیام وأن یکون الدم الثاني بصفة الحیض إذا لم یکن في أیام العادة، هذا في مقابل ما إذا رأته بعد العشرة فإنه حیض جدید غیر الأول مع توفّر شروطه، ولا یدلّ علی أن فترة الانقطاع حیض. وإن شئت قلت: إن قوله7 في تلک الشرطیّة ینصّ علی أن الدم في العشرة الأیام التي هي أقصی حدّ الحیض حیض وإن لم یکن مستمرا شریطة توفّر شروطه کما مرّ.

ودعوی: أن فترة النقاء بین دمین من حیضة واحدة لو لم تکن حیضا وکانت طهرا لزم أن یکون الدم الأول موجودا بوجود والدم الثاني موجودا بوجود آخر فلا یکونان موجودین بوجود واحد وهو خلاف ظهور الصحیحة بمقتضی الشرطیّة الأولی فإنها ظاهرة علی ضوء هذه الشرطیّة في أن الدم الثاني جزء من الدم الأول ویکونان موجودین بوجود واحد وهذا الاتحاد لا یمکن بدون أن یکون الدم الثاني متّصلا بالدم الأول...

خاطئة جدّا؛ فإنه لا شبهة في أن الدم الثاني موجود بوجود والدم الأول موجود بوجود آخر لأن انقطاعه في فترة ثم عوده مرّة ثانیة سبب لتعدّد وجوده في الخارج ولا یمکن التوحید بینهما حقیقة لاستحالة اتّحاد وجود مع وجود آخر في عالم العین، ولا فرق في ذلک بین القول بأن فترة النقاء حیض أو طهر، فإن کونها حیضا لا یوجب الاتّحاد الحقیقي بین الدمین، وأما الاتّحاد الحکمي بینهما فهو لا یتوقّف علی القول بأن فترة النقاء حیض، فإن معنی الاتّحاد الحکمي هو أن الدم الثاني کالدم الأول في ترتیب آثار الحیض علیه وهو ظاهر قوله7 فهو من الحیضة الأولی، بل نصّه.

والآخر: بالروایات التي تنصّ وتؤکّد علی أن أقلّ الطهر عشرة أیام، بتقریب أن مقتضی إطلاق هذه الروایات أن فترة النقاء بین دمین إذا کان أقلّ من عشرة أیام فلیست بطهر بلافرق بین أن یکون الدمان من حیضة واحدة أو من حیضتین.

والجواب: الظاهر أن هذه الروایات في مقام بیان الشرط العام لحیضیّة الدم الثاني بعد فترة الانقطاع التي مرّت بالمرأة من الحیض الأول، وتؤکّد علی أنها مشروطة بأن فترة الطهر والسلامة من دم الحیض التي مرّت بالمرأة لا تقلّ عن عشرة أیام، وأما إذا کانت أقلّ من العشرة فلا تکون شرطا لا أنها لیست بطهر. نعم لو کان مفاد تلک الروایات أن فترة الطهر بین حیضتین لا تقلّ عن عشرة أیام لدلّت علی أنها إذا کانت أقلّ فلیست بطهر، ولکن مفادها لیس کذلک حیث أنها في مقام بیان ما هو شرط لکون الدم الثاني حیضا جدیدا في مقابل الحیض الأول وتؤکّد أن شرطه إنما هو مرور فترة طهر بالمرأة لا تقلّ عن عشرة أیام، وإذا کانت أقلّ لم یکن حیضا.

 

 مسألة 8: الحائض إمّا ذات العادة أو غيرها، والاُولى إمّا وقتيّة وعدديّة، أو وقتيّة فقط، أو عدديّة فقط؛ والثانية إمّا مبتدأة وهي التي لم‌تر الدم سابقاً وهذا الدم أوّل ما رأت، وإمّا مضطربة وهي التي رأت الدم مكرّراً لكن لم‌تستقرّ لها عادة، وإمّا ناسية وهي التي نسيت عادتها ويطلق عليها المتحيّرة أيضاً وقد يطلق عليها المضطربة، ويطلق المبتدأة على الأعمّ ممّن لم‌تر الدم سابقاً ومن‌ لم تستقرّ لها عادة، أي المضطربة بالمعنى الأوّل.

مسألة 9: تتحقّق العادة برؤية الدم مرّتين متماثلين، فإن كانا متماثلين في الوقت والعدد، فهي ذات العادة الوقتيّة والعدديّة، كأن رأت في أوّل شهر خمسة أيّام، وفي أوّل الشهر الآخر أيضآ خمسة أيّام؛ وإن كانا متماثلين في الوقت دون العدد، فهي ذات العادة الوقتيّة، كما إذا رأت في أوّل شهر خمسة وفي أوّل الشهر الآخر ستّة أو سبعة مثلا؛ وإن كانا متماثلين في العدد فقط، فهي ذات العادة العدديّة، كما إذا رأت في أوّل شهر خمسة وبعد عشرة أيّام أو أزيد رأت خمسة اُخرى(1).

1- الفیاض: في ثبوت العادة بتکرّر الحیض مرتین متماثلتین عددا في شهر واحد إشکال بل منع، لأن العادة العرفیة لا تحصل بذلک، وأما العادة التعبدیّة فثبوتها بحاجة الی دلیل، وقد مرّ أن الدلیل علی حصول العادة هو موثقة عمّار ومعتبرة یونس، وهما لا تدلّان علیه.

أما الموثقة فیکون موردها تکرّر الحیض في بدایة الشهر مرتین متوافقتین عددا، فلا تشمل تکرّره مرتین کذلک في شهر واحد کما إذا رأت المرأة دما في العشرة الأولی ثلاثة أیام ثم نقت وبعد ذلک رأت في العشرة الأخیرة ثلاثة أیام، فإنه لا دلیل علی حصول العادة بذلک. نعم إذا استمرّت هذه الحالة لها بانتظام حتی استقرّت وأصبحت عادة عرفیّة لها تترتّب علیها أحکام العادة.

وأما المعتبرة: فهي وإن وردت في العادة الوقتیّة بحسب المنتهی إلّا أنها تدلّ علی الأعمّ باعتبار أن الامام7 قد جعل ذلک صغری للکبری التي سنّها رسول الله6 للحائض وهي قوله6: (دعي الصلاة أیام اقرائک...)(الوسائل ج 2 أبواب الحیض باب 7 ح 2) فإن أیام الأقراء بضمیمة تفسیر الامام7 إیاها بما أدناه حیضتان فصاعدا تعمّ العادة بتمام أنواعها من العادة الوقتیة أو العددیة، والوقتیة والعددیة معا، لأن تلک الکبری بقرینة تطبیقها علی مورد المعتبرة وبضمیمة تفسیر الامام7 تدلّ علی أن العادة تحصل بحیضتین متعاقبتین عددا أو وقتا في شهرین متتابعین بحیث لا تتخلّل بینهما حیضة تختلف عنهما عددا أو وقتا، وأما دلالتها علی أنها تحصل بتکرّر الحیض مرتین متماثلتین في شهر واحد فلا تخلو عن إشکال بل منع لأن مناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة المعهودة في الاذهان العامة عدم تطبیقها علی ذلک باعتبار ان تلک الحالة حالة نادرة قلّما تتّفق في الخارج، والمنصرف من تلک الکبری هو الحالة المتعارفة بین النساء المعهودة في الأذهان، هذا إضافة الی أن تکرّر الحیض في بدایة الشهر مرتین متماثلتین عددا أو وقتا یصلح أن یکون أمارة غالبیة علی استمرار هذه الحالة، وأما تکرّره کذلک في شهر واحد فلا یصلح أن یکون أمارة غالبیة لندرة تلک الحالة، فمن أجل ذلک لا یمکن أن یحکم الشارع بأنه أمارة لأن حکمه بذلک لا یعقل أن یکون جزافا بل لا محالة یکون مبنیّا علی نکتة مبرّرة له، ولا نکتة فیه کذلک علی أساس أن النکتة هي الأماریة الغالبیة وهو فاقد لها. نعم إذا استمرّت الحالة المذکورة للمرأة بفاصل زمني معیّن کعشرة أیام أو أکثر بانتظام الی مدّة یکشف عن أنها صارت حالة مستقرّة فیها وعادة عرفیّة، وتکون حینئذ مشمولة لأحکام ذات العادة، ولکن ذلک خارج عن محلّ الکلام في المسألة.

ومن هنا یظهر أن العادة الشرعیة لا تحصل بتکرّر الحیض مرتین متعاقبتین بفاصل زمنیّ معیّن أکثر من شهر کخمسین یوما، أو في کل شهرین بعین ما مرّ من الملاک، نعم لو استمرّت المرأة علی تلک الحالة کذلک بانتظام الی مدّة فهو یکشف عن استقرارها.

 

مسألة 10: صاحبة العادة إذا رأت الدم مرّتين متماثلتين على خلاف العادة الاُولى، تنقلب عادتها إلى الثانية(1) وإن رأت مرّتين على خلاف الاُولى لكن غير متماثلتين يبقى حكم الاُولى(2) ؛ نعم، لو رأت على خلاف العادة الاُولى مرّات عديدة مختلفة، تبطل عادتها وتلحق بالمضطربة.

1- الفیاض: في الانقلاب إشکال ولا یترک الاحتیاط في المسألة، لأن عمدة ما یستدلّ علیه أمران:

أحدهما: أن العادة الثانیة تصبح عادة لها فعلا وتکون مشمولة لمعتبرة یونس الطویلة وموثقة عمّار علی أساس أنهما ظاهرتان في العادة الفعلیّة، وأما العادة السابقة فبما أنها قد زالت بها وانتفت فلا تکون مشمولة لهما بقاء.

فالنتیجة: أن العادة الفعلیّة هي العادة المتّصلة بالدم دون المنفصلة.

والجواب: إن هذا الدلیل بما أنه لا یتکفّل ما یبرهن کون العادة الثانیة فعلیّة والأولی زائلة فهو لا یخرج عن مجرّد الدعوی في المسألة، هذا من ناحیة.

ومن ناحیة أخری إن هذه العادة بما أنها عادة تعبدیّة لا واقعیّة فثبوتها یدور مداردلالة النصّ، وقد مر أن النصّ یدلّ علی أنها تحصل بتکرّر الدم في شهرین متوالیین متماثلا عددا أو وقتا، فإذا رأت دما في الشهر الثالث في نفس الموعد في الشهرین الأولین اعتبرته حیضا وإن لم یکن بلون الحیض، وأما إذا رأت دما في الشهر الثالث في موعد آخر غیر موعدها في الشهرین الأولین ورأت في الشهر الرابع في نفس الموعد من الشهر الثالث فحینئذ لا یمکن أن یشمل النصّ کلتا العادتین معا، إذ لا یعقل أن یکون کلتاهما أمارة، وأما شموله للثانیة خاصة دون الأولی فهو تحکم وترجیح من غیر مرجّح، إذ کما یحتمل أن تکون الثانیة عادة لها والأولی کانت مصادفة، کذلک یحتمل العکس، فالنتیجة: إن نسبة النصّ الی کلّ واحدة منهما علی حدّ سواء، فمن أجل ذلک یسقط فلا یثبت حینئذ شيء من العادتین، ویترتّب علی ذلک ما إذا رأت المرأة دما في الشهر الخامس فإن کان بصفة الحیض فهو حیض، وإن لم یکن بصفته فإن کان حینئذ موافقا للدم في الشهرین الأولین أو الأخیرین فالأحوط وجوبا هو الجمع بین تروک الحائض وأعمال المستحاضة، وإن لم یکن موافقا لشيء منهما فهو استحاضة.

والآخر: إن العادة التعبدیّة کالعادة الطبیعیّة، فکما أن العادة الطبیعیّة تنقلب الی العادة الثانیة إذا تحقّقت علی خلافها فکذلک العادة التعبدیّة.

والجواب: أن القیاس مع الفارق لأن العادة الطبیعیّة عادة واقعا وحقیقة ولها آثار تکوینیّة وواقعیّة حیث أنها تصبح سجیّة وخلقا لصاحبها وطبیعة ثانیة له، وإذا تحقّقت له عادة أخری علی خلافها فبطبیعة الحال انقلب إلیها وزالت، وهذا بخلاف العادة التعبدیّة فإنها عادة بحکم الشارع لا واقعا وحقیقة، وبما أن حکم الشارع بها لا یمکن أن یکون جزافا فلا محالة یکون مبنیّا علی نکتة مبرّرة له وهي اماریّتها غالبا لاستمرارها في المستقبل. وعلی هذا فإذا تکرّر حیض المرأة في بدایة الشهر مرتین متماثلتین عددا أو وقتا کان ذلک عادة لها بحکم الشارع وأمارة نوعیّة لاستمرارها في الشهور الآتیة، وإذا تکرّر حیضها کذلک مرة ثانیة علی خلاف الأول موعدا وعددا فلا یمکن أن یشمل النصّ کلتیهما معا کما مرّ.

ودعوی: أن تکرّر الحیض کذلک عادة بملاک أماریّته، فإذا افترضنا أن حیضها قد تکرّر في بدایة الشهر مرتین متماثلتین علی خلاف الأول کان ذلک کاشفا عن سقوط الأول عن الأماریّة، ومع سقوطه عنها لا یکون مشمولا للدلیل، فإذن یختصّ الدلیل بالثانی..

ساقطة: لأن حجیّة العادة علی أساس أماریّتها النوعیّة فلا تسقط بالظنّ الشخصي علی الخلاف، والفرض أن العادة الثانیة لا تسبّب أکثر من الظنّ الشخصي علی خلاف الأولی کما أنها أیضا تسبّب الظنّ الشخصي علی خلاف الثانیة، إذ احتمال أن یکون التوافق بین الدمین في کلّ منهما اتّفاقیّا وناشئا عن حالة خاصّة موجود.

فالنتیجة: إن القول بالانقلاب وإن کان مشهور إلّا أن إتمامه بالدلیل مشکل.

وهنا حالات:

الأولی: إذا استمرّ حیضها في الشهور القادمة موافقا للعادة الأولی وقتا وعددا الی مدة تطمئنّ المرأة باستقرارها کعادة طبیعیّة وواثقة بأن العادة الثانیة حالة طرأت علیها صدفة واتّفاقا بسبب عامل خارجي أو داخلی، تترتّب علیها أحکام العادة، وکذلک الحال إذا کان الأمر بالعکس، وبعد ذلک إذا کرّر حیضها علی خلافها اتّفاقا مرّتین متماثلتین وقتا أو عددا لم یوجب ذلک انقلابها وإن قلنا به في العادة التعبّدیة.

الثانیة: إذا رأت المرأة دما في الشهر الخامس فإن کان موافقا للعادة الثانیة فهو حیض علی المشهور وإن کان صفرة، ولکن علی ما ذکرناه لابد من الاحتیاط فیه بالجمع بین تروک الحائض وأعمال المستحاضة، وإن کان موافقا للعادة الأولی فإن کان بصفة الحیض فهو حیض، وإن کان بصفة الاستحاضة کان استحاضة علی المشهور، ولکن الأحوط وجوبا هو الجمع فیه بین الوظیفتین کما مرّ.

الثالثة: إن الثمرة لا تظهر بین القول بالانقلاب في المسألة والقول بعدمه في العادة العددیّة، فإن ذات العادة العددیّة مأمورة بأن تجعل أیام عادتها حیضا شریطة أن یکون الدم فیها واجدا للصفة لا مطلقا، وعلی هذا فإذا تکرّر حیضها مرتین متماثلتین عددا علی خلاف العادة الأولی، وحینئذ إذا رأت دما في الشهر الخامس فإن کان بصفة الحیض فهو حیض بلا فرق بین أن یکون موافقا للعادة الأولی أو الثانیة أو لا یکون موافقا لشيء منهما، وإن لم یکن بصفة الحیض فهو استحاضة، فلا فرق في ذلک بین القولین في المسألة.

2- الفیاض: في إطلاقه إشکال بل منع، لأن العادة الأولی إن استقرّت فیها وأصبحت عادة عرفیّة لها لاستمرارها طیلة الشهور المتعدّدة لم تزل برؤیة الدم علی خلافها مرتین غیر متماثلتین، بل بمرتین متماثلتین أیضا کما مرّ، وإن لم تستقرّ وکانت في بدایة عمرها کما إذا رأت دما مرتین في بدایة الشهر متوافقتین عددا أو وقتا فإن العادة تحصل بذلک بمقتضی النصّ، وحینئذ فإذا حاضت علی خلاف الأولی مرتین غیر متوافقتین عددا أو وقتا فإنه لا یبعد أن یکون کاشفا عن عدم حصول العادة لها وکونها مضطربة واختلطت علیها أیامها ومشمولة لقوله  في معتبرة یونس: (فإن اختلطت علیها أیامها وتقدّمت وتأخّرت...). والنکتة فیه ما مرّ من أن حکم الشارع بتحقّق العادة برؤیة الدم مرتین متماثلتین عددا أو وقتا بما أنه لا یمکن أن یکون جزافا فلا محالة یکون مبنیّا علی ملاک مبرّر له وهو أماریّتها غالبا لاستمرار هذه الحالة لها في المستقبل، ویدلّ علیه قوله  في المعتبرة: (وتعمل علیه وتدع ما سواه...) وقوله في الموثقة: (..تلک أیامها...)، وعلی ذلک فإذا حاضت في الشهر الثالث علی خلاف العادة الأولی وفي الشهر الرابع علی خلاف الجمیع لم یبعد أن یکون ذلک کاشفا عن أنها مضطربة.

 

 مسألة 11: لايبعد تحقّق العادة المركّبة ، كما إذا رأت في الشهر الأوّل ثلاثة وفي الثاني أربعة(1) وفي الثالث ثلاثة وفي الرابع أربعة، أو رأت شهرين متواليين ثلاثة وشهرين متواليين أربعة ثمّ شهرين متواليين ثلاثة وشهرين متواليين أربعة، فتكون ذات عادة على النحو المزبور؛ لكن لايخلو عن إشكال، خصوصآ في مثل الفرض الثاني، حيث يمكن أن يقال: إنّ الشهرين المتواليين على خلاف السابقين يكونان ناسخين للعادة الاُولى، فالعمل بالاحتياط أولى (2)؛ نعم، إذا تكرّرت الكيفيّة المذكورة مراراً عديدة، بحيث يصدق في العرف أنّ هذه الكيفيّة عادتها وأيّامها، لاإشكال في اعتبارها، فالإشكال إنّما هو في ثبوت العادة الشرعيّة بذلک، وهي الرؤية كذلک مرّتين.

 1- الفیاض: في التحقّق إشکال بل منع، وذلک لما مرّ من أن حصول العادة للحائض بتکرّر حیضها مرتین متماثلتین عددا أو وقتا في بدایة الشهر إنما هو بالتعبّد علی أساس النصّ الخاص في المسألة وهو موثقة عمّار ومعتبرة یونس الطویله، لا علی القاعدة، أما الموثقة فلا تصلح أن تکون دلیلا علی المسألة حیث أن موردها العادة العددیّة البسیطة، وتدلّ علی أنها تحقّقت برؤیة الدم في شهرین متّصلین متوافقین عددا ولا یمکن تطبیق ذلک علی العادة المرکّبة باعتبار أن الدم فیها في الشهر الثاني لا یکون مماثلا للدم في الشهر الأول عددا، والدلیل الآخر غیر موجود. نعم إذا استمرّت هذه الحالة بانتظام للمرأة طیلة الشهور الآتیة واطمأنّت باستقرارها ووثقت بأنها أصبحت عادة عرفیّة لها تترتّب علیها آثار العادة، فإذا رأت فیها دما اعتبرته حیضا وإن کان صفرة، وإن زاد دمها عن العشرة اعتبرت ما فیها حیضا والزائد استحاضة.

وأما المعتبرة فهي أیضا أجنبیّة عن الدلالة علی المسألة فإن موردها العادة الوقتیّة البسیطة فلا تعمّ العادة الوقتیة المرکّبة وهي ما إذا رأت المرأة دما في الشهر الأول من الیوم العاشر مثلا وفي الشهر الثاني من الیوم العشرین، وفي الثالث في نفس الموعد من الشهر الأول وفي الرابع في نفس الموعد من الشهر الثانی، وکذلک إذا انقطع دمها في الشهر الأول في الیوم الثامن، وفي الثاني في الیوم العاشر، وفي الثالث في نفس الموعد من الشهر الأول وفي الرابع في نفس الوقت من الشهر الثانی، فإن المعتبرة لا تدلّ علی أن ذلک عادة لها. نعم إذا استمرّت بانتظام الی مدّة تثق المرأة باستقرارها کعادة عرفیّة لها فحینئذ تصبح المرأة ذات عادة فتکون مشمولة لأحکامها کما مرّ.

2- الفیاض: بل هو المتعیّن لما تقدّم آنفا في المسألة (10) من أن الانقلاب والنسخ وإن کان معروفا بین الأصحاب إلّا أن إثباته بالدلیل لا یمکن، ومن هنا کان الأجدر والأحوط وجوبا أن تجمع المرأة بین الوظیفتین فیما إذا رأت دما في الشهر الخامس في نفس الموعد في الشهرین الأولین أو الأخیرین. نعم إذا استمرّت هذه الحالة لها بانتظام مدة تطمئنّ باستقرارها کعادة طبیعیّة فعلیها أن تعمل بها وتترتّب علیها آثارها، باعتبار أنها تصبح حینئذ ذات عادة منتظمة.

 

 مسألة 12: قد تحصل العادة بالتمييز(1) ، كما في المرأة المستمرّة الدم إذا رأت  خمسة أيّام مثلا بصفات الحيض في أوّل الشهر الأوّل، ثمّ رأت بصفات الاستحاضة، وكذلک رأت في أوّل الشهر الثاني خمسة أيّام بصفات الحيض، ثمّ رأت بصفات الاستحاضة، فحينئذٍ تصير ذات عادة عدديّة وقتيّة. وإذا رأت في أوّل الشهر الأوّل خمسة بصفات الحيض وفي أوّل الشهر الثاني ستّة أو سبعة مثلا، فتصير حينئذٍ ذات عادة وقتيّة. وإذا رأت في أوّل الشهر الأوّل خمسة مثلا وفي العاشر من الشهر الثاني مثلا خمسة بصفات الحيض، فتصير ذات عادة عدديّة.

1- الفیاض: في حصولها بالتمییز إشکال بل منع، فإن حصولها برؤیة الدم في أیام معیّنة في الشهرین المتوالیین إنما هو بتعبّد من الشارع وهو النصّ، وإلّا فالعادة التي هي بمثابة سجیّة للإنسان لا تحصل بذلک وقد جعلها الشارع أمارة علی أن ما تراه المرأة بعد ذلک في نفس الموعد حیض وإن لم یکن بصفاته، کما أن الشارع جعل الصفات أمارة علی الحیض وإن لم یکن في أیام العادة، وعلی هذا فإذا فرض تجاوز دو المرأة العشرة في الشهرین المتوالیین وکان خمسة أیام في کل منهما بصفة الحیض، ففي مثل ذلک لا یمکن جعل الخمسة بعد ذلک في بدایة کل شهر عادة لها بحیث إذا جاءها الشهر الثالث فرأت الدم في نفس الموعد وإن لم یکن بصفات الحیض تجعله حیضا بجعل نفسها ذات عادة، لأن العادة حقیقة لا تحصل بذلک، والعادة التعبّدیة إنما هي بالنصّ وهو لا یدلّ علی حصولها بالصفات، فإن مورد النصّ هو ما إذا تکرّر دم الحیض بعد الفراغ عن کونه حیضا في بدایة الشهر مرتین متعاقبتین، فإن الشارع قد جعل ذلک عادة لها، وتجب علیها حینئذ إذا جاءها الشهر الثالث ورأت الدم في نفس الموعد أن تجعله حیضا.

وأما إذا تکرّر الدم في بدایة الشهر مرتین متعاقبتین ولکن المرأة تتأکّد أنه حیض کما إذا تجاوز الدم في کلتا المرتین العشرة ففي مثل ذلک قد جعل الشارع ما کان بصفة الحیض حیضا علی أساس أماریّة الصفة من دون أن تکون علی یقین من ذلک، ولکنه خارج عن مورد النصّ، والتعدّي لا یمکن لأن الحکم یکون علی خلاف القاعدة حیث أن حصول العادة بتکرّر الحیض في بدایة الشهر مرتین متعاقبتین إنما هو بالتعبّد لا واقعا، ولا تعبّد بحصولها بالصفات، فإذن یکون الحکم بالحیض في موارد الشکّ یدور مدار الصفات وجودا وعدما.

وإن شئت قلت: إن کلا من العادة والصفات أمارة علی کون الدم حیضا ولکن العاده تثبت بالنصّ فیما إذا رأت المرأة الحیض في أیام معیّنة في شهرین متتالیین.

ولا یدلّ علی أنها تثبت بالصفات لأن موردها غیر مورد النصّ، حیث أن موردها الدم المشکوک کونه حیضا، کما إذا تجاوز العشرة وهو غیر مورد النصّ، والفرض أنها لا تثبت بها واقعا بمرتین متعاقبتین.

ثم إن أماریة الصفات لا تختصّ بالمرأة التي اتمرّ دمها، بل في کل مورد شکّ ي أن ما تراه المرأة حیض، سواء أکان قبل العادة أم کان بعدها، تجاوز العشرة أم لا وقد یستدلّ علی أن العادة تحصل بالصفات بکبری قیام الأمارات مقام القطع الطریقی وتطبیق تلک الکبری علی المقام علی أساس أن الشارع جعل الصفات أمارة علی الحیض، فإذن تقوم مقام القطع الطریقی، بتقریب أن موضوع حکم الشارع بتحقّق العادة بمقتضی النصّ هو تکرّر الحیض مرتین متوافقتین عددا أو وقتا ومتعاقبتین في شهرین من دون أن تتخلّل بینهما حیضة مخالفة لهما عددا أو وقتا، وقد تکون المرأة عالمة بالموضوع ومتیقّنة به وأن ما تراه من الدم في بدایة هذا الشهر مثل ما رأته من الدم في نفس الموعد في الشهر الأول عددا أو وقتا حیض، وقد لا تکون واثقة وعالمة به وإنما تبني علی أنّه حیض علی أساس قیام الأمارات علیه وهي الصفات، کما إذا رأت دما في شهر خمسة ایام بصفة الحیض واعتبرته حیضا علی اساس الصفات ورأت دما في الشهر الثاني في نفس الموعد من الشهر الأول خمسة أیام کذلک، وبنت علی أنه حیض بنفس الملاک وهو قیام الأمارة، وعلی هذا فالموضوع کما یحرز بالعلم الوجداني کذلک یحرز بالعلم التعبّدي وهو قیام الأمارة، وعلی کلا التقدیرین یترتّب علیه أثره وهو تحقّق العادة شرعا بلحاظ أن العلم التعبّدي یقوم مقام العلم الوجدانی.

والجواب: إن الموضوع لتحقّق العادة شرعا وإن کان هو تکرّر دم الحیض وقتا أو عددا مرتین في شهرین متوالیین إلّا أن مناسبة الحکم والموضوع الارتکازیة تقتضي أن الموضوع له تکرّر دم الحیض بوجوده الواقعي لا الأعمّ منه ومن التعبّدی، والنکتة في ذلک: أن جعل الشارع تکرّر الحیض أمارة علی العادة لا یمکن أن یکون جزافا، فلا محالة یکون مبنیّا علی ملاک مبرّر له وهو کشفه غالبا عن استقرار موعد عادتها الشهریة، ومن المعلوم أن حیثیّة الکشف النوعي الغالبي التي هي الملاک المبرّر لجعله أمارة إنما هي في تکرّر الحیض بوجوده الواقعي مرتین متوافقتین عددا أو وقتا، وتتأکّد المرأة أنه حیض. وأما إذا تکرّر الدم في بدایة الشهر مرتین متعاقبتین ولم تتأکّد المرأة أنه حیض وإنما اعتبرته حیضا وبنت علیه علی أساس الصفات من دون أن تکون واثقة ومتأکّدة من ذلک فلا یصلح أن یکون أمارة علی استقرار حالتها وحصول العادة لها لعدم توفّر ملاک الأماریّة فیه وهو الکشف النوعي الغالبی، فمن أجل ذلک لا یمکن إثبات العادة بالصفات. ومن هنا یظهر أن المقام لیس صغری لکبری قیام الأمارات مقام القطع الطریقي باعتبار أن البحث فیه یرجع في نهایة المطاف الی أن تکرّر الحیض أمارة علی العادة مطلقا ولو کان تعبّدا، أو أنه أمارة علیها إذا کان واقعا، وقد عرفت أن مناسبة الحکم والموضوع تقتضي الثاني دون الأول، لأن تکرّر الحیض الظاهري العبّدي مرتین متعاقبتین بما أنه فاقد لملاک الأماریّة فلا یمکن جعله أمارة إلّا جزافا، ولا معنی لقیامه مقام تکرّر الحیض الواقعي مرتین کذلک في الأماریّة الشرعیّة فإنها تتبع ملاکها وهو غیر متوفّر فیه کما مرّ.

ومن هنا یظهر أن ما ذکره الماتن من1 أن العادة تحصل بتمام أنواعها بالصفات لا یتمّ، مع أنه ینافي ما ذکره1 في المسألة (1) من فصل تجاوز الدم عن العشرة حیث یظهر منه هناک أنها لا تحصل بها.

ثم أن الثمرة تظهر بین القولین في المسألة في الشهر الثالث إذا جاءها ورأت في نفس الموعد من الشهرین الأولین دما بلون أصفر، فإنه علی القول بأن العادة تحصل بالصفات اعتبرته حیضا واعتبرت نفسها ذات عادة منتظمة وتعمل علی أساسها في المستقبل، وعلی القول بأنها لا تحصل بها تعتبره استحاضة وتقوم بالعمل کمستحاضة.

 

 مسألة 13: إذا رأت حيضين متواليين متماثلين مشتملين على النقاء في البين، فهل العادة أيّام الدم فقط، أو مع أيّام النقاء، أو خصوص ما قبل النقاء؟ الأظهر الأوّل(1) ؛ مثلا إذا رأت أربعة أيّام ثمّ طهرت في اليوم الخامس، ثمّ رأت في السادس كذلک في الشهر الأوّل والثاني، فعادتها خمسة أيّام لا ستّة ولا أربعة، فإذا تجاوز دمها رجعت إلى خمسة متوالية   وتجعلها حيضاً، لاستّة ولا بأن تجعل اليوم الخامس يوم النقاء والسادس أيضاً حيضاً، ولا إلى الأربعة.

 1- الفیاض: فیه: أن ما بنی علیه1 في هذه المسألة من استظهار أن فترة النقاء والسلامة من دم الحیض بین أیام حیضة واحدة طهر، ینافي ما ذکره1 في المسألة (7) من الاشکال في طهرها والاحتیاط بالجمع بین أعمال الطاهر وتروک الحائض في تلک الفترة، هذا، ولکن ذکرنا هناک أنه لا یبعد أن تکون محکومة بالطهر وإن کان الأجدر والأحوط هو الجمع بینهما، وعلی هذا فعادتها خمسة أیام في المقام لا ستة.

 

 مسألة 14: يعتبر في تحقّق العادة العدديّة تساوي الحيضين وعدم زيادة إحداهما على الاُخرى ولوبنصف يوم أو أقلّ، فلو رأت خمسة في الشهر الأوّل وخمسة وثلث أو ربع يوم في الشهر الثاني، لاتتحقّق العادة من حيث العدد؛ نعم، لو كانت الزيادة يسيرة، لاتضرّ . وكذا في العادة الوقتيّة؛ تفاوت الوقت ولوبثلث أو ربع يوم يضرّ، وأمّا التفاوت اليسير  فلايضرّ، لكن المسألة لاتخلو عن إشكال(1) ، فالأولى مراعاة الاحتياط.

1- الفیاض: الظاهر أنه لا إشکال فیها، فإن العادة الوقتیة من حیث المبدأ أو المنتهی لا تتحقّق إلّا إذا کان حیض المرأة في الشهر الثاني في نفس الموعد في الشهر الأول في البدایة أو النهایة، فعلی الأول تتحقّق العادة الوقتیّة بحسب المبدأ، وعلی الثاني بحسب المنتهی. وأما إذا کان حیضها في الشهر الثاني متقدّما علی الموعد بنصف یوم أو ثلثه أو ربعه، أو متأخّرا عنه کذلک فلا تتحقّق العادة لعدم صدق أنها حاضت في البدایة في نفس الموعد أو انقطع في النهایة فیه، ولا یکون مشمولا حینئذ لقوله7 في المعتبرة: (فإن انقطع الدم لوقته في الشهر الأول سواء...) فإنه ناصّ علی انقطاع دم حیضها في الشهر الثاني في وقت انقطاعه في الشهر الأول، وبطبیعة الحال یکون الأمر کذلک بالنسبة الی بدایة العادة، ومع ذلک لا یضرّ زیادة یسیره کخمس دقائق أو أکثر بحیث لا یقدح بصدق التساوي لا في المبدأ ولا في المنتهی، وکذلک الحال بالنسبة الی العادة العددیّة لأن قوله7 في موثقة سماعة: (فإذا اتّفق الشهران عدّة أیام سواء فتلک أیامها) ظاهر عرفا في التساوي العرفي ولا یضرّ في صدقه التفاوت الیسیر.

 

 مسألة 15: صاحبة العادة الوقتيّة، سواء كانت عدديّة أيضآ أم لا، تترک العبادة بمجرّد رؤية الدم في العادة أو مع تقدّمه أو تأخّره  يوماً أو يومين(1)  أو أزيد على وجه يصدق  عليه  تقدّم العادة (2) أو تأخّرها ولو لم‌يكن الدم بالصفات، وترتّب عليه جميع أحكام الحيض؛ فإن علمت بعد ذلک عدم كونه حيضآ لانقطاعه قبل تمام ثلاثة أيّام، تقضي ما تركته من العبادات. وأمّا غير ذات العادة المذكورة كذات العادة العدديّة فقط والمبتدئة والمضطربة والناسية، فإنّها تترک العبادة وترتّب أحكام الحيض بمجرّد رؤيته إذا كان بالصفات(3)، وأمّا مع عدمها فتحتاط  بالجمع(4)  بين تروک الحائض وأعمال المستحاضة إلى ثلاثة أيّام، فإن رأت ثلاثة أو أزيد تجعلها حيضاً (5)؛ نعم، لوعلمت أنـّه يستمرّ إلى ثلاثة أيّام، تركت العبادة بمجرّد الرؤية ، وإن تبيّن الخلاف تقضي ما تركته.

1- الفیاض: في إطلاق ذلک إشکال بل منع، فإن المرأة إذا رأت الدم قبل العادة بیوم أو یومین فهو حیض وأما إذا رأته بعدها کذلک فهو لیس بحیض إلّا إذا کان بصفة الحیض ولم یتجاوز العشرة لاختصاص الدلیل بالأول وعدمه في الثاني غیر دعوی الاجماع وهي غیر تامّة.

2- الفیاض: في إطلاق ذلک منع، فإن ما تراه المرأة قبل العادة بأکثر من یومین کثلاثة أیام أو أزید واستمرّ الی تمام أیام العادة فهو منذ یومین قبل وقت العادة حیض وإن کان صفرة بمقتضی إطلاق موثقة أبي بصیر ومضمرة معاویة بن الحکیم، وما کان منه قبل ذلک إن کان بصفة الحیض فهو حیض وإلّا فالأظهر أنه لیس بحیض وإن کان مقتضی إطلاق موثقة سماعة أنه حیض إلّا أنه معارض بإطلاق صحیحة محمد بن مسلم التي تحدّد أن ما تراه المرأة من الدم الأصغر في غیر أیام العادة فلیس بحیض، فتقع المعارضة بینهما في مورد الالتقاء وهو ما تراه المرأة من الصفرة قبل عادتها بثلاثة أیام، فیسقطان من جهة المعارضة ویرجع في مورد الالتقاء الی روایات الصفات ومقتضی إطلاقها أنه لیس بحیض علی أساس أنه لا یکفي في الحکم بحیضیّة دم توفّر الشروط العامّة للحیض فیه، بل علی المرأة أن تلجأ في إثبات الحیض الی تطبیق احدی قاعدتین شرعیّتین؛ الأولی: العادة، والثانیة: الصفات، فإذا رأت دما في أیام عادتها اعتبرته حیضا وإن کان أصفر اللون، وإذا رأت دما في غیر أیام العادة أو أنه لا عادة لها، فإن کان بصفة الحیض اعتبرته حیضا، وإن لم یکن بصفة الحیض اعتبرته استحاضة، ولا یمکن الحکم بأنه حیض وإن کان واجدا للشروط العامّة للحیض إلّا بناء علی ثبوت قاعدة الامکان کقاعدة شرعیّة، فإنه عندئذ تلجأ المرأة إلیها في مورد الالتقاء لإثبات أنه حیض ولا تنافي بینها وبین قاعدة الصفات، فإن قاعدة الصفات تثبت أن الدم حیض إذا کان واجدا للصفة، وأما إذا کان فاقدا لها فهي تدلّ علی أنه لیس بحیض من جهة الصفة لا مطلقا، فلا مانع من کونه حیضا من جهة أخری کقاعدة الامکان شریطة توفّر الشروط العامّة للحیض فیه.

وأما أدلّة الاستحاضة فبما أن موردها أعمّ من مورد قاعدة الامکان فهي تقیّد إطلاق أدلّتها بغیر موردها فلا بأس بهذه القاعدة من هذه الناحیة، ولکن لا یمکن الأخذ بها کقاعدة شرعیّة من ناحیة أخری وهي أنه لا دلیل علیها وإن کانت معروفة ومشهورة بین الأصحاب. ودعوی: أن مقتضی مجموعة من الروایات الناطقة بأن ما تراه المرأة من الدم في غیر أیام العادة حیض ثبوت هذه القاعدة، فإن مقتضی إطلاقها أنه حیض وإن لم یکن بصفة الحیض، وهذا لیس إلّا من جهة قاعدة الامکان لعدم تطبیق قاعدة أخری علیه، لا الصفات ولا العادة.

مدفوععة: بأن إطلاق هذه الروایات قد قیّد بالروایات التي تؤکّد وتنصّ علی تمییز دم الحیض عن دم الاستحاضة بصفات حسیّة کاللون ووجدانیّة کالحرارة والحرق والبرودة وما شاکل ذلک. وهذه الروایات لا تدع مجالا لتحیّر المرأة وشکّها في أن ما تراه من الدم حیض أو استحاضة، ولا فرق في ذلک بین أن تکون المرأة مبتدئة أو مضطربة أو ناسیة أو ذات عادة رأت الدم في غیر أیام عادتها.

فالنتیجة: إن هذه الروایات تعطي قاعدة کلیّة وهي أن ما تراه المرأة من الدم في غیر أیام عادتها، أو لا عادة لها، أو تکون مضطربة أو ناسیة، فإن کان بصفة الحیض جعلته حیضا، وإن لم یکن بصفة الحیض جعلته استحاضة، هذا من ناحیة...

ومن ناحیة أخری؛ أنه لیس في روایات الحیض ما ینصّ ویؤکّد علی أن ما رأته المرأة من الدم في غیر أیام عادتها أو لا عادة لها، أو کانت ناسیة وکان أصفر اللون اعتبرته حیضا حتی یصلح أن یکون دلیلا علی قاعدة الامکان.

فالمتحصّل: أن الاطلاق لا یجدي علی أساس وجود المقیّد له، والنصّ بأن ما رأته المرأة من الدم بلون الأصفر فهو حیض، غیر موجود، فمن أجل ذلک لا دلیل علی هذه القاعدة، فالثابت إنما هو قاعدتان في باب الحیض هما: العادة والصفات.

3- الفیاض: في الحکم بترک العبادة مطلقا بمجرّد رؤیة الدم بصفة الحیض إشکال بل منع، لأن المرأة إذا رأت دما وکان بصفة الحیض فإن کانت واثقة ومتأکّدة بأنه یستمرّ ثلاثة أیام اعتبرته حیضا علی أساس قاعدة الصفات دون قاعدة الامکان لما مرّ من أنها لم تثبت کقاعدة شرعیّة، وإن کانت واثقة متأکّدة من أنه ینقطع بعد یوم أو یومین ولم یدم ثلاثة أیام اعتبرته استحاضة، وإن لم تکن واثقة لا بالاستمرار ولا بالانقطاع فبإمکانها حینئذ أن یتمسّک باستصحاب بقاء استمراره الی الثلاثة بناء علی القول بجریانه في الأمور الاستقبالیّة کماهو الصحیح وترتیب أحکام الحیض علیه ظاهرا. نعم بناء علی القول بعدم جریانه فیها فعلیها الاحتیاط بالجمع بین الامتناع عن الأشیاء التي کانت الحائض ملزمة بالامتناع عنها، والاتیان بالأعمال التي کانت المستحاضة ملزمة بالاتیان بها.

ودعوی: إن مقتضی إطلاق مجموعة من الروایات أن المرأة إذا رأت الدم بصفة الحیض فهو حیض وإن لم تعلم باستمراره ثلاثة أیام، ومعه لا مجال للاحتیاط، کما أنه لا مجال للاستصحاب خاطئة؛ وذلک لأن موضوع الحکم بالحیض هو الدم في ثلاثة أیام متوالیة علی أساس الروایات التي تؤکّد علی أن أدنی حدّ الحیض لا یقلّ عن ثلاثة أیام، فإذا کان الأقلّ فهو لیس بحیض، وهي تقیّد إطلاق الروایات المذکورة بما إذا کان الدم مستمرّا الی الثلاثة، بل هي حاکمة علیها ومبیّنة للمراد من الدم فیها، وعلی هذا فیکون موضوعها حصّة خاصّة من الدم وهي الحصّة المستمرّة واقعا ثلاثة أیام، فإذا شکّ في تحقّق هذا الموضوع، کما إذا رأت المرأة دما بصفة الحیض وشکّت في استمراره واقعا الی الثلاثة فلیس بإمکانها التمکّس بإطلاق تلک الروایات، لأنه من التمسّک بالعامّ في الشبهة المصداقیّة، نظیر ما إذا شکّ في حیضیّة دم من جهة الشکّ في بلوغ المرأة تسع سنین أو في تجاوزها الخمسین، فإنه لا یمکن التمسّک بالاطلاق لإثبات أنه حیض لأنه من التمسّک بالعامّ في الشبهة الخارجیّة. نعم لو شکّ في اعتبار شيء من ذلک فیه علی نحو الشبهة الحکمیّة کالشکّ في اعتبار بلوغ المرأة تسع سنین، أو استمرار الدم الی ثلاثة أیام أو نحوه، فلا مانع من التمسّک بإطلاقه أدلّة الحیض لإثبات أنه غیر معتبر فیه.

فالنتیجة: أن حیضیّة ما رأته المرأة من الدم في غیر أیام العادة منوطة بإحراز توفّر الشروط العامّة للحیض فیه زائدا علی الصفة، إما بالعلم الوجدانی، أو بالوثوق والاطمئنان، أو بالأصل العملي کالاستصحاب، ومع عدم الاحراز فالوظیفة هي الاحتیاط.

4- الفیاض: في الاحتیاط بالجمع مطلقا إشکال بل منع، فإن المرأة إذا کانت ذات عادة عددیّة فقط، بأن تکون مستقیمة العدد ومضطربة الوقت، فما تراه من الدم حیض إذا کان بصفات الحیض وإلّا فهو استحاضة، وإن کانت مبتدئة فتری الدم لأول مرّة فإن کان بصفة الحیض فهو حیض وإلّا فهو استحاضة، ولا فرق بینهما وبین ذات العادة العددیّة فحسب من هذه الناحیة. نعم فرق بینهما من ناحیة أخری وهی أن ذات العادة العددیّة إذا حاضت وتجاوز دمها عشرة أیام جعلت الحیض أیام عادتها من بدایة الرؤیة والباقي استحاضة، وأما المبتدئة فإذا حاضت وتجاوز دمها عشرة أیام فإن کان الدم طیلة المدة بصفة الحیض فعلیها أن ترجع الی عادة أقاربها فتجعل الحیض بعدد عادتهنّ والباقي استحاضة، هذا إذا کان لها أقارب واتّفقن في عادتهنّ وإلّا فترجع الی العدد علی تفصیل یأتی. وإن کان بعضه بصفة الحیض دون بعضه الآخر تجعل ما کان بصفة الحیض حیضا، وما لا یکون بصفة استحاضة، وإن کانت مضطربة وهي التي لا تستقیم لها عادة لا وقتا ولا عددا فما تراه من الدم إن کان بصفة الحیض فهو حیض وإلّا فالستحاضة. نعم إذا تجاوز دمها عشرة أیام فإن کان في طیلة المدّة بصفات الحیض تجعل حیضها ستة أیام أو سبعة من بدایة الرؤیة، وإن کان مختلفا تجعل ما بصفة الحیض حیضا إذا لم یکن أقلّ من ثلاثة أیام والباقي استحاضة، وإن کانت ناسیة عادتها وقتا وعددا فوظیفتها الرجوع الی الصفات والتمییز بها، فإن کان ما تراه من الدم بصفة الحیض فهو حیض وإلّا فاستحاضة. نعم إذا حاضت وتجاوز دمها العشرة ففي مثل ذلک إن لم یعلم بمجیء الموعد الشهري لها خلال أیام الدم فتجعل بقدر أیام عادتها حیضا والباقي استحاضة، وإن علمت بأن موعدها الشهري یصادف بعض أیام الدم إجمالا فعندئذ یجب علیها الاحتیاط بالجمع بین أعمال المستحاضة وتروک الحائض. ثم إن إثبات أن ما تراه المرأة من الدم حیض مبنیّ علی أحد ضابطین شرعیّین؛ الأول: ضابط الصفات، والثانی: ضابط العادة.

ونتیجة ذلک أن ما تراه المرأه من الدم إن کان في أیام عادتها فهو حیض وإن لم یکن بصفة الحیض، وإن لم یکن في أیام عادتها فهو لیس بحیض إلّا إذا کان بصفات الحیض.

وأما قاعدة الامکان فهي لم تثبت بدلیل، نعم هناک مجموعة من الروایات تدلّ علی أن ما تراه المرأة من الدم إن استمرّ الی ثلاثة أیام أو أزید فهو حیض وإلّا فاستحاضة، و لکنّها لیست في مقام البیان من جهة أخری وهي أنه واجد للصفة أو لا، فلا مانع من کون الدم المذکور حیضا من الجهة الأولی لأنه واجد للشروط العامّة للحیض منها استمراه ثلاثة أیام، فمن هذه الجهة یمکن أن یکون حیضا، وهذا هو المراد من الامکان، إذ لا یعقل أن یکون المراد منه الامکان الذاتي أو الاحتمالی، ولکن مجرّد ذلک لا یکفي في إثبات أنه حیض فعلا، فإنه متوقّف علی أن یکون واجدا للصفة بمقتضی ما دلّ من أن ما تراه المرأة من الصفرة لیس بحیض إذا لم یکن في أیام العادة.

5- الفیاض: بل تجعلها استحاضة، فإن جعلها حیضا مبنیّ علی مجموعة من الروایات الدالّة علی أن المرأة إذا رأت الدم واستمرّ الی ثلاثة أیام أو أکثر فهو حیض، وإن لم یستمرّ انکشف أنه لیس بحیض، ولکنها لیست في مقام البیان من جهة أخری وهي أنه واجد للصفات أو لا، وعلی تقدیر أنها ناظرة إلیها فلابد من تقییدها بما دلّ علی أن ما تراه المرأة من الصفرة فهو لیس بحیض إلّا إذا کان في أیام العادة.

 

 مسألة 16: صاحبة العادة المستقرّة في الوقت والعدد إذا رأت العدد في غير وقتها ولم‌تره في الوقت، تجعله حيضا(1) سواء كان قبل الوقت أو بعده .

 1- الفیاض: هذا فیما إذا کان واجدا للصفات وإلّا فهو استحاضة لما مرّ من أن الدم في غیر أیام العادة استحاضة إذا لم یکن بصفات الحیض.

 

 مسألة 17: إذا رأت قبل العادة  وفيها ولم‌يتجاوز المجموع عن العشرة، جعلت المجموع حيضاً (1)؛ وكذا إذا رأت في العادة وبعدها ولم‌يتجاوز عن العشرة، أو رأت قبلها وفيها وبعدها. وإن تجاوز العشرة في الصور المذكورة، فالحيض أيّام العادة فقط، والبقيّة استحاضة .

1- الفیاض: هذا فیما إذا رأت الدم قبل بیوم أو یومین دون الأزید، أو کان الزائد بصفة الحیض.

 

 مـسـألـة 18: إذا رأت ثـلاثـة أيّـام متـواليـات وانـقـطـع، ثـمّ رأت ثلاثـة أيّام أو أزيد، فإن كان مجمـوع الدمين والنقاء المتخلّل لايزيد عن عشـرة كـان الطـرفـان حيـضاً ، وفـي النـقاء المتـخلّـل   تحـتاط (1) بالجمع  بين  تروک الحائض وأعمال المستحاضة ؛ وإن تجاوز المجموع  عن العشرة ، فإن كان أحدهما في أيّام العادة دون الآخر، جعلت ما في العادة حيضـاً (2)، وإن لم‌يـكن واحـد منـهـمـا فـي الـعـادة فتـجـعل الحيـض ما كـان منـهـمـا واجـدآ للـصـفات  ، وإن كانـا متـساويـين فـي الصـفـات فالأحوط   جعل أوّلهما   حيضاً   وإن كان الأقوى التخيير(3)  ؛ وإن كان بعض أحدهما في العادة دون الآخر، جعلت ما بعضه في العادة حيضاً (4) ؛ وإن كان بعض كلّ واحد منهما في العادة، فإن كان ما في الطرف الأوّل من العادة ثلاثة أيّام أو أزيد، جعلت الطرفين من العادة حيضاً   وتحتاط في النقاء   المتخلّل (5) ، وما قبل الطرف الأوّل   ومابعد الطرف الثاني استحاضة  ؛ وإن كان ما في العادة   في الطرف الأوّل أقلّ من ثلاثة  ، تحتاط في جميع أيّام الدمين   والنقاء (6) بالجمع بين الوظيفتين.

1- الفیاض: تقدّم أنه لا یبعد أن تکون فترة النقاء بین أیام حیضة واحدة طهرا، وإن کان الأجدر والأحوط الجمع بین أعمال الطاهر وتروک الحائض.

2- الفیاض: هذا إذا کان الدم الخارج من العادة بصفة واحدة سواء أکان بصفة الحیض أم کان بصفة الاستحاضة، وأما إذا کان مقدار منه بصفة الحیض وکان ذلک المقدار بضمیمة ما في العادة والنقاء المتخلّل لم یتجاوز عن العشرة فحینئذ یکون المجموع حیضا علی أساس ما مرّ من الضابط العام لکون الدم حیضا.

3- الفیاض: في القوّة إشکال بل منع، فالأحوط وجوبا الجمع بین أعمال المستحاضة وتروک الحائض في کلّ من الدمین الواجدین للصفات، فإذا رأت المرأة دما بصفة الحیض ستة أیام ثم تحوّل الدم الی الصفرة خمسة أیام وعاد بصفة الحیض ستة أیام أخری فهي حینما یتجاوز دمها العشرة تحتاط بفعل ما تفعله المستحاضة وترک ما تترکه الحائض بأن تصلّي وتصوم ولا تمکث في المساجد ولا تمسّ کتابة القرآن وتقضي ما ترکته من صلاة وصیام في الأیام الستة الأولی للعلم الإجمالي بأن أحد الدمین حیض دون الآخر وأدلّة أماریّة الصفات قد سقطت من جهة العلم الإجمالي بناء علی المشهور من أن فتره الطهر لا تقلّ عن عشرة أیام.

فإذن لا تکون الصفة أمارة لا علی حیضیّة الدم الأول ولا علی الثاني، کما أنه لا دلیل من الخارج علی أن الأول حیض دون الثاني ولا العکس، نعم لازم کون الأول حیضا وإن کان عدم حیضیّة الثانی، إلّا أن الکلام في إثبات ذلک، ولا طریق الی إثباته.

قد یقال: أن عدم حیضیّة الدم الثاني من آثار حیضیّة الدم الأول شرعا دون العکس، نعم أنه من أثاره عقلا علی أساس أن کلا الدمین لا یمکن أن یکونا حیضا نظیر مسألة الشکّ السببي والمسبّبی، حیث أن المسبّب أثر شرعي للسبب دون العکس.

وقد یستدلّ علی ذلک بأن مقتضی الروایات الآمرة برجوع ذات العادة الی عادتها إذا تجاوز دمها عن عشرة أیام أن الدم الزائد علیها استحاضة وإن کان بلون الحیض. ومورد هذه الروایات وإن کان الدم الزائد علی العادة إلّا أنه لا خصوصیّة له فإن العبرة إنما هي بعدم إمکان أن یکون کلا الدمین حیضا، سواء أکان الدم الأول في أیام العادة والثاني خارجا عنها أم کان کلاهما خارجا عن العادة، فإنه لما لم یمکن الحکم بحیضیّة کلیهما معا حکم بأن الأول حیض والثاني استحاضة.

والجواب: أوّلا: أن هذه الروایات بضمیمة الروایات التي تؤکّد علی أن ما تراه المرأة من الدم في وقت عادتها حیض وإن کان صفرة في مقام بیان ترجیح العادة علی الصفات، فإذا رأت دما في موعد عادتها بلون أصفر وبعد انتهاء العادة تحوّل الدم الی الأسود واستمرّ بهذه الصفة الی أن تجاوز العشرة جعلت ما في عادتها حیضا وإن کان صفرة والزائد استحاضة وإن کان بلون الحیض، وهذا معنی ترجیح العادة علی الصفات وتقدیمها علیها بعد ما لا یمکن أن یکون کلاهما حیضا. ومن هنا قلنا أن روایات العادة تتقدّم علی روایات الصفات وتقیّد إطلاقها بغیر موردها، وعلی هذا الأساس تکون المسألة في محلّ الکلام أجنبیّة عن مورد تلک الروایات، فإن المفروض في المسألة أن المرأة في غیر أیام العادة رأت دما بصفة الحیض في فترتین منفصلتین وکانت فترة النقاء بینهما أقلّ من عشرة أیام کما أن مجموع الدمین مع فترة النقاء أکثر من العشرة، وفي مثل ذلک لا ترجیح لاعتبار الدم الأول حیضا دون الثاني لفرض أنه لیس في أیام العادة فیکون کلا الدمین من هذه الناحیة علی نسبة واحدة، کما أنهما من ناحیض الصفات کذلک، فإذن لا یمکن الترجیح.

 فالنتیجة: أنه لا دلیل في المسألة علی أن الدم الأول حیض، کما أنه لا دلیل علی أن المرأة متحیّرةفیها بین أن تعتبر الدم الأول حیضا دون الثاني وبین العکس. فیکون مقتضی العلم الإجمالي هو الاحتیاط حیث أنه لا فرق تنجیزه بین أن تکون أطرافه تدریجیّة أودفعیّة، ثم أنه لا تظهر الثمرة في هذه المسألة بین ما استظهرناه في أمثال المقام من احتمال کون کلا الدمین حیضا وبین ما هو المشهور من أن أحدهما حیض، ولا تحتمل حیضیّة کلیهما معا، فإن وظیفة المرأة علی کلا التقدیرین هي الاحتیاط في المسألة في الدم الأول والثانی. نعم تظهر الثمرة بینهما فیما إذا کان الدم الأول في أیام العادة ویکون الدم الثاني بعد فترة الانقطاع ببضعه أیام بصفة الحیض ومتجاوزا عن عشرة أیام من ابتداء الدم الأول، فإنه بناء علی ما استظهرناه یجب علی المرأة أن تحتاط في الدم الثاني وعلی المشهور تعتبره استحاضة.

4- الفیاض: في إطلاقه إشکال بل منع، فإن للمرأة في المسألة حالتین:

الأولی: إذا رأت ثلاثة أیام من الدم الأول في العادة ونقت بعد ذلک ثم رأت الدم الثاني تماما بعد العادة أو بالعکس، مثال ذلک: امرأة کان موعد عادتها أول الشهر وعدد عادتها سبعة أیام ورأت الدم قبل الشهر بأربعة أیام واستمرّ الی نهایة الیوم الثالث من الشهر ونقت بعد ذلک أربعة أیام، ثم رأت دما جدیدا سبعة أیام، أو رأت دما سبعة أیام قبل دخول الشهر ثم نقت أربعة أیام ورأت دما آخر سبعة أیام أخری، فعلی الأول وقعت ثلاثة أیام من الدم الأول في العادة، وعلی الثاني ثلاثة أیام من الدم الثاني.

الثانیة: إذا رأت یومین من الدم الأول في العادة ثم نقت بضعة أیام وبعد ذلک رأت دما آخر بعد انتهاء العادة أو بالعکس.

أما في الحالة الأولی: فإن کانت ثلاثة أیام من الدم الأول في العادة فتعتبر المرأة منذ یومین قبل موعد العادة حیضا وإن کان صفرة لإطلاق ما دلّ علی أن ما تراه من الدم قبل العادة بیومین حیض وإن لم یکن بلونه، وما تقدّم علی الیومین قبل العادة فإن کان بصفة الحیض فهو حیض وإلّا فاستحاضة، وأما الدم الثاني فهو لیس بحیض علی المشهور من أن فترة الطهر لا تقلّ عن عشرة أیام وإن کان بصفة الحیض، وأما بناء علی ما استظهرناه فیجب علیها أن تحتاط فیه إذا کان واجدا للصفة.

وإن کانت ثلاثة أیام من الدم الثاني في العادة اعتبرت ما في العادة حیضا وإن کان صفرة وما رأته بعد العادة فإن کان واجدا للصفة فهو حیض شریطة أن لا یتجاوز العشرة وإلّا فاستحاضة.

وأما الدم الأول فعلی المشهور أنه استحاضة وإن کان بصفة الحیض وحینئذ فعلی المرأة أن تقضي ما ترکته فیه من الصلاة والصیام، وأما بناء علی ما استظهرناه من أن وظیفتها الاحتیاط فیه فلا یجب علیها قضاء ما ترکته غیر الصیام.

ثم إن الدم الثاني في الفرض الأول، والدم في الفرض الثاني استحاضة علی المشهور من جهة ما عرفت من أنه لم تمرّ بالمرأة فترة طهر لا تقلّ عن عشرة أیام لا من جهة الروایات الدالّة علی أن ذات العادة إذا رأت الدم خارج العادة وتجاوز العشرة ترجع الی عادتها وتعتبر ما فیها حیضا والزائد استحاضة وإن کان بصفة الحیض، لأن مورد تلک الروایات هو ما إذا کان مقدار من الدم الخارج عن العادة في ضمن عشرة الدم علی تفصیل یأتی.

مثال الأول: ما إذا رأت المرأة دما في أیام عادتها واستمرّ بعد انتهائها الی أن تجاوز العشرة، أو رأت دما قبل أیام عادتها واستمرّ الی أیامها وکان مجموع ما قبل العادة وما فیها متجاوزا عن العشرة، وفي مثل ذلک تعتبر ما في العادة حیضا وإن کان صفرة والزائد استحاضة وإن کان بلون الحیض بمقتضی الروایات المذکورة.

ومثال الثاني: ما إذا رأت الدم في أیام عادتها وکان عددها أربعة أیام ونقت بعد ذلک ثلاثة أیام أو أربعة، ثم رأت دما آخر واستمرّ الی أن تجاوز عن العشرة من ابتداء دم العادة، أو رأت دما قبل عادتها خمسة أیام ونقت بعد ذلک ثلاثة أیام ثم جاءت عادتها، وفي مثل ذلک بما أن مقدارا من الدم الخارج عن العادة کان في ضمن العشرة فوظیفتها علی أساس تلک الروایات أن تعتبر ما في عادتها حیضا وإن کان بلون أصفر والباقي استحاضة وإن کان باللون الأسود.

نعم إذا لم یتجاوز الدم الزائد علی العادة عن العشرة فإن کان بصفة الحیض فهو حیض أیضا وأما فترة النقاء بینهما فقد تقدّم أنه لا یبعد أن تکون طهرا وإن کان رعایة الاحتیاط فیها أولی وأجدر، وإن لم یکن بصفة الحیض فهو استحاضة.

وأما في الحالة الثانیة: فلا تعتبر الیومین في العادة حیضا بتکمیل العدد بما رأته قبلها أو بعدها من الدم ولا فرق في ذلک بین أن یکون الیومان فیها من الدم الأول أو الثاني ولا یمکن أن تکون تلک الحالة مشمولة للروایات التي تنصّ علی أن کل ما تراه المرأة من الدم في أیام عادتها حیض وإن کان صفرة، وذلک لأن روایات شروط الحیض العامة حاکمة علیها ومفسّرة للمراد من الدم فیها المحکوم بالحیضیّة وأنه هو الواجد للشروط العامة للحیض التي منها أن یکون في ثلاثة أیام متوالیة، ونتیجة ذلک اختصاص تلک الروایات بالدم الواجد للشروط علی أساس أدلّتها العامة التي تبیّن المراد من الحیض الذي تراه المرأة وأنه لیس مطلق الدم بل الدم الخاص والمقیّد بقیود وشروط، وعلیه فلا إطلاق لها بالنسبة الی الدم في أیام العادة إذا کان أقلّ من ثلاثة أیام.

ودعوی: أن تلک الروایات وإن لم تشمل ما إذا رأت المرأة دما في یوم أو یومین من أیام عادتها ثم انقطع فإنه لیس بحیض جزما بمقتضی ما یدلّ علی أن أدناه ثلاثة أیام ولکن المقام لیس من هذا القبیل باعتبار أن المرأة فیه رأت دمین في فترتین منفصلتین قد صادف مقدار من أحدهما یوما أو یومین من أیام العادة، وفي مثل هذا لا مانع من شمول إطلاق الروایات ذلک، بتقریب أن مقتضی إطلاقها أن الدم المذکور حیض علی أساس أنه في العادة والعلم الخارجي الناشئ ممّا دلّ علی أن الحیض لا یقلّ عن ثلاثة أیام یشکّل لها الدلالة الالتزامیّة وهي الدلالة علی تکمیل عدد الحیض بما رأته قبل العادة أو بعدها من الدم.

خاطئة: فإن الدلالة الالتزامیّة بما أنها متفرّعة علی الدلالة المطابقیّة ومتوقّفة علیها فلا یمکن الالتزام بها في المسألة، لأنه متوقّفة علی شمول الروایات للمسألة ودلالتها علی أن الدم المذکور في أیام العادة حیض، وبما أن الحیض لا یمکن أن یقلّ عن ثلاثة أیام فیشکّل لها الدلالة الالتزامیّة لئلّا تکون دلالتها المطابقیّة لغوا، فالالتزام بها إنها هو للحفاظ علی الدلالة المطابقیّة وعدم لزوم کونها لغوا، والفرض أن شمولها للمسألة ودلالتها علی أنه حیض یتوقّف علی الدلالة الالتزامیّة لها حتی تکون مصحّحة للشمول والدلالة، وإلّا فلا مبرّر له.

فالنتیجة: إن شمولها للمسألة یتوقّف علی الدلالة الالتزامیّة لا أنها شاملة لها في نفسها ولکن خروجها عن اللغویّة یتوقّف علیها، وقد مرّ أنها لا تشملها في نفسها علی أساس تقیید إطلاقها بددلّة شروط الحیض العامة فلا یمکن الحکم بالشمول أوّلا ثم اللجوء الی الدلالة الالتزامیّة، بل هو متوقّف علیها، فإذن تکون المسألة دوریّة.

5- الفیاض: تقدّم أنه لا یبعد أن تکون فترة النقاء بین دمین من حیضة واحدة طهرا وإن کانت رعایة الاحتیاط فیها بالجمع بین تروک الحائض وأعمال الطاهر أجدر وأولی. نعم إذا رأت ذات العادة الوقتیّة والعددیّة دما قبل موعدها الشهري بثلاثة أیام أو أکثر واستمرّ الی تمام الموعد ثم انقطع یوما أو یومین وبعد ذلک عاد بصفة الحیض الی أن تجاوز العشرة اعتبرت ما في العادة حیضا وما بعدها استحاضة، وإنما الکلام في أن ذلک مبنیّ علی أساس الروایات الدالّة علی رجوع ذات العادة الی عادتها وتجعلها حیضا والباقي الستحاضة، أو علی أساس ما هو المشهور من أن فترة الطهر لا تقلّ عن عشرة أیام، فیه قولان: الظاهر هو الثانی، لأن الروایات الأولی تصنّف الی صنفین:

الصنف الأول: ما یکون مورده المستحاضة الدامیة، کمعتبرة یونس الطویلة ونحوها.

الصنف الثاني: روایات الاستظهار. وکلا الصنفین لا یشمل المسألة.

أما الصنف الأول: فهو واضح، فإنه مضافا الی أن مورده وهو المستحاضة الدامیة لا ینطبق علی المسألة، إن دم المستحاضة فیه متّصل بدم الحیض من دون تخلّل فترة نقاء بینهما.

وأما الصنف الثانی: فلأن مورده هو من یستمرّ دمها بعد انتهاء العادة، وهو لا ینطبق علی المسألة في المقام، وأما التعدّي من موردهما الی سائر الموارد فهو بحاجة الی قرینة، ولا قرینة فیهما من عموم أو تعلیل، ولا من الخارج.

ودعوی: أن العرف لا یفهم خصوصیّة لموردهما، وعندئذ فلا فرق بین أن یکون الدم بعد انتهاء العادة مستمرّا الی أن تجاوز العشرة أو انقطع بعد انتهائها ثم عاد مرة أخری الی أن تجاوز عنها... وإن کانت محتملة في الواقع، إلّا أن الوثوق والاطمئنان بها مشکل جدّا علی أساس أنه لا طریق لنا الی ملاکات الأحکام الشرعیّة.

وتظهر الثمرة بین القولین في المسألة، فإنه إن کان الحکم باستحاضة الدم الثاني مبنیّا علی أساس أنه لم تمرّ بالمرأة فترة طهر لا تقلّ عن عشرة أیام حکم بحیضیّة الدم الأول منذ یومین قبل العادة وإن کان صفرة. وإن کان مبنیّا علی أساس الروایات الآمرة بأن تجعل ذات العادة عادتها حیضا والباقي استحاضة إذا تجاوز دمها العشرة، فلا فرق بینه وبین ما رأته قبل العادة، فکلاهما استحاضة وإن کان بصفة الحیض.

وأما إذا انقطع الدم ثلاثة أیام أو أکثر ثم عاد مرة أخری بصفة الحیض وتجاوز العشرة فعلی المشهور لا فرق بینه وبین الفرض الأول وهو أن یکون انقطاع الدم یوما أو یومین. وأما بناء علی ما ذکرناه من المناقشة فیما هو المشهور بین الأصحاب فالأحوط وجوبا أن تجمع بین الوظیفتین في هذا الفرض دون الفرض الأول.

فالنتیجة: أن في شمول الروایات للمسألة تأمّل واضح. نعم لو کان في الروایات ما یدلّ بلسان أن ذات العادة إذا تجاوز دمها العشرة تجعل ما في عادتها حیضا والزائد استحاضة لکان شاملا للمسألة، ولکن لیس في شيء من الروایات ما یدلّ بهذا اللسان.

إن قلت: ما المانع من القول فیما إذا رأت ذات العادة بعد انتهاء عادتها وانقطاع الدم بضعة أیام دما جدیدا بصفة الحیض واستمرّ الی أن تجاوز العشرة أن تجعل ما قبل العشرة حیضا مع ما في العادة والزائد استحاضة کما هو الحال فیما إذا لم یتجاوز الدم الجدید العشرة؟ قلت: إن المانع منه لدی المشهور أحد أمرین:

الأول: إن هذه الصورة مشمولة للروایات الآمرة برجوع ذات العادة الی عادتها واعتبارها حیضا والزائد استحاضة.

الثاني: إن فترة الطهر بین حیضتین مستقلّتین لا تقلّ عن عشرة أیام، ولکن مرّت المناقشة في کلا الأمرین.

وأما صحیحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر7 قال: (إذا رأت المرأة الدم قبل عشرة أیام فهو من الحیضة الأولی وإن کان بعد العشرة فهو من الحیضة المستقبلة)(الوسائل ج 2 أبواب الحیض باب 10، 11) فهي لا تشمل تلک الصورة لأن الظاهر من التقابل بین الشرطیّتین في الحکم هو أن الدم قبل العشرة غیر الدم بعدها، والمفروض في هذه الصورة أنهما دم واحد علی أساس أن الاتّصال مساوق للوحدة، فمن أجل ذلک کان الواجب علیها أن تحتاط فیه بالجمع بین الویفتین. وإذا کانت المرأة ذات عادة عددیّة فقط ورأت الدم ثلاثة أیام أو أکثر بصفة الحیض وانقطع ثلاثة أیام أو أکثر ثم عاد بصفة الحیض مرة أخری الی أن تجاوز عشرة أیام، فإن کان عدد أیامها مساویا لفترة الدم الأول تجعله حیضا والباقي استحاضة علی المشهور وتحتاط علی ما استظهرناه، وإن کان مساویا لمجموع فترة الدم وفترة الانقطاع فهل تجعل المجموع حیضا أو فترة الدم فقط؟ الظاهر هو الثاني لأن الأول مبنیّ علی تمامیّة أمرین: أحدهما: أن یکون المقام مشمولا للروایات الدالّة علی أن ذات العادة إذا تجاوز دمها العشرة تجعل عادتها حیضا.

والآخر: أن یکون لها إطلاق وتدلّ بإطلاقها علی تکمیل قدر النقصان بفترة الانقطاع. ولکن قد مرّ أن شمولها للمقام مشکل، فما ظنّک بالاطلاق.

ومن هنا یظهر أن عدد أیامها إن کان أکثر من المجموع فلا تکمل قدر النقصان من الدم الثانی.

6- الفیاض: فیه: إنه کان علی الماتن1 أن یحتاط بالجمع بین الوظیفتین في الفرع المتقدّم قبل أسطر أیضا، مع أنه قد حکم هناک بالتخییر، حیث أنه لا فرق بین الفرعین، إذ کما أن العلم الإجمالي بحیضیّة أحد الدمین یقتضي وجوب الاحتیاط في هذا الفرع کذلک یقتضیه في الفرع المتقدّم. ثم إن ذات العادة الوقتیّة والعددیّة کما هو المفروض في المسألة إذا رأت الدم قبل موعدها الشهري مستمرّا الی أیام العادة وانقطع ثم عاد فترة الی أن تجاوز العشرة فهنا حالات:

الحالة الأولی: أن یکون الدم الأول في ثلاثة أیام أو أکثر من أیام العادة من طرف البدایة، والدم الثاني في یوم أو یومین منها من طرف النهایة، وفي هذه الحالة تجعل أیام الدم من طرف البدایة والنهایة حیضا والباقي استحاضة، وفي فترة النقاء بین الدمین کان الأولی والأحوط أن تحتاط بالجمع بین أعمال الطاهر وتروک الحائض، هذا إذا کانت فترة النقاء أقلّ من ثلاثة أیام، وأما إذا کانت الثلاثة أو أزید فعلیها أن تعتبر الدم الأول حیضا وتحتاط في الدم الثاني إذا کان بلون الحیض وإلّا فهو استحاضة.

الحالة الثانیة: عکس هذه بحالة، وفیها لا یمکن أن یکون الدم في یوم أو یومین في بدایة العادة حیضا لأنه غیر واجد للشرط العام للحیض وهو أن لا یقلّ عن ثلاثة أیام وضمیمة ما قبل العادة إلیه لا کمال النصاب بحاجة الی دلیل علیها، ولا دلیل غیر دعوی أن دلیل العادة یشمل ذلک، ویدلّ علی أنه حیض بالمطابقة وعلی الضمیمة بالالتزام.

ولکن قد مرّ أنه لا یشمل ذلک لأنه ناظر الی حیضیّة الدم الذي رأته المرأة في أیام العادة في نفسه من دون أن تتوقّف علی ضمیمة خارجیّة.

الحالة الثالثة: أن یکون بعض کل من الدمین في العادة بمقدار یوم أو یومین کما إذا کانت العادة خمسة أیام من بدایة الشهر فرأت خمسة أیام بصفة الحیض وصادف یوم منها أیام العادة ثم انقطع ثلاثة أیام وبعد فترة الانقطاع رأت خمسة أیام أخری کذلک فیکون یوم من کل من الدمین یصادف أیام العادة من طرفي البدایة والنهایة، وفي هذه الحالة لا تظهر الثمرة ما ذکرناه آنفا وبین ما هو المشهور من أن فترة الطهر لا تقلّ عن العشرة، فإنه علی کلا التقدیرین کان الأجدر والأحوط وجوبا هو الجمع بین تروک الحائض وأعمال المستحاضة في فترة کلا الدمین دون فترة الانقطاع، أما بناء علی المشهور فللعلم الإجمالي بأن أحدهما حیض، وأما بناء علی ما قدّمناه فلاحتمال أن یکون کلاهما حیضا.

 

 مسألة 19: إذا تعارض الوقت والعدد في ذات العادة الوقتيّة العدديّة، يقدّم الوقت(1) ، كما إذا رأت في أيّام العادة أقلّ أو أكثر من عدد العادة ودماً آخر في غير أيّام العادة بعددها، فتجعل ما في أيّام العادة حيضاً وإن كان متأخّرآ؛ وربّما يرجّح  الأسبق، فالأولى فيما إذا كان الأسبق العدد في غير أيّام العادة، الاحتياط في الدمين بالجمع (2)بين الوظيفتين.

1- الفیاض: في التعارض إشکال بل منع، ولا وجه لما ذکره الماتن1 من الاحتیاط بین الدمین بالجمع بین الوظیفتین إذا کان الدم المطابق للعدد متقدّما علی الدم في الوقت غیر المطابق للعدد وذلک لما مرّ من أن العادة العددیّة لا تکون بنفسها أمارة علی الحیض إلّا بناء علی القول بقاعدة الامکان کقاعدة شرعیّة، ولکن قد تقدّم أن القاعدة غیر ثابتة وعلی ذلک، فإذا کانت المرأة ذات عادة عددیّة فحسب ورأت دما بعدد عادتها فإن کان بصفة الحیض فهو حیض وإن لم یکن بصفة الحیض فهو استحاضة، فالعبرة إنما هي بالصفات، وقد سبق أن المرأة تلجأ في إثبات أن ما رأته من الدم حیض الی تطبیق إحدی قاعدتین شرعیّتین هما العادة الوقتیّة والصفات، شریطة توفّر الشروط العامة للحیض فیه، فإذن تکون المعارضة في الحقیقة بین الوقت والصفات، لا بینه وبین العدد.

مثال ذلک: امرأة کان موعد عادتها أول الشهر وعدد عادتها سبعة أیام، فرأت الدم أول الشهر خمسة أیام ثم انقطع أربعة أیام وبعد ذلک عاد الدم مرة أخری سبعة أیام، أو رأت دما اسبوعا قبل الشهر ثم نقت أربعة أیام وبعد ذلک رأت دما في موعد عادتها خمسة أیام وفي مثل ذلک فما رأته في موعد عادتها فهو حیض وإن کان صفرة وکان أقلّ من عدد عادتها علی أساس إطلاق الروایات التي تنصّ علی أن ما تراه المرأة من الدم في وقت عادتها حیض وإن لم یکن بلون الحیض، فإنها بإطلاقها تشمل ما إذا لم یکن الدم في وقتها مطابقا لعددها، أو لا عدد لها کما في ذات العادة الوقتیّة فحسب، وأما ما رأته خارج وقت عادتها المطابق لعددها فإنه إن لم یکن بصفة الحیض فهو استحاضة جزما، وإن کان بصفة الحیض فالظاهر أیضا کذلک علی المشهور باعتبار أنه لم تمرّ بالمرأة فترة طهر لا تقلّ عن عشرة أیام ولا فرق فیه بین أن یکون سابقا علی الوقت أو متأخّرا عنه، وأما بناء علی ما استظهرناه من الاشکال علی المشهور في سعة فترة الطهر فوظیفتها فیه أن تحتاط بالجمع بین تروک الحائض وأعمال المستحاضة، وهذا لا من جهة أن العدد یصلح أن یعارض الوقت بل من جهة احتمال أنه حیض جدید في مقابل ما رأته في الوقت.

فالنتیجة: أن العدد بما هو لا یکون أمارة علی الحیض حتی یصلح أن یعارض الوقت، نعم إذا کان مع الصفة فقد عرفت أنها أمارة علیه، ولکن مع ذلک لابد من تقدیم الوقت علیها علی أساس أن أدلّة الوقت قد قیّدت إطلاق أدلّة الصفات بغیره.

2- الفیاض: الاحتیاط وإن کان استحبابیّا إلّا أنه لا منشأ له، فإن العادة العددیّة کما عرفت لا تکون أمارة علی الحیض، فإذا رأت ذات العادة المذکورة دما أصفر بمقدار أیام عادتها لم تجعله حیضا إلّا إذا کان بصفة الحیض، نعم إذا رأت الدم بصفة الحیض وتجاوز العشرة جعلت مقدار عادتها حیضا والزائد استحاضة، فالصفة إنما تکون أمارة علی الحیض في غیر ذات العادة الوقتیّة، وأما فیها فالعادة أمارة علی الحیض وإن لم یکن بصفته.

وعلی هذا فإذا رأت دما في أیام عادتها فهو حیض وإن لم یکن بصفاته سواء رأت قبل أیام العادة مستمرّا الی أیامها أم لا فإنه مقتضی دلیل العادة، وأما إذا لم تکن لها عادة وقتیّة فالمرجع حینئذ الصفات، فإن المرأة إما أن تکون ذات عادة وقتیّة أو لا، فعلی الأول فما تراه من الدم في الوقت والموعد فهو حیض وإن لم یکن بصفته، وما تراه قبل ذلک أو بعده فلیس بحیض وإن کان بصفته إلّا في حالتین:

احداهما: ما إذا رأت دما قبل الوقت بیوم أو یومین وإن لم یکن بصفة الحیض.

الثانیة: ما إذا رأت دما بصفة الحیض قبل الموعد أو بعده بعشرة أیام، وأما إذا رأت دما بصفة الحیض قبل الموعد بأقلّ من عشرة أیام ثم إذا جاءها الموعد ورأت الدم فیه أیضا فهو علی المشهور کاشف عن أن الدم الأول لیس بحیض وعلیها أن تقضي ما ترکته فیه من الصلاة والصیام، وأما بناء علی ما استظهرناه فعلیها أن تحتاط فیه بالامتناع عمّا کانت الحائض ملزمة بالامتناع عنه والاتیان بما کانت المستحاضة ملزمة بالاتیان به، کما أن علیها قضاء ما ترکته فیه علی الأحوط. وعلی الثاني فترجع الی الصفات

 مسألة 20: ذات العادة العدديّة إذا رأت أزيد  من العدد ولم‌يتجاوز العشرة، فالمجموع حيض(1) ، وكذا ذات الوقت  إذا رأت أزيد من الوقت(2) .

 1- الفیاض: قد مرّ أنه لا أثر للعادة العددیّة، فالدم في أیامها إذا کان واجدا للصفات فهو حیض سواء أکان زائدا علی عدد أیامها أم لا، وإلّا فلا.

 2- الفیاض: في إطلاق ذلک إشکال بل منع، فإن الزائد علی الوقت إن کان قبله بیوم أو یومین فهو حیض وإن لم ین بصفته، وإن کان أزید من یومین فالمقدار الزائد إن کان واجدا للصفات فهو حیض أیضا وإلّا فلا، وإن کان بعده فإن کان واجدا للصفة فهو حیض وإلّا فاستحاضة.

 

 مسألة 21: إذا كانت عادتها في كلّ شهر مرّة، فرأت في شهر مرّتين مع فصل أقلّ الطهر وكانا بصفة الحيض، فكلاهما حيض؛ سواء كانت ذات عادة وقتاً أو عددآ أو لا، وسواء كانا موافقين  للعدد و الوقت(1)   أو يكون أحدهما مخالفاً.

1- الفیاض: الظاهر أنه لا یمکن توافقهما وقتا في مفروض المسألة إلّا أن یکون مراده توافقهما في رؤیة الدم في بدایة العقد الأول والثالث للشهر کما إذا رأت الدم من بدایة الشهر الی الیوم الخامس – مثلا – ثم انقطع الی نهایة لیلة العشرین، ثم رأت من بدایته الی الیوم الخامس والعشرین بانتظام وبفاصل زمني معیّن.

 

 مسألة 22: إذا كانت عادتها في كلّ شهر مرّة، فرأت في شهر مرّتين مع فصل أقلّ الطهر ، فإن كانت إحداهما في العادة والاُخرى في غير وقت العادة ولم ‌تكن الثانية بصفة الحيض، تجعل ما في الوقت وإن لم‌يكن بصفة الحيض حيضاً وتحتاط  في الاُخرى(1) ؛ وإن كانتا معاً في غير الوقت، فمع كونهما واجدتين، كلتاهما حيض، ومع كون إحداهما واجدة تجعلها حيضاً وتحتاط في الاُخرى ، ومع كونهما فاقدتين تجعل إحداهما حيضاً ، والأحوط كونها الاُولى  وتحتاط في الاُخرى .

 1- الفیاض: الاحتیاط ضعیف، والأقوی أنها لیست بحیض کما سیظهر وجهه ممّا مرّ. وبذلک یتّضح حال المسألة بتمام شقوقها علی أساس ما تقدّم من الضابط العام للحیض.

 

 مسألة 23: إذا انقطع الدم قبل العشرة، فإن علمت بالنقاء وعدم وجود الدم في الباطن اغتسلت وصلّت ولاحاجة إلى الاستبراء؛ وإن احتملت بقائه في الباطن وجب عليها الاستبراء   واستعلام الحال(1) بإدخال قطنة وإخراجها بعد الصبر هنيئةً ، فإن خرجت نقيّة اغتسلت وصلّت، وإن خرجت ملطّخة ولو بصفرة  صبرت حتّى تنقى(2)، أو تنقضي عشرة أيّام إن لم‌تكن ذات عادة أو كانت عادتها عشرة، وإن كانت ذات عادة أقلّ من عشرة فكذلک مع علمها بعدم التجاوز عن العشرة، وأمّا إذا احتملت التجاوز فعليها الاستظهار  بترک العبادة (2)استحباباً  (3)بيوم  أو يومين   أو إلى العشرة مخيّرة بينها، فإن انقطع الدم على العشرة أو أقلّ فالمجموع حيض في الجميع، وإن تجاوز فسيجيء حكمه.

1- الفیاض: في وجوب الاستبراء إشکال بل منع، لأن وجوبه نفسیّا غیر محتمل، مضافا الی أنه لا دلیل علیه، وأما وجوبه شرطیّا بمعنی أن یکون الاختبار والاستبراء شرطا في صحّة الغسل فهو وإن کان محتملا إلّا أنه لیس بإمکاننا إثباته بدلیل وذلک لأن الوارد في المسألة روایتان:

احداهما: قوله7 في موثقة سماعة (فإذا کان کذلک فلتقم فلتلتصق الی حائط وترفع رجلیها علی حائط.. الی أن قال: ثم تستدخل الکرسف فإذا کان ثمّ دم بمثل رأس الذباب خرج، فإن خرج فلا تطهر وإن لم یخرج فقد طهرت..). والأخری (الوسائل ج 2 أبواب الحائض باب 17 ح 4): قوله7 في صحیحة محمد بن مسلم: (فإذا أرادت الحائض أن تغتسل تستدخل قطنة فإن خرج فیها شيء من الدم فلا تغتسل وإن لم تر شیئا فلتغتسل)(الوسائل ج 2 أبواب الحائض باب 17 ح 1). أما الروایة الأولی فالظاهر منها أن الغرض من الأمر فیها بعملیة الاختبار والاستبراء إنما هو لمعرفة حالها وأنها طهرت أو بعد حائض، فلا تدلّ علی وجوب هذه العملیة لا نفسیّا ولا شرطیّا.

وأما الروایة الثانیة فهي أیضا لا تدلّ علی الوجوب الشرطیّ وإن کان قد یتوهّم ذلک من إناطه الأمر بالفحص والاختبار بإرادة الاغتسال إلّا أنها لا تدلّ علی ذلک حیث أن المتفاهم العرفيّ منها بمناسبة الحکم والموضوع الارتکازیّة هو أن هذه الاناطة إنما هي بلحاظ أنها لا تتمکّن من إحراز صحّة غسلها إلّا بذلک باعتبار أنها مشروطة بنقائها من الدم في الواقع. وأما دلالتها علی أن صحّة غسلها مشروطة بشرط آخر زائدا علی ذلک فلا إشعار فیها فضلاهم عن الدلالة، إذ قوله7 فیها: (فإن خرج فیها شيء من الدم فلا تغتسل وإن لم تر شیئا فلتغتسل..) ظاهر بل ناصّ في أن صحّة غسلها وفساده یدوران مدار وجود الدم في الباطن وعدم وجوده، وأن الفحص والاختیار طریق الی ذلک. ومن هنا لو اغتسلت المرأة في هذه الحالة تارکة للاختیار والفحص برجاء إدراک الواقع ثم تبیّن أنها کانت طاهرا حین الغسل فلا شبهة في صحّة الغسل، وأما الوجوب الارشادي فلا مبرّر له لأن العقل لا یحکم بوجوب قیام المرأة بعملیة الاختبار والاستبراء عند شکّها في انقطاع الدم من الباطن وعدم انقطاعه لکي یکون الأمر في الروایتین إرشاد إلیه، وأما عدم حکم العقل بوجوب ذلک فمن أجل أن المرأة في هذه الحالة بما أنها تعلم إجمالا إما بوجوب الصلاة والصیام علیها، أو بحرمة المکث في المساجد ومسّ کتابة القرآن وما شاکل ذلک، فهي مخیّرة بین أن تختار عملیة الاحتیاط بالاجتناب عمّا کانت الحائض ملزمة بالاجتناب عنه والاتیان بما کانت المستحاضة ملزمة بالاتیان به، وبین أن تختار عملیة الاختبار والفحص، ولا تری نفسها ملزمة بالثانی وحینئذ فلا ملاک لإلزام المرأة بالفحص والاختبار والتأکّد من انقطاع الدم وعدم انقطاعه، لأن العقل إنما یحکم بذلک بملاک أن المرأة لو لم تقم بعملیة الفحص والاختبار لوقعت في محذور ترک الواجب أو فعل الحرام، والفرض أنها إذا ترکت هذه العملیة وقامت بعملیة الاحتیاط لم تقع في أیّ من المحذورین، وعلی هذا الأساس فیکون الأمر بعملیة الاختبار والفحص في الروایتین إرشاد الی أن هذه العملیة أسهل وأخفّ مؤونة من عملیة الاحتیاط، فلا ملاک للوجوب الارشادی.

ومن هنا یظهر أنه لا مانع من التمسّک بالاستصحاب في المقام، فإن المانع منه إنما هو وجوبه الاختبار والفحص علی المرأة في هذه الحالة، وأما إذا بنینا علی عدم وجوبه فلا مانع منه، ونتیجة ذلک أن المرأة في محالة المذکورة مخیّرة بین أن تقوم بعملیة الاحتیاط أو بعملیة الفحص والاختبار أو الاستصحاب، ویترتّب علی هذا أنه لا یجوز للمرأة تمکین نفسها من زوجها إذا طلب منها ذلک، ولا یدور أمرها بین محذورین علی أساس أنها حائض بمقتضی الاستصحاب.

2- الفیاض: في الحکم بحیضیّة الدم الخارج مع القطنة مطلقا إشکال بل منع، لأنه إن کان في أیام العادة فهو حیض وإن کان صفرة، وإن کان في غیر أیام العادة أو لم تکن المرأة ذات عادة شهریّة فإن کان الدم بلون الحیض فحیض، وإن لم یکن بلونه فاستحاضة لما مرّ من أن قاعدة الامکان کقاعدة شرعیّة غیر ثابتة، فالمرجع في الدم الخارج من المرأة الواجد للشروط العامة للحیض إحدی قاعدتین: إما العادة إن کان الدم فیهاف أو الصفات إن کان في غیر أیامها.

3- الفیاض: في إطلاق ذلک إشکال بل منع، لان موضوع الکلام في هذه المسألة هو ما إذا کانت عادة المرأة أقلّ من عشرة أیام وتجاوز دمها عن العادة، فإن کانت واثقة بانقطاعه قبل العشرة فهو حیض إن کان واجدا للصفة، وإلّا فاستحاضة، وإن کانت واثقة ومتأکّدة بالتجاوز عن العشرة اعتبرت ما في عادتها حیضا والزائد علیها استحاضة وإن کان بلون الحیض، وإن لم تکن واثقة بالانقطاع ولا بعدمه فإن کان الدم بلون الاستحاضة کان استحاضة، وإن کان بلون الحیض فعندئذ یقع الکلام في وجوب الاستظهار علیها بیوم أو یومین أو ثلاثة أیام أو الی تمام العشرة، وقد دلّت علی ذلک روایات کثیرة تبلغ درجة التواتر الإجمالي ولکنها مختلفة الألسنة والجهات، وتتمثّل هذه الاختلافات في نقطتین أساسیّتین:

الأولی: في التقدیر الکمّی، وهي تصنّف الی أصناف:

الأول: قد حدّد مدّة الاستظهار بیوم واحد.

الثانی: بیومین.

الثالث: بثلاثة أیام.

الرابع: الی تمام العشرة.

الثانیة: في التخییر الکمّی، وهي تصنّف الی أصناف أیضا:

الأول: قد أکّد علی التخییر بین یوم ویومین.

والثانی: علی التخییر بین یومین وثلاثة أیام.

والثالث: علی التخییر بین یومین وثلاثة أیام.

أما النقطة الأولی: فقد یقال أن مقتضی القاعدة فیها هو ثبوت التقدیر المتمثّل بیوم واحد علی أساس أن روایات هذه النقطة بمختلف أصنافها متّفقة علی التقدیر الأول وهو وجوب الاستظهار بیوم واحد إما مطابقة أو تضمّنا، وأما سائر التقدیرات فهي مورد المعارضة بین المدلول الالتزامي لکل واحد من هذه الأصناف والمدلول المطابقي له فیسقطان من جهة المعارضة، فلا یثبت شيء منها.

قد یجاب عن هذا التقریب بانه لا یتم لأن ما دلّ علی ثبوت التقدیر الأول وهو وجوب الاستظهار بیوم واحد إنما یدلّ علی عدم ثبوت سائر التقدیرات بالاطلاق الناشئ من السکوت فی مقام البیان لا بالدلالة الالتزامیة، وبما أن الاطلاق المذکور من أضعف مراتب الدلالة اللفظیّة لدی العرف العام فلا یصلح أن یعارض ما دلّ علی ثبوت سائر التقدیرات باعتبار أنه بیان رافع لموضوع هذا الاطلاق وحاکم علیه، فلو کنّا نحن وروایات هذه النقطة لقلنا بثبوت تمام التقدیرات.

ولکن هذا الجواب غیر صحیح لأن الامر بالعکس تماما فان ما دل علی التقدیر الاول ناص في عدم وجوب الاستظهار في أکثر من یوم واحد وهو قوله في موثقة اسحاق بن جریر ان کان ایام حیضها دون عشرة ایام استظهرت بیوم واحد ثم هي مستحاضة» فان قوله  ثم هي مستحاضة ناص في عدم وجوب الاستظهار في ازید من یوم واحد، وعلی هذا: فبما ان دل علی سائر التقدیرات ظاهر في وجوبه في الزائد فنرفع الید عن ظهوره فیه بقرینة نص الاول ونحمله علی الاستحباب فالنتیجة ان الاستظهار بیوم واحد واجب وفي الزائد مستحب ان للمرأة ان تعتبر نفسها فیه بمعنی ان للمرأة ان تضیف علی حیضها اکثر من یوم واحد حسب اختیارها شریطة ان لا یزید المجموع علی العشرة ولها ان تعتبر نفسها مستحاضة.

وأما النقطة الثانیة: فلأن نصوصها بتمام أصنافها امتمثّلة في تلک النقطة علی أساس أن التخییر بین الأقّل والأکثر الاستقلالیّین في الواجب غیر معقول ناصّة في نفي وجوب الاستظهار عن الزائد علی یوم واحد بعد العادة، وحینئذ من تقدیمها علی النصوص المتمثّلة في النقطة الأولی الظاهرة في وجوب الزائد بقانون حمل الظاهر علی النصّ، ونتیجة ذلک أن الواجب علی المرأة هو الاستظهار بیوم واحد بعد عادتها، وبعد ذلک إن استمرّ الدم فلها أن تضیف علیه یومین آخرین أو الی تمام العشرة، کما أن لها أن تحتاط بالامتناع عن الأشیاء التي کانت الحائض ملزمة بالامتناع عنها والاتیان بالأعمال التي کانت المستحاضة ملزمة بالعمل بها علی أساس العلم الإجمالي في تلک الحالة، ولکن مع ذلک لا یکون هذا العلم الإجمالي منجزا وموجبا للاحتیاط علیها باعتبار نصّ روایات الاستظهار في عدم وجوبه، وأن لها أن تضیف علی عادتها أیام أخری الی تمام العشرة، کما أنه غیر جائز في الیوم الواحد بعد العادة.

وإن شئت قلت: إن المرأة بعد العادة والاستظهار بیوم واحد مخیّرة بین أن تعمل بأعمال المستحاضة وتترک تروک الحائض وبین أن تستظهر وتضیف علیه یومین آخرین أو أکثر.

ثمّ إن الأصحاب قد ذکروا أن في مقابل هذه الروایات روایات أخری تدلّ علی عدم وجوب الاستظهار وهي روایات کثیرة في نفسها وإن لم تبلغ حدّ التواتر وموردها جمیعا المرأة المستحاضة قبل مجيء عادتها الشهریّة واتّصل دم العادة بدم الاستحاضة؛ منها: معتبرة یونس الطویلة، ومنها: صحیحة معاویة بن عمّار، ومنها: صحیحة عبد الله بن سنان، ومنها: موثقة سماعة وموثقة مالک بن أعین... وقد اختلف أنظارهم في وجه الجمع بینها وبین روایات الاستظهار بعدّة وجوه ویظهر حال الجمیع تلویحا والبعض تصریحا في ضمن البحوث التالیة، وهي ما یلی:

أوّلا: إن روایات الصفات التي تؤکّد علی قاعدة کلیّة في الدم الذي تراه المرأة في غیر أیّام عادتها وهي قاعدة الصفات تدلّ علی فصل الخصومة من بینهما وترفع المنافاة علی أساس أنها تقیّد إطلاق الطائفة الأولی وهي روایات الاستظهار بما إذا کان الدم بعد العادة بصفة الحیض، إذ لو کان بصفة الاستحاضة فلا معنی لوجوب الاستظهار والاختبار علی المرأة لمعرفة حال ذلک الدم فإن حاله معلوم حینئذ وهو کونه استحاضة بمقتضی تلک الروایات علی أساس أنه في غیر أیام العادة، وأما شکّ المرأة في کونه حیضا رغم أنه واجد للصفة فهو من جهة شکّها في توفّر شرط آخر له وهو عدم تجاوزه عن عشرة أیام وتقیّد إطلاق الطائفة الثانیة بما إذا کان الدم بعد العادة بصفة الاستحاضة، فإذن ترتفع بها المنافاة بین الطائفتین. نعم لا یمکن الجمع بینهما بهذه الطریقة علی القول بقاعدة الامکان کقاعدة شرعیّة، فإنه علی هذا القول فالدم بعد العادة إذا توفّر فیه الشروط العامة للحیض کان حیضا وإن کان صفرة، فإذا شکّت المرأة في تجاوزه عن العشرة فعلیها الاستظهار وإضافة یوم واحد علی العادة أو أزید. ولکن قد تقدّم أن هذه القاعدة لم تثبت شرعا، فالعبرة إنما هي بقاعدة الصفات في غیر أیام العادة فإذا رأت المرأة دما وکان واجد للشروط العامة فهي تلجأ في الحکم بکونه حیضا الی إحدی قاعدتین شرعیّتین، إما الی العادة إن کان الدم فیها، أو الی الصفات إن کان في غیر أیامها، وأما إذا لم یکن في العادة ولا واجدا للصفات فهو استحاضة.

قد یقال: إن هذا الحمل لا یمکن حیث أن في روایات الاستظهار ما یکون مورده الدم الرقیق وهو صحیحة سعید بن یسار قال: (سألت أبا عبد الله  عن المرأة تحیض ثم تطهر وربّما رأت بعد ذلک الشیء من الدم الرقیق بعد اغتسالها من طهرها، فقال: تستظهر بعد أیامها بیومین أو ثلاثة ثم تصلّی...)(الوسائل ج 2 أبواب الحائض باب 13 ح 8) فإنها تدلّ علی وجوب الاستظهار بعد العادة في خصوص الدم الرقیق، فلا إطلاق لها حتی یمکن حمله علی الدم بصفة الحیض.

والجواب: إن افتراض کون الدم بلون الاستحاضة إنما هو وارد في کلام السائل، وأما کلام الامام  فهو مطلق یشمل مورد السؤال وغیره، وقد أکّد فیه بوجوب الاستظهار بیومین أو ثلاثة بعد أیام العادة من دون الاشارة الی صفة الدم ولونه ولا الی حکم خصوص الدم المفترض في کلام السائل، فالعبرة إنما هي بإطلاق کلام الامام  وهو مطلق علی الفرض.

هذا إضافة الی الاجمال في کلام السائل من جهة عدم ظهوره في أن المرأة طهرت بعد مضیّ أیام عادتها ثم رأت الدم الرقیق فإنه کما یحتمل ذلک یحتمل أنها طهرت قبل انقضاء عادتها ثم رأت الدم الرقیق فیها قبل مضیّها. فالنتیجة إن حال هذه الصحیحة حال سائر روایات المسألة فلابد من تقیید إطلاقها بروایات الصفات.

و ثانیا: إن الطائفة الأولی مختصّة بما إذا لم تکن المرأة واثقة بتجاوز دمها بعد العادة عن عشرة أیام ولا بانقطاعه فیها بل هي شاکّة ومتحیّرة في ذلک وتدلّ علی هذا کلمة الاستظهار إذ لو کانت واثقة بالتجاوز أو الانقطاع لم یکن معنی للاستظهار ولا موضوع له فإنه لمعرفة حالها ومع الوثوق والاطمئنان بأحدهما تعرف حالها وتعلم بأن الدم حیض أو استحاضة، والطائفة الثانیة مطلقة من هذه الناحیة ولا قرینة فیها علی اختصاصها بصورة الشکّ والتحیّر، بل مناسبة الحکم والموضوع وهي کون المرأة فیها مستحاضة قبل مضیّ أیام عادتها واتّصل دم العادة بدم الاستحاضة تقتضي أنها لو لم تکن واثقة بتجاوز دمها بعد العادة عن العشرة فلا أقلّ أنها مطلقة من هذه الناحیة ولا ظهور لها في الاختصاص بصورة الشکّ في التجاوز وعدمه. وعلی هذا الأساس فتقیّد إطلاق الطائفة الثانیة الأولی. ونتیجة هذا التقیید هي اختصاص الطائفة الثانیة بما إذا کانت المرأة واثقة بتجاوز دمها عن العشرة.

ودعوی: أن الطائفة الأولی أعمّ من جهة کون المرأة فیها مستحاضة قبل أیام عادتها أو لا، والطائفة الثانیة مختصّة بما إذا کانت المرأة فیها مستحاضة قبل أیامها وعلیه فالنسبة بینهما تکون عموما من وجه حیث أن کل واحدة منهما عام من جهة وخاص من أخری.

ساقطة: أما أوّلا: فلأن الطائفة الأولی لیست في مقام البیان من هذه الناحیة أصلا ولا نظر لها الی حال المرأة من حیث کونها طاهرا أو مستحاضة قبل مجيء موعدها الشهری، وإنما هي ناظرة الی حکم المرأة بعد موعدها شریطة أمرین:

أحدهما: استمرار دمها بعد انتهاء الموعد.

و الآخر: احتمال تجاوزه العشرة.

و أما ثانیا: فمع الاغماض عن ذلک وتسلیم أنها مطلقة من هذه الناحیة إلّا أن إطلاقها في حکم المقیّد علی أساس أن احتمال دخل کونها طاهرا قبل أیام عادتها في وجوب الاستظهار علیها بعد أیامها بعید جدّا، بل غیر محتمل، کما أن احتمال دخل کونها مستحاضة قبل العادة في عدم وجوب الاستظهار علیها بعدها فأیضا کذلک حیث أن نسبة کلتا الحالتین الی حکم المرأة بعد عادتها نفیا وإثباتا علی حدّ سواء. فإذن وجود الاطلاق بالنسبة إلیهما کعدمه، فلا فرق بینه وبین الاختصاص بإحداهما. مثال ذلک: امرأة ذات عادة وکان عدد عادتها ثلاثة أیام، فإنها تارة: کانت مستحاضة قبل عادتها واتّصل دم العادة بدم الاستحاضة ویستمرّ دمها بعدها وکان بصفة الحیض ولکنها احتملت تجاوزه عشرة ایام کما احتملت انقطاعه فیها. واخری: کانت طاهرا قبل أیام عادتها ورأت دما من بدایة العادة ویستمرّ بعد انتهائها وکان بصفة الحیض مع احتمال تجاوزه العشرة، وهل یحتمل الفرق بین الحالتین والحکم بعدم وجوب الاستظهار في الحالة الأولی ووجوبه في الثانیة؟! کلاّ، بل لا یحتمل هذا الفرق ودخل ما قبل العادة بما بعدها.

وأما ثالثا: فلأن في الروایات الاستظهار ما یکون موردها المرأة المستحاضة قبل أیام عادتها ویدلّ علی وجوب الاستظهار علیها بعد انتهاء أیام عادتها رغم کونها مستحاضة قبلها، وتکون نسبة ذلک الی الطائفة الثانیة نسبة التباین، فتقع المعارضة بینهما وتسقطان من جهة المعارضة فتظلّ الطائفة الأخری من روایات الاستظهار بلا معارض.

لحدّ الآن قد تبیّن أن الصحیح هو ما ذکرناه حول علاجِ التنافي بین الطائفتین وطریق الجمع بینهما. وعلی أساس ذلک فقد تبیّن أمران:

أحدهما: إن القول بأن الطائفة الأولی مطلقة بابنسبة الی حال المرأة قبل عادتها والطائفة الثانیة مختصّة بما إذا کانت المرأة مستحاضة قبل أیام عادتها، فتقیّد إطلاق الطائفة الأولی بالطائفة الثانیة لا یطابق مع الواقع، لما مرّ من أن الأمر بالعکس تماما..

والآخر: إن ما ذکره الأصحاب من وجوده الجمع بین الطائفتین لا یکون من الجمع العرفي الدلالي علی أساس أن الجمع العرفي مبنیّ علی الترجیحات الدلالیّة کتقدیم القرینة لدی العرف العام علی ذیها بمختلف أنواعها کالدلیل الحاکم علی المحکوم والخاصّ علی العامّ والمقیّد علی المطلق والنصّ والأظهر علی الظاهر، وأما إذا لم یتوفّر شيء من هذه القرائن بین الدلیلین المتنافیین فلا یمکن الجمع بینهما عرفا إلّا علی وجه التبرّع والاستحسان، وبما أن المجموع المذکورة في کلمات الأصحاب خالیة عن هذه القرائن والشواهد العرفیّة فلا یمکن الاعتداد بها. نعم ما نقل عن صاحب المدارک1 فإنه أحسن وأجدر من تمام الوجوه المنقولة من الأصحاب في المسألة.

وهاهنا حالات للمرأة الحائض:

الأولی: إذا کانت المرأة مستحاضة قبل موعد عادتها الشهریة واتّصل دم العادة بدم الاستحاضة واستمرّ الی بعد انتهاء العادة، وحینئذ فإن کان الدم بعد العادة بصفة الاستحاضة کان استحاضة، سواء أکانت المرأة واثقة بتجاوزه العشرة أم واثقة بانقطاعه في العشرة أم لا هذا ولا ذاک. وإن کان الدم بصفة الحیض فإن کانت المرأة متأکّدة باستمراره الی أن یتجاوز العشرة من بدایة العادة فهو استحاضة علی أساس النصوص الآمرة بأن ذات العادة إذا تجاوز دمها العشرة اعتبرت نفسها حائضا في عادتها والزائد علیها استحاضة، وإن کانت واثقة بانقطاعه فیما دون العشرة اعتبرته حیضا بمقتضی ما دلّ علی أن ما رأته المرأة قبل العشرة فهو من الحیضة الأولی، وإن لم تکن واثقة ومتأکدة لا بالتجاوز ولا بالانقطاع وجب علیها الاستظهار بیوم واحد، ولها أن تضیف علیه یومین آخرین أو أکثر.

الثانیة: إذا کانت المرأة نقیّة من الدم قبل موعدها الشهري ورأت الدم فیه واستمرّ الی ما بعد انتهاء الموعد بأیام کان حکم الدم بعد الموعد فیها هو حکمه في الحالة الأولی بلافرق بینهما.

الثالثة: إذا رأت ذات العادة دما ثلاثة أیام وکانت الثلاثة هي عدد أیامها ثم انقطع الدم أربعة أیام مثلا وبعد ذلک رأت دما مرة أخری ثلاثة أیام بصفة الحیض وانقطع،اعتبرت الدمین جمیعا حیضا، وأما فترة النقاء فقد مرّ أن کونها طهرا غیر بعید وإن کان الأجدر أن تحتاط فیه بالجمع بین تروک الحائض وأعمال الطاهر.

ارابعة: إذا رأت دما في أیام عادتها وهي ثلاثة أیام ونقت بعد ذلک أربعة أیام، ثم رأت دما جدیدا واستمرّ الدم الی أن تجاوز العشرة من ابتداء العادة لم تکن مشمولة للنصوص الآمرة بأن ذات العادة إذا تجاوز دمها العشرة اعتبرت عادتها حیضا والزائد استحاضة، وذلک لأن هذه النصوص علی مجموعتین: المجموعة الأولی: ما یکون موردها المستحاضة الدامیة، کمعتبرة یونس الطویلة ونحوها، وهذه المجموعة لا تشمل هذه الحالة.

المجموعة الثانیة: روایات الاستظهار؛ فإنها تؤکّد بوضوح أن حکم ما رأته المرأة من الدم إذا تجاوز عشرة أیام لیس کحکم ما رأته من الدم إذا لم یتجاوز عنها، إذ لو کان حکم کلا القسمین من الدم واحدا فلا معنی للاستظهار والاختبار أصلا، وعلی هذا الأساس فحیث أن الدم إذا لم یتجاوز عشرة أیام وکان بصفة الحیض حیض فیدلّ ذلک علی أنه إذا تجاوز عنها استحاضة، وإذا لم ینقطع الدم بعد انتهاء العادة واستمرّ ولم تعلم المرأة بالحال وجب علیها الاستظهار، ومن المعلوم أن هذه المجموعة أیضا لا تشمل هذه الحالة باعتبار أنها ظاهرة بل ناصّة في عدم انقطاع الدم بعد انتهاء العادة واستمراره.

وأما إذا انقطع بعد انتهاء العادة في فترة ثم عاد من جدید وتجاوز العشرة فهو غیر مشمول لها ولا یحکم بکونه استحاضة علی أساسها، وإنما یحکم بها علی المشهور بملاک أنه غیر واجد للشرط العام للحیض وهو أن لا تکون فترة الطهر وسلامة المرأة من دم الحیض أقلّ من عشرة أیام، وأما بناء علی ما ذکرناه من المناقشة في ذلک فالأجدر والأحوط وجوبا أن تجمع المرأة فیه بین تروک الحائض وأعمال المستحاضة.

الخامسة: إذا رأت دما ثلاثة أیام ویستمرّ الدم بعد العادة بصفة الاستحاضة ثم تحولّ الدم الی صفة الحیض ثلاثة أیام ولم یتجاوز العشرة من ابتداء رؤیة الدم جعلت مجموع الدمین حیضا، وأما الدم الأصفر في فترة ما بین الدمین فلا یبعد کونه استحاضة باعتبار أنه في غیر أیام العادة، وأما بلحاظ أنه بین دمین من حیضة واحدة فلا ینبغي ترک الاحتیاط فيه بالجمع بین الوظیفتین، وإذا تجاوز الدم الثاني العشرة فقد مرّ أنه غیر مشمول للنصوص المتقدّمة فیجب فیه الاحتیاط علی ما ذکرناه.

 السادسة: إذا رأت دما ثلاثة أیام بصفة الحیض في غیر أیام العادة، أو لم تکن ذات عادة ثم انقطع ثلاثة أیام وعاد مرة أخری بصفة الحیض أیضا وانقطع قبل أن تتجاوز عشرة أیام من بدایة الدم الأول جعلت مجموع الدمین حیضا، وأما فترة النقاء فیظهر حکمها ممّا مرّ، وإذا تجاوز الدم الثاني العشرة فعلی المشهور أنه استحاضة وعلی ما ذکرناه یجب علیها أن تحتاط فیه بالجمع بین الوظیفتین ولا یکون مشمولا للنصوص المتقدّمة لأمرین: أحدهما: أن موردها ما إذا رأت الدم في العادة وتجاوز عنها. والآخر: ظهورها في اتّصال الدم المتجاوز عن العشرة بالعادة، وإذا تحوّل هذا الدم الی صفة الاستحاضة بضعة أیام ثم عاد من جدید بصفة الحیض أیضا وانقطع قبل العشرة فالدم الأول والأخیر حیض، وأما الدم الوسط الذي هو بلون الأصفر فلا یبعد ترتیب آثار الاستحاضة علیه وإن کانت رعایة الاحتیاط فیه أولی، وإذا تجاوز عن العشرة فیظهر حکمه ممّا مرّ.

السابعة: إذا رأت المرأة دما قبل عادتها بصفة الاستحاضة واستمرّ الی ما بعد انتهاء العادة بأیام وتجاوز عشرة أیام من ابتداء رؤیة الدم، فهو منذ یومین قبل العادة حیض وما تقدّم وما تأخّر عنه جمیعا استحاضة.

أما کون الدم في الیومین قبل العادة حیض فهو لسبین:

أحدهما: إطلاق ما دلّ علی أن ما رأته المرأة قبل أیام عادتها بیوم أو یومین حیض وإن کان صفرة.

والآخر: إن النصوص المتقدّمة الآمرة بأن ذات إذا تجاوز دمها العشرة جعلت ما في عادتها حیضا والزائد استحاضة لا تشمل هذه الحالة لاختصاص تلک النصوص بما إذا کان الدم بعد العادة المتجاوز عن العشرة بصفة الحیض علی نحو لو لم یتجاوز عنها لکان حیضا، وأما في هذه الحالة فما رأته المرأة من الدم قبل العادة وبعدها بما أنه بصفة الاستحاضة فهو استحاضة سواء تجاوز العشرة أم لا.

وإذاکان الدم بعد العادة بصفة الحیض فإن لم یتجاوز مع ما في العادة عشرة أیام کان المجموع حیضا کما إذا کان عدد عادتها خمسة أیام واستمرّ دمها بعد العادة بصفة الحیض خمسة أیام أیضا ثم انقطع کان الدمان جمیعا حیض، وما تقدّم علی العادة تماما استحاضةً واذا استمر بعدها صفة الحیض ثلاثة ایام ثم انقطع کان الحیض منذ یومین قبل العادة الی ثلاثة أیام بعدها علی أساس أن المانع عن حیضیّة الدم في الیومین قبل العادة إنما هو تجاوز الدم العشرة باعتبار أنه یوجب بمقتضی النصوص اختصاص الحیض بما في أیام العادة فحسب، فلا یمکن أن یکون الحیض منذ یومین قبل العادة حینئذ إذ لازم ذلک أن یکون الدم من مبدأ الحیض متجاوزا عشرة أیام، ومعنی هذا اختصاص الحیض بالعادة لا قبلها ولا بعدها، فإذن یلزم من فرض کون الحیض منذ یومین قبل العادة عدمه. وأما إذا لم یتجاوز فمقتضی إطلاق النصّ إلحاق الدم فیهما بالعادة. وإذا استمرّ بصفة الحیض الی أن تجاوز العشرة من ابتداء العادة کان الحیض ما في العادة فقط کما مرّ.

الثامنة: إذا رأت ذات العادة دما قبل عادتها بصفة الحیض بأیام واستمرّ الی ما بعد انقضاء العادة ثم انقطع، فإن کان مع ما في العادة لا یزید علی العشرة فالمجموع حیض، أما الدم الأول فهو علی أساس الصفات، وأما الثاني فهو علی أساس العادة، وإن زاد علی العشرة فقد تبیّن أن الحیض هو ما في العادة فقط، وما تقدمّ علیها کان استحاضة وعلی المرأة حینئذ أن نقضي ما ترکته في الفترة المتقدّمة، وکذلک الحال إذا رأت دما قبل عادتها واستمرّ الی ما بعد انتهاء العادة بأیام، فإن کان المجموع لا یزید علی العشرة فهو حیض وإن زاد فالزائد علیها استحاضة.

التاسعة: إذا رأت ذات العادة دما في عادتها واستمرّ بعدها بیومین بصفة الحیض ثم تحوّل الدم الی صفة الاستحاضة ولم یتجاوز العشرة من ابتداء رؤیة الدم اعتبرت ما في عادتها من الدم وما رأته بعدها بصفظ الحیض حیضا وما بصفة الاستحاضة استحاضة، وإذا تجاوز العشرة فالحکم أیضا کذلک، یعني أن ما کان بصفة الیحض تجعله حیضا مع ما في العادة وما کان بصفة الاستحاضة تجعله استحاضة حیث قد مرّ أنه لا أثر لتجاوز الدم بصفة الاستحاضة عن العشرة، ولا یکون مشمولا للنصوص المتقدّمة لاختصاصها بما إذا کان الدم المتجاوز عن عشرة أیام بصفة الحیض.

العاشرة: إذا رأت المرأة دما استمرّ الی شهر أو شهرین أو ثلاثة، فإن کانت ذات عادة وقتیّة وعددیّة اعتبرت أیام عادتها حیضا والباقي استحاضة وإن کان بلون الحیض، للنصوص العامة المشار إلیها آنفا والنصّ الخاص في المسألة وهو موثقة إسحاق بن جریر التي تنصّ علی ذلک بإطلاقها، وإذا لم تکن لها عادة بدن کانت مبتدئة أو مضطربة أو ناسیة فسوف نشیر الی أحکامها في فصل (حکم تجاوز الدم عن العشرة).

4- الفیاض: في استحباب الاستظهار مطلقا اشکال بل منع، لما مر من ان الاستظهار بیوم واحد واجب والباقي مستحب.

 

 مسألة 24: إذا تجاوز الدم عن مقدار العادة وعلمت أنـّه يتجاوز عن العشرة، تعمل عمل الاستحاضة فيما زاد ولاحاجة إلى الاستظهار.

مسألة 25: إذا انقطع الدم بالمرّة وجب الغسل والصلاة وإن احتملت العود قبل العشرة، بل وإن ظنّت، بل وإن كانت معتادة  بذلک، على إشكال (1)؛ نعم، لو علمت العود ، فالأحوط  مراعاة الاحتياط في أيّام النقاء،(2) لما مرّ من أنّ في النقاء المتخلّل يجب الاحتياط.

1-  الفیاض: لا اثر للاعتیاد الا إذا کان موجبا للوثوق.

2- الفیاض: بل یبعد ترتیب آثار الطهر علیه کما تقدم، وان کان الاجدر والأولی مراعاة الاحتیاط.

 

 مسألة 26: إذا تركت الاستبراء وصلّت، بطلت  وإن تبيّن بعد ذلک كونها طاهرة، إلّا إذا حصلت منها نيّة القربة.

 

 مسألة 27: إذا لم‌يمكن الاستبراء لظلمة أو عمىً، فالأحوط  الغسل   والصلاة   إلى زمان حصول العلم بالنقاء؛ فتعيد الغسل حينئذٍ وعليها قضاء ما صامت(1)، والأولى   تجديد  الغسل   في كلّ وقت تحتمل النقاء .

 1- الفیاض: علی الأحوط وجوبا، بمقتضی العلم الإجمالي بانها اما طاهرة او حائض فان کانت حائضا في الواقع وجبت علیها اعادة الغسل وقضاء ما صامت وان کانت طاهرة وجب علیها الغسل والصیام، فمن اجل ذلک اذا لم تتمکن من الاختبار لمانع من الموانع وجب علیها الجمع بین افعال الطاهرة وتروک الحائض، ومن هنا یظهر وجوب تجدید الغسل عند کل صلاة ولا معنی لما ذکره الماتن من الاولویة،فان احتمال النقاء الموجود هو الموجب للاحتیاط بلحاظ العلم الإجمالي عند الاتیان بکل صلاة لا انه یوجب اولویة تجدید الغسل في کل وقت تحتمل النقاء.


  

 
پاسخ به احکام شرعی
 
موتور جستجوی سایت

تابلو اعلانات

 




پیوندها

حدیث روز
بسم الله الرحمن الرحیم
چهار پناهگاه در قرآن
   
أَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ وَ هِشَامُ بْنُ سَالِمٍ وَ مُحَمَّدُ بْنُ حُمْرَانَ عَنِ الصَّادِقِ (علیه السلام) قَالَ:
عَجِبْتُ لِمَنْ فَزِعَ مِنْ أَرْبَعٍ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى أَرْبَعٍ
(۱) عَجِبْتُ لِمَنْ خَافَ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَ فَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ
(۲) وَ عَجِبْتُ لِمَنِ اغْتَمَّ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- وَ نَجَّيْناهُ مِنَ الْغَمِّ وَ كَذلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ
(۳) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ مُكِرَ بِهِ كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- وَ أُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبادِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- فَوَقاهُ اللَّهُ سَيِّئاتِ ما مَكَرُوا
(۴) وَ عَجِبْتُ لِمَنْ أَرَادَ الدُّنْيَا وَ زِينَتَهَا كَيْفَ لَا يَفْزَعُ إِلَى قَوْلِهِ- ما شاءَ اللَّهُ لا قُوَّةَ إِلَّا بِاللَّهِ فَإِنِّي سَمِعْتُ اللَّهَ عَزَّ وَ جَلَّ يَقُولُ بِعَقَبِهَا- إِنْ تَرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مالًا وَ وَلَداً. فَعَسى‏ رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْراً مِنْ جَنَّتِكَ وَ عَسَى مُوجِبَةٌ
    
آقا امام صادق (عليه السّلام) فرمود: در شگفتم از كسى كه از چهار چيز مى‌هراسد چرا بچهار چيز پناهنده نميشود:
(۱) شگفتم از آنكه ميترسد چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل« حَسْبُنَا اَللّٰهُ‌ وَ نِعْمَ‌ اَلْوَكِيلُ‌ » خداوند ما را بس است و چه وكيل خوبى است زيرا شنيدم خداى جل جلاله بدنبال آن ميفرمايد:بواسطۀ نعمت و فضلى كه از طرف خداوند شامل حالشان گرديد باز گشتند و هيچ بدى بآنان نرسيد.
(۲) و شگفتم در كسى كه اندوهناك است چرا پناه نمى‌برد بفرمودۀ خداى عز و جل:« لاٰ إِلٰهَ‌ إِلاّٰ أَنْتَ‌ سُبْحٰانَكَ‌ إِنِّي كُنْتُ‌ مِنَ‌ اَلظّٰالِمِينَ‌ » زيرا شنيدم خداى عز و جل بدنبال آن ميفرمايد در خواستش را برآورديم و از اندوه نجاتش داديم و مؤمنين را هم چنين ميرهانيم.
(۳) و در شگفتم از كسى كه حيله‌اى در بارۀ او بكار رفته چرا بفرمودۀ خداى تعالى پناه نمى‌برد« وَ أُفَوِّضُ‌ أَمْرِي إِلَى اَللّٰهِ‌ إِنَّ‌ اَللّٰهَ‌ بَصِيرٌ بِالْعِبٰادِ »:كار خود را بخدا واگذار ميكنيم كه خداوند بحال بندگان بينا است)زيرا شنيدم خداى بزرگ و پاك بدنبالش مى‌فرمايد خداوند او را از بديهائى كه در بارۀ او بحيله انجام داده بودند نگه داشت.
(۴) و در شگفتم از كسى كه خواستار دنيا و آرايش آن است چرا پناهنده نميشود بفرمايش خداى تبارك و تعالى(« مٰا شٰاءَ اَللّٰهُ‌ لاٰ قُوَّةَ‌ إِلاّٰ بِاللّٰهِ‌ »)(آنچه خدا خواست همان است و نيروئى جز به يارى خداوند نيست)زيرا شنيدم خداى عز اسمه بدنبال آن ميفرمايد اگر چه مرا در مال و فرزند از خودت كمتر مى‌بينى ولى اميد هست كه پروردگار من بهتر از باغ تو مرا نصيب فرمايد (و كلمۀ:عسى در اين آيه بمعناى اميد تنها نيست بلكه بمعناى اثبات و تحقق يافتن است).
من لا يحضره الفقيه، ج‏۴، ص: ۳۹۲؛
الأمالي( للصدوق)، ص: ۶؛
الخصال، ج‏۱، ص: ۲۱۸.


کلیه حقوق مادی و معنوی این پورتال محفوظ و متعلق به حجت الاسلام و المسلمین سید محمدحسن بنی هاشمی خمینی میباشد.

طراحی و پیاده سازی: FARTECH/فرتک - فکور رایانه توسعه کویر -