الأعمال الواجبة المتعلّقة بتجهيز الميّت، من التغسيل والتكفين والصلاة والدفن، من الواجبات الكفائيّة ، فهي واجبة على جميع المكلّفين وتسقط بفعل البعض، فلو تركوا أجمع أثموا أجمع؛ ولو كان ممّا يقبل صدوره عن جماعة كالصلاة إذا قام به جماعة في زمان واحد، اتّصف فعل كلّ منهم بالوجوب ؛ نعم، يجب على غيرالوليّ الاستيذان منه(1) ولاينافي وجوبه وجوبها على الكلّ، لأنّ الاستيذان منه شرط صحّـة الفعل، لا شرط وجوبه . وإذا امتنع الوليّ من المباشرة والإذن يسقط اعتبار إذنه؛ نعم، لو أمكن للحاكم الشرعيّ إجباره ، له أن يجبره(2) على أحد الأمرين، وإن لم يمكن يستأذن من الحاكم (3) ، والأحوط الاستيذان من المرتبة المتأخّرة أيضاً.
1- الفیّاض: علی الأحوط بل لا یبعد عدم وجوبه لعدم ما یصلح أن یعتمد علیه في الحکم بالوجوب، نعم مزاحمته لا تخلو عن إشکال بل منع.
2- الفیّاض: قد مرّ الاشکال في ثبوت الولایة له لکي تصل النوبة الی الاجبار في فرض الامتناع، و علی تقدیر ثبوتها فالظاهر أنها من باب ثبوت الحقّ له ارفاقا و تسلیة لا من باب الارفاق بالمولی علیه و لیس للحاکم الشرعي أن یجبر ذي الحقّ علی استیفاء حقّه و إنما له أن یجبر من علیه الحقّ إذا کان ممتنعا علی أدائه کإجبار الزوج علی الانفاق علی زوجته إذا کان ممتنعا.
3- الفیّاض: تقدّم أن وجوب الاستئذان لم یثبت من الوليّ فضلا عن الحاکم الشرعی، و علی تقدیر ثبوته له فهو من باب ثبوت الحقّ له لا علیه و لا یثبت للحاکم في صورة امتناعه عنه.
مسألة 1: الإذن أعمّ من الصريح والفحوى وشاهد الحال القطعيّ .
مسألة 2: إذا علم بمباشرة بعض المكلّفين يسقط وجوب المبادرة ، ولايسقط أصل الوجوب إلّا بعد إتيان الفعل منه أو من غيره، فمع الشروع في الفعل أيضاً لا يسقط الوجوب، فلو شرع بعض المكلّفين بالصلاة يجوز لغيره الشروع فيها بنيّة الوجوب ؛ نعم، إذا أتمّ الأوّل يسقط الوجوب عن الثاني، فيتمّها بنیّة الاستحباب.
مسألة 3: الظنّ بمباشرة الغير لايسقط وجوب المبادرة ، فضلا عن الشکّ.
مسألة 4: إذا علم صدور الفعل عن غيره سقط عنه التكليف ما لم يعلم بطلانه؛ وإن شکّ في الصحّة، بل وإن ظنّ البطلان، فيحمل فعله على الصحّة، سواء كان ذلک الغير عادلا أو فاسقاً .
مسألة 5: كلّ ما لميكن من تجهيز الميّت مشروطاً بقصد القربة كالتوجيه إلى القبلة والتكفين والدفن، يكفي صدوره من كلّ من كان من البالغ العاقل أو الصبيّ أو المجنون. وكلّ ما يشترط فيه قصد القربة كالتغسيل والصلاة، يجب صدوره من البالغ العاقل، فلايكفي صلاة الصبيّ عليه إن قلنا بعدم صحّة صلاته، بل وإن قلنا بصحّتها كما هو الأقوى، على الأحوط؛ نعم، إذا علمنا بوقوعها منه صحيحةً جامعةً لجميع الشرائط، لايبعد كفايتها ، لكن مع ذلک لايُترک الاحتياط(1) .
1- الفیّاض: بل الأقوی عدم الکفایة و الاجزاء، فإن صلاة الصبیّ علی المیّت و إن قلنا بصحّتها إلاّ أن کفایتها عن صلاة البالغین بحاجة الی دلیل، و مقتضی أدلّة وجوبها علی البالغین عدم الکفایة و عدم سقوطها عن ذمّتهم صلاته.